الجامع الأموي (دمشق)

الجامع الأموي (دمشق)

المعلومات العامة
سنة التأسيس	القرن الأول الهجري
المدينة	دمشق
البلد	سورية
المشخصات
المساحة	15000 متراً مربعاً
عدد المآذن	3
عدد القباب	4
ارتفاع القبة	49 متراً
الهندسة المعمارية

الجامع الأموي الكبير أو "المسجد الأموي" هو مسجد أثري يقع في مركز العاصمة السورية دمشق، ويضم العديد من المزارات الدينية والآثار القديمة، بُني بأمر الوليد بن عبد الملك (وفاة: 96هـ) سادس الخلفاء الأمويين. الأسلوب المعماري لهذا المسجد مستوحًى من الطراز البيزنطي. ومن آثار هذا المسجد المشهورة مقام الخضر، ومقام النبي هود، ومقام النبي يحيى، ومقام الإمام السجاد، ومقام رأس الحسين. كما اشتهر هذا المسجد في المصادر التاريخية بـخطبة الإمام السجاد (ع) في الشام، والتي ألقت الضوء على واقعة الطف.

ويوجد أيضاً مسجد يحمل نفس الاسم في مدينة حلب السورية.

نظرة تاريخية

صحن المسجد الأموي

كان هذا المسجد معبداً في الحقب اليونانية والرومانية، ثم تحوّل إلى كنيسة قبل دخول الإسلام. ومع فتح المسلمين لدمشق سنة 14 أو 17 للهجرة، تمّت المصالحة مع أهله على أن يتحوّل نصفه إلى مسجد ويبقى النصف الآخر كنيسة لهم.

وعلى ما رواه ابن جبير فإن مساحته الأولية كانت من الشرق إلى الغرب - أي طوله - 200 قدمٍ (حوالي 150 متراً)، ومن الجنوب إلى الشمال - أي عرضه - 135 قدماً (حوالي 100 مترٍ). وبلغت في مجموعها 15000 متراً مربعاً. وعندما تولى معاوية الحكم في الشام قرّر ضم النصف المتبقي من الكنيسة إلى المسجد، لكنّ المسيحيين لم يقبلوا. ومن بعده أعطاهم عبد الملك بن مروان أموالاً كثيرة حتى يسمحوا بأن يُلحق هذا الجزء بالمسجد، فلم يقبلوا أيضاً. حتى تمكّن الوليد بن عبد الملك من إقناعهم بضمّه.

من الصعب تحديد المساحة التي تركها الوليد من المبنى المسيحي القديم في هذا المسجد، لكنّ المئذنتين الجنوبيتين هما نفس البرجان اللذان كانا ملحقين بالكنيسة القديمة. ثم حوّل المسلمون الأبراج الرومانية القديمة في زوايا المسجد إلى مآذن يؤذّنون من أعلاها. ولم يكن من الشائع بناء مئذنة قبل العصر الأموي، وتعود هذه السنّة إلى الأبراج التي كانت ملحقة بدور العبادة في سورية، ثم نُقلت إلى مصر في عهد معاوية.

وقد ساعد في بناء هذا المسجد مهندسون رومان وإيرانيون وهنود ومغاربيون. كما خصّص الوليد بن عبد الملك لإعماره خراج عدة سنوات من خراج الشام، إضافة لـ 18 سفينة من الذهب والفضة مشحونة من قبرص والأدوات ومكعبات الفسيفساء التي أرسلها ملك الروم كهدية.

إعادة الإعمار بعد حريق عام 1893م.

وبُنيت قبّة للمسجد وسط فنائه اسمها "النسر أو العقاب"، ووُضع تحتها أعمدة، وزُيّنت بالذهب والجواهر. وتمّ تزيين محراب المسجد بالجواهر والمصابيح الذهبية والفضية والخرز البهيّ والسلاسل الذهبية.

بدأ بناء المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك. وقد وردت روايات مختلفة حول بداية عملية بنائه، فقد ذُكرت الأعوام 86 و87 و88 هجرية في عهد الوليد بن عبد الملك كبداية لبناء هذا المسجد في المصادر المختلفة. وتم الانتهاء من بنائه عام 96هـ؛ وتوفي خلال تلك الفترة الوليد، واستُكمل البناء على يد أخيه سليمان بن عبد الملك. وقد أجريت عمليات إصلاح وتطوير في المسجد عبر القرون المختلفة، وتلفت أجزاء كثيرة منه بسبب تعرّضه للاحتراق عدة مرات.

المسجد في القرن الخامس عشر الهجري

بقي المسجد الأموي على حاله بعد الترميمات الطفيفة التي طالته في نهاية العهد المملوكي في القرن الثامن الهجري. فالفناء مصنوع من حجارة العصر المملوكي، والجدران مصنوعة من حجارة كبيرة جداً. كما لا تزال نصف جدران الكنيسة والمعبد الشمالية والشرقية والغربية من فترة ما قبل الإسلام، وأضيف النصف العلوي من الجدران في فترة الوليد والفترات اللاحقة، والاختلاف في نوع الحجارة واضح. وقد قام الوليد بتسقيف الأسوار ودعم الأسوار الشرقية والشمالية والغربية بأعمدة حجرية بطريقة محدّبة تحت الأسطح المذكورة.

صورة بانوراما للمسجد من الداخل

وفي العصر المملوكي، تم تزيين سقف الجدران الغربية بلوحات ذهبية تسمى "الفسيفساء". غير أنّ معظم هذه الفسيفساء الموجودة على الأسطح تعرّضت للخراب مع مرور الوقت، ولا يوجد لها أي أثر في يومنا هذا.

يعتبر المسجد مستطيل الشكل، حيث يبلغ طوله 139 متراً وعرضه 37 متراً. تمّ تقسيمه إلى ثلاث بلاطات مستعرضة موازية لجدار القبلة، وهي متساوية في العرض والارتفاع، ويفصل بين هذه البلاطات صفان من الأعمدة، ويتألف كل صف من أحد عشر قنطرة، وفوق هذه القناطر يوجد مستوى ثانٍ يحمل كل عقد فوقه قنطرتين صغيرتين، ويتم حمل هذه القناطر الصغيرة على أسطوانتين، ويوجد بينهما عمود يستند إليه السقف.

قباب المسجد

من اليمين قبة المال، وفي الوسط قبة الوضوء، وإلى اليسار قبة الساعات، ويتوسطها قبة النسر الكبيرة في قمّة المسجد.

يحتوي المسجد الأموي على قبّة رئيسية كبيرة تُعرف بـ "قبة النسر"، وكذلك ثلاث قباب صغيرة أخرى بُنيت في فنائه وهي كالتالي:

• قبة النسر

ترتفع قبة عالية فوق سقف الحرم، وتعتبر من أبرز معالم مدينة دمشق القديمة. وقد شبّهها أهل دمشق بنسر طائر، حيث تمثل القبة رأسه، والغارب صدره، ونصف جدار البلاطات عن اليمين والنصف الآخر عن الشمال جناحيه، كما وصفها ابن جبير. ويبلغ ارتفاع القبّة عن مستوى أرض الجامع حوالي 44.50 متراً، ويرتفع فوقها الهلال بحوالي 4.40 متراً، ليصبح الارتفاع الإجمالي حوالي 49 متراً، ويبلغ قطرها 16 متراً. وقد بُنيت القبة مرتين، حيث انهارت في المرة الأولى بسبب خطأ في استنادها، وتمّ تدارك هذا الخطأ في بناء القبة الثانية.

• قبة المال

تمّ بناء هذه القبّة عام 172هـ على يد أمير دمشق الفضل بن صالح بن علي؛ ابن عم المنصور العباسي، ومن حيث أنّ ممتلكات المسجد وكنوزه كانت تُحفظ فيها، أصبحت تُعرف باسم "قبة المال"، أو "قبة الخزانة".

• قبة الوضوء

وتقع هذه القبة وسط الصحن، وقد بنيت سنة 369هـ. وتعرّضت للهدم في زلزال عام 1173 هجرية، ثم أعاد عثمان باشا بناءها عام 1182 هجرية. وتقوم هذه القبة الصغيرة على أعمدة رخامية يعلوها سقف تتكئ عليه القبة. وكانت سابقاً تُعرف أيضاً باسم "صخرة القربان"، حيث يقال إنّ هابيل بن آدم وضع قربانه - الذي كان خروفاً - على هذه الصخرة فتقبلها اللّه عزّ وجلّ، والتهمته النار، ولم يتقبّل قربان قابيل - الذي كان قمحاً - وبقي على حاله، فحسد قابيل أخاه هابيل على ذلك وقام بقتله في جبل قاسيون القريب من المنطقة، ومنذ ذلك اليوم أصبح هذا المكان يعرف باسم صخرة القربان.

• قبة الساعات

تقع هذه القبة شرقي صحن المسجد الأموي وبجانب "باب الساعة"، وقد بُنيت في القرن الثاني الهجري، وكان المكان محلاً لساعات المسجد، وكانت تسمّى بقبّة زين العابدين، وقبة يزيد.

أبواب المسجد

• باب الزيادة

كان في جهة جدار القبلة وجنوب المسجد، وكان يعرف في العهد العثماني بـ”باب العنبرانيين” ولاحقاً بـ”باب القوافين”.

• باب جيرون

مكانه شرقي المسجد، وكان من أكبر أبوابه والباب الرئيسي للمسجد. وفيما بعد أصبح يعرف باسم "باب الساعات" وكان يسمى أيضاً "باب الكلاسة" و"باب اللبادين". ويقع بجانبه مقام رأس الحسين .

• باب الناطفين

أو باب الناطفانيين؛ يقع في الجهة الشمالية من المسجد ويسمى أيضاً "باب الفراديس" و"باب العمارة".

• باب بريد

هو أحد الأبواب الأربعة الرئيسية للجامع الأموي، ويقع على الجدار الغربي للجامع مقابل ساحة المسكية مقابلاً لباب جيرون. ويُقال إن بريد هو شقيق جيرون، ابن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، وقد سمّيت البوابتان باسميهما. يُعرف هذا الباب أيضاً باسم "باب المسكية" نسبةً لسوق المسكية المقابل له.

المآذن والمنارات

منارة عيسى (ع)، أو المنارة البيضاء.

يضم هذا المسجد ثلاثة مآذن كبيرة، مبنية بالحجر المربع الشكل، وتقع في الجهات الشمالية والجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية وهي كالتالي:

• المئذنة الشرقية

وتعرف أيضاً باسم "المئذنة البيضاء" و"مئذنة عيسى". ويقال أنه في آخر الزمان سينزل نبي الله عيسى (عليه السلام) على هذه المئذنة.

• المئذنة الشمالية

وتعرف أيضاً باسم "العروس". وقد سميت بمئذنة العروس لأنّ الناس في العصور القديمة كانوا يزينونها بتركيب الأضواء وتعليق المناديل والأقمشة الملونة أثناء مراسم الزفاف والاحتفالات، وكانوا يعتقدون أن هذا العمل يجلب البركة لهم.

• المئذنة الغربية

وتعرف بمئذنة "قايتباي"، وهو اسم للسلطان المملوكي الذي بنيت المئذنة في عهده.

مقامات الأنبياء في المسجد

مقام ومدفن رأس النبي يحيى

مقام النبي يحيى (ع).

ينقل ابن عساكر أنّهم وأثناء عملية بناء المسجد زمن الوليد عثروا على صندوق فيه رأس لا يزال سالماً ومكتوب عليه أنه رأس يحيى بن زكريا، فأقيم له مزار حتى اليوم. غير أنّ بعض المؤرخين شككوا في صحة هذه المسألة.

ووفقاً للآيات القرآنية فقد رزق اللّهُ نبيّه زكريا ولداً في كبره وسماه يحيى. وكان منذ شبابه عفيفاً تقياً، وكان دائم العبادة والتهجّد في "المسجد الأقصى"، ويتجنب الاختلاط بالناس. وشهد في زمن نبي اللّه عيسى (ع) على نبوّته، وفي هذه الفترة قُتل بأمر الحاكم اليهودي في تلك البلاد.

قبر ومقام نبي اللّه هود

بحسب بعض مؤرخي دمشق فإنّ النبي هود دُفن في هذا المسجد. ويقع هذا المكان على الجانب الأيسر من "مقام رأس يحيى" ، أيْ أمام العمود الرابع في جدار القبلة من الجهة الشرقية للرواق، وقد كُتب على أحد أحجار جدار القبلة بخط جميل على خلفية خضراء: "هذا مقام هود النبي عليه السلام". وروي أيضاً أن قبره موجود في وادي السلام بالنجف.

مقام الخضر

يقال أنّ الخضر كان يصلي في المسجد الأموي، وكان مكان صلاته في الجانب الشرقي من القبلة (الجنوب الشرقي) بالقرب من المئذنة الشرقية. ويوجد في العصر الحاضر بالقرب من المحراب الرئيسي للمسجد، وبالتوازي مع مقام هود على جدار القبلة، لوحة خضراء مكتوب عليها ما يفيد ذلك.

محلّ نزول عيسى

روي عن رسول الله أن عيسى بن مريم ينزل عند منارة دمشق الشرقية، أي في الجامع الأموي. وبجانب تلك المنارة قطعة الحجر التي يُقال بأنّ النبي موسى ضربها بعصاه في جبل الطور، فانفجر منها اثنتا عشرة عيناً.

مقامات أهل البيت

مقام رأس الإمام الحسين

مقام الإمام السجاد (ع)، وفيه مقام رأس الإمام الحسين (ع)، ويُلاحظ على الجدار كتابة أسماء بعض الأئمة (ع)

المقالة الرئيسة: مقام رأس الحسين

يوجد في الجامع الأموي أربع قاعات مستطيلة، سميت بأسماء الخلفاء الأربعة منذ القدم. ويقع "مقام الإمام علي" في الشمال الشرقي، والذي أصبح يعرف فيما بعد بـ "مقام رأس الحسين".

عندما كانت قافلة الأسرى ورؤوس الشهداء المقطوعة تتجه نحو دمشق، كان رأس الإمام الحسين المبارك محمولاً في مؤخّر بقية الرؤوس أمام أنظار السبايا وأهل البيت . وفي الشام أمر يزيد بإخراج الرأس الشريف من المجلس وتعليقه مع رؤوس الشهداء الآخرين على باب القصر لمدة ثلاثة أيام. وبعد ذلك أُنزل الرأس المبارك للإمام الحسين وتمّ وضعه في غرفة في الركن الشمالي الشرقي من المسجد.

ويقع هذا المكان بعد المحراب ومسجد الإمام زين العابدين ، داخل غرفة مربّعة تقريباً، وقد حُفرت أسماء الأئمة على الجدار الداخلي للغرفة. ويقول لبيب بيضون حول زيارته للمكان: "خلال زيارتي لمشهد رأس الحسين في الجهة الشرقية من المسجد الأموي، شاهدت مشهد الإمام علي ومشهد الإمام زين العابدين الذي صلّى فيه. وبجانب هذا المشهد، توجد كوّة في الحائط تؤدي إلى المكان الذي وضع فيه رأس الحسين . وفي الداخل، توجد غرفة شبه مربّعة أصغر من الغرفة السابقة، جدرانها مغطاة برخامات تحمل أسماء الأئمة الاثني عشر . وفي زاوية الغرفة الملاصقة للكوة، يوجد قفص يحتوي على عمامة خضراء ترمز لرأس الحسين ، وصندوق يعتقد البعض أنه يحتوي على شعرة النبي".

محراب ومقام الإمام السجاد

صورة لمحراب الإمام السجاد (ع) في المسجد الأموي

لمّا كان الإمام السجاد أسيراً في المسجد الأموي كان يصلي ويتعبّد في مكان في الشمال الشرقي من المسجد. ويقول ابن عساكر إنه كان يصلي في هذا المكان كل يوم وليلة ألف ركعة. وقد اشتهرت خطبة الإمام السجاد أمام يزيد وحاشيته في هذا المسجد.

ولقد كان هذا المكان المقدس محلاً للتبرّك والزيارة خلال القرون المختلفة. ويقع مصلّى الإمام السجاد في الجهة الشمالية الشرقية من الجامع الأموي وبجانب بابه الشرقي الذي يقع بعد صحن كبير، وله محراب حجري جميل.

البئر التي كانت تقع في الكنيسة والتي يقال بأنّ المسيحيين كانوا يُعمّدون أبناءهم فيها

أماكن هامّة أخرى

المحاريب الأربعة

يوجد في رواق الجامع الأموي أربعة محاريب، كل منها مخصّص لأحد مذاهب أهل السنة الأربعة. يقع أحدها في الوسط، ومحرابان آخران على الجانب الأيمن، ومحراب رابع على الجانب الأيسر. والمحراب الأوسط - وهو الرئيسي والأكبر من غيره - مخصّص للمالكية. والمحرابان على اليمين للحنفية والحنابلة، والمحراب الأيسر للشافعية. وفي العصر المملوكي كانت الصلاة تقام في المحاريب الأربعة.

مكان تعميد المسيحيين

كان نصف الجامع الأموي الحالي (النصف الشرقي) عبارة عن كنيسة، وقد ضمّها الوليد إلى النصف الآخر من المسجد وهدم الكنيسة المذكورة. وفي هذا النصف وبجوار باب المدخل الشرقي لصحن المسجد على مسافة عشرين متراً توجد بقايا أسطوانة وبئر يُقال بأنّ المسيحيين كانوا يُعمّدون أطفالهم فيها، ولهذا المكان قيمة خاصة بالنسبة لهم. ولا تزال هذه البئر وأسطواناتها المصنوعة من الرخام موجودة حتى يومنا هذا.