توقيع أما الحوادث الواقعة
| عناوين أخرى | توقيع إسحاق بن يعقوب |
|---|---|
| الموضوع | ولاية الفقيه |
| القائل | الإمام المهدي |
| رواة الحديث | إسحاق بن يعقوب |
| مصادر الشيعة | كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق - الغيبة للشيخ الطوسي |
| أحاديث مشهورة | |
| حديث الثقلين . حديث الكساء . حديث المنزلة . حديث سلسلة الذهب . حديث الولاية . حديث الاثني عشر خليفة . حديث مدينة العلم | |
توقيع "أمّا الحَوادِثُ الواقِعَة" هو رسالة من الإمام المهدي
صَدرت جواباً على أسئلة إسحاق بن يعقوب، وتُعَدّ من الأدلّة التي يُستند إليها في إثبات ولاية الفقيه.
في هذا التوقيع، يُعرِّف الإمام المهدي
رُواة الحديث بأنهم حُجّته على الناس، ويأمر الشيعة بالرجوع إليهم عند وقوع الأحداث والوقائع المستجدّة. والمقصود من تعبير "رُواةِ حديثِنا" هم الفقهاء الذين يمتلكون قدرة استنباط الأحكام الشرعية وقيادة المجتمع.
لم يُذكَر إسحاق بن يعقوب بـتوثيقٍ صريح في كتب الرجال، غير أنّ هناك قرائن عدّة تدلّ على وثاقته، كقيام المحدّثين الكبار مثل الكليني، والصدوق، والطوسي، بنقل التوقيع عنه، إضافةً إلى محتوى التوقيع نفسه وسلام الإمام المهدي
الخاص عليه فيه.
المكانة والأهمية
الإمام المهدي
:
«أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ أَرْشَدَكَ اللَّهُ وَثَبَّتَكَ .... وَأَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَأَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .... وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى.»
«الصدوق، كمال الدين، ج2، ص483-485.»
يُعَدّ توقيع «أمّا الحَوادِثُ الواقِعَة» من الأدلّة الروائية التي يُستدلّ بها على إثبات ولاية الفقيه.[١] وهو جواب من الإمام المهدي
على رسالة إسحاق بن يعقوب، أرسلها إليه عبر محمد بن عثمان العَمْري، أحد النوّاب الأربعة للإمام في الغيبة الصغرى.[٢] وقد رواه عدد من المحدّثين، منهم الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين،[٣] والشيخ الطوسي في الغيبة،[٤] وكلاهما نقلاه عن الكليني.
مستند لإثبات ولاية الفقيه
قد استُدلّ بهذا التوقيع على إثبات ولاية الفقيه في عصر الغيبة.
الاستدلال بعبارة «الحَوادِثِ الواقِعَة»
يرى الشيخ الأنصاري أنّ المقصود من «الحوادث الواقعة» لا يقتصر على المسائل الشرعية الفردية، بل يشمل جميع الوقائع والأمور التي تقتضي ـمن منظور العقل والعرف والشر ـ الرجوع فيها إلى رئيس المجتمع وزعيمه؛ وبيّن أنّ سبب هذا الشمول هو كون وجوب الرجوع إلى الفقهاء لفهم الأحكام الشرعية أمر بديهي لا يحتاج إلى سؤال وجواب. ومن ثمّ، فإنّ الإمام المهدي
ببيانه هذا قد نصّب الفقهاء مرجعاً في شؤون الحكم وإدارة المجتمع.[٥] كما أنّ إطلاق جواب الإمام وعدم تقييده بحوادث معينة، يمنع حصر دلالته في المسائل الخاصة التي وردت في سؤال الراوي.[٦]
الاستدلال بعبارة «فَإِنَّهُمْ حُجَّتي عَلَيْكُمْ»
تدلّ عبارة «فإنهم حجّتي عليكم» على الدور الإداري والولائي للفقهاء.[٧] فكون المعصوم
«حجّةً» لا يقتصر على بيان الأحكام الشرعية، بل يشمل جميع المجالات التي تكون فيها للحجّة الإلهية ولايةٌ عامّة، وبالتالي يكون الفقيه -تبعاً له- حجّةً ووليَّ أمرٍ كذلك.[٨] وكما أنّ الرجوع إلى الأئمة
في الأمور الاجتماعية والسياسية واجب، فإنّ الرجوع إلى الفقهاء في هذه المجالات أيضاً واجب شرعاً، ومخالفة أوامرهم تُعَدّ موجباً للاحتجاج الإلهي على الناس.[٩]
المقصود من «رُواةِ حَديثِنا»
يفسَّر المقصود من «رُواة حديثنا» في هذا التوقيع بأنّهم الفقهاء القادرون على استنباط الأحكام الشرعية من النصوص الروائية، لا مجرد ناقلي الأحاديث.[١٠]
هل إسحاق بن يعقوب ثقة؟
لم يُصرَّح بـتوثيق إسحاق بن يعقوب في كتب الرجال؛[١١] ولهذا شكّك بعض الباحثين في اعتبار هذا التوقيع،[١٢] لكنّ السيد كاظم الحائري في كتابه ولاية الأمر في عصر الغيبة استدلّ على وثاقته بالسيرة المتّبعة في عصر الغيبة الصغرى، قائلاً: إنّ رواية الكليني عنه دليل على وثاقته؛ لأنّ الادّعاء بتلقّي توقيع في تلك الحقبة الحساسة لم يكن يصدر إلا من شخص موثوق جداً أو فاسق جداً، وبما أنّ محدثاً ومدققاً مثل الكليني -وهو معاصر له- قد نقل الرواية، فاحتمال الفسق أو الوضع مستبعد تماماً من وجهة نظره.[١٣]
وقد يُستدلّ على وثاقته بالشواهد التي يتضمنها نص التوقيع،[١٤] مثل دلالة مضمونه،[١٥] والدعاء الذي وجّهه الإمام المهدي
له بعبارات مثل: «أرشدك الله، وثبّتك» و«والسلام عليك...»، وهي تُعدّ من علامات تأييد الإمام له،[١٦] كما يُفهم من مضمون الأسئلة التي طرحها إسحاق، ومن نقل الشيخ الطوسي لها، أنّ له مكانة علمية معتبرة.[١٧]
ويُعدّ سكوت بعض فقهاء وأصوليي الشيعة الكبار مثل الشيخ الأنصاري، والمحقق الأصفهاني، والميرزا النائيني عن الطعن في وثاقته، إضافةً إلى توصيف السيد الخوئي له بأنّه من «أجلّاء العلماء»،[١٨] من القرائن المؤيّدة لوثاقة هذا الراوي.[بحاجة لمصدر]
لماذا لم يُروَ التوقيع في كتاب الكافي؟
لم يَرْوِ الكليني هذا التوقيع في كتابه الكافي، وهو ما أثار بعض الشكوك حول نسبته إليه.[١٩] ويُفسّر السيد كاظم الحائري ذلك بأنّ الكافي كُتب للعامة، وذكر اسم الراوي والنائب الخاص للإمام فيه -في ظلّ أجواء القمع والتقيّة آنذاك- كان يمكن أن يشكّل خطراً على الوكلاء وشبكة الاتصال بالإمام. ويُحتمل أيضا أنّ هذا التوقيع وصل إلى الكليني بعد تأليف الكافي.[٢٠]
وورد كذلك إنّ عدم اشتمال التوقيع على مسائل فقهية هو سبب آخر لعدم ذكره في الكافي، فقد كان للكليني كتاب آخر بعنوان "الرسائل"، خصّصه لجمع الرسائل والتواقيع الصادرة عن الأئمة
، ويُرجّح أنّه أورد التوقيع هناك لا في الكافي.[٢١]
الهوامش
- ↑ الشيخ الأنصاري، كتاب المكاسب، ج3، ص555؛ الإمام الخميني، كتاب البيع، ج2، ص635.
- ↑ الصدوق، كمال الدين، ج2، ص483-485؛ الطوسي، الغيبة، ص290-291.
- ↑ الصدوق، كمال الدين، ج2، ص483-485.
- ↑ الطوسي، الغيبة، ص290-291.
- ↑ الشيخ الأنصاري، كتاب المكاسب، ج3، ص555-556.
- ↑ المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه، ج1، ص481.
- ↑ الشيخ الأنصاري، كتاب المكاسب، ج3، ص555-556.
- ↑ الإمام الخميني، كتاب البيع، ج2، ص636؛ مومن القمي، الولاية الإلهية، ج3، ص402.
- ↑ الإمام الخميني، ولاية الفقيه، ص80-82.
- ↑ المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه، ج1، ص479.
- ↑ الطباطبائي القمي، دراساتنا من الفقه الجعفري، ج3، ص111؛ الخوئي، موسوعة الإمام الخوئي، ج22، ص82.
- ↑ شقير، «پژوهشي درباره توقیع شریف إمام زمان
به إسحاق بن یعقوب»، مجلة فقه أهل بیت(ع).
- ↑ الحائري، ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص100-101.
- ↑ الحسيني الشاهرودي، كتاب الحج، ج3، ص394.
- ↑ المامقاني، تنقيح المقال، ج9، ص228.
- ↑ مؤمن القمي، الولاية الإلهية، ج3، ص400.
- ↑ المدرسي اليزدي، آفاق ولايت، ج2، ص163.
- ↑ الخوئي، مصباح الفقاهة، ج5، ص48.
- ↑ المنتظري، دراسات في ولاية الفقيه، ج1، ص479.
- ↑ الحائري، ولاية الأمر في عصر الغيبة، ص103.
- ↑ شقير، «پژوهشي درباره توقیع شریف إمام زمان
به إسحاق بن یعقوب»، مجلة فقه أهل بیت(ع).
المصادر والمراجع
- الإمام الخميني، السيد روح الله، ولاية الفقيه - الحكومة الإسلامية، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1381ش.
- الإمام الخميني، السيد روح الله، كتاب البيع، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1421هـ.
- الحائري، السيد كاظم، ولاية الأمر في عصر الغيبة، قم، مجمع الفكر الإسلامي، 1413هـ.
- الحسيني الشاهرودي، السيد محمود، كتاب الحج، تقرير: إبراهيم الجناتي، قم، أنصاريان، 1381هـ.
- الخوئي، السيد أبو القاسم، مصباح الفقاهة، تقرير: محمد علي التوحيدي، د.ن، 1368ش.
- الخوئي، السيد أبو القاسم، موسوعة الإمام الخوئي، مؤسسة الخوئي الإسلامية، د.ت.
- الشيخ الأنصاري، مرتضى، كتاب المكاسب، قم، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأعظم الأنصاري، 1415هـ.
- الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين وتمام النعمة، طهران، إسلامية، 1395هـ.
- الطباطبائي القمي، السيد تقي، دراساتنا من الفقه الجعفري، تقرير: علي المروجي، قم، مطبعة الخيام، 1400هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة، قم، دار المعارف الإسلامية، 1411هـ.
- المامقاني، عبد الله، تنقيح المقال، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، 1431هـ.
- المدرسي اليزدي، السيد محمد رضا، آفاق ولاية، قم، دار الكتب المعاصرة، 1403ش.
- المنتظري، حسين علي، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، قم، المركز العالمي للدراسات الإسلامية، 1409هـ.
- النائيني، محمد حسين، منية الطالب في حاشية المكاسب، طهران، المكتبة المحمدية، 1373هـ.
- شقير، محمد، «پژوهشي درباره توقیع شریف إمام زمان (ع) به إسحاق بن یعقوب»، مجلة فقه أهل بيت (ع)، العدد 46، السنة 12، ص 193-207.
- مؤمن القمي، محمد، الولاية الإلهية الإسلامية (الحكومة الإسلامية)، قم، مكتب النشر الإسلامي التابع لجماعة مدرسي الحوزة العلمية بقم، 1425هـ.
- محمدي الريشهري، محمد، موسوعة الإمام المهدي
، قم، دار الحديث، 1393ش.