استلام الحجر، هو لمس الحجر الأسود وتقبيله بقصد التبرك به، وقد ذكرت المصادر الإسلامية عند الشيعة وأهل السنة روايات عديدة توصي المسلمين باستلام الحجر والتبرك به، وقد ذكر فقهاء الإسلام أنَّ استلام الحجر مستحب.
روي عن الإمام الصادق أنَّ الحكمة من استحباب استلام الحجر الأسود وتقبيله أنَّ الله أشهد الحجر حين أخذ الميثاق على بني آدم والحجر يشهد لمن وافاه بذلك يوم القيامة، استدل الفقهاء على جواز التبريك وتقبيل الأمور المقدسة بالروايات الحاثة على استلام الحجر الأسود وتقبيله، إلا الوهابية فقد اعتبروا تقبيل واستلام الأشياء المقدسة للتبرك من الشرك.
تعريف المصطلح
المصطلح يتألف من جزئين، وهما:
الاستلام
لغة بمعنى اللمس باليد أو الفم، وهو مأخوذ من السَّلام أي التحية، او من السِّلام أي الحجارة لما فيه من لمس الحجر، وقد استعمله الفقهاء بنفس معناه اللغوي.[١]
الحجر الأسود
هو حجر صقيل، بيضاوي الشكل، أسود اللون، يميل إلى الحمرة، ويقع في الركن الجنوبي من أركان الكعبة، ويُعرف هذا الركن باسمه، فيقال له: ركن الحجر الأسود،[٢] والحجر الأسود هو مبدأ الطواف ومنتهاه حول الكعبة.[٣]
الحكم الفقهي
ذهب فقهاء الإسلام إلى استحباب استلام الحجر الأسود وتقبيله كلما انتهى إليه في كلّ شوط،[٤][٥] للروايات الواردة في مصادر الشيعة[٦] وأهل السنة،[٧] كما يستحبّ التكبير عند الاستلام ورفع اليدين بالدعاء،[٨] وهذا الاستحباب لاستلام للحجر مشروط بعدم الملامسة بين الرجال والنساء وإلا فهو غير جائز.[٩]
وذكر فقهاء الإمامية[١٠] أنَّه يستحب عند استلامه الدعاء بما ورد في الأخبار بقوله: «اللهم أمانتي اُدّيتُها، وميثاقي تعاهدتُه، لتشهد لي بالموافاة، اللهم تصديقاً بكتابك، وعلى سنّة نبيّك، أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، آمنت بالله، وكفرت بالجبت والطاغوت، وباللات والعزى، وعبادة الشيطان، وعبادة كلّ ندّ يُدعى من دون الله».[١١]
استدل فقهاء الإسلام بالروايات الواردة في تقبيل واستلام والتبرك بالحجر الأسود على جواز التبرك بالأشياء المقدسة إلا أنَّ الوهابية اعتبروا هذا التبرك من الشرك،[١٢] إلا أَّنهم يقبلون تقبيل واستلام الحجر الأسود.[١٣]
الحكمة من استلام الحجر
ورد في كتاب الكافي أنَّه سُئل الإمام الصادق عن حكمة استلام الحجر الأسود فأجاب : بإنَّ الله حيث أخذ الميثاق من بني آدم دعا الحجر من الجنة، وأمره والتقم الميثاق، فهو يشهد لمن وافاه بالوفاء،[١٤] وروي هذا المعنى أيضا في كتاب أهل السنة.[١٥]
الهوامش
- ↑ الشاهرودي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، ج 2، ص 425.
- ↑ فتح الله، معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ص 152 - 153.
- ↑ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 531.
- ↑ العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 8، ص 102.
- ↑ ابن عابدين، حاشية رد المحتار، ج 2، ص 166.
- ↑ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 5، ص 102.
- ↑ النسائي، سنن النسائي، ج 4، ص 124.
- ↑ النجفي، جواهر الكلام، ج 19، ص 340.
- ↑ الخوئي، صراط النجاة، ج 3، ص 168.
- ↑ النجفي، جواهر الكلام، ج 19، ص 340.
- ↑ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 13، ص 314.
- ↑ ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ج 1، ص 194.
- ↑ ابن تيمية، الرد على الأخنائي قاضي المالكية، ص 124.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 4، ص 184.
- ↑ البيهقي، سنن البيهقي، ج 2، ص 458.
المصادر والمراجع
- ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، الرد على الأخنائي قاضي المالكية، المحقق: الداني بن منير آل زهوي، بيروت - لبنان، الناشر: المكتبة العصرية، ط 1، 1423 هـ.
- ابن عابدين، محمد أمين بن عمر، حاشية رد المحتار (حاشية ابن عابدين)، بيروت - لبنان، الناشر: دار الفكر، 1415 هـ.
- ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، المحقق: محمد حامد الفقي، الرياض - السعودية، الناشر: مكتبة المعارف، د.ت.
- البيهقي، أحمد بن الحسين، سنن البيهقي، حيدر آباد - الهند، الناشر : مجلس دائرة المعارف النظامية، ط 1، 1344 هـ.
- الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم - إيران، الناشر، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1، 1409 هـ.
- الخوئي، أبو القاسم بن علي الأكبر، صراط النجاة، تحقيق وتصحيح: موسى مفيد الدين عاصي العاملي، قم - إيران، الناشر: مكتب نشر المنتخب، ط 1، 1416 هـ.
- الشاهرودي، محمود بن محمد علي، موسوعة الفقه الإسلامي المقارن، قم - إيران، الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، ط 1، 1433 هـ - 2012 م.
- الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، قم - إيران، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي، ط 2، 1413 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، المحقق والمصحح: حسن الموسوي، طهران – إيران، الناشر: دار الكتب الإسلامية، ط 4، 1407 ه.
- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء، قم - إيران، الناشر، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، 1414 هـ.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق وتصحيح: علي أكبر الغفاري - محمد الأخوندي، طهران – إيران، الناشر: دار الكتب الإسلامية، ط 4، 1407 ه.
- النجفي، محمد حسن بن باقر، جواهر الكلام، تحقيق وتصحيح: عباس قوچاني- علي آخوندي، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 7، 1404 ه.
- النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي(السنن الكبرى)، حققه وخرج أحاديثه: حسن عبد المنعم شلبي، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط 1، 1421 هـ - 2001 م.
- فتح الله، أحمد، معجم ألفاظ الفقه الجعفري، الدمام - السعودية، طبعة المدوخل، 1415 هـ - 1995 م.