التجلي

من ويكي شيعة
معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية


التجلي، مصطلح مهم في مجال التصوّف والعرفان، وورد بمعنيين: التجلّي السلوكي، والتجلّي الميتافيزيقي ( معرفة الوجود )، حيث إنّ التجلّي في المعنى الأول هو انكشاف الذات والصفات والأفعال الإلهية لباطن السالك، ولكن في المعنى الثاني عالم الوجود هو تجلّي الحقّ سبحانه لنفسه. ويعود استخدام مصطلح التجلّي إلى القرآن الكريم وبعض الأحاديث، كما في سورة الأعراف حين تجلّى الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام ولجبل الطور. وما يُقابل مفهوم التجلّي هو الستر والاستتار، أي: أنّ ظهور الصفات البشرية والانشغال بها يؤدي لعدم رؤية الحقّ تعالى، وهذا الاستتار هو عالم الشهادة.

معنى التجلي

لغة

التجلّي بمعنى الكشف والظهور، وتجلّى فلان مكان كذا، أي: علاه، وتجلّى ربّي، أي: ظهر ربي.[١] [٢]

اصطلاحاً

التجلّي هو: توالي الأنوار على القلب‏ من غير أن يتخللها ستر ولا انقطاع، كما تصبح الليلة المظلمة نهاراً إذا أتصل بها البرق، فكذلك القلب إذا تجلّت له الأنوار‏، فلا ليل له.[٣] وورد التجلّي في العرفان الإسلامي بمعانٍ عدّة، منها: ذاتيٌّ وصفاتي. [٤]

وما يُقابل مفهوم التجلي هو الستر والاستتار، وهو حاجز وحجاب الصفات البشرية الذي يحول بين السالك ورؤية الغيب، أي: أنّ ظهور الصفات البشرية والانشغال بها يؤدي لعدم رؤية الحقّ تعالى، وهذا الاستتار هو عالم الشهادة. أي: رؤية غير الحقّ تُوجب استتار الحقّ، ورؤية الحقّ موجبة لاستتار الأشياء وعدم رؤيتها.[٥]

في القرآن والروايات

يعود استخدام مصطلح التجلّي إلى القرآن الكريم وبعض الأحاديث، كما مُبيَّن في سورة الأعراف عندما تجلّى الله تعالى للنبي موسىعليه السلام ولجبل الطور:﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ.[٦] وورد في حديثٍ عن الإمام الصادقعليه السلام إنّ الله تعالى يتجلّى للناس في كلامه، ولكنهم لا يرَون.[٧]

أنواع التجلي

ورد التجلّي في العرفان الإسلامي بمعنيين:

الأول: التجلي السلوكي

التجلّي في هذا المعنى، هو: منشأ الأحوال والمراتب الصوفيّة، وأساساً ينشأ السلوك الذي بدايته الإرادة (أن يكون مُريداً) من تجلّي إرادة الحقّ والرغبة لدى المُريد، وتختم نهاية السلوك بالفناء والبقاء، (من خلال التجلّي الذاتي، بالزهد والرياضة - اجتهاد ومرارة السالك في ايجاد الحقيقة - فلولا التجلّي فإنّ حب الدنيا والتعلّق بها لن يُنتزع من القلب)، بمعنى: ظهور الحقّ تعالى على قلب السالك.[٨]

ومن هنا يرتبط التجلّي ارتباطاً تاماً بالكثير من المصطلحات الصوفيّة كالأنس، والهيبة، والفناء، والبقاء، والحضور، والمكاشفة، والوجد، والمحو، والطمس، والمحق، واللوامع، والبوارق، والطوالع، والشطح، والإنسان الكامل.[٩]

وفي أحاديث المتصوّفة المتقدّمين ارتبط التجلّي بالنور والإشراق والرؤية التي هي رموز بصريّة، وارتبط أيضاً بمفهوم القلب، ومن جملة ذلك قالوا: إنّ التجلّي هو سطوعٌ لنور الحقّ تعالى على قلوب المقبلين [١٠]، وقالوا أيضاً: إنّ التجلّي هو رفع الحجاب بين العبد والحقّ تعالى عن طريق غياب الصفات البشرية.[١١]

الثاني: التجلي الميتافيزيقي ( معرفة الوجود )

بعد أنّ كان مصطلح التجلّي قبل مرحلة ابن عربي مفهوماً سلوكياً، أي: إزالة الحجب وظهور أفعال وصفات وذات الحقّ تعالى، قد بُدّل التجلّي في مدرسة ابن عربي إلى جانب الدور السلوكي بنظرية معرفة الوجود التي أخذت على عاتقها توضيح نظام الكون وطريقة ارتباط الحقّ بالخلق وربط الكون ذا الرسوم الكثيرة بوحدة الحقّ المطلق. إنّ هذا المفهوم حول معرفة الوجود موجودٌ عند الصوفيّة بشكل بسيط، لكن ابن عربي واتباعه ارتقوا بالتجلّي عن كونه مصطلحاً وعدّوه نظرية، أي: نظرية التجلّي تكمّل نظرية وحدة الوجود[١٢]

مراتب التجلي

  • عدّ العرفانيون أنه ثمّة ثلاثة أنواع ترتيبية للتجلّي، في البداية تتجلّى للسالك أفعال الحقّ، وبعدها صفاته، وفي النهاية ذات الحقّ، لأنّ الأفعال هي آثار للصفات، وصفات الحقّ تندرج في ذاته. وتتمايز شهود مراتب التجلّي الثلاثة فيما بينها أيضاً، فشهود التجلّي الذات تُدعى المشاهدة، وشهود تجلّي الصفات تُعرف بالمكاشفة، أما المحاضرة فتُقال لشهود تجلّي الأفعال.[١٣]
  • أما طبقاً لمدرسة ابن عربي، فإنّ الحقّ تعالى المطلق المتعال غير المحددة ذاته (مرتبة الذات) لا يتجلّى بأيّ شكل، ولذلك هو غير قابل للإدراك، ويطلق على هذه المرتبة حضرة الأحدية وغيب الغيوب أو الغيب المطلق الخالي من أيّ تعيّن.[١٤] وأما تجلّي الذات بالذات (التجلّي الذاتي) هو أوّل تجلٍّ للحقّ، وهذا التجلّي مبدأ ظهور النفس الرحمانيّ، والفيض الأقدس هي التسمية الأخرى له، ويقال أيضاً لهذه المرتبة الحضرة الواحدية. وبرأي ابن عربي واتباعه يتجلّي الحقّ تعالى في خمس مراتب أو حضرات تسمّى بالحضرات الخمس.[١٥]

تقسيمات أخرى للتجلي

قُسّم التجلّي عند العرفانيين والمتصوفين إلى عدّة أقسام:

عند بعض الصوفيّة

قسم الصوفيّة التجلّي إلى نوعين:

الأول: التجلّي الروحاني ، للروح تجليات قد يتخيّل السالك خطأً أنها تجليات الحقّ تعالى وفي هذه الحالة، فإنّ التقدّم في السنّ ضروريٌ لإرجاع السالك عن ضلاله. ففي التجلّي الروحاني تُلغى الصفات البشرية والشكّ والشبهة بشكل مؤقّت، ولكنها لا تزول بشكل كامل حتى أنّ من الممكن في التجلّي الروحانيّ أن تكسب النفس شيئاً، كالعلم والقدرة، فيُخدع السالك بأنها تجليات ربانيّة.

الثاني: التجلّي الرباني، وفيه يحلّ العدم مكان الوجود ويزداد الخوف والطلب.[١٦]

عند بعض العرفانيين

قسّم بعض العرفانيين تجلّي الحقّ تعالى للسالكين إلى أربعة أنواع:[١٧]

الأول: التجلّي الصوري (بالآثار)، وهو رؤية الحقّ تعالى في الظواهر الكونية المرئية، ويتعلّق هذا النوع بمرتبة الربوبية.

الثاني: التجلّي النوري، وهو رؤية الحقّ تعالى في صفة من الصفات الفعلية بشكل نورانيّ مصبوغ بالألوان كالأخضر والأحمر والأصفر والأبيض، ويرتبط هذا التجلّي بمرتبة المرحمة.

الثالث: التجلّي المعنوي، (بالصفات) ويعني أنّ الله يتجلّى من خلال صفاته السبع (الحياة، العلم، القدرة، الإرادة، السمع، البصر، الكلام ). ويرتبط هذا التجلّي بمرتبة الرحمانية.

الرابع: التجلّي الذوقيّ، (الذاتي) المرتبطة بمرتبة الإلوهية وفيه يفنى علم السالك وإدراكه وشعوره.

عند ابن عربي

محي الدين ابن عربي
محي الدين ابن عربي

قسّم ابن عربي التجلّي إلى نوعين:[١٨]

الأول: التجلّي الذاتيّ وقد قٌسّم أيضاً إلى نوعين: التجلّي الربانيّ والتجلّي الإلهي، والتجلّي الربانيّ كما حدث لموسىعليه السلام وسقوط الجبل، فقد بقي وجودهما على الرغم من تلاشي الجبل وإغماء موسىعليه السلام، أما التجلي الإلهي فقد أُختص به الرسول الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم ، فإنّ وجوده على أثر هذا التجلي فُنيَ في الذات الإلهية.

الثاني: التجلّي الصفاتيّ وقد قُسّم أيضاً إلى نوعين: جماليّ وجلاليّ، وكل نوع يُقسّم إلى ذاتيّ وفعليّ.

ذات صلة

التجليات الإلهية، كتابٌ عرفانيّ باللغة العربية لمحي الدين بن عربي عن التوحيد وتجلياته، فعُدّ كتاب التجليات الإلهية لا نظير له بين مؤلفات ابن عربي بسبب أسلوبه الخاص في تأدية المعنى وتصوير الأفكار، وقيل: إنّ من الممكن مقارنته من الناحية الأدبية برسالة الغفران لأبي العلاء المعريّ. في هذا الكتاب طُرح موضوع التجلّي بشكل متفرّق وبإيجاز، أمّا مواضيع التوحيد فجاءت تحليلية ومفصلة، وقال فيه: أنّ مشايخ الصوفية بأفكارهم وإرادتهم وحسّهم وذوقهم وطؤا بإخلاص ساحة التوحيد لكنهم لم يوفقوا بارتقاء مراتبها العليا. كما أوصى ابن عربي في كتابه القارئ بالابتعاد عن الملذات المؤدية إلى الحجب، والتيقّن بالعلم الذي هو بالنسبة إليه أشرف مقام وسببٍ لعبودية الإنسان.ولهذا الكتاب شروحٌ وتعليقات، كما أنه طُبع لأوّل مرّة في عام 1367 هـ.[١٩]

وصلات خارجية

أُقتبست هذه المقالة من دائرة معارف العالم الإسلامي.

الهوامش

  1. ابن منظور، لسان العرب، ج 14، ص 149.
  2. الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص 200.
  3. ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج ‏11، ص 137.
  4. محمد الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، ج ‏19، ص 288.
  5. عزّ الدين الكاشاني، مصباح الهداية ومفتاح الكفاية، ص 129.
  6. سورة الأعراف: 143.
  7. ابن عربي، الـفتوحات المکیة، ج 2، ص 694.
  8. ابو نصر سرّاج، اللمع في التصوف، ص 363.
  9. ابن عربي، الفتوحات المكية، ج 1، ص 32.
  10. ابو نصر سرّاج، اللمع في التصوف، ص 363.
  11. عزّ الدين الكاشاني، مصباح الهداية ومفتاح الكفاية، ص 129.
  12. .جلال الدين مولوي، مثنوي معنوي، ج 1، ص 71.
  13. عزّ الدين الكاشاني، مصباح الهداية ومفتاح الكفاية، ص 131.
  14. ابن عربي، الفتوحات المكية، ج 1، ص 207.
  15. عبد الرحمن الجامي، نقد النصوص في شرح نقش الفصوص، ص 114.
  16. النجم الرازي، مرصاد العباد، ص 316- 319.
  17. محمد اللاهيجي، مفاتيح الإعجاز في شرح غلشن الأسرار، ص 150-151.
  18. النجم الرازي، مرصاد العباد، ص 321 -327.
  19. عثمان يحي، مؤلفات ابن عربي، ص 56-57.


المصادر والمراجع

  • ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت-لبنان، الناشر: دار الفكر، ط 3، 1414 ق.
  • الراغب الأصفهاني، حسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن، بيروت- لبنان، الناشر: دار العلم، ط 1، 1412 هـ.
  • ابن ابي الحديد، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة، قم-ايران، الناشر: مكتبة آية الله المرعشي، ط 1، 1404 ق.
  • الزبيدي، محمد مرتضى حسين، تاج العروس من جواهر القاموس، بيروت ـ لبنان، الناشر: دار الفكر، 1414 هـ.
  • ابو نصر السرّاج، عبد الله بن علي، اللمع في التصوف، طهران-ايران، طبعة رينولد آلن نیکلسون، 1332 هـ.
  • المولوي، جلال الدین محمد، مثنوي معنوي، تهران-ايران، طبعة رینولد آلن نیکلسون، 1360 ش.
  • الجامي، عبد الرحمن بن أحمد، نقد النصوص في شرح نقش الفصوص، طهران-ايران، طبعة ويليـام چيتيك، 1370 ش.
  • اللاهيجي، محمد بن يحيى، مفاتيح الإعجاز في شرح غلشن الأسرار، طهران-ايران، طبعة كيوان سميعي، 1337 ش.
  • عزّ الدين الكاشاني، محمود، مصباح الهداية ومفتاح الكفاية، طهران ايران، الناشر: مطبعة جلال الدين، 1367 ش.
  • نجم الرازي، عبد الله بن محمد، مرصاد العباد، طهران-ايران، طبعة محمد أمين، 1352 ش.
  • محي الدين ابن عربي، محمد بن علي، الفتوحات المكية، بيروت-لبنان، الناشر: دار صادر، د. ط. ت.
  • يحيى، عثمان إسماعيل، مؤلفات ابن عربي، مصر، 1413 هـ.