انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العشرة المبشرة»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Alsaffi
لا ملخص تعديل
imported>Alsaffi
لا ملخص تعديل
سطر ١٥: سطر ١٥:
ونص [[الحديث]] بحسب رواية:
ونص [[الحديث]] بحسب رواية:


1- أحمد في مسنده والترمذي في سننه والنسائي في " فضائل الصحابة ".: عن عبد الرحمن بن عوف: قال: قال [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|رسول الله]] {{صل}}: "أبو بكر في الجنة، و عمر في الجنة، و عثمان في الجنة، و علي في الجنة، و طلحة في الجنة، و الزبير في الجنة، و عبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، و سعيد في الجنة، و أبو عبيدة بن الجراح في الجنة".<ref>أحمد بن حنبل، المسند، ج1، ص 193؛ سنن الترمذي، كتاب المناقب. باب مناقب عبد الرحمن بن عوف، ج5، ص647؛النسائي، فضائل الصحابة، 28.</ref>
1- أحمد في مسنده والترمذي في سننه والنسائي في " فضائل الصحابة ".: عن [[عبد الرحمن بن عوف]]: قال: قال [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|رسول الله]] {{صل}}: "[[أبو بكر]] في [[الجنة]]، [[عمر بن الخطاب|وعمر]] في الجنة، [[عثمان|وعثمان]] في الجنة، [[علي(ع)|وعلي]] في الجنة، [[طلحة بن عبيد الله التيمي|وطلحة]] في الجنة، [[الزبير بن العوام|والزّبير]] في الجنة، [[عبد الرحمان بن عوف|وعبد الرحمن بن عوف]] في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] في الجنة".<ref>أحمد بن حنبل، المسند، ج1، ص 193؛ سنن الترمذي، كتاب المناقب. باب مناقب عبد الرحمن بن عوف، ج5، ص647؛النسائي، فضائل الصحابة، 28.</ref>


2- أبو داوود في سننه: عن عبد الرحمن: "إنه كان في المسجد فذكرَ رجل [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|عليا]] {{عليه السلام}}، فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله أني سمعته يقول عشرة في الجنة، النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر في الجنة، فسكت. قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد".<ref>سنن أبي داوود، ج4، ص 225، كتاب السنة . </ref>
2- أبو داوود في سننه: عن [[عبد الرحمان بن عوف|عبد الرحمان]]: "إنه كان في المسجد فذكرَ رجل [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|عليا]] {{عليه السلام}}، فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله أني سمعته يقول عشرة في الجنة، النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزّبير في الجنة، [[سعد بن مالك بن سنان|وسعد بن مالك]] في الجنة، وعبد الرحمان بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر في الجنة، فسكت. قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو [[سعيد بن زيد]]".<ref>سنن أبي داوود، ج4، ص 225، كتاب السنة . </ref>


والظاهر أن المراد بالرجل هو [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] حين قدم من [[الشام]] إلى [[الكوفة]] بعد شهادة [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي]] {{ع}}.
والظاهر أن المراد بالرجل هو [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] حين قدم من [[الشام]] إلى [[الكوفة]] بعد شهادة [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي]] {{ع}}.
سطر ٢٣: سطر ٢٣:
وأخرج أبو داوود أيضا في سننه الحديث بطريقين أحدهما من طريق عبد الله بن ظالم المازني، قال: "سمعت سعيد بن زيد بن عمرو قال: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلان خطيبا فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم؟ فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم...) قلت: ومن العاشر؟ فتلكأ هنيئة ثم قال: أنا".<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648.</ref>
وأخرج أبو داوود أيضا في سننه الحديث بطريقين أحدهما من طريق عبد الله بن ظالم المازني، قال: "سمعت سعيد بن زيد بن عمرو قال: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلان خطيبا فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم؟ فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم...) قلت: ومن العاشر؟ فتلكأ هنيئة ثم قال: أنا".<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648.</ref>


وأخرج من طريق آخر عن عبد الرحمان بن الأخنس أنه كان في المسجد فذكر رجلٌ عليّاً {{عليه السلام}}، فقام سعيد بن زيد فقال: "أشهد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني سمعته وهو يقول: "عشرةٌ في الجنة: النبيُّ في الجنة، وأبو بكرٍ في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليٌّ في الجنة، [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] في الجنة، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]] في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوفٍ في الجنة" ولو شئت لسميت العاشر، قال فقالوا: من هو؟ فسكت، قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد".<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص213، ح4649.</ref>
وأخرج من طريق آخر عن عبد الرحمان بن الأخنس أنه كان في المسجد فذكر رجلٌ عليّاً {{عليه السلام}}، فقام سعيد بن زيد فقال: "أشهد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني سمعته وهو يقول: "عشرةٌ في الجنة: النبيُّ في الجنة، وأبو بكرٍ في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليٌّ في الجنة، [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] في الجنة، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]] في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمان بن عوفٍ في الجنة" ولو شئت لسميت العاشر، قال فقالوا: من هو؟ فسكت، قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد".<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص213، ح4649.</ref>


3- ابن ماجة في سننه: حدثنا صدقة بن المثنى، أبو المثنى النخعي، عن جده رياح بن الحارث، سمع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة؛ فقال أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة فقيل: من التاسع؟ قال أنا".<ref>سنن ابن ماجة، ح133.</ref>
3- ابن ماجة في سننه: حدثنا صدقة بن المثنى، أبو المثنى النخعي، عن جده رياح بن الحارث، سمع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة؛ فقال أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة، وطلحة في الجنة، والزّبير في الجنة، وسعد في الجنة، وعبد الرحمان في الجنة فقيل: من التاسع؟ قال أنا".<ref>سنن ابن ماجة، ح133.</ref>


==رأي علماء السنة بالحديث==
==رأي علماء السنة بالحديث==
وهو من [[الحديث المشهور|الأخبار المشهورة]] والمعروفة عندهم حتى عدوا القول به من جملة الأمور الاعتقادية، قال [[أحمد بن حنبل]] في كتابه إلى مسدد بن مسرهد: "وأن نشهد للعشرة أنهم في الجنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] [[عمر بن الخطاب|وعمر]] [[عثمان|وعثمان]]، [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|وعلي]] [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] [[الزبير بن العوام|والزبير]] وسعد وسعيد [[عبد الرحمان|وعبد الرحمان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة]]، فمن شهد له النبي {{صل}} بالجنة شهدنا له بالجنة، ولا يتأتى أن تقول: فلان في الجنة، وفلان في النار، إلا العشرة الذين شهد لهم النبي {{صل}} بالجنة"<ref>المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة، تحقيق: عبد الإله بن سلمان بن سالم الأحمدي، ج1، ص402</ref> .   
وهو من [[الحديث المشهور|الأخبار المشهورة]] والمعروفة عندهم حتى عدوا القول به من جملة الأمور الاعتقادية، قال [[أحمد بن حنبل]] في كتابه إلى مسدد بن مسرهد: "وأن نشهد للعشرة أنهم في الجنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] [[عمر بن الخطاب|وعمر]] [[عثمان|وعثمان]]، [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|وعلي]] [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] [[الزبير بن العوام|والزبير]] وسعد وسعيد [[عبد الرحمان|وعبد الرحمان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة]]، فمن شهد له النبي {{صل}} بالجنة شهدنا له بالجنة، ولا يتأتى أن تقول: فلان في الجنة، وفلان في النار، إلا العشرة الذين شهد لهم النبي {{صل}} بالجنة"<ref>المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة، تحقيق: عبد الإله بن سلمان بن سالم الأحمدي، ج1، ص402</ref> .   


وقد ألفت وأفردت كتب فيه من قبيل:  
وقد ألفت وأفردت كتب في العشرة المبشرة من قبيل:  


*التعريف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم المبشرين بالجنة، تأليف: [[الزمخشري|محمود بن عمر الزمخشري]] [[سنة 538 للهجرة|(ت 538هـ).]]
*التعريف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم المبشرين بالجنة، تأليف: [[الزمخشري|محمود بن عمر الزمخشري]] [[سنة 538 للهجرة|(ت 538هـ).]]
سطر ٥٠: سطر ٥٠:
ثانيا- إن هذا الحديث بكافة طرقه وأسانيده ينتهي إلى [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] ولم يروه أو يسمعه عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} أي شخص غيرهما. والبخاري ومسلم لم يذكرا شيئا في باب الفضائل والمناقب عنهما رغم أنهما من العشرة الذين اتفق [[أهل السنة]] على تعظيمهم وتكريمهم.  
ثانيا- إن هذا الحديث بكافة طرقه وأسانيده ينتهي إلى [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] ولم يروه أو يسمعه عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} أي شخص غيرهما. والبخاري ومسلم لم يذكرا شيئا في باب الفضائل والمناقب عنهما رغم أنهما من العشرة الذين اتفق [[أهل السنة]] على تعظيمهم وتكريمهم.  


ثالثا- إن من روى حديث العشرة المبشرة عن النبي {{صل}} هما: عبد الرحمان بن عوف وسعيد بن زيد وكلاهما من العشرة! فيكون ذكرهما له من باب من زكى غيره بتزكية نفسه. ومن المعلوم في الشرع الإسلامي أن من شهد بشهادة له كفل فيها لا تقبل شهادته فيه إجماعا وقولا واحدا. وهذا ما يثير الشك في صحة هذه الرواية، من حيث إرادة الراوي جر النار إلى قرصه.<ref>المفيد، الإفصاح في الإمامة، ص 71؛ الطوسي، تلخيص الشافي، ج3، ص241. </ref>
ثالثا- إن من روى حديث العشرة المبشرة عن النبي {{صل}} هما: [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] وكلاهما من العشرة! فيكون ذكرهما له من باب من زكى غيره بتزكية نفسه. ومن المعلوم في الشرع الإسلامي أن من شهد بشهادة له كفل فيها ولا تقبل شهادته فيها [[الاجماع|إجماعا]] وقولا واحدا. وهذا ما يثير الشك في [[الحديث الصحيح|صحة هذه الرواية]]، من حيث إرادة الراوي جر النار إلى قرصه.<ref>المفيد، الإفصاح في الإمامة، ص 71؛ الطوسي، تلخيص الشافي، ج3، ص241. </ref>


رابعا- إن هذا الحديث - العشرة المبشرة - نقل بعدة طرق وفي سلسلة أسانيده بعض الرواة الذين هم بحسب عقيدة أهل السنة أنفسهم غير موثقين ومعتبرين ولا يمكن الاعتماد على على رواياتهم؛ ومن جملتهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي والذي ذكره [[أبو حاتم]]، وبين أنه لا يحتج به.<ref>الذهبي، ميزان الاعتدال، ج 2، ص634. </ref>
رابعا- إن هذا الحديث - العشرة المبشرة - نقل بعدة طرق وفي سلسلة أسانيده بعض الرواة الذين هم بحسب عقيدة أهل السنة أنفسهم غير موثقين ومعتبرين ولا يمكن الاعتماد على على رواياتهم؛ ومن جملتهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي والذي ذكره [[أبو حاتم]]، وبين أنه لا يحتج به.<ref>الذهبي، ميزان الاعتدال، ج 2، ص634. </ref>
سطر ٦٠: سطر ٦٠:
خامسا- إن حديث العشرة المبشرة ينتهي إلى عبد الرحمان بن عوف وسعيد بن زيد عن النبي {{صل}}، وكلا الطريقين إليهما ضعيف.
خامسا- إن حديث العشرة المبشرة ينتهي إلى عبد الرحمان بن عوف وسعيد بن زيد عن النبي {{صل}}، وكلا الطريقين إليهما ضعيف.


فأما الطريق إلى عبد الرحمان بن عوف والوارد في سُنن الترمذي ومسند أحمد بن حنبل، فينحصر بحُميد ابن عبد الرحمن الزهري عن أبيه عبد الرحمان بن عوف تارة، وعن رسول الله {{صل}} أخرى.
فأما الطريق إلى عبد الرحمان بن عوف والوارد في [[سنن الترمذي|سُنن الترمذي]] [[مسند أحمد بن حنبل|ومسند أحمد بن حنبل]]، فينحصر بحُميد ابن عبد الرحمن الزهري عن أبيه [[عبد الرحمان بن عوف]] تارة، وعن رسول الله {{صل}} أخرى.


وهذا إسناد باطل؛ لأن حُميد بن عبد الرحمان الزهري لم يرَ أبيه عبد الرحمان بن عوف، ولم يدركه! إذ إن عبد الرحمان بن عوف قد توفي [[سنة 32 للهجرة]]، وإن حُميد ابن عبد الرحمان الزهري لم يكن صحابيا وإنما هو [[تابعي]] قد توفي [[سنة 105 للهجرة]] عن عمر 73 سنة، فيكون قد ولد [[سنة 32 للهجرة]]<nowiki/>ـ،<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج1 ، ص92 .</ref> وهي سنة  وفاة عبد الرحمان بن عوف!<ref>ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج3، ص 41 - 40 و ج6، ص222.</ref>
وهذا إسناد باطل؛ لأن حُميد بن عبد الرحمان الزهري لم يرَ أبيه عبد الرحمان بن عوف، ولم يدركه! إذ إن عبد الرحمان بن عوف قد توفي [[سنة 32 للهجرة]]، وإن حُميد ابن عبد الرحمان الزهري لم يكن صحابيا وإنما هو [[تابعي]] قد توفي [[سنة 105 للهجرة]] عن عمر 73 سنة، فيكون قد ولد [[سنة 32 للهجرة]]<nowiki/>ـ،<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج1 ، ص92 .</ref> وهي سنة  وفاة عبد الرحمان بن عوف!<ref>ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج3، ص 41 - 40 و ج6، ص222.</ref>
سطر ٦٨: سطر ٦٨:
وقد أحصى [[ابن حجر]] من حدث عنهم حُميد الزهري من [[الصحابة]]، وليس فيهم عبد الرحمان بن عوف! <ref>ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج3، ص46.</ref> هذا هو حال إسنادهم الأول للرواية عن عبد الرحمن بن عوف.
وقد أحصى [[ابن حجر]] من حدث عنهم حُميد الزهري من [[الصحابة]]، وليس فيهم عبد الرحمان بن عوف! <ref>ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج3، ص46.</ref> هذا هو حال إسنادهم الأول للرواية عن عبد الرحمن بن عوف.


فيبقى الطريق إلى الرواية قصرا على رواية سعيد بن زيد عن النبي {{صل}}وهو أحد العشرة المبشَّرة المذكورين. <ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648. سُنن الترمذي، ج5، ص311.</ref>
فيبقى الطريق إلى الرواية قصرا على رواية [[سعيد بن زيد]] عن النبي {{صل}}وهو أحد العشرة المبشَّرة المذكورين. <ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648. سُنن الترمذي، ج5، ص311.</ref>


وقد أوردوا على على هذا الإسناد الآتي:
وقد أوردوا على على هذا الإسناد الآتي:
سطر ٧٨: سطر ٧٨:
2- إن هذه الرواية عن سعيد بن زيد مع أنها أكثر طرق حديث التبشير تنتهي إليها لا يوجد في طرقها إسناد يصحّ الاحتجاج به، لمحل الخدش في الرواة؛ لأنها رويت مرة من طريق عبد الله بن ظالم المازني عن سعيد بن زيد، وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن بن الأخنس عن سعيد بن زيد.  
2- إن هذه الرواية عن سعيد بن زيد مع أنها أكثر طرق حديث التبشير تنتهي إليها لا يوجد في طرقها إسناد يصحّ الاحتجاج به، لمحل الخدش في الرواة؛ لأنها رويت مرة من طريق عبد الله بن ظالم المازني عن سعيد بن زيد، وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن بن الأخنس عن سعيد بن زيد.  


أما عبد الله بن ظالم المازني هذا فقد تقدم الكلام فيه من جهة رفض كل من البخاري ومسلم اعتماد أحاديثه. وذكر العقيلي له في الضعفاء. وأما عبد الرحمن بن الأخنس، فقال عنه ابن حجر: مستور.ابن حجر، <ref>تقريب التهذيب، ج1 ، ص472 ، ص858.</ref>
أما عبد الله بن ظالم المازني هذا فقد تقدم الكلام فيه من جهة رفض كل من البخاري ومسلم اعتماد أحاديثه. وذكر العقيلي له في الضعفاء. وأما عبد الرحمان بن الأخنس، فقال عنه ابن حجر: متروك.ابن حجر، <ref>تقريب التهذيب، ج1 ، ص472 ، ص858.</ref>


===نقد متن الحديث===
===نقد متن الحديث===
سطر ٨٥: سطر ٨٥:
* الأول: أنّ نصّ الرواية لا يمكن التعويل عليه، لمحاولته الجمع بين الأضداد في أسماء الأشخاص الذين ذكروا بأنهم مبشرين بالجنة، حيث نجد نفس الذين بشروا بالجنة تقاتلوا فيما بينهم واختلفوا اختلافا كبيرا. وهذا مما علم بضرورة التاريخ في حرب [[صفين (توضيح)|صفين]] [[حرب الجمل|والجمل]] وخارجهما، حتى وصل الأمر إلى التخطئة من بعضهم لبعض والتضليل والحرب وسفك الدم. والشواهد على ذلك كثيرة من أهمها:
* الأول: أنّ نصّ الرواية لا يمكن التعويل عليه، لمحاولته الجمع بين الأضداد في أسماء الأشخاص الذين ذكروا بأنهم مبشرين بالجنة، حيث نجد نفس الذين بشروا بالجنة تقاتلوا فيما بينهم واختلفوا اختلافا كبيرا. وهذا مما علم بضرورة التاريخ في حرب [[صفين (توضيح)|صفين]] [[حرب الجمل|والجمل]] وخارجهما، حتى وصل الأمر إلى التخطئة من بعضهم لبعض والتضليل والحرب وسفك الدم. والشواهد على ذلك كثيرة من أهمها:


محاربة [[الزبير بن العوام|الزبير]] [[طلحة بن عبيد الله التيمي|وطلحة]] [[علي (ع)|لعلي]] (ع) خليفة رسول اللَّه {{صل}} في [[حرب الجمل|وقعة الجمل]] في [[البصرة]] وهما باغيان قد أوجب [[القرآن الكريم|القرآن]] قتالهما لخروجهما عليه بعد بيعتهما له، [[طلحة بن عبيد الله|ومقتل طلحة بن عبيد اللَّه التيمي]] يوم الجمل [[سنة 36 للهجرة|سنة ستة وثلاثين للهجرة]]، وهو أحد العشرة المبشرة، بعد أن قام بحربه فيها.<ref>أسد الغابة، ج3 ، ص59.</ref>
محاربة [[الزبير بن العوام|الزّبير]] [[طلحة بن عبيد الله التيمي|وطلحة]] [[علي (ع)|لعلي]] (ع) خليفة رسول اللَّه {{صل}} في [[حرب الجمل|وقعة الجمل]] في [[البصرة]] وهما باغيان قد أوجب [[القرآن الكريم|القرآن]] قتالهما لخروجهما عليه بعد بيعتهما له، ومقتل [[طلحة بن عبيد الله|طلحة بن عبيد اللَّه التيمي]] يوم الجمل [[سنة 36 للهجرة|سنة ستة وثلاثين للهجرة]]، وهو أحد العشرة المبشرة، بعد أن قام بحربه فيها.<ref>أسد الغابة، ج3 ، ص59.</ref>


ومنها امتناع [[سعد بن أبي وقاص]] عن بيعة علي {{عليه السلام}} وبيعته [[معاوية ابن أبي سفيان|لمعاوية]]! رغم محاربته لعلي (ع).فكيف يكون كلّ من الفريقين على الحقّ والصواب؟!<ref>الإفصاح، ص 73-74</ref><ref>الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ص 522. </ref>  
ومنها امتناع [[سعد بن أبي وقاص]] عن بيعة علي {{عليه السلام}} وبيعته [[معاوية ابن أبي سفيان|لمعاوية]]! رغم محاربته لعلي (ع).فكيف يكون كلّ من الفريقين على الحقّ والصواب؟!<ref>الإفصاح، ص 73-74</ref><ref>الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ص 522. </ref>  
سطر ١١١: سطر ١١١:
وفي رواية سنن أبي داوود وسنن ابن ماجة لم يذكر أي واحد منهما  لا أبو عبيدة ولا ابن مسعود، وذكر أسم النبي الأكرم {{صل}} بدلا منهما.<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648 </ref><ref>سنن ابن ماجه، ج1، ص48.</ref>  
وفي رواية سنن أبي داوود وسنن ابن ماجة لم يذكر أي واحد منهما  لا أبو عبيدة ولا ابن مسعود، وذكر أسم النبي الأكرم {{صل}} بدلا منهما.<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648 </ref><ref>سنن ابن ماجه، ج1، ص48.</ref>  


إن هذا الاضطراب في متن الرواية مما يدفع للشك في أن هذه الرواية وضعت متأخرة، بل ويدفع لليقين أنها من مخترعات دولة [[بنو أمية|بني أمية]]؛ لأن المفروض إن يكون العشرة أشهر من نار على علم لا يختلف فيهم الرواة ولا تشوبهم شائبة. وحسبك إن البخاري ومسلم لم يروي حديث المبشّرة  
إن هذا الاضطراب في متن الرواية مما يدفع للشك في أن هذه الرواية وضعت متأخرة، بل ويدفع لليقين أنها من مخترعات دولة [[بنو أمية|بني أمية]]؛ لأن المفروض إن يكون العشرة أشهر من نار على علم لا يختلف فيهم الرواة ولا تشوبهم شائبة. وحسبك إن البخاري ومسلم لم يرويا حديث المبشّرة  


*الثالث: انّ ممّا يبيّن بطلان خبر العشرة المبشرة أنّ [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبا بكر]] لم يحتج به لنفسه، ولا احتجّ به [[عثمان بن عفان|عثمان]] لمّا حوصر وطولب بخلع نفسه وهمّوا بقتله، بل تشبّث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب لا أكثر، وذكر القطع بالجنة أولى منها وأحرى. فلو كان الأمر على ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّ {{صل}}لاحتجّ به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجنان.<ref>الإفصاح، ص 73.</ref> <ref>الطوسي، تلخيص الشافي، ج3، ص241.</ref>  
*الثالث- انّ ممّا يبيّن بطلان خبر العشرة المبشرة أنّ [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبا بكر]] لم يحتج به لنفسه، ولا احتجّ به [[عثمان بن عفان|عثمان]] لمّا حوصر وطولب بخلع نفسه وهمّوا بقتله، بل تشبّث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب لا أكثر، وذكر القطع بالجنة أولى منها وأحرى. فلو كان الأمر على ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّ {{صل}}لاحتجّ به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجنان.<ref>الإفصاح، ص 73.</ref> <ref>الطوسي، تلخيص الشافي، ج3، ص241.</ref>  


*الرابع: أن هذا الحديث معارض بما هو أصح منه سندا ومتنا، وهذا مما يثبت القول ببطلان حديث العشرة المبشرة بالجنة.
*الرابع: أن هذا الحديث معارض بما هو أصح منه سندا ومتنا، وهذا مما يثبت القول ببطلان حديث العشرة المبشرة بالجنة.
سطر ١٢٤: سطر ١٢٤:
2- معارضته لحديثي رسول الله {{صل}} والذين يرويهما البخاري في صحيحه عن النبي  ( يا [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ). وقوله {{صل}}: ( من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ). صحيح البخاري، ح3092. وقد ماتت فاطمة وهي غاضبة على بعضهم. وفي رواية أخرى فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت. فكيف يكون حديث المبشرة شاملا لهم دون غيرهم.
2- معارضته لحديثي رسول الله {{صل}} والذين يرويهما البخاري في صحيحه عن النبي  ( يا [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ). وقوله {{صل}}: ( من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ). صحيح البخاري، ح3092. وقد ماتت فاطمة وهي غاضبة على بعضهم. وفي رواية أخرى فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت. فكيف يكون حديث المبشرة شاملا لهم دون غيرهم.


3- ما روي عن معاذ بن جبل: (سمعت رسول الله  {{صل}} يقول: إنه – أي عبد الله بن سلام - عاشر عشرة في الجنة).<ref>الحاكم النيشابوري، المستدرك، ج1 ، ص98 .</ref>
3- ما روي عن [[معاذ بن جبل]]: (سمعت رسول الله  {{صل}} يقول: إنه – أي عبد الله بن سلام - عاشر عشرة في الجنة).<ref>الحاكم النيشابوري، المستدرك، ج1 ، ص98 .</ref>


قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين .
قال الحاكم: هذا [[حديث صحيح]] على شرط الشيخين .


وهذه الرواية صححها الحاكم والذهبي فينبغي أن يكون "عبد الله بن سلام" أحد العشرة المبشرة، وعليه فلا بد من إخراج واحد ممن ضمهم حديث المبشرة، بل أنه ينافي هذا حديث العشرة المبشرة، لأنه لو صح حديث المبشرة لكان ابن سلام يدخل الجنة بعدهم.
وهذه الرواية صححها الحاكم والذهبي فينبغي أن يكون "[[عبد الله بن سلام]]" أحد العشرة المبشرة، وعليه فلا بد من إخراج واحد ممن ضمهم حديث المبشرة، بل أنه ينافي هذا حديث العشرة المبشرة، لأنه لو صح حديث المبشرة لكان ابن سلام يدخل الجنة بعدهم.


4- ما رواه الإمام مالك في [[موطأ مالك|موطأه]]: "مرّ رسول الله {{صل}} وأبي بكر على شهداء أحد، فقال: أشهد عليهم، فقال أبو بكر: ألسنا يارسول الله بإخوانكم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا ؟ فقال رسول الله {{صل}} بلى، ولكن لا أدري ماتحدثون بعدي !! فبكى أبو بكر ثم بكى فقال: أنا لكائنون بعدك؟!".ا<ref>بن أنس، مالك، الموطأ، كتاب الجهاد، ح1004.</ref>فأين البشارة في هذا الحديث.
4- ما رواه الإمام مالك في [[موطأ مالك|موطأه]]: "مرّ رسول الله {{صل}} وأبي بكر على شهداء [[غزوة أحد|أحد]]، فقال: أشهد عليهم، فقال أبو بكر: ألسنا يارسول الله بإخوانكم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا ؟ فقال رسول الله {{صل}} بلى، ولكن لا أدري ماتحدثون بعدي !! فبكى أبو بكر ثم بكى فقال: أنا لكائنون بعدك؟!".ا<ref>بن أنس، مالك، الموطأ، كتاب الجهاد، ح1004.</ref>فأين البشارة في هذا الحديث.


5- إن هذا الحديث يتعارض مع أخبار  رسول الله {{صل}} لعلي {{عليه السلام}} أنه قال: ( '''أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين''' ).<ref>الحاكم، المستدرك على الصحيحين، ح4674، ح4675.</ref>
5- إن هذا الحديث يتعارض مع أخبار  رسول الله {{صل}} لعلي {{عليه السلام}} أنه قال: ( '''أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين''' ).<ref>الحاكم، المستدرك على الصحيحين، ح4674، ح4675.</ref>
سطر ١٣٨: سطر ١٣٨:
وما روي في [[صحيح مسلم]] وأبي داوود والترمذي وغيرها عن عليّ {{عليه السلام}} أنّ النبيّ {{صل}} قال له: "لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".<ref>صحيح مسلم، ج1، ص61، سنن أبي داوود، ج 8، ص117، سنن الترمذي، ج5 ، ج306، مسند أحمد، ج1، ص95.</ref>  
وما روي في [[صحيح مسلم]] وأبي داوود والترمذي وغيرها عن عليّ {{عليه السلام}} أنّ النبيّ {{صل}} قال له: "لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".<ref>صحيح مسلم، ج1، ص61، سنن أبي داوود، ج 8، ص117، سنن الترمذي، ج5 ، ج306، مسند أحمد، ج1، ص95.</ref>  


*الخامس: إنه لو كان خبر المبشرة صحيحاً - كما زعموا - لوجد في كلام هؤلاء المبشّرة بالجنة ما يصرح أو يشير إلى تبشيرهم، أو لا أقل لم يشكّوا بالظفر بثواب الله عزّ وجلّ في حياتهم وعند احتضارهم، لثقتهم بخبر الرسول {{صل}}، لكن نجد من سيرة هؤلاء [[الصحابة]] المبشرة - ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان - ما يخالف ذلك تماما، والشواهد على وقوع الجزع والفزع من أبي بكر وعمر في حياتهما وعند احتضارهما كثيرة، ومن جملتها:
*الخامس- إنه لو كان خبر المبشرة صحيحاً - كما زعموا - لوجد في كلام هؤلاء المبشّرة بالجنة ما يصرح أو يشير إلى تبشيرهم، أو لا أقل لم يشكّوا بالظفر بثواب الله عزّ وجلّ في حياتهم وعند احتضارهم، لثقتهم بخبر الرسول {{صل}}، لكن نجد من سيرة هؤلاء [[الصحابة]] المبشرة - ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان - ما يخالف ذلك تماما، والشواهد على وقوع الجزع والفزع من أبي بكر وعمر في حياتهما وعند احتضارهما كثيرة، ومن جملتها:


ما رواه [[المتقي الهندي]] في منتخب كنز العمال،<ref>المتقي الهندي، منتخب كنز العمال، ص361</ref> بهامش الجزء الرابع من مسند أحمد بن حنبل، وكذلك السيوطي في تاريخه،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص41</ref>والطبري في الرياض النضرة،<ref>الطبري، الرياض النضرة، ج1، ص134</ref> عن أبي بكر أنه نظر إلى طائر على شجرة. فقال: (طوبى لك يا طائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك، ولوددتُ إني شجرة على جانب الطريق مر عليّ جمل فأكلني وأخرجني في بعرة ولم أكن من البشر)، وهذا [[ابن تيمية]] ينقل في منهاجه ويروي  [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] أنه قال: (ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت تبنة في لبنة).<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج3، ص120.</ref>
ما رواه [[المتقي الهندي]] في منتخب كنز العمال،<ref>المتقي الهندي، منتخب كنز العمال، ص361</ref> بهامش الجزء الرابع من مسند أحمد بن حنبل، وكذلك السيوطي في تاريخه،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص41</ref>والطبري في الرياض النضرة،<ref>الطبري، الرياض النضرة، ج1، ص134</ref> عن أبي بكر أنه نظر إلى طائر على شجرة. فقال: (طوبى لك يا طائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك، ولوددتُ إني شجرة على جانب الطريق مر عليّ جمل فأكلني وأخرجني في بعرة ولم أكن من البشر)، وهذا [[ابن تيمية]] ينقل في منهاجه ويروي  [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] أنه قال: (ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت تبنة في لبنة).<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج3، ص120.</ref>


أمّا الخليفة [[عمر بن الخطاب]] فقد حكى عنه أبو نعيم في حلية الأولياء وابن تيمية في منهاجه، أن عمر قال: (يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت كأسمن ما يكون زارهم بعض من يحبون فذبحوني لهم فجعلوا بعضي شواء وبعضه قديدا، ثم أكلوني ولم أكن بشرا).<ref>البيهقي، شعب الإيمان، الخوف من الله تعالى، ج2، ص227 ؛ أبو نعيم، حلية الأولياء، ج1، ص52. بلفظ مقارب. </ref>وقد اعترف [[ابن تيمية]] في منهاجه بصحة نسبة ذلك إليه.<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج3، ص131 ـ 132></ref>
أمّا الخليفة [[عمر بن الخطاب]] فقد حكى عنه أبو نعيم في حلية الأولياء [[ابن تيمية|وابن تيمية]] في منهاجه، أن عمر قال: (يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت كأسمن ما يكون زارهم بعض من يحبون فذبحوني لهم فجعلوا بعضي شواء وبعضه قديدا، ثم أكلوني ولم أكن بشرا).<ref>البيهقي، شعب الإيمان، الخوف من الله تعالى، ج2، ص227 ؛ أبو نعيم، حلية الأولياء، ج1، ص52. بلفظ مقارب. </ref>وقد اعترف ابن تيمية في منهاجه بصحة نسبة ذلك إليه.<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج3، ص131 ـ 132></ref>


وروي عن [[عبد الله ابن عامر بن ربيعة]] قوله: رأيت عمر  أخذ تبنة من حائط، فقال: "يا ليتني كنت هذه التبنة يا ليتني لم أخلق، يا ليت أمي لم تلدني، لم أك شيئا، يا ليتني كنت نسيا منسيا".<ref>ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد، المتمنين، تحقيق: محمد خير رمضان يوسف، ص26. </ref>
وروي عن [[عبد الله ابن عامر بن ربيعة]] قوله: رأيت عمر  أخذ تبنة من حائط، فقال: "يا ليتني كنت هذه التبنة يا ليتني لم أخلق، يا ليت أمي لم تلدني، لم أك شيئا، يا ليتني كنت نسيا منسيا".<ref>ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد، المتمنين، تحقيق: محمد خير رمضان يوسف، ص26. </ref>
سطر ١٥٠: سطر ١٥٠:
فهل يقول هذا الكلام من له علم بحديث البشارة بالجنة؟ وهذه التمنيات من هؤلاء الصحابة صريحة في بطلان حديث البشارة لهم بالجنة، قال عز من قائل: (ألا أن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ...).<ref>سورة يونس، الآية (62).</ref>
فهل يقول هذا الكلام من له علم بحديث البشارة بالجنة؟ وهذه التمنيات من هؤلاء الصحابة صريحة في بطلان حديث البشارة لهم بالجنة، قال عز من قائل: (ألا أن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ...).<ref>سورة يونس، الآية (62).</ref>


* السادس: إن حديث العشرة المبشرة بالجنة لا ينسجم حتى مع عقيدة القائلين به، والقائلة بعدالة كل الصحابة لجملة من الأحاديث من قبيل حديث: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم أهتديتم).
* السادس: إن حديث العشرة المبشرة بالجنة لا ينسجم حتى مع عقيدة القائلين به، والقائلة [[عدالة الصحابة|بعدالة كل الصحابة]] لجملة من الأحاديث من قبيل حديث: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم أهتديتم).<ref>ابن عبد البر ، جامع بيان العلم وفضله، ص895.</ref>


فاذا كان كل [[الصحابة]] عدول بزعمهم فلابد من دخولهم الجنة جميعا باعتبارهم عدول، فلماذا خصت الجنة في الحديث بعشرة منهم فقط ذكروا في وقت واحد وفي حديث واحد، وما الهدف من جمعهم فيه، أليس جميع الصحابة عدول على حد زعمهم وبالجنة؟
فاذا كان كل [[الصحابة]] عدول بزعمهم فلابد من دخولهم الجنة جميعا باعتبارهم عدول، فلماذا خصت الجنة في الحديث بعشرة منهم فقط ذكروا في وقت واحد وفي حديث واحد، وما الهدف من جمعهم فيه، أليس جميع الصحابة عدول على حد زعمهم وبالجنة؟


فمسألة العدالة لكل الصحابة تتنافى وتسقط حديث العشرة المبشرين بالجنة والنتيجة أن كلا الأمرين باطل بالضرورة.
فمسألة [[عدالة الصحابة|العدالة]] لكل الصحابة تتنافى وتسقط حديث العشرة المبشرين بالجنة والنتيجة أن كلا الأمرين باطل بالضرورة.


* السابع: لماذا خصَّ دخول الجنة بهؤلاء العشرة فقط وهنالك من الصحابة من هو أعلى مكانة وأشد بلاء وسابقة في [[الإسلام]] من سعيد وسعد وعبد الرحمن وطلحه وغيرهم وعلى رأس هؤلاء [[عمار بن ياسر]] [[أبوذر الغفاري|وأبو ذر الغفاري]] [[المقداد بن الأسود|والمقداد]] [[سلمان الفارسي|وسلمان]] [[حذيفة بن اليمان|وحذيفة بن اليمان]] [[بلال بن رباح الحبشي|وبلال الحبشي]] [[الخباب بن الأرت|وذي الشهادتين]].
* السابع: لماذا خصَّ دخول الجنة بهؤلاء العشرة فقط وهنالك من الصحابة من هو أعلى مكانة وأشد بلاء وسابقة في [[الإسلام]] من سعيد وسعد وعبد الرحمن وطلحه وغيرهم وعلى رأس هؤلاء [[عمار بن ياسر]] [[أبوذر الغفاري|وأبو ذر الغفاري]] [[المقداد بن الأسود|والمقداد]] [[سلمان الفارسي|وسلمان]] [[حذيفة بن اليمان|وحذيفة بن اليمان]] [[بلال بن رباح الحبشي|وبلال الحبشي]] [[الخباب بن الأرت|وذي الشهادتين]].
سطر ١٦٢: سطر ١٦٢:
إن سيرة هؤلاء العشرة - إن كانوا عشرة - لا توجب لهم هذا الفضل.  
إن سيرة هؤلاء العشرة - إن كانوا عشرة - لا توجب لهم هذا الفضل.  


ومن الواضح أن العقل لا يقبل تخصيص العشرة بهؤلاء فقط وإخراج باقي أجلاء [[الصحابة]] من [[الانصار|أنصار]] [[المهاجرون|ومهاجرين]]. ولماذا كل هؤلاء العشرة من [[قريش]] ومن المهاجرين ولا يوجد أنصاري واحد ولا غيره فيهم؟!  
ومن الواضح أن العقل لا يقبل تخصيص العشرة بهؤلاء فقط وإخراج باقي أجلاء [[الصحابة]] من [[الانصار|أنصار]] [[المهاجرون|ومهاجرين]]. ولماذا كل هؤلاء العشرة من [[قريش]] ومن [[المهاجرون|المهاجرين]] ولا يوجد [[الأنصار|أنصاري]] واحد ولا غيره فيهم؟!  


*الثامن: أن رواية العشرة المبشّرة لم تتوقف عند العشرة، بل تعدت في بعض أسانيدها إلى أحد عشر، فقد ذكر المحب الطبري - في الرياض النضرة - فصلا في وصف كل واحد من العشرة بصفة حميدة، وروى عن [[ابن عباس| ابن عباس]] (رضي الله عنهما) [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|عن رسول الله]]: "... ولكل نبي صاحب سر، وصاحب سري: معاوية بن أبي سفيان، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك ".<ref>المحب الطبري، أحمد بن عبد الله، الرياض النضرة في مناقب العشرة، ص17.</ref>
*الثامن: أن رواية العشرة المبشّرة لم تتوقف عند العشرة، بل تعدت في بعض أسانيدها إلى أحد عشر، فقد ذكر المحب الطبري - في الرياض النضرة - فصلا في وصف كل واحد من العشرة بصفة حميدة، وروى عن [[ابن عباس| ابن عباس]] (رضي الله عنهما) [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|عن رسول الله]]: "... ولكل نبي صاحب سر، وصاحب سري: معاوية بن أبي سفيان، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك ".<ref>المحب الطبري، أحمد بن عبد الله، الرياض النضرة في مناقب العشرة، ص17.</ref>
مستخدم مجهول