العلويون هم فرقة من فرق الشيعة، ولكن لديهم بعض العقائد الخاصة مثل الطريقة الجنبلائية، وقد نَسَبَ بعض الكُتّاب العلويين إلى النُصيرية، وهذا ما أنكروه، وصرحوا أنهم لا يعتقدون بما تعتقد به فرقة النُصيرية البائدة.

خارطة لسوريا ولبنان زمن الإحتلال الفرنسي واللون البنفسجي يمثل دولة العلويين وكانت دولة مستقلة

تاريخ العلويون

يطلق مصطلح "بلاد الشام" على الرقعة الجغرافية التي تضم سورية، الأردن، لبنان وفلسطين الحالية. بلغت طلائع الفتوح الإسلامي مدينة دمشق سنة 13 للهجرة، وانتشرت في سائر مناطق بلاد الشام، جاء ذلك بعد أن كانت خاضعة لسيطرة امبراطورية الروم الشرقية وكانت عاصمتها آنذاك "القسطنطينية"، ثم وبعد دخول المسلمين بلاد الشام انطلقوا منها إلى شمال أفريقيا.

تأثّر أهل الشام ببني أميّة، باعتبار حكمهم لهذه البلاد مُنذ أن عيّن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب يزيد بن أبي سفيان والياً على الشام، وتبعه أخوه معاوية، فأضحى العداء لأمير المؤمنين (ع) جزءاً من عقائدهم الدينيّة، ودام ذلك إلى فترة اضمحلال وسقوط الدولة الأمويّة.

وأعقب العبّاسيون الأمويين في الحُكم، وكانوا قد كسبوا تأييد عامّة الناس من خلال شعاراتهم المُوهِمة التي رفعوها ودعوا الناس فيها إلى «الرضا من آل محمّد  »، لكنّهم لمّا استتبّت لهم أمور الحكم تنكّروا لأهل البيت وحاربوهم وقتلوهم، واقتضت سياستهم عدم تصحيح الانحراف العقائدي الذي خلّفه أسلافهم الأمويّون في بلاد الشام.

واستمر هذا الوضع إلى سنة 331 هـ، أي إلى عصر سيف الدولة الحمدانيّ، حيث بدأ التشيّع بالانتشار في بلاد الشام.

يعتبر عصر الدولة الحمدانية التي أنشأها سيف الدولة الحمداني في حلب والتي امتدت إلى حمص من العصور العريقة للعلويين ومن أخصب وأمرع عهود تاريخ حياتهم، لأنهم حكموا أنفسهم بنفسهم في ظل دولة شيعية عربية موالية مجاهرة بالولاء لأهل البيت   رغم ما حاق بهم في تلك الآونة من نقص في النفوس وفي الأموال والأملاك بسبب صد غارات الروم وغزوات الإفرنج المتتالية من جهة، والعمل لإخماد الاضطرابات الداخلية كفتن الأكراد والبدو والخوارج من جهة ثانية.[١]

بعد سقوط الدولة الحمدانية في حلب عام 399هـ وقيام الدولة المرداسية محلها،[٢] لم تستطع هذه الدولة أن تصمد لأكثر من عشر سنوات، تعرض العلويون خلالها لكثيرٍ من الظلم والقتل والتشريد في ظل سيادة القوي على الضعيف، وكان عبيد الله المهدي قد أسس الدولة الفاطمية وأقام المعز لدين الله الفاطمي عام 358هـ حكومةً في مصر، وخضعت لهم بلاد الشام أيضاً، فساعد ذلك في تهيئة الأرضيّة لانتشار التشيّع وموالاة أهل البيت (ع)، مما حرى بهم مساعدة الدولة الفاطمية للقضاء على حكم هذه الدولة، اعتقاداً منهم أن الخلافة حق لأبناء فاطمة  وقد آن لهذا الحق المغتصب أن يعود لأهله، فأسرعوا إلى البيعة يتفيأون ظلال دولة علوية، مكتفين بإعلان شعائرهم الدينية وإعلاء كلمة مذهبهم الولائي. إلا أن الفاطميين تنكروا مساعدة الشيعة عموماً والعلويين خصوصاً لهم، ولم يقف الأمر عند هذا، بل وقام الخليفة الفاطمي بادعاء العصمة لنفسه مما لا يتفق واعتقاد أتباع أهل البيت  ، إذ لا عصمة عندهم بعد الأنبياء والرسل لغير الأئمة الإثني عشر  . فانكمش العلويون على أنفسهم وانطووا على ذواتهم تجنباً للفتن.[٣]

بعد أن دام حكم الفاطميين لأكثر من قرنين ونصف من الزمن، قام صلاح الدين الأيوبي بانتزاع السلطة من يد الخليفة الفاطمي العاضد سنة 576هـ، بعد ذلك استولى الأيوبيون على مصر سنة 579هـ وأزالوا شعار الفاطميين، ومنعوا الآذان بـ"حي على خير العمل"، وعزلوا قضاة الشيعة واستنابوا عنهم قضاة شافعيين، ونسق صلاح الدين جيشه وطرد الصقالبة والأرمن والروم وأبقى على التركية والكردية، مما أدى إلى امتلاء سورية بالمهاجرين الأكراد الذين جاؤوا بأعداد كبيرة إلى موطن العلويين وضايقوهم غاية الضيق.[٤] فاضطر الشيعة في تلك الديار إلى التستر والعمل بالتقية، حفظاً على أرواحهم وحقناً لدمائهم، وانتقلت حياتهم من سيء إلى أسوأ.[٥]

وفي ظل سيادة الدولة الأيوبية، كان الخطر الصليبي يهدد بلاد الشام، ولقد جرت معارك كبيرة وطاحنة بين العلويين والصليبيين، ولم يقدم العباسيون أو الأيوبيون أي مساعدة لهم، مع ذلك أبلى العلويون بلاءً حسناً في قتال الصليبيين، وفي ظل هذا السيل الكبير كان العلويين أول وآخر من دفع هذا الثمن، خصوصاً بعد قدوم الأتراك الوافدين الذين أتوا من الأناضول ثم إلى سوريا، فكما هدم الصليبيون حضارة الإسلام، فقد قامت بعض القبائل التركية بتهديمها أيضاً وخصوصاً قبيلة "قايي خان" التي تشكلت الدولة العثمانية منها فيما بعد. مما حرى بالعلويين الساكنين في حمص وحماة وحلب إلى الهجرة من السواحل والسهول إلى الجبال العالية الوعرة للتخلص من تعديات الأتراك وقراصنة الصليبيين، وأنشد بعضهم يقول:

تخرب جلق وديار بكر ويبقى العز في روس الجبال

في هذه الأثناء، هجم الأتراك على جبل صغير يقع في جهات حمام واصل يسمى "رأس ماسين" وقتلوا عددا كبيراً من العلويين وأكثرهم من رجال الدين ومنهم العالمان الكبيران "الشيخ يوسف الرداد" و"الشيخ مسلم البيضا".[٦]

اتحد الإسماعيليون مع الأكراد في الحروب الصليبية على العلويين، فاستنجدوا بالأمير حسن المكزون السنجاري فجاءهم سنة 617هـ في خمسة وعشرين ألفاً من العلويين ونزل على عين الكلاب بقرب قلعة أبي قبيس وعلى سطح جبل الكلبية، فتجمع الإسماعيلية مع حلفائهم الأكراد واجتمعوا في مصياف وأغاروا ليلاً على جناح الأمير وعساكره وغلبوه فرجع إلى سنجار،[٧] عاود الأمير حسن بن مكزون السنجاري الكرة، وجاء بعد سنتين من هزيمته إلى بلاد العلويين واستطاع أن يهزم الأكراد ويجلوهم بعد أن تركهم الإسماعيليون وحيدين في الحرب وصادقوا العلويين وأميرهم.[٨]

في سنة 705هـ سارت حملة عسكرية إلى جبال كسروان في لبنان بأمر من السلطان محمد بن قلاوون سلطان مصر لإبادة العلويين وذلك على إثر فتوى أطلقها ابن تيميه، وقد كان على رأس هذه الحملة بنفسه، ففتك حينها بالعلويين قتلاً وإبادة ونهباً وتشريداً وقد حصدت تلك المجزرة علويي شمال لبنان ولا سيما في القنيطرة والعاقورة ونواحي البترون وعكار الضنية، والذين تخلصوا من البطش رحلوا إلى جبهات اللاذقية وأنطاكية واعتصموا في جبالها وبقي القليل منهم في لبنان.[٩]

أطلق العثمانيون اسم "سوره كـ" على العلويين الذين هربوا إلى جبل النصيرة، وهو بمعنى المنفيين أو المساقين، واستجلب العشائر التركية من جهات الأناضول وخراسان أكثر من نصف مليون نسمة إلى سورية وأسكنهم في القلاع الساحلية وفي المناطق المرتفعة والغنية منها، وكانت مهمتهم الأساسية قتل ما تبقى من العلويين المحاصرين في تلك المناطق الوعرة وتأمين سلامة الطريق إلى مصر. ثم جاء السلطان سليم ومعه ثلاثون ألف جندي إلى ما بين اللاذقية وأنطاكية ومكث هناك عشرة أيام حيث أشرف على عملية توطين الأتراك "الكماخ" الوافدين. كما جمع السلطان سليم الأول في مدينة حلب الأمراء والمشايخ العلويين وقام بقتلهم جميعاً بحجة أنهم كفرة وملحدين، بناءً على "الفتاوي الحامدية" لنوح الحامد الحنفي.[١٠] كذلك فتوى ابن تيميه الشهيرة والتي تحمل اسم (النصيرية)، فخرج العلويون هائمين على وجوههم من مدينة حلب وضواحيها بعد أن قتل منهم أكثر من أربعين ألفاً في حلب وحدها، ثم توجه الكثير منهم إلى الجبال الساحلية وعملت القوات النظامية على تعقبهم وقتل كل ما تظفر به منهم وخاصة من جاهر بعقيدته عندها تستر كثير من العلويين بالمذهب الشافعي صيانةً لأرواحهم.[١١] ولا يزال إلى يومنا هذا يوجد في مدينة حلب مسجد باسم "مسجد الطرش" نسبةً لدماء العلويين المطرّشة على جدرانه.

ثار العلويون في مناطقهم الجديدة "الجبال الساحلية" على العثمانيين، وقاوموهم بكل الوسائل المتاحة التي كانوا يمتلكونها، كما قام الجيش العثماني عنوةً وجبراً على تجنيد العلويين في جيشه الإنكشاري، ولم يستثنِ أي علوي من الخدمة في الجيش العثماني،[١٢] فعانى وتأخر العلويون كثيراً في ظل هذا الحكم الظالم من كافة النواحي الروحية والاجتماعية والفكرية والأمنية وغيرها، وأعادتهم إلى عصر الجاهلية، فيعتبر هذا العصر من أقسى وأشد العصور التي مرّت على العلويين والتي استمرت لأكثر من أربعة قرون ونصف.[١٣]

 
ثورة الشيخ "صالح العلي"

بدأت الدولة العثمانية بالانهيار إبان الحرب العالمية الأولى، وفي المقابل بدأ الفرنسيون بإرسال بعثات تمهّد الطريق أمامهم للسيطرة على سورية، فكانوا يعتمدون على كسب الأقليات إلى صفوفهم وبالأخص العلويون لما رأوه فيهم من قوة وعزيمة ورباطة جأشٍ. ولا شك أيضاً بأن الكثير من الكتّاب المناوئين للعلويين، ذكروا في كتبهم أنّ العلويين تعاونوا مع الفرنسيين من أجل القضاء على الحكم الإسلامي العثماني، مقابل إعطاء الفرنسيين الضوء الأخضر للعلويين لتشكيل حكومة مستقلة علوية خاصة بهم. إلّا أن الواقع يقول غير ذلك، فأول ما وضع الفرنسي قدمه في سورية حتى ثار الشيخ "صالح العلي" بثورةٍ على الفرنسيين عام 1918م،[١٤] والتي أذهل بها الفرنسيين وكبدهم خسائر فادحة في العدة والعتاد، وأول معركة قامت بينه وبين الفرنسيين هي معركة "وطى النيحة" الواقع غرب مدينة وادي العيون في محافظة حماة، وقامت بعدها معارك أخرى أهمها معركة "وادي ورور" التي خسر بها الفرنسيون أكثر من ثمان مئة جندي بين قتيل وجريح واغتنام عدد لا يستهان به من العتاد. وامتدت هذه الثورة على كافة الجبال الساحلية، وقدم فيها العلويون بطولاتٍ كبيرةٍ أذهلت الفرنسيين، سقط من خلالها الكثير من العلويين، إلى أن تم الجلاء في 17 نيسان 1946م.[١٥]

العلويون وأصل التسمية بالنُصيريّة

إنَّ هناك من الكُتّاب من نَسَبَ العلويين المنتشرين في الشام والعراق وتركيا وايران إلى فرقة النُصيريّة البائدة، وذلك لأنه لما فُتحت جهات بعلبك وحمص استمد أبو عبيدة الجراح نجدة فأتاه من العراق خالد بن الوليد ومن مصر عمرو بن العاص، وأتاه من المدينة جماعة من أتباع علي  وهم ممن حضروا بيعة الغدير في خم وهم من الأنصار وكان عددهم يزيد على أربعمائة وخمسين مقاتلاً فسُميت هذه القوة نُصيريّة وبعد جهادهم ملكوا أراضي فسُميت تلك الأراضي بـ "جبل النُصيريّة" وهي جهات من جبل الحلو وبعض قضاء العمرانيّة، ثم أصبح هذا الأسم علماً خاصاً لكل جبال العلويين من جبل لبنان إلى أنطاكية.[١٦]

أما فيما يتعلق بأصل التسمية "العلويين":

فإن تعريفهم بهذا الاسم لم يكن هدية من الأجنبي إليهم، ولا منَّةً منَّ بها عليهم -كما يتوهم البعض- وإنما هو اسمهم الذي عُرفوا به قديماً وحديثاً، والذي ما زال أحفادهم يُعرفون به إلى أن ضعُفت شوكتهم وغُلبوا على أمرهم، فسلبهم ساسة الجور علَن انتسابهم إليه ومعرفتهم به، واستبدلوهم باسم "النصيريين"، سيراً على خطَّة الطَّعن والتجريح التي اعتادوا سلوكها تجاه أتباع مذهب أهل البيت ، ولقد تم لهم ما أرادوا: فرَّقوا بين العلويين وبين إخوانهم الإماميين، وألزموهم اسم النصيريين رضوا أم أبوا، وأفاضوا بدعوتهم به، حتى أمسى اسمهم الذي به يدعون وعلَمهم الذي به يُعرفون، إلى أن كانت الحرب العالمية الأولى، فهبَّ العلويون لمقاومة فرنسا، ملحّين على وجوب تعريفهم باسمهم الحقيقي "العلويين".[١٧]

عقائد العلويين

عقائد العلويين لا تختلف البتة مع عقائد الشيعة الاثني عشرية الإماميةفي الأصول وحتى في الفروع، والدليل على ذلك كتابات وآثار علمائهم وكتّابهم ومثقفيهم، ناهيك عن البيان التاريخي الذي أصدره كبار علماء العلويين والذي أخرجه السيد حسن مهدي الشيرازي، ووقع عليه أكثر من 80 عالم ورجل دين علوي، والذين جعلوه ميزاناً لتمييز العلوي عن غيره، واعتبروا كل علوي لا يقر به خارج عن دوحة الولاية العلوية.[١٨]

عقائد العلويون في أصول الدين هي:

  • التوحيد: يعتقدون بوجود إله واحد خالقٌ للعالم المرئي وغير المرئي، لا شريك له في الملك، متصف بصفات الكمال، منزه عن صفات النقص والمحال.[١٩] ويعتقدُ العلويُّونَ أنَّ لهذا الكونِ إلهاً واحداً، لا شريكَ له ولا مثيل، لا يشبهُ شيئاً ولا يشبههُ شيءٌ، واجبُ الوجودِ لذاتهِ، وجميعُ مُمكنات الوجودِ فعلهُ وخلقهُ، وهوَ سُبحانهُ المعبودُ وحدهُ، ولا تحقُّ العبادةُ لغيرهِ، أحدٌ موحَّدٌ، لا إثنينيَّةَ بينَ ذاتهِ وصفاتهِ، بل إنَّ صفاتِه عين ذاتهِ.[٢٠]

وقد حارب علماء العلويين في أشعارهم وكتبهم ورسائلهم الحلول والاتحاد، وتغنوا في التجرد وتنزيه الله سبحانه وتعالى ونفي الجسمانية عنه.[٢١]

  • العدل: يعتقدون إنَّ الله  منزّه عن الظلم وعن فعل القبيح والعبث، وإنَّه لا يُكلّفُ البشرَ الاّ بما تسعهُ طاقاتهم ولا يأمرهم الاّ بما فيه صلاحهم ولا ينهاهم الاّ عما فيه فسادهم.[٢٢]
  • النبوة: يعتقدون انَّ الله   يصطفي من خيرة عباده الصالحين رسلاً لإبلاغ رسالاته إلى الناس، ليُرشدهم لما فيه صلاحهم ويحذرهم عمّا فيه فسادهم في الدنيا والاخرة، ويعتقدون إنَّ الأنبياء كثيرون ذَكَرَ القرانُ منهم خمسة وعشرون نبياً ورسولاً  أولهم سيدنا آدم  وآخرهم سيدنا مُحمّد بن عبد الله ، ويعتقدون بعصمة جميع الأنبياء  عن السهو والنسيان وارتكاب الذنوب.[٢٣]
  • الإمامة:يعتقدون بانَّ الإمامة منصبٌ تقتضيه الحكمة الالهيّة لمصلحة البشر في مؤازرة الأنبياء بنشر الدعوة الالهيّة، وفي القيام بعدهم في الحفاظ على تطبيق أحكام الشريعة بين الناس وصونها من التغيير والتحريف والتفسيرات الخاطئة، وأن الإمام معين بنصٍ إلهي وأنه معصوم مثل النبي (ص)، لكي يطمئن المؤمنون بالاقتداء به في أقواله وأفعاله. ويعتقدون أنَّ الأئمة بعد النبي مُحمّد  هم:
  1. الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين 
  2. الإمام الحسن بن علي المجتبى 
  3. الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء 
  4. الإمام السجاد زين العابدين 
  5. الإمام مُحمّد بن علي الباقر 
  6. الإمام جعفر بن مُحمّد الصادق 
  7. الإمام موسی بن جعفر الكاظم 
  8. الإمام علي بن موسى الرضا 
  9. الإمام مُحمّد بن علي الجواد 
  10. الإمام علي بن مُحمّد الهادي 
  11. الإمام الحسن بن علي العسكري 
  12. الإمام المهدي الحجة ابن الحسن ، مغيب عن أبصار الخلق لحكمةٍ إلهيةٍ يظهره الله في آخر الزمان فيجدد ما اندثر من شريعة جده رسول الله ص، ويملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما.[٢٤]
  • المعاد: يعتقدون أن الله  يُعيدُ الناسَ بعد الموت للحساب، فيُجزي المُحسن بإحسانه ويحاسب المسئ بإساءته.

كما يؤمنون بكل ما جاء في القرآن الكريم، وبما حدّث به النبي  من أخبار يوم البعث والنشور، والجنة والنار، والعذاب والنعيم، والصراط والميزان، وغير ذلك.[٢٥]

وأما على مستوى فروع الدين فيعتقدون بـالصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، والجهاد، وأما بقية فروع الدين، ومنها الزواج، والطلاق، والخلع، والظهار، والإيلاء, ومنها أحكام كالديات، والقصاص، والكفارات, ومنها معاملات كالبيع والشراء والضمان، والمزارعة، والمساقاة وسواها, فإنهم يعملون بها وفق نصوص المذهب الجعفري, دون خلاف، مستندين إلى مراجعه الكثيرة وأهمها: للفقهاء المجتهدين: "الكتب الأربعة" التي يعتمدها الشيعة الإمامية الاثني عشرية وهي: "من لايحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار، والكافي". [٢٦] [٢٧]

فتاوي بعض علماء الإمامية على بيان عقيدة المسلمین العلويین

قام الشيخ محمد حسن بادياني صاحب موسوعة "العلويين هم أتباع أهل البيت" بإرسال بيان عقيدة المسلمين العلويين إلى عدد من كبار مراجع وعلماء الشيعة الإمامية الإثني عشرية، القاطنين في مدينة قم المقدسة والنجف الأشرف، يستفتيهم حول الطائفة العلوية طبق ما ورد في نص بيان عقيدتهم، فقام البعض منهم بالإجابة على رسالة الشيخ البادياني حول عقيدة المسلمين العلويين بالتالي:

1- آية الله العظمى السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي "رحمه الله":

بسم الله الرحمن الرحيم إن العقائد المذكورة في الأوراق المرفقة عقائد الشيعة الاثنا عشرية، فمن أعتقد بها يحسب من الشيعة الاثنا عشرية والفرقة المحقة اعتقاداً، والشهادات من الأفراد الشاخصة وأهل الاطلاع في المنطقة وغيرها والشيوخ من الطائفة، تكفي في ذلك إلا أن يثبت الخلاف في مورد وإذا كان هنالك انحراف أو قصور بالنسبة إلى بعض العقائد أو الأعمال والأحكام الشرعية فلابد أن ترفع وتزال بالبراهين والأدلة المقنعة بوجه حسن، وفق الله الجميع لمراضيه.[٢٨]

 
صورة عن فتوى آية الله عبد الكريم الموسوي الأردبيلي

2- آية الله العظمى الشيخ الحاج حسين نوري الهمداني "حفظه الله":

بسم الله الرحمن الرحيم بعد الحمد والصلاة سلام عليكم: مع الأسف إن تاريخ الشيعة تاريخ ملئ بالظلم والقهر والاضطهاد والاتهام من قبل السلطات الغاشمة الأموية والعباسية والغزنوية والسلجوقية والعثمانية التي أدت إلى التكتم والتقية والاختفاء ولكن بعد أن أسفر صبح الحقيقة وارتفع الظلم وثبت للعلماء والمفكرين تسبب الترابط والتعايش أنهم "العلويون" من الشيعة فنحن أيضاً نعتقد أنهم مثلنا من الشيعة الإمامية الاثنا عشرية التابعة لمذهب العترة الطاهرة أهل البيت   الذين علمهم النبي الأقدس   عدل القرآن الكريم، في الحديث المتواتر عند الفرقين وقال: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض"، فالواجب علينا احترامهم وإكرامهم "العلويين" وفقهم الله تعالى.[٢٩]

 
صورة عن فتوى آية الله نوري الهمداني

3- آية الله العظمى الشيخ الحاج لطف الله الصافي الگلبايگاني "حفظه الله":

بسم الله الرحمن الرحيم بعد التحية والدعاء: إن البيان الشريف الرائع الصادر عن جمع كثير من أصحاب الفضيلة رجال الدين من إخواننا المؤمنين "العلويين" أمد الله في عمرهم ورعاهم بعين عنايته قد احتوى على ما هم ونحن عليه من العقائد الحقة الإسلامية التي يعتقدها شيعة أهل البيت الإمامية الاثنا عشرية المتمسكون بالثقلين كتاب الله والعترة الطاهرة الذين من تمسك بهما لن يضل أبداً فإنهما لن يفترقا حتى يردا على رسول الله   الحوض والحمد لله الذي هدانا وهداهم لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ثبتنا الله وإياكم على هذه المعتقدات الواضحة الجلية وأكرمنا بولاية أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام والاهتداء بهداهم، والسلام علينا وعليهم وعلى جميع العلماء العاملين وإخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته.[٣٠]

 
صورة عن فتوى آية الله لطف الله الصافي الگلبایگاني

4- آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله "رحمه الله":

بسم الله الرحمن الرحيم لقد أطلعت على أكثر من كتاب ودراسة وإعلان من جماعة كثيرة من علماء العلويين ومفكريهم وشخصياتهم القيادية تؤكد على أنهم مسلمون كبقية المسلمين في عقيدتهم التوحيدية الرافضة للشرك وللغلو وفي إيمانهم بنبوة النبي محمد   وبالقرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويعلنون بأنهم يلتزمون في ولائهم وشريعتهم الفقهية مذهب الإمام جعفر الصادق  . ولقد التقيت بالكثيرين في مناطقهم من سائر الفئات الشعبية فرأيت ذلك شائعاً بينهم مما يدل على جدية الانتماء الإسلامي الجعفري وصدقه، ولعل الإقبال على بناء المساجد والصلاة فيه ما يؤكد ذلك كله.. وإذا كان بعض الجهال يتحدث في بعض الحالات بكلمات غير مسؤولة فإنهم لا يمثلون الطائفة كلهم. وإننا ندعو إخواننا من المسلمين العلويين إلى الاهتمام بتبيان عقيدتهم بشكل واضح حتى لا يكون هناك التباس في الأمر من قبل أي شخص مما أثير ضدهم ظلماً من بعض الناس. والله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.[٣١]

5- آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي "حفظه الله":

بسم الله الرحمن الرحيم بعد التحية والسلام: نظراً إلى أن مجموعة من علماء وشيوخ العلويين المحترمين أدام الله عزهم، قد كتبوا عقائدهم وردوا الاتهامات التي تقال في حقهم وقاموا بتطبيق عقائدهم مع عقائد شيعة أهل البيت، فلذا نرى أنهم من إخواننا في المذهب وهم من الشيعة. ويجب احترامهم واعتبارهم مثل بقية الشيعة وأتباع أهل البيت، فلو ارتكب بعض العوام خطـأ أو أخطاء لزم إرشادهم. وينبغي كتابة بعض الرسائل والكتيبات توضح عقائد أتباع أهل البيت   لكافة المراحل المختلفة للشباب والناشئين والكبار، ويتم تعليمهم على مختلف المستويات، سواء في العقائد، أو الأحكام أو الأخلاق... نسأل الله تبارك وتعالى مزيد التوفيق لكافة الأعزاء.[٣٢]

أهم العشائر العلوية

ترجع العشائر العلوية في نسبهم إلى فرعين رئيسيين:

  1. فرع القبائل اليمنية العرب القحطانيين من همدان وكندة.
  2. فرع القبائل الشاميّة والعراقيّة من غسّان وبهرا وتنوخ.

وأما العشائر العلوية الرئيسية فهي أربعة: الحداديون والنميلانيون والرشاونة والخياطيون، وتُقسّم كل واحدة من هذه العشائر إلى أفخاذٍ وبطون.[٣٣]

والعشائر العلويّة في محافظة اللاّذقيّة أربع: عشيرة الخياطيين، عشيرة الحدادين، وعشيرة المتاورة، وعشيرة الكلبيّة، كما يوجد الحيدريين الذين يسكن أفرادهم قضاء اللاذقيّة.

ويروي صاحب كتاب "العلويون من هم وأين هم؟" تجربته الشخصية في التعامل مع علويي سورية عموماً واللاذقية خصوصاً بالقول: "قلت إنني قد تعرفت على هذا الفريق من الشيعة في السبعينات ولا سيّما في مدينة اللاّذقيّة وأقضية محافظتها في: حرف مشقيتا ودمسرخو، وعين البيضا، وبكسا، والشبطلية وتلاّ، وغيرها من الأقضية والقرى، فوجدتهم بحمد اللّه بعد المعاشرة، والمصاحبة وكثرة المداخلات مسلمين مؤمنين ملتزمين أسخياء يقيمون الفرائض والشعائر في المساجد والحسينيات يحللون ما أحلّ اللّه ويحرمون ما حرّمه القرآن والنبي الأكرم  وهم يتشددون في إعمار المساجد وإقامة الصلوات الخمس والجمعات والأعياد ويصومون هم وعوائلهم من الذكور والإناث شهر رمضان المبارك ومنهم الكثير من حج إلى بيت اللّه الحرام وهم يستنكرون بعض التخرصات من الجهلة الذين يحللون الخمرة ويشدّدون النكير على هؤلاء المتاجرين بالدين والشرع في كافة مجالات التشريع والفقه مما لا يمت إلى الدين بصلة العلم والمعرفة والحقيقة -وبعد الحرب الماضية، ظهر حزب مذهبي جديد، و سمّى نفسه بـالغساسنة، وأكثريته من العمامرة أي من عشيرة الخياطيين، وقد انضم إليه رجال من عشائر مختلفة، ولا يزال حتى اليوم قائماً، رغم تراجع البعض عنه، وقد أصبح كعشيرة. إن لكل عشيرة من هذه العشائر فروعاً، ولكل فرع مقدّماً، والمقدمون محترمون أيضاً في فروعهم، ولهم مكانتهم عند رؤسائهم، كما أن بعض فروع عشيرة من هذه العشائر، مستقل عن فروع العشيرة الأخرى ولكن هناك تفاهم ومحبّة ووحدة عند تفاقم الأمر".[٣٤]

أعلام العلويين

  • الحسين بن حمدان الخصيبي (260 - 358هـ): من كبار الأعلام عند العلويين، ينحدر من قبيلة "حمدان" التي أسست فيما بعد أول دولة شيعية في مدينة حلب السورية، ولد في بلدة "جنبلاء" التي تقع بين واسط والكوفة في العراق سنة 260 هـ وإليها ينسب. نشأ على يد والده أبي الحسين حمدان بن الخصيب الجنبلاني الذي كان يقيم الحلقات العلمية في منزله بمختلف المعارف الإسلامية، مما سهل لعبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي أن يتلقى العلوم الدينية عنه بكل ييسر وسهولة، وبرع بعد ذلك في الكثير من العلوم التي كانت سائدة آنذاك كالنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق والفلسفة والتاريخ وغيرها. حفظ كتاب الله وهو في الحادية عشرة من عمره، وأدّى فريضة الحج إلى بيت الله الحرام في الخامسة عشر وذلك سنة 275 هـ. تابع علومه ومعارفه الشرعية على يد صديق والده أبي محمد عبدالله بن محمد الجنـان الجنبلاني المولود سنة 235هـ والمتوفي سنة 287هـ وأخذ عنه الأصول والأحكام والتفسير وسائر علوم القرآن، واختلاف المذاهب والفرق في الأصول والفروع، وبقي ملازماً له حتى سنة وفاته وكان عمره وقتذاك 27سنة. بقي مدة قصيرة في جنبلاء يتابع تعاليمه وإرشاداته لقاصديه من أبناء زمانه، ثم إنتقل إلى بغداد عاصمة العبَّاسيين وكانت أعظم أعماله الدينية فيها، واستقر مدة زمنية تربو على خمسة وعشرين عاماً قضاها في إرشاد الناس وتعليمهم بعد أن فتح فيها داراً على غرار داره في جنبلاء، فراح يقصده طلاب العلم والمعرفة. قامت بينه وبين الكثير من العلماء محاورات ومناظرات أهمها مع ابن بابويه القمي، والحسين بن منصور الحلاج الذي إختلف معـه في أدق المسائـل الأصولية. ويروى أن الخصيبي سجن في بغداد بسبب وشاية مغرضة تَتَّهمه بالقرمطة وهي دعوة باطنية تنسب إلى "حمدان قرمط" من دعاة الإسماعيلية، قيل أنها أوّل ما ظهرت في العراق سنة 258هـ وانتشر أتباعها في البحرين واليمن، واستولوا على مكة سنة 317هـ وقتلوا الحجيج ونقلوا الحجر الأسود إلى عاصمتهم ثم ردّوه بعد إثنتين وعشرين سنة. انتقل بعد ذلك إلى مدينة حلب، وبقي فيها مدة قصيرة قضاها في نشر فضائل أهل العصمة ، ثم غادرها لنفس الأسباب التي غادر بها بغداد ورحل إلى الشام، فتعرض أزلام الأمويين له، وطاردوه إمعاناً في قتله لما علموا أنه يحدث بفضائل أهل البيت  وينشر معارفهم وفقههم وآدابهم، فهاجر بنفسه إلى الكوفة التي كانت تغصُّ بشيعة أمير المؤمنين  ومحبيه، فمكث فيها حتى عام 333هـ وهي سنة دخول سيف الدولة الحمداني علي بن الحسين إلى حلب ظافراً وذلك على أثر استنجاد أعيانها به من خطر البيزنطيين والأخشيديين، فعاد الخصيبي إليها مطمئناً، واتخذها موطناً وسكناً لما عرف عن أميرها من العدالة، وصدق موالاته لأهل البيت، فتعرف عليه حتى صار من المقربين إليه والمكرمين عنده، وفي أثنائها ألف كتابي "الهداية الكبرى" و"المائدة" وأهداهما إليه. وبقي في مدينة حلب حتى وفاته سنة 358 هـ. ومقامه اليوم يوجد بها ويعرف بمقام الشيخ "يبرق".[٣٥]
  • المنتجب العاني400 هـ): مُحمّد بن الحسن العاني الخديجي المضري أبو الفضل المنتجب ولد في عانة عام (330 هـ) وإليها نسبته، ونشأ فيها وفي بغداد حيث استقر مدة، ثم انتقل إلى حلب وسكنها، ثم غادرها إلى جبال اللاذقيّة، واتصل بحسين بن حمدان الخصيبي وتلقى عنه العقيدة والطريقة وأصبح من دعاتها. وهو شاعر معروف وكبير كثيراً ما يستشهد العلويين بأشعاره العرفانية والصوفية، ويتناقلونها فيما بينهم.[٣٦]
 
الشيخ سلمان بيصين
  • الميمون الطبراني426 هـ) : سرور بن القاسم الطبراني أبو سعيد الملقب بالميمون شيخ العلويين في اللاذقيّة، وهو من تلاميذ الشيخ الخصيبي، وعرّف عنه بمحاربته للبدع التي أظهرها "أبي ذهيبة" بعد وفاة الحسين بن حمدان الخصيبي. وله العديد من الكتب والمؤلفات الكبيرة، بعضها مازال إلى اليوم موجوداً على شكل مخطوطات، والكثير منها اندثر مع مرور الزمن.[٣٧]
  • الحسن بن مكزون السنجاري638 هـ): حسين بن يوسف مكزون ابن خضر، ينتهي نسبه إلى المهلب بن صفرة ولد عام 583 هـ في سنجار العراق، مات في قرية كفر سوسة عام 638 هـ بقرب دمشق وقبره معروف فيها. وهو من كبار الشعراء العرفانيين المعروفين عند العلويين، وله ديوان شعر مطبوع يتضمن كل أشعاره التوحيدية والعرفانية، شرحه الشيخ "سليمان أحمد".[٣٨]
  • الشيخ سلمان أحمد (بيصين) (1153 - 1228 هـ): هو الشيخ سلمان بن الشيخ أحمد بن الشيخ يوسف بن الشيخ هاشم بن الشيخ سلطان بن الشيخ حسن نسباً إلى الشيخ جمال ديفه بن الشيخ خطار بن الشيخ مسلم الجهني الحميري، وهي قبيلة يمنية، ولد في قرية الجرد التابعة لبانياس، لم يقم فيها إلا أربعين يوماً، فحمله أبوه وفرَّ به هرباً من ظلم الحكومة العثمانية، وعاش بقية حياته في قرية بيصين بالقرب من قضاء مصياف في محافظة حماة. كان عالماً وأديباً، قضى حياته في نشر علوم أهل البيت   في محيطه، وبناء المساجد في قريته والقرى المجاورة، تركَ وراءه ابنه الشيخ عباس، وكان كأبيه تقياً ورعاً على درجة من الكمال، والذي ولد سنة 1201 هـ، وتوفي سنة 1254 هـ.[٣٩]
 
الشيخ سليمان الأحمد
 
الشيخ يعقوب الحسن
  • الشيخ عبد اللطيف إبراهيم (1903 ــ 1995 م): وهو الشاعر الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ إبراهيم، ينتهي نسبه إلى حيدر بن صدقة. تحدَّر من أسرة عريقة تشكل مرجعية دينية، كبيرة عند العلويين، ولد الشيخ عبد اللطيف سنة 1320 هـ في قرية "بيت ناعسة" قضاء صافيتا التابعة لمحافظة طرطوس السورية، وتربى في حجر والده الشيخ إبراهيم الذي حبب إليه منذ صغره دراسة العلوم والمعارف الدينية، وفي تمام السنة السابعة من عمره ختم القرآن الكريم عند أحد القراء، ثم تعلم تجويده عند المقرئ الشيخ "علي جعلوك" في مدينة حماه، وكان يحسن تلاوته بالقراءات السبع، ثم أخذ مبادئ الصرف والنحو عن والده، ونظم الشعر في سن مبكرة، فمدح وهجا ورثا وتغزل، وفي عام /1910/ أرسله والده إلى قرية "تلة الخضر" ليتابع دراسته عند الشيخ "يونس يوسف" فدرس عنده مدة قصيرة ولم يتمكن من إتمام دراسته بسبب الحرب العالمية الأولى. وبعد وفاة والده طلب السيد "جابر العباس" من الدولة العثمانية إنشاء مدرسة في قرية "الطليعي" في محافظة طرطوس لتعليم العلوم العربية، فدرس فيها الشيخ بضعة أشهر، ومن ثم قامت الثورة العربية الكبرى /1916/ وانتهى الاستعمار العثماني ليحل محله الاستعمار الفرنسي، وبعد الاحتلال الفرنسي أحضر السيد "محمود إبراهيم آل جابر" معلماً لبنانياً من أجل تعليم اللغة الفرنسية، فتعلم العلامة الشيخ عبد اللطيف إبراهيم فيها مبادئ اللغة الفرنسية، وفي عام/1920/ جاءت نقطة التحول الكبرى في دراسته عندما انتقل إلى بيت الشيخ سليمان الأحمد صديق والده الحميم ورفيقه في ميدان التطور والإصلاح والتجديد، حيث أمضى سنوات هناك يقتبس العلم والأدب من منابعه الصافية. وبعد أن أتم دراسته في بيت الشيخ سليمان الأحمد عاد إلى قريته ولازم بيته وتفرغ للمطالعة ونشر العلم والمعرفة في أرجاء المنطقة كلها، وقد استفاد في ذلك من تراث والده الهائل لا سيما أنه ترك له مكتبة زاخرة بكتب الفقه واللغة والأدب، ومثالاً في حسن السيرة والأخلاق، واتبع منهج والده الديني وأسلوبه الاصلاحي، واتجه اتجاهاً دينياً صرفاً، وتابع رحلة التبحر في علوم أهل البيت   وأصبحت العمامة دثار رأسه والجبة دثار جسده والتُّقى الصادق جلبابه وإهابه، ووصلت شهرته إلى الأقطار المجاورة، وفي عام/1921/ راسله الشيخ "أحمد عارف الزين" صاحب مجلة العرفان في صيدا واشترك في هذه المجلة ونشرت له الكثير من القصائد الرائعة. كما أنه راسل العديد من كبار علماء الشيعة منهم: الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والمرجع الكبير السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، وغيرهم. توفي سنة 1995 م، ودفن في قرية "بيت مرهج" التابعة لمحافظة طرطوس.[٤١]
  • الشيخ يعقوب الحسن (1284 - 1348 هـ): هو يعقوب بن حسن بن محمد بن علي بن معروف بن علي البريعني، ولد هذا العلامة في قرية بريعين 1284هـ التابعة لمنطقة جبلة في محافظة اللاذقية السورية، ثم انتقل إلى قرية "زمرين" في بني علي وعاش فيها عدة سنوات، ثم توطن في قرية "ديروتان" القريبة من زمرين وظل فيها حتى وفاته عام 1348 هـ. ثم عكف على تأليف أشهر الكتب الحديثة وهو كتاب "التذكرة" الذي جمع فيه العديد من المقالات الهامة، والتي شرح فيها كل تعاليم الديانات القديمة السماوية والوضعية، ونجح نجاحاً كبيراً في نفي ودحض حجج الملحدين، وبرهن بالحجة والبرهان والدليل والقاطع على زيف الملحدين، وأكد أن العلم لا يتعارض مع الدين، وبرهن على وجود الله الخالق القادر، واستشهد بآراء مجموعة كبيرة من العلماء غير المتدينين، وقد أشاد جميع العلماء بهذه الدراسات القيمة التي ألفها الشيخ يعقوب الحسن، وكان لهذه الدراسات أثراً كبيراً في انحسار موجة الإلحاد والتي حاول المبشرون والمستشرقون نشرها في البلاد العربية. كان الشيخ الشاعر يعقوب الحسن يحتل مكانة مرموقة بين العلويين، وذلك لما كان يتمتع به من مزايا قلَّ نظيرها، فهو عالم وفقيه وشاعر ورائد نهضة ورأيه مسموع، وجهادهُ في خدمة آل البيت  لا يخفى على أحد، ومقالاته أثارت اهتمام العلماء كافة، وكانت تجري بينه وبين علماء عصره مراسلات واجتماعات ومناقشات بهدف إصلاح المجتمع وتخليصه مما علِقَ به عبر تاريخٍ طويل من أمور لا تمتُّ إليه بصلة، وكان رأيه مسموعاً لسعة علمه وإطلاعه على علوم عصره كافة، ولأنه يحذر من عاقبة اللامبالاة وترك المتطفلين يعيثون في الدين فساداً، لذلك كله قامَ بمحاولات كثيرة لتقويم الاعوجاج، فأخذَ يراسل كبار علماء الطائفة، وعلى رأسهم الشيخ سليمان الأحمد، وذلك لإيجاد الحلول للمشكلات والبدع والغزو الفكري الخارجي.[٤٢]

الهوامش

  1. مظلوم، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام: ج1. المقريزي، الخطط المقريزية، ج 2، ص 200.
  2. الحموي، معجم البلدان: ج 2، ص 102.
  3. مظلوم، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام، حسين مظلوم، ج 1.
  4. علي، مختصر تاريخ العلويين: ص111.
  5. كرد علي، خطط الشام، ج 2، ص 46.
  6. علي، مختصر تاريخ العلويين، ص 109.
  7. كرد علي، خطط الشام: ج2، ص82.
  8. علي، مختصر تاريخ العلويين، ص 112.
  9. مظلوم، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام، حسين مظلوم، ج 1.
  10. مظلوم، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام، ج1.
  11. علي، مختصر تاريخ العلويين، ص120.
  12. كاهون، رحلة إلى جبال العلويين، ص34.
  13. علي، مختصر تاريخ العلويين، ص122.
  14. علي، مختصر تاريخ العلويين: ص124.
  15. مظلوم، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام: ج1.
  16. الطويل، تاريخ العلويين، ص 87 - 88.
  17. الصالح، النبأ اليقين عن العلويين،ص60.
  18. عبد الرحمن، مدرسة العلامة الأوحد الشيخ سليمان الأحمد ودورها في نهضة المسلمين العلويين، ص 68.
  19. الخير، عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمون العلويون: ص19.
  20. الصالح، النبأ اليقين عن العلويين، ص 48.
  21. عبد الرحمن، مدرسة العلامة الأوحد الشيخ سليمان الأحمد ودورها في نهضة المسلمين العلويين، ص 73.
  22. الخير، عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمون العلويون، ص 19.
  23. الخير، عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمون العلويون، ص 20.
  24. الخير، عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمون العلويون، ص 22.
  25. الخير، عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمون العلويون: ص23.
  26. الخير، عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمين العلويين، ص 23.
  27. عبد الرحمن، مدرسة العلامة الأوحد الشيخ سليمان الأحمد ودورها في نهضة المسلمين العلويين، ص 59.
  28. البادياني النيسابوري، العلويون هم أتباع أهل البيت: ج1، ص67.
  29. البادياني النيسابوري، العلويون هم أتباع أهل البيت: ج1، ص85.
  30. البادياني النيسابوري، العلويون هم أتباع أهل البيت: ج1، ص81.
  31. البادياني النيسابوري، العلويون هم أتباع أهل البيت، ج1، ص75.
  32. البادياني النيسابوري، العلويون هم أتباع أهل البيت: ج1، ص71.
  33. تفاحة، أصل العلويين وعقيدتهم، ص 24 - 25.
  34. الشريف، العلويون من هم وأين هم؟، ص 65.
  35. من كتاب: مظلوم: "الشيخ الخصيبي قدوة مثلى يحتذى"، الطويل، تاريخ العلويين، ص 198.
  36. الزركلي، أعلام الزركلي، ج 6، ص 82.
  37. الزركلي، أعلام الزركلي، ج 3، ص 81.
  38. الزركلي، أعلام الزركلي، ج2، ص227.
  39. عبد الرحمن، من كتاب: من مدرسة أهل البيت عليهم السلام: من أقطاب المسلمين العلويين الشيخ سلمان بيصين.
  40. الإبراهيم، العلويون بين الغلو والفلسفة والتشيع والتصوف، ص 307.
  41. عبد الرحمن، من كتاب: أعلام النهضة العربية: الشيخ الشاعر عبد اللطيف إبراهيم
  42. عبد الرحمن، من كتاب: من مدرسة أهل البيت عليهم السلام: العلامة البحاثة الشيخ يعقوب الحسن.

المصادر والمراجع

  • ابراهيم، علي عزيز،العلويون بين الغلو والفلسفة والتشيع والتصوف، بيروت - لبنان، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، 1415 هـ.
  • آل ابراهيم، علي عزيز، العلويون والتشيع، بيروت - لبنان، الدار الإسلامية، 1403 هـ.
  • الخير، عبد الله، عقيدتنا وواقعنا نحن المسلمين العلويين، دمشق - سوريا، ط 7، 1994 م.
  • الذهبي، مُحمّد بن احمد، ميزان الاعتدال، بيروت - لبنان، دار المعرفة.
  • الزركلي، خير الدين، الاعلام، بيروت-لبنان، دار العلم للملايين، 1404 هـ .
  • السبحاني، جعفر، بحوث في الملل والنحل، قم - إيران، مؤسسة الإمام الصادق ، ط 3 ،1433 هـ - 1391 ش .
  • الشريف، منير، العلويون من هم وأين هم؟، ط 2، 1990 م.
  • الشهرستاني، مُحمّد بن عبد الكريم، الملل والنحل، بيروت - لبنان، دار المعرفة، 1402 هـ.
  • الطويل، مُحمّد أمين، تاريخ العلويين، بيروت - لبنان، دار الاندلس، ط 2، 1966 م - 1386 هـ.
  • إبراهيم، علي عزيز، العلويون فدائيو الشيعة المجهولون، دار الفكر، ط 1، 1972 م - 1392 هـ.
  • النوبختي، الحسن بن موسى، فرق الشيعة، بيروت - لبنان، دار الأضواء، 1404 هـ.
  • تفاحة، أحمد زكي، أصل العلويين وعقيدتهم، النجف الاشرف - العراق، المطبعة العلمية، 1957 م - 1376 هـ.
  • الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي، معجم البلدان، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 2، 1995 م.
  • الصالح، محمود، النبأ اليقين عن العلويين، بيروت - لبنان، مؤسسة البلاغ، ط 1، 1961 م.
  • عبد الرحمن، محمود (آل عباس سلمان)، مدرسة العلامة الشيخ سليمان الأحمد ودورها في نهضة المسلمين العلويين، مكتبة شاش، ط 1، سورية - طرطوس، 2014 م.
  • علي، عبد الكريم، مختصر تاريخ العلويين، طرطوس- سوريا، مطبعة الهلال، ط 2، 2007 م.
  • كاهون، ليون، رحلة إلى جبال العلويين، ترجمة: مها أحمد، دمشق- سوريا ،التكوين، ط 2، 2004 م.
  • كرد علي، محمد عبد الرزاق بن محمد، خطط الشام، مكتبة النوري، ط 3، دمشق، 1983 م.
  • مظلوم، حسين، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام (الجزء الأول)، دار المحجة البيضاء، ط 1، بيروت، 1999 م.
  • المقريزي، أحمد بن علي بن عبد القادر أبو العباس الحسيني العبيدي تقي الدين، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (خطط المقريزي)، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 1418 هـ.
  • النوبختي، الحسن بن موسى، فرق الشيعة، دار الأضواء، ط 1، بيروت، 1404 هـ.
  • النيسابوري، محمد حسن بادياني، العلويون هم أتباع أهل البيت عليهم السلام، مؤسسة البلاغ، ط 3، بيروت، 2010 م.
  • عبد الرحمن، محمود (آل عباس سلمان)، من مدرسة أهل البيت عليهم السلام: من أقطاب المسلمين العلويين الشيخ سلمان أحمد (بيصين)، مكتبة شاش، ط 1، طرطوس - سورية، 2010 م.
  • عبد الرحمن، محمود (آل عباس سلمان)، من أعلام النهضة العربية: الشيخ الشاعر عبد اللطيف إبراهيم (مرهج)، مكتبة شاش، ط 1، طرطوس - سورية، 2009 م.
  • عبد الرحمن، محمود (آل عباس سلمان)، من مدرسة أهل البيت عليهم السلام: العلامة البحاثة الشيخ يعقوب الحسن، مكتبة شاش، ط 1، طرطوس - سورية، 2010 م.
  • مظلوم، حسين، الشيخ الخصيبي قدوة مثلى يحتذى، الحقوق محفوظة للمؤلف، ط 1، 2002 م.