انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «شهادة السيدة فاطمة (ع)»

من ويكي شيعة
imported>Ahmadnazem
imported>Ahmadnazem
سطر ٨٧: سطر ٨٧:
=== تسمية أولاد أهل البيت باسم الخلفاء ===
=== تسمية أولاد أهل البيت باسم الخلفاء ===


وهناك جماعة من أهل السنة يؤكدون أن الإمام علي (ع) سمّى بعض أولاده باسم الخلفاء؛ ولذا كان يحبهم، وهذا لا يتلائم مع ما يدعى من استشهاد السيدة الزهراء (ع)، وقد ورد هذه المعلومات في كراسة باسم "أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق".
وهناك جماعة من أهل السنة يؤكدون أن الإمام علي (ع) سمّى بعض أولاده باسم [[الخلفاء الثلاث|الخلفاء]]؛ ولذا كان يحبهم، وهذا لا يتلائم مع ما يدعى من استشهاد السيدة الزهراء (ع)، وقد ورد هذه المعلومات في كراسة باسم "أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق".


وقدّم السيد علي الشهرستاني (ولادة 1337 ش) في كتاب باسم "التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي" دراسة مفصلة عن التسمية في صدر الإسلام والقرون اللاحقة، وبعد ذكر 29 نقطة أساسية يستنتج أن مثل هذه التسميات لم تكشف عن العلاقة الحسنة بين الأشخاص، كما أن عدم التسمية أيضا لم تكشف عن العداوة؛ إذ أن هذه الأسماء كانت رائجة قبل الخلفاء وبعدهم. ومن جهة أخرى وبناء على رواية ورد عن الخليفة الثاني أن الإمام علي (ع) اعتبره كاذبا وخائنا، أو أن أبا بكر أساسا لم يكن اسما لشخص خاص، بل كنية يكنى بها، ولم يسمي شخص ابنه بالكنية، فالكنية شيئ والاسم شيء آخر.
وقدّم السيد علي الشهرستاني (ولادة 1337 ش) في كتاب باسم "التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي" دراسة مفصلة عن التسمية في صدر الإسلام والقرون اللاحقة، وبعد ذكر 29 نقطة أساسية استنتج أن مثل هذه التسميات لا تكشف عن العلاقة الحسنة بين الأشخاص، كما أن عدم التسمية أيضا لا تكشف عن العداوة؛ إذ أن هذه الأسماء كانت رائجة قبل الخلفاء وبعدهم. ومن جهة أخرى وبناء على رواية وردت عن [[الخليفة الثاني]] أن الإمام علي (ع) اعتبره كاذبا وخائنا، أو أن أبا بكر أساسا لم يكن اسما لشخص خاص، بل كنية يكنّى بها، ولم يسمّي شخص ابنه بالكنية، فالكنية شيئ والاسم شيء آخر.


ويعتقد العالم الشهير السني ابن تيمية الحراني (وفاة 728 هـ) أن التسمية باسم أحد لا يدل على محبته، كما أن النبي (ص) والصحابة كانوا يستخدمون أسماء الكفار للتسمية، ويقول السيد علي الشهرستان أن هناك رسالتين أخريين كتبتا حول تسمية أولاد الأئمة باسم الخلفاء إحداها للوحيد البهبهاني (وفاة 1205 هـ)، والأخرى للتنكابني (وفاة 1302 هـ) مؤلف كتاب قصص العلماء.
ويعتقد العالم السني الشهير [[ابن تيمية الحراني]] (وفاة 728 هـ) أن التسمية باسم أحد لا يدل على محبته، كما أن [[النبي (ص)]] و[[الصحابة]] كانوا يستخدمون أسماء الكفار للتسمية، ويقول السيد علي الشهرستاني أن هناك رسالتين أخريين كتبتا حول تسمية أولاد الأئمة باسم الخلفاء إحداها [[الوحيد البهبهاني|للوحيد البهبهاني]] (وفاة 1205 هـ)، والأخرى [[محمد بن سليمان التنكابني|للتنكابني]] (وفاة 1302 هـ) مؤلف كتاب قصص العلماء.


==الهوامش==
==الهوامش==

مراجعة ١٢:٤٨، ٣ يناير ٢٠٢٢

مقطع من زيارة السيدة فاطمة (ع) حيث ورد السلام عليها بالشهيدة

شهادة السيدة فاطمة (ع) من المعتقدات المعروفة والقديمة عند الشيعة، وبناء عليه فإن السيدة فاطمة بنت النبي (ص) لم تمت موتا طبيعيا بل استشهدت على أثر ما أصابها من قبل بعض صحابة النبي (ص). ويذهب أهل السنة أنها ماتت لما اعتراها من أحزان بفقد أبيها (ص)؛ لكن الشيعة يرون أن السبب الرئيسي في شهادتها هو عمر بن الخطاب، ويقيمون العزاء لها في الأيام الفاطمية، وقد ورد أيضا أن المحسن جنين فاطمة سقط إثر تلك الأحداث التي جرت عليها.

وتستند الشيعة لاستشهاد السيدة الزهراء (ع) إلى روايات، منها: رواية عن الإمام الكاظم (ع) التي ورد فيها أن السيدة فاطمة (ع) صديقة شهيدة، وقد أورد المتكلم الشيعي محمد بن جرير الطبري في كتاب دلائل الإمامة رواية عن الإمام الصادق (ع) أنها استشهدت بسبب سقط جنيها إثر ما أصابها من الضرب.

وأشارت المصادر الشيعية والسنية على تفاصيل الأحداث التي انتهت بشهادة السيدة فاطمة (ع)، ومنها: الهجوم على بيت فاطمة والإمام علي (ع)، وسقط الجنين، ولطمها وضربها. وأقدم مصدر تستند الشيعة عليه في هذا الخصوص هو كتاب سُليم بن قيس الهلالي الذي كتب في القرن الأول للهجرة، كما أن كتاب "الهجوم على بيت فاطمة" ورد فيه روايات عن 84 راوي من أهل السنة في هذا المجال.

وقد أثيرت شبهات حول شهادة السيدة الزهراء عليها السلام وأجيب عليها، وفي الرد على أن بيوت المدينة آنذاك ليس فيها أبواب رَدّ وأثبت الباحث الإسلامي الشيعي السيد جعفر مرتضى العاملي (وفاة 1441 هـ) عليها بروايات موثقة أنّ لبيوت المدينة أبوابا، وفي الإجابة على عدم دفاع الإمام علي (ع) وآخرين حين هجوم القوم على فاطمة (ع)، قالوا أنه (ع) كان مأموراً بالسكوت بوصية من النبي (ص) فضلا أن هناك مصالح للمسلمين، وعليه صبر ولزم السكوت، كما أنّه حسب ما ورد في كتاب سليم، إن عمر بعد ما ارتكب من أفعال بادر إليه الإمام علي (ع) وضرب به الأرض، لكن استعان عمر بجماعته فمنعوا الإمام علي (ع). وقد يؤكد أهل السنة على بعض المناسبات الإيجابية بين الإمام علي (ع) والسيدة الزهراء (ع) وبين الخلفاء الثلاثة، وذلك للرد على أنها ماتت شهيدة، لكن يذهب الشيعة أنّ زواج أم كلثوم بنت الإمام علي (ع) من الخليفة الثاني كان عن إكراه، وهي لا تعكس العلاقة الحسنة بين الإمام علي (ع) والخلفاء.

أهمية القضية

المراد من استشهاد فاطمة الزهراء (ع) هو أنّ وفاة فاطمة بنت نبي الإسلام (ص) لم تأتي بالموت الطبيعي، بل بما أصابها من الضرب واللطم على يد بعض صحابة النبي (ص). إن قضية شهادة أو وفاة فاطمة بالموت الطبيعي من الأمور الخلافية بين الشيعة وأهل السنة، فإن الشيعة وإن كان بينهم خلاف حول الأحداث التي وقعت بعد وفاة النبي (ص)، لكن معظمهم يعتقدون أن فاطمة الزهراء مضت شهيدة، الأمر الذي جاء إثر ما أصابها من كسر الضلع وسقط جنينها. وفي قبال ذلك، يذهب أهل السنة بأنها توفيت بالموت الطبيعي أو على أثر المرض وما أصابها من الغم والهمّ لـوفاة النبي الأكرم (ص).

إن للشيعة موسم عزاء باسم الأيام الفاطمية، وذلك لإقامة العزاء على شهادة السيدة الزهراء (ع)، وبهذه المناسبة، يعد في إيران يوم 3 من جمادى الآخرة وهو القول المشهور ليوم استشهاد فاطمة عطلة رسمية، حيث تقيم الهيئات ومواكب العزاء في الشوارع، وبما أن الشيعة تعتقد بأن السبب الرئيسي في استشهاد فاطمة (ع) هو عمر بن الخطاب، ففي أكثر المجالس التي تنعقد للعزاء بهذه المناسبة يلقون كلمات فيها ذمه، وهناك من يلعنه أيضا، الأمر الذي يعتبر إحدى الأرضيات في بث الخلاف بين الشيعة وأهل السنة، وبلغت هذه القضية درجة جعلت الشيعة يفرحون بيوم 9 ربيع الأول وهو على رواية يوم مقتل عمر بن الخطاب، ويعدونه عيدا لهم تحت عنوان عيد الزهراء (ع).

التاريخ

شهادة السيدة فاطمة (ع)
الاسمفاطمة
الكنيةأم أبيها - أم الحسن - أم الحسين
تاريخ الميلاد20 جمادى الآخرة من السنة الخامسة للبعثة
تاريخ الوفاة3 جمادى الآخرة سنة 11 للهجرة
مكان الميلادمكة
مكان الدفنغير معلوم
مدة حياته18 سنة
الألقابالزهراء، الصديقة، الكوثر، المرضية، الراضية، سيدة نساء العالمين، البتول،
الأبالرسول الأعظم(ص)
الأمخديجة بنت خويلد
الزوجالإمام علي(ع)
الأولادالحسن، الحسين، زينب، أم كلثوم، المحسن


إن الخلاف حول موضوع شهادة السيدة فاطمة عليها السلام أو موتها الطبيعي خلاف طويل يعود على قرون متمادية، فبناء على قول بعض الباحثين ورد في كتاب "التحريش" لضرار بن عمرو والذي ألف في القرن الثاني للهجرة، أن الشيعة تعتقد بأن فاطمة توفيت على أثر ما ضربها عمر بن الخطاب. وفي خبر آخر أن عبد الله بن يزيد الفزاري وهو من متكلمي القرن الثاني للهجرة أشار في كتاب "الردود" إلى أن الشيعة تعتقد بأن فاطمة أسقطت جنينها بسبب ما أصابها من الضرب والإيذاء من قبل بعض الصحابة. وقال محمد حسين كاشف الغطاء (وفاة 1373 هـ) أن شعراء الشيعة في القرن الثاني والثالث أمثال الكميت الأسدي، والسيد الحميري، ودعبل الخزاعي وغيرهم أوردوا في أشعارهم وقصائدهم ما أصاب فاطمة عليها السلام من الظلم والاضطهاد.

وذكر عبد الكريم الشهرستاني (وفاة 548 هـ) وهو باحث سني في الفرق الإسلامية، أن إبراهيم بن السيار الشهير بالنَظّام المعتزلي (وفاة 221 هـ) كان يذهب أن فاطمة أسقطت جنينها إثر ما أصابها من ضرب عمر بن الخطاب، وحسب ما أورده الشهرستاني فإن ما ذهب إليه النظام المعتزلي جعلته أن يبتعد عن أقرانه. وأشار القاضي عبد الجبار المعتزلي (وفاة 415 هـ) في كتاب "تثبيت دلائل النبوة" إلى ما تعتقده الشيعة حول ما تلقته فاطمة من الضرب واللطم وإسقاط الجنين، كما ذكر أسماء بعض علماء الشيعة المعاصرين له في مصر وبغداد وبعض مناطق الشام، ويقول بأنهم يقيمون العزاء لفاطمة وابنها المحسن. وبالنسبة إلى كتب أهل السنة فإنها تعتبر من يعتقد بشهادة السيدة الزهراء (ع) رافضيا.

جذور الخلاف

يعود أساس الخلاف في قضية شهادة فاطمة إلى أنّ فاطمة توفيت بعد فترة قصيرة من رحيل النبي (ص) وأثناء النزاعات على خلافة النبي، فبعد أن بايع جماعة من المهاجرين والأنصار أبا بكر في سقيفة بني ساعدة، امتنع جماعة أخرى من الصحابة عن مبايعة أبي بكر، وذلك بناء على وصية النبي بالخلافة لعلي بن أبي طالب، وعليه أمر أبو بكر عمرَ بن الخطاب وجماعة أخرى أن يتوجهوا إلى بيت علي (ع) لأخذ البيعة منه، فهدّد عمر بإحراق البيت على من فيها إذا لم تتم البيعة. وفي هذه الفترة واحتجاجا على مصادرة فدك من قبل عمّال أبي بكر، التقت فاطمة بأبي بكر وطالبت منه إرجاع فدك، وبعد امتناع جهاز الخلافة من إرجاع فدك ألقت خطبة احتجاجية في مسجد النبي.

وتتفق أغلب المصادر الشيعية أن المحسن وهو جنين فاطمة أُسقط إثر الهجوم على البيت، وهناك بعض مصادر أهل السنة تذهب أنه وُلد حيا، ثم مات طفلا، وعلى رغم ذلك، فقد أشار شارح نهج البلاغة ابن أبي الحديد المعتزلي (وفاة 656 هـ) في مناظرة مع أستاذه أبي جعفر النقيب إلى أن المحسن أُسقط في أحداث أخذ البيعة من علي (ع)، كما ينسب هذا الرأي إلى إبراهيم بن السيار الشهير بالنَظّام المعتزلي (وفاة 221 هـ).

,بناء على روايات متعددة أن فاطمة دفنت ليلا، وأورد الباحث الإسلامي في التاريخ في القرن الخامس عشر للهجرة يوسفي الغروي أن فاطمة هي التي أوصت بأن تُدفن ليلا؛ إذ ورد في عدة روايات أن فاطمة كرهت أن يحضر تشييع جنازتها ودفنها من ظلمها.

مصادر الشيعة لإثبات الشهادة ودلائلهم

وتستند الشيعة لاستشهاد السيدة الزهراء (ع) على روايات، منها: رواية عن الإمام الكاظم (ع) ورد فيها أن السيدة فاطمة (ع) صدّيقة شهيدة، وقد أورد المتكلم الإمامي محمد بن جرير الطبري في كتاب دلائل الإمامة رواية عن الإمام الصادق (ع) أنها استشهدت بسبب إسقاط جنيها بسب ما أصابها من الضرب، وبناء على هذه الرواية أن قنفذ وهو عبد لعمر بن الخطاب ضربها بأمر عمر، وعلى رواية أخرى وردت في نهج البلاغة تحدث الإمام علي (ع) عن تضافر الأمّة على هضم فاطمة.

ويعدّ المرجع الديني في القرن الخامس عشر الميرزا جواد التبريزي ما قاله الإمام علي (ع) حين دفن فاطمة (ع)، ورواية الإمام الكاظم (ع)، ورواية الإمام الصادق (ع) في دلائل الإمامة، واختفاء قبر فاطمة (ع)، ووصيتها بأن تُدفن ليلاً من الدلائل لإثبات شهادتها.

مصادر الشيعة

وقد ورد في كتاب الهجوم تأليف عبد الزهراء مهدي في القرن الخامس عشر 260 رواية وخبر تاريخي عن طريق 150 روايا ومؤلفا شيعيا، حيث تتحدث كل واحدة منها عن قسم من أسباب شهادة فاطمة الزهراء، مثل الهجوم على بيت فاطمة، وإسقاط جنينها، ولطمها وضربها. كما أن أقدم مصدر استند عليه كتّاب الشيعة ومؤلفيها في هذا المجال هو كتاب سليم بن قيس المتوفى سنة 90 للهجرة، وبناء على ما أورده الشيخ الطوسي (وفاة 460 هـ) في كتاب تلخيص الشافي، ليس هناك أي خلاف بين الشيعة أن عمر ضرب بطن فاطمة فأسقطت بذلك جنينها، وقد ورد روايات كثيرة عن الشيعة في هذا الخصوص.

استناد الشيعة إلى مصادر أهل السنة

تستند الشيعة لإثبات بعض الأحداث التي تنتهي إلى استشهاد فاطمة الزهراء (ع) إلى مصادر عديدة من الكتب الحديثية والتاريخية وحتى الفقهية لأهل السنة، على سبيل المثال: سعى كتاب الهجوم على بيت فاطمة من خلال ذكر 84 راويا ومؤلفا أن يجمع الأخبار الواردة في كتب أهل السنة حول الهجوم على بيت فاطمة، ويعد كتاب المغازي تأليف موسى بن عقبة (وفاة 141 هـ) أقدم مصدر في هذا المجال.

وقد جمع حسين غيب غلامي (ولادة 1338 ش) في كتاب إحراق بيت فاطمة في الكتب المعتبرة عند أهل السنة أكثر من 20 رواية من كتب ورواة أهل السنة، وكانت أول رواية له نقلها عن كتاب المصنف لابن أبي شيبة (وفاة 235 هـ)، وآخر رواية وردت في الكتاب نقلها عن كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (وفاة 977 هـ)، وقد سعت مثل هذ المصادر أن تذكر قضية أخذ البيعة من الإمام علي وتهديده بحرق بيته في يوم البيعة بشتى العبارات ومن مختلف الرواة.

بعض التسائلات حول الواقعة

حاول بعض الباحثين والكتّاب أن يشوّهوا صحة الروايات الواردة حول إحراق بيت الإمام علي وفاطمة (ع)، وذلك بتوجيههم اشكالات وتسائلات تاريخية في هذا الشأن، منها: إنّ بيوت المدينة آنذاك ليست فيها أبواب، أو عدم حماية علي (ع) وآخرين عن فاطمة (ع) عند الهجوم، أو يشككوا في إسقاط جنين فاطمة الزهراء، وقد أجاب الباحثون والمؤرخون، منهم السيد جعفر مرتضى العاملي (وفاة 1441 هـ) على هذه الإشكالات والتسائلات والشبهات.


هل كانت بيوت المدينة آنذاك دون أبواب؟

يقول البعض أن بيوت المدينة آنذاك ليست فيها أبواب، واستنتجوا من هذه المعلومة أن إضرام النار في بيت فاطمة غير صحيح، في قبال ذلك، يذكر جعفر مرتضى في كتاب مأساة الزهراء مصادر، ويثبت من خلالها أن وجود الأبواب للبيوت آنذاك أمر متداول ورائج، وأن بيت فاطمة أيضا كان له باب.

لماذا لم يدافع علي وآخرون عنها؟

من التسائلات المطروحة حول قضية الهجوم على بيت فاطمة (ع) واستشهادها، لماذا سكت الإمام علي (ع) في الدفاع عن فاطمة في حين أنه رجل معروف بالشجاعة، وكذلك لماذا سائر الصحابة لم يبادروا لحمايتها؟ وفضلا عن أهل السنة، فإن المرجع الديني في القرن الرابع عشر محمد حسين كاشف الغطاء طرح مثل هذا السؤال. وكان الرد الأساسي للشيعة على هذا السؤال هو أّن علياً (ع) كان مأمورا من النبي (ص) أن يصبر ويسكت من أجل مصالح الإسلام والحفاظ عليه، ومع ذلك فبناء على ما نقل عن سلمان الفارسي في كتاب سليم (والذي يذهب يوسفي الغروي أنه أقوى وأقدم رواية عن تلك الأحداث) بعد أن هجم عمر على فاطمة (ع):

وثب إليه علي (ع) فأخذ بتلابيبه وهزّه فصرعه ووجأ (أي: ضرب) رقبته كأنه همّ بقتله ولكنه قال له: يا ابن صهاك؛ والذي أكرم محمدا بالنبوة لو لا كتاب من اللّه سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي! ثم استغاث عمر بالناس ومن كان معه من أصحابه، فخلصوه منه، وأوثقوا عليا (ع) بالحبل.

التشكيك في سقط المحسن بن علي

وقد شكّك جماعة من باحثي أهل السنة في قضية سقط المحسن بن علي (ع) في أحداث يوم البيعة ويعتقدون أنه قد ولد من قبل، وتوفي في طفولته، لكن معظم الشيعة يذهبون أنه أُسقط أثناء وقائع الهجوم على بيت علي (ع) وإثر الضرب بالسياط، كما أن هناك عدد من مصادر أهل السنة أيضا تصرح أن محسنا قد سقط أو قد أسقط. ويستنتج مؤلف كتاب "المحسن السبط مولود أم سقط" محمد مهدي الخرسان في باب الثالث من الكتاب ومن خلال مقارنة النصوص التاريخية أن المحسن بن علي أُسقط في أحداث يوم الهجوم على بيت علي، وعلى أثر ما أصيبت فاطمة عليه السلام من الضرب واللطم.

عدم الإشارة إلى إحراق البيت في المصادر التاريخية

من التسائلات والغموض في قضية شهادة السيدة الزهراء (ع) أن ما ورد في العديد من الكتب التاريخية والحديثية لأهل السنة هو مجرد تهديد بإحراق البيت ولم يصرح بأن هذه العملية تم تنفيذها، لكن مع كل هذا، فإن الباحثين ألّفوا كتبا في المصادر التي تثبت أنّ أصل قضية الهجوم حدثت، منها: كتاب الهجوم على بيت فاطمة، وكتاب إحراق بيت فاطمة، وقد صرحت بعض المصادر بأن فاطمة (ع) ضربت، وهناك من دخل في بيتها وأسقط جنينها.

وجماعة من كتّاب وباحثي أهل السنة شككوا في صحة سند هذه الأخبار التاريخية، لكن في بعض الأحيان إشكالهم ليس من الجانب السندي، على سبيل المثال المديهش وهو كاتب سني في كتاب فاطمة بنت النبي في الرد على أحداث الهجوم وقضية السقط، أسقط كتاب تاريخ اليعقوبي من الاعتبار، وذلك بذريعة أن المؤلف رافضي وكتابه لا قيمة له من الناحية العلمية، ويصف ما يرويه ابن عبد ربه في كتاب العقد الفريد -الذي ليس فيه إشكال سندي- بالمنكر ويقول قد يكون ابن عبد ربه شيعياً، ويجب التحقيق في مذهبه، كما يرفض ما ورد في كتاب الإمامة والسياسية بذريعة أن مؤلفه ليس ابن قتيبة الدينوري، حتى أن المديهش لنفي الاستناد إلى كلام الإمام علي (ع) ينكر انتساب كتاب نهج البلاغة إلى الإمام علي (ع). ورغم جميع هذا، فإن مؤلفي أهل السنة وبسبب الروايات العديدة التي وردت حول التهديد، فإنهم لا ينكرون أصل التهديد والاجتماع أمام بيت فاطمة وعلي (ع).

التعبير بالوفاة في المصادر القديمة

ومن الدلائل التي التجأ إليها المخالفون لشهادة فاطمة الزهراء (ع) هي أن الشيعة في مصادرهم القديمة عبروا عن الوفاة ولم يعبروا عن الشهادة، وقد ردّ كتّاب الشيعة عليهم أن العتبير بالوفاة لها مفهوم وسيع في اللغة العربية، وهي تشمل الموت الطبيعي والموت بأسباب أخرى كالدس السم على يد الآخرين، وقد ورد في مقالة "وفاة أو شهادة السيدة الزهراء سلام الله عليها" بعض استخدامات لهذا التعبير، كما أنّه المصادر التاريخية لأهل السنة استخدمت لفظ الوفاة لمقتل عمر وعثمان، في حين أنهما قد قتلا، وأورد الطبرسي أيضا في أحد تعابيره الوفاة لاستشهاد الإمام الحسين (ع).

العلاقة الحسنة للإمام علي (ع) مع الخلفاء

من القضايا التي يستدل بها أهل السنة لإنكار شهادة فاطمة الزهراء (ع) العلاقة الودّية بين الخلفاء والإمام علي (ع) وأهل بيته، ففي كتاب "فاطمة بنت النبي" حاول المؤلف إظهار أن الخليفة الأول والثاني كانا يحبّان السيدة فاطمة (ع) كثيرا، ورغم هذا، يصرح المؤلف أن فاطمة بعد قضية فدك قطعت علاقتها بأبي بكر، ولم تبايعه. ولمحمد النافع الكاتب السني كتاب باسم "رحماء بينهم"، حاول في كتابه أن يقول الخلفاء الثلاثة كانت لهم علاقة حسنة مع علي (ع)، كما أن في مقال نشرتها مجلة نداء الإسلام الفصلية ذكر مؤلف المقال عدة مواقف عن علاقة الخلفاء مع الإمام علي (ع)، وأيضا علاقة نساء وبناتهم مع فاطمة (ع)، وسعى من خلالها إثبات أن هذه العلاقات لا تتلائم مع الإساءة لفاطمة وضربها والتعدي عليها.

وذكر المتكلم الشيعي السيد المرتضى (وفاة 436 هـ) بأن ما كان يقدّمه الإمام علي (ع) للخلفاء من استشاره ونصح لا يستفاد منه أنه كان يتعاون معهم؛ إذ أن التنبيه على الصواب في الأحكام والدفاع عن المسلمين واجب على كل عالم. كما ناقش مؤلف موسوعة "روابط سیاسی حضرت علی(ع) با خلفاء" (العلاقات السياسية للإمام علي (ع) مع الخلفاء) 107 موقف من استشارات الإمام علي (ع) للخلفاء، ثم استنتج أن هذه الاستشارات لا تكشف عن موافقة الإمام علي (ع) للخلفاء وتعاطفه معهم؛ إذ لم تكن استشاراتهم موجهة بصورة خاصة للإمام، بل كانت في ندواتهم ومجالسهم العامة وعند استفسارهم من عامة الناس، وليس أن الخلفاء قد عينوا عليا (ع) وزيراً ومستشاراً لهم، بل كان علي في عزلة سياسية يعمل في الزارعة وحفر الآبار، وإذا استشار الخلفاء الإمامَ عليا (ع) فكان ذلك لا محيص لهم ولحل العُقد والمشكلات.

ومن القضايا التى يلجأ إليها لإثبات محبة عمر وولائه لأهل البيت زواجه من أم كلثوم بنت الإمام علي، الأمر الذي لا يتناسب مع استشهاد فاطمة (ع)، فهناك من الباحثين ينفون وقوع هذا الزواج. ويعتبر المتكلم الشيعي السيد المرتضى (وفاة 436 هـ) أنه تمّ هذا الزواج بالإكراه والتهديد، فليس دليلاً على وجود العلاقة الودية بين الطرفين، وقد ورد في هذا المجال رواية عن الإمام الصادق (ع) عبر فيها عن الغصب، مما يؤيد الإكراه الذي استخدم في هذا الزواج.

تسمية أولاد أهل البيت باسم الخلفاء

وهناك جماعة من أهل السنة يؤكدون أن الإمام علي (ع) سمّى بعض أولاده باسم الخلفاء؛ ولذا كان يحبهم، وهذا لا يتلائم مع ما يدعى من استشهاد السيدة الزهراء (ع)، وقد ورد هذه المعلومات في كراسة باسم "أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق".

وقدّم السيد علي الشهرستاني (ولادة 1337 ش) في كتاب باسم "التسميات بين التسامح العلوي والتوظيف الأموي" دراسة مفصلة عن التسمية في صدر الإسلام والقرون اللاحقة، وبعد ذكر 29 نقطة أساسية استنتج أن مثل هذه التسميات لا تكشف عن العلاقة الحسنة بين الأشخاص، كما أن عدم التسمية أيضا لا تكشف عن العداوة؛ إذ أن هذه الأسماء كانت رائجة قبل الخلفاء وبعدهم. ومن جهة أخرى وبناء على رواية وردت عن الخليفة الثاني أن الإمام علي (ع) اعتبره كاذبا وخائنا، أو أن أبا بكر أساسا لم يكن اسما لشخص خاص، بل كنية يكنّى بها، ولم يسمّي شخص ابنه بالكنية، فالكنية شيئ والاسم شيء آخر.

ويعتقد العالم السني الشهير ابن تيمية الحراني (وفاة 728 هـ) أن التسمية باسم أحد لا يدل على محبته، كما أن النبي (ص) والصحابة كانوا يستخدمون أسماء الكفار للتسمية، ويقول السيد علي الشهرستاني أن هناك رسالتين أخريين كتبتا حول تسمية أولاد الأئمة باسم الخلفاء إحداها للوحيد البهبهاني (وفاة 1205 هـ)، والأخرى للتنكابني (وفاة 1302 هـ) مؤلف كتاب قصص العلماء.

الهوامش

المصادر والمراجع