ناصبي

الناصِبي هو من عادى الإمام علي(ع) أو أحداً من أهل البيت وتظاهر بمعاداته. ومن مصاديق النَصب إنكار فضائل أهل البيت، وسبّ الأئمة ولعنهم، وكذلك معاداة الشيعة.

ذهب فقهاء الشيعة إلى القول بنجاسة النواصب، وأنّهم في حكم الكفار؛ فلا يجوز أكل ذبائحهم، ولا يجوز دفع الصدقة إليهم، كما لا يجوز تزويجهم، وأنّهم لا يرثون المسلمين.

ويرى بعض الباحثين أنّ ظاهرة النصب نشأت بمقتل عثمان، واستمرت بشكل رسمي في عهد الأمويين، حيث قاموا بسبّ الإمام علي(ع) من على المنابر، كما قتلوا كثيرا من الشيعة، ومنعوا نشر فضائل أهل البيت. ومن أشدّ النواصب هم معاوية بن أبي سفيان والخوارج، والعثمانية، وحريز بن عثمان.

وقد ألّف علماء الشيعة كتبا حول النصب والنواصب، ومنها: «الشهاب الثاقب في بيان معني النواصب» للمحدث البحراني، و«مال الناصب وإنّه ليس كل مخالف ناصباً» للسيد عبد الله الجزائري.

مفهوم النصب

النصب بمعنى المعاداة، وقال الطريحي: الناصب هو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيت أو مواليهم، لأجل متابعتهم لهم. وروى عن القاموس: النواصب والناصبة وأهل النصب هم المتدينون ببغض علي(ع). فبناء عليه يعدّ العداء لأتباع أهل البيت وشيعتهم نصباً إذا كان هذا العداء بسبب محبتهم لأهل البيت ومتابعتهم لهم.

يرى مشهور العلماء المسلمين أنّ من مصاديق النَصب الاعتقاد بفسق أو كفر الإمام علي(ع)، والاعتقاد بأفضلية الآخرين عليه، وسبّ أهل البيت ولعنهم، وإنكار فضائلهم.

وذهب الحسن بن فرحان المالكي من علماء أهل السنة أن كل انحراف عن علي وأهل البيت فهو نصب، فأضاف إلى مصاديق النصب تضعيف الأحاديث الصحيحة في فضل علي(ع)، أو عدم تصويبه في حروبه، أو التشكيك في شرعية خلافته وبيعته، أو المبالغة في مدح خصومه.

لا يعتبر أهل سنت من النواصب

ذهب مشهور الفقهاء الشيعة إلى أنّ الناصب هو من تظاهر بمعاداة أهل البيت(ع)، فأهل السنة الذين يحبّون أهل البيت ليسوا من النواصب. إلا أنّ المحدث البحراني اعتقد بأنّ الناصب هو من قدّم الآخرين على الإمام علي(ع) وقال بإمامتهم. واستدل برواية تقول بأنّ الاعتقاد بإمامة أحد غير أئمة الشيعة هو نصب. لكن صاحب الجواهر اعتبر هذا القول مخالفا لسيرة الشيعة، كما شكّك بعض الباحثين في صحة هذه الرواية سنداً ودلالةً. وقد نُسبت رسالة إلى السيد عبد الله الجزائري اسمها «مال الناصب وإنّه ليس كل مخالف ناصباً»، حيث خالف فيه أن يكون أهل السنة من النواصب.

احكام النواصب

ذهب فقهاء الشيعة إلى نجاسة النواصب، وأنّهم في حكم الكفار، فمن هنا تطرقت المصادر الفقهية ضمن البحث عن نجاسة الكفار إلى نجاسة النواصب.

والبعض من أحكام النواصب هي كالتالي:

• عدم جواز أكل ذبائحهم
• عدم جواز تزويجهم
• عدم جواز صلاة الميت عليهم
• عدم جواز الاقتداء بالناصبي في الصلاة
• عدم جواز النيابة عن الناصبي في الحج
• عدم إرثهم من المسلمين
• عدم جواز دفع الصدقة إليهم
• عدم جواز دفع الكفارة إليهم.

نشوء ظاهرة النصب

يرى بعض الباحثين المعاصرين أنّ نشوء ظاهرة النصب تعود إلى مقتل عثمان، كما كان استمراره رسمياً في الدولة الأموية.

فبناء على ما ورد في المصادر التاريخية، إنّ معاوية عندما ولّى المغيرة بن شعبة على الكوفة أوصاه بشتم علي بن أبي طالب وذمّه، والعيب لأصحاب علي. فاستمر الخلفاء الأمويون من بعد معاوية بهذه السياسة في لعن علي من على المنابر حتى جاء عهد عمر بن عبد العزيز، فمنع سبّ علي،‌ لكن بعد وفاته استمرّ سائر الحكام الأمويين بالنهج السابق. فقد وصف الحاكم النيسابوري فترة القرن الرابع الهجري بقرن العداء للإمام علي(ع)، وذكر أنّ الدافع الذي جعله يكتب رسالة «فضائل فاطمة الزهراء» هو التصدي لهذه الظاهرة، فقال عن أجواء القرن الرابع:

إنّ زماننا قد خلَّفَنا في رُعاة يتقرّب الناس إليهم ببغض آل رسول الله صلى الله عليه، والوضع عنهم.

تبعات ظاهرة النصب

ومن التبعات التي ذكرها الباحثون لظاهرة النصب في العهد الأموي:

• دسّ الأحاديث الموضوعة في مصادر أهل السنة، لغرض الحطّ من شأن أهل البيت وإنكار فضائلهم على لسان الرواة النواصب.
• المنع من تسمية المواليد باسم علي، وقتل كل مولود اسمه علي.
• تعذيب وقتل من ذكر شيئا من فضائل الإمام علي(ع)، أو امتنع عن سبّه، أو امتنع عن ذكر فضيلة لمعاوية. ومن الأمثلة التاريخية على ذلك ضرب عطية بن سعد بالسوط بأمر الحجاج الثقفي، وقتل أحمد بن علي النسائي من أصحاب الصحاح الستة عند أهل السنة،

من أشهر النواصب

ذكرت المصادر بعض الشخصيات والتيارات ضمن النواصب، منها:

• معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية، والذي حكم عشرين سنة كخليفة المسلمين، فقد نقل ابن أبي الحديد المعتزلي شارح نهج البلاغة عن الجاحظ أن معاوية كان يلعن علي بن أبي طالب بعد في نهاية خطبة الجمعة، وعندما قيل له: لو كففت عن لعنه، قال: لا -والله- حتى يربو عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكرٌ فضلاً.
• العثمانية، وهم الذين زعموا أنّ الإمام علي(ع) قتل عثمان أو أمر بذلك، فامتنعوا عن مبايعته. وقال ابن حجر العسقلاني من علماء الرجال في القرن التاسع الهجري إنّ النواصب اعتقدوا أنّ عليا قتل عثمان أو أعان على ذلك. فبسبب شدة محبتهم لعثمان قاموا بتنقيص الإمام علي(ع).
• الخوارج، وهم من جنود الإمام علي(ع) في معركة صفين، إلا أنهم بعد قضية التحكيم اتهموه بالكفر وخرجوا عليه، وبسبب عدائهم للإمام علي(ع) سمّوهم بالناصبة أو النواصب.
• الحجاج بن يوسف الثقفي (وفاة 95هـ)، الذي ولّاه عبد الملك الحاكم المرواني إمارة الحجاز، ثم العراق، وقال المسعودي مورخ القرن الرابع أن الحجاج كان يعادي أهل البيت. كما كان يقتل كل من امتنع عن البرائة من الإمام علي وأصحابه.
• حريز بن عثمان، حيث كان يلعن الإمام علي(ع) من على المنبر. وقد حرّف حديث المنزلة في فضيلة الإمام علي(ع) إلى «أنت مني بمنزلة قارون من موسى». وقال ابن حبان من علماء أهل السنة أن حريز كان يلعن علي بن أبي طالب سبعين مرة كل صباح وكل مساء.
• المغيرة بن شعبة، عامل معاوية في الكوفة، حيث كان يسبّ الإمام علي(ع) وشيعته من على المنبر، ويلعنهم. وكان المغيرة من الصحابة الذين لهم دور في واقعة الهجوم على بيت فاطمة الزهراء.
• ابن تيمية، من القادة الفكريين للسلفية، وعدّه بعض المحققين من النواصب لإنكاره حديث رد الشمس، وتضعيف حديث الغدير، وكذلك عدائه للشيعة. وقال ابن حجر العسقلاني إنّ بعض العلماء نسبوا ابن تيمية إلى النفاق لما قاله في علي(ع)؛ لأنّ النبي(ص) قال لعلي: لا يبغضك إلا منافق.

كتب حوله

قد ألّف علماء الشيعة كتباً في موضوع النصب وأحكامه، ومنها:

• النصب والنواصب، من تأليف محسن المعلم، فقد تطرّق في الكتاب إلى مفهوم النصب ومصاديقه، وأحكام النواصب كما اعتبر البغض للإمام علي(ع) ومعاداته الضابط والمعيار للنصب، وعدّ أكثر من 250 شخصا من النواصب أو المتهمين بالنصب. وقام بنشر الكتاب دار الهادي في بيروت عام 1418هـ.
• «الشهاب الثاقب في بيان معني النواصب»، للمحدث البحراني
• رسالة «أصول الإسلام والإيمان وحكم الناصب وما يتعلق به»، لمؤلفه الوحيد البهبهاني
• تمام المنة في بيان عقيدة النواصب عند أهل السنة، حاتم بن عارف العوني
• النصب والنواصب دراسة تاريخية عقدية، بدر بن ناصر بن محمد العواد.

ذات صلة

• الرافضي
• سب علي