أسطوانة الحنانة

•  طالع أيضًا: مسجد الحنانة

أسطوانة الحنانة أو الأسطوانة الحنانة هو اسم لأحد أعمدة المسجد النبوي في المدينة. بُنيت هذه الأسطوانة مكان نخلة ذُكر في المصادر التاريخية أنّها أنّت لفراق النبي، ولم تعد هذه الأسطوانة موجودة في الوقت الحاضر، ويروي البعض أنّ أبي بن كعب نقلها إلى بيته، في حين ذكرت مصادر أخرى أنّها دُفنت تحت منبر النبي.

شرح القصة

وردت القصة في كتاب بحار الأنوار كما يلي:

إنّ رسول الله كان يخطب بالمدينة على جذع نخلة في صحن مسجدها، فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله إن الناس قد كثروا، وإنهم يحبون النظر إليك إذا خطبت، فلو أذنت أن نعمل لك منبراً له مَراقٍ ترقاها فيراك الناس إذا خطبت، فأذن في ذلك. فلما كان يوم الجمعة مرّ بالجذع فتجاوزه إلى المنبر فصعده، فلما استوى عليه حنّ ذلك الجذع حنين الثكلى، وأنّ أنين الحبلى، فلما رأى رسول الله ذلك نزل عن المنبر، وأتى الجذع فاحتضنه ومسح عليه يده، فهدأ حنينه وأنينه، وعاد رسول الله إلى منبره ثم قال: معاشر المسلمين؛ هذا الجذع يحنّ إلى رسول رب العالمين ويحزن لبعده عنه، ولولا أني احتضنت هذا الجذع ومسحت يدي عليه ما هدأ حنينه إلى يوم القيامة.

وتبعاً للحنين الذي حنّه الجذع ولتعبير النبي "يحنّ إلى" الذي ورد في القصة، اشتهرت الأسطوانة بعد ذلك بهذا الاسم. وقد نُقلت هذه القصة في مصادر أخرى مع اختلاف في بعض التفاصيل، وأشار بعض المفسرين إلى هذه القصة في ذيل تفسيرهم للآية 74 من سورة البقرة عند حديثهم عن إعطاء الفهم للجمادات.

الأسطوانة الحنانة عبر التاريخ

لا يوجد في أيامنا هذه أسطوانة في مسجد النبي تحمل هذا الاسم، وهناك أقوال مختلفة حول القصة. ذكر البعض أن بني أمية بعد أن أعادوا إعمار المسجد النبوي قاموا بتخريبها، وأنّ الأسطوانة التي ورد في المصادر بأنّ الصلاة مستحبة إلى جانبها إنما هو مكان الأسطوانة، لا نفس الأسطوانة. وبحسب إحدى الروايات فإنّ أبيّ بن كعب قام بنقل الأسطوانة إلى داره، بينما ورد في رواية أخرى أنّها أُزيلت ودُفنت تحت منبر النبي بأمر منه .

الإعجاز في القصة

ذكر البعض أن أنين النخلة وحنينها هي من معجزات النبي، حيث اعتبرها الشافعي معجزة تفوق معجزة إحياء عيسى للموتى. أما القاضي عبد الجبار فقد كان له موقفان مختلفان من المسألة، إذ إنه نقل أنّهم لا يعتبرون أنين النخلة وتسبيح الحصى في يد النبي من المعجزات لأنّ الإتيان بمثل هذه الأمور ممكن للآخرين، في حين أنّه في موضع آخر نقل الحادثة بالتفصيل وعدّها من معجزاته، بل اعتبرها من المتواترات أيضاً.

أنين جذع النخلة في الأدب العربي

تغنّى العديد من الأدباء والشعراء بحادثة الحنانة، وأشير إلى قصّة أنين وحنين الجذع في الشعر العربي على أنّه من معجزات النبي، وعدّها الشعراء في قصائدهم كما الكثير من العلماء على أنها من دلائل النبوة. فمن باب المثال ترى الفقيه والأديب الفلسطيني يوسف النبهاني (ت 1350هـ) يذكرها إلى جانب معجزات النبوة العديدة المذكورة في المصادر في همزيّته الألفية ويقول في بعض أبياتها:

سمعته الحجارة الصمّ يدعو		سلّمتْ حين صحّ منه ادّعــاء
لو رآها المســـيح قـــال مُقرّا		هـي حـق لـم يــلحـق الإبــــراء
قد حباها الحي القدير حياة		مع نطق ما الميت ما الإحياء
حنّ جذع النخيل حين نـأى		عنــــه حـــــنــيناً كأنه عشـــراء
لــو قــلاه ولـم يصــله بـــضـمّ		أحـرقته من وجــده الصـعداء

وكذلك القاضي والشاعر الفلسطيني صالح بن مصطفى التميمي (ت 1341هـ) في قصيدة نقل شطراً منها العلامة محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة حيث يقول فيها:

فأنـــذرهم في مـعـجــزات ضــــياؤهـــا		يسير بها الساري بليل ويهتدي
عــياناً كتضليل الغــمامــة والحصـــــى		تسبيحه وانظر لشاة أم معبـــد
وقل في حنين الجذع ما شئت واعتبر		بمعراجه واقصر خطابــك أو زد