سورة التوبة
سورة التوبة | |
---|---|
رقم السورة | 9 |
الجزء | 10 و 11 |
النزول | |
ترتیب النزول | 114 |
مكية/مدنية | مدنية |
الإحصاءات | |
عدد الآيات | 129 |
عدد الكلمات | 2506 |
عدد الحروف | 11116 |
سورة التوبة، هي السورة التاسعة ضمن الجزء (10 و11) من القرآن الكريم، وهي من السور المدنية، واسمها مأخوذ من الآية (117)، كما أنّ لها أسماء عديدة، من أشهرها: البراءة، والتوبة.
تتحدث السورة عن عبدة الأوثان من المشركين، وعن المنافقين وعاقبتهم، وعن الجهاد في سبيل الله وأهميته، وعن انحراف أهل الكتاب (اليهود والنصارى)، وعن حقيقة التوحيد، كما تتحدث عن ثناء المهاجرين السابقين إلى الهجرة، وعن موضوع الزكاة، ووجوب طلب العلم والتعلّم، وعن قصة هجرة النبي والأشهر الحرم.
من آياتها المشهورة آية لا تحزن، وآية أذن، وآية الصادقين، وآية النفر وأيضاً قوله تعالى في الآية (19): ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾.
ومن أهم خصوصيات السورة أنها امتازت بعدم ابتداءها بالبسملة، وورد في فضل قراءتها روايات كثيرة، منها ما رويَ عن الإمام الصادق: من قرأ سورة الأنفال وسورة البراءة في كل شهرٍ لم يدخله نفاق أبداً، وكان من شيعة أمير المؤمنين.
تسميتها وآياتها
سُميت هذه السورة بـــ (التوبة)؛ من قوله تعالى في الآية (117): ﴿لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ...﴾، ولها أسماء عديدة، منها سورة البراءة والفاضحة والعذاب والحافرة والمثيرة والمدمدمة والمخزية والمنكلة والمشردة،[١] وسورة المنافقين.[٢]
ومن أشهر هذه الأسماء، هي البراءة: وسُميت بذلك لأنها تبدأ بأعلان براءة الله من المشركين، والذين ينقضون عهدهم. والتوبة: سُميت بذلك لِما ورد من مزيد الكلام عن التوبة في هذه السورة. والفاضحة: سُميت بذلك لِما فيها من الآيات التي تكشف النقاب عن أعمال المنافقين لخزيهم وفضيحتهم.[٣] وتُعتبر من سور المئين، أي: السور التي تربو آياتها على المائة.[٤] وقيل: إنها من السور الطوال.[٥]
ترتيب نزولها
سورة التوبة، من السور المدنية،[٦] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي (ص) بالتسلسل (114)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء (10 و 11) بالتسلسل (9) من سور القرآن.[٧] آياتها (129)، تتألف من (2506) كلمة في (11116) حرف.[٨]
عدم ذكر البسملة
ذكر المفسرون: أنّ علّة ترك افتتاح هذه السورة بــــ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ فيه قولان:
- الأول: ما رويَ عن أُبي ابن كعب: أنه ضُمّت هذه السورة إلى الأنفال بالمقاربة، فكانتا كسورة واحدة.
- الثاني: لأنّ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ أمان، وبراءة نزلت برفع الأمان.[٩]
معاني مفرداتها
أهم المعاني لمفردات السورة:
- (إِلاًّ): الإل: هو الحلف.
- (رَحُبَتْ): الرحب هو السعة في المكان، ومنها رحبت المسجد.
- (عَيْلَةً): فقراً.
- (النَّسِيءُ): التأخير.
- (فَثَبَّطَهُمْ): التوقيف عن الأمر بالتزهيد فيه.
- (يَلْمِزُكَ): يَعيبُك.
- (جُرُفٍ هَارٍ): الجرف: هو ما يجرفه السيل من الأودية ويبقى على الأطراف طين مشرف على السقوط، والهار: ساقط.
- (مَخْمَصَةٌ): المجاعة.[١٠]
محتواها
يتلخّص محتوى السورة في عدّة أقسام:
- الأول: يتحدث عن عبدة الأوثان من المشركين، وقطع العلاقات معهم، ليتم تطهير المحيط الإسلامي من رجز الوثنية إلى الأبد.
- الثاني: يتحدث عن المنافقين وعاقبتهم، وتحذّر المسلمين منهم.
- الثالث: يتحدث عن الجهاد في سبيل الله وأهميته.
- الرابع: يتحدث عن انحراف أهل الكتاب (اليهود والنصارى) عن حقيقة التوحيد.
- الخامس: يتحدث عن ثناء المهاجرين السابقين إلى الهجرة.
- السادس: يتحدث عن موضوع الزكاة وتحريم تراكم الثروات واكتنازها، ووجوب طلب العلم والتعلّم.
- السابع: يتحدث عن قصة هجرة النبي والأشهر الحُرم التي يحرم فيها القتال.[١١]
آياتها المشهورة
- قوله تعالى:﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ...﴾،[١٢] جاء في كتب التفسير: بينما العباس وشيبة يتفاخران، إذ مرَّ عليهما علي بن أبي طالب، فقال: بما تفتخران؟ فقال العباس: أوتيت من الفضل ما لم يؤت أحد سقاية الحاج، وقال شيبة: أوتيت عمارة المسجد الحرام،فقال علي: وأنا أقول لكما لقد أوتيت على صغري ما لم تؤتيا، فقالا: وما أوتيت يا علي؟ قال: جاهدت بسيفي حتى آمنتما بالله ورسوله، فقام العباس مغضباً حتى دخل على رسول الله فقال: أما ترى ما استقبلني به علي؟ فقال: ادعو لي علياً، فدُعيَ له فقال: ما حملك يا علي على ما استقبلت به عمك؟ فقال: يا رسول الله صدقته الحق، فإن شاء فليغضب، وإن شاء فليرضَ، فنزل جبرائيل فقال: يا محمد ربك يقرأ عليك السلام فيقول أُتلي عليهم: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ...﴾.[١٣]
- قوله تعالى:﴿...حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾،[١٤] أنّ أهل الكتاب الذين يؤخذ منهم الجزية هم الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر.[١٥]
- قوله تعالى:﴿...إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا...﴾،[١٦] تُشير هذه الآية إلى حادثة المؤامرة التي دبّرها كفّار قريش لقتل النبي (ص) وهجرته من مكة إلى المدينة، وكان معه أبو بكر حتى وصلوا إلى غار جبل ثور، إلى أن قال النبي (ص) لأبي بكر ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.[١٧]
- قوله تعالى:﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ...﴾،[١٨] نزلت هذه الآية في بعض المنافقين الذين كانوا يزعجون النبي (ص) بأقوالهم، وإذا قبل أعذارهم وحَملها محمل الصدق سمّوه "أُذُناً" أي: يعطي أذنه لكلّ قائل يلقي فيها ما يقول له، في حين يُعدّ سماع النبي لما يُقال له وتصديقه من الصفات الإيجابية لقائد المجتمع. [١٩]
- قوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾،[٢٠] هناك عدّة أقوال في معنى (الصادقين)، وقد ورد في كتب التفسير الشيعية أحاديث كثيرة منها ما روى عن أمير المؤمنين أنّه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان، فقال اسألكم بالله أتعلمون أنّ الله عزوجل لِما أنزل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾، فقال سلمان: يا رسول الله عامة هذه الآية أم خاصة؟ فقال: «أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة».[٢١]
- قوله تعالى:﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ...﴾،[٢٢] تحثّ هذه الآية على أهم واجب وهو ما به حياة الأمة، أن يخرج من كل جماعة كبيرة - عشيرة أو قبيلة - طائفة قليلة تطلب العلم وتتعلّم أحكام الدين وتتكلّف مشاق تحصيله؛ ليقوموا ببيان الأحكام لقومهم إذا عادوا إليهم، كي يحذر قومهم عقاب الله ويخافوه، فيمتثلوا الأوامر ويجتنبوا النواهي.[٢٣]
المأمور بإبلاغ السورة
أجمع المفسرون أنه لّما نزلت (براءة) دفعها رسول الله إلى أبي بكرٍ، على أن يبلّغها للناس في موسم الحج، ثم أخذها منه ودفعها إلى علي ابن أبي طالب، فبلّغها.واختلفوا في تفصيل ذلك، فقيل: بعد أن أخذها أبي بكر وانطلق نزل جبرائيل على النبي (ص) وقال: أنه لن يؤديها عنك إلا أنت، أو رجل منك، فبعث عليّاً خلف أبي بكر فأخذها منه. [٢٤]
آيات الأحكام
في سورة التوبة حدود (12) آية تعتبر من آيات الأحكام وفي أبواب مختلفة، منها في باب الجهاد (الآية 6، 29، 41، 81، 91، 123)، ومنها في باب الزكاة (الآية 60، 103)، ومنها في أصل البراءة (الآية 115)، ومنها في القواعد الفقهية كقاعدة الإحسان (الآية 91)، ومنها في الواجبات كالتفقه والتقليد والاجتهاد وتبليغ الأحكام (الآية 122)، ومنها في كتاب الطهارة بمسألة نجاسة المشركين (الآية 28).[٢٥]
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
- عن النبي (ص): «ما نزل عليَّ القرآن إلا آية آية وحرفاً حرفاً، ما خلا سورة براءة وقل هو الله أحد، فإنهما أُنزلتا عليًّ ومعهما سبعون ألف صف من الملائكة».[٢٦]
- عن الإمام الصادق: «من قرأ سورة الأنفال وسورة البراءة في كل شهرٍ لم يدخله نفاق أبداً، وكان من شيعة أمير المؤمنين».[٢٧]
وردت خواص لهذه السورة، منها:
- عن رسول الله: «من كتبها وجعلها في عمامته، أو قلنسوته، أمِنَ اللصوص في كل مكان، وإذا هم رأوه انحرفوا عنه، ولو احترقت محلته بأسرها لم تصل النار إلى منزله، ولم تقربه أبداً ما دامت عنده مكتوبة».[٢٨]
قبلها سورة الأنفال |
سورة التوبة |
بعدها سورة يونس |
الهوامش
- ↑ الألوسي، روح المعاني، ج 10، ص 329 - 330.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 7، ص 63.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 149.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
- ↑ السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج 1، ص 127.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 7، ص 114؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 15، ص 172.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 170.
- ↑ الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1238 - 1239.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 7، ص 114.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 7، ص 78 - 295.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 5، ص 139-140.
- ↑ سورة التوبة: 19.
- ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 9، ص 216.
- ↑ سورة التوبة: 29.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 55.
- ↑ سورة التوبة: 40.
- ↑ مغنية، تفسير الكاشف، ج 4، ص 45.
- ↑ سورة التوبة: 61.
- ↑ القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 428.
- ↑ سورة التوبة: 119.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 4، ص 345.
- ↑ سورة التوبة: 122.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 7، ص 299.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 12؛ الحويزي، نور الثقلين، ج 3، ص 72.
- ↑ الأيرواني، دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام، ج 1، ص 95 و 173 و 177 و 225 و 228 و 231 و 243 ، ج 2، ص 691 و 719 و 881.
- ↑ الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 2، ص 616.
- ↑ الحويزي، نور الثقلين، ج 3، ص 71.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 4، ص 227.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ.
- الأيرواني، باقر، دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام، قم-إيران، دار الفقه، ط 3، 1428 هـ.
- البحراني، هاشم، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
- الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، بيروت-لبنان، مؤسسة التاريخ العربي، ط 1، د. ت.
- الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
- الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
- الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 3، 1434 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، طهران-إيران، دار الأسوة، ط 1، 1426 هـ.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم - ايران، مؤسسة الإمام المهدي، ط 1، 1438 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
- الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
- معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
- مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت- لبنان، دار الأنوار، ط 4، د.ت.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.
وصلات خارجية