١١٬٩٧٨
تعديل
لا ملخص تعديل |
Ahmadnazem (نقاش | مساهمات) |
||
سطر ٣٨: | سطر ٣٨: | ||
نُسب هشام لأكثر من إتجاه فكري وفرقة فكرية. والراصد لتاريخ حياته الفكرية والعلمية يمكنه توزيعها على ثلاث مراحل<ref>ابن نعمة، هشام بن الحكم رائد الحركة الكلامية، ص 55.</ref> مهمة، هي: | نُسب هشام لأكثر من إتجاه فكري وفرقة فكرية. والراصد لتاريخ حياته الفكرية والعلمية يمكنه توزيعها على ثلاث مراحل<ref>ابن نعمة، هشام بن الحكم رائد الحركة الكلامية، ص 55.</ref> مهمة، هي: | ||
*المرحلة الأولى: لقد عدّه البعض من أصحاب الملحد الدهري [[ أبو شاكر الديصاني|أبي شاكر الديصاني]]<ref>الخياط، الانتصار، ص 40 - 41؛ الملطي الشافعي، التنبيه والرّد على أهل الأهواء والبدع، ص 31.</ref> مستندين في ذلك إلى رواية منسوبة إلى [[الإمام الرضا]]{{ع}} جاء فيها: ذكر [[الإمام الرضا|الرضا]]{{ع}} [[هشام بن إبراهيم]] العباسي، فقال: هو من غلمان [[يونس بن عبد الرحمن |أبي الحارث]] - يعني [[يونس بن عبد الرحمن |يونس بن عبد الرحمن]] -، و[[يونس بن عبد الرحمن |أبو الحارث]] من غلمان هشام]]، وهشام، من غلمان [[يونس بن عبد الرحمن|أبي شاكر]]، و[[يونس بن عبد الرحمن|أبو شاكر]] زنديق"<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 278.</ref> وقال بعض المتابعين لحياة هشام: إننا لا نعرف على وجه التحقيق شيئاً عن مبلغ تأثر هشام بأبي شاكر الديصاني، ولا عن مدى تجاوبه مع آرائه، ولا عن مقدار ما أخذ من تفكيره. | *المرحلة الأولى: لقد عدّه البعض من أصحاب الملحد الدهري [[ أبو شاكر الديصاني|أبي شاكر الديصاني]]<ref>الخياط، الانتصار، ص 40 - 41؛ الملطي الشافعي، التنبيه والرّد على أهل الأهواء والبدع، ص 31.</ref> مستندين في ذلك إلى رواية منسوبة إلى [[الإمام الرضا]]{{ع}} جاء فيها: ذكر [[الإمام الرضا|الرضا]]{{ع}} [[هشام بن إبراهيم]] العباسي، فقال: هو من غلمان [[يونس بن عبد الرحمن |أبي الحارث]] - يعني [[يونس بن عبد الرحمن |يونس بن عبد الرحمن]] -، و[[يونس بن عبد الرحمن |أبو الحارث]] من غلمان هشام]]، وهشام، من غلمان [[يونس بن عبد الرحمن|أبي شاكر]]، و[[يونس بن عبد الرحمن|أبو شاكر]] زنديق"<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 278.</ref> وقال بعض المتابعين لحياة هشام: إننا لا نعرف على وجه التحقيق شيئاً عن مبلغ تأثر هشام بأبي شاكر الديصاني، ولا عن مدى تجاوبه مع آرائه، ولا عن مقدار ما أخذ من تفكيره. | ||
لكن وجدنا لدى هشام اتجاهاً مادياً قويّاً، فقد نسب إليه القول بجسمية أكثر الأعراض، كالألوان والطعوم والروائح، ونسب إليه القول بقسمة الجزء أبداً، والقول بأنّ الله تعالى جسم، وغير ذلك. وهذه الآراء تنسب إلى [[الرواقيون |الرواقيين]] من [[:تصنيف:فلاسفة اليونان |فلاسفة اليونان]]، ومن الممكن أن يكون لهؤلاء [[الرواقيون |الرواقيين]] أثر في تفكير هشام، جاءه عن طريق [[الدياصنة |الدياصنة]] الذين كانوا منتشرين في [[العراق |العراق]]، ومن دعاتها وزعمائها [[أبو شاكر الديصاني |أبو شاكر الديصاني]] أُستاذ هشام. ومن العادة أن تلمح آراء الأستاذ في آراء تلميذه<ref>نعمة، هشام بن الحكم، ص 56 - 58.</ref> إلا أن تلك الشواهد على ديصانية هشام لا يمكن الركون إليها والاستناد إليها، وبتعبير آخر هي شواهد غير قائمة وذلك: | لكن وجدنا لدى هشام اتجاهاً مادياً قويّاً، فقد نسب إليه القول بجسمية أكثر الأعراض، كالألوان والطعوم والروائح، ونسب إليه القول بقسمة الجزء أبداً، والقول بأنّ الله تعالى جسم، وغير ذلك. وهذه الآراء تنسب إلى [[الرواقيون |الرواقيين]] من [[:تصنيف:فلاسفة اليونان |فلاسفة اليونان]]، ومن الممكن أن يكون لهؤلاء [[الرواقيون |الرواقيين]] أثر في تفكير هشام، جاءه عن طريق [[الدياصنة |الدياصنة]] الذين كانوا منتشرين في [[العراق |العراق]]، ومن دعاتها وزعمائها [[أبو شاكر الديصاني |أبو شاكر الديصاني]] أُستاذ هشام. ومن العادة أن تلمح آراء الأستاذ في آراء تلميذه<ref>نعمة، هشام بن الحكم، ص 56 - 58.</ref> إلا أن تلك الشواهد على ديصانية هشام لا يمكن الركون إليها والاستناد إليها، وبتعبير آخر هي شواهد غير قائمة وذلك: | ||
سطر ٦٤: | سطر ٦٤: | ||
*الوجه الثالث: وهناك وجه آخر للرد مفادهز لو صحت الروايات الذامة فيمكن حملها على التقية للحفاظ على سلامة هشام من القتل نظير ما صدر من [[الإمام الصادق|الإمام]] في ذم [[زرارة بن أعين]].<ref>المامقاني، تنقيح المقال، ج 3، ص 298. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 35-43.</ref> | *الوجه الثالث: وهناك وجه آخر للرد مفادهز لو صحت الروايات الذامة فيمكن حملها على التقية للحفاظ على سلامة هشام من القتل نظير ما صدر من [[الإمام الصادق|الإمام]] في ذم [[زرارة بن أعين]].<ref>المامقاني، تنقيح المقال، ج 3، ص 298. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 35-43.</ref> | ||
== مكانته العلمية == | ==مكانته العلمية== | ||
كان هشام من أبرز الشخصيات العلمية في عصره ومن أشهر أعلام [[الشيعة]] و[[علم الكلام|متكلميهم]] في القرن الثاني للهجرى. حتى أنّ [[علي بن إسماعيل |علي بن إسماعيل]]- الذي كان هو الآخر في سجن [[هارون الرشيد |هارون الرشيد]]- قال عندما سمع بأنّ السلطة تتعقب هشام بن الحكم: إنّا لله وإنّا إليه راجعون على ما يمضي من العلم إن قتل! يعني إن قتل هشام يمضي معه العلم ويموت بموته، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون على ما يمضي معه من العلم ويفوت بفواته إن قتل أو مات، فلقد كان عضدنا وشيخنا وأُستاذنا. وذلك لأن [[علي بن إسماعيل الميثمي |علي بن إسماعيل الميثمي]] كان تلميذ هشام بن الحكم وخريجه.<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 263. المجلسي، بحار الأنوار، ج 48، ص 193. المامقاني، تنقيح المقال، ج 3، ص 296.</ref> | كان هشام من أبرز الشخصيات العلمية في عصره ومن أشهر أعلام [[الشيعة]] و[[علم الكلام|متكلميهم]] في القرن الثاني للهجرى. حتى أنّ [[علي بن إسماعيل |علي بن إسماعيل]]- الذي كان هو الآخر في سجن [[هارون الرشيد |هارون الرشيد]]- قال عندما سمع بأنّ السلطة تتعقب هشام بن الحكم: إنّا لله وإنّا إليه راجعون على ما يمضي من العلم إن قتل! يعني إن قتل هشام يمضي معه العلم ويموت بموته، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون على ما يمضي معه من العلم ويفوت بفواته إن قتل أو مات، فلقد كان عضدنا وشيخنا وأُستاذنا. وذلك لأن [[علي بن إسماعيل الميثمي |علي بن إسماعيل الميثمي]] كان تلميذ هشام بن الحكم وخريجه.<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 263. المجلسي، بحار الأنوار، ج 48، ص 193. المامقاني، تنقيح المقال، ج 3، ص 296.</ref> | ||
سطر ٨٤: | سطر ٨٤: | ||
وكان لهشام يد طولى في العلوم. وتعبر رسالة الألفاظ التي تعد أول رسالة كتبت- حسب بعض التفسيرات- في مجال [[علم أصول الفقه |علم أصول الفقه]]<ref>الطوسي، الفهرست، ص355-356. الصدر، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، ص360-361.</ref> دليلاً على رصده لعلوم لم تبتكر بعد، ومن النظريات الأصولية التي خاض فيها وأشار إليها: [[حجّية الخبر الواحد |حجّية الخبر]] [[التواتر |المتواتر]]، [[الاستصحاب |الاستصحاب]] و[[الإجماع |الإجماع]].<ref>الخياط، الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد، ص 139-157-158. المامقاني، تنقيح المقال، ج 3، ص 296. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 46.</ref> | وكان لهشام يد طولى في العلوم. وتعبر رسالة الألفاظ التي تعد أول رسالة كتبت- حسب بعض التفسيرات- في مجال [[علم أصول الفقه |علم أصول الفقه]]<ref>الطوسي، الفهرست، ص355-356. الصدر، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، ص360-361.</ref> دليلاً على رصده لعلوم لم تبتكر بعد، ومن النظريات الأصولية التي خاض فيها وأشار إليها: [[حجّية الخبر الواحد |حجّية الخبر]] [[التواتر |المتواتر]]، [[الاستصحاب |الاستصحاب]] و[[الإجماع |الإجماع]].<ref>الخياط، الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد، ص 139-157-158. المامقاني، تنقيح المقال، ج 3، ص 296. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 46.</ref> | ||
== أساتذته وتلامذته == | ==أساتذته وتلامذته== | ||
لم نعثر على كثير كلام عن أساتذته وإن قال البعض أنه من أصحاب [[الجهم بن صفوان |الجهم بن صفوان]]<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص256</ref> إلاّ أن المسلّم به هو كون الرجل من تلامذة الإمامين [[الإمام الصادق|الصادق]] و[[الإمام الكاظم|الكاظم]] {{هما}}. وكان يرجع إليهما في حلّ المسائل العويصة التي تعترض طريقه ومعالجتها؛ حتى أنّه كان يجيب عن سؤال الإمام أحياناً عن منبع علمه ومصدر حجته التي يلقيها في أثناء الحوار والمناظرة؟ فيقول: أخذت ذلك منك يا مولاي<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 238-240.</ref> | لم نعثر على كثير كلام عن أساتذته وإن قال البعض أنه من أصحاب [[الجهم بن صفوان |الجهم بن صفوان]]<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص256</ref> إلاّ أن المسلّم به هو كون الرجل من تلامذة الإمامين [[الإمام الصادق|الصادق]] و[[الإمام الكاظم|الكاظم]] {{هما}}. وكان يرجع إليهما في حلّ المسائل العويصة التي تعترض طريقه ومعالجتها؛ حتى أنّه كان يجيب عن سؤال الإمام أحياناً عن منبع علمه ومصدر حجته التي يلقيها في أثناء الحوار والمناظرة؟ فيقول: أخذت ذلك منك يا مولاي<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 238-240.</ref> | ||
سطر ٩٤: | سطر ٩٤: | ||
من جملة تلامذة هشام: | من جملة تلامذة هشام: | ||
# [[محمد بن جليل السكاك|أبو جعفر محمد بن جليل السكاك]]: ذكر ضمن أصحاب [[هشام بن الحكم |هشام بن الحكم]]،<ref>ابن النديم، الفهرست، ص 225. النجاشي، رجال النجاشي، ص 328-329.</ref> وخليفة يونس بن عبد الرحمن في ردّ المخالفين<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 539.</ref> | #[[محمد بن جليل السكاك|أبو جعفر محمد بن جليل السكاك]]: ذكر ضمن أصحاب [[هشام بن الحكم |هشام بن الحكم]]،<ref>ابن النديم، الفهرست، ص 225. النجاشي، رجال النجاشي، ص 328-329.</ref> وخليفة يونس بن عبد الرحمن في ردّ المخالفين<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 539.</ref> | ||
# [[علي بن منصور|أبو الحسن علي بن منصور]]: كان من المقربين من [[أبو جعفر السكاك|أبي جعفر السكاك]] ومن شيوخ متكلمي الشيعة<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 63.</ref> تتلمّذ على هشام في الكلام، له كتاب في التوحيد والإمامة جمع فيه آراء هشام بن الحكم.<ref>النجاشي، رجال النجاشي، ص 250-433.</ref> | #[[علي بن منصور|أبو الحسن علي بن منصور]]: كان من المقربين من [[أبو جعفر السكاك|أبي جعفر السكاك]] ومن شيوخ متكلمي الشيعة<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 63.</ref> تتلمّذ على هشام في الكلام، له كتاب في التوحيد والإمامة جمع فيه آراء هشام بن الحكم.<ref>النجاشي، رجال النجاشي، ص 250-433.</ref> | ||
# [[يونس بن عبد الرحمن |يونس بن عبد الرحمن]]: من أصحاب [[الإمام الكاظم|الإمام موسى الكاظم]]{{ع}}، كان عالم زمانه وخليفة هشام في ردّ المخالفين،<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 539. ابن النديم، الفهرست، ص276.</ref> وألّف ثلاثين كتاباً<ref>الطوسي، رجال الطوسي، ص 367.</ref> روى يونس عن هشام عن [[الإمام الصادق]] {{ع}}.<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 224.</ref> | #[[يونس بن عبد الرحمن |يونس بن عبد الرحمن]]: من أصحاب [[الإمام الكاظم|الإمام موسى الكاظم]]{{ع}}، كان عالم زمانه وخليفة هشام في ردّ المخالفين،<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 539. ابن النديم، الفهرست، ص276.</ref> وألّف ثلاثين كتاباً<ref>الطوسي، رجال الطوسي، ص 367.</ref> روى يونس عن هشام عن [[الإمام الصادق]] {{ع}}.<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 224.</ref> | ||
وممن روى عن هشام عن الإمامين [[الإمام الصادق|الصادق]] و[[الإمام الكاظم|الكاظم]] {{هما}} [[محمد بن أبي عمير|أبو أحمد محمد بن أبي عمير]] المتوفى سنة 217 هـ، و[[نشيط بن صالح |نشيط بن صالح]] بن لفافة، و[[عبد العظيم الحسني]] المتوفى سنة 252 هـ، وغيرهم،<ref>نبها، مسند هشام بن الحكم، ص 92-93-97-102.</ref> وقد أدرج بعض الباحثين [[النظّام |النظّام المعتزلي]] ضمن الرجال الذين تأثروا بـ هشام بن الحكم وأخذوا عنه أفكارهم ونظرياتهم.<ref>البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 68.</ref> | وممن روى عن هشام عن الإمامين [[الإمام الصادق|الصادق]] و[[الإمام الكاظم|الكاظم]] {{هما}} [[محمد بن أبي عمير|أبو أحمد محمد بن أبي عمير]] المتوفى سنة 217 هـ، و[[نشيط بن صالح |نشيط بن صالح]] بن لفافة، و[[عبد العظيم الحسني]] المتوفى سنة 252 هـ، وغيرهم،<ref>نبها، مسند هشام بن الحكم، ص 92-93-97-102.</ref> وقد أدرج بعض الباحثين [[النظّام |النظّام المعتزلي]] ضمن الرجال الذين تأثروا بـ هشام بن الحكم وأخذوا عنه أفكارهم ونظرياتهم.<ref>البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 68.</ref> | ||
== مناظراته == | ==مناظراته== | ||
ناظر هشام الكثير من الأعلام بما يعبر عن مدى قوّته الجدلية، وحضور بديهته، وممن ناظرهم من كبار [[المعتزلة]]: أبو عثمان [[عمرو بن عبيد التميمي |عمرو بن عبيد التميمي]] البصري المتوفى سنة 144 هـ، ثاني شخصية في الوسط [[المعتزلة|المعتزلي]]، ومنهم عبد الرحمن بن كيسان (أبو بكر الأصم) المتوفى سنة 200 هـ، و[[أبو الهذيل العلاف |أبو الهذيل العلاف]] المتوفى سنة [[سنة 235 للهجرة|235 هـ]] والنظّام المتوفى سنة 231 هـ.<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج5، ص21-22. الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 274-275. الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1، ص 308 ؛ أسعدي، هشام بن الحكم، ص 49-251-303..</ref> | ناظر هشام الكثير من الأعلام بما يعبر عن مدى قوّته الجدلية، وحضور بديهته، وممن ناظرهم من كبار [[المعتزلة]]: أبو عثمان [[عمرو بن عبيد التميمي |عمرو بن عبيد التميمي]] البصري المتوفى سنة 144 هـ، ثاني شخصية في الوسط [[المعتزلة|المعتزلي]]، ومنهم عبد الرحمن بن كيسان (أبو بكر الأصم) المتوفى سنة 200 هـ، و[[أبو الهذيل العلاف |أبو الهذيل العلاف]] المتوفى سنة [[سنة 235 للهجرة|235 هـ]] والنظّام المتوفى سنة 231 هـ.<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج5، ص21-22. الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 274-275. الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1، ص 308 ؛ أسعدي، هشام بن الحكم، ص 49-251-303..</ref> | ||
== سماته الأخلاقية == | ==سماته الأخلاقية== | ||
امتاز هشام بسمات [[أخلاق |أخلاقية]] سامية رفعته ليكون أسوة يحتذى بسلوكه وخلقه الرفيع ولما امتاز به من سعة صدر واستيعاب للمخالفين. حتى أنّه كان يشترك مع [[عبد الله بن يزيد الإباضي |عبد الله بن يزيد الإباضي]] في حانوت واحد، وهما على غاية الانسجام والاتفاق، على ما بينهما من التباين في النزعة والاختلاف في الرأي. وكانا وهما في حانوت واحد يختلف إلى كل واحد منهما أصحابُه للأخذ عنه والاستفادة منه. ومن هنا قال [[الجاحظ |الجاحظ]] في حقهما: إنهما فُضلا على سائر المتضادين بما صارا إليه من الشركة في جميع تجارتهما.<ref>الجاحظ، البيان والتبيين، ج1، ص46-47. الراغب الأصفهاني، محاضرات الأدباء، ج 3، ص 13.</ref> | امتاز هشام بسمات [[أخلاق |أخلاقية]] سامية رفعته ليكون أسوة يحتذى بسلوكه وخلقه الرفيع ولما امتاز به من سعة صدر واستيعاب للمخالفين. حتى أنّه كان يشترك مع [[عبد الله بن يزيد الإباضي |عبد الله بن يزيد الإباضي]] في حانوت واحد، وهما على غاية الانسجام والاتفاق، على ما بينهما من التباين في النزعة والاختلاف في الرأي. وكانا وهما في حانوت واحد يختلف إلى كل واحد منهما أصحابُه للأخذ عنه والاستفادة منه. ومن هنا قال [[الجاحظ |الجاحظ]] في حقهما: إنهما فُضلا على سائر المتضادين بما صارا إليه من الشركة في جميع تجارتهما.<ref>الجاحظ، البيان والتبيين، ج1، ص46-47. الراغب الأصفهاني، محاضرات الأدباء، ج 3، ص 13.</ref> | ||
سطر ١٠٩: | سطر ١٠٩: | ||
يضاف إلى ذلك أن مشاركته في الكثير من المناظرات تكشف عن مدّى الشجاعة التي كان يتحلّى بها، مع مراعات أصول الحوار وقوانين المناظرة، مع التحرّز عن الكلمات النابية والعبارات الجارحة وتوجيه الإهانة إلى خصمه، مضافاً إلى رعاية الإنصاف والصدق في الحوار، كل ذلك عزّز من شخصيته الأخلاقية وصيّر منه مثالاً يشار إليه بالبنان.<ref>أسعدي، هشام بن الحكم، ص 52-54.</ref> | يضاف إلى ذلك أن مشاركته في الكثير من المناظرات تكشف عن مدّى الشجاعة التي كان يتحلّى بها، مع مراعات أصول الحوار وقوانين المناظرة، مع التحرّز عن الكلمات النابية والعبارات الجارحة وتوجيه الإهانة إلى خصمه، مضافاً إلى رعاية الإنصاف والصدق في الحوار، كل ذلك عزّز من شخصيته الأخلاقية وصيّر منه مثالاً يشار إليه بالبنان.<ref>أسعدي، هشام بن الحكم، ص 52-54.</ref> | ||
== آراءه الكلامية == | ==آراءه الكلامية== | ||
يمكن توزيع الآراء الكلامية والنظريات التي طرحها هشام على | يمكن توزيع الآراء الكلامية والنظريات التي طرحها هشام على ثلاثة محاور أساسية، هي: معرفة الله، و<nowiki/>[[النبوة]]، و<nowiki/>[[الإمامة]]. | ||
====معرفة الله==== | |||
====معرفة الله ==== | |||
تذهب بعض التقارير والوثائق التي رصدت الجانب المعرفي لشخصية هشام إلى القول بأنّه كان يرى معرفة الله تعالى ضرورية.<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 104. الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 98.</ref> | تذهب بعض التقارير والوثائق التي رصدت الجانب المعرفي لشخصية هشام إلى القول بأنّه كان يرى معرفة الله تعالى ضرورية.<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 104. الشيخ الصدوق، التوحيد، ص 98.</ref> | ||
يقول [[أبو الحسن الاشعري |أبو الحسن الأشعري]]: أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أنّ المعرفة كلّها اضطرار بإيجاب الخلقة وإنها لا تقع إلا بعد النظر والاستدلال.<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 52.</ref> <ref>أسعدي، هشام بن الحكم، ص 66-73.</ref> | يقول [[أبو الحسن الاشعري |أبو الحسن الأشعري]]: أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أنّ المعرفة كلّها اضطرار بإيجاب الخلقة وإنها لا تقع إلا بعد النظر والاستدلال.<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 52.</ref> <ref>أسعدي، هشام بن الحكم، ص 66-73.</ref> | ||
سطر ١٢٦: | سطر ١١٨: | ||
ونسب إليه [[الشهرستاني |الشهرستاني]] القول بأنّ الأعراض لا تدل على كونه تعالى خالقاً ولا تصلح الأعراض دلالات، بل الأجسام تدل على كونه خالقاً ، وذلك لأن إثبات بعضها يحتاج إلى دليل وما يستدل به على وجود الله ينبغي أن يكون ضرورياً.<ref>الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص309. أسعدي، هشام بن الحكم، ص73-79.</ref> | ونسب إليه [[الشهرستاني |الشهرستاني]] القول بأنّ الأعراض لا تدل على كونه تعالى خالقاً ولا تصلح الأعراض دلالات، بل الأجسام تدل على كونه خالقاً ، وذلك لأن إثبات بعضها يحتاج إلى دليل وما يستدل به على وجود الله ينبغي أن يكون ضرورياً.<ref>الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص309. أسعدي، هشام بن الحكم، ص73-79.</ref> | ||
=====الجبر والاختيار===== | |||
اضطربت الكلمات المنقولة عن هشام في خصوص مسألة [[الجبر و التفويض |الجبر والاختيار]]، حيث نسب البعض إليه القول بالجبر<ref>ابن قتيبه، عيون الأخبار، ج 2، ص 142. الدينوري، تأويل مختلف الحديث، ص35. الخياط، الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد، ص6. ابن عبد ربّه، عقد الفريد، ج 2، ص 236. المقدسي، البدء والتاريخ، ج 5، ص 132.</ref> إلا أن كبار علام الشيعة [[الشريف المرتضى|كالشريف المرتضى]] <ref>الشريف المرتضى، الشافي في الأمة، ج 1، ص 86-87.</ref> نفوا تلك النسبة عنه، وذلك لأن روايات [[أهل البيت]] {{هم}} المادحة لهشام تنفي عنه ذلك، إذ من غير المعقول أن يثني [[الأئمة الإثني عشر|الأئمة]] {{هم}} على رجل يخالفهم في قضية مهمة [[الجبر و التفويض |كالجبر والاختيار]]. يضاف إلى ذلك أنّ هشاماً كان من ضمن [[:تصنيف:الرواة |الرواة]] الذين نقلوا عن [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين]] {{هم}} روايات إبطال الجبر<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 5، ص 18-20.</ref> | |||
===== الجبر والاختيار ===== | |||
اضطربت الكلمات المنقولة عن هشام في خصوص مسألة [[الجبر و التفويض |الجبر والاختيار]]، حيث نسب البعض إليه القول بالجبر<ref>ابن قتيبه، عيون الأخبار، ج 2، ص 142. الدينوري، تأويل مختلف الحديث، ص35. الخياط، الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد، ص6. ابن عبد ربّه، عقد الفريد، ج 2، ص 236. المقدسي، البدء والتاريخ، ج 5، ص 132.</ref> | |||
إلا أن كبار علام الشيعة [[الشريف المرتضى|كالشريف المرتضى]] <ref>الشريف المرتضى، الشافي في الأمة، ج 1، ص 86-87.</ref> نفوا تلك النسبة عنه، وذلك لأن روايات [[أهل البيت]] {{هم}} المادحة لهشام تنفي عنه ذلك، إذ من غير المعقول أن يثني [[الأئمة الإثني عشر|الأئمة]] {{هم}} على رجل يخالفهم في قضية مهمة [[الجبر و التفويض |كالجبر والاختيار]]. | |||
يضاف إلى ذلك أنّ هشاماً كان من ضمن [[:تصنيف:الرواة |الرواة]] الذين نقلوا عن [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين]] {{هم}} روايات إبطال الجبر<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 5، ص 18-20 | |||
===معرفة النبوّة=== | ===معرفة النبوّة=== | ||
نقل عن هشام بن الحكم تعريفه [[النبي محمد|للنّبي]] {{صل}} بأنّه إنسان مبعوث من اللّه تعالى إلى عباده بواسطة [[جبرائيل |الملك]] الذي يوحي إليه، وأن الإيحاء هو أحد الفوارق الأساسية بين [[النبي محمد|النبي]] و[[الأئمة الإثني عشر|الإمام]]{{هم}}<ref>الشيخ الصدوق، كمال الدين و تمام النعمة، ج 2، ص 365. المجلسي، بحار الأنوار، ج 69، ص 148-149.</ref> | نقل عن هشام بن الحكم تعريفه [[النبي محمد|للنّبي]] {{صل}} بأنّه إنسان مبعوث من اللّه تعالى إلى عباده بواسطة [[جبرائيل |الملك]] الذي يوحي إليه، وأن الإيحاء هو أحد الفوارق الأساسية بين [[النبي محمد|النبي]] و[[الأئمة الإثني عشر|الإمام]]{{هم}}<ref>الشيخ الصدوق، كمال الدين و تمام النعمة، ج 2، ص 365. المجلسي، بحار الأنوار، ج 69، ص 148-149.</ref> | ||
=====العصمة===== | ====== العصمة ====== | ||
{{مفصلة|العصمة}} | {{مفصلة|العصمة}} | ||
سطر ٢٤٨: | سطر ١٣١: | ||
وعلى فرض التسليم بهذه النسبة إلى هشام فإنها لا تعني بحال من الأحوال نفي [[العصمة]] عن النبي مطلقاً حتى في تلقي [[الوحي |الوحي]] وتبليغه، بل هناك شواهد تمنع من ذهاب هشام إلى القول بنفي [[العصمة]]<ref>أسعدي، هشام بن الحكم، ص 189-191.</ref> | وعلى فرض التسليم بهذه النسبة إلى هشام فإنها لا تعني بحال من الأحوال نفي [[العصمة]] عن النبي مطلقاً حتى في تلقي [[الوحي |الوحي]] وتبليغه، بل هناك شواهد تمنع من ذهاب هشام إلى القول بنفي [[العصمة]]<ref>أسعدي، هشام بن الحكم، ص 189-191.</ref> | ||
====== المعجزة ====== | |||
===== المعجزة ===== | |||
من خصائص [[:تصنيف:الأنبياء |الأنبياء]] الأخرى التي تعرض لها هشام مسألة [[المعجزة |المعجزة]] والتي فسّرها بالأمور الخارقة للعادة، موزعاً لها على ثلاث طوائف: | من خصائص [[:تصنيف:الأنبياء |الأنبياء]] الأخرى التي تعرض لها هشام مسألة [[المعجزة |المعجزة]] والتي فسّرها بالأمور الخارقة للعادة، موزعاً لها على ثلاث طوائف: | ||
سطر ٢٦٢: | سطر ١٤٠: | ||
الطائفة الثالثة: ما يظهر أنه خرق للعادة أحياناً هو في الحقيقة مجرد خديعة [[السحر |كالسحر]] حيث كان يقول في [[السحر]] إنّه خديعة ومخاريق ولا يجوز أن يقلب الساحرُ إنساناً حماراً أو العصا حيّة<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 63.</ref> | الطائفة الثالثة: ما يظهر أنه خرق للعادة أحياناً هو في الحقيقة مجرد خديعة [[السحر |كالسحر]] حيث كان يقول في [[السحر]] إنّه خديعة ومخاريق ولا يجوز أن يقلب الساحرُ إنساناً حماراً أو العصا حيّة<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 63.</ref> | ||
===== دليل ضرورة النبوّة ===== | =====دليل ضرورة النبوّة===== | ||
من الأمور التي تعرض لها هشام قضية المستند والدليل على ضرورة [[النبوّة |النبوّة]]، فكان يرى دليل الضرورة هنا هو نفس دليل الضرورة في نصب [[الإمام |الإمام]]. | من الأمور التي تعرض لها هشام قضية المستند والدليل على ضرورة [[النبوّة |النبوّة]]، فكان يرى دليل الضرورة هنا هو نفس دليل الضرورة في نصب [[الإمام |الإمام]]. | ||
سطر ٢٦٨: | سطر ١٤٦: | ||
ويمكن تحليل مستنده وإرجاعه إمّا إلى دليل كون الإنسان اجتماعياً بالطبع، أو إلى [[قاعدة اللطف |قاعدة اللطف]]. فقد روي عنه أنّه كان يعلل وجود [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]] {{صل}} و[[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الإمام]] {{ع}} وأنه تعالى أقام لعباده حجًة ودليلاً كيلا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألفهم ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربّهم<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 172. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 194-196.</ref> | ويمكن تحليل مستنده وإرجاعه إمّا إلى دليل كون الإنسان اجتماعياً بالطبع، أو إلى [[قاعدة اللطف |قاعدة اللطف]]. فقد روي عنه أنّه كان يعلل وجود [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]] {{صل}} و[[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الإمام]] {{ع}} وأنه تعالى أقام لعباده حجًة ودليلاً كيلا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألفهم ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربّهم<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 172. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 194-196.</ref> | ||
=== الإمامة === | ===الإمامة=== | ||
كان لهشام بن الحكم كما كان لغيره من كبار علماء [[الإمامية]] مناظرات في [[الإمامة |الإمامة]]، بل نجد [[الإمام الصادق]] {{ع}} يوكل إليه مناظرة الرجل الشامي في موضوع [[الإمامة]] من بين سائر [[:تصنيف:أصحاب الإمام الصادق |أصحاب الإمام]] الحاضرين في مجلسه<ref>الطبرسي، أعلام الورى بأعلام الهدى، ج 2، ص 365-367.</ref> | كان لهشام بن الحكم كما كان لغيره من كبار علماء [[الإمامية]] مناظرات في [[الإمامة |الإمامة]]، بل نجد [[الإمام الصادق]] {{ع}} يوكل إليه مناظرة الرجل الشامي في موضوع [[الإمامة]] من بين سائر [[:تصنيف:أصحاب الإمام الصادق |أصحاب الإمام]] الحاضرين في مجلسه<ref>الطبرسي، أعلام الورى بأعلام الهدى، ج 2، ص 365-367.</ref> | ||
===== وجوب النصب الإلهي ===== | =====وجوب النصب الإلهي===== | ||
يرى هشام كسائر متكلمي [[الإمامية]] وجوب النصب الإلهي [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|للإمام]]. مستنداً في مدعاه على: | يرى هشام كسائر متكلمي [[الإمامية]] وجوب النصب الإلهي [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|للإمام]]. مستنداً في مدعاه على: | ||
سطر ٢٨٤: | سطر ١٦٢: | ||
والجميع تعود بنحو ما إلى [[برهان اللطف |برهان اللطف]]، وذلك أن هشاما يرى أن وجود [[الإمام |الإمام]] يعني وجود المعلم الذي يجمعُ للناس كلمتهُمْ ويُقِيمُ أَوَدَهُمْ ويُخبِرُهُمْ بحَقِّهِمْ من باطلهم كيلا يتشتتوا أو يختلفوا<ref>الشيخ الصدوق، ص 270-275. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ص202-204. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 201-212.</ref> | والجميع تعود بنحو ما إلى [[برهان اللطف |برهان اللطف]]، وذلك أن هشاما يرى أن وجود [[الإمام |الإمام]] يعني وجود المعلم الذي يجمعُ للناس كلمتهُمْ ويُقِيمُ أَوَدَهُمْ ويُخبِرُهُمْ بحَقِّهِمْ من باطلهم كيلا يتشتتوا أو يختلفوا<ref>الشيخ الصدوق، ص 270-275. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ص202-204. أسعدي، هشام بن الحكم، ص 201-212.</ref> | ||
===== خصائص الإمام ===== | =====خصائص الإمام===== | ||
يمكن تصنيف الخصائص التي افترضها هشام في [[الإمام |الإمام]] إلى الخصائص النسبية والخصائص الشخصية: | يمكن تصنيف الخصائص التي افترضها هشام في [[الإمام |الإمام]] إلى الخصائص النسبية والخصائص الشخصية: | ||
سطر ٢٩٤: | سطر ١٧٢: | ||
الخصائص الشخصية : هي [[العصمة |العصمة]] و[[العلم |العلم]] والسخاء والجود والشجاعة. وحينما سُئل عن معنى قوله إن [[الإمام |الإمام]] لا يكون إلا [[العصمة|معصوماً]]؟ قال: سألت [[الإمام الصادق|أبا عبد الله الصادق]] {{ع}}عن ذلك فقال: [[العصمة|المعصوم]] هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، وقال الله تبارك وتعالى {{قرآن| وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيم}}. آل عمران الآية 101.<ref>الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص132. المجلسي، بحار الأنوار، ج 25، ص 194-195.</ref> | الخصائص الشخصية : هي [[العصمة |العصمة]] و[[العلم |العلم]] والسخاء والجود والشجاعة. وحينما سُئل عن معنى قوله إن [[الإمام |الإمام]] لا يكون إلا [[العصمة|معصوماً]]؟ قال: سألت [[الإمام الصادق|أبا عبد الله الصادق]] {{ع}}عن ذلك فقال: [[العصمة|المعصوم]] هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، وقال الله تبارك وتعالى {{قرآن| وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيم}}. آل عمران الآية 101.<ref>الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص132. المجلسي، بحار الأنوار، ج 25، ص 194-195.</ref> | ||
=====العلم===== | |||
===== العلم ===== | |||
ومن خصائص [[الإمام]] عند هشام تحليه بالعلم، ويعني بهذا أن الغرض من نصب [[الإمام |الإمام]] هو [[برهان اللطف |لطف من الله]] يقرّب من خلاله العباد إلى الطاعة ويبعدهم عن العصيان، وهذا لا يتم إلا إذا كان [[الإمام]] عالماً؛ أما مع فرض كونه جاهلاً فيكون نقضاً للغرض الذي من أجله وجب [[الإمام]]<ref>الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ص 274.</ref> | ومن خصائص [[الإمام]] عند هشام تحليه بالعلم، ويعني بهذا أن الغرض من نصب [[الإمام |الإمام]] هو [[برهان اللطف |لطف من الله]] يقرّب من خلاله العباد إلى الطاعة ويبعدهم عن العصيان، وهذا لا يتم إلا إذا كان [[الإمام]] عالماً؛ أما مع فرض كونه جاهلاً فيكون نقضاً للغرض الذي من أجله وجب [[الإمام]]<ref>الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ص 274.</ref> | ||
===== تنفيذ الأحكام ===== | =====تنفيذ الأحكام===== | ||
من شئون [[الإمام]] الثابتة له جزماً تنفيذ الأحكام وإجراء الحدود وإقامة السنن و[[الشرائع السمواية |الشرائع الإلهية]]، وهي متوقفة على كونه عالماً؛ إذ لو لم يكن عالماً لم يؤمن أن تنقلب شرائعه وأحكامه، فيقطع من يجب عليه الحد، ويحد من يجب عليه القطع<ref>الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ص 203.</ref> فيتحول الصلاح الذي أراده المولى تعالى إلى فساد <ref>الشيخ الصدوق، كمال الدين و تمام النعمة، ج 2، ص 367.</ref> وهو نقض للغرض من وراء نصب [[الإمام]]، ومن هنا نرى هشاماً يستدل على معتقده هذا بقوله تعالى في سورة يونس الآية الخامسة والثلاثين: {{قرآن| قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}}يونس 35.<ref>الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ص 203-204.</ref> | من شئون [[الإمام]] الثابتة له جزماً تنفيذ الأحكام وإجراء الحدود وإقامة السنن و[[الشرائع السمواية |الشرائع الإلهية]]، وهي متوقفة على كونه عالماً؛ إذ لو لم يكن عالماً لم يؤمن أن تنقلب شرائعه وأحكامه، فيقطع من يجب عليه الحد، ويحد من يجب عليه القطع<ref>الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ص 203.</ref> فيتحول الصلاح الذي أراده المولى تعالى إلى فساد <ref>الشيخ الصدوق، كمال الدين و تمام النعمة، ج 2، ص 367.</ref> وهو نقض للغرض من وراء نصب [[الإمام]]، ومن هنا نرى هشاماً يستدل على معتقده هذا بقوله تعالى في سورة يونس الآية الخامسة والثلاثين: {{قرآن| قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}}يونس 35.<ref>الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ص 203-204.</ref> | ||
===== الشجاعة ===== | =====الشجاعة===== | ||
يعتبر هشام في [[الإمام |الإمام]] أن يكون كاملا في كل الصفات المحمودة حتى الصفات التي ليس لها صلة بناحية التشريع والتبليغ، فهو عنده لا بد أن يكون مثالاً كاملاً في كل الخصال الحميدة ككونه أشجع الناس وأسخى الناس. <br /> | يعتبر هشام في [[الإمام |الإمام]] أن يكون كاملا في كل الصفات المحمودة حتى الصفات التي ليس لها صلة بناحية التشريع والتبليغ، فهو عنده لا بد أن يكون مثالاً كاملاً في كل الخصال الحميدة ككونه أشجع الناس وأسخى الناس. <br /> | ||
سطر ٣٤٠: | سطر ١٩٦: | ||
قال هشام: <br /> | قال هشام: <br /> | ||
لأنكم قلتم وقلنا وقالت العامة : الجنة اشتاقت إلى أربعة نفر إلى [[علي بن أبي طالب]] {{ع}} و[[المقداد بن الأسود |المقداد بن الأسود]] و[[عمار بن ياسر |عمار بن ياسر]] و[[أبو ذر الغفاري |أبي ذر الغفاري]] فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. | لأنكم قلتم وقلنا وقالت العامة : الجنة اشتاقت إلى أربعة نفر إلى [[علي بن أبي طالب]] {{ع}} و[[المقداد بن الأسود |المقداد بن الأسود]] و[[عمار بن ياسر |عمار بن ياسر]] و[[أبو ذر الغفاري |أبي ذر الغفاري]] فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة وتخلف عنها صاحبكم ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. | ||
== مؤلفاته == | ==مؤلفاته== | ||
يُعتبر هشام من كبار مصنفي [[الشيعة |الشيعة]] إذ صنف الكثير من الكتب والرسائل<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 63. الطوسي، الفهرست، ص 355.</ref> فقد ذكرت له كتب الرجال والفهارس 35 كتاباً ورسالة، جميعها فقدت ولم نعثر على شيء منها اليوم. وتشير عناوين كتبه والعلوم التي بحث فيها إلى شموليته واستيعابه للكثير من العلوم وخوضه فيها، منها: | يُعتبر هشام من كبار مصنفي [[الشيعة |الشيعة]] إذ صنف الكثير من الكتب والرسائل<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 63. الطوسي، الفهرست، ص 355.</ref> فقد ذكرت له كتب الرجال والفهارس 35 كتاباً ورسالة، جميعها فقدت ولم نعثر على شيء منها اليوم. وتشير عناوين كتبه والعلوم التي بحث فيها إلى شموليته واستيعابه للكثير من العلوم وخوضه فيها، منها: | ||
* مؤلفاته الفقهة والحديثية: | *مؤلفاته الفقهة والحديثية: | ||
{{Div col|3}} | {{Div col|3}} | ||
# علل التحريم | # علل التحريم | ||
سطر ٣٧٤: | سطر ٢١١: | ||
{{Div col end}} | {{Div col end}} | ||
* مؤلفاته الكلامية والفلسفية: | *مؤلفاته الكلامية والفلسفية: | ||
{{Div col|3}} | {{Div col|3}} | ||
سطر ٤١٠: | سطر ٢٤٧: | ||
ويقال أن كتابه " اختلاف الناس في الإمامة" هو المعتمد والأساس لكتاب فرق الشيعة لحسن بن موسى النوبختي<ref>http://encyclopaediaislamica.com/madkhal2.php?sid=6843.</ref> | ويقال أن كتابه " اختلاف الناس في الإمامة" هو المعتمد والأساس لكتاب فرق الشيعة لحسن بن موسى النوبختي<ref>http://encyclopaediaislamica.com/madkhal2.php?sid=6843.</ref> | ||
== وفاته == | ==وفاته== | ||
اضطربت كلمة الباحثين والمترجمين لحياة هشام في تحديد سنة وسبب وفاته، إذ طرحوا عدة نظريات: | اضطربت كلمة الباحثين والمترجمين لحياة هشام في تحديد سنة وسبب وفاته، إذ طرحوا عدة نظريات: | ||
سطر ٤١٩: | سطر ٢٥٦: | ||
ومن هنا نرى اختلاف كلمة الباحثين في تحديد السنة التي توفي فيها، فقد ذهب [[الكشي]] إلى القول بأنّه توفي في [[الكوفة]] سنة [[سنة 179 للهجرة|179]] هـ في زمن خلافة [[هارون الرشيد]]<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 256.</ref>؛ ويظهر أن هذا الرأي هو الصحيح وينسجم مع القرائن والشواهد التي ذكرناها. وعليه لا يمكن الركون إلى القول بأنه قتل بعد نكبة [[البرامكة |البرامكة]] بقليل في زمان خلافة [[المأمون العباسي]] ([[سنة 198 للهجرة|198]]- [[سنة 218 للهجرة|218]] هـ،<ref>ابن النديم، الفهرست، ص 224.</ref> أو في سنة 199 هـ بعد خروجه من بغداد إلى الكوفة.<ref>النجاشي، رجال النجاشي، ص 433.</ref> | ومن هنا نرى اختلاف كلمة الباحثين في تحديد السنة التي توفي فيها، فقد ذهب [[الكشي]] إلى القول بأنّه توفي في [[الكوفة]] سنة [[سنة 179 للهجرة|179]] هـ في زمن خلافة [[هارون الرشيد]]<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص 256.</ref>؛ ويظهر أن هذا الرأي هو الصحيح وينسجم مع القرائن والشواهد التي ذكرناها. وعليه لا يمكن الركون إلى القول بأنه قتل بعد نكبة [[البرامكة |البرامكة]] بقليل في زمان خلافة [[المأمون العباسي]] ([[سنة 198 للهجرة|198]]- [[سنة 218 للهجرة|218]] هـ،<ref>ابن النديم، الفهرست، ص 224.</ref> أو في سنة 199 هـ بعد خروجه من بغداد إلى الكوفة.<ref>النجاشي، رجال النجاشي، ص 433.</ref> | ||
== وصلات خارجية == | ==وصلات خارجية== | ||
* مصدر المقال: دانشنامه جهان اسلام [موسوعة العالم الاسلامي]. | *مصدر المقال: دانشنامه جهان اسلام [موسوعة العالم الاسلامي]. | ||
== الهوامش == | ==الهوامش== | ||
{{مراجع}} | {{مراجع}} | ||
== المصادر والمراجع == | ==المصادر والمراجع== | ||
{{المصادر}} | {{المصادر}} | ||
*'''القرآن الكريم'''. | *'''القرآن الكريم'''. |
تعديل