|
|
سطر ٢١: |
سطر ٢١: |
|
| |
|
| اعتبر الشهيد الأول، أحد فقهاء الشيعة في القرن الثامن الهجري، أنَّ أحاديث الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مليئة بألفاظ التقية، وعدّ التقية من أهم عوامل اختلاف الأحاديث.<ref>الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص157.</ref> ولذلك يُقال إنَّ فهم موارد التقية في الروايات يلعب دورا كبيرا في استخراج الأحكام والمسائل الشرعية بشكل أدق.<ref>طاهری اصفهانی، المحاضرات (تقریرات اصول آیتالله سیدمحمد محقق داماد)، 1382ش، ج2، ص119.</ref> | | اعتبر الشهيد الأول، أحد فقهاء الشيعة في القرن الثامن الهجري، أنَّ أحاديث الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مليئة بألفاظ التقية، وعدّ التقية من أهم عوامل اختلاف الأحاديث.<ref>الشهيد الأول، القواعد والفوائد، ج2، ص157.</ref> ولذلك يُقال إنَّ فهم موارد التقية في الروايات يلعب دورا كبيرا في استخراج الأحكام والمسائل الشرعية بشكل أدق.<ref>طاهری اصفهانی، المحاضرات (تقریرات اصول آیتالله سیدمحمد محقق داماد)، 1382ش، ج2، ص119.</ref> |
|
| |
| ==مميزات التقية والنفاق==
| |
| من الشبهات التي ترد على التقية هي إنّها تشبه [[النفاق]]؛ إذ في كل واحد منهما الفاعل يُظهر ما في اللسان على خلاف ما يُضمره في قلبه. ولكن في واقع الأمر أن التقية عكس النفاق؛ إذ أن النفاق إظهار [[الإيمان]] وإخفاء [[الكفر]]، بينما التقية إظهار [[الكفر]] وإخفاء [[الإيمان]] من أجل حفظ النفس من مخاطر الاختلاف في العقيدة.<ref>http://www.imamsadeq.org/fa/index/articleview?aId=2729&cId=72</ref>
| |
|
| |
| ==الأدلة على جواز التقية==
| |
| تقوم غالبية الأدلة القرآنية {{و}}[[الرواية|الروائية]] والعقلية والمجمع عليها، على جواز التقية.
| |
|
| |
| ===القرآنية===
| |
| إنّ المعنى الذي ذكرناه للتقية يمكن استنباطه من [[القرآن الكريم]]، كما في قوله تعالى: {{قرآن|لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}}.<ref>آل عمران 28.</ref> يذكر المفسرون إن [[سبب النزول|سبب نزول]] هذه [[الآية]] هو أنّ [[قريش]] كانت تؤذي [[المسلمين]]، وهذه [[الآية]] تجيز لهم [[الكفر]] باللسان دون القلب تحت التعذيب.<ref>الطوسي، التبيان؛ الفخر الرازي، التفسير الكبير؛ الطباطبائي، تفسير الميزان.</ref>وقد استنبط المفسرون {{و}}[[فقيه|فقهاء]] الشيعة،<ref>الطوسي، التبيان؛ الطباطبائي، الميزان.</ref> {{و}}[[أهل السنة]]، من هذه الآية العمل بالتقية.<ref>تفسير الآية في الزمخشري، الكشاف؛ الآلوسي، روح المعاني؛ تفسير المراغي.</ref>
| |
|
| |
| ومن الآيات الدالة على التقية قوله تعالى:{{قرآن|مَن كَفَرَ بِاللَّـهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّـهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}}<ref>النحل 106.</ref>
| |
| يذكر المفسرون إن هذه الآية نزلت في [[عمار بن ياسر]] حين قتل مشركو [[قريش]] والديه أمامه، وكان تحت التعذيب، فكفر [[النبي الأكرم|بالنبي(ص)]]، وأخبر عمار النبي(ص) بعد ذلك إنه فعل ذلك بلسانه فقط، ولم يتسلل [[الكفر]] الى قلبه. فقبل النبي (ص) هذا العذر منه، وأخبر الآخرين أن يفعلوا مثل عمار إذا تعرضوا للأذى إعتماداً على هذه الآية.<ref>ينظر تفسير الآية في الزمخشري، الكشاف؛ تفسير القرطبي.</ref>
| |
|
| |
| وكذلك قوله تعالى: {{قرآن|وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّـهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}}.<ref>غافر 28.</ref>
| |
|
| |
| وكذلك الآيات 173 و185 و195 من [[سورة البقرة]]، والآية 145 من [[سورة الأنعام]]، والآية 115 من [[سورة النحل]]، والآية 78 من [[سورة الحج]].
| |
|
| |
| ويمكن الاستناد بالآيات الدالة على [[الإضطرار]] {{و}}[[الحرج]] لفهم جواز التقية أو وجوبه في الظروف الاستثنائية؛ كآيات: 173 - 183 - 195 من سورة البقرة و145 الأنعام و115 النحل و78 الحج. كما أن بعض الروايات تستند بالآيات الدالة على معنى التقية {{و}}[[وجوب]] العمل به أو جوازه أو عدمهما.
| |
|
| |
| ===الروائية===
| |
| هناك الكثير من [[الحديث|الأحاديث]] التي تدلّ على جواز التقية، كما تدل أيضاً على أن التقية من أفضل أعمال [[المؤمنين]]؛ إذ فيها إصلاح الدين، ولا يكتمل الدين إلا بها.<ref>الكليني، كتاب الكافي، ج 2، ص 217 - 221؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 72، ص 394 - 397 - 398 - 423.</ref>وقد صرحت [[الروايات]] الكثيرة على جوازها والتي نقل قسماً منها [[الحر العاملي|صاحب الوسائل]]،<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 16، ص 214 - 418.</ref>وأن سيرة [[النبي الأكرم|النبي (ص)]] تدل على جواز التقية؛ إذ تنقل الروايات بأن بعض [[أصحاب النبي]] (ص) من [[المهاجرون|الذين هاجروا]] إلى [[المدينة المنورة]] طلبوا منه الرجوع إلى [[مكة المكرمة]] من أجل لملمة أموالهم، وطلبوا منه الرخصة في أن يظهروا ميلاً عنه في اللسان دون القلب، ليتجنبواً عناد المشركين، فأذن لهم [[النبي(ص)]].<ref>الحلبي، السيرة الحلبية ج 3، ص 51 - 52.</ref>
| |
|
| |
| وهناك العديد من [[الصحابة]] يقولون بالتقية: [[ابن عباس|كابن عباس]]،<ref>إبن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج 12، ص 279.</ref> {{و}}[[جابر بن عبدالله الأنصاري]]،<ref>السرخسي، كتاب المبسوط، ج 24، ص 47.</ref>و[[إبن مسعود]]،<ref>إبن حزم، المحلى، ج 8، ص 336.</ref>و[[أبو الدرداء]]<ref>البخاري، صحيح البخاري، ج 7، ص 102.</ref>كما أن سيرة الأنبياء والصالحين تدل على جواز التقية كتعامل [[النبي إبراهيم (ع)]] مع الكفار، كما أن [[آسية بنت مزاحم]] إمرأة [[فرعون]] كانت تخفي إيمانها بالله وبرسالة [[النبي موسى(ع)|موسى(ع)]]، وكذلك تقية [[أصحاب الكهف]].<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 16، ص 215 - 219 - 230 - 231؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 72، ص 396 - 407 - 425 - 429.</ref>
| |
|
| |
| ===العقلية===
| |
| إنّ من أهم الأدلة العقلية في هذا المجال هي: أن العقل يحكم بضرورة دفع الضرر والأذى عن النفس.<ref>الفاضل المقداد السيوري، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، ص 377؛ الأمين، نقض الوشيعة، ص182.</ref> وبالاعتماد على هذا الدليل فإن التقية لا تختص [[الشيعة|بالشيعة]]؛ لأن الدليل العقلي هو حاكم على الجميع ولا يميز بين [[الشيعة|شيعي]] وغيره.
| |
|
| |
| كما يستدل الشيعة على جواز التقية بـ[[الاجماع]]،<ref>رسائل المحقق الكركي، ج2، ص 51؛ البجنوردي، القواعد الفقهية، ج5، ص 50.</ref>
| |
| وكذلك يؤخذ بـ[[الاجماع]] في بعض مصادر أهل السنة.<ref>القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تفسير الآية 28 من سورة آل عمران.</ref>
| |
|
| |
| ==تقية المسلمين من المسلمين==
| |
| إنَّ جواز التقية غير مختص بتقية [[المسلم]] من [[الكافر]]، بل إن جوازها يتعدى الى تقية المسلم من [[المسلم]] وقد صرح [[الفقهاء]] {{و}}[[علم التفسير|المفسرون]] بهذا المعنى.<ref>فخر الدين الرازي، التفسير الكبير تفسير الأية 28 من سورة آل عمران.</ref> كما صرح الكثير من علماء [[أهل السنة|السنة]] - ومن جملتهم [[الشافعي]] - بمشروعية تقية المسلم من المسلم من أجل حفظ نفسه.<ref>السبحاني، الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف، ج 2، ص 330 - 331.</ref>
| |
|
| |
| ==عوامل وجذور التقية عند الشيعة==
| |
| إن التقية من الأمور الثابتة ب[[الدليل العقلي|الأدلة العقلية]] والشرعية، كما مرَّ وعند جميع [[المسلمين]] ولكن الٌذي جعلها تبرز عند [[الشيعة]] أكثر من غيرهم هي: الضغوط التي مورست ضد الشيعة من قبل الحكام المختلفين من بعد [[صلح الإمام الحسن (ع)]]، واستمرت هذه الضغوط أيام [[ الأمويين|الدولة الأموية]] {{و}}[[العباسيين|العباسية]]. فقد طارد الحكام [[الأمويين]] {{و}}[[العباسيين]] الشيعة في كل مكان وقتلوهم وسلبوهم أموالهم وخربوا ممتلكاتهم، وسبوا نسائهم وأطفالهم.
| |
| ولهذا أمر [[الأئمة الأطهار]] شيعتهم بحفظ أنفسهم بالعمل بالتقية.{{بحاجة لمصدر}}
| |
|
| |
| ==أقسام التقية في نظر الشارع==
| |
| ===الحكم التكليفي===
| |
| {{مفصلة|الحكم التكليفي}}
| |
| تم تقسيم التقية إلى عدة أقسام من جهة [[الحكم الشرعي |حكمها الشرعي]]، وقد قسمها [[الشيخ المفيد]] إلى التقية [[الواجبة]] {{و}}[[الحرام|المحرمة]] {{و}}[[المستحبات|المستحبة]] {{و}}[[المباح|المباحة]]، فيقول:
| |
| # إذا كان الشخص خائفاً على نفسه فالتقية في هذه الحالة واجبة، أما إذا كان الخوف على المال فقط فالتقية [[مباحات|مباحة]].<ref>المفيد، أوائل المقالات في المذاهب والمختارات، ص 135 - 136.</ref>كما أن مورد التقية [[الواجبات|الواجبة]] وكما حددته [[الروايات]] لايكون إلا في حالة الضرورة والاضطرار،<ref>عبد الله شبر، الأصول الأصلية والقواعد الشرعية، ص 321 - 322.</ref> والشرط المهم في نظر [[الفقهاء]] هو الخوف على النفس أو ماء الوجه أو الأهل والأقارب.<ref>الخميني، المكاسب المحرمة، ج 2، ص 242 - 244.</ref>
| |
| # أما المستحبة فهي معاشرة [[أهل السنة|المخالفين]] من [[المسلمين]] من خلال [[الصلاة]] معهم وزيارة مرضاهم وكما تكون مع غير المسلمين.<ref>الأنصاري، التقية، ص 39 - 40.</ref>
| |
| # والتقية المباحة فيرى [[المفيد]] أنها تتحقق عندما يحصل الخوف عند الإنسان على ماله دون نفسه - كما تقدم - وكذلك [[الفخر الرازي]] يرى مشروعية التقية من أجل حفظ المال.<ref>الفخر الرازي، التفسير الكبير، الآية 28 من سورة آل عمران</ref>
| |
| # أما [[المحرمات |المحرّمة]] فهناك من الأمور ما يرى الشارع حرمة التقية في ما إذا أدت إلى أمور كسفك الدم، وهدم [[الكعبة المشرفة|الكعبة]]، وشرب الخمر، والتخلي عن ضروري من [[ضروريات الدين]].{{بحاجة لمصدر}}
| |
|
| |
| ===الحكم الوضعي===
| |
| {{مفصلة|الحكم الوضعي}}
| |
| لقد حكم الفقهاء بصحة العمل الذي يقوم به الإنسان في وقت التقية، ولاتجب إعادته بعد زوال الظروف التي جعلت الإنسان يتقي مما يخافه، فإذا صلّى [[صلاة]] على خلاف الصلاة الصحيحة مثلاً بسبب التقية، فهذه الصلاة محكوم عليها بالصحة. <ref>الخمینی، تحریر الوسیلة، ج 2، ص200.</ref>
| |
|
| |
| ==الهوامش== | | ==الهوامش== |
| {{مراجع}} | | {{مراجع}} |
|
| |
| ==المصادر والمراجع== | | ==المصادر والمراجع== |
| {{المصادر}} | | {{المصادر}} |