الزيارة

من ويكي شيعة
(بالتحويل من زيارة الأئمة)
معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية


الزيارة، عمل عبادي وهو عبارة عن الحضور عند أئمة الدين أحياءً، أو زيارة قبورهم أمواتاً، ويندرج تحت عنوان إظهار الحب والولاء والاحترام لهم.

إضافة إلی کون زيارة قبور أئمة الدين والشخصيات الدينية الكبيرة تعدّ من الأعمال التي أيّدتها الشريعة الإسلامية واهتم بها المسلمون، فالمدرسة الشيعية أولت زيارة قبر النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام أهمية كبرى وأكدت الروايات الصادرة عن المعصومين (عليهم السلام) على الثواب الجمّ المترتب لهذا العمل العبادي، بل أصبحت الزيارة من الشواخص والعلامات التي يمتاز بها الفكر الشيعي.

ورغم الجذور التاريخية العميقة لشعيرة الزيارة في الفكر الإسلامي عامة والشيعي خاصة إلا أنّ هناك طائفة ظهرت في القرون الأخيرة تعرف بالوهابية رفعت راية المخالفة والرفض للزيارة ووضعها - اعتماداً على بعض الظواهر – ضمن قائمة الأعمال التي لا تنسجم مع السنة النبوية مثيرين بذلك الكثير من الشكوك والاستفهامات والتي تصدى للإجابة عنها علماء الفريقين من الشيعة والسنة وفنّدوها مثبتين بطلانها ومؤكدين مشروعية الزيارة.

معنى الزيارة

جاء في كتب اللغة أن (زور) الزاي والواو والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المَيْل والعدول. من ذلك الزُّور: الكذب؛ لأنه مائلٌ عن طريقَةِ الحق. والزَّوَر: الميل. يقال ازورَّ عن كذا، أي مالَ عنه. ومن الباب: الزائر، لأنّه إذا زارَك فقد عدَلَ عن غيرك.[١]

والزيارة عرفا تعني قَصْدُ الْمَزُورِ إكْرَامًا لَهُ وَاسْتِئْنَاسًا بِهِ.[٢] وتعظيما له،[٣] وذهب البعض إلى القول بأنّ زيارة الأولياء والصالحين إنّما سمّيت زيارة لأنّها تنطوي على ميل عن عالم الطبيعة والالتفات إلى عالم الروحانية.[٤]

القبة الخضراء فوق المسجد النبوي في المدينة المنورة

مكانة الزيارة في الثقافة الشيعية

تحتل الزيارة مكانة مرموقة في الثقافة الإسلامية وسيرة المسلمين منطلقين في ذلك من الروايات الكثيرة التي تؤكد على فضل الزيارة وثوابها، والتي وصلت إلى حدّ التواتر في استحباب الزيارة واتفقت عليها كلمة الفريقين من الشيعة والسنة.[٥] ومن هنا واظب المسلمون على تلك الشعيرة وزيارة قبر النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم منذ العقود الأولى لتاريخ المسلمين.

ثم إن زيارة قبور الصالحين وخاصة النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم حظيت بقبول من المسلمين عامة، الا أن الزيارة في الفكرة الشيعية تحظى بفهم أعمق وأوسع منها عند سائر المسلمين، ومن هنا عدّ من شعار المذهب الشيعي زيارة النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم والأئمة من أهل البيت(عليهم السلام).

وتعكس الزيارة في الثقافة الشيعية نوعاً من الولاء والارتباط بالمعصومين (عليهم السلام)؛ ومن هنا ارتبطت الزيارة ارتباطاً وثيقاً بحب أهل البيت (عليهم السلام) وموالاتهم والبراءة من أعدائهم، وهي تعكس مدى الوفاء الذي يكنه الزائر للمزور واستجابة لحق الولاية لهم حيث يؤمن الشيعة بأن ولاية النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) لا تنحصر في حياتهم فقط بل هذا المقام يبقى محفوظا لهم حتى بعد وفاتهم.

ومن معطيات ولاية الإمام تسلطه على القلوب بمعنى أنّه مهيمن على قلوب الأفراد ومشاعرهم ومحيط بها.[٦]

وقد جاء في الكثير من متون الزيارات اعتراف بتلك الولاية والإمامة كما في المقطع الذي يقول فيه الزائر «اشهد أنك تشهد مقامي وتسمع كلامي وترد سلامي».[٧] ومن المسلّم به في الفكر الشيعي أنْ لا فرق بين حياة الإمام ووفاته ، وهذا الفهم للزيارة حوّل الزيارة إلى لقاء العارفين ، واجتماع المحبين ، وزيارة المحب لحبيبه ، وهي ممارسة معنوية وروحية سامية عكستها لنا النتاجات الأدبية شعراً ونثراً وبينت لنا جانباً مهما من تلك العلاقة بأجمل الصورة والمقاطع الأدبية.

ثم إن لزيارة مراقد أهل البيت (عليهم السلام) دوراً بارزاً وبصمات واضحة في تاريخ التشيع ويعد الاهتمام بها من مؤشرات الثقافة الشيعية.

الزيارات المؤكدة في الروایات

المتتبع للروايات التي جاءت عن طريق مدرسة أهل البيت عليهم السلام يرى أنها تؤكد علی عدة زيارات، منها:

  • زيارة بيت الله؛ المتمثلة بإقامة شعيرة الحج والعمرة، أو الطواف حول البيت الحرام.[٨] حيث يعتبر استحباب الزيارة لبيت الله ووجوب الحج من المسلمات التي توافق عليها المسلمون. وكذلك تؤكد الروايات استحباب الطواف بالكعبة المشرفة، علما أن استحباب الطواف بالكعبة المشرفة هو الشعيرة التي كانت سائدة قبل أن يبين النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم مناسك الحج بالصورة المعروفة اليوم.[٩] كما أكدت الروايات على أن الكعبة الشريفة حظيت باهتمام جميع الأنبياء والمرسلين على مرّ العصور.[١٠]
  • زيارة النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم؛ مؤكدة أنّ لزيارته صلی الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد التحاقه بالرفيق الأعلى ثواباً كبيراً.[١١] وقد اتفق المسلمون بجميع مذاهبهم شيعة وسنة على استحباب زيارته داعمين ذلك بالكثير من الروايات الواردة في هذا المضمار، منها ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة».[١٢] وفي حديث آخر: «إن زيارة قبر رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وزيارة قبور الشهداء وزيارة قبر الحسين (عليه السلام) تعدل حجّة مع رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم».[١٣]
  • زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام؛ وقد أكدت الروايات على ثوابها الكثير، من قبيل ما روي عن الإمام الحسين عليه السلام أن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم قال: «من زارني حيّاً أو ميّتاً أو زار علي بن أبي طالب عليه السلام كان حقاً عليّ أن أزوره يوم القيامة وأخلصه من ذنوبه».[١٤] وهناك روايات أخرى تبيّن تفضيله على سائر الأئمة عليهم السلام وتؤكد على استحباب زيارته.[١٥]

كذلك روي في باب زيارة فاطمة الزهراء عليها السلام -التي لم يحدد مكان قبرها- روايات تؤكد إمكانية زيارتها عليها السلام من بعيد.[١٦]

  • زيارة سائر الأئمة عليهم السلام؛ روي عن الإمام الصادق عليه السلام: «أن ثواب كل واحد من الأئمة يعدل ثواب زيارة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم».[١٧]
  • زيارة المعصومين عليهم السلام من بعيد؛ روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «من أراد أن يزور قبر رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج عليهم السلام وهو في بلده، فليغتسل في يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفين وليخرج إلى فلاة من الأرض، ثم يصلي أربع ركعات...[١٨]
  • زيارة المؤمنين الصالحين؛ أكدت الروايات على الثواب الكبير المترتب على زيارة المؤمنين (عليه السلام) منها ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «ما زار مسلم أخاه المسلم في الله ولله إلا ناداه عزّ وجلّ: أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة».[٢٠]
  • زيارة قبور المؤمنين عليه السلام؛ أشارت الروايات إلى استحباب زيارة قبور المؤمنين والدعاء لهم، منها ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: زوروا موتاكم فإنهم يفرحون بزيارتكم، وليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه وعند قبر أمّه بما يدعو لهما.[٢١]

آداب الزيارة

قبة الإمام الحسين (ع) في كربلاء المقدسة

إن روح الزيارة وحقيقتها تكمن بالانفتاح القلبي على الإمام واحترامه والارتباط الروحي به، ولما كانت الزيارة لقاء ظاهري مع الإمام توفرت على مجموعة من السنن والآداب التي ينبغي للزائر التوفر عليها لتحقق الثمرة المرجوة من وراء تلك الزيارة، بل كان لبعض الزيارات كزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) سنن وآداب خاصة.(مفاتيح الجنان، فصل زيارة النبي صلی الله عليه وآله وسلم.) وهكذا زيارة النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم حيث يقرأ الزائر أدعية خاصة بتلك الزيارة وكذلك زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة والثواب الكبير المترتب على زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) في شهري ذي القعدة ورجب.[٢٢]

طائفة من الآداب والسنن المشتركة[٢٣] :

  • الزيارة عن معرفة وعلم؛ أكدت الروايات على ترتب الثواب على الزيارة التي تتم عن معرفة وعلم بمقام المزور (عارفاً بحَقِه). علماً أن اشتراط المعرفة لا يعني أن يتوفر جميع الزائرين على أعلى مراتب المعرفة لان للمعرفة مراتب كثيرة لا يمكن توفرها من قبل جميع الزائرين ومن هنا يكفي الحد الأدنى من المعرفة بأن يعلم الزائر بأن المزور معصوم وولي تجب طاعته وأنه خليفة الرسول الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم، وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في بيان معنى عارفاً بحقه قال: «يعلمُ أَنَّهُ مُفترضُ الطَّاعةِ غريبٌ شَهِيد».[٢٤]
  • ارتداء ملابس جديدة ونظيفة.
  • استعمال الطيب إلا في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) حيث لا يستحب التعطر لها.
  • ترك الفضول من الكلام.
  • الاستئذان بالدخول.
  • الاقتراب من الضريح والالتصاق به شريطة أن لا يؤذي الزائرين ويعرقل حركتهم ولا يؤدي إلى الاختلاط المحرّم. علماً أن الزيارة لا تنحصر بتقبيل الضريح ولمسه بل يمكن للزائر الاكتفاء بقراءة الزيارة والسلام على الإمام (عليه السلام).
  • الدعاء بصوت منخفض وعدم رفع الصوت في الزيارة.
  • صلاة ركعتين وإهداء ثوابها للمزور.
  • تقبيل العتبة والباب ولا يجوز السجود للضريح.
  • التوبة والاستغفار في ضريح الأئمة لقبول التوبة في تلك المراقد.
  • الخروج من الحرم ليتمكن الآخرون من الزيارة وتجنب ما يؤدي إلى عدم الاشتياق للزيارة مرّة أخرى كالتعب.

ويجوز لمن لم يتمكن من الذهاب إلى زيارة الأئمة من قريب الزيارة عن بعد وقد تعرضت كتب الأدعية والزيارة لمجموعة من النصوص التي يزار بها من بعيد.

فوائد الزيارة وآثارها

للزيارة أقسام كثيرة لكل واحدة منها فوائد خاصة منها كزيارة بيت الله الحرام التي تنطوي على فلسفة وآداب خاصة ذكرت مفصلا في المصادر الخاصة.[٢٥]

ولا ريب أن لزيارة المؤمنين ثمرات ذات اتجاهين منها ما يعود على الزائر ومنها ما يرجع إلى المزور، فبالإضافة إلى الثواب المترتب على زيارة المؤمن فان الروايات أكدت على أنّ صاحب القبر يفرح بزيارة قبره. ومن الفوائد المترتبة على زيارة قبور المؤمنين تذكّر الموت والعبرة والاستعداد لإصلاح النفس.[بحاجة لمصدر]

فضل زيارة الأئمة المعصومين(ع)

من الثابت قرآنياً وروائياً أن النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار (عليهم السلام) هم المصداق الأول والبارز للإنسان الكامل وأنهم أحبّ الخلق إلى الله تعالى لما اتسموا به من صفات الكمال تقوى وورعاً و... وقد عصمهم الله من كل الذنوب والمعاصي، وقد أمر بحبّهم وولائهم وأن من حاربهم فقد حارب الله تعالى.[٢٦] فلا يصل الإنسان إلى مقام القرب الإلهي إلا بمحبتهم وقبول ولايتهم.

من هنا يتضح لنا الفضل المترتب على زيارتهم باعتبارها تمثل أفضل الطرق للتواصل مع أئمة الدين المعصومين (عليهم السلام) ومع الإنسان الكامل مما يوجب فلاح الإنسان وترسيخ الجانب المعنوي في شخصيته، بالإضافة إلى ما تنطوي عليه من تكريم الأئمة وتعزيز الآصرة القلبية بين الزائر والإمام واستمرار المسيرة الروحية التي يتحرك فيها المؤمن تأسياً بهم (عليهم السلام).

ومن الثمار المترتبة على الزيارة غفران الذنوب والفوز بشفاعة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وإنجاح طلبات الزائرين.

وسنحاول هنا الإشارة إلى نماذج من الروايات التي تشير إلى ثمار الزيارة وما يترتب عليها:

  • روي عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة».[٢٧]
  • وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: «إِنَّ لكُلِّ إِمامٍ عهداً في عُنق أَوليائه وشيعتهِ وإِنَّ مِنْ تمام الوفاءِ بالعهد زيارةَ قبورهمْ فمن زارهُمْ رغبةً في زيارتهم وتصديقاً بما رغِبُوا فيه كان أَئِمَّتُهُمْ شُفَعَاءَهُمْ يوم القيامة».[٢٨]
  • وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «مَنْ زار قبرَ الحسين (عليه السلام) للَّهِ وفي اللَّه أَعْتَقَهُ من النَّار وآمنهُ يومَ الفزع الأَكبر ولمْ يسأَل اللَّهَ حاجةً من حوائج الدُّنْيَا والآخرة إِلَّا أَعْطَاهُ».[٢٩]
  • عن الإمام الرضا (عليه السلام) أيضا: «مَنْ زارني على بُعْدِ داري ومزاري أَتَيْتُهُ يوم القيامة في ثلاثَةِ مواطن حتَّى أُخَلِّصَهُ من أَهْوَالِهَا: إِذا تَطَايَرَتِ الْكُتُبُ يَمِيناً وَشِمَالا وعندَ الصِّرَاطِ وعند الميزان».[٣٠]

انعكاسات تربوية

يترتب على الزيارات وفضلا عن الثواب الجزيل جملة من الانعكاسات التربوية والآثار الاجتماعية، من قبيل:[بحاجة لمصدر]

  • ازدياد معارف الزائر وعلومه الدينية من خلال المفاهيم والقيم التي تنطوي عليها نصوص الزيارات.
  • التعرف على مقام الأئمة وتحكيم آصرة الولاء بين الزائر والأولياء الربانيين.
  • طرح النموذج الأمثل في المجتمع.
  • توفير الأرضية المناسبة لاجتناب المعاصي واقتراف الذنوب وكسب محاسن الأخلاق.

انعكاسات اجتماعية وسياسية

تعرضت الشيعة ومنذ تأسيسها وعلى مر التاريخ لظلم الحكام وتعسفهم بحقها مما أوجد حالة من الخصومة معهم ومن هنا امتزجت القضايا السياسية والاجتماعية في الوسط الإمامي مع البعد العقائدي.

فكانت الشيعة تتخذ من حرم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ومراقدهم مركزاً لنشر العلم والتبليغ وترويج الدين، وتكون أحياناً المنطلق للثورة ومواجهة الظالمين، حيث تؤخذ فيها البيعة والقسم بالولاء للثورة والحركات الاجتماعية و.... ومن الواضح أن أكبر مؤسسة علمية شيدها الشيعة تتمثل في الحوزة العلمية في النجف الأشرف و كربلاء و بغداد و قم و مشهد التي تحتوي جميعها على مراقد مقدسة. وعندما ظهرت ثورة المشروطة تحصن جمع من الروحانيين في حرم السيد عبد العظيم الحسني.[بحاجة لمصدر]

ويمكن الإشارة – اختصاراً- هنا إلى بعض تلك المعطيات الاجتماعية والسياسية للزيارة والتي تتمثل في:[بحاجة لمصدر]

  • إحياء وتعزيز روحية العمل الجمعي وصيانة هوية التشيع من الضياع ومواصلة التعايش مع ثورات الأئمة وتحركاتهم السياسية والاجتماعية.
  • إشاعة وتعزيز الثقة بالذات ونشر روح الأمل أمام الأعاصير والمحن التي كثيرا ما تعرض لها المجتمع الشيعي.
  • إحياء روح الثورة وتعزيز الشجاعة والفداء في الوسط الاجتماعي.
  • إشاعة روح المطالبة بالحق والعدل والتأكيد على إحقاق حقوق الجماهير كأهم شعار يرفعه الشيعة، وذلك من خلال المضامين التي تتوفر عليها متون الزيارات.
  • إحياء روح التصدي للظالمين ونشر مظالمهم التي وقعت على مرّ التاريخ بحق المسلمين أئمة ورعايا.

الزيارات

كان لاهتمام الثقافة الشيعية بأمر الزيارة دور بارز في البحث عن الزيارات أو ما يعرف بـ «المزار» كأحد الأبحاث الدينية وتصنيف الكثير من المؤلفات في هذا المجال.[٣١] من قبيل كامل الزياراتمن تأليف ابن قولويه القمي والذي يعد من أهم الكتب المصنفة في هذا المجال؛ ومنها: كتاب المزار للشيخ المفيد ومصباح المتهجد لمؤلفه الشيخ الطوسي ومهج الدعوات بقلم السيد ابن طاووس والمزار الكبير من تأليف محمد بن جعفر المشهدي وتحفة الزائر لمؤلفه العلامة المجلسي وكتاب مفاتيح الجنان المشهور في الوسط الشيعي.

والملاحظ للزيارة التي وردت عن أهل البيت (عليهم السلام) يجدها تتوفر على كم هائل من المعارف الإسلامية والعقائدية الصحيحة، وقد اشتهرت من بين تلك الزيارات بسبب اعتبار أسانيدها وعمق محتواها مجموعة من الزيارات كزيارة عاشوراء وزيارة الجامعة الكبيرة وزيارة أمين الله بالإضافة إلى زيارة وارث.[بحاجة لمصدر]

محتوى الزيارات

تتوزع الزيارات الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) على طائفتين الأولى الزيارة الخاصة ببعض المعصومين والثانية الزيارات المشتركة التي يصح زيارة أكثر من معصوم بها، ونكتشف من خلال التأمل في محتوياتها مجموعة من المشتركات من قبيل:[بحاجة لمصدر]

1. إشاعة المعارف الدينية والإلهية: حيث يرصد المطالع لها معارف مهمة وصحيحة في توحيد الله تعالى وصفاته بالإضافة إلى مقام ولاية النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار (عليهم السلام) . وهذا في حد نفسه تعليم وإرشاد لنوع من العلوم والمعارف التي يحتاج إليها المسلم.

2. بيان القيم وأضدادها: تشتمل متون الزيارات على بيان الكثير من القيم وأضدادها لتوجيه المسلم بالاتجاه الصحيح ووضعه على الجادة القويمة من خلال ما يذكر من محامد أخلاقيات وصفات الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وما يقابلها من ذميم الأخلاق وتدني القيم عند أعدائهم والمعاندين لهم، مما يسهل على المسلم مئونة التمييز بين الحق والباطل ومعرفة رجالهما، من قبيل:

أ. إقامة الصلاة؛ «اشهد أنك قد أقمت الصلاة».

ب. إيتاء الزكاة؛ «اشهد انك آتيت الزكاة».

ج. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، «أشهد أنك أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر».

د. الجهاد في سبيل الله، «واشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده».

هـ. اتّباع سنة النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم، كما في المقطع الذي جاء فيه «واتبعت سنن نبيك» ولا ريب أن اتّباع سنة النبي صلی الله عليه وآله وسلم يعدّ من الأمور التي يفتخر الأئمة بالتمسك بها.

و. الدعوة إلى الله تعالى، كما في المقطع الذي يخاطبهم به الزائر: «السلام على الدعاة إلى الله»، ولا ريب أن الدعوة إلى الله تعدّ من المثل والقيم التي حثت الشريعة عليها.

ز. وغير ذلك من الخصال والقيم الكثيرة التي يكتشفها الزائر أثناء مطالعته لمتون الزيارات.[٣٢]

ومن نماذج أضداد القيم التي أشارت إليها زيارة عاشوراء خاصة:

أ. تسليط الظلم على أهل البيت (عليهم السلام) واتّباعهم؛ كما في المقطع القائل «ولعن الله أمّة قتلتكم ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم ولعن الله أمّة سمعت بذلك فرضيت به».

ب. اتخاذ الوليجة دون أهل البيت (عليهم السلام) «ومن كل وليجة دونكم».[٣٣]

ومن الأمور التي تنطوي عليها الزيارة تلقين الزائر وتعليمه كيف يزور وكيف يخاطب الإمام عند زيارته، من قبيل:

1. اللجوء إلى الإمام مما اقترفه من ذنوب[٣٤]: «يا مولاي أتيتك زائراً وافداً، عائذاً ممّا جنيت علی نفسي واحتطبت علی ظهري».

2. تمني مصاحبة الإمام «يا ليتني كنت معكم».[٣٥]

3. الابتهال إلى الله بطلب شفاعة الإمام: «اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود».[٣٦]

شبهات المعترضين على الزيارة

رغم الجذور التاريخية العميقة لشعيرة الزيارة في الفكر الإسلامي عامة والشيعي خاصة إلاّ أنّ هناك طائفة ظهرت في القرون الأخيرة تعرف بالوهابية رفعت راية المخالفة والرفض للزيارة ووضعها - اعتماداً على بعض الظواهر– ضمن قائمة الأعمال التي لا تنسجم مع السنة النبوية مثيرين بذلك الكثير من الشكوك والاستفهامات. وقد تصدى للإجابة عليها علماء الفريقين من الشيعة والسنة وفنّدوها وأثبتوا بطلانها مؤكدين على مشروعية الزيارة.[بحاجة لمصدر]

الهوامش

  1. ابن زكريا، معجم مقاييس اللغة، ج 3، ص 36.
  2. الفيومي، المصباح المنير، ص 136، مادة «زور».
  3. الطريحي، مجمع البحرين ج 1، ص 305، زور
  4. مكارم الشيرازي، المفاتيح الجديد، ص 203.
  5. الشافعي، شفاء السقام في زيارة خير الأنام، ص 87؛ الأميني، الغدير، ج 5، ص 112 ــ 113؛ الجزيري، الفقه على المذهب الأربعة، ج 1، ص 594.
  6. مطهري، الخاتمية، الفصل الثاني.
  7. كمثال لذلك راجع: زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) في مفاتيح الجنان.
  8. الكليني، الكافي، باب بدء الحجر و باب بدء البيت و باب أن أول ما خلق الله من الأرضين موضع البيت.
  9. الاشتهاردي، علي پناه، مجموعه مقالات "هم‌ انديشي حج". القسم الثاني، ص 303.
  10. الكليني، الكافي، باب حج الأنبياء، ج 4، ص 212، ح 1، وح 2، ح 3.
  11. الكليني، الكافي، ج 4، ص 548، ح 4.
  12. الكليني، الكافي، ج 4، ص 548، ح 3.
  13. الكليني، الكافي، ج 4، ص 548، ح 2.
  14. فروع الكافي، كتاب الحج أبواب الزيارات، باب زيارة النبي، ح 4.
  15. الكليني، الكافي، ج 4، ص 579.
  16. الحر العاملي، وسائل الشيعة، كتاب الحج، ج 10، أبواب المزار، باب 96، ح 1، ص 453.
  17. الحر العاملي، وسائل الشيعة، كتاب الحج، أبواب المزار، ج 10، ص 452، ح 2.
  18. الكافي، الكليني، كتاب المزار، باب النوادر، ج 4، ص 559، ح 1.
  19. الحر العاملي، وسائل الشيعة، كتاب الحج، أبواب المزار، ج 10، ص 452، ح 1 و 2.
  20. الحر العاملي، وسائل الشيعة، باب 97، ح 2 و 4 و 5.
  21. الحر العاملي، وسائل الشيعة،، باب 54، ح 5.
  22. للتوسع في الموضوع راجع مفاتيح الجنان، قسم الزيارات.
  23. مفاتيح الجنان، آداب الزيارات
  24. المجلسي، بحار الأنوار، ج 99، ص 35، ح 18.
  25. راجع: وسائل الشيعة، أبواب الحج.
  26. مفاتيح الجنان، نبذة من زيارة الجامعة الكبيرة.
  27. للتوسع في المصادر المختلفة لهذا الحديث في الكتب الشيعية والسنية راجع، الأميني، الغدير، ج 5، ص 97.
  28. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج ‏14، ص 322.
  29. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 14، ص 499.
  30. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 14، ص 551.
  31. للتعرف على فهرس هذه الآثار راجع: أقا بزرك، 12/77 بب، 20/316 بب.
  32. للتوسع في الموضوع راجع زيارة الجامعة، زيارة أمين الله و زيارات بقية الأئمة (عليهم السلام).
  33. مقتطفات من زيارة عاشوراء.
  34. مفاتيح الجنان، زيارة الإمام الرضا (عليه ‌السلام).
  35. مقتطفات من زيارة عاشوراء.
  36. مقتطفات من زيارة عاشوراء.

المصادر والمراجع

  • ابن زكريا، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404 هـ.
  • الأميني، عبد الحسين، الغدير، د.م، د.ن، د.ت.
  • الجزيري، عبد الرحمن، الفقه على المذاهب الأربعة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 2، 1424 هـ/ 2003 م.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، د.ت.
  • الشافعي، علي بن عبد الكافي، شفاء السقام في زيارة خير الانام، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1429 هـ/ 2008 م.
  • الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين، قم، مؤسسة البعثة، ط 1، 1414 هـ.
  • الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير، بيروت، المكتبة العصرية، 1435 هـ/ 2014 م.
  • القمي، عباس، مفاتيح الجنان، قم، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، د.ت.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط 3، 1388 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ/ 1983 م.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، المفاتيح الجديدة، قم، دار النشر الامام على بن ابى طالب عليه السلام‌، ط 1، 1431 هـ.