انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التبري»

من ويكي شيعة
imported>Esmati
imported>Ahmadnazem
طلا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
{{مقالة فقهية وصفية}}
{{مقالة فقهية وصفية}}
{{قالب:الأحكام}}
{{قالب:الأحكام}}
'''التبرّي'''، هو مصطلح [[كلام|كلاميّ]]، يعد من التعاليم الاعتقادية و السلوك الديني خاصة لدى [[الشيعة الإمامية]] و بعض من الفرق [[الإسلام|الإسلامية]]؛ و يعادل التبري، الإنزجار و التنفر من أعداء [[الله]] و الأولياء الصالحين. و نحن نجد جذور هذا المصطلح في [[القرآن الكريم]] و توزعت على عشرين سورة قرآنية.
'''التبرّي'''، هو مصطلح [[كلام|كلاميّ]]، يعد من التعاليم الاعتقادية و السلوك الديني خاصة لدى [[الشيعة]] و بعض من الفرق [[الإسلام|الإسلامية]]؛ و يعادل التبري، الإنزجار و التنفر من أعداء [[الله]] و الأولياء الصالحين. و نحن نجد جذور هذا المصطلح في [[القرآن الكريم]] و توزعت على عشرين سورة قرآنية.
والجدير بالذكر أنّ جميع المذاهب أوجبت على أتباعها التبرّي من أعداء الله انطلاقاً من إيمانها بأنّها المصداق الأوحد لأولياء الله وانحصار هذا المفهوم بها، فيما يندرج مخالفوها تحت مقولة أعداء الله الذين يجب التبرّي منهم.
والجدير بالذكر أنّ جميع المذاهب أوجبت على أتباعها التبرّي من أعداء الله انطلاقاً من إيمانها بأنّها المصداق الأوحد لأولياء الله وانحصار هذا المفهوم بها، فيما يندرج مخالفوها تحت مقولة أعداء الله الذين يجب التبرّي منهم.


سطر ١٧: سطر ١٧:
الأول  هو المفارقة من أعداءالله و الخروج من [[البيعة|بيعة]]المشركين و الكفار.
الأول  هو المفارقة من أعداءالله و الخروج من [[البيعة|بيعة]]المشركين و الكفار.
والثاني بمعنى الانقطاع و الانفصال عن أتباع الباطل. <ref>طبرسي، ج 5 ، ص3 ـ 4 ؛ عبدالباقي، همانجا</ref>
والثاني بمعنى الانقطاع و الانفصال عن أتباع الباطل. <ref>طبرسي، ج 5 ، ص3 ـ 4 ؛ عبدالباقي، همانجا</ref>
<br />


== الأحاديث و التبري ==
== الأحاديث و التبري ==
سطر ٥٧: سطر ٥٥:
<ref>السورة الممتحنة، الآية6</ref>
<ref>السورة الممتحنة، الآية6</ref>


و هناك أحاديث من النبي {{صل}} تبين لنا الذين لابد لنا أن نتبرأ منهم؛ مثلا في حديث منه {{صل}} إلى علي {{عليه السلام}} جاء: «اَنـَا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمْتَ و حَرْبٌ لِمَنْ حارَبْتَ» أو «الأئمة بعدي إثنا عشر إماما و الرد عليهم كارد عليّ»، و كلام النبي {{صل}} في شأن الإمام [[علي]] {{عليه السلام}} و السيدة [[فاطمة]] (عليها السلام) و [[الإمام الحسن|الإمام الحسن]] و [[الإمام الحسين|الإمام الحسين]] (عليهم السلام) : «اَنـَا حَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ و سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ».<ref>ابن بابويه، 1412 ، ص 78 ـ  81 ؛ همو، 1410 ، ص 125 ؛ اخطب خوارزم، ص 61 ؛ حرّ عاملي، ج 16 ، ص 177 ـ 183 </ref>


و هناك أحاديث من النبي {{صل}} تبين لنا الذين لابد لنا أن نتبرأ منهم؛ مثلا في حديث منه {{صل}} إلى علي {{عليه السلام}} جاء: «اَنـَا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمْتَ و حَرْبٌ لِمَنْ حارَبْتَ» أو «الأئمة بعدي إثنا عشر إماما و الرد عليهم كارد عليّ»، و كلام النبي {{صل}} في شأن الإمام [[علي]] {{عليه السلام}} و السيدة [[فاطمة]] (عليها السلام) و [[الإمام الحسن|الإمام الحسن]] و [[الإمام الحسين|الإمام الحسين]] (عليهم السلام) : «اَنـَا حَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ و سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ».<ref>ابن بابويه، 1412 ، ص 78 ـ  81 ؛ همو، 1410 ، ص 125 ؛ اخطب خوارزم، ص 61 ؛ حرّ عاملي، ج 16 ، ص 177 ـ 183 </ref>
<br />
كذلك كان [[أئمة الشيعة]] (عليهم السلام) يُعَيِّنُون المصاديق التي يتعلق بها حكم التبري ، مثل:
كذلك كان [[أئمة الشيعة]] (عليهم السلام) يُعَيِّنُون المصاديق التي يتعلق بها حكم التبري ، مثل:
{{Div col|2}}
{{Div col|2}}
سطر ٦٨: سطر ٦٥:
*وقتلة الإمام علي {{عليه السلام}} و كل قاتلي الأئمة و أهل البيت (عليهم السلام)<ref>ابن بابويه، 1362 ش، ج 2 ، ص 607 ـ  608 ؛ مجلسي، ج 10، ص 358 ، ج  65 ، ص 263 </ref>
*وقتلة الإمام علي {{عليه السلام}} و كل قاتلي الأئمة و أهل البيت (عليهم السلام)<ref>ابن بابويه، 1362 ش، ج 2 ، ص 607 ـ  608 ؛ مجلسي، ج 10، ص 358 ، ج  65 ، ص 263 </ref>
{{Div col end}}
{{Div col end}}


مع الإلتفات إلى أنه من منظار الشيعة لا يستحق كل من ليس بشيعي التبرّي، بل يشمل وجوب التبري الأشخاص الذين نصبوا العداوة (نصبوا علم العداوة) بالنسبة إلى [[عترة النبي|العترة الطاهرة]] للنبي {{صل}} حسب التعبيرات الروائية و المصادر الفقهية مع العلم بأحقيّتهم، أو أنهم مصابون [[الغلو|بالغلو]]و يعتقدون بألوهية الإمام علي {{عليه السلام}}أو أي إنسان آخر أو مثل [[المفوضة]] <ref>التفويض بمعنى  تفويض الله الأمور إلى النبي {{صل}} و الأئمة {{عليه السلام}} و يستلزم التعطيل و ...</ref> ، الذين كانوا يعتقدون بأنّ أمر الخلق و الرزق و الإحياء و الإماتة فوضت إلى النبي {{صل}} و الإمام علي {{عليه السلام}}.
مع الإلتفات إلى أنه من منظار الشيعة لا يستحق كل من ليس بشيعي التبرّي، بل يشمل وجوب التبري الأشخاص الذين نصبوا العداوة (نصبوا علم العداوة) بالنسبة إلى [[عترة النبي|العترة الطاهرة]] للنبي {{صل}} حسب التعبيرات الروائية و المصادر الفقهية مع العلم بأحقيّتهم، أو أنهم مصابون [[الغلو|بالغلو]]و يعتقدون بألوهية الإمام علي {{عليه السلام}}أو أي إنسان آخر أو مثل [[المفوضة]] <ref>التفويض بمعنى  تفويض الله الأمور إلى النبي {{صل}} و الأئمة {{عليه السلام}} و يستلزم التعطيل و ...</ref> ، الذين كانوا يعتقدون بأنّ أمر الخلق و الرزق و الإحياء و الإماتة فوضت إلى النبي {{صل}} و الإمام علي {{عليه السلام}}.


كما جرى ذكر مصاديق المتبرأ منهم على لسان الأئمة المعصومين عليهم السلام في أكثر من موضع مشيرين إلى عناوين هؤلاء من قبيل: الظالم لعترة النبي (ص) والمنتهك لحرماتهم؛ والمغيّر لسنّة الرسول؛ ومن أهان خيرة الصحابة وأخرجهم من ديارهم؛ فضلاً عن التصرف بأموال الفقراء وجعلها دولة بين الاغنياء؛ ومن الذين تم التأكيد على التبرء منهم: الناكثون (أصحاب الجمل) والقاسطون (معاوية وجيشه) والمارقون (الخوارج) فضلاً عن جميع أئمة الكفر والضلال، وقادة الجور والظلم، وقتلة أمير المؤمنين، والأئمة من ولده وأهل بيته.
كما جرى ذكر مصاديق المتبرأ منهم على لسان الأئمة المعصومين عليهم السلام في أكثر من موضع مشيرين إلى عناوين هؤلاء من قبيل: الظالم لعترة النبي (ص) والمنتهك لحرماتهم؛ والمغيّر لسنّة الرسول؛ ومن أهان خيرة الصحابة وأخرجهم من ديارهم؛ فضلاً عن التصرف بأموال الفقراء وجعلها دولة بين الاغنياء؛ ومن الذين تم التأكيد على التبرء منهم: الناكثون (أصحاب الجمل) والقاسطون (معاوية وجيشه) والمارقون (الخوارج) فضلاً عن جميع أئمة الكفر والضلال، وقادة الجور والظلم، وقتلة أمير المؤمنين، والأئمة من ولده وأهل بيته.
سطر ٩٠: سطر ٨٥:
== فلسفة التبري ==
== فلسفة التبري ==
شاءت الارادة الإلهية أن تنسجم الأحكام والتشريعات الإلهية مع الفطرة الإنسانية؛ باعتبار أنّ الانسان موجود يتوفر فضلاً عن قواه المعرفية على عواطف وأحساسيس ومشاعر خاصّة تدور بين النفي والإيجاب. ومن الطبيعي جدّاً أن تكون المشاعر السلبية كالغضب والغم والبكاء و... قد خلقت في الانسان لحكمة وغاية صحيحة، والّا استلزم وجود عنصر عبثي ضمن التركيبة البشرية. ومن هنا نجد في مقابل الحبّ، عنصر البغض والعداء، فكما أنّ الفطرة البشرية تقتضي الميل نحو من يحسن إليها كذلك تقتضي التنفر والابتعاد عن المسيئ.
شاءت الارادة الإلهية أن تنسجم الأحكام والتشريعات الإلهية مع الفطرة الإنسانية؛ باعتبار أنّ الانسان موجود يتوفر فضلاً عن قواه المعرفية على عواطف وأحساسيس ومشاعر خاصّة تدور بين النفي والإيجاب. ومن الطبيعي جدّاً أن تكون المشاعر السلبية كالغضب والغم والبكاء و... قد خلقت في الانسان لحكمة وغاية صحيحة، والّا استلزم وجود عنصر عبثي ضمن التركيبة البشرية. ومن هنا نجد في مقابل الحبّ، عنصر البغض والعداء، فكما أنّ الفطرة البشرية تقتضي الميل نحو من يحسن إليها كذلك تقتضي التنفر والابتعاد عن المسيئ.


والجدير بالذكر هنا أنّ الانسان المؤمن لا يتخذ من مصالحه الشخصية وميوله النفسيه والمادية معياراً للتبري والتولي وإنما يجعل المعيار الذي يحرك بوصلته بالاتجاهات المتعددة هو محور الدين والقيم السماوية؛ وذلك لما لهذا الأمر من خطر على مستقبل الإنسان وسعادته الدنيوية والأخروية فالعداء والخصومة فيها  تعني جرّ الانسان إلى السير بالاتجاه المعاكس للرسالة كما يستفاد ذلك من الآية السادسة من سورة فاطر : {{قرآن | إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ...﴿٦﴾}}<ref>سورة الفاطر، الآيه ۶</ref>
والجدير بالذكر هنا أنّ الانسان المؤمن لا يتخذ من مصالحه الشخصية وميوله النفسيه والمادية معياراً للتبري والتولي وإنما يجعل المعيار الذي يحرك بوصلته بالاتجاهات المتعددة هو محور الدين والقيم السماوية؛ وذلك لما لهذا الأمر من خطر على مستقبل الإنسان وسعادته الدنيوية والأخروية فالعداء والخصومة فيها  تعني جرّ الانسان إلى السير بالاتجاه المعاكس للرسالة كما يستفاد ذلك من الآية السادسة من سورة فاطر : {{قرآن | إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ...﴿٦﴾}}<ref>سورة الفاطر، الآيه ۶</ref>


لو أنه يجب المودة مع أولياء الله، لا بد من العداوة ضد أعداء الله. هذه هي الفطرة الإنسانية و هي عامل للتكامل و السعادة الإنسانية. لو لم يكن هناك «عداوة» ضد أعداء الله، شيئا فشيئا يتحول السلوك الإنساني معهم سلوكا وُدِّيا، و إثر المعاشرة، يتأثر من سلوكهم و يقبل كلامهم و آرائهم و من ثم يتحول إلى شيطان مثلهم.
لو أنه يجب المودة مع أولياء الله، لا بد من العداوة ضد أعداء الله. هذه هي الفطرة الإنسانية و هي عامل للتكامل و السعادة الإنسانية. لو لم يكن هناك «عداوة» ضد أعداء الله، شيئا فشيئا يتحول السلوك الإنساني معهم سلوكا وُدِّيا، و إثر المعاشرة، يتأثر من سلوكهم و يقبل كلامهم و آرائهم و من ثم يتحول إلى شيطان مثلهم.


علما أنّ الموقف الرادع للأعداء يخلق لدى الانسان نظاماً دفاعياً يحصنه من الأخطار والمضار التي تواجهه. فكما أنّ البدن مزود بنظامي جذب ودفع، يقوم الأوّل بجذب المواد النافعة والمنسجة مع التركيبة العضوية للبدن ويقوم الثاني بطرد العناصر المضرة كالميكروبات والسموم، كذلك يوجد في العنصر الثاني من المركب البشري (الروح) عنصر الجذب والدفع لاستقطاب العناصر والعوامل المؤثرة في تكامل النفس والتقرب من الجماعات التي تساعدنا في تحقيق هذا الغرض لنتخذ منهم اصدقاء ننتفع بعلمهم وكمالهم ونهتدي بهديهم وما توفروا عليه من قيم وخلق رفيع؛ وفي المقابل نقف موقفاً طارداً للجماعات التي من شأنها الحاق الضرر بنا، فتتحد حركتنا بين الحبّ للصلاح والصالحين والبغض والعداء للرذيلة ومن يمثلها. الإ أن هذا لا يعني التنصل عن المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق المؤمنين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ رسالات الله ونشر قيم السماء بين البشرية والأخذ بيد المنحرفين نحو الخير والسعادة.
علما أنّ الموقف الرادع للأعداء يخلق لدى الانسان نظاماً دفاعياً يحصنه من الأخطار والمضار التي تواجهه. فكما أنّ البدن مزود بنظامي جذب ودفع، يقوم الأوّل بجذب المواد النافعة والمنسجة مع التركيبة العضوية للبدن ويقوم الثاني بطرد العناصر المضرة كالميكروبات والسموم، كذلك يوجد في العنصر الثاني من المركب البشري (الروح) عنصر الجذب والدفع لاستقطاب العناصر والعوامل المؤثرة في تكامل النفس والتقرب من الجماعات التي تساعدنا في تحقيق هذا الغرض لنتخذ منهم اصدقاء ننتفع بعلمهم وكمالهم ونهتدي بهديهم وما توفروا عليه من قيم وخلق رفيع؛ وفي المقابل نقف موقفاً طارداً للجماعات التي من شأنها الحاق الضرر بنا، فتتحد حركتنا بين الحبّ للصلاح والصالحين والبغض والعداء للرذيلة ومن يمثلها. الإ أن هذا لا يعني التنصل عن المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق المؤمنين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ رسالات الله ونشر قيم السماء بين البشرية والأخذ بيد المنحرفين نحو الخير والسعادة.


== الهوامش ==
== الهوامش ==
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px" >
{{مراجع|2}}
{{مراجع|2}}
</div>


== المصادر ==
== المصادر ==
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px" >
{{Div col|2}}
{{Div col|2}}
*القرآن الكريم
*القرآن الكريم
سطر ١٥٨: سطر ١٤٦:
*Encyclopaedia Iranica , s.v. "Bara ¦ Ýa" (by E. Kohlberg); EI 2 , s.v. "`Tabarru ف " (by J. Calmard).
*Encyclopaedia Iranica , s.v. "Bara ¦ Ýa" (by E. Kohlberg); EI 2 , s.v. "`Tabarru ف " (by J. Calmard).
{{Div col end}}
{{Div col end}}
</div>


== وصلات خارجية ==
== وصلات خارجية ==

مراجعة ١٥:٢٦، ٩ مايو ٢٠١٧

بعض الأحكام العملية والفقهية
فروع الدين
الصلاة
الواجبةالصلوات اليوميةصلاة الجمعةصلاة العيدصلاة الآياتصلاة القضاءصلاة الميت
المستحبةصلاة الليلصلاة الغفيلةصلاة جعفر الطياربقية الصلواتصلاة الجماعةصلوات ليالي شهر رمضان
بقية العبادات
الصومالخمسالزكاةالحجالجهادالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرالولايةالبراءة
أحكام الطهارة
الوضوءالغسلالتيممالنجاساتالمطهرات
الأحكام المدنية
الوكالةالوصيةالضمانالحوالةالكفالةالصلحالشركةالإرث
أحكام الأسرة
النكاحالمهرالزواج المؤقتتعدد الزوجاتالرضاعالحضانةالطلاقالخلعالمباراةالظهاراللعانالإيلاء
الأحكام القضائية
القضاءالشهاداتالدياتالحدودالقصاصالتعزير
الأحكام الاقتصادية
العقودالتجارةالبيعالإجارةالقرضالرباالمضاربةالمزارعة
أحكام أخرى
الصدقةالنذرالتقليدالأطعمة والأشربةالوقف
روابط ذات صلة
الفقهالأحكام الشرعيةالرسالة العمليةالتكليفالواجبالحرامالمستحبالمباحالمكروه


التبرّي، هو مصطلح كلاميّ، يعد من التعاليم الاعتقادية و السلوك الديني خاصة لدى الشيعة و بعض من الفرق الإسلامية؛ و يعادل التبري، الإنزجار و التنفر من أعداء الله و الأولياء الصالحين. و نحن نجد جذور هذا المصطلح في القرآن الكريم و توزعت على عشرين سورة قرآنية. والجدير بالذكر أنّ جميع المذاهب أوجبت على أتباعها التبرّي من أعداء الله انطلاقاً من إيمانها بأنّها المصداق الأوحد لأولياء الله وانحصار هذا المفهوم بها، فيما يندرج مخالفوها تحت مقولة أعداء الله الذين يجب التبرّي منهم.

في هذه القضية تعتقد الشيعة أنّ الإمامة في حقيقتها عبارة عن منصب إلهيّ ، يتم تعيين الإمام فيه من قبل المولى تعالى ، لأنّه يمثّل استمرارًا للرسالة ، وضمانة لحفظها و بقائها , وقد بيّن رسول اللّه صلی الله عليه وآله وسلم هوية الأئمة (ع) الذين سيأتون من بعده , وعليه فلأهمية موقع الإمامة في الإسلام ومكانتها تعتقد الشيعة أنّ الذين منعوا الأئمة من تأدية وظائفهم التي كُلِّفوا بها ، أو الذين كانوا يكيدون لأئمة أهل البيت (ع) انطلاقا من حقدهم ، هم أعداء الله و يجب التبرّي منهم .

وقد استند علماء الشيعة في إثبات منصب الإمامة إلى بعض الآيات القرآنية لإثبات مدعاهم مثل: الآيات 18 و 19 من سورة هود و الآية 25 من سورة الأنفال و الآية 22 من سورة المجادلة ــ ومستندين أيضا إلى الروايات المعتبرة الكثيرة الواردة في الجوامع الحديثية لـأهل السنة و الشيعة التي وردت في منزلة الإمام علي عليه السلام، وهذه الأحاديث قد بيّنت أنّ الموالي لأمير المؤمنين موال لله ولرسوله والمعادي له معاد لله ولرسوله وبهذا استدلوا على وجوب التبري من أعداءه عليه السلام ووجوب التوالي لأوليائه .

معني التبري

برأ، أصل البُرْءِ والبَرَاءِ والتبرّي: التقصّي مما يكره مجاورته، ولذلك قيل: بَرَأْتُ من المرض وبَرِئْتُ من فلان و تَبَرَّأْتُ و أَبْرَأْتُهُ من كذا، وبَرَّأْتُهُ، ورجل بَرِي‏ءٌ، وقوم بُرَآء وبَرِيئُون. وأنّ مادّة برأ- و- برى- متقارب أحدهما من الآخر، والأصل الجامع الواحد فيها: هو التباعد من النقص والعيب، سواء كان في مرحلة التكوين أو بعده. ومن هذا المعنى يتفرّع مفهوم التسوية والنحت لشي‏ء، فإنّه باعتبار رفع النقص وتكميله بالنسبة إلى ما يقصد منه، فإنّ النقص والكمال في كلّ شي‏ء بحسبه. [١] وهكذا مفهوم الخلق أي التكوين والإيجاد على كيفيّة: فإنّ التكوين بعد التقدير، والفعل بعد القوّة تكميل للشي‏ء ورفع لجهات النقص والضعف منه. فحقيقة البرء والتبرئة: ترجع إلى التكميل ورفع ثوائب الضعف "إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ" أي نزيه ومتباعد من هذه العقيدة. [٢]

التبري في القرآن الكريم

إنّ مصطلح و تعاليم التبرّي تعود إلى الجذور القرآنية , حيث أنّه توجد في القرآن الكريم سورةٌ تبدأ بذكر برائة الله و رسوله صلی الله عليه وآله وسلم من المشركين و سميت هذه السورة بسورة «البرائة»، وقد استعملت مادّة البرائة و مشتقاتها في عشرين سورة قرآنية (و في 27 آية) و في المجموع استعملت هذه المفردة و مشتقاتها ثلاثين مرة في القرآن الكريم. [٣] منها:

التبرّي من الشرك[٤] و كذلك إظهار برائة النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم من المخالفين و برائة المخالفين منه صلی الله عليه وآله وسلم.[٥] وقد ورد في القرآن الكريم مفردة البرائة و التبرّي بمعناهما اللغوي بوجهين:

الأول هو المفارقة من أعداءالله و الخروج من بيعةالمشركين و الكفار. والثاني بمعنى الانقطاع و الانفصال عن أتباع الباطل. [٦]

الأحاديث و التبري

أكد النبي الأعظم صلی الله عليه وآله وسلم في حديث على أهمية التبرّي و عرف صلی الله عليه وآله وسلم البرائة (البغض في الله) كأهم و أوثق حبال الإيمان (مِنْ اَوْثقِ عُري الايمانِ). [٧]وقد صرّح الإمام الصادق عليه السلام بوجوب البرائة من مخالفي دين الله و أصدقاء أعداءالله و أعداء أصدقاء الله. [٨]

كذلك أكدت الروايات على معية التّولّي و الّتبرّي.

التبري في المذاهب الإسلامية

كانت أكثر الفرق و المذاهب الإسلامية تعتقد بقضية التبري حسب التأكيد القرآني البالغ و الأحاديث النبوية عليه، و لم يكن بينهم خلاف في المفهوم الكلي القرآني للتبري و في ضرورته و أهميته؛ لكن حدثت خلافات بينهم في تعيين مصاديق العداوة للّه و معايير الخروج عن الدين. و آراء الفرق الإسلامية حول من يندرج تحت نطاق أهل الباطل و كيفية مواجهاتهم مع هذا الفريق مختلفة. [٩] ومنه توزعت الفرق الإسلامية بين مفرطة في التكفير وتوسيع مساحة الفساد حتى اعتبر البعض منهم الشيعة الإمامية والزيدية من الفرق الكافرة رغم اندراجهم الواضح والجلي تحت خيمة الدين الاسلامي والوقوف في صف المسلمين. [١٠]الأمر الذي واجه رفضاً من قبل الكثير من علماء المسلمين ومتكلميهم.[١١]

قالب:اعادة صياغة

التبري من منظار الشيعة

تعرّض أئمة الشيعة وفي مناسبات مختلفة لقضية التبرّي و عَدّوا التبرّي في بعض الأحداث من لوازم الإسلام و الإيمان و من الأمور الواجبة في الشريعة؛ و هذا هو السبب الذي دفع الشيعة للقول بالتبرّي مع التولي - الذي هو من المفاهيم المخالفة و المتضادة مع التبري - ضمن فروع الدين و الواجبات. و المراد منه العداوة ضد أعداء أهل بيت النبي صلی الله عليه وآله وسلم و التبري من هؤلاء الأعداء. [١٢]

على مدى التّاريخ الإسلامي، كان التبرّي متجذرا إما في المسائل الكلامية و الإعتقادية مثل مسألة الإمامة و خلافة النبي (ص)، و إما في الأغراض و النزاعات السياسية و‌ في بعض المواقع في الأغراض الشخصية. [١٣] و هنا يحظى أصل التبرّي بجانب أصل التولّى، عن موقع ممتاز و له وزنه الخاص في مذهب التشيع. و هذا الأصل يعد من التعاليم الأساسية لأتباع هذا المذهب.

يرى الشيعة الإعتقاد بالإمامة المنصوصة من أصول الدين و يعتقدون أن الإمامة مع هذا القيد (قيد تنصيص الإمام) هي مواصلة للرسالة و هي ضامنة لحفظ و بقاء الإسلام. و الأئمة الإثني عشر بعد النبي صلی الله عليه وآله وسلم، هم المعصومون و المنصوصون من الجانب الإلهي، عرفهم رسول اللّه صلی الله عليه وآله وسلم و كل إمام كذلك عرف الإمام التالي. الأئمة (عليهم السلام) يحفظون الدين من أي تحريف و نقص و تغيير في الجانب العقائدي و الأحكام. [١٤]. و حسب هذا الإعتقاد، أعداء الأئمة يعني الذين يمنعون عن تحقق الإمامة و بالتالي كانوا يمنعون عن تحقق الوجه الخالص و الحقيقي للإسلام أو كانوا يبغضون أهل بيت النبي صلی الله عليه وآله وسلم، إذن هم أعداء الله و يجب التبرّي منهم. [١٥].

يضاف إلى ذلك أنّ بعض علماء الشيعة و مفسريها اعتبروا بعض الآيات ــ منها الآيات 18 و 19 لسورة الهود و الآية 25 لسورة الأنفال و الآية 22 لسورة المجادلة ــ مستعينين في ذلك بالروايات المعتبرة الكثيرة الواردة في الجوامع الحديثية الشيعية و السنية، في شأن الإمام علي عليه السلام، معتبرة العداوة له على حدّ العداء مع الله والرسول صلی الله عليه وآله وسلم الأمر الذي يوجب البراءة من أعداءه عليه السلام . [١٦]

مصاديق من يجب التبرّي منهم

أشار القرآن الكريم في أكثر من سورة إلى البراءة من المشركين والوثنيين وقادة الشرك ودعاة الضلال والإنحراف والبراءة مما يعبدون هناك آيات قرآنية عديدة تصرح بالبرائة من عدة أشخاص:

  • البرائة من الشرك .
  • البرائة من عبادة الأصنام.
  • البرائة من قيادة الشرك و الضلالة و معبوداتهم.

و من الآيات:

بعض آيات سورة الممتحنة تتكلم عن تبرّي النبي إبراهيم و أصحابه و يقول: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ...﴿٤﴾ [١٧]

مع الإلتفات إلي أن الله نهي بشدة في بداية السورة عن مولاة أعداء الله؛ عَرَّفَ للمسلمين قدوة محترمة هو النبي إبراهيم (ع) الذي قال لقومه المشرك: «قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» .

و يؤكد الله تعالى في نفس السورة على ضرورة التأسي بإبراهيم و أصحابه و يجعلهم أحسن مثال للمسلمين و يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴿٦﴾ [١٨]

و هناك أحاديث من النبي صلی الله عليه وآله وسلم تبين لنا الذين لابد لنا أن نتبرأ منهم؛ مثلا في حديث منه صلی الله عليه وآله وسلم إلى علي عليه السلام جاء: «اَنـَا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمْتَ و حَرْبٌ لِمَنْ حارَبْتَ» أو «الأئمة بعدي إثنا عشر إماما و الرد عليهم كارد عليّ»، و كلام النبي صلی الله عليه وآله وسلم في شأن الإمام علي عليه السلام و السيدة فاطمة (عليها السلام) و الإمام الحسن و الإمام الحسين (عليهم السلام) : «اَنـَا حَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ و سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ».[١٩]

كذلك كان أئمة الشيعة (عليهم السلام) يُعَيِّنُون المصاديق التي يتعلق بها حكم التبري ، مثل:

  • الذين ظلموا العترة الطاهرة للنبي الأعظم صلی الله عليه وآله وسلم و هتكوا حرمتهم .
  • الذين غيروا سنّة النبي الأعظم صلی الله عليه وآله وسلم و الذين نفوا المصطفون من أصحاب النبي صلی الله عليه وآله وسلم .
  • الذين قسّموا أموال الفقراء بين الأغنياء .
  • الذين حاربوا أئمة أهل البيت (ع) .
  • وقتلة الإمام علي عليه السلام و كل قاتلي الأئمة و أهل البيت (عليهم السلام)[٢٠]

مع الإلتفات إلى أنه من منظار الشيعة لا يستحق كل من ليس بشيعي التبرّي، بل يشمل وجوب التبري الأشخاص الذين نصبوا العداوة (نصبوا علم العداوة) بالنسبة إلى العترة الطاهرة للنبي صلی الله عليه وآله وسلم حسب التعبيرات الروائية و المصادر الفقهية مع العلم بأحقيّتهم، أو أنهم مصابون بالغلوو يعتقدون بألوهية الإمام علي عليه السلامأو أي إنسان آخر أو مثل المفوضة [٢١] ، الذين كانوا يعتقدون بأنّ أمر الخلق و الرزق و الإحياء و الإماتة فوضت إلى النبي صلی الله عليه وآله وسلم و الإمام علي عليه السلام.

كما جرى ذكر مصاديق المتبرأ منهم على لسان الأئمة المعصومين عليهم السلام في أكثر من موضع مشيرين إلى عناوين هؤلاء من قبيل: الظالم لعترة النبي (ص) والمنتهك لحرماتهم؛ والمغيّر لسنّة الرسول؛ ومن أهان خيرة الصحابة وأخرجهم من ديارهم؛ فضلاً عن التصرف بأموال الفقراء وجعلها دولة بين الاغنياء؛ ومن الذين تم التأكيد على التبرء منهم: الناكثون (أصحاب الجمل) والقاسطون (معاوية وجيشه) والمارقون (الخوارج) فضلاً عن جميع أئمة الكفر والضلال، وقادة الجور والظلم، وقتلة أمير المؤمنين، والأئمة من ولده وأهل بيته. بمعنى أنه جرى ذكر مصاديق المتبرأ منهم على لسان الأئمة المعصومين عليهم السلام في أكثر من موضع مشيرين إلى عناوين هؤلاء من قبيل:

الظالم لعترة النبي صلی الله عليه وآله وسلم والمنتهك لحرماتهم؛ والمغيّر لسنّة الرسول؛ ومن أهان خيرة الصحابة واخرجهم من ديارهم؛ فضلاً عن التصرف بأموال الفقراء وجعلها دولة بين الاغنياء؛ ومن الذين تم التأكيد على التبرء منهم: الناكثون (أصحاب الجمل) والقاسطون (معاوية وجيشه) والمارقون (الخوارج) فضلاً عن جميع أئمة الكفر والضلال، وقادة الجور والظلم، وقتلة أمير المؤمنين، والأئمة من ولده وأهل بيته.[٢٢]

أسلوب التبرّي والافصاح عنه

يتأثر أسلوب التعبير عن التبرّي والافصاح عنه- سواء على الساحة الشيعية أم السنية- بعوامل كثيرة سعة وضيقا منها دور السلطات التي تحرّك بُوصلة التبرّي بالاتجاه الذي ينسجم مع مصالحها فإن شاءت رفعت مؤشر محرار التبرّي إلى الحد الأقصى أو خفضته إلى الحد الأدنى. و لا بد لنا أن نلتفت إلى أن سيرة أغلبية علماء الشيعة على الأقل في إظهار التبرّي من الأعداء هو التأسي بالإمام الإمام علي عليه السلام، في رعاية أصل تقوية الوحدة و تحكيم عرى الأخوة الإسلامية و السعي نحو تقريب المذاهب الإسلامية.

هناك شواهد كثيرة في سيرة و ترجمة حياة العلماء الكبار مثل الشيخ المفيد و السيد المرتضي و الشيخ الطوسي، و ميرزا حسن الشيرازي و ميرزا محمد حسين النائيني و آية اللّه حسين البروجردي و الإمام الخميني.

ساعدت روايات أوصت بالإحتراز عن أي تحريك عاطفي و إثارة جو إساءة الظن، على اتخاذ هذه السيرة. [٢٣]

على الرغم من ذلك هناك شواهد منقولة من التبرّي في عصور استقرار بعض الحكومات الشيعية مثل آل بوية و الفاطميين و الصفويين و عادل شاهيين و نظام الشاهيين و قطب شاهيين. [٢٤]

وفي الجهة الأخرى قام اتباع بعض المذاهب السلفية الوهابية قاموا بأعمال للتبرّي مثل الهجوم على مدن إسلامية مثل النجف الأشرف و كربلاء المعلي و مزار أئمة الشيعة و تخريب قبور الصحابة و كبار المذاهب الإسلامية و مولد الرسول الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم في مكّة المكرمة. [٢٥]

فلسفة التبري

شاءت الارادة الإلهية أن تنسجم الأحكام والتشريعات الإلهية مع الفطرة الإنسانية؛ باعتبار أنّ الانسان موجود يتوفر فضلاً عن قواه المعرفية على عواطف وأحساسيس ومشاعر خاصّة تدور بين النفي والإيجاب. ومن الطبيعي جدّاً أن تكون المشاعر السلبية كالغضب والغم والبكاء و... قد خلقت في الانسان لحكمة وغاية صحيحة، والّا استلزم وجود عنصر عبثي ضمن التركيبة البشرية. ومن هنا نجد في مقابل الحبّ، عنصر البغض والعداء، فكما أنّ الفطرة البشرية تقتضي الميل نحو من يحسن إليها كذلك تقتضي التنفر والابتعاد عن المسيئ.

والجدير بالذكر هنا أنّ الانسان المؤمن لا يتخذ من مصالحه الشخصية وميوله النفسيه والمادية معياراً للتبري والتولي وإنما يجعل المعيار الذي يحرك بوصلته بالاتجاهات المتعددة هو محور الدين والقيم السماوية؛ وذلك لما لهذا الأمر من خطر على مستقبل الإنسان وسعادته الدنيوية والأخروية فالعداء والخصومة فيها تعني جرّ الانسان إلى السير بالاتجاه المعاكس للرسالة كما يستفاد ذلك من الآية السادسة من سورة فاطر : ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ...﴿٦﴾[٢٦]

لو أنه يجب المودة مع أولياء الله، لا بد من العداوة ضد أعداء الله. هذه هي الفطرة الإنسانية و هي عامل للتكامل و السعادة الإنسانية. لو لم يكن هناك «عداوة» ضد أعداء الله، شيئا فشيئا يتحول السلوك الإنساني معهم سلوكا وُدِّيا، و إثر المعاشرة، يتأثر من سلوكهم و يقبل كلامهم و آرائهم و من ثم يتحول إلى شيطان مثلهم.

علما أنّ الموقف الرادع للأعداء يخلق لدى الانسان نظاماً دفاعياً يحصنه من الأخطار والمضار التي تواجهه. فكما أنّ البدن مزود بنظامي جذب ودفع، يقوم الأوّل بجذب المواد النافعة والمنسجة مع التركيبة العضوية للبدن ويقوم الثاني بطرد العناصر المضرة كالميكروبات والسموم، كذلك يوجد في العنصر الثاني من المركب البشري (الروح) عنصر الجذب والدفع لاستقطاب العناصر والعوامل المؤثرة في تكامل النفس والتقرب من الجماعات التي تساعدنا في تحقيق هذا الغرض لنتخذ منهم اصدقاء ننتفع بعلمهم وكمالهم ونهتدي بهديهم وما توفروا عليه من قيم وخلق رفيع؛ وفي المقابل نقف موقفاً طارداً للجماعات التي من شأنها الحاق الضرر بنا، فتتحد حركتنا بين الحبّ للصلاح والصالحين والبغض والعداء للرذيلة ومن يمثلها. الإ أن هذا لا يعني التنصل عن المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق المؤمنين من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ رسالات الله ونشر قيم السماء بين البشرية والأخذ بيد المنحرفين نحو الخير والسعادة.

الهوامش

  1. راغب اصفهاني؛ ابن منظور؛ صفي پوري، ذيل «برء»؛ نفيسي؛ داعي الاسلام، ذيل «تبرّا»
  2. التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج‏1، ص: 240
  3. مصطفوي ؛ عبدالباقي، ذيل «برء»
  4. الأنعام : 19 ، 78
  5. يونس : 41 ؛ الشعراء: 216
  6. طبرسي، ج 5 ، ص3 ـ 4 ؛ عبدالباقي، همانجا
  7. متقي، ج 1، ص 257 ؛ مجلسي، ج 66 ، ص 242
  8. ابن بابويه، 1412 ، ص 86
  9. قس د. اسلام، چاپ دوم، ذيل " ف "Tabarru ؛ كذلك راجعوا ايرانيكا، ذيل a" ف ¦"Bara
  10. بغدادي، ص 16 ، 278 ، 281
  11. براي نمونه رجوع كنيد به عضدالدين ايجي، ص 394 ـ 395
  12. ابن بابويه، 1412 ، ص 78 ـ 81 ؛ لاهيجي، ص 154 ـ 155
  13. ابن ابي الحديد، ج 4، ص 54 ، 56 ـ 58
  14. للإطلاع على موقعية و وظائف الإمامة في الأحاديث راجعوا: الكليني، ج 1 ، ص 198 ـ 203 حديث عن الإمام الرضا (عليه‌السلام)
  15. لاهيجي، همانجا؛ ابن بابويه، 1412 ، ص 81
  16. ابن بابويه، 1412 ، ص 77 ـ 78 ؛ حسكاني، ج 2 ، ص 329
  17. السورة الممتحنة، الآية 4
  18. السورة الممتحنة، الآية6
  19. ابن بابويه، 1412 ، ص 78 ـ 81 ؛ همو، 1410 ، ص 125 ؛ اخطب خوارزم، ص 61 ؛ حرّ عاملي، ج 16 ، ص 177 ـ 183
  20. ابن بابويه، 1362 ش، ج 2 ، ص 607 ـ 608 ؛ مجلسي، ج 10، ص 358 ، ج 65 ، ص 263
  21. التفويض بمعنى تفويض الله الأمور إلى النبي صلی الله عليه وآله وسلم و الأئمة عليه السلام و يستلزم التعطيل و ...
  22. رجوع كنيد به ابن بابويه، 1412 ، ص 71 ـ 76 ؛ طباطبائي يزدي، ج 1، ص 67 ـ 68 ؛ نراقي، ج 1، ص 204
  23. راجعوا: بابويه، 1412 ، ص 82
  24. (راجعوا: همداني، ج 1 ، ص 183 ، 187 ؛ ابن جوزي، ج 14 ، ص 150 ـ 151 ؛ ابن اثير، ج 8 ، ص 542 ـ 543 ؛ ابن خلّكان، ج 1 ، ص 407 ؛ ذهبي، حوادث و وفيات 351 ـ 380 ه .، ص 8 ، 248 ؛ مقريزي، 1387 ، ج 1، ص 142 ، 145 ـ 146 ، همو، 1270 ، ج 2 ، ص 286 ـ 287 ، 341 ـ 342 ؛ فرشته، ج 2 ، ص 11 ، 109 ـ 113 ؛ عزّاوي، ج 3 ، ص 341 ـ 343 ؛ فلسفي، ج 3 ، ص 889 ، 894 ، 895 )
  25. (راجعوا آل محبوبه، ج ۱، ص۳۲۴ـ۳۲۶؛ امين، ص۱۳ـ ۱۴، ۲۲ـ۲۳؛ كركوكلي، ص۲۱۲)
  26. سورة الفاطر، الآيه ۶

المصادر

  • القرآن الكريم
  • عبدالرحمان بن حسن آل شيخ، فتح المجيد: شرح كتاب التوحيد، چاپ عبدالعزيزبن عبداللّه بن باز، بيروت 1405 / 1985
  • جعفربن باقر آل محبوبه، ماضي النجف و حاضرها، بيروت 1406 / 1986 ؛ محمود شكري آلوسي، تاريخ نجد، چاپ محمد بهجة الاثري، ] قاهره ? 1998 .
  • ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، چاپ محمدابوالفضل ابراهيم، قاهره 1385 ـ 1387 / 1965 ـ 1967 ، چاپ افست بيروت، [بي‌تا.]
  • ابن ابي العز، شرح الطحاوية في العقيدة السّلفية، چاپ احمدمحمد شاكر، قاهره : دارالتراث
  • ابن اثير
  • ابن بابويه، الاعتقادات في دين الامامية، چاپ غلام رضا مازندراني، قم 1412.
  • ابن بابويه، فضائل الشيعة، صفات الشيعة، و مصادقة الاخوان، قم 1410.
  • ابن بابويه، كتاب الخصال، چاپ علي اكبر غفاري، قم 1362 ش
  • ابن جوزي، المنتظم في تاريخ الملوك و الامم، چاپ محمد عبدالقادر عطا و مصطفي عبدالقادر عطا، بيروت 1412 / 1992 .
  • ابن خلّكان
  • ابن سعد، ترجمة الحسين و مقتله عليه‌السلام، من القسم غيرالمطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد، چاپ عبدالعزيز طباطبائي، تراثنا، سال 3 ، ش 1 (محرم ـ ربيع الاول 1408 )
  • ابن منظور
  • موفق بن احمد اخطب خوارزم، المناقب، قم 1417.
  • علي بن اسماعيل اشعري، كتاب مقالات الاسلاميين و اختلاف المصلّين، چاپ هلموت ريتر، ويسبادن 1400/1980
  • محسن امين، كشف الارتياب، تهران 1347.
  • عبدالقاهربن طاهر بغدادي، الفرق بين الفرق، چاپ محمد محيي الدين عبدالحميد، بيروت : دارالكتب العلميه،[ بي‌تا]
  • محسن بن تنوخي، نشوار المحاضرة و اخبار المذاكرة، چاپ عبود شالجي، بيروت 1391 ـ 1393 / 1971 ـ 1973
  • حرّعاملي
  • عبيداللّه بن عبداللّه حسكاني، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، چاپ محمدباقر محمودي، تهران 1411/1990
  • محمدعلي داعي الاسلام، فرهنگ نظام، چاپ سنگي حيدرآباد دكن 1305 ـ 1318 ش، چاپ افست تهران 1362 ـ 1364 ش
  • احمدبن داود دينوري، الاخبار الطوال، چاپ عبدالمنعم عامر، قاهره 1960 ، چاپ افست قم 1368 ش
  • محمدبن احمد ذهبي، تاريخ الاسلام و وفيات المشاهير و الاعلام، چاپ عمر عبدالسلام تدمري، حوادث و وفيات 351 ـ 380 ه، بيروت 1409 /1989
  • حسين بن محمد راغب اصفهاني، المفردات في غريب القرآن، چاپ محمد سيدكيلاني، تهران] 1332 ش.
  • محمدبن عبدالكريم شهرستاني، كتاب الملل و النحل، چاپ محمدبن فتح اللّه بدران، قاهرة] 1375 / 1956 ، چاپ افست قم 1367 ش
  • عبدالرحيم بن عبدالكريم صفي پوري، منتهي الارب في لغة العرب، چاپ سنگي تهران 1297 ـ 1298 ، چاپ افست 1377
  • محمدبن يحيي صولي، اخبار الراضي بالله و المتقي بالله، چاپ هيورث دن، بيروت 1399 / 1979
  • محمدكاظم بن عبدالعظيم طباطبائي يزدي، العروة الوثقي، بيروت 1404 /1984
  • طبرسي
  • طبري، تاريخ (بيروت)
  • محمد فؤاد عبدالباقي، المعجم المفهرس لالفاظ القرآن الكريم، قاهره 1364
  • عباس عزّاوي، تاريخ العراق بين احتلالين، بغداد 1353 ـ 1371 / 1935 ـ 1956 ، چاپ افست قم 1369 ش
  • عبدالرحمان بن احمد عضدالدين ايجي، المواقف في علم الكلام، بيروت : عالم الكتب، [بي‌تا]
  • محمدقاسم بن غلامعلي فرشته، تاريخ فرشته، يا، گلشن ابراهيمي، لكهنو 1281
  • نصراللّه فلسفي، زندگاني شاه عباس اول، تهران 1364 ش
  • رسول كركوكلي، دوحة الوزراء في تاريخ وقائع بغداد الزوراء، نقله عن التركية موسي كاظم نورس، قم 1372 ش
  • كليني
  • عبدالرزاق بن علي لاهيجي، سرماية ايمان، تهران 1362 ش
  • علي بن حسام الدين متقي، كنزالعمال في سنن الاقوال و الافعال، حيدرآباد دكن 1364 ـ 1384 / 1945 ـ 1975
  • مجلسي
  • مسعودي، مروج (بيروت )؛ مسكويه ؛ حسن مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، تهران 1360 ـ 1371 ش
  • احمدبن علي مقريزي، اتعاظ الحنفا، ج ۱، چاپ جمال الدين شيال، قاهره 1387 /1967
  • احمدبن علي مقريزي، كتاب المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط والا´ثار، المعروف بالخطط المقريزية، بولاق 1270 ، چاپ افست قاهره [بي‌تا]
  • احمدبن محمدمهدي نراقي، مستند الشيعة في احكام الشريعة، ج 1، مشهد 1415
  • علي اكبر نفيسي، فرهنگ نفيسي، تهران 1355 ش
  • محمدبن عبدالملك همداني، تكملة تاريخ الطبري، ج 1، چاپ البرت يوسف كنعان، بيروت 1961
  • ياقوت حموي، معجم الادباء، مصر 1355 ـ 1357 / 1936 ـ 1938 ، چاپ افست بيروت [بي‌تا]
  • Encyclopaedia Iranica , s.v. "Bara ¦ Ýa" (by E. Kohlberg); EI 2 , s.v. "`Tabarru ف " (by J. Calmard).

وصلات خارجية