سلمان بن مضارب البجلي

من ويكي شيعة
(بالتحويل من سلمان بن مضارب)
سلمان بن مضارب البجلي
شباك ضريح شهداء كربلاء
شباك ضريح شهداء كربلاء
دفنكربلاء - حرم الإمام الحسين (ع)
إقامةالكوفة
سبب شهرةمن شهداء كربلاء


سلمان بن مضارب البجلي، هو ابن عم زهير بن القين، وملازمه حين التقى بالحسين (ع) في منزل زَرُود.

الکلام في متابعته لابن عمه الذي تخلّى عن انتمائاته العثمانية في كربلاء، وآثر الوقوف بجنب الإمام، على طرفي نقيض. ورد استشهاده في كثير من المصادر التي علّقوا عليها أنها متأخرة. على أنّ بعض المصادر المتقدّمة نفت التحاق أحد من ملازمي زهير بالحسين (ع) نفياً باتّاً ونظر إلى استشهاده البعض الآخر نظرةً تميل إلى الارتياب، مِمّا قد يبعث على التردد في ميل من اصطحب زهيراً من أقربائه إلى متابعة قراره المفاجئ فی الإنضواء تحت راية آل علي (ع) أساساً وهم عثمانيّوا الهوى، ليسود بذلك على مصيرهم الغموض. ففي حين كثُرت أخبار زهير ومآثره ومواقفه العزيزة من أهل البيت في عاشوراء ومثابرته في الوعظ والنضال، لم يرد للمترجَم له فيها خبر إلا القتال بعد صلاة الظهر (والاستئذان) الذي خلت منه المصادر الأولى، والاستشهاد الذي لا يفي به أي من زيارتي الناحية المقدسة والرجبية.

اسمه ونسبته

هو سلمان بن مضارب بن قيس الأنماري البجلي.[١] ورد اسمه في بعض المصادر المتأخرة على هيئة سليمان.[٢] والأنماري نسبة إلى أنمار بن أراش بن كهلان القحطائي اليمني. والبجلي نسبة إلى بجلية من أبناء أنمار من عرب الجنوب.[٣]

نسبته مع زهير بن القين

قال أهل السيَر أنّ سلمان بن مضارب كان ابن عم زهير بن القين،[٤] فأبوه مضارب هو أخو القين، وهما ابنان لقيس البجلي.[٥]

كان سلمان من قاطني الكوفة،[٦] قد حجّ مع ابن عمّه سنة 60 للهجرة، ورجع معه[٧] حتى التقوا بالحسين (ع) في منزل زَرود،[٨] أو بالماء فوق زرود.[٩]

سيرته

تدلّ المؤشرات على انتمائات سلمان العثمانية التي اشتدّت إبّان حكم معاوية؛ فهو ابن عم زهير بن القين الذي عُرِف عنه بكونه عثماني المذهب في بدء أمره،[١٠] ثم الملازم له في حجّه، بغض النظر عن الأقوال في تخلّفه عن قرار ابن عمه المباغِت في الانضمام إلى الحسين (ع).

اللقاء بالحسين (ع)

قالوا عن ركب زهير: كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة نساير الحسين، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل، - وفی بعض المصادر: لأن معه نسوانه -[١١] فإذا سار الحسين، تخلف زهير بن القين، وإذا نزل الحسين، تقدم زهير. حتى نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بُدّاً من أن ننازله فيه، فنزل الحسين في جانب، ونزلنا في جانب. فبينما نحن جلوس نتغدّى من طعام لنا، إذا أقبل رسول الحسين حتى سلّم، ثم دخل فقال: يا زهير بن القين، إنّ أبا عبد الله الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه. قال: فطرح كلّ إنسان ما في يده، حتى كأننا على رؤوسنا الطير.[١٢]

قراره

اختلف المؤرّخون في شأن سلمان بين مؤيِّد لابن عمه حين انضمّ إلى معسکر الحسين (ع) بعد ما خلی به الإمام، وبين متخلّف عنه، كما لم يتعرّض لاسمه ولا لخبره فئة ثالثة منها الطبري،[١٣] والخوارزمي،[١٤] وابن طاووس.[١٥]

  • يقول محمد مهدي شمس الدين: «ذكره الخوارزمي وقال عنه أنّه ابن عم زهير بن القين، وذكر أنه مال إلى معسكر الحسين مع ابن عمه زهير قُبيل الوصول إلى كربلاء.»[١٦]

غير أنّه لا ذکر لهذه العبارة في مقتل الخوارزمي.[١٧]

النافون

  • يقول أبو حنيفة الدينوري - وهو من أعلام القرن الثالث - في قصة زهير: فقام (زهير) يمشي إلى الحسين (ع)، فلم يلبث أن انصرف وقد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه فقُلِع، وضُرب إلى لزق فسطاط الحسين. ثم قال لامرأته: أنتِ طالق، فتقدّمى مع أخيك حتى تصِلي إلى منزلك، فإنى قد وطّنت نفسي على الموت مع الحسين (ع). ثم قال لمن كان معه من أصحابه: من أحبّ منكم الشهادة فليقم، ومن كرهها فليتقدم. فلم يقم معه منهم أحد، وخرجوا مع المرأة وأخيها حتى لحقوا بالكوفة.[١٨]

على أنّ في بعض الكتب كما في اللهوف وكتاب نفس المهموم[١٩]، أنّ زهیراً سلّمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها،[٢٠] من غير أن يتطرّقا إلى خبر سلمان ويذکرا اسمه في واقعة كربلاء.

المشككون

يلوح من تعليقات بعض علماء التاريخ والرجال بشأن التحاق سلمان بالحسين (ع)، تسرّب الشك في صحة انتساب هذا القول، حيث يظهر من المصادر أنها تعاني في شأنه نقصاً أو خللاً وأخطاء واضحة من ناحية التوثیق.

المؤيدون

ذكروا أن سلمان التحق بالحسين (ع) برفقة ابن عمه زهير، واستشهد قبله في الطف.

  • قال الفُضيل بن زبير بن عمر بن درهم الكوفي الأسدي: وقُتل من بجيلة: (١) زهير بن القين: قتله كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس. (٢) وابن عمّه: سلمان بن مضارب. [٢٤]
  • يقول السماوي: «كان سلمان ابن عمّ زهير لحاً... ولمّا مال (زهير) في الطريق مع الحسين عليه السلام وحمل ثقله إليه، مال (سلمان) معه في مضربه. قال صاحب الحدائق (المتوفي 652 للهجرة): إنّ سلمان قُتل فيمن قتل بعد صلاة الظهر، فكأنّه قُتل قبل زهير.»[٢٥]

على أن كلام صاحب الحدائق هذا لا وجود له في كتاب الحدائق الوردية، وكل ما هنالك، ليس هو إلا تكرار لما أدلى به الفضيل بن زبير الكوفي حرفياً، مع سقوط اسم زهير وبقاء اسم قاتليه! أي: «وقُتل من قيس بجيلة كثير بن عبد الله الشعبي، ومهاجر بن أوس، وابن عمّه سلمان بن مضارب.»[٢٦]

أما غير ذلک من الکتب المعاصرة التی تصرّح باستئذان سلمان في القتال، فيمکن ذکر کتاب كربلاء؛ الثورة والمأساة، إصدار سنة 1997 م. جاء فيه من غير استناد لکتاب خاصّ: قال سلمان بن مضارب البجلي ابن عم زهير بن القين: ائذن لي بالخروج يا ابن رسول الله، فأذن له الإمام فقاتل الجموع الزاحفة نحو الإمام حتى قُتل.[٣١] وفي النص المتداوَل من المقتل المقروء على لسان الشيخ عبد الزهراء الكعبي أحد أشهر خطباء المنبر الحسيني في القرن الماضي ما هذا نصّه: «وخرج سلمان بن مضارب البجلي، وکان ابن عم زهیر، فقاتَل.»[٣٢] ولم یذکر عن الاستشهاد شيئاً.

تتمة خبر زهير وصحبه

يُلاحَظ على الخبر الذي أورده كلٌّ من الطبري الذي لم يتطرّق إلى خبر سلمان بن مضارب، والدينوري الذي نفى مسايرة أحدٍ لزهير، وجود تتمة لافتة قد تكون ذات صلة بقرار سلمان الذي طالما ظلّ غامضاً.

يقول الطبري: ثم قال (زهير) لأصحابه من أحبّ منكم أن يتبَعني وإلا فإنه آخر العهد. إنى سأحدّثكم حديثاً: غزونا بَلَنجَر، ففتح الله علينا، وأصبنا غنائم. فقال لنا سلمان الباهلي - وفي بعض المصادر سلمان الفارسي -[٣٣] أفَرِحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من المغانم؟ فقلنا نعم. فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمد، فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم بما أصبتم من الغنائم! فأما أنا (زهير) فإنى أستودعكم الله. قال ثم والله ما زال في أول القوم حتى قُتل.[٣٤]

أما في خبر الدينوري المتقدم، الاستغناء عن ذكر هذه التتمة واستبدالها بما قطع به من عدم مسايرة أحد من ركبه.

الهوامش

  1. السماوي، ج 1، ص 169
  2. كمونه الحسيني، ج 1، ص234.
  3. شمس الدين، ص 118
  4. انظر: الكوفي، ج 1، ص 29؛ المقرّم، ج 1، ص 247؛ المامقاني، ج 32، ص 263 و ...
  5. السماوي، ج 1، ص 169
  6. قال الدینوري: وكان (زهیر) حاجّاً أقبل من مكة يريد الكوفة. انظر: الدينَوري، ج 1، ص 247.
  7. السماوي، ج 1، ص 169
  8. الدينَوري، ج 1، ص 247
  9. الطبري، ج 4، ص 298
  10. انظر: البلاذري، ج 2، ص 378 - 379 والطبري، ج 3، ص 314.
  11. انظر الملهوف، ص 132
  12. الطبري، ج 4، ص 298
  13. الطبري، ج 4، ص 298 - 299
  14. الخوارزمي، ج 1، ص 20 - 23
  15. ابن طاووس، ج 1، ص 44 - 45
  16. شمس الدين، ج 1، ص 118
  17. انظر الخوارزمي، ج 1، ص 20 - 23
  18. الدينَوري، ج 1، ص 247
  19. نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم، تأليف الشيخ عباس القمي
  20. ابن طاووس، ج 1، ص 44
  21. الشوشتري، ج 5، ص 208
  22. انظر: شمس الدين، ج 1، ص 118
  23. الأمين، ج 7، ص 288
  24. الكوفي، ج 1، ص 29
  25. السماوي، ج 1، ص 169
  26. الكوفي، ص 211
  27. الخوئي، ج 9، ص 193.
  28. النمازي، ج 4، ص 105.
  29. المامقاني، ج 32، ص 263.
  30. الطبسي، ج 1، ص 290- 291
  31. یعقوب، ص 323.
  32. http://ar.nasimonline.ir/NSite/FullStory/News/?Id=520277
  33. انظر: الخوارزمي،ج 1، ص 323
  34. الطبري، ج 4، ص 299 ونقله الخوارزمي في مقتله مع اختلاف یسیر، ج1، ص 323 وکذلک الشيخ المفيد في الإرشاد.

المصادر والمراجع

  • ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف، مکتبة الفقاهة.
  • ابن طاووس، الملهوف على قتلى الطفوف، تحقيق الشيخ فارس تبريزيان (الحسّون)، دار الأسوة للطباعة والنشر التابعة لمنظمة الأوقاف والشؤون الخيرية، بلا تا.
  • الأمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، تحقيق السيد حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات.
  • الحائري الحسيني الشيرازي‌، السيد عبد المجيد، ذخيرة الدارين فيما يتعلق بمصائب الحسين عليه‌السلام، تحقيق الشيخ باقر دُرْياب النجفي، قم، معاونية دراسات جمعية التاريخ الاسلامى‌، 1422 ه ق.
  • الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث وطبقاة الرواة، مؤسسة الخوئي الإسلامية.
  • الدينوري، أبو حنيفة أحمد بن داود، الأخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر، مراجعة: الدكتور جمال الدين الشيال، القاهرة، دار إحياء الكتب العربي - عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط 1، 1960 م
  • السماوي، محمد بن طاهر، إبصارالعين في أنصار الحسين، جامعة الشهيد محلاتي، قم، ط 1، 1419 هـ.
  • شمس الدين، محمد مهدي، أنصار الحسين: دراسة عن شهداء ثورة الحسين، الرجال والدلالات، الدار الإسلامية ، ط 1، 1401 ه‌ / 1981 م.
  • الشوشتري (التستري)، محمدتقي، قاموس الرجال، قم، موسسة النشر الإسلامي، ط 2، 1410 ه.
  • الطبسي، نجم الدين، مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة، قم، مركز الدراسات الإسلامية، 1413 ه.
  • القمي، الشيخ عباس، نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم، تقديم السيد أحمد الحسيني، بيروت، دار المحجة البیضاء - دار الرسول الأكرم، بلا تا.
  • كمونه الحسيني، عبد الرزاق، مشاهد العترة الطاهرة وأعيان الصحابة والتابعين، بيروت، مؤسسة البلاغ، ترجمه إلی الفارسیة عبدالعلي صاحبي تحت عنوان: آرامگاه ‌هاى خاندان پاك، مشهد، بنیاد پژوهشهای اسلامی آستان قدس رضوی، 1389 ش.
  • الكوفي الأسدي، الفُضيل بن زبير بن عمر بن درهم، تسمية مَنْ قُتل مع الحسين عليه‌السلام من ولده وإخوته وأهل بيته وشيعته، تحقيق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي، قم 1٤0٥ هـ
  • المامقاني، عبدالله، تنقيح المقال في علم الرجال، تحقيق محمدرضا المامقاني، قم ، موسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، بلا تا.
  • المحلي، حميد بن أحمد، الحدائق الوردية، تحقيق مرتضي بن زيد المحطوي الحسني، صنعاء، مكتبة مركز بدر العلمي والثقافي، ۱۴۲۳ ه.
  • الموسوي المقرّم، السيد عبد الرزاق، مقتل الحسين عليه السلام، نسخة غير مصححة، مؤسسة البعثة، بلا تا.
  • الموسوي الزنجاني، السيد إبراهيم، وسيلة الدارين في أنصار الحسين، بيروت، موسسة الأعلمي للمطبوعات، 1403 ه/ 1982 م.
  • النمازي الشاهرودي، علي، مستدركات علم رجال الحديث، قم، موسسة النشر الإسلامي ، 1413 ه.
  • يعقوب، أحمد حسين، كربلاء؛ الثورة والمأساة، بیروت، مركز الغدير للدراسات الإسلامية ط 1، 1418 ه‍ / 1997 م.