الجفر والجامعة، كتابان أملاهما رسول الله على أمير المؤمنين . وهما محفوظان عند الأئمة فقط، ويحتوي كتاب الجفر على جميع الأحكام الّتي يحتاجها الناس من أكبرها إلى أصغرها حتّى دية الخدش الصغير.
وأما كتاب الجامعة فهو شامل لأخبار الماضي والمستقبل إلى يوم القيامة، وكذلك تأويل جميع الآيات، وذكر فيه جميع أسماء الأوصياء الإلهيين، وقد رأى هذا الكتاب الكثير من الأفراد الّذين يعتمد على قولهم فيما ادعوه.
الجفر في اللغة والاصطلاح
الجفر كلمة عربية بمعنى النعجة الصغيرة أو المعزة، وهو ما قد صارله بطن وسعة جوف وأقبل على الاكل،[١] ويطلق كذلك على الطفل الرضيع، وكذلك يطلق على ابن الناقة، وكذلك يطلق على جلد الخروف أو جلد البقرة كما عن بعض الروايات.[٢] وفي الاصطلاح هو كتابٌ أملاه رسول الله (ص) في أواخر حياته على الإمام علي بن أبي طالب (ع) و قد جُمع هذا الكتاب في جلد شاة.[٣]
محتواه
ورد في الروايات أن هذا الكتاب يحتوي على أخبار المستقبل إلى يوم القيامة،[٤] وقد ورد عن الإمام الكاظم (ع): لا يستطيع أحد أن يطلع على محتوى هذين الكتابيين، إلا إذا كان نبي أو وصي نبي، ولإن الأنبياء قد ختموا بمحمد (ص)، فهما من امتيازات أوصياء النبي ص).[٥]
الجفر الأبيض والأحمر
تدل بعض الروايات على وجود كتابيين لدى الأئمة باسم الجفر:
- الأول:الجفر الأبيض
- الثاني :الجفر الأحمر.[٦]
والمستفاد من بعض الروايات أن هذين الكتابيين بالإضافة إلى سيف النبي (ص) ينتقلان من إمام إلى إمام، وهذه الأشياء الآن عند الإمام المهدي (عج).[٧] وتدل بعض الروايات أن وجود السيف وهذه الأشياء عند الشخص تكون دليلاً على إمامته،[٨]فهذه الأشياء مثلها مثل التابوت في بني إسرائيل إذ من يكون عنده التابوت فهذه علامة النبوة فيه.[٩]
الجفر في كتابات أهل السنة
ينسب كتاب الجفر في كتب أهل السنة إلى الإمام الصادق (ع) كما هو المنقول عن ابن خلدون.[١٠]
أما ابن قتيبة فيقول إن الروافض (الشيعة) يدعون أن عندهم كتاب يختص بالعلم الباطني.[١١]
أما بشر بن المعتمر الهلالي (المتوفى 226 هـ) رئيس المعتزلة في بغداد فإنه يطعن الشيعة بإدعائهم وجود كتاب الجفر.[١٢]
ويقول أبو زهرة: إن فكرة الجفر راجعة إلى مذهب الخطابية أحد فرق الشيعة الإمامية الاثني عشرية،[١٣] ولكن من خلال التوجه إلى الحركات المغالية كحركة أبي الخطاب الأسدي الداعي إلى الخطابية، فإن الإمام الصادق (ع) قد تبرأ منه في حضور أصحابه، ولم يؤيد أئمة الشيعة إطلاع الخطابية على الجفر.[١٤]
في المغرب
ينقل إنّ كتاب الجفر كان موجوداً عند عبد المؤمن المراكشي في المغرب العربي،[١٥]كما نقل ابن خلكان إن ابن توميرت (المتوفى 524 هـ) أخذ مطالب هذا الكتاب من عبد المؤمن المراكشي.[١٦]
ونقل ابن أبي أصيبعة في كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء قصيدة منسوبة إلى ابن سينا أورد فيها أخبار عن المستقبل بالاعتماد على النجوم وكتاب الجفر المنسوب لأمير الؤمنين علي بن أبي طالب.[١٧]
كتاب الجامعة عن علي بإملاء رسول الله
الجامعة عنوان لكتاب يروى عن علي (ع) بإملاء رسول الله (ص)،[١٨] وعلى رأي بعض علماء الشيعة فإنهم يرون أنّ هذا الأثر أول كتاب حديثي.[١٩] وتشير بعض الروايات والأقوال أنّ هذا الكتاب هو المسمى بـكتاب علي[٢٠] أو بالصحيفة،[٢١] فهذه العناونين تحكي كتاباً واحداً.
خصائص الكتاب
من خلال الاعتماد على الروايات الواردة في وصف هذا الكتاب بعناوينه المختلفة يمكن تسجيل خصيصتين:
- الأولى: إنّ هذا الكتاب هو إنشاء علي(ع) وبإملاء من رسول الله(ص).[٢٢]
- الثانية: إن محتوى هذا الكتاب كل أحكام الحلال والحرام التي يحتاجها الناس في كل الأزمان والأعصار حتى إرش الخدش البسيط،[٢٣] ولعل شموليته هي التي جعلت من اسمه الجامعة.
الكثير من الأفراد رأوا كتاب الجامعة
إن أهم ما يميز كتاب الجامعة عن الكتب الأخرى المنسوبة إلى أمير المؤمنين(ع): إن هذا الكتاب قد شوهد من قبل أفراد متعددين. ولكن كتاب الجفر لايراه إلا نبي أو وصي نبي، كما جاء في الأخبار الوارد عن أهل البيت.[٢٤]
يقول عبد الحليم الجندي: إن المنصور العباسي قد رأى هذا الكتاب (أي: الجامعة)،[٢٥]كما أنّ بعض الرواة وفقوا لرؤية هذا الكتاب كـ أبي بصير المرادي[٢٦] وعبدالملك بن أعين[٢٧] وزرارة بن أعين[٢٨] ومحمد بن مسلم[٢٩] ومعتٌب[٣٠] ووهب بن عبدالله.[٣١]
تحليل الجفر والجامعة في منقولات أهل السنة
ذهب بعض أهل السنة إن هذين الكتابين عبارة عن العلم الإجمالي على نحو كلي أو جزئي بالنسبة لعلوم الماضين أو الأحداث التي ستقع، فبناءًا عليه فهو عبارة عن لوح القضاء (أي: العقل الكلي) أو لوح القدر(أي: النفس الكلية).[٣٢]
الهوامش
- ↑ الفراهيدي، العين، ج 6، ص 110؛ الفيومي، المصباح المنير، ص 57 ــ 58.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 1، ص 241.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 1، ص 239.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 51، ص 220.
- ↑ الصفار القمي، بصائر الدرجات في فضائل آل محمد(ص)، ص 158 - 159.
- ↑ الإربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة، ج 2، ص 382.
- ↑ العاملي، حقيقة الجفر عند الشيعة، ص 125 - 133.
- ↑ الصدوق، عيون أخبار الرضا، ص 192 - 193.
- ↑ العياشي، تفسير العياشي، ج 1، ص 249.
- ↑ ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ج 1، ص 416.
- ↑ ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث، ص 48 - 49.
- ↑ الجاحظ، كتاب الحيوان ج 6، ص 289.
- ↑ أبو زهرة، الإمام الصادق حياته وعصره، ص 28 و98.
- ↑ القاضي، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام، والقضايا والحكام، ج 1، ص 49 - 50.
- ↑ المركشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، ص 180.
- ↑ ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 5، ص 48.
- ↑ ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ص 454 - 457.
- ↑ الكافي، الكليني، ج 1، ص 239.
- ↑ الصدر، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، ص 279.
- ↑ الطوسي، الإستبصار، ج 1، ص 251، ج 2، ص 64.
- ↑ الصفار القمي، بصائر الدرجات.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 26، ص 23 - 25.
- ↑ الصفار القمي، بصائر الدرجات في فضائل آل محمد(ص)، ص 143 ــ 152.
- ↑ القطب الراوندي، الخرائج والجرائح، ج 2، ص 897.
- ↑ الجندي، الإمام الصادق، ص 200.
- ↑ بصائر الدرجات في فضائل آل محمد (ص)، ص 143
- ↑ الصفار القمي، بصائر الدرجات، ص 153.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 7، ص 94 - 95.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 6، ص 219 - 220.
- ↑ الصفار القمي، بصائر الدرجات، ص 145.
- ↑ ابن بطريق، عمدة عيون صحاح الأخبار ،ص 314.
- ↑ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، ج 1، ص 591.
المصادر والمراجع
- ابن أبي أصيبعة، أحمد بن القاسم، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق: نزار رضا، بيروت، دار مكتبة الحياة، د.ت.
- ابن بطريق، يحيى بن الحسن، عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار، قم، د.ن، 1407 هـ.
- ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، تاريخ ابن خلدون، بيروت، دار الفكر، ط 2، 1408 هـ/ 1988 م.
- ابن خلكان، أحمد بن محمد بن إبراهيم، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، بيروت، دار صادر، ط 1، 1994 م.
- ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، تأويل مختلف الحديث، د.م، د.ن، د.ت.
- أبو زهرة، محمد، الإمام الصادق حياته وعصره آراؤه وفقهه، القاهرة، دار الفكر العربي، د.ت.
- الإربلي، علي بن عيسى، كشف الغمة في معرفة الأئمة، بيروت، د.ن، 1401 هـ/ 1981 م.
- الجاحظ، عمر بن بحر، الحيوان، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت، د.ن، 1384 هـ/ 1965 م.
- الجندي، عبد الحليم، الإمام جعفر الصادق، القاهرة، د.ن، 1397 هـ/ 1977.
- الصدر، حسن، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، بغداد، د.ن، د.ت.
- الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 1، 1404 هـ/ 1984 م.
- الصفار القمي، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات، طهران، مؤسسة الأعلمي، 1404 هـ.
- الطوسي, محمد بن الحسن، الإستبصار، طهران، د.ن، 1390 هـ.
- العاملي، أكرم بركات، حقيقة الجفر عند الشيعة، بيروت، دار الصفوة، ط 1، 1416 هـ/ 1995م.
- العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العيّاشي، طهران، المطبعة العلمية، ط 1، 1380 هـ.
- الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين، قم، مؤسسة دار الهجرة، 1409 هـ.
- الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير، المكتبة العصرية، بيروت ــ لبنان، 2014م ــ1435هـ.
- القاضي، نعمان بن محمد، دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام، تحقيق: آصف بن علي أصغر الفيضي، القاهرة، دار المعارف، 1383 هـ/ 1963 م.
- القطب الراوندي، سعيد بن عبد الله، الخرائج والجرائح، تحقيق: السيد محمد باقر الموحد الأبطحي، قم، مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام، ط 1، 1409 هـ.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، د.م، دار الكتب الإسلامية، ط 3، 1388 هـ.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
- المركشي، عبد الواحد بن علي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، القاهرة، طبعة محمد سعيد عريان، 1368 هـ/ 1949 م.
- حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون بيروت، دار الكتب العلمية، د.ت.