رسالة الإمام علي إلى شريح القاضي

من ويكي شيعة
رسالة الإمام علي إلى شريح القاضي
مخطوطة من كتاب الإمام علي(ع) إلى شريح قاضي تعود للقرن الخامس
مخطوطة من كتاب الإمام علي(ع) إلى شريح قاضي تعود للقرن الخامس
الموضوعالإشراف على رجالات الدولة
القائلأمير المؤمنين(ع)
مصادر الشيعةنهج البلاغة - أمالي الصدوق
مصادر السنةتذكرة الخواص - دستور معالم الحكم
أحاديث مشهورة
حديث الثقلين . حديث الكساء . حديث المنزلة . حديث سلسلة الذهب . حديث الولاية . حديث الاثني عشر خليفة . حديث مدينة العلم


كتاب الإمام علي إلى شريح القاضي هو كتاب توبيخ كتبه أمير المؤمنينعليه السلام إلى شريح بن الحارث قاضي الكوفة، حيث يلومه على شراء دار باهظة الثمن. وقد أكّد الإمام عليعليه السلام في هذه الرسالة على هوان الدنيا ومحاسبة الأعمال يوم القيامة. وكان الإمام يتوقع من شريح باعتباره من عمّال الدولة؛ أن لا يعيش نمط حياة الأثرياء. وقد عُدّت هذه الرسالة من مبادئ الحكومة، التي توجب على الحاكم أن يتعامل بحسم مع عمّال الدولة وولاتها.

وهذه الرسالة هي الرسالة الثالثة في كتاب نهج البلاغة، ووردت في كتب أخرى مثل أمالي الشيخ الصدوق وكتاب الأربعين للشيخ البهائي وبعض كتب أهل السنة مثل دستور معالم الحكم من تأليف أبي عبد الله القضاعي قاضي مصر (وفاة: 454هـ)، وتذكرة الخواص لمؤلفه السبط بن الجوزي (وفاة: 654هـ).

الأهمية والمكانة

تعدّ رسالة الإمام علي عليه السلام إلى شريح القاضي متوافقة مع السياسات الإدارية العامة، باعتبارها مرسوما لحسم الحاكم في تعامله مع عمّال الحكومة.[١] وبما أن شريح القاضي في شرائه لمثل هذا البيت كان في موضع التهمة، فإن الإمام (ع) لم يرضَ بعمله.[٢]

كان شريح بن الحارث قاضي الكوفة، وقد عيّنه عمر بن الخطاب لهذا المنصب.[٣] بقي شريح في هذا المنصب إبان خلافة عثمان وخلافة الإمام علي عليه السلام.[٤] وبحسب رواية وردت في الكافي إنّ الإمام علي عندما نصب شريحاً للقضاء اشترط عليه «أن لا يُنفِذ القضاء حتى يعرضه عليه.»[٥]

وبحسب الشيخ مكارم الشيرازي في شرحه على نهج البلاغة فإن عهد خلافة الإمام علي كان بعد عهد عثمان الخطير، وتبذيره في بيت مال المسلمين، حيث أقبل العديد من كبار الصحابة إلى نمط حياة الأثرياء.[٦] ولهذا السبب لم يكن الإمام عليه السلام يتوقع من القاضي الذي عيّنه هو أن يعيش على هذا النمط.[٧] ولمنع هذه النزعة كان الإمام (ع) يحذر دائماً في خطبه ورسائله من الركون إلى العالَم المادي وزخارفه الخادعة.[٨]

سبب كتابة الرسالة ومحتواها

اشترى شريح القاضي إبّان حكومة الإمام علي عليه السلام داراً غالية بثمانين ديناراً، وكتب لها كتابا (وثيقة) وأشهد عليه شهوداً.[٩] وبعد أن بلغ الخبر للإمام؛ استدعاه، ووبّخه، وحذّره من أن الموت سيأتيه قريباً ويخرجه منها.[١٠] وأكّد عليه الإمام علي عليه السلام بأنّ شراء البيت يجب أن لا يكون بالمال الحرام، وإلا فإنه سيخسر خسارة كبيرة في الدنيا والآخرة.[١١]

كتب الإمام كتاباً بدلاً من الوثيقة التي كتبها شريح، وقال له: لو اطلعتَ على هذا الكتاب عند الشراء لم تدفع لهذه الدار درهماً واحداً، ناهيك عن مبلغ باهض. وفقاً لهذا الكتاب فإنّ هذه الدار تجمعها أربعة حدود معنويّة، وهي: دواعي الآفات، ودواعي المُصيبات، والهوى المُردي، والشيطان المُغوي، وإنّ بابها يقع في الجهة الرابعة أي الشيطان. وإنّ هذه الحدود الأربعة هي تعبير عن الأخطار التي تهدّد من اشتراها.[١٢]

ويتابع الإمام في كتابه محذّراً شريح أن يستعدّ لحساب يوم القيامة، من خلال العبرة بعاقبة الملوك والجبابرة الذين تعفّنت أجسادهم تحت التراب.[١٣] وقد تناولت بعض شروح نهج البلاغة أثناء شرحها على هذه الرسالة بعض المسائل الأخلاقية، كالتجنّب عن الغفلة‌ والغرور،[١٤] وحبّ الدنيا، واكتساب المال من الحرام، والارتشاء على الأحكام.[١٥]

المصادر

وردت رسالة الإمام علي عليه السلام إلى شريح في كتاب الأمالي للشيخ الصدوق[١٦] (وفاة 381هـ)، وفي نهج البلاغة لـلشريف الرضيّ[١٧] كما أوردها الشيخ البهائي (وفاة 1031هـ) في كتاب الأربعين،[١٨] والسبط بن الجوزي (وفاة 654هـ) في تذكرة الخواص،[١٩] وأبو عبد الله القضاعي (وفاة 454هـ) في دستور معالم الحكم،[٢٠] وذلك باختلاف يسير في العبارات.[٢١] وهذه الرسالة في جميع نسخ نهج البلاغة هي الرسالة الثالثة.[٢٢]

واعتبر العلامة حسن زاده أنّ سند هذه الرسالة لا إشكال ولا مناقشة فيها، لأنّ الشيخ البهائي ذكر سندها نقلاً عن أساتذته.[٢٣]

الهوامش

  1. محمدي ري شهري، موسوعة أمير المؤمنين ج4، ص35.
  2. مكارم الشيرازي، بيام امام امير المؤمنين(ع)، ج9، ص54.
  3. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج4، ص102.
  4. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج14، ص29.
  5. الكليني، الكافي، ج7، ص407.
  6. مكارم الشيرازي، بيام امام امير المؤمنين(ع)، ج9، ص54.
  7. «شرح الرسالة الثالثة»، محمد نصر الأصفهاني.
  8. مكارم الشيرازي، بيام امام امير المؤمنين(ع)، ج9، ص54.
  9. مكارم الشيرازي، بيام امام امير المؤمنين(ع)، ج9، ص42؛ جمعي از نويسنگان، دانشنامه امام علي(ع)ُ‌، ج1، ص183.
  10. نهج البلاغة، الكتاب 3، ص549.
  11. نهج البلاغة، الكتاب 3، ص549.
  12. نهج البلاغة، الكتاب 3، ص549.
  13. نهج البلاغة، الكتاب 3، ص549.
  14. مكارم الشيرازي، بيام امام امير المؤمنين(ع)، ج9، ص42.
  15. ابن ميثم، شرح نهج البلاغة، ج4، ص344.
  16. الشيخ الصدوق، الأمالي، ص311.
  17. نهج البلاغة، الكتاب 3.
  18. الشيخ البهائي، الأربعين، ص226.
  19. اب الجوزي، تذكرة الخواص، ص311.
  20. القضاعي، دستور معالم الحكم، ص110.
  21. الحسيني الخطيب، مصادر نهج‌البلاغة وأسانيده، ج3، ص188؛ مكارم الشيرازي، بيام امام امير المؤمنين(ع)، ج9، ص41.
  22. نهج البلاغة، الكتاب 3، ص549؛ عبده، شرح نهج البلاغة، ص4؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج14، ص27.
  23. حسن زاده الآملي، تكملة شرح منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، ج17، ص108.

المصادر والمراجع

  • ابن ابي الحديد، عز الدين أبو حامد، شرح نهج البلاغة، تصحيح: محمد أبو الفضل إبراهيم، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، د.ت.
  • ابن الجوزي، يوسف‌ بن‌ قزاوغلي، تذكرة الخواص، قم، الشريف الرضي، 1376ش.
  • ابن المهذب، حسين بن حسن، نسخه نهج البلاغه، قم، آية الله المرعشي النجفي، 1406هـ.
  • ابن ميثم، ميثم بن علي، شرح نهج البلاغة، د.م، نشر الكتاب، ط2، 1362ش.
  • محمدي ري شهري، محمد، موسوعة أمير المؤمنين بناء على القرآن والحديث والتاريخ، قم، دار الحديث، ط1، 1386ش.
  • حسن زاده الآملي، حسن، تكملة شرح منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، تصحيح: السيد إبراهيم ميانجي، طهران، مكتبة الإسلام، ط4، 1364ش.
  • الحسيني الخطيب، السيد عبد الزهرا، مصادر نهج البلاغة وأسانيده، بيروت، دار الزهراء، ط4، 1367ش.
  • الخوئي، إبراهيم بن الحسين، الدرة النجفية، د.م، د.ن، د.ت.
  • الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء، تحقيق: جمع من الباحثين، د.م، مؤسسه الرسالة، ط3، 1405هـ.
  • «شرح الكتاب 3»، محمد نصر الأصفهاني، تاريخ النشر: 27 بهمن 1391ش، تاريخ المشاهدة: 16 آبان1403ش.
  • الشيخ البهائي، الأربعين، قم، جماعة العلماء و المدرسين في الحوزة العلمية بقم المقدسة، ط3، 1431هـ.
  • الشيخ الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، طهران، كتابجي، ط6، 1376ش‏.
  • صبحي، صالح، نهج البلاغة، قم، دار الحديث، ط3، 1426هـ.
  • عبده، محمد، شرح نهج البلاغة، القاهرة، مطبعة الاستقامة، د.ت.
  • القضاعي، محمد بن سلامة، ‌دستور معالم الحكم و مأثور مكارم الشيم من كلام أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب(ع)، بيروت، دار الكتاب العربي، 1401هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر غفاري و محمد آخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط4، 1407هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، بيام امام امير المؤمنين(ع)، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط1، 1386ش.