انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أبو بكر بن أبي قحافة»

imported>Foad
imported>Foad
سطر ١٣٠: سطر ١٣٠:
والقول المشهور هو أن النبي (ص) عندما علم عن طريق الوحي بمؤامرة قتله غادر مكة مع أبي بكر الذي كان متأهباً للهجرة من قبل، فتنكّبا الطريق متجهين إلى [[يثرب]] حتى وصلا إلى الغار، ولم يكن أحد يعلم بعزمهما على الهجرة سوى أسرة النبي (ص) وأبي بكر وأسرته. وقد بدأت هجرة النبي (ص) أيضاً من بيت أبي بكر الذي أعد له أيضاً عدة السفر.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 126ـ 129؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، 227 ــ 229.</ref>
والقول المشهور هو أن النبي (ص) عندما علم عن طريق الوحي بمؤامرة قتله غادر مكة مع أبي بكر الذي كان متأهباً للهجرة من قبل، فتنكّبا الطريق متجهين إلى [[يثرب]] حتى وصلا إلى الغار، ولم يكن أحد يعلم بعزمهما على الهجرة سوى أسرة النبي (ص) وأبي بكر وأسرته. وقد بدأت هجرة النبي (ص) أيضاً من بيت أبي بكر الذي أعد له أيضاً عدة السفر.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 126ـ 129؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، 227 ــ 229.</ref>


وقد أعار أهل السنة أهمية كبيرة لمرافقة أبي بكر النبي (ص) في هجرته وخاصة إقامته لأيام في الغار، وعدّوا عبارات "ثاني اثنين" و"لا تحزن" و"فأنزل الله سكينته عليه" من [[الآية]] 40 في [[سورة التوبة]] من فضائله،<ref>البخاري، ج 5، ص 204؛ الميبدي، ج 4، ص 134؛، 138 ـ 139؛ النويري، ج 19، ص 14ـ 15؛ ينظر: أبو الفتوح، ج 2، ص 592، 593.</ref> واستندوا إلى "ثاني اثنين إذ هما في الغار" بوصفها دليلاً على صلاحيته لنيل الخلافة.<ref>ينظر: ابن سلام، ص 70.</ref>
وقد أعار أهل السنة أهمية كبيرة لمرافقة أبي بكر النبي (ص) في هجرته وخاصة إقامته لأيام في الغار، وعدّوا عبارات "ثاني اثنين" و"لا تحزن" و"فأنزل الله سكينته عليه" من [[الآية]] 40 في [[سورة التوبة]] من فضائله،<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج 5، ص 204.</ref> واستندوا إلى "ثاني اثنين إذ هما في الغار" بوصفها دليلاً على صلاحيته لنيل الخلافة.<ref>النويري، نهايه الأرب، ج 19، ص 14 ـ 15.</ref>


واعتبر  بعضهم عبارة "لا تحزن" التي أنزلها الله عن لسان النبي (ص) مخاطباً بها أبا بكر، من قبيل حزن النبي (ص) من عمل قومه، ولم يعدوا باستشهادهم بآيات "ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين"(الحجر/88) و"وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ" (يونس/65) و"لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر" (المائدة/ 41)، هذا النهي عن الحزن دليلاً على [[المعصية]]، بل طاعة لله.<ref>الميبدي، ج4، ص139؛ ينظر: أبو الفتوح، ج 2، ص 592، 593.</ref>
واعتبر  بعضهم عبارة "لا تحزن" التي أنزلها الله عن لسان النبي (ص) مخاطباً بها أبا بكر، من قبيل حزن النبي (ص) من عمل قومه، ولم يعدوا باستشهادهم بآيات "ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين"(الحجر/88) و"وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ" (يونس/65) و"لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر" (المائدة/ 41)، هذا النهي عن الحزن دليلاً على [[المعصية]]، بل طاعة لله.<ref>الميبدي، ج 4، ص 139؛ ينظر: أبو الفتوح، ج 2، ص 592، 593.</ref>


ورأوا أن الضمير "هـ" في "عليه" يعود على أبي بكر، واعتبروا: "فأنزل الله سكينته عليه"، لطفاً وعناية من الله بحقه.<ref>الميبدي، ج 4، ص 134، 138؛ النويري، ج 19، ج 14؛ ينظر: أبو الفتوح، ج 2، ص 592، 593؛ قارن: الطبري، تفسير، ج 10، ص 96.</ref>
ورأوا أن الضمير "هـ" في "عليه" يعود على أبي بكر، واعتبروا: "فأنزل الله سكينته عليه"، لطفاً وعناية من الله بحقه.<ref>النويري، نهاية الأرب، ج 19، ج 14؛ الطبري، تفسير الطبري، ج 11، ص 466.</ref>


ولكن نصّ مفسرو [[الشيعة]] وبعض [[أهل السنة]] أن "'''لا  تحزن'''" بمعنى "'''لا تخف'''"،  وذكروا في إيضاح ذلك أن قريشاً لما علمت بخروج النبي {{صل}} قفا بعضهم آثاره بمساعدة كُرْز بن علقمة الخزاعي، حتى وصلوا إلى باب الغار، ففوجئوا ببيت العنكبوت على مدخل الغار، وبدأوا بالتجوال حول الغار، وهذا أثار الخوف في نفس أبي بكر، فقال: لو نظروا إلى أقدامهم لرأونا فقال له النبي {{صل}}: ما ظنك باثنين الله ثالثهما.<ref>الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 49؛ الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص 279؛ آيتي، تاريخ پیامبر إسلام، ص 218؛ الميبدي، كشف الأسرار، ج 4، ص 137 ـ 138.</ref> مضافا إلى أن الطبري ذكر خوف أبي بكر وجزعه.<ref>الطبري، ج 10، ص 95.</ref>
ولكن نصّ مفسرو [[الشيعة]] وبعض [[أهل السنة]] أن "'''لا  تحزن'''" بمعنى "'''لا تخف'''"،  وذكروا في إيضاح ذلك أن قريشاً لما علمت بخروج النبي {{صل}} قفا بعضهم آثاره بمساعدة كُرْز بن علقمة الخزاعي، حتى وصلوا إلى باب الغار، ففوجئوا ببيت العنكبوت على مدخل الغار، وبدأوا بالتجوال حول الغار، وهذا أثار الخوف في نفس أبي بكر، فقال: لو نظروا إلى أقدامهم لرأونا فقال له النبي {{صل}}: ما ظنك باثنين الله ثالثهما.<ref>الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 49؛ الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص 279.</ref> مضافا إلى أن الطبري ذكر خوف أبي بكر وجزعه.<ref>الطبري، تفسير الطبري، ج 11، ص 466.</ref>


ويعتقد المفسرون الشيعة أن إرجاع الضمير في "'''عليه'''" من "'''فأنزل الله سكينته عليه'''"، إلى أبي بكر غير ممكن لأن الضمائر السابقة واللاحقة كلها تعود إلى [[النبي]] {{صل}} ("'''تنصروه'''"  و"'''نصره'''" و"'''أخرجه'''" و"'''يقول'''" و"'''لصاحبه'''" و"'''أيدّه'''") فإرجاع ضمير واحد من بينها إلى شخص آخر بحاجة إلى برهان قاطع، مضافا إلى أن الآية سيقت لبيان نصرة [[الله]] وتأييده للنبي {{صل}}<ref>الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص  
ويعتقد المفسرون الشيعة أن إرجاع الضمير في "'''عليه'''" من "'''فأنزل الله سكينته عليه'''"، إلى أبي بكر غير ممكن لأن الضمائر السابقة واللاحقة كلها تعود إلى [[النبي]] {{صل}} ("'''تنصروه'''"  و"'''نصره'''" و"'''أخرجه'''" و"'''يقول'''" و"'''لصاحبه'''" و"'''أيدّه'''") فإرجاع ضمير واحد من بينها إلى شخص آخر بحاجة إلى برهان قاطع، مضافا إلى أن الآية سيقت لبيان نصرة [[الله]] وتأييده للنبي {{صل}}<ref>الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص 375.</ref> ويستشهدون لتأكيد معتقدهم بآيات أخري منها:  
375. </ref> ويستشهدون لتأكيد معتقدهم بآيات أخري منها:  
{{قرآن|ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ‏ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِين‏}}<ref>التوبة: 26.</ref> و{{قرآن|إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}}<ref>الفتح: 26.</ref> وينبرون للبحث في هذا المضمار.<ref>الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 49؛ الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص 279ـ 282.</ref>
{{قرآن|ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ‏ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِين‏}}<ref>التوبة: 26. </ref> و{{قرآن|إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}}<ref>الفتح: 26.</ref> وينبرون للبحث في هذا المضمار.<ref>ينظر: الطبرسي، الفضل، ج5، ص49؛ الطباطبائي، ج 9، ص 279ـ 282؛ العالملي، ج 2، ص 249ـ 255.</ref>


نزل أبو بكر بعد هجرته في السنح، وهي محلة في أطراف المدينة على بعد ميل منها في دار خبيب بن إساف (حبيب بن يساف) أو دار خارجة بن زيد بن أبي زهير  من بين الحارث بن الخزرج.<ref>ابن سعد، ج 3، ص 173ـ 174؛ ابن هشام، ج 2، ص 136 ـ 138؛ ياقوت، ج 3، ص 163.</ref>
نزل أبو بكر بعد هجرته في السنح، وهي محلة في أطراف المدينة على بعد ميل منها في دار خبيب بن إساف (حبيب بن يساف) أو دار خارجة بن زيد بن أبي زهير  من بين الحارث بن الخزرج.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 173 ــ 174.</ref>


وفي المدينة كان أبو بكر إلى جانب النبي (ص) في كل مكان وفي كل عمل، وبعد ثمانية أشهر عندما آخى رسول الله (ص) بين المسلمين والمهاجرين والأنصار، آخاه مع عمر،<ref>ابن سعد، ج 3، ص 174.</ref> إلا أنه ورد في الترجمة الفارسية من [[سيرة ابن إسحاق]] بقلم رفيع الدين الهمداني "أن أبا بكر...أصبح أخاً لخارجة بن [زيد بن أبي] زهير الذي كان من الأنصار".<ref>سيرت....، 458.</ref>
وفي المدينة كان أبو بكر إلى جانب النبي (ص) في كل مكان وفي كل عمل، وبعد ثمانية أشهر عندما آخى رسول الله (ص) بين المسلمين والمهاجرين والأنصار، آخاه مع عمر،<ref>ابن سعد، ج 3، ص 174.</ref> إلا أنه ورد في الترجمة الفارسية من [[سيرة ابن إسحاق]] بقلم رفيع الدين الهمداني "أن أبا بكر...أصبح أخاً لخارجة بن [زيد بن أبي] زهير الذي كان من الأنصار".<ref>سيرت....، 458.</ref>


كان أبو بكر يزور النبي (ص) في المدينة بين يوم وآخر،<ref>E1</ref> واستناداً إلى بعض الروايات، فقد كان إلى جانبه في كل الغزوات.<ref>ابن سعد، ج 3، ص 175؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 3، 212.</ref>
كان أبو بكر يزور النبي (ص) في المدينة بين يوم وآخر،<ref>E1</ref> واستناداً إلى بعض الروايات، فقد كان إلى جانبه في كل الغزوات.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 175؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 3، ص 212.</ref>


==حضور في الغزوات==
==حضور في الغزوات==
مستخدم مجهول