متعة الحج

متعة الحج هي الفترة بين إحرام عمرة التمتع وحج التمتع، والتي يجوز للحاج خلالها القيام بالأفعال التي حرمت عليه لكونه محرماً. متعة الحج هي أن يخرج الإنسان من إحرامه بعد أن أحرم بالميقات وأدى العمرة. وخلال هذه الفترة يبقى الحاج في مكة كالشخص العادي (غير المحرم) حتى يأتي وقت الحج، فيحرم في مكة، ويبدأ ممارسة شعائر حج التمتع. "المتعة" تعني الاستمتاع، وهذه الفترة بين الإحرامين تسمى متعة الحج لجواز الاستمتاع فيها.

وتشير الآيات القرآنية والروايات الشيعية والسنية إلى جواز متعة الحج. غير أنّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رغم اعترافه بأن متعة الحج كانت من سنن النبي إلا أنه منعها؛ وقال إن سبب قراره هو أنه لا يحب أن يعاشر حجاج بيت الله أزواجهم بعد العمرة، ثم يذهبوا إلى الحج وقد اغتسلوا.

وقد عدّوا نهي عمر بن الخطاب عن متعة الحج من المطاعن عليه؛ لأن ذلك مخالف للقرآن والسنة النبوية. وكانت روايات الشيعة والسنة مخالفة لرأي الخليفة الثاني. وقد عارض كثير من الصحابة ومنهم الإمام علي تصرفات عمر، وقد اعتبر أهل السنة أن رأي الخليفة الثاني بمعنى الكراهة لا التحريم.

المفهوم

التمتع في اللغة بمعنى الاستفادة والتلذذ. فمن لبس ملابس الإحرام في أشهر الحج بنية حج التمتع من الميقات؛ ثم ذهب إلى مكة وأدى عمرة التمتع، فإنه يخرج من إحرامه بالتقصير. وعند بدء أعمال حج التمتع؛ يحرم بمكة ويبدأ بأداء مناسك حج التمتع. وتسمى هذه الفترة الزمنية بين الإحرامين عندما يكون الشخص قد خرج من إحرام العمرة ولم يُحرم بعد للحج بمتعة الحج. وفي هذه الفترة يستطيع الإنسان أن يستمتع بالملذات المحرّمة على المحرم. وتسمى هذه الفترة الفاصلة بين الإحرامين بمتعة الحج لجواز الانتفاع ببعض المُتَع.

الحكم الشرعي وأدلته

تعتبر آية ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَی الْحَجِّ...﴾ دليل متعة الحج. ويرى البعض أنه لا خلاف بين المسلمين في أن هذه الآية نزلت في متعة الحج. وكانت سنة نبي الإسلام أيضاً على جوازها. كما أن روايات الشيعة المتواترة والصحيحة تدل على جواز متعة الحج، واتفقت الشيعة على عدم نسخ هذا الحكم.

وقد روي عن الإمام الباقر أنه لم يكن يجيز التقية في متعة الحج.

منع الخليفة الثاني لمتعة الحج

كان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أول من منع متعة الحج. كما اختلف عمر مع النبي حول هذا الأمر في عهد النبي. وجاء في صحيح مسلم الذي يعدّ أحد الصحاح الستة عند أهل السنة أن الخليفة الثاني أقر بأن النبي والصحابة كانوا يقومون بها، لكنه لا يحب أن يكون حجاج بيت الله مع نسائهم بعد العمرة ثم يذهبوا إلى الحج "وماء الغسل يقطر من رؤوسهم".

وهناك كلام آخر للخليفة الثاني، وهو أن هناك متعتين كانتا مباحتين على عهد النبي لكنه نهى عنهما وعاقب فاعلهما: متعة الحج وزواج المتعة. وقد نقلت مصادر سنية وشيعية أقوالاً مختلفة للخليفة الثاني تشير بشكل مباشر وغير مباشر إلى تحريم متعة الحج.

وفي صحيح البخاري - من صحاح أهل السنة الستة - أن متعة الحج ذكرت في القرآن وفعلها النبي ولم تُنسخ. وأن رجلاً قال شيئاً مخالفاً لذلك بناء على رأيه. وقد نُقلت هذه الرواية أيضاً في مصادر أخرى. وحدد المفسرون هذا الرجل الذي لم يذكر اسمه في هذه الأحاديث بأنه عمر بن الخطاب.

وبالإضافة إلى عمر؛ منع الخليفة الثالث عثمان أيضاً هذه المتعة، وعارضه الإمام علي في ذلك وحدث بينهما خلاف. كما كان لبعض الصحابة الآخرين خلافات ومنازعات حول هذه المسألة.

معارضو الخليفة الثاني

اعتبر منع عمر بن الخطاب لمتعة الحج من المطاعن والمآخذ عليه. وقد خالفت روايات الشيعة والسنة حول سنة النبي رأي الخليفة الثاني. وعارض بعض الصحابة ومنهم الإمام علي تصرف عمر. كما اعترف عمر نفسه بأن متعة الحج كانت سنة النبي، لكنه لم يكن معجباً بشيء من هذا القبيل. كما أباح عبد الله بن عمر ابن الخليفة الثاني المتعة، فلما احتجوا عليه بمنع أبيه لها قال: "إذا نهى أبي عن شيء وقد فعله رسول الله ؛ فأيهما تتبعون؟"

واعتبروا رأي الخليفة هذا مذموماً لأنه مخالف للكتاب والسنة، وعدّوه اجتهاداً مقابل النص.

ورأى الفخر الرازي أن نهي الخليفة الثاني لا يعني الحرمة بل يعني الكراهة. كما اعتبر بعض علماء أهل السنة أن نهي عمر كان لكراهة التمتع ولتشجيع الناس على أداء حج الإفراد، غير أنه حصل إجماع بعد عمر على عدم التفرقة بين حج الإفراد وحج القران وحج التمتع. ونقل السيد مرتضى العالم الشيعي في القرن الخامس الهجري أن فقهاء السنة اعتبروا نهي عمر عن متعة الحج كان من باب الكراهة.