انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التقية»

من ويكي شيعة
Foad (نقاش | مساهمات)
Foad (نقاش | مساهمات)
سطر ٦٤: سطر ٦٤:
===العقل===
===العقل===
وقد استدل الفقهاء على التقية من خلال حكم العقل الذي يقدم الأهم على المهم إذا دار الأمر بينهما.<ref>مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص388.</ref> فتقديم الأهم على المهم لازم عقلاً؛ فإذا كان على المكلف تكليفين في وقت واحد، ولا يستطيع القيام بهما في وقت واحد، فالعقل يحكم بتقديم الأهم الذي فيه مصلحة أكثر.<ref>الصدر، دروس في علم الأصول، 1429هـ، ج2، ص234.</ref> فدفع الضرر وإنقاذ النفس من التكاليف العقلية التي تُرجح على أمور مثل إظهار العقيدة؛ ولذلك فإن التقية واجبة عقلاً لدفع الضرر وحفظ النفس.<ref>الفاضل المقداد، اللوامع الإلهية، 1422هـ، ص377.</ref>
وقد استدل الفقهاء على التقية من خلال حكم العقل الذي يقدم الأهم على المهم إذا دار الأمر بينهما.<ref>مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص388.</ref> فتقديم الأهم على المهم لازم عقلاً؛ فإذا كان على المكلف تكليفين في وقت واحد، ولا يستطيع القيام بهما في وقت واحد، فالعقل يحكم بتقديم الأهم الذي فيه مصلحة أكثر.<ref>الصدر، دروس في علم الأصول، 1429هـ، ج2، ص234.</ref> فدفع الضرر وإنقاذ النفس من التكاليف العقلية التي تُرجح على أمور مثل إظهار العقيدة؛ ولذلك فإن التقية واجبة عقلاً لدفع الضرر وحفظ النفس.<ref>الفاضل المقداد، اللوامع الإلهية، 1422هـ، ص377.</ref>
==علاقة التقية بالتورية==
التورية هي أن يُريد بلفظ معنى مطابقا للواقع، وقصد من إلقائه أن يُفهم المخاطب منه خلاف ذلك،<ref>الأنصاري، كتاب المكاسب، 1415هـ، ج2، ص17.</ref> أحياناً تكون التقية على هيئة التورية، ويقال إنَّ هذا هو أفضل أنواع التقية، وعلى قدر الإمكان فالتقية أفضل من التورية.<ref>گلستانه، منهج اليقين، 1388ش، ص83.</ref>
فعلى سبيل المثال، في قصة إخوة النبي يوسف، الذين جاؤوا إليه ليأخذوا القمح، فبحسب الآيات القرآنية عندما جهز النبي يوسف حمولتهم، ومن أجل أن يحتفظ بأخيه بنيامين وضع صواع الملك وبشكل سري في حمولته، وأمر المتحدث باسمه أن يقول لهم أيه العير إنكم لسارقون. وطبق ما ورد في بعض الروايات وبحسب المفسرين، أنَّ النبي يوسف استخدم التقية عن طريق التورية من أجل المصلحة، ولم يرد به سرقة الصاع، وإنما عنى به أنكم سرقتم يوسف من أبيه وألقيتموه في الجب.<ref>الطبرسي، الاحتجاج، 1403هـ، ج2، ص355؛ الكليني، الكافي، 1407هـ، ج2، ص217؛ الطباطبائي، الميزان، ج11، ص223.</ref>


==الهوامش==
==الهوامش==

مراجعة ٢٢:٥٠، ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٣

معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية


التقية، مصطلح ديني والمراد منه أن لا يُظهر الإنسان عقيدته أو نيته الحقيقية كما يضمرها في قلبه وذلك لدليل مقنع، وهذا المعنى منصوص عليه في المصادر الإسلامية؛ وما يؤيد العمل بالتقية الدليل العقلي إلى جانب النقلي والقرآني منها: ﴿لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِى شَىءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً.

والتقية تعني حفظ النفس من الأذى، وهي تختلف عن النفاق؛ لأنَّ التقية إظهار الكفر وإخفاء الإيمان، بينما النفاق إظهار الإيمان وإخفاء الكفر.

المفهوم

التقية، هي كتمان الحق وإخفاء الاعتقاد به أمام المخالفين، لدفع ضرر ديني أو دنيوي.[١] بمعنى آخر، هي حماية النفس أو الآخرين من ضرر وأذى شخص آخر، من خلال التوافق معه في قول أو فعل.[٢] التقية في اللغة مشتقة من كلمة «وَقَي» وهي بمعنى الاختفاء والحفظ والابتعاد من أجل البقاء في أمان من الضرر.[٣]

المكانة

التقية من المسائل التي بُحثت في علم الفقه، وقد تم ذكرها في جملة من الأبواب الفقهية كالطهارة، والصلاة، والصيام، والحج، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.[٤] وردت في الكتب التي ترتبط بالقواعد الفقهية بعنوان قاعدة، وقد ألف فيها بعض الفقهاء رسائل مستقلة.[٥]

وعلى الرغم من أن كلمة التقية لم ترد في القرآن؛ إلا أن علماء المسلمين يعتقدون أن بعض الآيات[٦] تُشير إلى مضمونها ويستدلون بها لإثبات مشروعية التقية.[٧] وفي المصادر الروائية الشيعة روايات كثيرة حول التقية عن الأئمة المعصومين.[٨] حيث خصص الكليني المحدث الشيعي (توفى: 329هـ) في كتاب الكافي باب بعنوان «باب التقية» لأحاديث التقية وذكر فيه 23 حديث.[٩] وقد جمع الحر العاملي أيضًا في وسائل الشيعة 146 رواية تتعلق بمختلف أحكام التقية في اثني عشر باباً[١٠] كما ورد في بعض المصادر الروائية عند أهل السنة أحاديث متفرقة في التقية.[١١]

التقية في المذهب الشيعي

ذُكر إنَّ التقية إحدى المعتقدات العقائدية والفقهية عند الشيعة، وأحد أهم العوامل التي تمكن الشيعة من خلالها الحفاظ على مذهبهم ومعتقداتهم عبر التاريخ.[١٢] وفقًا للمصادر التاريخية، كان مذهب التشيع يتعرض للكثير من الضغوطات وعلى طول التاريخ، وفي مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية؛ لذلك، أدى إظهار عقائدهم بين المخالفين إلى تعرضهم للقتل والأضرار المالية؛ ولذلك اعتبر أئمة الشيعة أن التقية ضرورية للحفاظ على حياتهم وحياة الشيعة، وتمنع من تفكك المجتمع الشيعي واضمحلاله.[١٣]

وقد وردت في بعض المصادر الروائية الشيعية روايات ذات تعابير مختلة حول التقية مثل «لا دين لمن لا تقيّة له»،[١٤] وهو ما يعبر عن أهمية التقية عند الأئمة المعصومين وأتباعهم.[١٥]

وذكر آية الله مكارم الشيرازي من مراجع التقليد عن الشيعة، إنَّ التقية لا تختص في المذهب الشيعي.[١٦] ويرى أن التقية ديدن كل اقلية يسيطر عليهم‌ الأكثرون ولا يسمحون لهم بإظهار عقائدهم أو العمل على وفقها، فيخافون على أنفسهم أو مالهم من مخالفيهم المتعصبين، فهم بدافع الفطرة يلجئون إلى التقية فيما كان حفظ النفس أو ما يتعلق بها أهم عندهم من إظهار الحق.[١٧]

وفي بعض الروايات التي وردت عن أئمة الشيعة، نسبة فعل التقية لبعض الأنبياء الإلهيين قبل نبي الإسلام مثل النبي شيث،[١٨] وإبراهيم،[١٩] ويوسف،[٢٠] وأيضاً أصحاب الكهف.[٢١]

اعتبر الشهيد الأول، أحد فقهاء الشيعة في القرن الثامن الهجري، أنَّ أحاديث الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مليئة بألفاظ التقية، وعدّ التقية من أهم عوامل اختلاف الأحاديث.[٢٢] ولذلك يُقال إنَّ فهم موارد التقية في الروايات يلعب دورا كبيرا في استخراج الأحكام والمسائل الشرعية بشكل أدق.[٢٣]

أقسام التقية

وتنقسم التقية من حيث السبب والأهداف إلى قسمين:[٢٤]

  • التقيّة الخوفيّة: التقية في مقابل المخالفين، في حالة وجود خوف من الخسارة في الأرواح، أو الأموال، أو السمعة.[٢٥][ملاحظة ١] أو هي كتمان سر يضطر الإنسان فيه إلى إخفاء معتقداته من أجل إنقاذ حياته أو حياة الذين من حوله. [٢٦] وتقية عمار بن ياسر في مقابل مشركي قريش لإنقاذ حياته، من قسم التقية الإكراهية.[٢٧] وتُعتبر تقية مؤمن آل فرعون في مقابل الفراعنة، وتقية أصحاب الكهف الذين أخفوا عقائدهم حفاظاً على حياتهم، من قسم التقية الكتمانية.[٢٨]
  • التقية المداراتيّة: ويُطلق على هذا القسم ايضاً التقية التحبيبيّة،[٢٩] وهي بمعنى إخفاء العقائد من أجل بعض المصالح كحفظ وحدة المسلمين وجلب المحبة ودفع الضغائن، التي أهميتها أكثر من إظهار العقيدة.[٣٠] وقد اعتبر بعض فقهاء الشيعة وبالاستناد على أحاديث الأئمة المعصومين،[٣١] أن المشاركة في مجالس أهل السنة (ليس لحفظ النفس)، مثل صلاة الجماعة معهم (وخاصة في موسم الحج)، وعيادة مرضاهم، والمشاركة في تشييع جنائزهم، والأمور الاجتماعية الأخرى التي تحافظ على وحدة المسلمين وتحفظ كلمتهم، وتزيل الكدر وسوء الظن، من أمثلة التقيّة المداراتيّة أو التحبيبيّة.[٣٢]

وقد تم ذكر أقسام أخرى للتقية،[٣٣] منها ما ذكره الإمام الخميني من أقسام للتقية وهي التقسيم بحسب المتقي، والتقسيم بحسب المتقى‌ منه‌، والتقسيم بحسب المتقى‌ فيه (موضوع التقية).[٣٤]

كما قسم البعض التقية بحسب الظروف والشروط إلى ثلاثة أنواع: التقية السياسية (التقية مقابل القوى السياسية الحاكمة)، التقية الفقهية (التقية في بيان الأحكام)، والتقية الاجتماعية (التقية أمام الناس في المجتمع والتواصل معهم).[٣٥]

الأحكام

وقد ذكر فقهاء الشيعة ـ وبالاستناد على أدلة من الكتاب والسنة ـ أحكام للتقية وهي كما يلي:

الحكم التكليفي

وتنقسم التقية بحسب الحكم التكليفي إلى خمسة أقسام:[٣٦]

  • التقية الواجبة: عند فقهاء الشيعة، إذا كان إظهار العقيدة للمخالفين يؤدي إلى الضرر بحياة أو مال أو سمعة شخص أو آخرين، سواء كان الشخص يعلم أو حتى يظن بهذا الضرر، فإنَّ التقية واجبة بقدر دفع الضرر.[٣٧] المعيار في وجوب التقية أن ما حفظ بالتقية وجب الحفاظ عليه، ويحرم إضاعته.[٣٨]
  • التقية المستحبة: وهي التي تحدث إذا كان لا يخاف ضرر عاجل، ولكن يخشى حدوث الضرر في المستقبل وبالتدريج.[٣٩] وفقا لبعض فقهاء الشيعة، أنَّ التقية المداراتيّة هي أحد مصاديق التقية المستحبة.[٤٠] وذكر الشيخ الأنصاري (توفى 1281هـ) أن التقية المستحبة خاصة فقط بتلك الأشياء المحددة في الأحاديث؛ كمعاشرة أهل السنة وعيادة مرضاهم، وتشييع جنائزهم، والصلاة في مساجدهم، و الأذان لهم، وبحسب فتواه لا يجوز التعدّي أكثر من ذلك، عن ذلك، مثل ذم شيوخ الشيعة من أجل الصداقة معهم.[٤١]
  • التقية المكروهة: هي التقية التي يكون تركها وتحمل الضرر أفضل من فعلها.[٤٢] وعلى قول الشهيد الأول، المكروه التقية في المستحب فيما لا ضرر فيه في الحال ولا في المستقبل.[٤٣]
  • التقية المباحة: هي التقية التي لا فرق بين فعلها وتركها،[٤٤] وذكر الشهيد الأول هي التي ترجحها العامة ولا يحصل بتركها ضرر.[٤٥]
  • التقية الحرام: هي التي لا يترتب على ترك التقية فيها أي ضرر في الحال أو المستقبل.[٤٦] وبعض مصاديق التقية الحرام برأي فقهاء الشيعة:[٤٧]
  1. لا يجوز التقية إذا أدت إلى فساد الدين ودخول البدعة.‌[٤٨]
  2. بحسب مشهور فقهاء الشيعة،[٤٩] لا تجوز التقية في الدماء، كما إذا أمر الكافر أو الفاسق بقتل مؤمن ويعلم أو يظن انه لو تركه قتل نفسه فلا يجوز القتل تقية.[٥٠]

الحكم الوضعي

من المسائل التي بحثها الفقهاء هي التقية في الحكم الوضعي؛ فهل إذا تم تأدية العبادة عن تقية، تُعاد بعد الخروج من التقية مرة أخرى.[٥١] فعلى سيبل ممارسة التكتف في الصلاة (وهو وضع اليد على ظاهر اليد الأخرى في الصلاة)[٥٢] مستحب عند أهل السنة وغير جائز عن الشيعة.[٥٣] فإذا فعل المكلف هذا العمل في صلاته بسبب التقية، فهل يجب عليه إعادة تلك الصلاة مرة أخرى في غير حال التقية؟[٥٤]

ويرى فقهاء الشيعة أن التقية يتم بها الأمر الشرعي، ولا حاجة إلى إعادته فيها.[٥٥] بالطبع، يعتقد المحقق الكركي الفقيه الشيعي في القرن العاشر الهجري، أن الأفعال المذكورة صراحةً في روايات التقية فقط هي التي لا تحتاج إلى أدائها مرة أخرى؛ كالصلاة مع التكتف، أو غسل القدمين في الوضوء.[٥٦]

الأدلة على التقية

وقد استدل فقهاء الشيعة بالأدلة الأربعة وهي القرآن والروايات والإجماع والعقل، لإثبات جواز التقية:

القرآن

وأهم الآيات التي استدل بها الفقهاء في جواز التقية هي الآية 106 من سورة النحل،[٥٧] حيث ورد فيها: أنَّ الذين بعد إسلامهم كفروا بالله وقصدوا الكفر، سينالهم غضب الله تعالى وعذابه الشديد، ولكن غضب الله وعذابه لا يصل إلى الذين آمنت قلوبهم؛ لأنَّهم تم إكراههم على قول كلمة الكفر بلسانهم تحت ضغط التعذيب. [٥٨]

وقد ذكر الكثير من المفسرين الشيعة والسنة أنَّ هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر،[٥٩] حيث أُجبر عمار بن ياسر وتحت تعذيب المشركين على التلفظ بكلمات البراءة من الإسلام ورسول الله، وظن البعض أن عمار قد كفر، ولما وصل الخبر إلى رسول الله قال: إن عمارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه، وبعدها جاء عمار إلى رسول الله وهو يبكي، فجعل رسول الله يمسح عينيه ويقول: إن عادوا لك فعد لهم بما قلت.[٦٠]

كذلك استدل الفقهاء أيضاً بالآية 28 من سورة غافر، والآية 28 من سورة آل عمران، لإثبات جواز التقية.[٦١]

الروايات

وبحسب السيد محمد صادق الروحاني، وناصر مكارم الشيرازي، فإن الروايات الدالة على جواز التقية كثيرة.[٦٢] حيث تنقسم هذه الروايات إلى الطوائف التالية:

  • الروايات التي تدل على أن التقية ترس المؤمن وحرزه‌[٦٣]
  • الروايات التي تدل على أنَّه لا دين لمن لا تقية له‌[٦٤]
  • الروايات التي تدل على أنَّ التقية من أعظم الفرائض وأنَّ أكرمكم عند الله تعالى أعملكم بالتقية‌[٦٥]
  • الروايات العديدة التي تحكي عن وقوع التقية في أفعال الأنبياء السابقين[٦٦]

وبالإضافة إلى هذه الروايات فهناك روايات أخرى يُستدل بها على جواز العمل بالتقية، مثل روايات لا ضرر، والبراءة والسب (وهي الروايات التي تجوز البراءة وسب النبي والأئمة المعصومين عملاً بالتقية، من أجل حفظ النفس)، وحديث الرفع.[٦٧]

الإجماع

ذكر المحقق الكركي إنَّ فقهاء الشيعة لديهم إجماع على جواز العمل بالتقية.[٦٨]

العقل

وقد استدل الفقهاء على التقية من خلال حكم العقل الذي يقدم الأهم على المهم إذا دار الأمر بينهما.[٦٩] فتقديم الأهم على المهم لازم عقلاً؛ فإذا كان على المكلف تكليفين في وقت واحد، ولا يستطيع القيام بهما في وقت واحد، فالعقل يحكم بتقديم الأهم الذي فيه مصلحة أكثر.[٧٠] فدفع الضرر وإنقاذ النفس من التكاليف العقلية التي تُرجح على أمور مثل إظهار العقيدة؛ ولذلك فإن التقية واجبة عقلاً لدفع الضرر وحفظ النفس.[٧١]

علاقة التقية بالتورية

التورية هي أن يُريد بلفظ معنى مطابقا للواقع، وقصد من إلقائه أن يُفهم المخاطب منه خلاف ذلك،[٧٢] أحياناً تكون التقية على هيئة التورية، ويقال إنَّ هذا هو أفضل أنواع التقية، وعلى قدر الإمكان فالتقية أفضل من التورية.[٧٣] فعلى سبيل المثال، في قصة إخوة النبي يوسف، الذين جاؤوا إليه ليأخذوا القمح، فبحسب الآيات القرآنية عندما جهز النبي يوسف حمولتهم، ومن أجل أن يحتفظ بأخيه بنيامين وضع صواع الملك وبشكل سري في حمولته، وأمر المتحدث باسمه أن يقول لهم أيه العير إنكم لسارقون. وطبق ما ورد في بعض الروايات وبحسب المفسرين، أنَّ النبي يوسف استخدم التقية عن طريق التورية من أجل المصلحة، ولم يرد به سرقة الصاع، وإنما عنى به أنكم سرقتم يوسف من أبيه وألقيتموه في الجب.[٧٤]

الهوامش

  1. المفيد، تصحيح اعتقادات الإمامية، ص، 137.
  2. الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص71.
  3. ابن منظور، لسان العرب، ج 1، ص401 - 402.
  4. دایرة المعارف فقه فارسی، فرهنگ فقه فارسی، 1387ش، ج2، ص585.
  5. البجنوردي، القواعد الفقهية، 1377ش، ج5، ص49؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص386؛ الصدر، ما وراء الفقه، 1406هـ، ج1، ص108.
  6. سورة النحل، الآية 106؛ سورة غافر، الآية 28.
  7. الطبرسي، مجمع البيان، 1415هـ، ج6، ص203؛ الطباطبائي، الميزان، ج3، ص153.
  8. الكافي، الكليني، 1430هـ، ج3، ص548 ـ 560؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص203 ـ 254.
  9. الكافي، الكليني، 1430هـ، ج3، ص548 ـ 560.
  10. الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص203 ـ 254.
  11. البخاري، صحيح البخاري، 1422هـ، ج9، ص19؛ الهيثمي، كشف الأستار، 1399هـ، ج4، ص113؛ الطبري، المعجم الكبير، 1415هـ، ج20، ص94؛ حبيب العميدي، واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية، ص72 ـ 77.
  12. سلطاني رناني، «امام صادق(ع) و مسأله تقیه»، ص29.
  13. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج11، ص43 ـ 47؛ السبحاني، التقيّة مفهومها، حدّها، دليلها، 1430هـ، ص24 ـ 44؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص407 ـ 408.
  14. الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص204 ـ 206.
  15. السبحاني، التقيّة مفهومها، حدّها، دليلها، 1430هـ، ص76.
  16. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص388.
  17. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص388.
  18. المجلسي، بحار الأنوار، ج75، ص419.
  19. الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص208.
  20. الطباطبائي، الميزان، ج11، ص238.
  21. المجلسي، بحار الأنوار، ج75، ص429 وج14، ص425 ـ 426.
  22. الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص157.
  23. طاهری اصفهانی، المحاضرات (تقریرات اصول آیت‌الله سیدمحمد محقق داماد)، 1382ش، ج2، ص119.
  24. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص410.
  25. الخميني، المكاسب المحرمة، 1415هـ، ج2، ص236؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص410 ـ 411.
  26. الخميني، المكاسب المحرمة، 1415هـ، ج2، ص236؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص410 ـ 411.
  27. الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص395.
  28. مكارم الشيرازي، داستان ياران، 1390ش، ص61 ـ 65.
  29. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص410.
  30. الخميني، المكاسب المحرمة، 1415هـ، ج2، ص236؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص410.
  31. الكليني، الكافي، ج3، ص555؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج8، ص430.
  32. الإمام الخميني، الرسائل العشرة، 1420هـ، ص56 ـ 57؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص473.
  33. الخميني، الرسائل العشرة، 1420هـ، ص7 ـ10.
  34. الخميني، الرسائل العشرة، 1420هـ، ص7 ـ10.
  35. سلطاني رناني، «امام صادق(ع) ومسأله تقیه»، ص35.
  36. المفيد، أوائل المقالات، 1413هـ، ص118؛ الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص157؛ الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص73 ـ 74؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص389.
  37. الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج2، ص435؛ الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص157؛ الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص73 ـ 74؛ السبحاني، التقيّة مفهومها، حدّها، دليلها، 1430هـ، ص67.
  38. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص411.
  39. الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص157؛ الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص73 ـ 74.
  40. الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص73؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص451 ـ 452.
  41. الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص75.
  42. الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص75.
  43. الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص158.
  44. مكارم الشيرازي، تقيه وحفظ نيروها، 1394ش، ص37.
  45. الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص158.
  46. الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص158.
  47. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص415.
  48. الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص407 ـ 409؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص415؛ السبحاني، التقيّة مفهومها، حدّها، دليلها، 1430هـ، ص67؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص216.
  49. الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص405.
  50. الخميني، الرسائل العشرة، 1420هـ، ص20 ـ 21؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص419؛ الكليني، الكافي، ج3، ص557.
  51. الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص76؛ الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص426.
  52. الكاساني، بدائع الصنائع، ج 2، ص 533.
  53. النجفي، جواهر الكلام، ج11، ص15.
  54. الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص76.
  55. الأنصاري، رسائل فقهية، 1414هـ، ص77؛ الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص429؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص444.
  56. المحقق الكركي، رسائل المحقق الكركي، ج2، ص52.
  57. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص392؛ الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص396.
  58. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج8، ص336 ـ 337.
  59. الطوسي، التبيان، ج6، ص428؛ الطبرسي، مجمع البيان، 1415هـ، ج6، ص203؛ الطباطبائي، الميزان، ج12، ص358؛ القرطبي، تفسير القرطبي، ج10، ص180؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)، 1419هـ، ج4، ص520؛ البيضاوي، تفسير البيضاوي، 1418هـ، ج3، ص422.
  60. الطوسي، التبيان، ج6، ص428؛ الطبرسي، مجمع البيان، 1415هـ، ج6، ص203؛ الطباطبائي، الميزان، ج12، ص358؛ القرطبي، تفسير القرطبي، ج10، ص180؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)، 1419هـ، ج4، ص520؛ البيضاوي، تفسير البيضاوي، 1418هـ، ج3، ص422.
  61. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص394؛ الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص397.
  62. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص396؛ الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص399.
  63. الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج27، ص88؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص396.
  64. الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص210؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص398.
  65. الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص206 ـ 208؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص399.
  66. الحر العاملي، وسائل الشيعة، 1413هـ، ج16، ص208 ـ 210؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص401.
  67. الروحاني، فقه الصادق، 1413هـ، ج11، ص399 ـ 405.
  68. المحقق الكركي، رسائل المحقق الكركي، ج2، ص51.
  69. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، 1416هـ، ج1، ص388.
  70. الصدر، دروس في علم الأصول، 1429هـ، ج2، ص234.
  71. الفاضل المقداد، اللوامع الإلهية، 1422هـ، ص377.
  72. الأنصاري، كتاب المكاسب، 1415هـ، ج2، ص17.
  73. گلستانه، منهج اليقين، 1388ش، ص83.
  74. الطبرسي، الاحتجاج، 1403هـ، ج2، ص355؛ الكليني، الكافي، 1407هـ، ج2، ص217؛ الطباطبائي، الميزان، ج11، ص223.

الملاحظات

  1. الخوف قد يكون لأجل توقّع الضرر على‌ نفس المتقي، أو عرضه، أو ماله، أو ما يتعلّق به. وقد يكون لأجل توقّعه على‌ غيره من إخوانه المؤمنين. وثالثةً لأجل توقّعه على‌ حوزة الإسلام؛ بأن يخاف شتات كلمة المسلمين بتركه. (الخميني، الرسائل العشرة، 1420هـ، ص7.)

المصادر والمراجع

  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر، ط 2، د.ت.
  • ابن حزم، علي بن أحمد، المحلى، تحقيق: أحمد محمد شاكر، بيروت، دار الجليل، د.ت.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط 3، 1414 هـ.
  • الآلوسي، محمود عبدالله، روح المعاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • الأمين، محسن، نقض الوشيعة أو الشيعة بين الحقائق والأوهام، بيروت، د.ن، 1403 هـ/ 1983 م.
  • الأنصاري، مرتضى، التقية، تحقيق: فارس الحسون، قم، مؤسسة قائم آل محمد (عج)، ط 1، 1412 هـ.
  • البجنوردي، حسن، القواعد الفقهية، قم، نشر الهادی، ط 1، 1377 هـ.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، إسطنبول، د.ن، 1401 هـ/ 1981 م.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيتعليها السلام لإحياء التراث، 1410 هـ.
  • الحلبي، علي بن إبراهيم، السيرة الحلبية، بيروت، د.ن، 1320 هـ.
  • الخميني، روح الله، المكاسب المحرمة، قم، د.ن، 1374 هـ
  • الخميني، روح الله، تحریر الوسیلة، تهران، موسسة تنظيم و نشر آثار امام خمينى( ره)1368ش.
  • السبحاني، جعفر، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف، قم، مؤسسة الامام الصادق عليه السلام، د.ت.
  • السيوري، المقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، تحقيق: محمد علي القاضي الطباطبائي، قم، د.ن، 1380 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق: هاشم رسولي وفضل الله اليزدي، طهران، ناصر خسرو، ط 3، 1372 ش.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، تحقیق: محمد أبوالفضل إبراهیم، بیروت، دار احیاء التراث العربی، ط 2، 1387 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1409 هـ.
  • الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1420 هـ.
  • القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، بيروت، د.ن، 1405 هـ/ 1985 م.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر غفاري، بيروت، دار التعارف، ط 3، 1401 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
  • المحقق الكركي، علي بن الحسين، رسائل المحقق الكركي، تحقيق: محمد حسون، قم، د.ن، 1409 هـ.
  • المراغي، أحمد مصطفى، تفسير المراغي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1365 هـ.
  • المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، أوائل المقالات في المذاهب والمختارات، قم، د.ن، د.ت.
  • المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، تصحيح إعتقادات الإمامية، بيروت، د.ن، 1414 هـ/ 1993 م.
  • شبر، عبد الله، الأصول الأصلية والقواعد الشرعية، قم، مکتبة المفيد، ط 1، 1404 هـ.
  • شمس الأئمة السرخسي، محمد بن أحمد، كتاب المبسوط، بيروت، د.ن، 1406 هـ/ 1986 م.
  • كاشف الغطاء، محمد حسين، أصل الشيعة وأصولها، تحقيق: علاء آل جعفر، قم، مؤسسة الإمام علي عليه السلام، 1415 هـ