مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أبو بكر بن أبي قحافة»
←بداية الخلافة
imported>Foad |
imported>Foad |
||
سطر ١٩٦: | سطر ١٩٦: | ||
{{Div col end}} | {{Div col end}} | ||
== بداية الخلافة== | ==بداية الخلافة== | ||
بعد يوم واحد من واقعة السقيفة جلس أبو بكر على المنبر [[البيعة|للبيعة]] العامة. وقد افتتح عمر المجلس بخطبة قصيرة أوّل في بدايتها الكلام الذي كان قد قاله بالأمس بشأن وفاة النبي، وانبرى بعدها إلى ذكر مناقب أبي بكر، وأمر الناس بمبايعته. | بعد يوم واحد من واقعة السقيفة جلس أبو بكر على المنبر [[البيعة|للبيعة]] العامة. وقد افتتح عمر المجلس بخطبة قصيرة أوّل في بدايتها الكلام الذي كان قد قاله بالأمس بشأن وفاة النبي، وانبرى بعدها إلى ذكر مناقب أبي بكر، وأمر الناس بمبايعته. | ||
فنهض الناس، وبايعوا أبا بكر مرة أخرى بعد بيعتهم له في السقيفة. وعندها تقدم أبو بكر ليخطب حيث حمد الله، وقال: | فنهض الناس، وبايعوا أبا بكر مرة أخرى بعد بيعتهم له في السقيفة. وعندها تقدم أبو بكر ليخطب حيث حمد الله، وقال: | ||
:أيها الناس! فإني قد ولّيت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني... الضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي منكم، الضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله. لا يدعْ أحد منكم الجهاد في سبيل الله، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل.. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله، فلا طاعة لي عليكم. قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله.<ref>ابن هشام، ج 4، ص 311؛ الطبري، | :أيها الناس! فإني قد ولّيت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني... الضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي منكم، الضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله. لا يدعْ أحد منكم الجهاد في سبيل الله، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل.. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله، فلا طاعة لي عليكم. قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 4، ص 311؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 210؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص590 ـ 591؛ ابن حبان، كتاب الثقات، ج 2، ص 159 ـ 161.</ref> | ||
وقال في خطبته الأخرى بعد حمد الله: | وقال في خطبته الأخرى بعد حمد الله: | ||
:أيها الناس! إنما أنا مثلكم؛ وإني لا أدري لعلكم ستكلفونني ما كان رسول الله (ص) يطيق؛ إن الله اصطفى محمداً على العالمين [[العصمة|وعصمه]] من الآفات؛ وإنما أنا متبع ولست بمبتدع؛ فإن استقمت فتابعوني، وإن زغت فقوّموني.... ألا وإن لي [[الشيطان|شيطاناً]] يعتريني، فإذا أتاني، فاجتنوبي...<ref>ابن سعد، ج 3، ص 212؛ | :أيها الناس! إنما أنا مثلكم؛ وإني لا أدري لعلكم ستكلفونني ما كان رسول الله (ص) يطيق؛ إن الله اصطفى محمداً على العالمين [[العصمة|وعصمه]] من الآفات؛ وإنما أنا متبع ولست بمبتدع؛ فإن استقمت فتابعوني، وإن زغت فقوّموني.... ألا وإن لي [[الشيطان|شيطاناً]] يعتريني، فإذا أتاني، فاجتنوبي...<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 212؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 223 ـ 224.</ref> | ||
ومن جهة نظر العلماء والباحثين من أهل السنة فإن هاتين الخطبتين دليل على أدب وتواضع أبي بكر وتمسكه [[السنة النبوية|بالسنن النبوية]]، وتعتبر إرشادات قيمة للأجيال القادمة في أسلوب إدارة الدولة،<ref>العظم، ص 90، 91؛ دروزة، ص 30.</ref> إلا أن علماء الشيعة يعتبرون بعض أجزائهما من الطعون على أبي بكر وعدم لياقته للخلافة، وانبروا هذا الأمر استناداً إلى عقائدهم. (مبدأ الإمامة) <ref> | ومن جهة نظر العلماء والباحثين من أهل السنة فإن هاتين الخطبتين دليل على أدب وتواضع أبي بكر وتمسكه [[السنة النبوية|بالسنن النبوية]]، وتعتبر إرشادات قيمة للأجيال القادمة في أسلوب إدارة الدولة،<ref>العظم، أشهر مشاهير الإسلام، ص 90، 91؛ دروزة، تاريخ العرب غي الإسلام ص 30.</ref> إلا أن علماء الشيعة يعتبرون بعض أجزائهما من الطعون على أبي بكر وعدم لياقته للخلافة، وانبروا هذا الأمر استناداً إلى عقائدهم. (مبدأ الإمامة).<ref>االفيروز آبادي، السبعة من السلف، ج 9، ص 11.</ref> | ||
ورغم أن خلافة أبي بكر قد أصبحت راسخة في ذلك المجلس، إلا أن فريقًا من المهاجرين والأنصار امتنعوا عن مبايعته، نذكر أسماء بعض من وردوا في المصادر: علي (ع)، سعد بن عبادة، العباس بن عبد المطلب، الفضل بن العباس، الزبير بن العوام، [[خالد بن سعيد]]، ''[[المقداد بن عمرو]]''، [[سلمان الفارسي]]، ''[[أبوذر الغفاري]]''، [[عمار بن ياسر]]، ''[[البراء بن عازب]]''، [[حذيفة بن اليمان]]، ''[[خزيمة بن ثابت]]''، [[أبو أيوب الأنصاري]]، ''[[سهل بن حنيف]]،'' [[عثمان بن حنيف]]، ''[[أبو الهيثم بن التيهان]]''، [[سعد بن أبي القاص]]، ''[[أبو سفيان بن حرب]].'' <ref>اليعقوبي، ج2، ص123ـ 126؛ البلاذري، أنساب | ورغم أن خلافة أبي بكر قد أصبحت راسخة في ذلك المجلس، إلا أن فريقًا من المهاجرين والأنصار امتنعوا عن مبايعته، نذكر أسماء بعض من وردوا في المصادر: علي (ع)، سعد بن عبادة، العباس بن عبد المطلب، الفضل بن العباس، الزبير بن العوام، [[خالد بن سعيد]]، ''[[المقداد بن عمرو]]''، [[سلمان الفارسي]]، ''[[أبوذر الغفاري]]''، [[عمار بن ياسر]]، ''[[البراء بن عازب]]''، [[حذيفة بن اليمان]]، ''[[خزيمة بن ثابت]]''، [[أبو أيوب الأنصاري]]، ''[[سهل بن حنيف]]،'' [[عثمان بن حنيف]]، ''[[أبو الهيثم بن التيهان]]''، [[سعد بن أبي القاص]]، ''[[أبو سفيان بن حرب]].''<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص123ـ 126؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 588؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 44 ـ 61.</ref> | ||
ومن بين هؤلاء سوى سعد بن عبادة الذي كان يدعي لنفسه الحق في الخلافة وأشخاص مثل أبي سفيان وأنصاره الذين كانت لهم مآرب دنيوية<ref>البلاذري، ج 1، ص | ومن بين هؤلاء سوى سعد بن عبادة الذي كان يدعي لنفسه الحق في الخلافة وأشخاص مثل أبي سفيان وأنصاره الذين كانت لهم مآرب دنيوية<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 588.</ref> كان هناك فريق يرى الخلافة حقاً لعلي (ع)؛ استناداً إلى ماضيه في الإسلام وخدماته الجلّي وقرابته من النبي (ص)، أي الدلالة التي استُند إليها في السقيفة في تفضيل أبي بكر لأمر الخلافة، وكان علي (ع) وبنو هاشم أيضاً يحتجون بها لمجرد إلزام المخالفين.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 582؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 125ـ 126.</ref> | ||
وفريق آخر ـ شيعة علي (ع) ـ يرى أفراده مسألة الخلافة وقيادة المجتمع الإسلامي أعلى منصب ديني، ويعتقدون بالنص والتعيين في الخلافة مستندين إلى آية "إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. ذرية بعضها من بعض..." ([[سورة آل عمران|آل عمران]]/ 33ـ 34) وإلى كون النبي (ص) [[أهل البيت|وأهل بيته (ع)]] من آل [[إبراهيم عليه السلام|إبراهيم]] ولهم نفس الفضائل والمزايا.<ref>جعفري، ص 14.</ref> | وفريق آخر ـ شيعة علي (ع) ـ يرى أفراده مسألة الخلافة وقيادة المجتمع الإسلامي أعلى منصب ديني، ويعتقدون بالنص والتعيين في الخلافة مستندين إلى آية "إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. ذرية بعضها من بعض..." ([[سورة آل عمران|آل عمران]]/ 33ـ 34) وإلى كون النبي (ص) [[أهل البيت|وأهل بيته (ع)]] من آل [[إبراهيم عليه السلام|إبراهيم]] ولهم نفس الفضائل والمزايا.<ref>جعفري، ص 14.</ref> | ||
وكذلك آية: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" ([[سورة المائدة|المائدة]]/55) وآيات أخرى <ref> | وكذلك آية: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" ([[سورة المائدة|المائدة]]/55) وآيات أخرى <ref>المفيد، الجمل، ص 32، 33.</ref> واستناداً إلى أحاديث متواترة أيضاً مثل حديث الدار<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 319 ـ 321؛ ابن حنبل، مسند ابن حنبل، ج 1، ص 111.</ref> و[[حديث الغدير]]<ref>المحب الطبري، ذخائر العقبى، ص 67ـ68؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 5، ص 208 ـ 214؛ ج 7، ص 346 ـ 351.</ref> | ||
==أخذ البيعة من الإمام علي(ع)== | ==أخذ البيعة من الإمام علي(ع)== |