مقام رأس الحسين
مَقَامُ رَأسِ الحُسَين، هو مكان دفن أو حفظ رأس الإمام الحسين، وبحسب القول المشهور؛ فإنَّ رأس الإمام الحسين تم إلحاقه ودفنه مع جسد الإمام في كربلاء. توجد أماكن في مدن مختلفة تُعرف بمقام رأس الإمام الحسين، منها: المدينة، ودمشق، والرقة، والقاهرة.
مقامات رأس الإمام الحسين(ع)
المقصود من مقام رأس الإمام الحسين هي الأماكن التي يُقال أنَّ رأس الإمام قد دُفن فيها، أو الأماكن التي تم وضع رأس الإمام فيها لمدة قصيرة، وقد تم تحويلها إلى مواضع للزيارة.[١]
كربلاء
حسب القول المشهور بين المؤرخين والمفكرين الشيعة وأهل السنة، إنَّ رأس الإمام الحسين الذي انفصل عنه في يوم عاشوراء تم إلحاقه بجسده يوم الأربعين.[٢] وقد ذهب علماء الشيعة إلى هذا الرأي، منهم:
- الشيخ الصدوق، ومن بعده الفتال النيشابوري حيث ورد عنهما: «خرج علي بن الحسين بالنسوة (من الشام) وردّ رأس الحسين إلى كربلاء».[٣]
- السيد المرتضى، حيث قال: «وقد رووا أيضا أن رأس الإمام الحسين أعيد إلى كربلاء ودفن مع الجسد»،[٤] وبعدما نقل ابن شهر آشوب كلام السيد المرتضى، نقل قول الشيخ الطوسي الذي ذكر أنَّه وبسبب إرجاع رأس الإمام الحسين ودفنه مع البدن أصبحت زيارة الأربعين.[٥]
- ذكر ابن نما الحلي: «الذي عليه المعول من الأقوال أنَّه اُعيد إلى الجسد بعد أن طيف به في البلاد ودفن معه»،[٦]
- وقال السيد ابن طاووس: «أما رأس الحسين فروي أنَّه أعيد ودفن في كربلاء مع الجسد».[٧]
- ذكر المجلسي إنَّ من الأدلة على استحباب زيارة الإمام الحسين في يوم الأربعين هو إلحاق الرؤوس الشريفة بالأجساد من قبل الإمام زين العابدين.[٨] وفي مكان آخر بعدما نقل أقوال الآخرين، قال: «المشهور بين علمائنا الإمامية أنه دفن رأسه مع جسده».[٩]
- ذكر القزويني: «أنَّ اليوم الأول من صفر عيد بني أمية، أُدخلت فيه رأس الحسين بدمشق، وفي العشرون منه رُدَّت رأس الحسين إلى جثته».[١٠]
النجف
ذكرت بعض الروايات، أنَّ رأس الحسين تم دفنه في النجف الأشرف بجوار مرقد الإمام علي.[١١] وذكر العلامة المجلسي بعدما أشار إلى هذه الروايات: «أنَّه يظهر من الأخبار المتقدمة أنَّ رأس الحسين وجسد آدم، ونوح، وهود، وصالح، مدفونون عند مرقد الإمام علي، فينبغي زيارتهم جميعا بعد زيارته».[١٢]
يعتقد بعض المؤرخين أن هذه الأحاديث فيها مشاكل من حيث السند والمحتوى.[١٣] بالإضافة إلى ذلك، لم يعتمد أي من العلماء الشيعة على مضمون تلك الروايات.[١٤] وذهب البعض ومن خلال النظر إلى تلك الروايات إلى أنَّ هذا القول مقبول، ولكن بالنظر إلى شهرة دفن الرأس في كربلاء، يصعب تحديد أحد هذين القولين.[١٥]
يوجد في مسجد الحنانة مكان مشهور يُسمى بموضع رأس الحسين، يقال عندما تم نقل رؤوس شهداء كربلاء إلى الكوفة وضع رأس الإمام الحسين على الأرض في هذا المكان، وبحسب بعض الروايات فقد زار الإمام الصادق هذا المكان.[١٦]
المدينة
ذكرت بعض مصادر أهل السنة أنَّه عندما أرسل يزيد الأسرى إلى المدينة المنورة، بعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد عامله في المدينة فكفنه ودفنه بالبقيع، وبحسب هذه المصادر إلى جنب قبر أمه فاطمة.[١٧] وذكر البعض أنَّه أرسل الرأس إلى بني هاشم، وهم الذين دفنوه في البقيع بعد تغسيله وتكفينه والصلاة عليه.[١٨]
دمشق
وبحسب بعض الأقوال، إنَّ رأس الإمام الحسين تم دفنه في دمشق، ولكن هناك اختلاف في مكان دفنه هل هو في القصر أو البوستان، أو المقبرة.[١٩] وذكرت بعض المصادر الأخرى أن مكان دفن الرأس في باب الفراديس، الجامع الأموي، وهما عمودان على الجانب الأيمن من القبلة، في مقبرة المسلمين.[٢٠]
الكوفة
ذكر سبط بن الجوزي، إنَّ عمرو بن حريث المخزومي أخذ رأس الإمام من ابن زياد، فغسله وطيبه وكفنه ودفنه عنده في داره، وهي بالكوفة تعرف بدار الخز.[٢١]
الرقة
نقل سبط بن الجوزي أن يزيد قد أرسل رأس الإمام الحسين إلى آل أبي معيط مقابل رأس عثمان بن عفان، فدفنوه في دورهم، ثم أدخلت تلك الدار في المسجد.[٢٢]
مشهد الحسين أو مسجد النقطة
أقيم مسجد النقطة أو مشهد النقطة أو مشهد الحسين في مكان يُقال وضع فيه رأس الإمام الحسين على حجر مرتفع عندما تم نقله من كربلاء إلى دمشق، فقطرت من رأس الإمام قطرة دم زكية على ذلك الحجر. يُقال عند وصول قافلة الأسرى ورؤوس شهداء كربلاء إلى حلب قادمين من العراق، توقفوا غرب هذه المدينة بجوار سفح جبل جوشن ومعبد «مارِت مَروثا». وضعوا رأس الإمام الحسين على صخرة، وعندما رفعوه منها، سالت قطرات من دمه على الصخرة.[٢٣] وبعدها بنى أهل حلب ضريح على هذا الحجر.[٢٤]
عسقلان
وتُشير بعض المصادر أنَّ مجموعة من أهالي عسقلان من فلسطين كانوا عند يزيد، فطلبوا منه أن يأخذوا الرأس الشريف ويدفنوه عندهم، فأعطاهم الرأس فدفنوه في مدينتهم وبنوا عليه المزار.[٢٥]
وبحسب رواية أخرى، أنَّ في أثناء خلافة المستنصر بالله الفاطمي، أحد الخلفاء الفاطميين، ووزيره بدر الجمالي، شخص رأى في المنام أن رأس الإمام الحسين دُفن في عسقلان، وعرف أيضاً موقعه، وبنى عليه هناك بدر الجمال مزار.[٢٦]
القاهرة
ذكر ياقوت الحموي أنَّه يوجد في القاهرة ضريح فيه رأس الإمام الحسين.[٢٧] وقال سبط بن الجوزي أنَّ الخلفاء الفاطميين نقلوا الرأس الشريف من باب الفراديس إلى عسقلان، ثم نقلوه إلى القاهرة، وهو فيها وله مشهد عظيم يزار.[٢٨]
مرو
جاء في بعض المصادر، بعدما أحكم أبو مسلم الخراساني سيطرته على دمشق، نقل رأس الإمام الحسين إلى مرو ودفنه في دار الإمارة.[٢٩]
مدينة حضرة الإمام الصاحب
في مدينة حضرة الإمام الصاحب التي تقع في ولاية قندوز في شمال أفغانستان، يوجد ضريح نقش على حجره المثبت عند مدخله، أنَّه بعد واقعة كربلاء تم نقل رأس الإمام الحسين إلى عسقلان في الشام،[٣٠] وفي القرن السادس الهجري، تم نقله إلى مصر من قبل الخليفة الفاطمي، ولكن قبل دفنه أخذه بعض الأتراك إلى تُخارستان ودفنوه في مكان يُدعى آرهنك.[٣١] وتقام فيه المناسبات الدينية في كل عام.[٣٢]
التحقيق في النظريات
ورد في كتاب مقتل جامع إمام حسين(ع)، إنَّ معظم الأقوال حول محل دفن رأس الإمام الحسين وردت في مصادر أهل السنة، وهي لا تخلوا من أشكال من حيث السند والمحتوى؛ لذلك ذهب علماء الشيعة أنَّ الرأس الشريف تم دفنه في كربلاء مع جسد الإمام الحسين.[٣٣] وبحسب المصادر التاريخية أنَّ رأس الإمام الحسين أُلحق بالجسد الشريف في يوم الأربعين سنة 61 هـ.[٣٤]
الهوامش
- ↑ نگاهی نو به جریان عاشورا، 1390ش، ص364.
- ↑ المقرم، مقتل الحسين عليه السلام، ص362 ـ 363؛ سبط بن الجوزي، تذكرة الخواص، 1418هـ، ص238.
- ↑ الصدوق، الأمالي، ص 232؛ الفتال النيشابوري، روضة الواعظين، ج1، ص192.
- ↑ المرتضى، رسائل المرتضى، 1405، ج3، ص130.
- ↑ ابن شهر آشوب، المناقب، ج4، ص77.
- ↑ ابن نما الحلي، مثير الأحزان، ص107.
- ↑ ابن طاووس، اللهوف، ص195.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، 1403هـ، ج98، ص334.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، 1403هـ، ج45، ص145.
- ↑ القزويني، عجائب المخلوقات، 2006م، ص70.
- ↑ الكليني، الكافي، 1407هـ، ج4، ص571؛ ابن قولويه، كامل الزيارات، 1424هــ، ص86 ـ 87.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، 1403هـ، ج97، ص251.
- ↑ نگاهی نو به جریان عاشورا، 1390ش، ص367 ـ 368؛ گروهی از تاریخ پژوهان، تاریخ قیام و مقتل جامع سیدالشهدا، 1395ش، ج2، ص588.
- ↑ گروهی از تاریخپژوهان، تاریخ قیام و مقتل جامع سیدالشهدا، 1395ش، ج2، ص588.
- ↑ محمدي الريشهري، شهادت نامه امام حسین(ع)، 1395ش، ج2، ص420.
- ↑ الطوسي، الأمالي، ص628؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1403هـ، ج98، ص257.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1968م، ج5، ص238؛ الخوارزمي، مقتل الحسين، 1423هـ، ج2، ص83؛ ابن الجوزي، المنتظم، 1412هـ، ج5، ص 344.
- ↑ النويري، نهاية الأرب، 1975م، ج20، ص480.
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، 1417هـ، ج3، ص214.
- ↑ لبيب بيضون، موسوعة كربلاء، ج2، ص612؛ گروهی از تاریخپژوهان، تاریخ قیام و مقتل جامع سیدالشهدا، 1395ش، ج2، ص583.
- ↑ سبط بن الجوزي، تذكرة الخواص، 1418هـ، ص233.
- ↑ سبط بن الجوزي، تذكرة الخواص، 1418هـ، ص239.
- ↑ الحسيني الجلالي، مزارات أهل البيت وتاريخها، 1415هـ، ص236.
- ↑ الغزي، نهر الذهب، 1419هـ،ج2، ص212.
- ↑ ابن عمراني، الإنباء في تاريخ الخلفاء، ص 54.
- ↑ إبراهيم، مراقد أهل البيت في القاهرة، ص49؛ گروهی از تاریخپژوهان، تاریخ قیام و مقتل جامع سیدالشهدا، 1395ش، ج2، ص584.
- ↑ ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج5، ص142.
- ↑ سبط بن الجوزي، تذكرة الخواص، 1418هـ، ص239.
- ↑ النويري، نهاية الأرب، ج20، ص300.
- ↑ گروتس باخ، جغرافیای شهری در افغناستان، 1368ش، ص101.
- ↑ گروتس باخ، جغرافیای شهری در افغناستان، 1368ش، ص101.
- ↑ گروتس باخ، جغرافیای شهری در افغناستان، 1368ش، ص101.
- ↑ إبراهيم، مراقد أهل البيت في القاهرة، ص49؛ گروهی از تاریخپژوهان، تاریخ قیام و مقتل جامع سیدالشهدا، 1395ش، ج2، ص588.
- ↑ المقرم، مقتل الحسين عليه السلام، ص362 ـ 363.
المصادر والمراجع
- إبراهيم، محمد زكي، مراقد أهل البيت في القاهرة، د.م، مؤسسة إحياء التراث الصوفي، ط6، 1424هـ/ 2003م.
- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1412هـ/ 1992م.
- ابن العمراني، محمد بن علي، الإنباء في تاريخ الخلفاء، تحقيق: قاسم السامرائي، القاهرة، دار الآفاق العربية، ط1، 1421هـ/ 2001م.
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: أحسان عباس، بيروت، دار صادر، ط1، 1968م.
- ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، قم، مكتبة العلامة، 1379 هـ.
- ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف علي قتلي الطفوف، طهران، انتشارات جهان، ط1، 1348ش.
- ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات، تحقيق: جواد قيومي، قم، نشر الفقاهة، 1424هــ.
- ابن نما الحلي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان، قم، انتشارات مدرسة الإمام المهدي، 1406هـ.
- البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1417 هـ/ 1996 م.
- الحسيني الجلالي، محمد حسين، مزارات أهل البيت وتاريخها، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط3، 1415هـ/ 1995م.
- الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، بيروت، دار إحياء الثراث العربي، 1399هـ/ 1979م.
- الخوارزمي، الموفق بن أحمد المكي، مقتل الحسین، تحقیق: محمد طاهر السماوي، قم، دار أنوار الهدی، ط2، 1423هـ.
- الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، الأمالي، طهران، كتابچي، ط 6، 1376 ش.
- الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، قم، مؤسسة البعثة، ط1، 1417هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي، تحقيق: مؤسسة البعثة، قم، دار الثقافة، ط1، 1414هـ.
- الغزي، كامل بالي حلبي، نهر الذهب في تاريخ حلب، حلب، دار القلم، 1419هـ.
- الفتال النيشابوري، محمد بن أحمد، روضة الواعظين، قم، انتشارات الشريف الرضي، د.ت.
- القزويني، زكريا بن محمد، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، القاهرة، مكتبة الثقافة الدينية، 2006م.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر الغفاري ومحمد الآخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1407هـ.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط3، 1403هـ/ 1983م.
- المرتضى، علي بن الحسين، رسائل المرتضى، تحقيق: مهدي رجائي، قم، دار القرآن الكريم، 1405هـ.
- المقرم، عبد الرزاق الموسوي، مقتل الحسين، قم، مؤسسة البعثة، د.ت.
- النويري، أحمد بن عبد الواهاب، نهاية الأرب في فنون الأدب، تحقيق: محمد رفعت فتح الله، د.م، دار الكتب والوثائق القومية، 1975م.
- بيضون، لبيب، موسوعة كربلاء، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1415هـ.
- سبط ابن الجوزي، يوسف بن فرغلي بن عبد الله، تذكرة الخواص، قم، منشورات الشريف الرضي، 1418هـ.
- كروتس باخ، اروین، جغرافیای شهری در افغانستان، ترجمة: محسن محسنیان، مشهد، آستان قدس رضوی، 1368ش.
- گروهی از تاریخ پژوهان، تاریخ قیام و مقتل جامع سیدالشهدا، زیر نظر مهدی پیشوایی، قم، نتشارات مؤسسه آموزشی و پژوهشی امام خمینی، ط11، 1395ش.
- مجموعة من الباحثين، نگاهی نو به جریان عاشورا، زیر نظر سید علي رضا واسعي، قم، بوستان كتاب، ط7، 1390ش.
- محمدي الريشهري، محمد، شهادت نامه امام حسین(ع) بر پایه منابع معتبر، قم، دار الحديث، ط4، 1395ش.