سورة فاطر
سورة فاطر | |
---|---|
رقم السورة | 35 |
الجزء | 22 |
النزول | |
ترتیب النزول | 43 |
مكية/مدنية | مكية |
الإحصاءات | |
عدد الآيات | 45 |
عدد الكلمات | 708 |
عدد الحروف | 3228 |
سورة فاطر، أو سورة الملائكة، هي السورة الخامسة والثلاثون ضمن الجزء الثاني والعشرين من القرآن الكريم، وهي من السور المكية، واسمها مأخوذ من الآية الأولى فيها، وتتحدث حول آثار عظمة الله وأدلة التوحيد وعن ربوبيته تعالى وتدبيره لجميع أمور العالم، وتتحدث أيضاً عن خلق الإنسان ومراحل تكامله، وعن مسألة المعاد ونتائج الأعمال في الآخرة، كما تشتمل على المواعظ والنصائح الإلهية.
ومن آياتها المشهورة قوله تعالى في الآية (15): ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾، وقوله تعالى في الآية (18): ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، وقوله تعالى في الآية (28): ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾.
ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رويَ عن النبي (ص): من قرأ سورة الملائكة دعته ثمانية أبواب من أبواب الجنة: أن أُدخل من أيّ الأبواب شئت.
تسميتها وآياتها
سُميت هذه السورة بــ(فاطر)؛ لابتدائها بهذا الاسم المبارك، من قوله تعالى في الآية الأولى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ...﴾، وفاطر هو من أسماء الله الحسنى،[١] وتسمى أيضاً بسورة الملائكة،[٢] وآياتها (45)، تتألف من (780) كلمة في (3228) حرف.[٣] وتُعتبر من سور المثاني، أي: السور التي لا تبلغ آياتها المئة، وسميت بالمثاني؛ لأنها تُثنّى، أي: تُكرّر قراءتها أكثر مما تقرأ غيرها من الطوال والمئين.[٤]
ترتيب نزولها
سورة فاطر من السور المكية،[٥] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي بالتسلسل (43)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثاني والعشرين بالتسلسل (35) من سور القرآن.[٦]
معاني مفرداتها
أهم المعاني لمفردات السورة:
- (فَاطِرِ): الفطر: الشقّ، وهنا يراد به ابتداء الخلق.
- (مُثْقَلَةٌ): هي التي أثقلتها الذنوب.
- (جُدَدٌ): جمع جُدَة، وهي الطريقة والعلامة، والجُدَّ: الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه.
- (غَرَابِيبُ): جمع غربيب، وهو شديد السواد.
- (دَارَ الْمُقَامَةِ): دار الإقامة، وهي الجنة.
- (يَحِيقُ): لا ينزل ولا يصيب إلا من يستحقه.[٧]
محتواها
يتلخّص محتوى السورة في عدّة أقسام:
- الأول: يتحدث حول آثار عظمة الله في عالم الوجود، وأدلة التوحيد.
- الثاني: يبحث في ربوبية الله وتدبيره لجميع أمور العالم، وعن خالقيته ورازقيته، وخلق الإنسان من التراب ومراحل تكامله.
- الثالث: يتحدث حول المعاد ونتائج الأعمال في الآخرة.
- الرابع: يُشير إلى مسألة قيادة الأنبياء وجهادهم الشديد والمتواصل ضد الأعداء المعاندين، ومواساة الرسول الأكرم في هذا الخصوص.
- الخامس: يتعرّض للمواعظ والنصائح الإلهية فيما يخص المواضيع المذكورة أعلاه، ويُعتبر مكملاً لها.[٨]
تفسير بعض الآيات
سعي النبي (ص) لهداية الناس
في الآية الثامنة من السورة يقول الله تعالى: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ قال المفسرون: أي: لا تهلك نفسك يا محمد عليهم حسرة، ولا يغمّك حالهم إذ كفروا واستحقوا العقاب، وهذا القول تكرر في مواضع أخرى من القرآن الكريم، كما في سورة الشعراء: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾،[٩] والحسرة هي شدّة الحزن على ما فات من الأمر.[١٠]
الهداية والضلال
في الآية الثامنة من السورة يقول الله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء﴾ جاء في كتب التفسير: إنّ هداية الله وإضلاله ليست عشوائية، كما تتوهمه التيارات المنحرفة، وإنما تخضع لطبيعة المُهتدي والضال؛ لأنّ هذا الإنسان إذا انغمس في الرذيلة وتمادى في الغَي وسار في طريق الباطل إلى نهايته، فإنّ الله تعالى يمنع ألطافه عنه، ويتركه وشأنه، وبهذا يضّلُ وينحرف، وأما من استقام واعتدل، فإنّ الله يُفيض عليه من ألطافه ويهديه إلى الإيمان، فالإنسان هو الذي يختار، والله هو الذي يتخلّى عنه، أو يسدده في طريق الهدى.[١١]
قبول الأعمال يتوقف على ولاية الأئمة (ع)
في الآية العاشرة من السورة يقول الله تعالى:﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ وردت تفسيرات كثيرة في معنى (الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)، منها: هي كلمة الإخلاص والإقرار بما جاء من عند الله من الفرائض والولاية، كما ورد عن الإمام الصادق : «الكلم الطيب هو قول المؤمن (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله وخليفة رسول الله».[١٢] وعنه في معنى (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) أنه قال: «ولايتنا أهل البيت - وأهوى بيده إلى صدره - فمن لم يتولّنا لم يرفع الله له عملاً».[١٣]
استدلال الوهابية بنفي مفهوم التوسل
في الآية الثانية والعشرين من السورة يقول الله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ﴾ يُجادل الوهابية في هذه الآية ويسعون إلى نفي مفهوم التوسل وإثبات بطلانه، في حين أنّ الكثير من المفسرين قال: إنّ التعامل مع رسول الله وأولياء الله يختلف مع الآخرين، فهؤلاء كالشهداء وهم أحياء وخالدون ﴿أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾،[١٤] فبأمر من الله أنهم يرتبطون بهذا العالم، وقد وردت روايات كثيرة في كتب الفريقين أنّ الرسول والأئمة يسمعون كلام من يُسلّم عليهم، وكذلك وردت في تلقين الموتى. كما أننا مأمورون بالسلام على الرسول في التشهد في الصلاة اليومية وهذا اعتقاد المسلمين عامة، أعمّ من كونهم شيعةً أو سنةً، فكيف يمكن مخاطبة من لا يسمع الكلام أصلاً؟! فالمقصود إذن من الآية أنه مهما كان حديثك يا محمد وبيانك مُعبّراً وقريباً من القلب فإنّ الكفّار لا يسمعونك.[١٥]
آياتها المشهورة
- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾،[١٦] قال المفسرون حول معنى الافتقار في الآية: إنّ افتقار المخلوق إلى خالقه لا ينقطع أبداً تماماً كافتقار المعلول إلى علّته، والمسبّب إلى سببه.[١٧]
- قوله تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى...﴾،[١٨] هذه الآية تدّل على العدل الإلهي في حكمه، فلا تَحمِل نفس حِملَ نفس أخرى، أي: لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، وإنما يؤاخذ كل بما يقترفه من الآثام.[١٩]
- قوله تعالى: ﴿...إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء...﴾،[٢٠] الخشية: هي حالة من الخوف تقترن بتعظيم من يُخشى منه نتيجة المعرفة به،[٢١] والمراد من العلماء: هم العلماء بالله، الذين يعرفون الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله معرفة تامة، وتظهر آثارها في أعمالهم،[٢٢] وذُكرت الكثير من الروايات بمن هم العلماء، منها قول الإمام السجاد أنه قال: «وما العلم بالله والعمل، إلا إلفان مؤتلفان، فمن عرف الله خاف، وحثّه الخوف على العمل بطاعة الله؛ وإنّ أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه وقد قال الله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾.[٢٣]
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
- عن النبي : «من قرأ سورة الملائكة دعته ثمانية أبواب من أبواب الجنة: أن أُدخل من أيّ الأبواب شئت».[٢٤]
- عن الإمام الصادق قال: «الحمدين: حمد سبأ، وحمد فاطر، من قرأهما في ليلةٍ لم يزل في حفظ الله، فمن قرأهما في نهاره لم يصبه مكروه، وأُعطيَ من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلُغ مناه».[٢٥]
قبلها سورة سبأ |
سورة فاطر |
بعدها سورة يس |
الهوامش
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 13، ص 118.
- ↑ الألوسي، روح المعاني، ج 22، ص 457.
- ↑ الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1247.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 10، ص 41؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 26، ص 3.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 169.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 13، ص 119-173.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 11، ص 7.
- ↑ سورة الشعراء: 3.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 8، ص 340.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 13، ص 129.
- ↑ الحويزي، نور الثقلين، ج 6، ص 136.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 8، ص 83.
- ↑ سورة آل عمران: 169.
- ↑ السبحاني، الوهابية في الميزان، ج 1، ص 271.
- ↑ سورة فاطر: 15.
- ↑ مغنية، تفسير الكاشف، ج 6، ص 284.
- ↑ سورة فاطر: 18.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 8، ص 347.
- ↑ سورة فاطر: 28.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 13، ص 153.
- ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 17، ص 43.
- ↑ الحويزي، نور الثقلين، ج 6، ص 144.
- ↑ الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 3، ص 1298؛ الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 111.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 8 ص 58؛ الحويزي، نور الثقلين، ج 6، ص 127.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ.
- البحراني، هاشم، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
- الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، بيروت-لبنان، مؤسسة التاريخ العربي، ط 1، د. ت.
- الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
- الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
- الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
- السبحاني، جعفر، الوهابية في الميزان، قم - إيران، مؤسسة الإمام الصادق، ط 3، 1427 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم-ايران، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، ط 2، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، طهران-إيران، دار الأسوة، ط 1، 1426 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
- الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
- معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
- مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت- لبنان، دار الأنوار، ط 4، د.ت.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.
وصلات خارجية