التّباكي هو حمل النفس على البكاء، وله فضيلة عظيمة في الثقافة الشيعية، وخصوصاً في أثناء العبادة وعزاء الإمام الحسين، حيث يُستحب في الدعاء، والصلاة، والحج، وعند قراءة أو سماع القرآن. برأي الشيخ جعفر التستري لا بد أن يكون التباكي خالي من الرياء؛ لأنَّه لا يُقبل إلا بخلوص النية.
المفهوم
التباكي في اللغة هو بمعنى تكلف البكاء والتظاهر به،[١] أو حمل النفس على البكاء،[٢] ويذكر حسين عندليب الهمداني في كتاب ثأر الله، أنَّ التباكي بمعنى جلوس شخصين أو مجموعتين يُبكي أحدهما الآخر عند ذكر مصائب الإمام الحسين
.[٣] يُعتبر التباكي في الثقافة الشيعية عمل حسن وله فضيلة البكاء وثوابه.[٤] والتباكي في العزاء هو بمعنى أنَّ الشخص يشرع في حالة البكاء، ونتيجة لذلك يعيش حالة من الصفاء القلبي والتأثير الباطني. وعليه فيُمكن عد التباكي نوع من الخضوع الظاهري الذي يؤدي إلى الخشوع الباطني.[٥] ورد في الروايات إذا لا يستطيع الفرد البكاء، فليحاول أن يخرج ولو دمعة من عينه، أو يتباكى ليتشبه بالباكين ويكون شريكاً في ثوابهم،[٦] وبرأي الشيخ جعفر التستري لا بد أن يكون التباكي خالياً من الرياء؛ لأنَّه لا يُقبل إلا بخلوص النية.[٧]
موارد التباكي
في عزاء الإمام الحسين(ع)
ورد في الأحاديث أن من بكى على الإمام الحسين أو أبكى أو تباكى، وجبت له الجنة.[٨] والتباكي في عزاء الإمام الحسين بمعنى أن الإنسان يعيش حالة البكاء والغم حتى يُحسب من بين المعزين ويحصل على الثواب المعنوي.[٩] واحتمل الميرزا النوري في كتاب اللؤلؤ والمرجان، أن الهدف من التأكيد على التباكي في العزاء، هو من أجل اظهار المصيبة وأن يُبكي المؤمنون بعضهم بعضاً.[١٠] ويعتبر المفكر الشيعي مرتضى المطهري، إن التباكي والتظاهر بالبكاء على شهداء كربلاء هو نوع من أنواع إعلان الانتماء إلى جماعة أهل الحق، وإعلان الحرب على جماعة أهل الباطل، ويُضيف أن العزاء على شهادة الإمام الحسين عبارة عن صراع اجتماعي.[١١]
أثناء العبادة
ورد في الأحاديث يُفضل البكاء أو التباكي في الدعاء، عند طلب الحاجة أو عند الخوف من حدوث شيء.[١٢] وورد أيضاً التباكي ومحاولة إخراج ولو دمعة واحدة من العين، حتى لو كان ذلك بتذكر أحد الأقارب من الموتى.[١٣] وفي رواية عن رسول الله
، إذا بكى أو تباكى الإنسان عند قراءة أو سماع القرآن وجبت له الجنة.[١٤] ورد أيضاً في الأحاديث استحباب التباكي من خشية الله، أو محبته، أو الشوق إلى الجنة والخوف من جهنم، وخاصة أثناء الصلاة وبعد الصلاة، وعند الدعاء، والذكر، وعند أداء أعمال الحج وخاصة أثناء السعي بين الصفا والمروة، والوقوف في عرفات.[١٥]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، ج14، ص83.
- ↑ المجلسي، مرآة العقول، ج12، ص56.
- ↑ عندليب الهمداني، ثأر الله.
- ↑ مكارم الشيرازي، عاشورا ریشه‌ها انگیزه‌ها رویدادها، 1387ش، ص81.
- ↑ مظاهري، فرهنگ سوگ شیعی، 1395ش، ص112.
- ↑ المجلسي، مرآة العقول، ج12، ص56.
- ↑ التستري، الخصائص الحسينية، ص186.
- ↑ الصدر، أضواء على ثورة الحسين، ص163.
- ↑ مكارم الشيرازي، عاشورا ریشه‌ها انگیزه‌ها رویدادها، 1387ش، ص81.
- ↑ المحدث النوري، اللؤلؤ والمرجان، ص66.
- ↑ المطهري، بررسی اجمالی نهضتهای اسلامی در صد ساله اخیر، 1396ش، ص83.
- ↑ المجلسي، مرآة العقول، ج12، ص57.
- ↑ المحدث النوري، مستدرك الوسائل، 1407هـ، ج5، ص205.
- ↑ المحمودي، ترتيب الأمالي، 1430هـ، ج8، ص369.
- ↑ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج6، ص289؛ صادقي اردستاني، حج از ميقات تا ميعاد، 1385ش، ص145.
المصادر والمراجع
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط3، 1414 هـ.
- التستري، جعفر، الخصائص الحسينية، قم، انتشارات الشريف الرضي، د.ت.
- الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيت
لإحياء التراث، ط1، 1409 هـ. - الصدر، محمد محمد صادق، أضواء على ثورة الحسين، تحقيق وتعليق: كاظم العبادي الناصري، بيروت، دار ومكتبة البصائر، 1431 هـ/ 2010 م.
- المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، تحقيق وتصحيح: السيد هاشم رسول محلاتي، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط2، 1404 هـ.
- المحمودي، محمد جواد، ترتيب الأمالي، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط2، 1430 هـ.
- المطهري، مرتضى، بررسی اجمالی نهضتهای اسلامی در صد ساله اخیر، طهران، انتشارات صدرا، ط52، 1396 ش.
- الميرزا النوري، حسين بن محمد، اللؤلؤ والمرجان في آداب أهل المنبر، بيروت، دار البلاغة، ط1، 1423 هـ.
- الميرزا النوري، حسين بن محمد، مستدرك الوسائل، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، 1407 هـ.
- صادقي اردستاني، أحمد، حج از ميقات تا ميعاد، طهران، نشر مشعر، 1385ش.
- عندليب الهمداني، حسين، ثأر الله، قم، کتاب جمکران وابسته به مسجد مقدس جمکران، ط1، 1392ش.
- مظاهري، محسن حسام، فرهنگ سوگ شیعی، طهران، خيمة، 1395ش.
- مكارم الشيرازي، ناصر، عاشورا ریشه‌ها انگیزه‌ها رویدادها، قم، نشر مؤلف، 1387ش.