غزوة تبوك هي الغزوة الأخيرة من غزوات النبي حدثت في سنة 9 هـ، فقد جهّز النبي (ص) جيش المسلمين في عام العسرة، وخرج بهم إلى مواجهة الروم الذين تجهزوا للهجوم على المدينة المنورة، وكان عدد جيش المسلمين ثلاثين ألفاً.

غزوة تبوك
من غزوات الرسول

التاريخ 9 هـ
الموقع تبوك
النتيجة لم يقع قتال
سبب المعركة تجهزهم لغزو المسلمين
المتحاربون
المسلمون الروم
القادة
النبي محمدصلی الله عليه وآله وسلم هرقل

تخلّف بعض المنافقين عن هذه الغزوة، ونزلت آيات من سورة التوبة فيهم، والتحق بعض المنافقين بجيش المسلمين، وقد قاموا بعدة أمور خيانة لله ورسولهصلی الله عليه وآله وسلم وللمؤمنين لتثبيط المسلمين عن الجهاد، كما عَمِدَت مجموعة من المنافقين عند رجوع جيش المسلمين إلى محاولة اغتيال النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم في العقبة.

أقام رسول اللَّهصلی الله عليه وآله وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه الرومُ والعربُ المتنصِّرة، فعاد إِلى المدينة من دون أي اشتباك‌ بين الجيشين.

الموقع الجغرافي

 
خارطة للموقع الجغرافي لتبوك

تبوكُ: بالفتح ثم الضم: موضع بين وادي القرى والشام، وقيل بركة لأبناء سعد من بني عذرة، وقال أبو زيد: تبوك بين الحِجر وأول الشام على أربع مراحل من الحِجر نحو نصف طريق الشام، وهو حصن به عين ونخل وحائط ينسب إلى النبي  ... وتبوك بين جبل حسمى وجبل شرورى، وحسمى غربيها وشرورى شرقيها.[١]

تاريخ الغزوة

كانت غزوة تبوك في شهر رجب في سنة 9 هـ.[٢]

قبلها
غزوة الطائف
غزوات الرسول
غزوة تبوك
بعدها
لا يوجد بعدها غزوة

أسبابها

ذكر المؤرخون أنّ الأنباط كانوا يقدمون المدينة بالدّرمك [٣] والزيت في الجاهلِية وبعد أن دخل الإسلام، فإنما كانت أخبار الشام عند المسلمين كل يوم، لكثرة من يقدم عليهم من الأنباط،[٤] فوصل خبر إلى النبي الأكرم  أن هرقل ملك الروم ومن عنده من متنصرة العرب قد عزموا على قصده، فتجهز هو والمسلمون وساروا إلى الروم.[٥]

وذكر اليعقوبي أن سبب خروج النبي   إلى تبوك من أرض الشام أنه خرج للطلب بدم جعفر بن أبي طالب .[٦]

تجهيز الجيش

قال ابن إِسحاق: أنَّ رسول اللَّه  قلما كان يخرج في غزوة إلا أظهر أنه يريد غيرها، إلا غزوة تبوك فإنه قال: أيها الناس، إني أريد الروم، فأَعلمهم، وذلك في شدة الحر وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار؛ والناس يحبون المقام في ثمارهم،[٧] وحض النبي  أهل الغنى على النفقة في سبيل الله ورغبهم في ذلك، فحمل من أهل الغنى ما يقدرون عليه،[٨] واشتركت نساء المسلمين في الإنفاق على غزوة تبوك بما لديهن من مِسْك،[٩] ومعاضد،[١٠] وخلاخل،[١١] وأقرطة وخواتيم.[١٢]

أعمال المنافقين

لقد عَمِدَ المنافقون إلى إثارة المشاكل بين المسلمين في غزوة تبوك، ومن أعمالهم:

في المدينة

  • الجد بن قيس

طلب النبي  من الجد بن قيس وهو من أحد بني سلمة أن يخرج مع المسلمين لحرب الروم فأجاب بقوله: يا رسول اللَّه، أو تأذن لي ولا تفتنى؟ فو الله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر، فأعرض عنه رسول اللَّه ، وقال: قد أذنتُ لك، وفيه نزل قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ[١٣] لقد كان خائفا من فتنة النساء فسقط في فتنة أكبر منها وهي فتنة تخلفه عن رسول الله  .[١٤]

قال قائل من المنافقين لبعض: لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكّا في الحق، وإرجافا بالرسول، فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُون.[١٥] [١٦]

جاء بعض المنافقين يستأذنون رسول الله  من غير عِلَّة فأذن لهم، وكان المنافقون الذين استأذنوا بضعة وثمانين، وجاء المعذرون من الأعراب فاعتذروا إليه، فلم يعذرهم الله   وهم نفر من بني غفار، منهم خُفاف بن إيماء بن رخضة، اثنان وثمانون رجلا، ونزل فيهم قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.[١٧] [١٨]

ولما سار رسول الله   تخلّف عنه عبد الله بن أُبي فيمن تخلّف من المنافقين وأهل الريب، وكان عبد الله بن أُبي أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد الله بن نبتل أخا بني عمرو بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت أخا بني قينقناع، وكانوا من عظماء المنافقين، وكانوا ممن يكيد الإسلام وأهله.[١٩]

لما خرج النبي  إلى تبوك خلّف الإمام علي  على أهله في المدينة وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلا استثقالا وتخففا منه، فأخذ علي  سلاحه ولحق بالنبي  وأخبره بما قالوا، فقال : كذبوا ولكني خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، [٢٠] ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلَّا أنه ليس نبيٌّ بعدي.[٢١]

في طريق تبوك

روي عن أبي سعيد الخدري ان النبي  لما ارتحل لتبوك وأصبح ولا ماء مع الناس معه، فشكوا إليه  العطش، فاستقبل القبلة - ولا سحاب في السماء - ودعا، فما برح يدعو حتي تجمع السحاب من كل ناحية، فساحت السماء على الناس بالرواء، فأخذ  يُكبّر، فسقي الناس وارتووا عن آخرهم، ورسول الله   يقول: أشهد أني رسول الله، فسأل أحد الصحابة أحد المنافقين: ويحك أبعدَ هذا شئ. فقال: سحابة مارة، وهو أوس بن قيظي، وقيل: زيد بن اللصيت.[٢٢]

  • قولهم في ضلال ناقة النبي  

في الطريق إلى تبوك سار النبي  فضلّت ناقته، فخرج أصحابه في طلبها، فقال زيد بن اللصيت القينقاعي - وكان منافقا - : أليس يزعم محمد أنه نبي، ويُخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ وكان زيد في رحل عُمارة بن حزم وكان عقبيا بدريا، فقال النبي  وعمارة عنده: إنَّ رجلا قال كذا وكذا، وإني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله، وقد دلّني عليها، وهي في هذا الوادي في شعب كذا، وقد حبستها شجرة بزمامها، فذهبوا فجاؤوا بها، فذهب عُمارة إلى رحله وأخرج زيد منه.[٢٣]

  • تخذيلهم للمسلمين

روى المؤرخون انه كان هناك رهط من المنافقين يسيرون مع النبي ، ومنهم وديعة بن ثابت، والجلاس بن سويد بن الصامت، ومخشي بن حمير ، وثغلبة بن حاطب، فقالوا: تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأنا بكم غدا مقرّنين في الحبال، إرجافا برسول الله  وترهيبا للمسلمين.[٢٤]

عدد جيش المسلمين

 
خارطة لغزوات رسول الله  

لما عزم رسول اللَّه  على غزو الروم عام تبوك، وكان ذلك في حر شديد وضيق من الحال، جلّى للناس أمرها ودعا من حولهُ من أحياء الأعراب للخروج معه، فأوْعب معه بشرٌ كثيرٌ، قريبا من ثلاثين ألفا، وتخلّف آخرون، فعاتب اللَّهُ من تخلّف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين، ولامهم ووبخهم وقرَّعهم أشد التقريع، وفضحهم أشدَّ الفضيحة، وأنزل فيهم قرآنا يتلى وبيّن أمرهم في سورة براءة.[٢٥]

كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام:

  1. مأمورون مأجورون كعلي بن أبي طالب   ومحمد بن مسلمة وابن أم مكتوم.
  2. معذورون وهم الضعفاء والمرضى والمُقلّون وهم البكاءون.
  3. عصاة مذنبون وهم الثلاثة وأبو لبابة وأصحابه المذكورون.
  4. ملومون مذمومون وهم المنافقون.[٢٦]

وكان رسول الله  قد دفع راية بني مالك بن النجار إلى عمارة بن حزم، فأدرك رسول الله  زيد بن ثابت فأعطاه الراية، وأمّر في الأوس والخزرج أن يحمل راياتهم أكثرهم أخذا للقرآن، وكان أبو زيد يحمل راية بني عمرو بن عوف، وكان معاذ بن جبل يحمل راية بني سلمة.[٢٧]

لحوق أبي ذر الغفاري بجيش تبوك

كان أبو ذر الغفاري من السائرين مع النبي  إلى غزوة تبوك ولكن جَمَله وقف فيه فتخلف عن النبي ، فما أبطأ عليه جَمَله أخذ أبو ذر رحله عنه، وحمله على ظهره وتبع النبي  ماشيا، فنظر الناس فقالوا: يا رسول الله هذا رجل على الطريق وحده، فقال : كن أبا ذر، وإذا به أبو ذر،[٢٨] فقال النبي : رحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، فضرب الدهر من ضربته، وسير أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه إذا مت فاغسلاني، وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر، فلما مات فعلوا به كذلك، فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود (رضي الله عنه) يبكي، فقال: صدق رسول الله  يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه فلما قدموا المدينة ذُكر لعثمان قول عبد الله وما ولي منه.[٢٩]

جيوش الإسلام في الحِجر

روي عن سالم أن ابن عمر قال: لما مرَّ رسول الله  بالحِجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا انفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم، ثم قنّع رسول الله  رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.[٣٠]

ولما نزل المسلمون أرض الحِجر - وهو منزل ثمود - استقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول اللَّه : لا تشربوا من مائها شيئا، ولا تتوضئوا منه للصلاةِ، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، ففعلوا،[٣١] وتحوّل الناس إلى بئر النبي صالح  فاستقوا منه حتى ارتووا.[٣٢]

وفود رسول ملك الروم

بعث هرقل ملك الروم رجلا من غسان يستخبر حال النبي   وينظر إلى علامات موجود فيه، وهي: خاتم النبوة بين كتفيه، وأنه لا يقبل الصدقة، ووجود حمرة في عينيه، فلما أخبره الرجل بهذه العلامات فيه   دعا هرقل قومه إلى التصديق بنبوة الرسول الأكرم   فأبوا حتى خاف على ملكه، وبقي هرقل في موضعه لم يتحرك ولم يزحف، فرجع النبي   إلى المدينة قافلا.[٣٣]

الصلح بين الرسول (ص) ويُحنة

لما انتهى رسول الله   إلى تبوك، أتاه يُحنة بن رُؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله   وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية، وكتب رسول الله   لهم كتابا.[٣٤]

رجوع النبي (ص) إلى المدينة

أقام رسول اللَّه   بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ولم يقدم عليه الرومُ والعربُ المتنصِّرة، فعاد إِلى المدينة،[٣٥] ووصل النبي   إلى المدينة المنورة في شهر رمضان المبارك في سنة 9 هـ.[٣٦]

أحداث الرجوع للمدينة

  • أسر أُكيدر ثم مصالحته

في طريق رجوع المسلمين من تبوك إلى المدينة دعا النبي   خالد بن الوليد وبعثه إلى أُكيدر بن عبد الملك ملك كندة وكان نصرانيا، وقال له رسول الله  : إنك ستجده يصيد البقر، فلاقاه خالد بن الوليد وأسره وجاء به للنبي الأكرم   فحقن دمه فصالحه على الجزية، ثم خلى سبيله، فقال رجل من طيّئ يُقال له: بجير بن بجرة في ذلك:

تبارك سائق البقــــــــــــرات إِنيرأيت اللَّه يهدي كلَّ هادِ
فمن يكُ حائدًا عن ذي تبوكفإِنَّا قد أُمــــــــــرنا بالجهادِ[٣٧]
  • محاولة اغتيال النبي   في العقبة

روي عن عروة بن الزبير أنه قال: لما قفل رسول الله   من تبوك إلى المدينة، هَمَّ جماعة من المنافقين بالفتك به، وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم، فأمر الناس بالمسير من الوادي، وصعد هو العقبة، وأمر رسول الله   عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم، فانبهت رسول الله   فصرخ بهم فولوا مدبرين، [٣٨] وظن القوم أن رسول الله   قد أطلع على مكرهم، فانحطوا من العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس، وأقبلَ حذيفةُ حتى أتى رسول الله   فساق به، فلما خرج رسول الله   من العقبة نزل الناس، فقال النبي  : يا حذيفة، هل عرفت أحدا من الركب الذين رددتهم؟ قال: يا رسول الله، عرفت راحلة فلان وفلان، وكان القوم متلثمين فلم أبصرهم من أجل ظُلمة الليل،[٣٩] وكان عددهم أربعة عشر رجلا، وقيل اثني عشر رجلا.[٤٠]

لما نزل رسول الله   في طريق رجوعه من تبوك إلى المدينة بذي أوان، وهي بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار، أتاه خبر مسجد ضرار من الله تعالى - قد كان دُعي من بناته للصلاة فيه أثناء تجهزه إلى تبوك، فقال  : إني على سفر وحال شغل، فان رجعت صليت فيه - فدعا رسول الله   مالك بن الدخشم ومعن بن عدي فقال: إنطلقا إلى المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرِّقاه، فذهبا فحرَّقاه وهدَّماه، وتفَرَّق أهله عنه، ونزل فيهم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ[٤١] [٤٢]

معجزات النبي (ص)

لقد حصلت للنبي الأكرم   الكثير من المعاجز، ومنها:

قال رسول الله   لِبلال: أَلا أُبشركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، وهم يسيرون على رواحلِهم إلى غزوة تبوك، فقال: إنَّ الله أَعطانِي الكنزين فارس والروم، وأمدّنِي بالملوك ملوك حِمْير، يجاهدون في سبيل الله ويأكلون فيء الله.[٤٣]

  • صلاته على معاوية بن معاوية الذي مات في المدينة

روي عن أنس بن مالك قال: نزل جبريل   فقال: يا محمد مات معاوية بن معاوية المزني أفتحبُّ أَن تُصلّى عليه قال: نعم، قال: فضرب جبريل   بجناحه فلم تبق شجرة ولا أكمة إِلاَّ تضعضعت ورفع له سريره حتى نظر إِليه وصَلى عليه وخلفه صفَّان من الملائكة كل صف سبعون ألف مَلَك فقال النبي   لجبريل  : يا جبريلُ بما نال هذه المنزلة، فقال: بحبه ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقراءته إِيَّاها جائيا وذاهبا وقائما وقاعدا.[٤٤]

لما رجع النبي   من تبوك إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من وشل ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بوادي المشفق، فقال النبي   لا يسقينه من سبقنا، فسبقه إليه نفر من المنافقين فاستقوا منه، فلما أتاه النبي   لم يرَ فيه شيئا فلعن المنافقين الذي استقوا منه، ثم نزل   فوضع يده في الوشل، فجعل يُصب في يده ما شاء الله أن يصب، ثم نضحه ومسحه بيده، ودعا الرسول   بما شاء الله أن يدعو، فانخرق من الماء - كما يقول من سمعه -: إنَّ له حِسا كحس الصواعق، فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه، فقال رسول الله  : من بقي منكم ليسمعنَّ بهذا الوادِي، وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه.[٤٥]

  • معجزة الجن

روى المؤرخون انه عارض الناس وهم في مسيرهم إلى غزوة تبوك حيّة عظيمة في خلقها وكبرها، وانصاع الناس عنها، فاقبلت حتى واقفت رسول الله   وهو على راحلته طويلا، والناس ينظرون إليها، ثم التوت حتى اعتزلت الطريق فقامت قائمة، فأقبل الناس حتى لحقوا برسول الله  ، فقال لهم: هل تدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فان هذا أحد الرهط الثمانية من الجِن الذين يُريدون أن يسمعوا القرآن، فرأى عليه من الحق- حين ألم رسول الله   ببلده - أن يسلّم عليه، وها هو ذَا يُقرئكم السلام، فسلّموا عليه، فقال الناس جميعا: وعليه السلام ورحمة الله، يقول رسول الله  : أجيبوا عباد الله من كانوا.[٤٦]

مساجد الرسول (ص) بين المدينة إلى تبوك

لقد ذكر المؤرخون المساجد التي صلى فيها النبي الأكرم   وهو في طريقه من المدينة إلى تبوك، وهي:

  1. مسجد بتبوك.
  2. مسجد بثنية مدران.
  3. مسجد بذات الزراب.
  4. مسجد بالأخضر.
  5. مسجد بذات الخطمي.
  6. مسجد بألاء.
  7. مسجد بطرف البتراء، من ذنب كواكب.
  8. مسجد بالشق، شقّ تارا.
  9. مسجد بذي الْجيفة.
  10. مسجد بصدر خوضى.
  11. مسجد بالحِجر.
  12. مسجد بالصعيد.
  13. مسجد بالوادي، اليوم، وادي القُرى.
  14. مسجد بالرقعة من الشقة، شقة بني عُذرة.
  15. مسجد بذي المروة.
  16. مسجد بالفيفاء.
  17. مسجد بذي خُشُب.[٤٧]

ما نزل من القرآن في غزوة تبوك

لقد نزلت في غزوة تبوك بعض الآيات الشريفة في سورة التوبة، ومنها:

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .[٤٨]
  • ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.[٤٩]

الهوامش

  1. الحموي، معجم البلدان، ج 2، ص 14.
  2. ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 128.
  3. الدرمك: دقيق الحوارى.
  4. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 989 - 990.
  5. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 145.
  6. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 56.
  7. الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 420.
  8. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.
  9. المسك: أسورة من ذبل أو عاج.
  10. المعاضد: الدمالج.
  11. الخلاخل: الحلي.
  12. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 992.
  13. التوبة: 49.
  14. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 516.
  15. التوبة: 81.
  16. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 102.
  17. التوبة: 90.
  18. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 995.
  19. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 103.
  20. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 155.
  21. البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 3.
  22. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1008 - 1009.
  23. الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 430 - 431.
  24. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.
  25. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 145.
  26. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 200.
  27. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1003.
  28. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 148.
  29. الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 52.
  30. الصنعاني، مصنف عبد الرزاق، ج 1، ص 415.
  31. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 521.
  32. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1007.
  33. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1018 - 1019.
  34. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 108.
  35. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 149.
  36. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 111.
  37. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 179 - 180.
  38. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 183.
  39. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1043.
  40. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 7، ص 184.
  41. التوبة: 107.
  42. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 110.
  43. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1011.
  44. البيهقي، سنن البيهقي، ج 2، ص 260.
  45. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 109 - 110.
  46. الواقدي، المغازي، ج 3، ص 1015.
  47. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 530 - 531.
  48. التوبة: 38 - 39
  49. التوبة: 120.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن الأثير، محمد بن محمد، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتاب العربي، ط 1، 1417 هـ - 1997 م.
  • ابن العماد الحنبلي، عبد الحي بن أحمد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، حققه: محمود الأرناؤوط، بيروت - لبنان، الناشر: دار ابن كثير، ط 1، 1406 هـ - 1986 م.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، د.م، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط 1، 1424 هـ - 2003 م.
  • ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، مصر، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط 2، 1375 هـ - 1955 م.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، د.م، الناشر: دار طوق النجاة، ط 1، 1422 هـ.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، سنن البيهقي، حيدر آباد - الهند، الناشر : مجلس دائرة المعارف النظامية، ط 1، 1344 هـ.
  • الحاكم النيسابوري، محمد بن عبدالله، المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، الناشر : دار الكتب العلمية، ط 1، 1411 هـ - 1990 م.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف، د.م، الناشر: دار الغرب الإسلامي، ط 1، 2003 م.
  • الصنعاني، عبد الرزاق بن همام، مصنف عبد الرزاق، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت - لبنان، الناشر : المكتب الإسلامي، ط 2، 1403 هـ.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري (تاريخ الأمم و الملوك)، بيروت - لبنان، الناشر: دار التراث، ط 2، 1387 هـ.
  • الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، بيروت - لبنان، الناشر: دار الأعلمي، ط 3، 1409 هـ - 1989م.
  • اليعقوبي، أحمد بن يعقوب، تاريخ اليعقوبي، قدمه وعلق عليه: السيد محمد صادق بحر العلوم، النجف الأشرف - العراق، منشورات المكتبة الحيدرية، 1384 هـ - 1964 م.