الاستخفاف بالصلاة

الاستخفافُ بالصلاة، هو الاستهانة بمكانة الصلاة، وقد يظهر هذا الأمر خلال قضاء الصلاة بعد فوات وقتها، أو نقصان أركانها وواجباتها.

وهناك اختلاف في تحديد مصاديق الاستخفاف بالصلاة؛ فذهب بعضهم إلى عدّ تأخير الصلاة بلا عذر، والتشويش الذهني أثناء الصلاة، وقلّة الخشوع من مصاديقه، في حين رأى آخرون أنّ هذه الأمور لا تنسجم مع ما ورد في الروايات التي توعّدت مستخفّ الصلاة بعذاب الله.

ويعتقد فقهاء الشيعة بـحرمة الاستخفاف بالصلاة، وقد وردت في الروايات آثارٌ وعواقب لهذا الفعل، منها: الحرمان من شفاعة أهل البيت، وعدم قبول الصلاة، وقِصر العمر، والموت بالذلّة، وعذاب القبر.

خطورة الاستخفاف بالصلاة

ذكر الشيخ الطريحي في مجمع البحرين أنّ الاستخفاف بالصلاة يعني الإهانة والتحقير، سواءً بالتكذيب أو الإنكار. وقد ذهب بعض الباحثين إلى أنّ هذا التعريف يشير إلى إنكار مكانة الصلاة وأهميتها، لا إلى إنكار أصل مشروعيتها.

وقد وردت روايات عديدة تنهى المؤمنين عن التهاون بالصلاة أو الاستخفاف بها، وقد جُمعت هذه الروايات في باب مستقل من وسائل الشيعة. وتُعدّ الصلاة رمزاً للدين الإسلامي؛ ولذلك فإنّ أيّ تهاون بها يُعدّ تهاوناً بالشريعة كلها، ومن هنا يُحتمل أن تكون التهديدات والوعيد الشديد في الروايات ناظرةً إلى هذا البُعد.

واتفق فقهاء الشيعة على أنّ الاستخفاف بالصلاة حرام شرعاً. ويقول مرتضى مطهري إنّ من يستخفّ بالصلاة يندرج تحت قوله تعالى في سورة المدثّر: ﴿قالوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين﴾ وإنّ عدم الاهتمام بالصلاة واستخفافها يجعل الإنسان أن لا يبلغ مقام المصلين في يوم القيامة.

مصاديق الاستخفاف بالصلاة

ذُكرت مصاديق عديدة للاستخفاف بالصلاة، وأهمها ما يلي:

• قضاء الصلاة بسبب التساهل والتكاسل
• ترك الصلاة دون عذر شرعي
• عدم المبالاة في أداء واجبات الصلاة كترك الطمأنينة أو ذكر الركوع والسجود
• الامتناع عن حضور صلاة الجماعة من باب التقليل من أهميتها
• تأخير الصلاة عن أوّل وقتها دون سبب وجيه
• عدم الاهتمام بتعلّم أحكام الصلاة، السرحان والعجلة في قراءة الأذكار إلى حدّ عدم الإتيان بها بصورة صحيحة وكاملة، خصوصاً في الركوع والسجود

يرى بعض الباحثين، استناداً إلى الوعيد الأخروي وحرمة هذا العمل كما في الروايات، أنّ مصاديق الاستخفاف تقتصر على الأمور الجوهرية والواجبات فقط، ولا تشمل ترك المستحبّات. وفي المقابل، يرى آخرون أنّ للاستخفاف درجات، بل إنّ ترك المستحبّات من قِبل أولياء الله قد يُعدّ نوعاً من اللاّمبالاة بالصلاة والتهاون بها.

عواقب التهاون بالصلاة

وردت في الروايات الإسلامية عواقب وخيمة لمن يستخفّ بـالصلاة، ومن أبرزها ما يلي:

• عدم قبول الصلاة من قِبل الله تعالى.
• الحرمان من شفاعة أهل البيت: فقد رُوي أنّ الإمام الصادق عند احتضاره، بأنه جمع أهله ثم أوصاهم قائلاً: «شفاعتنا لا تنال من استخفّ بالصلاة».
• الحرمان من لقاء النبي محمد عند حوض الكوثر.
• الابتلاء بخمس عشرة مصيبة من الابتلاءات الدنيوية والأخروية، حسب ما ورد في رواية عن النبي وهو يخاطب السيدة فاطمة الزهراء:

1. زوال البركة من العمر
2. زوال البركة من المال
3. ظلمة الوجه وعدم نوره
4. عدم قبول الأعمال
5. عدم استجابة الدعاء
6. الحرمان من دعاء الآخرين له
7. الموت بذلّ وهوان
8. الموت جائعاً
9. الموت عطشاناً رغم كثرة الشرب
10. ظلمة القبر ووحشته
11. عذاب القبر
12. يُجرّ على وجهه يوم القيامة أمام الخلائق
13. يُحاسب حساباً شديداً
14. يُعذّب عذاباً أليماً في الآخرة
15. الحرمان من نزول الرحمة الإلهية إليه