البركة

البركة، ثبوت الخير الإلهي في الشيء، وورد استعمالها في القرآن الكريم بصيغ مختلفة، حيث ذُكرت في ثلاثة مواضع بصيغة الجمع دون المفرد، كما ذُكرت في الروايات، والكتب السماوية قبل الإسلام أيضاً، ولم تُسند في القرآن لغير الله وهذا يُشير إلى أنه تعالى هو المصدر الوحيد لها.

ومن أسبابها: الإيمان، والتقوى، والاستغفار، وذكر الله، وطاعته، والعدل، وحسن الخلق. ومن موانعها: ارتكاب الذنوب، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومن مصاديقها بعض البشر، مثل: الأنبياء، والمؤمنون. وبعض الأوقات، مثل: ليلة القدر. وبعض الأماكن المقدسة، مثل: مكة. وبعض الظواهر الطبيعية، مثل: المطر.

معناها

الأصل في مادة " برك" هو ثبات الشيء، والبركة في الاصطلاح هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، وهي نسبية، أي: تختلف بحسب الأغراض المتوقعة من الأشياء، فالطعام المبارك مثلاً هو طعام يُشبِع جمعاً كثيراً، والوقت المبارك هو ما يسع أعمالاً كثيرة، ومن هنا قيل: بركات السماء بالقطر، وبركات الأرض بالنبات والثمار.

استعمالها في القرآن

قال الله تعالى:

---

﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.

---

الأعراف: 96.

ورد استعمالها في القرآن الكريم 32 مرة بصيغ مختلفة، فمنها: "بركات"، و"باركَ"، و"باركْنا"، و"بورِك"، "مبارك"، "مباركة"، "تبارك". ولم تُسند في جميعها لغير الله، وهذا يدلّ على أنه تعالى هو المصدر الوحيد لها، كما أن استعمالها في ثلاثة مواضع بصيغة الجمع دون المفرد، يشير إلى كثرة بركته تعالى، ومن هنا لم ينسب "تَباركَ" إلى فاعل غيره تعالى؛ فإن التبارك يدلّ على المبالغة في البركة.

استعمالها في غير القرآن

ورد استعمالها في روايات أهل البيت، حيث اعتُبرت جنداً من جنود العقل، كما ورد مفهومها في الكتب السماوية قبل الإسلام، وأنها مُنِحت للأنبياء والكهنة ومن ثَمّ لسائر الناس. وتكرّرت 400 مرة في العهد القديم وعدة مرات في العهد الجديد على مادة "برخ" أو "براخاه".

أسبابها

وردت في القرآن الكريم وروايات أهل البيت أسباب كثيرة للبركة، منها:

• الإيمان
• التقوى
• الاستغفار
• الشكر
• طاعة الله
• ذكر الله
• العدل
• السهر في الأسحار
• حسن الخلق
• التسليم على الآخرين
• التصدق
• النظافة
• تقلیل نفقات الزواج
• صلة الأرحام
• الصداقة في التجارة
• حسن الجوار
• مواساة الإخوان
• الصوم
• التسحّر.

الإيمان والتقوى

ورد في الآية 96 من سورة الأعراف أن نزول بركات السماء والأرض مشروط بالإيمان والتقوى.

الاستغفار

ورد أنّ استغفار الناس سبب للبركات الإلهية (كالمطر) في بعض الآيات كالآية 52 من سورة هود والآية 10 إلى 13 من سورة نوح، وكذلك اعتبره الإمام علي سبباً لدرّ الأرزاق والرحمات.

موانعها

تعتبر بعض الأمور في النصوص الدينية موانعَ البركة وأسباباً لحرمان الإنسان منها، كاقتراف الذنوب والمعاصي، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والغفلة عن الله وترك ذكره.

اقتراف الذنوب والمعاصي

اعتُبر اقتراف الذنوب والمعاصي سبباً لنزع البركة من المال والعمر والحياة، والحرمان من بركات السماء والأرض في الآية 96 من سورة الأعراف إلى جانب العذاب الإلهي، وهي عاقبة الذي ارتكب الذنوب وكذّب الأنبياء.

من الذنوب التي تسبب نزع البركة: ترك الصلاة، والتطفيف، والامتناع من دفع الزكاة والإسراف، والخيانة، والسرقة، وشرب الخمر، والفحشاء، واليمين الكاذبة في التجارة.

ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

المقالة الرئيسة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عُدّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب نزع البركات، حيث رويَ عن النبي أن الناس لا يزالون بخير ما داموا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فإذا تركوهما نزعت منهم البركات.

مصاديقها

ورد في بعض الآيات القرآنية، أنّ الله جعل البركة بإحدى مظاهر خلقه ودليلا عليها، من جملة تلك المظاهر والدلائل هو وجود بعض الأنبياء والمؤمنين الصلحاء، والقرآن الكريم، كما أنّ بعض الأماكن والأزمنة المقدسة وكذلك بعض الظواهر الطبيعية هي أيضا من مظاهر البركة. فعرف أنّ القرآن الكريم هو مظهر من مظاهر البركة وذلك بسبب أنّه كتاب هداية للناس.

وذُكر للبركة مصاديق كثيرة في القرآن الكريم، فمنها:

• القرآن الكريم، فهو مبارك لهداية الناس إلى الحق، بناء على ما قاله العلامة الطباطبائي في الميزان.

وبعض الأشخاص:

• النبي نوح.
• النبي إبراهيم.
• النبي إسماعيل.
• النبي إسحق.
• النبي موسى.
• النبي عيسى.
• النبي محمد.
• المؤمنون والصلحاء.

وبعض الأماكن:

• مكة.
• الشام.
• بيت المقدس.
• طور سيناء.

وبعض الأزمان:

• ليلة القدر، وهي مباركة لاستجابة الدعوات، ومغفرة الذنوب، ونزول القرآن فيها، بناء على ما قاله الطبرسي في مجمع البيان:

وبعض المياه:

• المطر.