انتقل إلى المحتوى

الأعواض

هذه الصفحة تخضع حاليًّا للتوسيع أو إعادة هيكلة جذريّة.
من ويكي شيعة
المعاد

الأعواض، جمع "عِوض"، بمعنى المكافأة التي يمنحها الله لعباده بسبب الألم والمعاناة التي ابتلوا بها منه. من وجهة نظر المتكلمين، يجب أن يكون العوض أو المكافأة أعظم من الشرور والألم، بحيث يرضى كل عاقل بتحمل ذلك الألم مقابل تلك المكافأة.

بحسب رأي غالبية المتكلمين العدلية، فإن إعطاء الله للعوض واجب ويستند إلى استحقاق الشخص المصاب؛ لكن وفقًا لرأي الشيخ المفيد، بما أن في الألم والمصيبة مصلحة، فإن الإنسان لا يستحق العوض، بل يمنحه الله من باب التفضل واللطف. ويشمل إعطاء العوض من الله الكفار أيضًا، وقد يكون العوض في الدنيا أو في الآخرة.

تُطرح مسألة الأعواض في الكتب الكلامية ضمن مباحث الشر والعدل الإلهي، إلى جانب أن بعض علماء الشيعة ألّفوا كتبًا خاصة حول أجر المصائب والمحن، ومن أشهرها كتاب مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد من تأليف الشهيد الثاني.

التعريف والمكانة

الأعواض، مصطلح كلامي بمعنى العِوض أو البدل أو المكافأة التي يمنحها الله لأولئك الذين أصابتهم مصيبة غير مرغوبة في الدنيا.[١] تشمل الأعواض الأشخاص الأبرياء مثل الأطفال، والمجانين، والمؤمنين، والأنبياء، وأولياء الله.[٢]

يُطرح موضوع الأعواض في الكتب الكلامية ضمن باب العدل الإلهي، تحت مبحث الشر والآلام الابتدائية (البلاء غير المرغوب فيه أو الشرور الطبيعية)، أو بعد مبحث الانتقام الإلهي (الإنصاف من الظالم).[٣] ويعتقد بعضهم أن الأعواض قد ورد ذكرها في القرآن[٤] والروايات.[٥] في المقابل، يرى بعض الباحثين أن خلفية مبحث الأعواض غير واضحة، وأن المقصود بجبر الآلام والمعاناة في الروايات هو الثواب والمكافأة فحسب.[٦]

يرى المتكلمون العدلية أن الله لا يظلم، ولذلك فإن من الواجب عليه أن يعوّض ويكافئ من ابتُلوا بالبلاء دون اختيار منهم.[٧] وقد ذهب معظم علماء الإمامية والمعتزلة إلى أن وجوب العوض قائم على استحقاق الشخص المبتلى.[٨] أما الشيخ المفيد، فيرى أن إعطاء العوض للمبتلين هو من باب التفضل واللطف الإلهي، لا من باب "الاستحقاق".[٩] ويعتقد أن في البلاء مصلحة تعوّض الألم، وأن الله يمنح الإنسان مكافأة وثوابًا مقابل ذلك.[١٠] وقد ورد في النصوص الدينية أحيانًا تصريح باستحقاق الإنسان للمكافأة الإلهية، وأحيانًا أخرى يُعزى كل ثواب إلى لطف الله وكرمه وتفضله. [ملاحظة ١] اعتبر الإمام الصادق(ع) في رواية له أنّ الشدائد عند الموت للمؤمن تهدف إلى تطهيره من الذنوب، ليكون مستحقًا للثواب في الآخرة دون عائق.[١١]

أما الأشاعرة، فلا يرون أنّ الله ملزم بإعطاء العوض للذين ابتُلوا بالمصائب.[١٢]

الموارد والأحكام

يرى المتكلمون أنه إذا نزل بلاء على شخص دون أن يرتكب ذنبًا، أو إذا فُقدت منفعة أحد لصالح منفعة آخر، أو إذا تعرض شخص لأذى عقلي أو نفسي دون أن يكون مسؤولًا عنه، فإن من الواجب على الله أن يمنح العوض للمستحق ويجبر الضرر.[١٣] وبحسب رأيهم، في الحالات التي يكون فيها العوض أو المكافأة على عاتق الله (الشرور الطبيعية)، يجب أن تكون المكافأة أعظم من الشرور والألم، بحيث يرضى بها كل عاقل؛ وإلا فإن العوض لا فائدة منه ويُعد عبثًا.[١٤] أما إذا كان العوض على عاتق طرف آخر (الشرور الأخلاقية)، فلا يشترط أن يكون أعظم من الألم، بل يكفي أن يكون مساويًا له.[١٥]

وقد اعتبر بعضهم أن قتل الحيوانات لأجل الذبح يستوجب العوض أيضًا.[١٦] بحسب ما ذكره بعض المتكلمين مثل حمصي الرازي، فإن جبر الآلام أو ما يُعرف بالأعواض لا يقتصر على المسلمين، بل يمنح الله الكفار أيضًا عوضًا.[١٧] وقد ذكر بعضهم، منهم الفاضل المقداد، أن هذا العوض قد يكون في الدنيا أو في الآخرة.[١٨] أما بخصوص ما إذا كان هذا العوض دائمًا أو مؤقتًا، فهناك اختلاف في الرأي.[١٩]

الدراسات المستقلة

إلى جانب ما ورد في كتب علم الكلام، ألّف بعض علماء الشيعة كتبًا خاصة حول أجر المصائب والمحن في الحياة، ويمكن الإشارة إلى عدد منها:

  • تسلية الحزين من فقد الأقارب والبنين، تأليف الشيخ صالح البحراني، المتوفى سنة 1281هـ
  • تسلية الفؤاد في فقد الأولاد، تأليف السيد عبد الله شبر
  • تسلية الملهوفين وتسكين المغمومين، تأليف الميرزا أبو القاسم بن الميرزا كاظم الموسوي الزنجاني، المتوفى سنة 1292هـ)[٢٠]

الهوامش

  1. القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، 1422هـ، ص494.
  2. فصيحي، "الأعواض"، ص343؛ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، 1422هـ، ص494.
  3. الشيخ الصدوق، التوحيد، مؤسسة النشر الإسلامي، الباب 61؛ فصيحي، "الأعواض"، ص343.
  4. انظر على سبيل المثال: سورة البقرة، الآيات 155–157.
  5. فصيحي، "الأعواض"، ص343.
  6. إحساني، "نقد ودراسة فكرة تأثر متكلمي الإمامية في القرنين الرابع والخامس بالمعتزلة في العدل الإلهي"، ص100–101.
  7. العلامة الحلي، تسليك النفس، 1426هـ، ص176؛ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، 1422هـ، ص494.
  8. السيد المرتضى، الذخيرة في علم الكلام، 1411هـ، ص239؛ العلامة الحلي، كشف المراد، 1413هـ، ص332؛ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، 1422هـ، ص494.
  9. الشيخ المفيد، تصحيح الاعتقاد، 1414هـ، ص103.
  10. الشيخ المفيد، تصحيح الاعتقاد، 1414هـ، ص103.
  11. الشيخ الصدوق، الاعتقادات، ج1، ص54.
  12. البغدادي، أصول الدين، 1417هـ، ص388–389؛ الطوسي، تلخيص المحصل، 1405هـ، ص341.
  13. الفاضل المقداد، اللوامع الإلهية، 1424هـ، ص220؛ رباني گلپايگاني، إيضاح المراد، 2003م، ص332–333.
  14. انظر على سبيل المثال: العلامة الحلي، كشف المراد، 1413هـ، ص339؛ الفاضل المقداد، النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر، 1991م، ص33.
  15. العلامة الحلي، كشف المراد، 1413هـ، ص339.
  16. الفاضل المقداد، اللوامع الإلهية، 1424هـ، ص220؛ رباني گلپايگاني، كشف المراد، 2003م، ص332–333.
  17. حمصي الرازي، المنقذ من التقليد، 1412هـ، ج1، ص341؛ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، 1422هـ، ص503–504.
  18. الفاضل المقداد، النافع يوم الحشر، مؤسسة المعارف الإسلامية، ص90؛ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، 1422هـ، ص498.
  19. السيد المرتضى، شرح جمل العلم والعمل، 1414هـ، ص118–119؛ القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، 1422هـ، ص494.
  20. مختاري، مسكن الفؤاد وترجماته الفارسية، 1988م.

الملاحظات

  1. يقول الإمام السجاد(ع) في فقرة من دعاء أبي حمزة الثمالي إنّ استجابة الدعاء وتأثيره من قِبل الله لا يكون بناءً على استحقاق الداعي، بل هو نتيجة كرم الله وربوبيته: «وَ جَعَلْتُ بِکَ اسْتِغَاثَتِی وَ بِدُعَائِکَ تَوَسُّلِی مِنْ غَیْرِ اسْتِحْقَاقٍ لاسْتِمَاعِکَ مِنِّی وَ لا اسْتِیجَابٍ لِعَفْوِکَ عَنِّی بَلْ لِثِقَتِی بِکَرَمِکَ وَ سُکُونِی إِلَی صِدْقِ وَعْدِکَ وَ لَجَئِی إِلَی الْإِیمَانِ بِتَوْحِیدِکَ وَ یَقِینِی [وَ ثِقَتِی‏] بِمَعْرِفَتِکَ مِنِّی أَنْ لا رَبَّ لِی غَیْرُکَ». (مفاتيح الجنان، دعاء أبي حمزة الثمالي.)

المصادر والمراجع

  • احساني، محمدعلي، «نقد و بررسي انديشه تأثيرپذيري متكلمان قرن چهارم و پنجم اماميه از معتزله در عدل الهي» (نقد ودراسة الفكر المتأثر للمُتكلّمين الإمامية في القرنين الرابع والخامس بالاعتزال في مسألة العدل الإلهي)، مجلة المعرفة، قم، مؤسسة الإمام الخميني، العدد ۱۹۵، إسفند ۱۳۹۲ش.
  • البغدادي، عبد القاهر، أصول الدين، بيروت، دار الفكر، 1417هـ.
  • الحمّصي الرازي، سديد الدين، المنقذ من التقليد، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1412هـ.
  • رباني الكلبايكاني، علي، ايضاح المراد في كشف المراد، قم، مركز إدارة الحوزة العلمية، 1382ش.
  • السيد المرتضى، أبو القاسم علم الهدى، الذخيرة في علم الكلام، تحقيق: أحمد الحسيني، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1411هـ.
  • السيد المرتضى، أبو القاسم علم الهدى، شرح جمل العلم والعمل، تصحيح: يعقوب جعفري، د.م، دار الأسوة للطباعة، 1414هـ.
  • الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، التوحيد، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، د.ت.
  • الشيخ المفيد، محمد بن النعمان، تصحيح الاعتقاد، قم، مؤتمر الشيخ المفيد، 1414هـ.
  • الطوسي، نصير الدين، تلخيص المحصّل، بيروت، دار الأضواء، 1405هـ.
  • العلامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تسليك النفس إلى حظيرة القدس، تحقيق: رمضاني، قم، مؤسسة الإمام الصادق (ع)، 1426هـ.
  • العلامة الحلّي، الحسن بن يوسف، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، قم، مكتب النشر الإسلامي، الطبعة الرابعة، 1413هـ.
  • الفاضل المقداد، مقداد بن عبد الله، اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية، قم، مجمع الفكر الإسلامي، 1424هـ.
  • الفاضل المقداد، مقداد بن عبدالله، النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر، في: الباب الحادي عشر مع شرحَيه النافع يوم الحشر لمقداد بن عبد الله ومفتاح الباب لأبي الفتح المخدوم الحسيني، تأليف العلامة الحلّي، مشهد، العتبة الرضوية، الطبعة الثانية، 1370ش.
  • الفاضل المقداد، مقداد بن عبد الله، النافع يوم الحشر: في شرح الباب الحادي عشر، [قم]، مؤسسة المعارف الإسلامية، د.ت.
  • فصيحي، محمدحسين، «اعواض»، في دانشنامه كلام اسلامي (دائرة معارف الكلام الإسلامي)، قم، شتاء 1378ش.
  • القاضي عبد الجبار، أبو الحسن عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1422هـ.