بيعة العقبة
بيعة العقبة، حدثٌ تاريخيٌّ إسلامي، وهي اسم لبيعتين اثنتين بايع بهما أهلُ يثرب النبي : الأولى في السنة الثانية عشرة من البعثة والثانية في السنة الثالثة عشرة منها، كما تسمى الأولى ببيعة النساء والثانية ببيعة الحرب. ومعنى العقبة: الأكمة أو التل، وهو الموضع الذي بويع فيه النبي مرتين، وهي عَقَبَةٌ بين منى ومكة، وكانت هذه البيعة من مقدمات هجرة النبي والمسلمين إلى يثرب التي سُميت فيما بعد بالمدينة المنورة.
الخروج إلى الطائف
بعد وفاة أبي طالب وخديجة في السنة العاشرة من البعثة النبوية، أشتدّ أذى المشركين على النبي الأكرم، [١] فقرّر الخروج إلى الطائف حيث تسكن قبيلة ثقيف يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يسلموا، [٢] فلم يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، [٣] وعاد النبي إلى مكة. [٤]
النبي(ص) وقبائل العرب
أخذ النبي بتتبع الحجّاج في مِنى، ويسأل عن القبائل قبيلة قبيلة، ويسأل عن منازلهم ويأتي إليهم في أسواق المواسم، وهي: عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، فلم يجيبه أحد، كما جاء في الأخبار من أنّ النبي كان يعرض نفسه على الناس في الموقف ويقول: ألا رجل يعرض عليّ قومه، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربيّ.[٥]
بيعة العقبة الأولى
في السنة الحادية عشرة للبعثة وبعد أن كان النبي يعرض نفسه على القبائل عند العقبة، لقيَ ستة أشخاص من الخزرج من يثرب، هم: أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقُطبَة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله، وقيل: إنّ موضع هذا اللقاء كان بالقرب من تلك العقبة، ومعنى العقبة: الأكمة أو التل، وهو الموضع الذي بويع فيه النبي، وهي عَقَبَةٌ بين منى ومكة، وتبعد عن مكة نحو خمسة كيلو مترات،[٦] وقيل: كان لقائهم في مِنى.[٧]
إسلام الأنصار
عندما لقيَ النبي الأشخاص الستة في العقبة سألهم عن هويتهم، فقالوا له: إنهم من الخزرج، فقال لهم: هل أنتم من حلفاء اليهود ومعاهديهم، فقالوا: نعم، فأخذ النبي يحاورهم، ودعاهم إلى الإسلام وقرأ عليهم القرآن، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم. فلما قدموا المدينة ذكروا لقومهم خبر النبي محمد، ودعوهم إلى الإسلام، حتى إذا كان العام المقبل وافى موسم الحج من الأنصار اثنا عشر رجلاً، فلقوا النبي في العقبة، فبايعوه، وآمنوا وأسلموا.[٨]
نص البيعة
كان مضمون البيعة كما جاء في كتب التاريخ: أنهم أمنوا وأسلموا وبايعوا النبي على أن لا يشركوا بعبادة الله أحداً، ولا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا بالبهتان، وأن يطيعوا الرسول لما فيه خيرٌ لهم، فإن وفوا بهذه البيعة فإنّ الجنة مأواهم، وإن نقضوها فعلى الله حسابهم، إما أن يغفر لهم، أو يعذبهم.[٩]
تسميتها ببيعة النساء
بما أن البيعة نصّت على أن لا تقع حربٌ بين المسلمين والكفار، ولأنّ الحرب من شؤون الرجال سُميت ببيعة النساء، [١٠] وقيل: سُميت ببيعة النساء لحضور عفراء ابنة عبيد بن ثعلبة من بين عِداد المبايعين، وكانت أول امرأة تبايع النبي.[١١]
إرسال مصعب بن عمير
بعد هذه البيعة بعث رسول الله مُصعب بن عُمير معهم؛ ليعلمهم القرآن، [١٢] وقيل: إنّ إرسال مُصعب كان بعد بيعة العقبة الثانية. [١٣]
بيعة العقبة الثانية
رجع مُصعب بن عُمير إلى مكة في السنة الثالثة عشرة للبعثة، واجتمع في العقبة، وخرج اثنان وسبعون رجلاً وامرأتان، وحضر العباس عمّ النبي معه، فقال للمجتمعين: إنّ محمداً منّا حميناه ما في وسعنا، وهو يريد الآن أن يأتيَ إليكم، فإن كان باستطاعتكم حمايته فحسناً، وإلا فخلّوه بيننا، فقالوا: نحن نبايعه ونعاهده أن نحارب من حاربه، ونسالم من سالمه.[١٤]
خروج اثني عشر نقيباً
بعد هذه البيعة اختار النبي من بينهم اثني عشر رجلاً جعلهم نقباء عليهم، ثم أصبحت هذه البيعة مقدمة لهجرة النبي إلى يثرب.[١٥]
تسميتها ببيعة الحرب
كان سبب تسميتها ببيعة الحرب؛ لأنّ البيعةَ فيها كانت على القتال، والذي لم يكن شرطاً في البيعة الأولى.[١٦]
رد فعل قريش على البيعة
لمَّا علمت قريش بالبيعة، ذهب زعماء مكة إلى أهل يثرب للاحتجاج على البيعة، ولكنّ مشركو الخزرج كانوا لا يعرفون شيئاً عن هذه البيعة، فأنكروا ذلك، ولمّا عادَ زعماء مكة تأكدوا من صحة الخبر، فطاردوا المسلمين المبايعين، فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو، فأما المنذر فاستطاع الهروب، وأما سعد فأخذوه فربطوا يديه إلى عنقه، ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه، فجاء جبير بن مطعم والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم، حيث كان بينهما وبين سعد تجارة وجوار.[١٧]
وصلات خارجية
- أُقتبست هذه المقالة من دائرة معارف العالم الإسلامي مع الإضافة
الهوامش
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 343.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 266-269.
- ↑ رمضان البوطي، فقه السيرة النبوية، ص 100.
- ↑ أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج 4، ص 235.
- ↑ العسقلاني، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج 7، ص 260.
- ↑ ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 693.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، ص 218.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 353.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية،ج 1، ص 289-291.
- ↑ السهيلي، الروض الأنف، ج 4، ص 70.
- ↑ حسن ابراهيم، تاريخ الإسلام، ج 1، ص 95.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 357.
- ↑ البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، ج 1، ص 277.
- ↑ البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، ج 1، ص 277.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، ص 221.
- ↑ البلاذري، جمل من أنساب الأشراف، ج 1، ص 277.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 229.
المصادر والمراجع
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط 1، 1329 هـ.
- البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، دار المعارف، مصر، ١٩٥٩ م.
- ابن سعد الزهري، محمد، الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت-لبنان، د. ط، 1405 هـ.
- ابن هشام، السيرة النبوية، ط. سهيل زكّار، بيروت-لبنان، 1412 هـ.
- الحسن، ابراهيم، تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي، ط. أوفست، بيروت- لبنان، 1383 هـ.
- السهيلي، عبد الرحمن، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، ط. عبد الرحمن وكيل، القاهرة، 1389 هـ.
- الحموي، ياقوت، معجم البلدان، ط. أوفست، طهران -ايران، 1384 هـ.
- العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، مكتبة مصر، ط 1، 1421 هـ.
- ابن حنبل، أحمد، مسند احمد بن حنبل، مؤسسة الرسالة، بيروت-لبنان، د. ط، د. ت.
- البوطي، محمد رمضان، فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، دار الفكر، دمشق-سوريا، ط 25، 1426 هـ.