الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
| الإمام الأول عند الشيعة | |
| الاسم | علي |
|---|---|
| الكنية | أبو الحسن |
| تاريخ الميلاد | 13 رجب ثلاثين من عام الفيل |
| تاريخ الوفاة | 21 رمضان سنة 40 هـ |
| مكان الميلاد | الكعبة - مكة |
| مكان الدفن | حرم الإمام علي - النجف الأشرف |
| مدة إمامته | 29 عاماً |
| مدة حياته | 63 عاماً |
| الألقاب | أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وحيدر، والمرتضى، وزوج البتول، سيف الله المسلول، والوصي |
| الأب | أبو طالب |
| الأم | فاطمة بنت أسد |
| الزوج | فاطمة |
| الأولاد | الحسن، والحسين، والعباس، والمحسن، وزينب، وأمكلثوم، وعثمان، وفاطمة |
| المعصومون الأربعة عشر | |
| النبي محمد · الإمام علي · السيدة الزهراء . الإمام الحسن المجتبي · الإمام الحسين · الإمام السجاد · الإمام الباقر · الإمام الصادق · الإمام الكاظم · الإمام الرضا · الإمام الجواد · الإمام الهادي · الإمام الحسن العسكري · المهدي المنتظر | |
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، المعروف بـأمير المؤمنين، (13 رجب سنة 23 قبل الهجرة ـــ 21 رمضان سنة 40 هـ)، هو الإمام الأول عند مذاهب الشيعة. صحابي، وراوي، وكاتب للوحي، ورابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنة. ابن عم النبي الأكرم
وصهره. زوج السيدة فاطمة
، وأبو الإمامين الحسن والحسين
وجدّ تسعة آخرين من أئمة الشيعة. والده أبو طالب، وأمه فاطمة بنت أسد. ذكر علماء الشيعة ومعظم علماء السنة أنه ولد في الكعبة، وهو أول رجل آمن بالنبي، وترى الشيعة أن الإمام على وبأمر من الله ونص من النبي هو الخليفة المباشر وبلا فصل بعد الرسول الأعظم
.
وعُدّ للإمام علي
فضائل كثيرة، ففي يوم الدار عيّنه النبي
وصيّه وخليفته، وعندما تآمرت قريش لقتل النبي بات الإمام علي في فراشه حتى لا يتمكن الأعداء من قتل النبي، وبالتالي هاجر النبي
إلى المدينة خفيةً، وآخى النبي بينه وبين نفسه، وتتحدث مصادر الشيعة، وبعض مصادر أهل السنة أن حوالي 300 آية من القرآن الكريم نزلت في فضائله، ومنها: آية المباهلة، وآية التطهير، كما تدل بعضها على عصمته أيضاً.
شارك علي
في جميع غزوات الرسول
، ما عدا غزوة تبوك، حيث استخلفه النبي على المدينة. فمن مواقفه أنه قتل في غزوة بدر عددا كبيرا من المشركين، وفي غزوة أحد دافع عن النبي من أن يصل إليه سوءا، وفي غزوة خندق قتل عمرو بن عبد ود، وانتهت المعركة بمقتله، وفي غزوة خيبر قلع باب الحصن، وحسمت المعركة.
وبعد أن أنهى النبي
حجة الوداع، وبناء على آية التبليغ أمر الناس أن يجتمعوا في منطقة غدير خم، ثم ألقى خطبة الغدير، ورفع يد الإمام علي
، وقال: «من كنت مولاه، فهذا علي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه»، وهنّأ بعض الصحابة كـعمر بن الخطاب الإمام علي
بإمرة المؤمنين بعد هذه الخطبة، ولقّبوه بـأمير المؤمنين، ويرى مفسرو الشيعة وبعض أهل السنة أن آية الإكمال نزلت في هذا اليوم، ويستدل الشيعة معنى الخلافة بعد النبي
من عبارة "من كنت مولاه فعلي مولاه" والتي نطق به النبي
يوم الغدير، وبناء عليه، ترى الشيعة أن هويتها وما يميزها عن سائر الفرق هو اعتقادها بتنصيب الإمام علي
من قبل الله خليفةً للنبي، في قبال رأي أهل السنة الذي يقول أن خليفة النبي
يأتي من خلال اختيار الناس.
وبايع جماعة من الناس بعد وفاة النبي
مع أبي بكر في سقيفة بني ساعدة، فالنزاعات القبلية، والأحقاد والحسد تعد من الأسباب التي حالت من وصول الإمام علي
إلى الحكم بعد النبي واستخلافه، فلم يبايع الإمام علي
أبا بكر، كما أن هناك خلاف بشأن أصل هذه البيعة فيما بعد وزمنه بين المؤرخين، فأوردت الأخبار أن الإمام علي
وفي مناظرة صريحة مع أبي بكر ندد بإغماض أبي بكر حق أهل بيت النبي في أمر الخلافة وتخلّفه عنهم في واقعة السقيفة، وبناء على ما أوردته المصادر الشيعية ومصادر أهل السنة أن أتباع الخليفة هجموا على بيت الإمام علي لأخذ البيعة، الأمر الذي أدى إلى إصابة السيدة فاطمة
وإسقاط جنينها ومن ثم استشهادها، فالإمام علي
احتجّ في مواقف كثيرة وفي مناسبات عديدة على قضية السقيفة، وكان يذكرهم بأن الخلافة كان حقه بعد النبي
، ومن أشهرها ما ورد في الخطبة الشقشقية.
وكان الإمام علي
في فترة خلافة الخلفاء الثلاثة عادة بعيدا عن شؤون السياسة والحكومة، ومنشغلا بتقديم الخدمات العلمية والاجتماعية، منها جمع القرآن الكريم والذي اشتهر بمصحف الإمام علي
، وتقديم النصيحة للخلفاء في مختلف الشؤون كـالقضاء، والإنفاق إلى الفقراء، وشراء ألف عبد وتحريرهم، والزراعة والتشجير، وحفر القنوات، وبناء المساجد، ووقف الأماكن والممتلكات والتي بلغت مواردها ربما إلى أربعة آلاف دينار.
قبل الإمام علي
بـالخلافة والحكم بعد مقتل عثمان بن عفان، وذلك بإصرار الناس، وكان يولي اهتماما بالغا للعدالة في زمن خلافته، ووقف أمام تقسيم بيت المال والتي كان بناء على سابقة الأشخاص كما فعلوه الخلفاء من قبله، فأمر بتوزيع بيت المال بين العرب والعجم وبين جميع المسلمين من أي قبيلة كانوا على السواء، كما أمر بإرجاع جميع الأراضي إلى بيت المال، والتي منحها عثمان إلى مختلف الشخصيات في عهده.
وكان الإمام علي
جادّا وغير متسامح في تنفيذ الشريعة الإسلامية، والتطبيق الصارم للقانون، والأسلوب الصحيح لإدارة الدولة، الأمر الذي جعل البعض لا يطيقونه، وكان شديدا في منهجه هذا حتى مع أقرب أصحابه، وكان يعتقد الإمام علي أن مراعاة الحقوق المتبادلة بين الحاكم والناس لها ثمرات كثيرة، وعندما عيّن مالك الأشتر لولاية مصر أمره بحسن الخلق إلى الناس سواء المسلم وغير المسلم والتعامل بالإنسانية مع الجميع، ونشبت ثلاث حروب في فترة حكمه القصيرة وهي معركة الجمل، وصفين والنهروان.
وكان ختام عمر الإمام علي
أنه استشهد في محراب مسجد الكوفة وهو يصلي، على يد أحد الخوارج باسم ابن ملجم المرادي، ودفن في النجف خفية، وحرمه من الأماكن المقدسة لدى الشيعة، كما يعتنى بزيارته أيضا، ودفنت شخصيات بارزة إلى جواره.
ويعود تأسيس معظم العلوم لدى المسلمين كـالنحو والكلام، والفقه والتفسير إلى الإمام علي
، ويعتقد مختلف فرق التصوف أنهم يصلون إلى الإمام علي
، ولعلي بن أبي طالب كان وما زال مكانة سامية وشأن رفيع بين الشيعة، فهو أفضل، وأتقى، وأعلم شخصية بعد النبي
، وخليفته حقا، فهناك من الصحابة من تبع الإمام علي
منذ حياة النبي وعرفوا بشيعته، وكتاب نهج البلاغة مختارات من كلامه وخطبه، وهناك مكتوبات نُسبت إليه وهي بخطه ومما أملى عليه الرسول
، كما ألّفت حول شخصيته كتب عديدة وبمختلف اللغات.
المکانة
| الإمام علي عليه السلام | |
|---|---|
| ألقاب | |
| أمير المؤمنين • يعسوب الدين • حيدر الكرار • المرتضى • زوج البتول • سيف الله المسلول • والوصي | |
| الحياة | |
| يوم الدار • ليلة المبيت • واقعة الغدير | |
| التراث | |
| نهج البلاغة • الخطبة الشقشقية • الخطبة الخالية من الألف • الخطبة الخالية من النقطة • الخطبة الخالية من الراء • مرقده | |
| الفضائل | |
| آية الولاية • آية أهل الذكر • آية أولي الأمر • آية التطهير • آية المباهلة • آية المودة • آية الصادقين-حديث مدينة العلم • حديث الثقلين • حديث الراية • حديث السفينة • حديث الكساء • خطبة الغدير • حديث الطائر المشوي • حديث المنزلة • حديث يوم الدار • سد الأبواب | |
| الأصحاب | |
| عمار بن ياسر • مالك الأشتر • أبوذر الغفاري • عبيد الله بن أبي رافع • حجر بن عدي • آخرون |
كان ومازال علي بن أبي طالب يحظى بمكانة مرموقة وشأن رفيع بين الشيعة، ويعد أفضل وأتقى وأعلم شخصية بعد النبي
، وخليفته حقا، وعليه فهناك من الصحابة مَن تبع الإمام علي
بعد وفاة النبي، وأصبحوا من محبيه أي شيعته، فالشيعة هم من يعتقدون أن الإمام علي هو خليفة النبي مباشرا، مع أن أهل السنة يرون أن الخليفة بعد النبي يأتي من خلال اختيار الناس له.
ويقول المستشرق الألماني المعاصر هاينز هالم: تعتقد الشيعة، أن مبايعة الإمام علي
للخلافة في 19 ذي الحجة سنة 35 هـ[١] كان تنفيذاً مؤخراً لإجراء أكد عليه النبي
في مواقف كثيرة زمن حياته، خاصة في واقعة غدير خم حيث نصبه إماما للأمة الإسلامية وخليفة له، وترى الشيعة قول النبي: «من كنت مولاه فعلي مولاه» في يوم الغدير هو تنصيبه خليفةً للنبي؛ إذ هنّأ الحاضرون في ذلك المكان (أي غدير خم) علي بن أبي طالب
بإمرة المؤمنين، ولقبوه بأمير المؤمنين. وبناء على هذا المعتقد علي هو الخليفة حقا، ولا يليق لقب "أمير المؤمنين" إلا به، والفترة القصيرة لدولته هي الدولة الشرعية التي شهدتها الأمة الإسلامية بعد رحيل النبي.[٢]
سيرته الذاتية
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، الهاشمي القرشي، أول أئمة الشيعة ورابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنّة.
كان والده أبو طالب من أبرز الشخصيات القرشية والمعروف بسخائه وعدله ومنزلته السامية عند القبائل العربية. وهو عمّ رسول الله
وألطف أعمامه به، ولما أظهرت قريش عداوته نصره ودافع عنه.[٣] توفي في السنة العاشرة للبعثة مؤمناً برسالة ابن أخيه.[٤]
أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.[٥]
أخوته: من الذكور طالب، عقيل، جعفر، ومن الإناث هند المعروفة بأم هاني، جمانة، ريطة المكنات بأم طالب وأسماء. [٦]
ومن كُناه
: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب، وأبو الأئمة.
ومن ألقابه: أمير المؤمنين، يعسوب الدين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومولى المؤمنين، وشبيه هارون، وحيدر، والمرتضى، ونفس الرسول، وأخو الرسول، وزوج البتول، وسيف الله المسلول، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم الجنة والنار، وصاحب اللواء، والصديق الأكبر، والفاروق، وباب المدينة، والوصي، وقاضي دَين رسول الله، ومنجز وعده، والنبأ العظيم، والصراط المستقيم، والأنزع البطين.[٧]
الولادة والطفولة والشباب
ولد عليه السلام بمكة في الكعبة المشرفة يوم الجمعة 13 رجب سنة ثلاثين من عام الفيل.[٨]
نصّ على ولادته في الكعبة المشرفة من علماء الشيعة كلّ من: السيد الرضي، الشيخ المفيد، القطب الراوندي، ابن شهر آشوب بالإضافة إلى الكثير من علماء أهل السنّة كالحاكم النيشأبوري، الحافظ الكنجي الشافعي، ابن الجوزي الحنفي، ابن الصباغ المالكي، وقال بـتواتر ذلك الحلبي والمسعودي.[٩]
وكانت وفاته
ليلة الجمعة ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ من الهجرة بعد أن ضربه ابن ملجم المرادي في مسجد الكوفة ليلة تسع عشرة من نفس الشهر، ودفن في الغريّ من نجف الكوفة سرّاً.[١٠]
- مرحلة الطفولة
ذكرت بعض المصادر التأريخية أنّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله
لـعباس عمّه: يا عباس، إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا إليه؛ لنخفف عنه من عياله... فأخذ رسول الله
علياً فضمه إليه، وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه. فلم يزل علي مع رسول الله
حتى بعثه الله للنبوة.[١١] وكان أمير المؤمنين
يصف تلك الفترة بقوله: ولقد علمتم موضعي من رسول الله
بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء، ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل.[١٢]
- أوصافه البدنية وقواه الجسمية
وُصِف عليه السلام بأنّه: ربعة من الرجال، إلى القصر أقرب، وإلى السمن، هو أدعج العينين، أنجل، في عينه لين، أزج الحاجبين، حسن الوجه، من أحسن الناس وجهاً، يميل إلى السمرة، كثير التبسّم، أنزع (و هو انحسار الشَّعر من جانبي الجبهة)، ناتىء الجبهة، له خفاف من خلفه، كأنّه إكليل، وكأنّ عنقه إبريق فضة، كثّ اللحية، لحيته زانت صدره، لا يغيّر شيبه. كان أرقب، عريض ما بين المنكبين، لمنكبيه مشاش كمشاش السبع الضاري، (وفي رواية) عظيم المشاش كمشاش السبع الضاري، لا يبين عضده من ساعده أدمجت إدماجاً، عبل الذراعين شئن الكفين، (وفي رواية) رقيق الأصابع، شديد ساعد اليد لا يمسك بذراع رجل قط إلّا أمسك بنفسه، فلم يستطع أن يتنفس، ضخم البطن، أقرى الظهر، عريض الصدر، كثير شعره ضخم الكسور، عظيم الكراديس، غليظ العضلات، حمش الساقين، ضخم عضلة الذراع، دقيق مستدقّها، إذا مشى تكفّأ (أي مال إلى الأمام ).[١٣]

روى ابن قتيبة أنّه: لم يصارع قط أحداً إلا صرعه.[١٤] ووصفه ابن أبي الحديد بقوله: أمّا القوة والأيد: فبه يضرب المثل فيهما، وهو الذي قلع باب خيبر، واجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه، وهو الذي اقتلع هبل من أعلى الكعبة، وكان عظيماً جداً، وألقاه إلى الأرض. وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافته
بيده بعد عجز الجيش كلّه عنها، واستخرج الماء من تحتها.[١٥]
زوجاته وأولاده
أولى زوجات الإمام علي
فاطمة الزهراء
بنت النبي الأكرم
، [١٦] وكان قد خطبها قبله كل من أبي بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف فردّهم
قائلاً: إن أمرها إلى ربّها إن شاء أن يزوّجها زوّجها.[١٧]
و قد اختلفت كلمة المؤرخين في تأريخ زواج علي من فاطمة، فمنهم من ذهب إلى القول بأنّه وقع في أوائل ذي الحجّة من السنّة الثانية للهجرة،[١٨] ومنهم من قال بأنّه كان في شهر شوال من نفس السنّة ورأي ثالث ذهب إلى القول بوقوعه في الحادي والعشرين من شهر محرم.[١٩]
أنجبت فاطمة
ثلاثة من الذكور هم: الحسن، والحسين، والمحسن،[٢٠] وابنتين هما: زينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى.
و بعد شهادة فاطمة الزهراء تزوّج (أُمامة) بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد شمس، وأُمّها زينب بنت النبي
.
ثم تزوّج أُم البنين بنت حزام بن دارم الكلابية التي أنجبت له أبا الفضل العباس، وجعفراً، وعثمان وعبد الله، وجميعهم استشهدوا يوم الطف – في كربلاء- في نصرة الحسين
.
ثم تزوج من ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلية الدارمية التميمية.
و من زوجاته أسماء بنت عميس الخثعمية والتي أنجبت له ولديه عون ويحيى؛ ومن زوجاته أُمّ حبيب بنت ربيعة التغلبية، واسمها الصهباء؛ وخولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة الحنفيةـ وقيل خولة بنت أياس- التي أنجبت ولده محمداً المعروف بـابن الحنفية؛ ومن زوجاته أيضاً أُم سعد أو سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية ومخباة بنت إمرئ القيس بن عدي الكلبية.[٢١]
قال الشيخ المفيد في الإرشاد: فأولاد أمير المؤمنين عليه السلام سبعة وعشرون ولداً بين ذكر وأنثى، هم:
- الحسن.
- الحسين.
- زينب الكبرى.
- زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم، أمهم فاطمة البتول (عليها السلام)
- محمد المكنّى بأبي القاسم، أمه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية
- عمر.
- رقية، كانا توأمين، أمهما أم حبيب بنت ربيعة
- العباس.
- جعفر.
- عثمان.
- عبدالله، وهؤلاء الأربعة أمهم أم البنين بنت حزام بن خالد بن دارم.
- محمد الأصغر المكنّى بأبي بكر.
- عبيدالله، الشهيدان مع أخيهما الحسين بالطف، أمهما ليلى بنت مسعود الدارمية.
- يحيى، أمّه أسماء بنت عميس الخثعمية.
- أم الحسن.
- رملة، أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي.
- فاطمة
- نفيسة.
- زينب الصغرى.
- رقية الصغرى.
- أم هاني.
- أم الكرام.
- جمانة المكناة أم جعفر.
- أمامة.
- أم سلمة.
- ميمونة.
- خديجة. لأمهات شتّى.
ثمّ يقول: وفي الشيعة من يذكر أن فاطمة (عليها السلام) أسقطت بعد النبي
ذكراً كان سمّاه رسول الله محسناً: فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين
ثمانية وعشرون ولداً.[٢٢]
دوره في غزوات النبي
| في مكة | |
|---|---|
| 10 قبل البعثة النبوية | الولادة |
| 1 للبعثة النبوية | أول من أسلم |
| 619 | وفاة والده أبي طالب |
| 622 | ليلة المبيت: المبيت على فراش النبي الأكرم |
| في المدينة | |
| 622 | هجرته إلى المدينة |
| 2 هـ | المشاركة في غزوة بدر |
| 3 هـ | المشاركة في غزوة أحد |
| 4 هـ | وفاة أمه السيدة فاطمة بنت أسد |
| 5 هـ | المشاركة في غزوة الأحزاب و قتل عمرو بن عبد ود |
| 6 هـ | كتابة نص معاهدة صلح الحديبية بأمر من النبي |
| 7 هـ | فاتح قلعة خيبر في غزوة خيبر |
| 8 هـ | المشاركة في فتح مكة و كسر الأصنام بأمر النبي |
| 9 هـ | خليفة النبي في المدينة في غزوة تبوك |
| 10 هـ | المشاركة في حجة الوداع |
| 10 هـ | واقعة غدير خم |
| 11 هـ | ارتحال النبي و تغسيله و تكفينه بيد الإمام علي |
| عصر الخلفاء الثلاث | |
| 11 هـ | قضية سقيفة بني ساعدة و بداية خلافة أبي بكر |
| 11 هـ | ارتحال السيدة الزهراء (زوجة أمير المؤمنين) |
| 13 هـ | بداية الخلافة عمر |
| 23 هـ | الحضور في شوري الخلافة المعيّن من قبل عمر لتعيين الخليفة |
| 23 هـ | بداية خلافة عثمان |
| الحكومة | |
| 35 هـ | بيعة الناس معه و بداية مرحلة حكم الإمام |
| 36 هـ | معركة الجمل |
| 37 هـ | معركة صفين |
| 38 هـ | معركة النهروان |
| 40 هـ | استشهاده |
كان لأمير المؤمنين
دور بارز في جميع الوقائع والحروب التي حصلت في عصر النبي الأكرم
وقد أكّد المؤرخون اشتراكه في جميع الغزوات والسرايا إلّا في تبوك حيث لم يشترك فيها.[٢٣] ومن هنا كان يعدّ القائد العسكري الثاني والشخصية المتميزة بعد رسول الله.
معركة بدر الكبرى
وهي المعركة الأولى التي خاضها المسلمون ضد المشركين يوم الجمعة الموافق للسابع عشر من شهر رمضان من السنّة الثانية للهجرة عند آبار بدر [٢٤] والتي هزم فيها المشركون بعد أن قتل منهم سبعون رجلاّ على رأسهم رؤساء القوم وقادتهم كـأبي جهل وعتبة وشيبة وأمية.
وكان التقليد المتَّبع عند العرب في الحروب أن يبدأ القتال بالمبارزات الفرديّة ثم تقع بعدها الحملاتُ الجماعية، وانطلاقاً من هذه العادة خرج ثلاثة من الفرسان -من معسكر قريش - المعروفين من صفوف الجيش المكي ودعوا إلى المبارزة، وهم: عتبة وشيبة وهما ابنا ربيعة بن عبد شمس، والوليد بن عتبة بن ربيعة، فأخذوا يجولون في ميدان القتال ويدعون إلى المبارزة، ثم نادى مناديهم: يا محمّد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا. فقال رسول اللّه
: « قم يا عبيدَةَ بن الحارث وقم يا حمزة، وقم يا عليّ».
فقاموا، وخرجوا للمبارزة، فبارز عليُّ
الوليدَ، وبارز حمزة عتبة، وبارز عبيدة شيبة، فقتل علي وحمزة خصميهما في الحال، ثمّ ساعدا عبيدة على قتل خصمه.[٢٥]
وكان لعلي
الدور الرئيسي في هذه المعركة حيث قتل على يديه ما يقرب من عشرين من جيش المشركين منهم: حنظلة بن أبي سفيان والعاص بن سعيد وطعيمة بن عدي.[٢٦]
معركة أحد
ومن المعروف في هذه المعركة أنّ كفّة القتال في بداية المعركة كانت لصالح المسلمين إلاّ أنّها مالت لصالح المشركين بعد التفاف خالد بن الوليد من خلف الجبل وعلى أثرها انهزم المسلمون، ولم يبق منهم مع النبي
إلاّ علي وحمزة وأبي دجانة وثلّة قليلة من المسلمين تصدّوا للمشكرين بكلّ بسالة وشجاعة، وكان علي
– كما عهدناه في معركة بدر- الرجل الأول في المعركة، الأمر الذي أقرّ به الكثير من المؤرخين حيث أثبتوا أنه: لمَّا قَتَلَ علي بن أبي طالب أصحابَ الألوية، أبصر رسولُ الله جماعة من مشركي قريش، فقال لِعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم ففرَّق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي، ثمَّ أبصر رسولُ الله
جماعة من مشركي قريش، فقال لعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم ففرَّق جماعتهم، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي.
فقال جبريل: يارسول الله إنّ هذه المواساة، فقال رسول الله: «إنَّه منِّي وأنا منه»، فقال جبريل: وأنا منكما فسمعوا صوتاً يقول: لا سيف إلاّ ذو الفقار *** ولا فتى إلاَّ علي.[٢٧]
معركة الخندق (الاحزاب)
من الأمور التي ابتكرها المسلمون في هذه المعركة حفر الخندق حول المدينة للحيلولة بينها وبين جيش المشركين والذي تم بإشارة من سلمان الفارسي.[٢٨]
ولمّا أتم المسلمون حفر الخندق وصلت جيوش المشركين وإذا بها تجد بينها وبين المسلمين حاجزاً لا يمكن اجتيازه إلاّ بشقّ الأنفس، وأقاموا على هذه الحال- الرشق بالنبل والحجارة- عدَّة أيام دون قتال. فلما كان اليوم الخامس خرج عمرو بن عبد ودٍّ العامري- ونفر من المشركين، واقتحموا الخندق من مكان ضيِّق، وأخذ عمرو يصول ويجول، ويدعو إلى المبارزة، فقام عليٌّ
وطلب من النبي
الإذن بمارزته، فأذن له
وبعد جولة من القتال صرعه الإمام إلى الأرض وقتله.[٢٩] وكان الوسام الذي حظي به في هذه المعركة أنّه بعدما رجع من قتل عمرو بن عبد ود قال رسول الله
: "ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين".[٣٠]
معركة خيبر
في جمادى الأولى من السنة السابعة للهجرة أصدر النبي
أوامره بالتوجه نحو حصون اليهود[٣١] وبعد أن حاصر جيش المسلمين تلك القلاع بعث النبي أبا بكر برايته إلى بعض الحصون فرجع ولم يك فتح، ثم بعث في الغد عمر بن الخطاب ولم يك فتح، فقال رسول الله
: "لأعطين الراية رجلاّ يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فقال: ادعوا لي علياً ودفع الراية إليه ففتح الله عليه".[٣٢]
قال الشيخ المفيد: فمضى أمير المؤمنين
بالراية حتى أتى الحصن وقد خرج مرحب وعليه مغفر وحجر يتعرض للحرب فبرز له علي. وعن هذه الواقعة يقول
: اختلفنا ضربتين فبدرته وضربته فقددت الحجر والمغفر ورأسه حتى وقع السيف في أضراسه فخر صريعاً. ويقول أيضا: لما عالجت باب خيبر جعلته مجنا – أي درعاً- لي فقاتلتهم به.[٣٣]
فتح مكة
كان الفتح في شهر رمضان، السنة الثامنة للهجرة، وكان قد جهّز جيشه وأكد رغبته في التكتيم على هذا الأمر لمداهمة قريش في مكة قبل أن تتجهز لحرب، وكانت الراية مع سعد بن عبادة فأخذها منه وأعطاها لأمير المؤمنين
. يقول الحلبي: وبعد فتح مكة انطلق رسول الله
بعلي ليلاً حتى أتى الكعبة لتحطيم الأصنام قائلاً: اصعد على منكبي واهدم الصنم، فصعد فوق ظهر الكعبة وعند صعوده كرم الله وجهه قال له
: ألق صنمهم الأكبر وكان من نحاس وقيل من قوراير - أي: زجاج - فألقى الأصنام، ولم يبق إلاّ صنم خزاعة موتداً بأوتاد من الحديد، فقال رسول الله
: عالجه، فعالجه، وهو يقول: إيه إيه جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقاً، فلم يزل يعالجه حتى استمكن منه فقذفه فتكسّر.[٣٤]
معركة حنين
وقعت المعركة في السنة الثامنة للهجرة، وكان سبب الواقعة أنه لمّا فتح الله على رسوله
مكة مشت أشراف هوازن وثقيف بعضها إلى بعض فاشفقوا- أي: خافوا أن يغزوهم رسول الله -وقالوا: قد فرغ لنا فلاناهية- أي: لا مانع له دوننا- والرأي أن نغزوه فحشدوا وبغوا....[٣٥] وكان لعلي
الدور المحوري في هذه المعركة أيضا وكما يقول الواقدي: ووضع
الألوية والرايات في أهلها، مع المهاجرين لواء يحمله عليّ[٣٦] والتحمت المعركة التحاماً مروّعاً، ندرت فيها الرؤوس، وهوت الفوارس، وطاحت الأيدي، فقال النبي: الآن حمي الوطيس، وعليٌّ
بين يديه يذود الكتائب، ويزلزل الفرسان حتى قتل أربعين فارساً من القوم، فشلت حركتهم...[٣٧]
معركة تبوك
وهي المعركة الوحيدة التي لم يشترك فيها أمير المؤمنين
بسبب استخلاف النبي
إياه على المدينة، وقد أشار الشيخ المفيد إلى هذه القضية في الإرشاد قائلاً: ولما أراد النبي
الخروج استخلف أميرالمؤمنين في أهله وولده وأزواجهه ومهاجره، وقال له: يا علي إنّ المدينة لاتصلح إلاّ بي أو بك، وذلك إنه عليه وآله السلام علم من خبث نيّات الأعراب وكثير من أهل مكة ومن حولها ممن غزاهم وسفك دمآئهم، فاشفق أن يطلبوا المدينة عند نأيه عنها... وأن أهل النفاق لما علموا باستخلاف رسول الله
علياً
على المدينة حسدوه لذلك، فأرجفوا به وقالوا: لم يستخلفه رسول الله إكراماً له وإجلالاً ومودة، وإنّما خلفه استثقالا، فلمّا بلغ أمير المؤمنين
إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم وإظهار فضيحتهم، فلحق بالنبي فقال: يا رسول الله إن المنافقين يزعمون أنّك خلفتني استثقالاّ ومقتاّ؟ فقال له النبي
: ارجع يا أخي إلى مكانك فإنّ المدينة لاتصلح إلا بي أو بك، فأنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي، أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبي بعدي.[٣٨]
أدلة إمامته

في بعض المصادر الشيعية[٣٩]هناك الكثير من الآيات والروايات التي تدل على إمامته
وخلافته للنبي الأكرم
، منها:
آية أولي الأمر
﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَأَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم﴾.[٤٠] وقد أجمعت كلمة أعلام الشيعة على نزولها في علي
وأنّها تدل بصراحة على وجوب طاعته.[٤١]
آية الولاية
﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُون﴾.[٤٢] والروايات متظافرة من طرق الشيعة وأهل السنّة على أن الآية نازلة في أمير المؤمنين علي
لمّا تصدّق بخاتمه وهو في الصلاة، فالآية خاصة غير عامة.[٤٣] فالآية المباركة دالة على ولايته
.
حديث المنزلة
- مقال تفصيلي: حديث المنزلة
من الأحاديث الدالة علي خلافته
قول النبي الأكرم
مخاطباً الإمام
أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي[٤٤]
حديث الدار
- مقال تفصيلي: حديث يوم الدار
لما نزل قوله تعالى: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[٤٥] جمع النبي
بني هاشم، وعرض عليهم الإسلام، وطلب منهم الإيمان به ومؤازرته على أمر الرسالة، فلم يستجب له إلاّ علي عليه السلام، فقال له
: أنت أخي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي.[٤٦]
واقعة الغدير
- مقال تفصيلي: الغدير
لمّا قضى رسول الله
مناسك الحجّ في السنة العاشرة للهجرة وبعد أن أرشد المسلمين إلى مناسك حجهم قفل راجعاً إلى المدينة ومعه المسلمون، حتى انتهى إلى الموضع المعروف (بغدير خم) وذلك يوم 18 ذي الحجة، فنزل في الموضع، ونزل المسلمون معه، وكان سبب نزوله في هذا المكان، نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خليفة في الأُمّة من بعده، فأمر بتوقف القافلة حتى يعود السابق ويلحق المتأخر.
فأبلغهم الأمر الإلهي الصادر في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [٤٧] بعد أن اجتمع المسلمون حوله.[٤٨]
وقد ذكر المحدثون والمؤرخون أنه لمّا اجتمع المسلمون حوله
صعد على تلك الرحال التي جمعت له، وأصعد عليّاً معه، ثم خطب الناس بأعلى صوته: (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟) قالوا: بلى!
فقال لهم: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالِاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.[٤٩]
وفاة النبي
في اللحظات الأخيرة من حياة النبي الأكرم
قال: ادعوا لى أخي وصاحبي، فدعي أميرالمؤمنين
، فلما اقترب منه أومأ إليه فأكب عليه فناجاه رسول الله
طويلاً... ثم ثقل وحضره الموت وأميرالمؤمنين حاضر عنده، فلمّا قرب خروج نفسه قال له: ضع يا علي، رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله تعالى، فإذا فاضت نفسي، فتناولها بيدك وامسح بها وجهك، ثم وجهني إلى القبلة، وتول أمري، وصلّ عليّ أوّل الناس، ولاتفارقني حتى تواريني في رمسي، واستعن بالله تعالى.[٥٠]
و ما أن فاضت نفس رسول الله
واشتغل علي
وأهل بيت الرسول بتجهيزه من أجل مواراة جسده الطاهر في مثواه الأخير، حتى عقد بعض المهاجرين والأنصار إجتماعاً لهم في سقيفة بني ساعدة منهم: أبو بكر، عمر، أبو عبيدة الجراح، عبد الرحمن بن عوف، سعد بن عبادة، ثابت بن قيس، عثمان بن عفان؛ وذلك لاختيار الخليفة من بعده، وبعد شجار ونزاع طويل انتخب – دون مراعاة لوصايا النبي
- أبو بكر خليفة للمسلمين.[٥١]
مرحلة الخلفاء الثلاثة
واجه الإمام
وأهل البيت
في زمن الخلفاء الثلاثة مجموعة كبيرة من الوقائع والمشاكل كهجوم القوم على بيت فاطمة (عليها السلام) وأخذ البيعة لأبي بكر قسراً[٥٢] وغصب فدك[٥٣] وشهادة فاطمة (عليها السلام).
وقد استمرت هذه الفترة 25 عاماً كان له
دور بارز في شؤون المجتمع ولم ينعزل عن المجتمع ولم يكلّ عن ممارسة مهامه فيها كالعطاء العلمي والاجتماعي وكان
بارعاً في جميع تلك الخدمات كجمع القرآن وتقديم النصح والاستشارة للخلفاء الثلاثة في التحديات التي كانت تواجههم في الحكم والحرب والفتوحات و... بالإضافة إلى نشاطة الاقتصادي الداعم للفقراء والمحتاجين منها أنه أوقف مالا بخيبر وبوادي القرى ووقف مال أبي نيرو وغيرها، وأخرج مائة عين ينبع جعلها للحجيج وحفر آباراً في طريق مكة والكوفة وبنى مسجد الفتح في المدينة وعند مقابل قبر حمزة وفي الميقات وفي الكوفة وجامع البصرة وغير ذلك، وكان نتاج تلك الموقوفات أربعين ألف دينار.[٥٤] وستأتي الإشارة إلى نماذج من عطائه
.
|
أعضاء الشورى بعد عمر | |
| لاختيار الخليفة الثالث | |
|
الإمام علي (ع) |
|
البيعة القسرية
إمتنع أمير المؤمنين
وطائفة من الصحابة عن مبايعة الخليفة الأول مما شكّل خطراً كبيراً أمام الخلافة، وقد أحس كل من الخليفة الأول وعمر بن الخطاب بذلك الخطر الذي يحدق بهما فعمدا إلى أخذ البيعة منه
قسراً للقضاء على الحركة الإعتراضية.[٥٥]
فما كان من أبي بكر إلاّ أن أرسل إليه
عبده المعروف بـقنفذ أكثر من مرة لمبايعة الخليفة فلم يستجب اليه وحينها قال عُمَر: قوموا بنا إِليه فقام أَبُو بكر وعمر وعثمانُ وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأَبو عبيدة بن الجرَّاح وقُنْفُذٌ فلمَّا إنتهوا إلى الباب فرأَتهم فاطمةُ (عليها السلام) أَغلقت الباب في وجوههمْ وهي لا تَشُكُّ أَن لا يُدْخَلَ عليها إلاّ بإذنها إلاّ أنهم كسروا الباب وتركوها (عليها السلام) بين الحائط والباب وأَخرجوا عليّاً
مُلَبَّباً.[٥٦] وساروا به إلى سقيفة بني ساعدة فقيل له بايع أبا بكر، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي
، وتأخذونه منّا أهل البيت (عليهم السلام) غصباً؟ ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد
منكم، فأعطوكم المقادة، وسلّموا إليكم الأمارة، وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار نحن أولى برسول الله
حياً وميتاً فأنصفونا إن كنتم تؤمنون وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون.[٥٧]
جمع القرآن
أذعن علماء الفريقين- شيعة وسنّة- بأنّه
أخذ على عاتقه الشريف مهمة جمع آيات القرآن الكريم، وكان ذلك مبكِّراً جدَّاً من بعد وفاة رسول الله
، فلم يخرج من بيته، إلاّ للصلاة حتى جمعه تنفيذاً لوصية الرسول
.[٥٨] وروي عنه
أنّه قال: « لما قبض رسول الله
أقسمت أن لا أضع ردائي على ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي حتى جمعت القرآن».[٥٩] وفي رواية أخرى إنّه
جمعه خلال ستة أشهر.[٦٠]
غزو الروم
لمّا فكر أبو بكر بغزو الروم استشار جماعة من الصحابة فلم يقطعوا برأي، فاستشار أمير المؤمنين
في الأمر فقال: إن فعلت ظفرت. فقال أبو بكر: بشرت بخير. وأمر أبو بكر الناس بالخروج بعد أن أمّر عليهم خالد بن سعيد.[٦١]
مبدأ التأريخ الاسلامي
روى الحاكم النيسابوري أن عمر ابن الخطاب استشار أمير المؤمنين
في مبدأ التأريخ الإسلامي فأشار عليه بأن يجعل مبدأ التأريخ هجرة النبي
من مكة إلى المدينة.[٦٢]
مرحلة خلافته
بعدما قتل عثمان، قام - أمير المؤمنين عليه السلام - فدخل منزله، فأتاه أصحاب رسول الله
، فقالوا: إنّ هذا الرجل قد قتل، ولا بد للناس من إمام، ولا نجد اليوم أحداً أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة، ولا أقرب من رسول الله
. فقال: لا تفعلوا، فإنّي أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا: لا، والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، قال: ففي المسجد، فإنّ بيعتي لا تكون خفياً.[٦٣]
فخرج إلى المسجد، فبايعه من بايعه، وبايعت الأنصار علياً إلاّ نفيراً يسيراً، منهم حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومسلمة بن مخلد، وأبو سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة، كانوا عثمانية. ولم يبايعه من غير الأنصار عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد وكلهم كانوا من المقربين من عثمان.[٦٤]
ويمكن القول بأن سبب إمتناعه
عن قبول البيعة في بادئ الأمر يكمن في ما استشري من فساد في المجتمع على جميع المستويات بحيث أصبح من الصعب إصلاح ذلك وهذا ما أشار إليه عليه السلام مخاطبا المبايعين له: دَعُونِي والْتَمِسُوا غَيْرِي فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وأَلْوَانٌ لا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ ولا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ وإِنَّ الْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ والْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَت.[٦٥]
حقوق الراعي والرعية
لقد أولى أمير المؤمنين
لهذين الحقين أهمية كبرى على المستويين النظري والعملي وهذا ما تجده جلياً في كلماته، كما في قوله:
«لا يجري (الحق) لأَحدٍ إلاّ جرى عليه، ولا يجري عليه إلاّ جرى لهُ، ولو كان لأَحدٍ أَنْ يجري لهُ ولا يجري عليه لكان ذلك خالصاً لِلَّهِ سُبحانهُ دُونَ خلقه؛ لقدرتهِ على عباده، ولعدله في كُلِّ ما جرتْ عليه صُرُوفُ قضائه، ولكنَّهُ سُبحانهُ جعل حقَّهُ على العباد أَن يطيعوهُ، وجعل جزاءهُمْ عليه مضاعفةَ الثواب تفضُّلا منهُ وتوسُّعاً بما هو من المزيد أَهله».[٦٦]
وكان عليه يرى أن لهذين الحقين نتائج كبيرة وثمرات مهمة، وهذا ما أشار اليه في نفس الخطبة، حينما قال:
«وأَعظمُ ما افترض سُبحانهُ من تلك الحقوقِ حقُّ الوالي على الرَّعيَّة وحقُّ الرَّعِيَّةِ على الوالي... فليست تصلحُ الرَّعيَّةُ إلاّ بصلاح الولاة، ولا تصلحُ الولاةُ إلاّ بِاستقامة الرَّعِيَّةِ، فإِذا أَدَّتْ الرَّعِيَّةُ إلى الوالي حقَّهُ، وأَدَّى الوالي إِليها حقَّها عزَّ الحقُّ بينهُمْ، وقَامتْ مناهجُ الدين، واعتدلتْ معالمُ العدل وجرتْ على أَذلالها السُّنَنُ...». [٦٧]
ثم يقول
:
«وإِذا غَلبتِ الرَّعِيَّةُ واليهَا أَو أَجحفَ الوالي برعِيَّتِهِ اختلفَتْ هُنالكَ الكلمةُ، وظهرتْ معالمُ الجور، وكثر الإِدغالُ في الدِّين، وتركَت مَحَاجُّ السُّنن، فَعُمِلَ بالهوى، وعُطِّلَتِ الأَحكامُ، وكثرتْ عللُ النّفُوس، فلا يُسْتَوْحَشُ لعظيم حقٍّ عُطِّلَ ولا لعظيم باطلٍ فُعلَ، فهنالكَ تذِلُّ الأَبْرَارُ، وتَعِزُّ الأَشرارُ، وتعظُمُ تبِعاتُ اللَّهِ سُبحانهُ عند العباد».[٦٨]
وكان عليه السلام يولي الشخصية الإنسانية أهتماماً كبيراً، وكان يركّز على ذلك كثيراً في الكتب والوصايا التي يزود بها عماله وولاته
، من ذلك ما ورد في كتاب له
إلى عماله على الخراج:
«فأَنصفُوا الناسَ من أَنفسكمْ، واصبِروا لحوائجهمْ؛ فإِنّكم خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ ووكلاءُ الأُمَّةِ وسُفراءُ الأَئمة، ولا تُحْشِمُوا أَحداً عن حاجته، ولا تحبسُوهُ عن طَلِبَتِه».[٦٩]
و من وصاياه لعماله على الزكاة:
«وَلا تُرَوِّعَنَّ مسلماً، ولا تجتازن عليه كارهاً، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تُخَالِط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ولا تُخْدِج بالتحية لهم، ثم تقول: عباد الله أرسلني إليكم ولي الله وخليفته؛ لآخذ منكم حق الله في أموالكم فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه؟ فإن قال قائل: لا. فلا تراجعه، وإن أنعم لك منعم، فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه». [٧٠]
وجاء في عهده المعروف لـمالك الأشتر (رض) حينما ولاه على مصر:
«وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونّن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق».[٧١]
عدله عليه السلام
اتخذ
وفي الأيام الأولى لحكومته موقفاً صارماً من الفساد المالي والبذل غير المشروع للثروة مؤكداً على العدالة في التوزيع التي تقوم على السبق إلى الإسلام والجهاد في سبيله وغير ذلك من المعايير الحقة، وقد أكد على منهجه هذا حينما أكد على المساواة في العطاء قائلاً: «إني قرأت ما بين دفتي المصحف، فلم أجد فيه لبني إسماعيل على بني إسحاق فضلاً».[٧٢]
وعندما ولَّى بيت مال المدينة عمَّارَ بن ياسر وأبا الهيثم بن التيهان كَتب إليهما: العربيُّ والقرشيُّ والأَنصاريُّ والعجميُّ وكُلُّ من في الإسلام منْ قبائلِ العرب وأَجناس العجم سواء.[٧٣]
وكذلك إتخذ موقفاً قاطعاً في ضرورة استرجاع ما أقطعه عثمان لـبني أمية والمقربين منه وأصدر في ذلك مرسوماً قال فيه: «ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شئ، ولو وجدته قد تزوج به النساء، وفرق في البلدان لرددته إلى حاله، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق».[٧٤]
المساواة في تقسيم العطاء
كما كان
صارماً في المساواة في العطاء كان شديد الحرص على بيت مال المسلمين، فلم يسمح حتى لاشد الناس قرابة منه التصرف فيه ولو يسيراً، فقد روى المؤرخون أنه كان يأخذ نفسه وأهله بالشدة، فلا يسمح بأن تتزين إحدى بناته بعقد ثمين تستعيره من بيت المال إعارة مضمونة، فينتزعه منها، ويرجعه لبيت المال مع لوم وتقريع لها وللخازن إبن أبي رافع معتبراً ذلك خيانة للمسلمين قائلاً: «اتَخُون المسلمين يا ابن أبي رافع؟ كيف أعرت بنت أميرِ المؤمنين
العقد الذي في بيت مال المسلمين، بغير إذني ورضاهم!».[٧٥]
وقال مخاطباً عبد الله بن زمعة، وهو من شيعته، وذلك أنّه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالاً، فقال
: «إن هذا المال ليس لي ولا لك، وإنما هو فيء للمسلمين، وجلب أسيافهم، فإن شركتهم في حربهم، كان لك مثل حظهم، وإلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم».[٧٦]
الصرامة في تنفيذ القوانين
لم يكن من منهج علي
التسامح أو التساهل في القوانين وأحكام الشريعة الأمر الذي جعل بعض الناس لا يطيق ذلك، ومن نماذج ذلك:
- أنه
أمر قنبراً أن يضرب رجلا، فغلِطَ قنبر فزاد ثلاثة أسواط، فاقاد علي
الرّجل المضروب من قنبر، فضربه ثلاثة أسواط.[٧٧]
- قام أحد رجالات البصرة المتنفذين بدعوة عامله على البصرة عثمان بن حنيف، فكتب اليه يهذبه ويؤدبه ليسمو به من مواطن الشبهات، ويرفعه إلى أرقى مستوى من الإنسانية، قائلاً له:
«أما بعد، يابن حنيف، فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم، عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه... ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد».[٧٨]
موقفه من الثناء والتملق
إتخذ الإمام
منهجاً رافضاً للثناء والمديح وخاصة الذي يجري بطريقة تملقية وكان يحذّر كثيراً من شيوع هذا الأسلوب من التعامل مع الحكام، ومن نماذج تصديه لهذا الأسلوب:
- َ روي أَنهُ
لَمَّا وَردَ الكوفة قادماً من صفِّين مرَّ بالشِّبَامِيِّينَ فخرج إِليه حربُ بنُ شُرَحْبِيلَ الشِّبَامِيِّ وكان من وُجُوهِ قومهِ
يمشي معهُ وهو
راكبٌ فقال
: «ارجعْ فإِنَّ مشي مثلك مع مثلي فتنةٌ للوالي ومذَلَّةٌ للمُؤمن».[٧٩]
- كان الإمام
ذات يوم يخطب فأَجابهُ
رجلٌ من أَصحابه بكلام طويل يُكثرُ فيه الثَّنَاءَ عليه، ويذكر سمعهُ وطاعتهُ، فقال لهُ
: «وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حبّ الفخر، ويوضع أمرهم على الكِبْرِ. وقد كرهت أن يكون جال في ظنّكم أني أحب الإطراء وإستماع الثناء، ولست بحمدالله كذلك، ولو كنت أحبّ أن يقال ذلك لتركته إنحطاطاً لله سبحانه....فلا تكلموني بما تكلّم به الجبابرة، ولاتتحفظوا منّي بما يتحفظ به عند أهل البادرة، ولاتخالطوني بالمصانعة، ولاتظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه».[٨٠]
- قال
وقد لقيه- عند مسيره إلى الشام- دهاقين الأنبار، فترجلوا له واشتدوا بين يديه: ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا: خلق منا نعظم به أمراءنا، فقال: «والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم، وإنكم لتشقون على أنفسكم في دنياكم، وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار».[٨١]
الإهتمام بالعسكر والقوات المسلحة
كان
ينظر إلى الأمور نظرة واقعية، وينظر إلى الأصناف الإجتماعية نظرة تحفظ لها مكانتها الإجتماعية أولاّ ودورها في استقرار المجتمع ثانياً، ومن هنا نراه يهتم بالقوات المسلحة، ويوصي بها عماله بأن «الجنود بإذن الله عزّوجلّ حصون الرعية، وزين الولاة، وعزّ الدين، وسبيل الأمن والحفظ، وليس تقوم الرعية إلاّ بهم، ثم لا قوام للجند إلاّ بما يخرج الله جلّ وعزّ لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوهم ويعتمدون عليه فيما أصلحهم، ويكون من وراء حاجاتهم». [٨٢]
ثم يبين
لعاملة في نفس الوصية طريقة إنتخاب الجنود قائلاً: «وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام المتقدمة، فإنّهم أكرم أخلاقاً، وأصح أعراضاً، وأقل في المطامع إشراقاً، وأبلغ في عواقب الأمور نظراً. ثم أسبغ عليهم الأرزاق، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك».[٨٣]
كذلك يؤكد
على العلاقة بين الجنود والجماهير وأن الدعم والإسناد الجماهيري هو الأساس في ثبات البلدان واستقرار الحكومات، حيث يقول
: «وإن سخط الخاصّة يغتفر مع رضى العامة. وليس أحد من الرعية، أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء، وأقل معونة له في البلاء، وأكره للانصاف، وأسأل بالإلحاف، وأقل شكراً عند الاعطاء، وأبطأ عذراً عند المنع، وأضعف صبراً عند ملمات الدهر من أهل الخاصة. وإنما عمود الدين، وجماع المسلمين، والعدة للاعداء، العامّة من الأمّة، فليكن صغوك لهم، وميلك معهم».[٨٤]
العمال والولاة
إهتم
إبّان فترة حكمه بأمر الولاة فقام بتنصيب الكثير منهم أو استبدالهم أو تغيير أماكنهم، ومن هؤلاء الولاة: قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي ولاّه أمير المؤمنين
مصر، ثم بعدها ولاية آذربيجان التي استدعاه منها في حربه
مع معاوية بعد أن كتب له باستخلاف عبد الله الاحمسي مكانه؛ ومنهم محمد بن أبي حذيفة كان عامله على مصر فاستبدله بمحمد بن أبي بكر؛ ومنهم مالك الأشتر النخعي عامله على نصيبين وسنجار ثم ولاه مصر؛ ومن ولاته: عبد الله بن عباس الذي كان واليه على البصرة، وأبو أيوب الأنصاري واليه على المدينة، وأبو موسى الأشعري الذي كان والياً لـعثمان على الكوفة وأقره الإمام بمشورة من مالك الأشتر فترة من الزمن عزله بعدها بعد أن بانت منه علامات الخيانة وتحبيط الناس من اللحوق بجيش الإمام
قبل معركة الجمل، ومنهم حذيفة بن اليمان وهو الآخر كان والياً لعثمان في المدائن فاقره الإمام
، ومنهم كميل بن زياد واليه على هيت، ومخنف بن سليم واليه على اصفهان والري وهمدان، وسليمان بن صُرَد عامله على الجبل.
وقد استشهد من ولاته كل من: مالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن خباب بن الأرت ومحمد بن أبي حذيفة وحسان بن حسان البكري، ومنهم الحلو بن عوف الأزدي الذي وجهه الإمام
عاملاً على عمان فوثبت به بنو ناجية فقتلوه.
و منهم من توفي لكبر سنّه ولم يتم ولايته وهم: سهل بن حنيف وأبي قتادة وحذيفة بن اليمان.
و هناك من الولاة من واصل عمله حتى استشهاد الإمام علي
كقيس بن سعد، وعثمان بن حنيف وكميل بن زياد وسعد بن مسعود وسليمان بن صرد الخزاعي .
ومنهم من وبّخه الإمام لتقصيره في عمله كعبيد الله بن العباس وسعيد بن نمران .
ومنهم من عزله الإمام لخيانته كالـمنذر بن الجارود وعقبة بن عمرو.[٨٥]
حروبه
| حروب الإمام علي | الاتجاه المعاكس | تاريخ وقوع المعركة |
|---|---|---|
| معركة الجمل | أصحاب الجمل | جمادىالآخر 36 هـ |
| معركة صفين | جيش معاوية | صفر 37 هـ |
| معركة النهروان | الخوارج | 38 هـ |
معركة الجمل (الناكثين)
تعد معركة الجمل المعركة الأولى التي خاضها الإمام
إبّان فترة حكمه مع الناكثين- أَهلُ الجمل، لنكثهم بيعتهم- [٨٦] طلحة والزبير وأتباعهم، في جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين هـجرية.[٨٧]
يقول الطبري: ولما دخلت سنة ست وثلاثين فرق علي عماله على الأمصار[٨٨] وكان طلحة والزبير قد طمعا قبل ذلك بالخلافة وبعد إجتماع الناس على أمير المؤمنين
ومبايعته حاولا الحصول على منصب من المناصب المهمة في الدولة، وقد أشار الطبري إلى هذه القضية قائلاً: وسأل طلحة والزبير أن يؤمرهما على الكوفة والبصرة [٨٩] فلم يستجب لهما الإمام
لكونهما من المتهمين بقتل عثمان – بل كان من أشد المؤلبين عليه والمتهمين بقتله في المدينة- من جهة وهناك من هو أكفأ منهما من جهة أخرى،[٩٠] من هنا قررا الالتحاق بـعائشة التي هي الأخرى من أشد المؤلبين والمحرضين على قتل عثمان، وكانت ترى الثوار المحاصرين لعثمان طالبي حق وقد إسترجعت – كما يقول الطبري - حينما بلغها قتل عثمان للمصريين، لكنها– والقول للطبري أيضاً- لما بلغها قتل عثمان واجتماع الناس على علي، قالت: ردوني إن عثمان قتل مظلوماً، فاطلبوا بدم عثمان تعزوا الإسلام.[٩١]
وكانت عائشة شديدة الكره والضغن لعلي، ومن هنا سايرت طلحة والزبير في حربهما لعلي
[٩٢] فجهّزوا جيشاً مؤلّفاً من ثلاثة آلاف مقاتل كما يذهب إلى ذلك بعض المؤرخين، وساروا به نحو البصرة.[٩٣] وحمل عائشة على جمل يقال له عسكر.[٩٤] وتحرَّك موكب الناكثين بقيادة عائشة وطلحة والزبير وبلغوا البصرة، وعامل الإمام عليها الصحابي عثمان بن حنيف الأنصاري، فمنعهم من الدخول، ثُمَّ توادعوا الا يحدثوا حدثاً حتى يقدم عليٌّ![]()