انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التقليد (الفقه)»

من ويكي شيعة
imported>Bassam
imported>Bassam
سطر ٤٥: سطر ٤٥:


:::نعم، لا مانع من [[التقليد]]  في خصوصياته، إلّا أنّ أصل جوازه لابدَّ أن يستند إلى [[الاجتهاد]] .<ref>الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص82-83. </ref>
:::نعم، لا مانع من [[التقليد]]  في خصوصياته، إلّا أنّ أصل جوازه لابدَّ أن يستند إلى [[الاجتهاد]] .<ref>الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص82-83. </ref>
ثمّ ذكر: أنّ ما يمكن أن يعتمد عليه العامي في حجّية فتوى [[المجتهد]]  في حقّه أمران:
:::ثمّ ذكر: أنّ ما يمكن أن يعتمد عليه العامي في حجّية فتوى [[المجتهد]]  في حقّه أمران:


:::أحدهما: الارتكاز الثابت ببناء العقلاء، حيث جرى بناؤهم في كلّ حرفة وصنعة، بل في كلّ أمر راجع إلى المعاش و[[المعاد]]، على رجوع الجاهل إلى العالم؛ لأنّه أهل الخبرة والاطلاع، ولم يرد عن هذه السيرة ردع في الشريعة المقدّسة. وهذه السيرة والبناء مرتكزان في ذهن العامي، بحيث يلتفت إليهما ويعلم بهما تفصيلاً بأدنى إشارة وتنبيه.
:::أحدهما: الارتكاز الثابت ببناء العقلاء، حيث جرى بناؤهم في كلّ حرفة وصنعة، بل في كلّ أمر راجع إلى المعاش و[[المعاد]]، على رجوع الجاهل إلى العالم؛ لأنّه أهل الخبرة والاطلاع، ولم يرد عن هذه السيرة ردع في الشريعة المقدّسة. وهذه السيرة والبناء مرتكزان في ذهن العامي، بحيث يلتفت إليهما ويعلم بهما تفصيلاً بأدنى إشارة وتنبيه.
سطر ٥٤: سطر ٥٤:


:::وأمّا [[الاحتياط]]، فهو كالاجتهاد غير ميسور له؛ لعدم تمكّنه من تشخيص موارده، على أنّا لا نحتمل أن تكون الشريعة المقدّسة مبتنية على [[الاحتياط]]. إذن يتعيّن على العامّي [[التقليد]]  لانحصار الطريق به. وليس له طريق أقرب إلى الواقع من فتوى مقلدّه.<ref>الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص83-84. </ref>
:::وأمّا [[الاحتياط]]، فهو كالاجتهاد غير ميسور له؛ لعدم تمكّنه من تشخيص موارده، على أنّا لا نحتمل أن تكون الشريعة المقدّسة مبتنية على [[الاحتياط]]. إذن يتعيّن على العامّي [[التقليد]]  لانحصار الطريق به. وليس له طريق أقرب إلى الواقع من فتوى مقلدّه.<ref>الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص83-84. </ref>
=====حكم التقليد في الأحكام الشرعيّة=====
=====حكم التقليد في الأحكام الشرعيّة=====
[[الفقهاء]] في حكم [[التقليد]]  في الأحكام الشرعيّة على اتجاهين:
[[الفقهاء]] في حكم [[التقليد]]  في الأحكام الشرعيّة على اتجاهين:

مراجعة ٠٨:٢٣، ٢٢ مارس ٢٠١٧

بعض الأحكام العملية والفقهية
فروع الدين
الصلاة
الواجبةالصلوات اليوميةصلاة الجمعةصلاة العيدصلاة الآياتصلاة القضاءصلاة الميت
المستحبةصلاة الليلصلاة الغفيلةصلاة جعفر الطياربقية الصلواتصلاة الجماعةصلوات ليالي شهر رمضان
بقية العبادات
الصومالخمسالزكاةالحجالجهادالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرالولايةالبراءة
أحكام الطهارة
الوضوءالغسلالتيممالنجاساتالمطهرات
الأحكام المدنية
الوكالةالوصيةالضمانالحوالةالكفالةالصلحالشركةالإرث
أحكام الأسرة
النكاحالمهرالزواج المؤقتتعدد الزوجاتالرضاعالحضانةالطلاقالخلعالمباراةالظهاراللعانالإيلاء
الأحكام القضائية
القضاءالشهاداتالدياتالحدودالقصاصالتعزير
الأحكام الاقتصادية
العقودالتجارةالبيعالإجارةالقرضالرباالمضاربةالمزارعة
أحكام أخرى
الصدقةالنذرالتقليدالأطعمة والأشربةالوقف
روابط ذات صلة
الفقهالأحكام الشرعيةالرسالة العمليةالتكليفالواجبالحرامالمستحبالمباحالمكروه


التقليد استعمل الفقهاء لفظ التقليد في أكثر من مورد، وهي: تقليد الهدي في الحج، وتقليد المؤذن، وتقليد المجتهد وهذا الأخير هو مقصودهم في باب الاجتهاد و التقليد وقد عرّفوه بتعاريف عديدة، ومنها: هو الأخذ، بمعنى الإلتزام الكلّي بالعمل على فتوى مجتهد معيّن في الوظائف التكليفيّة والوضعيّة.

التقليد لغة

القِلاَدَةُ: مَعْرُوفَةٌ والْجَمْعُ(قَلاَئِدُ) و(قَلَّدتُ) المَرأَةَ (تَقلِيداً) جَعَلْتُ (الْقِلاَدَةَ) فِي عُنُقِهَا وَمِنهُ (تَقلِيدُ) الهَدي وَهُوَ أَن يُعَلَّقَ بعُنُقِ البَعِيرِ قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدٍ لِيُعْلَمَ أنَّهُ هَدىٌ فبَكُفَّ النَّاسُ عَنهُ و(تَقلِيدُ) العَامِلِ تَوْلِيَتُهُ كَأَنَّهُ جَعَلَ (قِلاَدَةً) فِي عُنُقِهِ و(تَقَلَّدْتُ) السَّيْفَ.[١]

التقليد اصطلاحا

استعمل الفقهاء لفظ التقليد في أكثر من معنى وفي أكثر من مورد، وهي:

  • تقليد الهدي في الحج: والمراد منه هو وضع القلادة للإبل والبقر والغنم المُهداة إلى الحرم في الحج، فتُقلّد في أعناقها النعال أو آذان القِرَب وعُراها، ونحو ذلك.
  • تقليد المؤذّن: بمعنى محاكاته فيما يقول في أذانه.
  • تقليد المجتهد: إنّ المعرّفين للتقليد على طائفتين:

الطائفة الأولى: من جعل التقليد أمراً سابقاً على العمل بفتوى المفتي، فقد عرّفه في العروة الوثقى ب‍«أنّه الإلتزام بالعمل بقول مجتهد معيّن وإن لم يعمل»،[٢] وقال صاحب الفصول: «أنّه الأخذ بفتوى الغير».[٣]

وأضاف قيداً عليه صاحب الكفاية، فعرّفه ب‍: «الأخذ بفتوى الغير للعمل». [٤]

الطائفة الثانية: من جعل التقليد نفس العمل. قال العلامة في النهاية: «إنّ التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجّة معلومة»،[٥] وقال صاحب المعالم: «إنّه العمل بقول الغير من غير حجّة». [٦]

قال المحقق الأصفهاني: «إنّه العمل استناداً إلى رأي الغير»، وقال:«إنّ مفهومه اللغوي أوفق بالعمل من الأخذ للعمل»،[٧] وقال في المستمسك:«إنّه العمل اعتماداً على رأي الغير». [٨]

أحكام التقليد

يقع الكلام فيها بحسب المعنى المقصود منه إلى ما يلي:

أحكام تقليد الهدي

لا خلاف بين فقهاء المسلمين في ان تقليد الهدي من السنة في الإبل والبقر المهداة إلى الحج.[٩]

أحكام تقليد المؤذن

صرّح الفقهاء [١٠]بأنّ من السنّة حكاية الأذان عند سماعه ممّن يشرع منه، ونقل عليه الإجماع،[١١] ولما روي عن الإمام الباقر عليه السلام انه قال: «كان رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إذا سمع المؤذّن قال مثل ما يقول في كل شئ».[١٢]

وصرّح جمع من الفقهاء باختصاص الحكم بالأذان، لظاهر الأصل واختصاص أكثر الفتاوى والنصوص به،[١٣] وحُكِيَ عن بعض الفقهاء أن الاستحباب يعم الإقامة أيضا، لعموم التعليل في بعض النصوص بأن ذكر الله حسن على كل حال، ولا ريب أن الإقامة كالأذان في كونها ذكرا.[١٤]

أحكام تقليد المجتهد

التقليد في الأصول والعقائد

لقد أوجبت الشريعة التقليد في فروع الدين من الحلال و الحرام وحرمته في أصول الدين، فلم تسمح للمكلّف ان يكون مقلدا في العقائد الدينية الأساسية، وذلك لأن المطلوب شرعا في اصول الدين أن يحصل العلم واليقين للمكلف بربه ومعاده ودينه ورسوله وإمامه، ودعت الشريعة كل انسان ان يتحمل بنفسه مسؤولية عقائده الدينية الأساسية بدلا عن ان يُقلّد فيها، ويُحمّل غيره مسؤوليتها، وقد عنّف القرآن الكريم بأشكال مختلفة أولئك الذين يبنون عقائدهم الدينية، ومواقفهم الأساسية من الدين قبولا ورفضا على التقليد للآخرين بدافع الحرص على طريقى الآباء والتعصب لهم، أو بدافع الكسل عن البحث والهروب من تحمل المسؤولية.[١٥]

ومما يحتج به لذلك أن الله ذمّ التقليد في العقيدة، بمثل قوله تعالى: ﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ.[١٦]

  • التقليد في اليقينيات وما علم من الدين بالضرورة

ذكر بعض الفقهاء: أنه لا حاجة الى التقليد في اليقينيات وما علم بالضرورة، كوجوب الصلاة والصوم ونحوهما، لان مورد التقليد إنما هو ما يحتمل المكلّف فيه العقاب، وأما ما علم بإباحته أو بوجوبه أو حرمته فلا يجب التقليد، لعدم كونها موردا لاحتمال العقاب كي يجب دفعه لدى العقل بـالتقليد أو بغيره، لجزمه بعدم العقاب أو بوجوده.[١٧]

التقليد في الفروع

مسألة التقليد تقليديّة أم اجتهاديّة؟
قد أجاب بعض الفقهاء عن هذا السؤال بقوله: إنَّ هذه المسألة ليست تقليديّة، حيث ان المُكلّف يعلم علما إجماليا بثبوت أحكام إلزاميّة في الشريعة المقدّسة من وجوب أو تحريم، وبه تنجزّت الأحكام الواقعيّة عليه، وهو يقتضي الخروج عن عهدتها لاستقلال العقل بوجوب الخروج عن عهدة التكاليف المتوجهّة إلى العبد من سيّده. والمكلّف لدى الأمتثال إمّا أن يأتي بنفس الواجبات الواقعيّة ويترك المحرّمات، وإمّا أن يعتمد على ما يعذّره على تقدير الخطأ، وهو ما قطع بحجّيته، إذ لا يجوز لدى العقل الاعتماد على غير ما علم بحجّيته، حيث يحتمل معه العقاب، ويترتّب على هذا أنّ العامّي لابدَّ في استناده إلى فتوى المجتهد أن يكون قاطعاً بحجّيتها في حقّه، أو يعتمد في ذلك على ما يقطع بحجّيته، فلا يمكن أن تكون مسألة التقليد تقليديّة، بل لابدَّ أن تكون ثابتة بالاجتهاد .
نعم، لا مانع من التقليد في خصوصياته، إلّا أنّ أصل جوازه لابدَّ أن يستند إلى الاجتهاد .[١٨]
ثمّ ذكر: أنّ ما يمكن أن يعتمد عليه العامي في حجّية فتوى المجتهد في حقّه أمران:
أحدهما: الارتكاز الثابت ببناء العقلاء، حيث جرى بناؤهم في كلّ حرفة وصنعة، بل في كلّ أمر راجع إلى المعاش والمعاد، على رجوع الجاهل إلى العالم؛ لأنّه أهل الخبرة والاطلاع، ولم يرد عن هذه السيرة ردع في الشريعة المقدّسة. وهذه السيرة والبناء مرتكزان في ذهن العامي، بحيث يلتفت إليهما ويعلم بهما تفصيلاً بأدنى إشارة وتنبيه.
ثانيهما: أنّ كلّ أحد يعلم بثبوت أحكام إلزاميّة في حقّه، كما يعلم أنّه غير مفوّض في أفعاله، بحيث له أن يفعل ما يشاء ويترك ما يُريد، وهذان العلمان ينتجان استقلال العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكاليف الواقعيّة المنجّزة بعلمه، وطريق الخروج عنها منحصرٌ في الاجتهاد والاحتياط والتقليد .
أمّا الاجتهاد، فهو غير متيسّر على الكثير، بل على الجميع لأنّ كلّ مجتهد كان برهة من الزمان مقلّداً أو محتاطاً لا محالة، وكونه مجتهداً منذ بلوغه وإن كان قد يتّفق إلّا أنّه أمر نادر جدّاً، فلا يُمكن أن يكون الاجتهاد واجباً عينياً.
وأمّا الاحتياط، فهو كالاجتهاد غير ميسور له؛ لعدم تمكّنه من تشخيص موارده، على أنّا لا نحتمل أن تكون الشريعة المقدّسة مبتنية على الاحتياط. إذن يتعيّن على العامّي التقليد لانحصار الطريق به. وليس له طريق أقرب إلى الواقع من فتوى مقلدّه.[١٩]
حكم التقليد في الأحكام الشرعيّة

الفقهاء في حكم التقليد في الأحكام الشرعيّة على اتجاهين:

الاتجاه الأوّل: جواز التقليد، بل وجوبه، صرّح به جمع غفير من فقهاء الإمامية[٢٠]

واستدلّوا عليه بالسيرة العقلائيّة الممضاة من الشارع بعدم الردع عنها، وهذا يقتضي جواز التقليد، وبقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ.[٢١]

الاتجاه الثاني: عدم جواز التقليد في الأحكام الشرعية، ذهب إليه جمع من الفقهاء، حيث قالوا بوجوب الاجتهاد عيناً، واحتجّوا عليه بأنّ الله ذمّ التقليد بقوله: ﴿ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ الله[٢٢]. وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا[٢٣]

شروط من يجوز تقليده

ذكر الفقهاء شروطاً في من يرجع إليه المقلّد في تقليده، وهي عند الفقهاء كالتالي: البلوغ، العقل، الإيمان، العدالة، الرجولة، الحرية، الاجتهاد المطلق، الحياة، الأعلمية، طهارة المولد، وأن لا يكون مقبلاً على الدنيا، على خلاف بينهم في بعضها، [٢٤] وممّا استدلّ به عليها، الإجماع والسيرة والروايات.[٢٥]

من يجوز له التقليد

لا إشكال عند الفقهاء في جواز التقليد لمن ليست له ملكة الاستنباط، كما لا ريبَ ولا إشكال في أنّ المجتهد المطلق الذي قد استنبط جملة وافيّة من الأحكام يحرم عليه الرجوع إلى فتوى غيره.[٢٦]

وأمّا من حصلت له ملكة الاجتهاد ولم يستنبط الحكم من الأدلّة، فقد نُسِبَ إلى بعض الفقهاء جواز رجوعه إلى الغير، نظراً إلى أنّ الاجتهاد بالقوة والملكة ليس بعلم فعليّ للأحكام، بل صاحبها جاهل بها بالفعل، وإن كان له ملكة الاستنباط والاجتهاد ، ولا مانع من رجوع الجاهل إلى العالم.[٢٧] إلّا أنّ بعضهم قد ادّعى الاتّفاق على عدم الجواز؛ لانصراف الاطلاقات الدالّة على جواز التقليد عمّن له ملكة الاجتهاد، واختصاصها بمن لا يتمكن من تحصيل العلم بها.[٢٨]

تعدد المفتين وتقليد الأعلم

المعروف بين الفقهاء هو: وجوب تقليد المجتهد الأعلم، وعن الفقهاء: أنّه من المسلّمات عند الإمامية، وعن بعضهم الآخر: دعوى الإجماع عليه، إلّا أنّه نُسِبَ إلى جمع منهم: عدم الوجوب وجواز الرجوع إلى غير الأعلم.[٢٩]

ذكر بعض الفقهاء: أنّه لا ينبغي التوقّف في أنّ العامّي يستقلّ عقله بلزوم الرجوع إلى الأعلم عند العلم بالمخالفة بينه وبين غير الأعلم في الفتوى، وذلك لدوران الأمر بين أن تكون فتوى كل من الأعلم وغيره حجّة تخييريّة، وبين أن تكون فتوى الأعلم حجّة تعينيّة للعلم بجواز تقليد الأعلم على كلّ حال.

ففتوى الأعلم، إمّا أنّها في عرض فتوى غير الأعلم، فالمكلّف يتخيّر في الرجوع إلى هذا وذاك، أو أنّها متقدّمة على غيرها، وحيث إنّ فتواه متيقّنة الحجّيّة، وفتوى غير الأعلم مشكوكة الاعتبار فيستقلّ عقل العامي بوجوب تقليد الأعلم، وعدم جواز الرجوع إلى غيره للشكّ في حجّيّة فتواه، وهو يساوق القطع بعدمها، فإنّ غير ما عُلم حجّيّته يقترن دائماً باحتمال العقاب، والعقل يستقلّ بلزوم دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب، فالنتيجة هي: وجوب تقليد الأعلم حسبما يدركه عقل العامّي واجتهاده، وقد تقدّم أنّ مسألة جواز التقليد ليست تقليديّة.[٣٠]

ومن موارد رجوع العامّي إلى الأعلم أو عدم رجوعه ما يلي:

1 ـ لو تعدّد المجتهدون اتّفقوا في الفتوى: ذكر بعض الفقهاء أنّه يجوز تقليد أيّاً من المجتهدين، بمعنى قصد الاعتماد عليه ومتابعته، كما يجوز تقليد جميعهم، من دون فرق بين اختلافهم في الفضيلة وتساويهم، بل يجوز موافقتهم احتياطاً من دون تقليد؛ لأنّ مقتضى إطلاق أدلّة التقليد من الآيات والروايات وسيرة العقلاء حجّيّة الكلّ، ولا يجب عقلاً إلّا موافقة الحجّة في الخروج عن تبعة العقاب.[٣١]

2 ـ لو اختلف المجتهدون في الفتوى مع تساويهم في الفضيلة: فالمعروف بين الفقهاء التخيير بينهم في التقليد .[٣٢]

3 ـ لو اختلف المجتهدون في الفتوى مع التفاضل، لا ريب حينئذٍ في جواز الرجوع للأعلم، وإنّما الإشكال في تعيينه أو التخيير بينه وبين المفضول، وقد صرّح جمع من الفقهاء بلزوم الرجوع للأعلم، والمعروف بين الإمامية أنّه من مسلّمات الشيعة.[٣٣]

تبدّل رأي المجتهد وعمل المقلِّد

ذكر بعض الفقهاء: إذا تبدّل رأي المجتهد لايجوز للمقلِّد البقاء على رأيه الأوّل؛ لكشف خطأ رأيه الأوّل بالرأي الثاني على خلافه، فلا تشمله أدلّة الحجّيّة بقاءً، فيجب على المقلِّد العمل بالرأي الجديد فيما يأتي من الأعمال.[٣٤]

أمّا الأعمال السابقة فهل تنتقض آثارها بتبدّل رأي المجتهد أم لا؟ ذكر بعض فقهاء الإمامية أنّ مقتضى القاعدة الأوليّة في الأوامر الظاهريّة عدم الإجزاء عند كشف الخلاف ـ بناءً على ما هو الصحيح من الطريقيّة في باب الأمارات ـ كما حُقّق في علم اُصول الفقه، ولذا لو لم يكن دليل على إجزاء الأعمال السابقة التي كانت على طبق الفتوى السابقة، كان على المكلّف تدراكها على طبق الفتوى الجديدة؛ لأنّ ما دلّ على اعتبار الفتوى للعامّي من الروايات والسيرة العقلائية، لا يعمّ شيء منها صورة عدول المجتهد من فتواه السابقة.[٣٥]

الهوامش

  1. الفيومي، المصباح المنير، ص512-513.
  2. اليزدي، العروة الوثقى، ج 1، ص4المسألة 8.
  3. رحيم، الفصول في علم الأُصول، ج2، ص132.
  4. الخراساني، كفاية الأُصول، ج2، ص434.
  5. العلامة الحلي، نهاية الأحكام، ج1، ص398.
  6. العاملي، معالم الدين في الأُصول، ص236.
  7. الأصفهاني، نهاية الدراية، ج6، ص396.
  8. الحكيم، المستمسك، ج1، ص12.
  9. العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج8، ص300.
  10. الطباطبائي، رياض المسائل، ج3، ص343-344.
  11. الكركي، جامع المقاصد، ج2، ص191.
  12. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج5، ص453-454.
  13. مسالك الافهام: ج1ص191.
  14. الحلي، المهذب، ج1، ص90.
  15. الصدر، الفتاوى الواضحة، ص8.
  16. الزخرف:22.
  17. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص76.
  18. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص82-83.
  19. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص83-84.
  20. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص76.
  21. التوبة:122.
  22. التوبة:31.
  23. الاحزاب:67.
  24. التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد ): ج1ص214-237.
  25. السبزواري، مهذب الأحكام، ج1، ص38-43.
  26. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص29.
  27. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص17.
  28. الأنصاري، الاجتهاد والتقليد، ص53.
  29. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص106.
  30. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص134-135.
  31. الحكيم، المحكم في أصول الفقه، ج6، ص360.
  32. الحكيم، المحكم في أصول الفقه، ج6، ص360.
  33. الحكيم، المحكم في أصول الفقه، ج6، ص364.
  34. السبزواري، مهذب الاحكام، ج1، ص58.
  35. الخوئي، التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد)، ج1، ص82-83.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الأصفهاني، محمّد حسين، نهاية الدراية في شرح الكفاية، مؤسّسة آل البيت عليها السلام لإحياء التراث، ط1، قم - ايران، 1414هـ.
  • الأنصاري، مرتضى، الاجتهاد والتقليد (تراث الشيخ الاعظم)، مجمع الفكر الاسلامي، قم – ايران، 1413هـ.
  • الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، مؤسسة آل البيت عليها السلام لإحياء التراث، قم - ايران، 1410هـ.
  • الحكيم، محسن، مستمسك العروة الوثقى، دار إحياء التراث العربي، ط4، بيروت – لبنان، د.ت.
  • الحكيم، محمد سعيد، المحكم فى أصول الفقه، الناشر: موسسة المنار، ط1 ، د.م، 1414هـ.
  • الحلّي، أحمد بن محمّد، المهذّب البارع، مؤسسة النشر الإسلامي، قم - ايران، سنة 1411هـ.
  • الخراساني، محمّد كاظم، كفاية الأُصول، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم – ايران، 1412هـ.
  • الخوئي، أبو القاسم، التنقيح في شرح العروة الوثقى، مؤسسة أنصاريان، قم – ايران، 1417هـ -1996م.
  • السبزواري، عبد الأعلى، مهذب الأحكام، مؤسسة المنار، قم - ايران، 1417هـ.
  • الصدر، محمّد باقر، الفتاوى الواضحة، دار التعارف للمطبوعات، بيروت – لبنان، 1403هـ -1983م.
  • الطباطبائي، علي، رياض المسائل، مؤسسة النشر الإسلامي، قم - ايران، 1412هـ.
  • العاملي، حسن بن زين الدين، معالم الدين في الأُصول، المكتبة الإسلاميّة، صحّحه ميرزا محسن، طهران – ايران، د.ت.
  • العلامة الحلّي، الحسن بن يوسف المطهّر، تذكرة الفقهاء، مؤسسة آل البيتعليها السلام لإحياء التراث، قم - ايران، 1414هـ.
  • العلامة الحلّي، الحسن بن يوسف، نهاية الإحكام في معرفة الأحكام، مؤسّسة إِسماعيليان للطباعة والنشر، ط2، ، قم - ايران، 1410هـ.
  • الفیومي، أحمد بن محمد، المصباح المنیر في غریب الشرح الکبیر للرافعي، الناشر: موسسة دار الهجرة، قم - ایران،1414هـ.
  • الكركي، علي بن الحسين بن عبد العالي، جامع المقاصد، مؤسسة آل البيت عليها السلام لإحياء التراث، قم - ايران، 1408هـ .
  • اليزدي، محمّد كاظم، العروة الوثقى، المكتبة العلميّة الإسلاميّة، أشرف على تصحيحه الحاجّ السيّد هداية الله المسترحمي، طهران – ايران، د.ت.
  • رحيم، محمّد حسين بن محمّد، الفصول في علم الأُصول، دار الطباعة، تصحيح الآخوند ملا محمّد مهدي، د.م، 1277هـ.