الله
الله، اسم عَلم دال على الذَّات المقدسة واجبة الوجود، وجامع لكل أوصاف الكمال الإلٰهي. ولذا لا يجوز أن يتسمَّى به أحد، وسائر الأسماء قد يتسمَّى بها غيرُه، وهو أوّل أسمائه سبحانه وأعظمها، وينطق باللاّم المفخَّمة ما لم تسبقه الكسرة أو الياء، ويذكر عادة مقروناً بألفاظ تدلّ على الإجلال.
أصل اللفظ
كان لفظ الجلالة "الله" مستعملاً قبل نزول القرآن، ويعرفه عرب الجاهلية ويشهد بذلك قوله تعالى: ﴿ ولئن سئلتهم من خلقهم ليقولن الله﴾ (الزخرف - 87)، وقوله تعالى: ﴿ فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا﴾. (الانعام- 136).[١]
وقد نسب أحد رجال الدين اليسوعيين إلى علماء اللّغات الساميّة أنّ هذا الاسم مشتق من أصل آرامي "ايل" (אל)، ومفخّم بزيادة الهاء في الكلدانيّة والسريانيّة على صورة آلها (אלהא ) فقالوا بالعربيّة الله" بلام أصليّة مفّخمة. وقد جاء الاسم الكريم في الكتابات النبطيّة والصفويّة[ملاحظة ١]فالنبطيّة ذكرته منسوباً إليه كزيد الله وعبد الله وتيم الله وورد في الكتابات الصفويّة منفرداّ.[٢]
ونُقل عن أبي زيد البلخي: إنّ لفظ الجلالة ليس بعربي بل عبري أخذه العرب عن اليهود، واستدل عليه بأنّ اليهود يقولون: «إلاها» والعرب حذفت المدة التي كانت موجودة في آخرها في العبرية ككثير من نظائرها العبرية؛ فتقول «أب» بدل «أباه» و«روح» بدل «روحا» و«نور» بدل «نورا» إلى غير ذلك.
وذهب الباقون إلى أنّها عربية صحيحة، وقد كانت العرب تستعمل تلك اللفظة قبل بعثة النبي بقرون، بل من البعيد أن لا يكون عند العرب المعروفين بالبيان والخطابة لفظ يعبّرون به عن إلٰههم. واشتراك الشعبين في التعبير عن مبدأ العالم لا يدل على أنّ العرب أخذت من اليهود خصوصاً إذا قلنا بأنّ اللسانين يرجعان إلى أصول ومواد واحدة، وإنّما طرأ عليهما الاختلاف لعلل وظروف إجتماعية وغيرها والكلّّ من العنصر «السامي».[٣]
الاختلاف في اشتقاقه
اختلفوا في أنّ لفظ الجلالة مشتق من اسم آخر أم لا، فقد نقل عن «الخليل» و«سيبويه» و«المبرّد» أنّها غير مشتقة وعن جمهور المعتزلة وكثير من علماء اللغة أنّها من الأسماء المشتقة.
والقائلين بالاشتقاق اختلفوا في المعنى المشتق منه إلى أقوالٍ، منها:
- إنّ لفظ الجلالة مشتق من الاُلوهية بمعنى العبادة، والتالّه: التعبّد، وهذا هو المعروف بين كثير من المحدّثين والمفسّرين، ويظهر من روايات بعض أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) .
- إنّه مشتق من «الوله» وهو التحيّر.
- إنّه مشتق من قولهم ألهت إلى فلان أي فزعت إليه لأنّ الخلق يألهون إليه أي يفزعون إليه في حوائجهم.
- إنّه مشتق من ألهت إليه سكنت إليه لأنّ الخلق يسكنون إلى ذكره.
- انّه من «لاه» أياحتجب فمعناه إنّه المحتجب بالكيفيّة عن الأوهام [٤].
- إنّه مشتق من الوله: المحبة الشديدة، فأُبدلت الواو همزة فقالوا: أله يأله.
- إنّه مشتق من لاه يلوه إذا ارتفع، والحق سبحانه مرتفع بالمكان أو بالمقام.
- إنّه مشتق من قولك ألهت بالمكان إذا أقمت فيه، فإنّه تعالى استحق هذا الاسم لدوام وجوده.[٥]
المعنى في كلام أهل البيت
- روي عن الإمام علي : الله ، معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق ويؤله إليه، والله هو المستور عن درك الأبصار ، المحجوب عن الأوهام والخطرات.[٦]
- وعن الإمام الباقر : الله ، معناه المعبود الذي أله الخلق عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته.[٧]
- الإمام العسكري : الله، هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من كل من دونه.[٨]
- وعن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) - في معنى الله - : استولى على ما دقّ وجلّ.[٩]
- سُئل الإمام الصادق عن معنى الله فقال: الألف: آلاء الله على خلقه والنعم بولايتنا أهل البيت ، والهاء: هوان لمن خالف محمداً وآل محمد.[١٠]
الأحكام الفقهية
لاسم الجلالة أحكام فقهية خاصة، شأنه شأن جميع الأسماء الإلهية، منها الإجماع على حرمة مسّه بدون طهارة.[١١]
مميزات اسم الجلالة
امتاز اسم "الله" عن غيره من أسمائه تعالى الحسنى بوجوه عشرة:
- أنّه أشهر أسماء الله تعالى .
- أنّه أعلاها محلا في القرآن .
- أنّه أعلاها محلا في الدعاء .
- أنّه جعل أمام سائر الأسماء .
- أنّه خصت به كلمة الإخلاص .
- أنّه وقعت به الشهادة .
- أنّه علم على الذات المقدسة وهو مختص بالمعبود الحق تعالى فلا يطلق على غيره حقيقة ولا مجازاً.
- أنّ هذا الاسم الشريف دال على الذات المقدسة الموصوفة بجميع الكمالات.
- أنّه اسم غير صفة بخلاف سائر أسمائه تعالى فإنها تقع صفات.
- أن جميع أسمائه الحسنى يتسمى بهذا الاسم ولا يتسمى هو بشيء منها فلا يقال الله اسم من أسماء الصبور ولكن يقال الصبور اسم من أسماء الله تعالى.[١٢]
الهوامش
- ↑ الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 1، ص 18.
- ↑ شيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، ص 159.
- ↑ السبحاني، مفاهيم القرآن، ج 6، ص 110.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 1، ص 52.
- ↑ السبحاني، مفاهيم القرآن، ج 6، ص 110-111.
- ↑ الصدوق، التوحيد، ص 89.
- ↑ الصدوق، التوحيد، ص 89.
- ↑ الصدوق، التوحيد، ص 231.
- ↑ الصدوق، التوحيد، ص 230.
- ↑ الاسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، ص 25.
- ↑ النجفي، جواهر الكلام، ج 3، ص 46.
- ↑ الكفعمي، المقام الاسنى، ص 25-26.
ملاحظة
- ↑ اللغة الصفوية: هي لغة سادت في الجنوب الشرقي من دمشق في مدخل بادية الشام حول الصقع البركاني المسمى بالصفا، وعُثر هناك على كتابات كثيرة على الصخر البركاني، والشعب الذي خط هذه الكتابات في القرون الأولى للميلاد هو من أصل عربي، ولغته من اللهجات العربية، وخطه من فصيلة خطوط ديار العرب الجنوبية. (راجع: خطط الشام لمحمد كرد علي، ج 1، ص 43-44.
المصادر والمراجع
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار احياء التراث العربي، 1408 هـ.
- الاسترآبادي، علي، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، المحقق والمصحح: حسين استاد ولي، قم، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1409 هـ.
- الآشتياني، جلال الدين، تفسير سورة فاتحة الكتاب، قم، مكتب التبليغات الإسلامي، 1377 ش.
- البيهقي، أحمد بن حسين، الأسماء والصفات، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- الروحاني، محمود، المعجم الاحصائي لألفاظ القرآن الكريم، مشهد، آستان قدس رضوي. 1366 ش.
- السبحاني، جعفر، مفاهيم القرآن في معالم الحكومة، قم، مؤسسة الإمام الصادق، ط 4، 1413 هـ. .
- السبحاني، جعفر، مفاهيم القرآن، قم، مؤسسة الإمام الصادق ، 1427 هـ.
- الشرتوني اللبناني، أقرب الموارد في فصح العربية والشوارد، طهران:، دار الاسوة، 1416 هـ.
- الصادقي، محمد، الفرقان في تفسير القرآن، طهران، فرهنگ اسلامي، ط 2، 1365 ش.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة، طهران (ناصرخسرو)، 1406 هـ.
- الفيروز آبادي، مجد الدين، القاموس المحيط، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1417 هـ.
- الكفعمي، تقي الدين إبراهيم، المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى، د.م، مؤسسة قائم آل محمد، د.ت.
- المحقق، محمد باقر، أسماء وصفات الهي در قرآن، طهران، الدار الاسلامية، 1372 ش.
- المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد، 1374 ش.
- الميبدي، رشيد الدين، كشف الأسرار وعدة الأبرار ، طهران، دار الأمير الكبير، ط 4، 1361 ش.
- النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 7، د.ت.
- شيخو، لويس (اليسوعي)، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية، بيروت، دار المشرق، ط 2، 1989 م.