سهو النبي

سهو النبي (ص) من المسائل الكلامية الإسلامية، معناها إمكان صدور الخطأ أو النسيان من النبي (ص)، اتفق علماء الشيعة على نفي السهو والنسيان عن النبي إلا الشيخ الصدوق والسيد المرتضى والطبرسي، فقد ذهبوا إلى جوازه على النبي في شؤونه الحياتية وأنه معصوم في مقام التبليغ فقط، واستدلوا برواية مفادها أن النبي سَهى في صلاته، واعتبر أكثر العلماء النافون للسهو عنه أن هذه الرواية وأمثالها غير معتبرة، وأنَّ السهو لا يجتمع مع النبوة.

تعريفه

سهو النبي مسألة كلامية دارت حولها مناقشات كثيرة وقد تحدث المتكلمون عنها في الكتب الكلامية عند البحث عن العصمة كما تطرق إليها الفقهاء في الكتب الفقهية عند البحث عن السهو في الصلاة.

والمراد بسهو النبي هو إمكان صدور الخطأ أو النسيان منه إما في مجال تطبيق الشريعة يعني «العمل» بالأحكام الشرعية مثل أن ينسى حين صلاته أحد أجزاء الصلاة، وإما في تصرفاته العادية مثل أن يستقرض ألف دينار ويظنّ أنه استقرض مئة دينار؟

آراء مختلفة

ولعلماء الشيعة آراء مختلفة حول هذه المسألة، حيث أن أكثرهم نفوا السهو عن النبي (ص)، إلا أن البعض منهم رأى من الممكن أن يصدر عن النبي خطأ أو سهو عند العمل بالأحكام الشرعية.

الموافقون

وممن جوّز سهو النبي ابن الوليد القمي والشيخ الصدوق والسيد المرتضى والطبرسي.

قبِل الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه هذا الرأي واعتبر المخالفين من الغلاة وأهل التفويض، واعتقد أن النبي معصوم في مجال إبلاغ الدين لكنه في سائر المجالات كأداء الصلاة يكون كسائر الناس العاديين و من الممكن أن يصدر عنه خطأ، وتحدث الصدوق في كتابه عن قصده لتأليف كتاب في إثبات سهو النبي والرد على رأي المخالفين، كما نقل عن أستاذه ابن الوليد أن أدنى مراتب الغلو هو إنكار صدور السهو من النبي

دليل الموافقين

رسالة عدم سهو النبي (ص) من تأليف الشيخ المفيد

واستدل من ذهب إلى إمكان صدور السهو من النبي بالقرآن والروايات، ففي تفسير الآية 68 من سورة الأنعام قال الطبرسي عن رأي الإمامية: وأما النسيان والسهو، فلم يجوّزوهما عليهم (أي على الأنبياء والأئمة) فيما يؤدونه عن الله تعالى، فأما ما سواه فقد جوّزوا عليهم أن ينسوه أو يسهوا عنه، ما لم يؤدِّ ذلك إلى إخلال بالعقل، وكيف لا يكون كذلك، وقد جوّزوا عليهم النوم والإغماء، وهما من قبيل السهو. واستدل الشيخ الصدوق بروايات مفادها أن النبي (ص) قد سهى في صلاته، وقد ذُكرت هذه الروايات في مصادر الشيعة والسنة، منها ما نقله الكليني في الكافي عن الإمام الصادق (ع) أن النبي (ص) سلّم سهواً بعد الركعة الثانية من صلاة الظهر وعندما ذكّره المسلمون أكمل صلاته ثم سجد سجدتَي السهو.

المخالفون

قال الشيخ جعفر السبحاني إن أكثر علماء الشيعة ذهبوا إلى نفي السهو عن النبي، ثم استعرض في كتابه «عصمة الأنبياء» آراء بعض علماء الشيعة المتقدمين كـالشيخ المفيد والعلامة الحلي والمحقق الحلي والشهيد الأول في الرد على هذه النظرية، فذهب إلى أن نظرية سهو النبي غير مقبولة عند الشيعة.

واستشكل المخالفون على هذه نظرية، وقاموا بتصنيف كتب في هذا المجال، منها ما نسبه العلامة المجلسي إلى الشيخ المفيد في بحار الأنوار وقد طبع بعنوان «رسالة في عدم سهو النبي ‏(ص)» وأيضا كتاب «التنبيه بالمعلوم من البرهان عن تنزيه المعصوم من السهو و النسيان» للحر العاملي.

دليل المخالفين

رأي الشيخ المفيد أن الروايات التي استند بها البعض لإثبات سهو النبي هي من الأخبار الآحاد، فيفيد الظن فقط ولا اعتبار بها شرعاً، كما ضعّفها بسبب عدم وجود الاتساق بين هذه الروايات.

ورأي العلامة الحلي في كتابه منتهى المطلب أن سهو النبي محال عقلا وبناءا على ذلك اعتبر هذه الروايات باطلة، وانتهج الشهيد الأول أيضا هذا المنهج في الرد على الروايات.

كتب حوله

• رسالةٌ في عدم سهو النبي (ص)، منسوبة إلى الشيخ المفيد
• نفي السهو عن النبي (ص)، للشيخ ميرزا جواد التبريزي
• رسالة في سهو النبي لمحمد تقي التستري وقد طبعت ضمن كتاب قاموس الرجال في نهاية المجلد الحادي عشر.
• وخصص العلامة المجلسي في المجلد السابع عشرة من كتابه بحار الأنوار، بابا لمسألة سهو النبي (ص).