سمي رجب بهذا الاسم لتعظيم العرب له في الجاهلية وامتناعهم عن القتال فيه، وتهيّبهم منه[١]؛ لأنه من الأشهر الحرم في الجاهلية والإسلام،[٢] فقد كانوا يرجبونه ويعظمونه، فيقال: رَجَبْتُهُ ورَجّبْتُهُ ـ بالتخفيف والتشديد ـ إذا عظّمته.[٣]
رجب مُضر؛ لأن النبي قيّد رجب بمُضر في حديث له وورد في حاشية الحديث في كتاب الخصال أنه قيّده بذلك؛ ليُنبّه على أنه يقصد برجب ذاك الشهر الذي كانت قبيلة مُضر يحترمونه وهو الواسط بين شهر جمادى الآخرة وشهر شعبان لا الشهر الذي كانت قبيلة ربيعة[ملاحظة ١]تُسمّيه رجبا وهو شهر رمضان.[٥]
مُنصِل الأسنّة أو مُنصل الألّ؛ لأن العرب في الجاهلية إذا دخل رجب يقولون: (جاء منصل الأسنة)، ولا يَدَعون حديدة في سهم أو رمح إلا انتزعوها إبطالاً للقتال، وقطعاً لأسباب الفتن.[٦]
الأصمّ؛ لأنه كان لا يسمع فيه صوت مستغيث، ولا حركة قتال، ولا قعقعة سلاح؛ لأنه من الأشهر الحرم ، فلم يكن يسمع فيه (يالفلان) ولا (ياصباحاه).[٧]
الأصبّ؛ وقال النبي في سبب تسميته به: سمّي شَهرُ رجب الأصَبَّ؛ ِلأنَّ الرّحمةَ تُصَبُّ عَلَی اُمَّتی فیهِ صَبّاً.[٩]
وكان رجب يسمى قديماً بأكثر من اسم، وكانت ثمود تدعوه باسم (هَوبل) كما سمّت السابق ( هَوبر)، واللذين يلياه (مَوهاء) وهو شهر شعبان و (دَيمر) وهو شهر رمضان.[١٠]
وشهر رجب من الأشهر الحرم التي ذكرت في القرآن في قوله تعالى: ﴿إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ إثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السّماواتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾[١٤] وهي: محرم ورجبوذو القعدةوذو الحجة.[١٥]
ولذا فقد كان هذا الشهر وغيره من الأشهر الحرم مناسبة تقام فيها الأسواق للتجارة، والشعر،[١٦] وتبادل المنافع في كل من: عكاظ, والمربد، وذي المجاز، والمجنة.[١٧] وكان الرجل يلقى فيها قاتل أخيه أو أبيه فلا يُهيجه للإنتقام، وما ذلك إلاّ تعظيماً للشهر الحرام.[١٨] وكانت العرب تنسأه (أي تؤخر تعظيمه وتمدده) إلى الشهر الذي يليه، ولذا كانوا يطلقون عليهما (الرَّجبان) كما أطلقوا على المحرم و صفر (الصفران).[١٩]
روي عن النبي (ص): «ألا إن رجب شهر الله الأصم، وهو شهر عظيم، وإنّما سُمّي الأصم؛ لأنه لا يقارنه شهر من الشهور عند الله عزّ وجلّ حرمة وفضلا، وكان أهل الجاهلية يعظّمونه في جاهليتهم فلما جاء الإسلام لم يزدد إلا تعظيماً وفضلاً، ألا وإن رجب شهر الله، و شعبان شهري، و شهر رمضان شهر أمتي»[٢٠]
وعنه قال: «إن في الجنة نهراً يقال له رجب ماؤه أشد بياضاً من الثلج وأحلى من العسل، من صام يوماً من رجب شرب منه»[٢١]
وعن الإمام الصادق قال: «لا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب فإنه اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمد وثوابه مثل ستين شهراً لكم» [٢٢]
وعن الإمام الكاظم (ع) قال: «رجب نهر في الجنة أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، من صام يوماً من رجب سقاه الله من ذلك النهر»[٢٣]
وعنه: «رجب شهر عظيم، يُضاعف الله فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات، ومن صام يوماً من رجب تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة»[٢٤]
روي عن رسول الله (ص): من قال في رجب: "أَسْتَغْفِرُ الله الَّذِي لا إلهَ إِلاّ هُوَ وَحَدْهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ" مائة مرة وختمها بالصدقة. ختم الله له بالرحمة والمغفرة، ومن قال أربعمائة مرة كتب الله له أجر مائة شهيد.
وروي عنه (ص): من قال في رجب: "لا إِلهَ إِلاّ الله" ألف مرة كتب الله له مائة ألف حسنة، وبنى الله له مائة مدينة في الجنة
ورد في حديث: من استغفر الله في رجب سبعين مرة بالغداة وسبعين مرة بالعشيّ يقول: "أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ"، فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع يديه وقال: "اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ"، فإن مات في رجب مات مرضيّاً عنه، ولاتمسه النار ببركة رجب.
أن يستغفر في هذا الشهر ألف مرة قائلاً: "أَسْتَغْفِرُ الله ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ والآثامِ"
أن يصوم ثلاثة أيام من رجب وهي: الخميس والجمعة والسبت.
يصلي اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة كلا من سور الحمدوالتوحيدوالفلقوالناسوآية الكرسيوالقدر أربع مرات، وبعد الفراغ من الركعات يقول أربع مرات: "اَللهُ اَللهُ رَبّي لا اُشْرِك بِهِ شَيئا وَلا اَتَّخِذُ مِنْ دُونِه وَلِيا."
يصلي اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة سورة الحمدوالفلقوالناس مرة وسورة التوحيد أربع مرات، ويقول بعد الفراغ من الركعات: "لا اله الا الله والله اكبر الحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم"
وقد يسمى هذه اليلة بـ«ليلة المحيا» بمعنى ليلة الإحياء والتهجد[٢٥]
يصلي اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة سورة الحمدوسورة يس ويقرأ بعد الفراغ منها سورة الحمد أربع مرات، ثم يقول أربع مرات: "لا اله الا الله والله اكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم" ثم يقول أربع مرات: "الله ربي لا اُشرك به شيئاً"
↑مُضر اسم أحد أجداد النبي (ص)، (القرطبي، أقضية رسول الله (ص)، ص 133)، وربيعة أخوه، وأبوهما نزار بن معدّ بن عدنان. (الأندلسي، جمهرة أنساب العرب، ص 10).
المصادر والمراجع
الأندلسي، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، جمهرة أنساب العرب، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1418 هـ.
الحر العاملي، محمد، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، المحققون: لجنة البحث في مؤسسة آل البيت عليهم السلام، قم - إيران، الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام، ط 1، 1409 هـ.
الجوهري، إسماعيل بن حماد، الصحاح - تاج اللغة وصحاح العربية، المحقق: أحمد عبد الغفور عطار، بيروت - لبنان، الناشر: دار العلم للملايين، ط 1، 1410 هـ.
الشعراوي، محمد متولي، تفسير الشعراوي، بيروت - لبنان، الناشر: أخبار اليوم - إدارة الكتب والمكتبات، ط 1، 1991 م.
الصدوق، محمد بن علي، الخصال، المحقق: علي أكبر الغفاري، قم - إيران، الناشر: جماعة المدرسين بحوزة قم العلمية، ط 1، 1362 ش.
الصدوق، محمد بن علي، فضائل الأشهر الثلاثة، قم - إيران، الناشر: كتابخانه داوري (مكتبة داوري)، ط 1، 1397 هـ.
الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1417 هـ/ 1997 م.
القرطبي، محمد، أُقضية رسول الله صلى الله عليه وآله، المحقق: الشيخ طالب عوّاد، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتاب العربي، 1426 هـ.
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، المحققون: جماعة من الباحثين، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1403 هـ.
مجموعة من العلماء والباحثين، الموسوعة العربية العالمية، د.م، الناشر: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، ط 2، 1419 هـ/ 1999 م.
المرزوقي، أحمد، الأزمنة والأمكنة، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1417 هـ.
المنزلاوي، أحمد، شهر رمضان في الجاهلية والإسلام، د.م، الناشر: دار الجمهورية - كتاب الجمهورية، د.ت.
الواسطي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، المحقق: علي الشيري، بيروت - لبنان، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1414 هـ.