انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التوسل»

من ويكي شيعة
Foad (نقاش | مساهمات)
Foad (نقاش | مساهمات)
سطر ٦٩: سطر ٦٩:
وذكر جعفر السبحاني أيضًا: كانت سيرة المسلمين قائمة على التوسل بالرسول في زمان حياته، وكذلك التوسل به بعد وفاته.<ref>السبحاني، التوسل، ص52.</ref> وبحسب محمد زاهد الكوثري (وفاة: 1371هـ) أحد علماء المذهب الحنفي من تركيا، إنَّ من أنكر التوسل بالأنبياء والصالحين بعد وفاتهم، فهو يعتقد بفناء الأرواح بعد الموت، ومنكر للمعاد والحياة الآخرة.<ref>الكوثري، محق التقول في مسألة التوسل، ص4.</ref> واعتبر حصر الأحاديث بمشروعية التوسل في زمن حياة المتوسل به، بمنزلة تحريف لهذه الروايات وتأويلها بلا دليل.<ref>الكوثري، محق التقول في مسألة التوسل، ص5.</ref>
وذكر جعفر السبحاني أيضًا: كانت سيرة المسلمين قائمة على التوسل بالرسول في زمان حياته، وكذلك التوسل به بعد وفاته.<ref>السبحاني، التوسل، ص52.</ref> وبحسب محمد زاهد الكوثري (وفاة: 1371هـ) أحد علماء المذهب الحنفي من تركيا، إنَّ من أنكر التوسل بالأنبياء والصالحين بعد وفاتهم، فهو يعتقد بفناء الأرواح بعد الموت، ومنكر للمعاد والحياة الآخرة.<ref>الكوثري، محق التقول في مسألة التوسل، ص4.</ref> واعتبر حصر الأحاديث بمشروعية التوسل في زمن حياة المتوسل به، بمنزلة تحريف لهذه الروايات وتأويلها بلا دليل.<ref>الكوثري، محق التقول في مسألة التوسل، ص5.</ref>


==يُعتبر من الشرك التوسل بمنزلة ومكانة النبي والأولياء الإلهيين==
{{جعبه نقل قول
|عنوان= تقي الدين السبكي:
|نقل‌قول= أنه يجوز ويحسن التوسل، والاستغاثة، والتشفع بالنبي(ص) إلى ربه سبحانه وتعالى. وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين، والمعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوام من المسلمين. ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، حتى جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار.{{ملاحظة|وقد قسم ابن تيمية في كتابه «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة» التوسل إلى ثلاث أنواع:
#التوسل بمعنى التقرب إلى الله تعالى بطاعته وطاعة نبيه، ويعتبر هذا النوع من أصل الدين، ويرى أنَّه لم ينكره أحد من المسلمين.
#التوسل بدعاء النبي في حياته، وشفاعته يوم القيامة وشفاعته، ويرى أن هذا النوع من التوسل موجود بين الصحابة.
#التوسل بذات النبي، بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال بذاته، واعتبر ابن تيمية هذا النوع من التوسل غير مشروع، ويرى أنَّه لم يفعله أحد من الصحابة. (ابن تيمية، قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، ص87 ـ 88.)}} وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الاعصار.<ref>السبكي، شفاء السقام، ص293.</ref>
|منبع=
|تراز=چپ
|عرض=180px
|حاشیه=
|اندازه خط=6
|رنگ پس‌زمینه =
|شکل‌بندی =
|پس‌زمینه عنوان =
|رنگ خط عنوان=
|شکل‌بندی عنوان=
|تراز نقل‌قول=
|شکل‌بندی نقل‌قول =
|گیومه نقل‌قول =
|تراز منبع =راست
|شکل‌بندی منبع =
}}
==شبهات الوهابية في التوسل==
==شبهات الوهابية في التوسل==
===التوسل والتوحيد===
===التوسل والتوحيد===

مراجعة ٢٠:٥٠، ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤

معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية


التَّوسل، يعني التقرّب إلى الله تعالى بشخص أو بشيء مقدّس، بل قد يكون هو الذي أمر به عباده أن يطلبوا منه الأشياء من خلال طرق معينة. ويعتقد كثير من المسلمين بهذا المعنى ويرون مشروعيته، وهو من الاعتقادات البارزة عند الشيعة. وتوجد صلة وثيقة بين مفهوم التوسل والشفاعة.

وتعود أهمية التوسل إلى أمر القرآن به كما ورد التأكيد عليه في روايات أهل البيت عليها السلام، وفي الأدعية والزيارات، ومن أشهرها دعاء التوسل. وفي العقود الأخيرة طرح الوهابيون تبعا لابن تيمية بعض الإشكالات على التوسل، إلا أنّ علماء‌ الشيعة وكثير من علماء أهل السنة ردّوا عليها.

مكانة التوسل عند المسلمين

إجماع المسلمين على مشروعية أصل التوسل

التوسل هو أحد المعتقدات المشتركة عند المسلمين.[١] وقد ذكر عن ابن تيمية أن أصل التوسل ومشروعيته مورد اتفاق بين جميع المسلمين.[٢] وقد ورد عن تقي الدين السبكي (وفاة: 756هـ) أحد علماء المذهب الشافعي من مصر، في كتابه شفاء السقام أن الجدال والنزاع في التوسل هو نزاع في الضروريات.[٣] وبحسب جعفر السبحاني من متكلمي الشيعة أن أصل التوسل بالأسباب في الحياة أمر فطري عند الإنسان.[٤]

مخالفة الوهابية لمشروعية بعض أنواع التوسل

وذكر إن التوسل انتشر بين الفرق الإسلامية، وخاصة بين الإمامية وإلى حد ما عند الصوفية، ومن القرن الثامن الهجري شكك بعض علماء السلفية، وخاصة ابن تيمية، في مشروعية بعض أنواع التوسل. وأثارت هذه القضية خلافات بين الشيعة وأهل السنة والسلفيين حول مشروعية التوسل في الشريعة الإسلامية، وكتبت مؤلفات لرد آرائهم،[٥] ومن هذه المؤلفات كتاب شفا السقام لتقي الدين السبكي، الذي ألفه في الرد على آراء علماء السلفية، خاصة فيما يتعلق بالتوسل.[٦]

وفي العصر الراهن شكك الوهابيون أيضًا في مشروعية بعض أنواع التوسل اتباعًا للسلفية؛ ولذلك حظي موضوع التوسل مرة أخرى باهتمام علماء الشيعة وأهل السنة، وكتبت المؤلفات في نقد آراء الوهابيين.[٧]

الاهتمام الخاص من قبل الشيعة بالتوسل

وللتوسل مكانة خاصة عند الشيعة، فهم بالإضافة إلى توسلهم بالنبي، والأئمة المعصومين، يتوسلون كذلك بزوجات وأمهات وأبناء الأئمة.[٨] ويقرأ الشيعة عند زيارة قبور الأئمة وأبنائهم، في كتب الزيارة، ويتوسلون فيها بصاحب ذلك الضريح بطرق مختلفة.[٩]

يتم التوسل بشكل فردي وجامعي، ويُعتبر دعاء التوسل من ضمن الأدعية التي تتم قراءتها في كل أسبوع في ليالي الأربعاء، وبشكل جماعي عند الشيعة، سواء كان في المجالس التي تُعقد في المنازل أو في المساجد والأضرحة والحسينيات، حيث يتم فيه التوسل بالأربعة عشر معصوم.[١٠] في بعض الأحيان تقام مراسيم للتوسل لقضاء بعض الحاجات، فمثلا في إيران يقوم بعض الناس بوضع مائدة طعام باسم الإمام زين العابدين، من أجل شفاء مريض من مرضه أو لقضاء الحاجات الأخرى.[١١] وكذلك سفرة السيدة رقية لطلب الحاجات، مثل الزواج، وطلب الأطفال، والحاجات المالية، وغيرها من الاحتياجات، وهذا أمر شائع في بعض البلدان كإيران والعراق.[١٢]

وقد وردت أيضًا موارد من التوسل بين أهل السنة، فعلى سبيل المثال، كان السمعاني المؤرخ والمحدث والفقيه الشافعي في القرن السادس الهجري، يزور قبر الإمام الكاظم ويتوسل به.[١٣] وذكر أبو علي الخلال، أحد علماء السنة الآخرين في القرن الثالث الهجري، إنني كلما واجهتني مشكلة زرت قبر موسى بن جعفر وأتوسل به فتحل مشكلتي.[١٤] كما نُقل عن محمد بن إدريس الشافعي، أحد فقهاء أهل السنة الأربعة، أنَّه وصف قبر موسى بن جعفر بأنَّه «الترياق المجرب»[١٥]

مفهوم التوسل ومشروعيته

التوسل بمعنى أن يجعل الفرد بينه وبين الله تعالى شخص أو شيء كوسيط أو وسيلة، له مكانة خاصة عند الله تعالى يُستجاب به الدعاء.[١٦] والتوسل في المعنى اللغوي يشترك مع كلمة الوسيلة وهو كل ما يتقرَّب به إلى الغير.[١٧]

وقد ذهب البعض أن التوسل والاستغاثة مترادفان.[١٨] ويرى آخرون أن الاستغاثة غير التوسل، فالاستغاثة لا تكون إلا في حالة الشدّة، والتوسل يكون في حالة الشدّة وحالة الرخاء.[١٩]

أدلة مشروعية التوسل

وقد استدل القائلون بمشروعية التوسّل بعدة شواهد منها القرآنية، والروائية، كما استدلوا بسيرة المسلمين، والدليل العقلي:

  • القرآن: لقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يتقربوا إليه عن طريق الوسيلة وهذا ما تم التأكيد عليه في آية الوسيلة.[٢٠] وفي الآية 64 من سورة النساء يوصي الله تعالى أصحاب المعاصي الذهاب إلى رسول الله ويطلبوا منه أن يستغفر لهم عند الله تعالى.[٢١] ومن الآيات الأخرى التي تدل على مشروعية التوسل الآية 97 من سورة يوسف،[٢٢] التي طلب فيها أبناء النبي يعقوب من أبيهم أن يستغفر لهم.[٢٣]
  • الروايات: هناك الكثير من الروايات وردت في المصادر الحديثية الشيعية والسنية،[٢٤] تُشير إلى مشروعية وجواز التوسل في الشريعة الإسلامية. [٢٥]
  • سيرة المسلمين: من الأدلة على صحة التوسّل سيرة المسلمين منذ صدر الإسلام وإلى يومنا هذا، فإنهم يتوسّلون بالصالحين، كما أن الصحابة كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بغيره، وقد سجل لنا التاريخ مجموعة من هذه التوسلات:
  • توسل عمر بن الخطاب بالعباس بن عبد المطلب عند الاستسقاء وطلب هطول المطر من الله تعالى.[٢٦]
  • توسّل صفية (عمّة النبي) بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم وإنشاد شعر في رثائه.[٢٧]
  • توسل رجل بالنبي في عهد خلافة عثمان، حيث أرشده إلى ذلك عثمان بن حنيف.[٢٨]
  • توسل بلال بن الحارث بالنبي للاستسقاء وطلب المطر.[٢٩]
  • وقد ذكر أحمد زيني دحلان في كتابه الدرر السنية في الردّ على الوهابية إنّ من تتبّع في الأدعية والأذكار التي وردت عن طريق السلف يجد أنّهم كثيرا ما كانوا يتوسّلون،[٣٠] كما أن ابن حجر الهيتمي نقل أشعارًا عن الشافعي صرّح فيها بأن آل النبي هم والوسيلة للتقرب إلى الله تعالى.[٣١] وقد ورد في رواية أن مالك بن أنس علّم المنصور العباسي كيفية زيارة النبي والتوسل به.[٣٢]
  • الدليل العقلي: التوسل أو الوسيلة هي تقرب العباد إلى الله تعالى، والتقرب إلى الله تعالى هو غاية البشر ورغبتهم القصوى في عباداتهم؛ لأنَّه بدون التقرب من الله تعالى، لن يحصل الإنسان على السعادة والخلاص في الدنيا والآخرة، ومن ناحية أخرى، فإن هذا التقرب لا يمكن أن يحصل إلا بالوسيلة، وبالتالي فإن السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة متوقفة على الوسيلة والتوسل.[٣٣]

مخالفة الوهابية لمشروعية التوسل بالنبي(ص) والعباد الصالحين

التوسل بالنبي والعباد الصالحين يكون على هذه الصورة، فمثلا يقول المتوسل: «اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك».[٣٤]

بناءً على فتوى دار الإفتاء بمصر حول التوسل:

فإنَّ التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين والتبرك بهم وطلب المدد منهم؛ من الأمور الجائزة والمستحبة، التي دلَّ على مشروعيتها واستحبابها الكتاب والسُنَّة وعمل الصحابة رضوان الله عليهم، وهو المعتمد عند علماء المذاهب الفقهية المتبوعة، وعليه جرى علماء المسلمين وعوامِّهم سلفًا وخلفًا من غير نكير، وهذا هو الحقُّ الذي دلَّت عليه النصوص، ولا عبرة بمن شذَّ.[٣٥]

وبحسب عيسى بن عبد الله الحميري، وهو عالم مالكي من الإمارات، فإن هذا النوع من التوسل الذي تمت مخالفته من قبل مجموعة من علماء السلفية، بدأ في القرن السابع الهجري، وقد زال الخلاف فيه بسبب تصدي علماء المسلمين في ذلك الوقت، وردهم على منكريه بالحجة والبرهان، ولكنه ظهر مرة أخرى وتم طرحه على يد الوهابية، وقد أبطلوا هذا النوع من التوسل.[٣٦] فعلى سبيل المثال، فقد أعلن محمد نسيب الرفاعي (وفاة: 1412هـ)، أحد الوهابيين من سوريا، بطلان التقرب إلى الله تعالى عن طريق أنبياء الله وأوليائه، واعتبر هذه العمل كفر وبدعة.[٣٧] وذكر الرفاعي في بيان بدعة هذا النوع من التوسل؛ إنَّه لا يوجد هناك دليل من الكتاب والسنة النبوية على مشروعيته.[٣٨]

نقد وجهة نظر الوهابية من قبل علماء المسلمين

وقد ذكر تقي الدين السبكي، أحد علماء الشافعية في القرن الثامن الهجري، إن الأحاديث المتواترة والكثيرة تدل على مشروعية التوسل والاستغاثة بالنبي والصالحين.[٣٩] وقد أدعى علي بن عبد الله السمهودي (وفاة: 911هـ) أحد علماء المذهب الشافعي من مصر، في كتاب «وفاء الوفاء» الإجماع على مشروعية التوسل بالنبي والصالحين.[٤٠] وقد استندوا على بعض الأحاديث الموجودة في النصوص الروائية الصحيحة عند أهل السنة.[٤١]

وقد وردت أحاديث كثيرة عن أئمة الشيعة في مشروعية التوسل بالنبي والأولياء. وقد ورد في بعض هذه الروايات أن أهل البيت هم الوسيلة للتقرب إلى الله تعالى.[٤٢] وعلى سبيل المثال يُعتبر دعاء التوسل أحد الأدعية التي يتوسل فيها بالأربعة عشر معصوم لطلب الحوائج من الله تعالى.[٤٣]

التوسل بالأموات بدعة عند ابن تيمية والوهابية

وبحسب ابن تيمية إن التوسل بالأنبياء والأولياء بعد وفاتهم عمل غير مشروع وبدعة. وذكر أنَّه لم يفعل ذلك الصحابة والفقهاء الماضين، ولا يوجد دليل على جوازه ومشروعيته.[٤٤] كما ذهب محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي[٤٥] وأتباعه علماء الوهابية، أن التوسل بالأنبياء والأولياء بعد وفاتهم شرك وبدعة.[٤٦]

مشروعية التوسل بالأموات بنظر علماء المسلمين

وقد انتقد علماء الشيعة وأهل السنة وجهة نظر الوهابية. واستدل محمد بن علي الشوكاني (وفاة: 1250هـ) الفقيه الزيدي، بإجماع الصحابة على مشروعية التوسل بالنبي في حياته وبعد وفاته، وذكر إنَّه لم ينكر أحد من أصحاب مشروعية هذا النوع من التوسل.[٤٧] وبحسب أحمد بن محمد القسطلاني (وفاة: 923هـ) مؤرخ ومحدث من المذهب الشافعي في مصر، إن أخبار وآثار التوسل بالنبي بعد وفاته لا تحصى.[٤٨] وقال السمهودي أنَّه لا يوجد فرق في التوسل بالنبي في حياته أو بعدها.[٤٩] وقد ذكر بعض الأحاديث من المصادر الروائية السنية التي ورد فيها أن الصحابة كانوا يتوسلون بالنبي بعد وفاته في مختلف الأمور.[٥٠]

وذكر جعفر السبحاني أيضًا: كانت سيرة المسلمين قائمة على التوسل بالرسول في زمان حياته، وكذلك التوسل به بعد وفاته.[٥١] وبحسب محمد زاهد الكوثري (وفاة: 1371هـ) أحد علماء المذهب الحنفي من تركيا، إنَّ من أنكر التوسل بالأنبياء والصالحين بعد وفاتهم، فهو يعتقد بفناء الأرواح بعد الموت، ومنكر للمعاد والحياة الآخرة.[٥٢] واعتبر حصر الأحاديث بمشروعية التوسل في زمن حياة المتوسل به، بمنزلة تحريف لهذه الروايات وتأويلها بلا دليل.[٥٣]

يُعتبر من الشرك التوسل بمنزلة ومكانة النبي والأولياء الإلهيين

تقي الدين السبكي:

أنه يجوز ويحسن التوسل، والاستغاثة، والتشفع بالنبي(ص) إلى ربه سبحانه وتعالى. وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين، والمعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوام من المسلمين. ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، حتى جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار.[ملاحظة ١] وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الاعصار.[٥٤]

شبهات الوهابية في التوسل

التوسل والتوحيد

إن من أهم إشكالات الوهابية على التوسّل هي: إن التوسّل منافي للتوحيد ؛ لأن الإنسان لابد أن يطلب المساعدة من الله فقط دون سواه، والطّلب من غير الله شرك ـــــ إذ أنهم يفهمون التوسّل بأنها طلب من غير الله ـــ فالتوسل شرك بالله. ولأجل إثبات هذا المدعى حاولوا أن يستدلوا بمجموعة من الآيات والروايات، ومنها قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا.[٥٥]

وقوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.[٥٦] ويرى القائلون بمشروعية التوسّل إن هذه الآيات يراد منها عدم اشراك أحد مع الله في مسألة العبادة، فلا يجوز عبادة أحداً من دون الله مهما كانت منزلته عند الله مثل القرآن أو النبي (ص) أو أحد المعصومين، وهذا هو المراد من الآيتين في سورة الإسراء. أما ما جاء في سورة الفاتحة، فهي تنهى عن عبادة غير الله تعالى، والحال إن التوسّل هو جعل واسطة بين الله وعبده وتكون هذه الواسطة مرادة من قبل الله، ولا يمكن أن تعمل شيئاً من دون الله. وهذا المعنى وارد في القرآن قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ.[٥٧]

التوسل بالنبي بعد وفاته

يذهب ابن تيمية إلى أنّ التوسل بالنبيصلی الله عليه وآله وسلم والصالحين لا يجوز بعد مماتهم إنّما التوسّل الجائز يكون في حياتهم فقط، وبعد موتهم لا ينفع التوسّل بهم، وهو ليس صحيحاً شرعاً. ولكن أكثر المسلمين يذهبون إلى أن من يمت في هذا العالم فهو حي في عالم البرزخ بعد موته؛ لأن الموت ليس فناء للإنسان إنّما هو انتقال من عالم إلى عالم آخر وهذا ما يؤكده القرآن الكريم والروايات حيث يقول: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ[٥٨] والأنبياء أعلى درجة من الصالحين.

التوسل والبدعة

لم يعتبر النبيصلی الله عليه وآله وسلم ولا الصحابة والمسلمون في صدر الإسلام إن التوسّل من أعمال البدعة، بل كانوا يتوسلون بالنبي (ص) وبالقرآن إلى الله تعالى من أجل قضاء حوائجهم، ومن القصص المشهورة في التوسل هو توسل الخليفة عمر بن الخطاب بالعباس عم النبيصلی الله عليه وآله وسلم في الاستسقاء وطلب المطر من الله.[٥٩] كما أنّ هناك الكثير من الأدعية التي تدل على موارد كثيرة من توسل الصحابة.[٦٠]

الهوامش

  1. السبكي، شفاء السقام، ص293.
  2. ابن تيمية، قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، ص16.
  3. السبكي، شفاء السقام، ص318.
  4. السبحاني، التوسل، ص18.
  5. الحميري، التأمل في حقيقة التوسل، ص48؛ باكتجي، «توسل»، ص362.
  6. السبكي، شفاء السقام، ص59 ـ 61.
  7. المعموري، «نقد توسل از سوی سلفیه»، ص367 ـ 368.
  8. علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص368.
  9. علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص369.
  10. علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص369.
  11. علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص369.
  12. https://rafed.net/reyhana/article/15541، سفرة السيدة رقية عليها السلام.
  13. السمعاني، الأنساب، ج12، ص479.
  14. البغدادي، تاريخ بغداد، ج1، ص133.
  15. الكعبي، الإمام موسى الكاظم عليه السلام سيرة وتاريخ، ص216.
  16. الحميري، التأمل في حقيقة التوسل، ص16.
  17. الجوهري، الصحاح‌ تاج اللغة و صحاح العربية، ج5، ص1841.
  18. السبكي، شفاء السقام، ص314.
  19. عبد المنعم، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، ج1، ص150.
  20. الطباطبائي، الميزان، ج5، ص328؛ الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج11، ص349؛ سورة المائدة، الآية 35.
  21. السبحاني، منشورات جاويد، ج7، ص412؛ سورة النساء، الآية 64.
  22. مكارم الشيرازي، آيات الولاية في القرآن، ص201.
  23. سورة يوسف، الآية 97.
  24. السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ج4، ص196؛ الترمذي، سنن الترمذي، ج5، ص539؛ الطوسي، مصباح المتهجد، ص416؛ ابن طاووس، الإقبال، ص177؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج36، ص15 ـ 21.
  25. مكارم الشيرازي، آيات الولاية في القرآن، ص203.
  26. ابن الأثير، الكامل في تاريخ، ج3، ص166؛ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج2، ص411 -412.
  27. الطبري، ذخائر العقبى، ص 252؛ ابن حجر الهيتمي، مجمع الزائد، ج9، ص39.
  28. الطبراني، المعجم الكبير، ج9، ص30.
  29. الدحلان، الدرر السنية، ص18.
  30. دحلان، الدرر السنية، ص31.
  31. دحلان، الدرر السنية، ص180.
  32. السمهودي، وفاء الوفا، ج4، ص1376.
  33. الحميري، التأمل في حقيقة التوسل، ص76.
  34. السبحاني، التوسل، ص69.
  35. «حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم»، موقع دار الإفتاء المصریة.
  36. الحميري، التأمل في حقيقة التوسل، ص49.
  37. الرفاعي، التوصل إلى حقيقة التوسل، ص185.
  38. الرفاعي، التوصل إلى حقيقة التوسل، ص186.
  39. السبكي، شفاء السقام، ص305.
  40. السمهودي، وفاء الوفاء، ج4، ص196.
  41. السبكي، شفاء السقام، ص305؛ السمهودي، وفاء الوفاء، ج4، ص196.
  42. القمي، تفسير القمي، ج1، ص168؛ البحراني، البرهان في تفسير القرآن، ج2، ص292.
  43. المجلسي، بحار الأنوار، ج102، ص247 ـ 249.
  44. ابن تيمية، مجموعة الرسائل والمسائل، ج1، ص22 ـ 23.
  45. عبد الوهاب، كشف الشبهات، ص51 ـ 52.
  46. ابن باز، التوسل المشروع والتوسل الممنوع، ص35 ـ 36.
  47. الشوكاني، الدر النضيد، ص20.
  48. القسطلاني، المواهب اللدنية، ج3، ص606.
  49. السمهودي، وفاء الوفاء، ج4، ص195.
  50. السمهودي، وفاء الوفاء، ج4، ص195 ـ 196.
  51. السبحاني، التوسل، ص52.
  52. الكوثري، محق التقول في مسألة التوسل، ص4.
  53. الكوثري، محق التقول في مسألة التوسل، ص5.
  54. السبكي، شفاء السقام، ص293.
  55. الإسراء: 56 ــ57.
  56. الفاتحة: 5.
  57. البقرة: 45.
  58. آل عمران : 160 ـــ 171.
  59. البخاري، صحيح البخاري، ج 2، ص 16؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 3، ص 166؛ ابن حجر العسقلاني، ج 2، ص 411 ـــ 412.
  60. الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج 9، ص 180.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن المغازلي، علي بن محمد بن محمد، مناقب الامام علي بن ابي طالب عليه السلام‌، صنعاء، دار الآثار، ط 1، 1424 هـ/ 2003 م.
  • ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن هبة الله، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، قم، مكتبة آية الله المرعشي، 1404 هـ.
  • ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق: علي محمد معوض، وعادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1415 هـ/ 1994 م.
  • ابن الأثير، علي بن محمد، الكامل في التاريخ، بيروت، دار صادر، 1385 هـ/ 1965 م.
  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر، ط 2، د.ت.
  • ابن حنبل، أحمد بن محمد، مسند أحمد بن حنبل، بيروت، دار صادر، د.ت.
  • ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء الكتب العربية، د.ت.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، القاهرة، أدارة الطباعة المنيرية، د.ت.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403 هـ/ 1983 م.
  • الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق: حسام الدين القدسي، القاهرة، مكتبة القدسي، 1414 هـ/ 1994 م.


خطأ استشهاد: وسوم <ref> موجودة لمجموعة اسمها "ملاحظة"، ولكن لم يتم العثور على وسم <references group="ملاحظة"/>