آية المحاربة

هذه مقالة حول آية المحاربة. لمفهوم المحاربة طالع المحاربة.

آية المحاربة

عنوان الآية	المحاربة
رقم الآية	33
في سورة	المائدة
في جزء	6
رقم الصفحة	113
شأن النزول	حول قوم من عُرَيْنَةَ أو قطّاع الطريق
مكان النزول	المدينة
الموضوع	فقهي
معلومات أخرى	حول الذين يسعون إلى سلب الأمن في المجتمع.

آية المُحارَبَة هي الآية 33 من سورة المائدة، حيث تحدثت عن جزاء الذين يحاربون الله تعالى ورسول الله، ويذهب معظم المفسرين إنَّها نزلت في جماعة من المسلمين الجدد، فقتلوا بعض المسلمين وسرقوا الإبل وعاقبهم رسول الله بوفق ما جاء في الآية.

وقد تم الاستفادة من هذه الآية كأساس في استخراج الأحكام الخاصة بالمحاربة في الفقه. وذكر الفقهاء إنَّ من استولى وبشكل علانية وبغير حق على أموال الناس أو أسرهم عن طريق السلاح فهو محارب، واستدلوا بهذه الآية على أنَّ عقوبته القتل، والصَلْب، وقطع اليدين والرجلين من خلاف، والنفي إلى بلد آخر، وذهب جملة منهم إنَّ القاضي له الحق أن يختار واحدة من تلك العقوبات، وذكر آخرون إنَّ واحدة أو أكثر من تلك العقوبات تُنفّذ عليه؛ وذلك حسب نوع الجريمة التي ارتكبها.

نص الآية

هي الآية 33 من سورة المائدة قال تعالى:

﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾

شأن النزول

يري معظم المفسرين إنَّ آية المحاربة نزلت بشأن قوم من عُرَيْنَةَ، وهم مشركين ذهبوا إلى المدينة وأصبحوا مسلمين، ولكنهم لم يتأقلموا مع مناخ المدينة فمرضوا فأمرهم النبي أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها ففعلوا ذلك فصحوا، ولكنهم بعد شفائهم ارتدوا عن الإسلام وقتلوا بعض المسلمين، وسرقوا الإبل وهربوا من المدينة. وذكر العلامة الطباطبائي إنَّ رسول الله أرسل إليهم الإمام علي فأسرهم وجاء بهم إليه، فنزلت هذه الآية وعاقبهم النبي على طبق ما جاء فيها. يرى البعض إنَّ العرينيين أقدموا على السرقة فقط، ولهذا السبب قطع رسول الله أيديهم وأرجلهم فقط طبقاً للأية. كما تم نقل قصة العرينيين في كتاب الكافي عن الإمام الصادق.

ويوجد شأن نزول آخر لهذه الآية، فذكر الفخر الرازي إنها نزلت في قوم من بني إسرائيل لأنهم بالغوا في القتل. واحتمل بعض المفسرين الآخرين شأن نزول آخر: كقطاع الطريق، ولصوص قوافل الحج والزيارة، والمشركين، ومن يخالفون العهد. وذكر العلامة الطباطبائي حول شأن نزول الآية، إنّ هناك جملة من الروايات ذكرت شأن نزولها في ستة كتب معتبرة عند أهل السنة مع اختلاف بسيط فيما بينها.

التفسير

تُعرف الآية 33 من سورة المائدة بآية المحاربة، وذهب المفسرين إنَّ كل من يوجد انعدام الأمن العام والنهب في المجتمع الإسلامي يُعد محارباً؛ لأنَّ المحارب في الواقع قد أعلن الحرب على الله تعالى ورسول الله. ويعاقب المحارب بإحدى الطرق الأربع المذكورة في الآية:

• القتل: وهو عقاب المحارب الذي قتل إنسان أيضاً، وذهب الفاضل المقداد وهو فقيه ومفسر شيعي في القرن التاسع الهجري، إذا عفا أولياء الدم عن المقتول فلن يُلغى الحكم، والمحارب يُقتل بالتأكيد.
• الصَلْب: (ربط يدي المجرم وقدميه بشيء يشبه الصليب) وهو عقوبة الشخص الذي ارتكب السرقة وبالإضافة إلى ذلك قد قتل إنسان. وذكر الفضل بن الحسن الطبرسي وهو فقيه ومفسر شيعي في القرن السادس الهجري، إنَّ من وجب عليه الصلب قًتل قبل صلبه ويُعلق ثلاثة أيام. وحسب ما جاء في كتاب كشف الأسرار، فإنَّ المحارب يُعلق قبل القتل بثلاثة أيام أو يعلق بعد القتل ثلاثة أيام، وتشخيص ذلك متروك للإمام.
• قط اليدين والرجلين: جزاء المحارب الذي أخذ المال ولم يقتل. وقد بين الإمام الصادق القطع أنَّه يكون من خلاف وهو لليد اليمنى والرجل اليسرى. وذهب البعض إلى أنَّ القطع بنفس المقدار الذي ينفذ بحق السارق لدى قطع يده، أي مجرّد قطع أربعة من أصابع اليد أو الرجل‌.
• النفي أو السجن: جزاء من يوجد الخوف وعدم الأمان بين الناس. وقد ذهب بعض المفسرين إنَّ معنى «أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ» هو نفي المحارب إلى مدينة أخرى أو سجنه. وذكر البعض أنَّه ينبغي منع المحارب من الذهاب إلى المدن التي يعيش فيها أهل الكفر. جاء في كتاب كنز العرفان للفاضل المقداد نقلاً عن الشافعي مؤسس إحدى المذاهب السنية الأربعة: أيّ بلد يستقر فيه أو يقصده يكتب إليهم أنّه محارب فلا يبايع ولا يعامل ولا يعاشر.

وذكر المفسرين المسلمين إنَّ العقوبات المذكورة تحدد حسب نوع الجرم الذي أقدم عليه المحارب، كما ورد عن الإمام الباقر والإمام الصادق. وفي طريقة معاقبة المحارب ارجعها البعض إلى ما يقرره الحاكم أو الإمام. ووفق هذه الآية إنَّ هذه العقوبات مرتبطة في الدنيا، ولا تمنع العقاب عن المحارب في الآخرة.

التوبة

يرى المفسرون إنّه إذا تاب المحارب قبل القبض عليه تُقبل توبته ولن يُعاقب. وذكر السيوطي أحد المحدثين في القرن العاشر الهجري رواية جاء فيها، إنَّ حارث بن بدر رفع السيف على الناس في مصر، لكنه تاب وأخذه بعض المسلمين إلى الإمام علي وبعدما تأكد الإمام من ندمه، قبل توبته وأعطاه الأمان. طبعاً في حال توبة المحارب يتم غض الطرف عن إخلاله بالأمن العام، أما إذا ارتكب السرقة أو القتل، فينبغي معاقبته على ذلك. كذلك إذا تاب بعد القبض عليه فلا تسقط عنه العقوبة.

التطبيق الفقهي

المقالة الرئيسة: المحاربة

ورد في الكتب الفقهية الحكم الشرعي للمحارب وفق ما ورد في آية المحاربة، حيث أفتى الفقهاء إنَّ من استولى وبشكل واضح ومن غير حق على أموال الغير أو أسرهم فهو محارب. وقد تم تحديد شروط مختلفة لتشخيص المحارب، مثل إشهار السلاح، وإثارة الرعب في نفوس الناس، والفساد. وذكر مجموعة من الفقهاء جملة من المصادق على المحارب، منها: أهل الذمة، والمرتدون، وقطاع الطريق وكل من شهر السلاح وأخاف الناس. كما اعتبر بعض الفقهاء أن معنى المحاربة هي حرب على المسلمين.

التخيير أو الترتيب

طبق آية المحاربة هناك أربع عقوبات على المحارب، ولكن اختلف الفقهاء في كيفية معاقبة المحارب، فذهب الشيخ الصدوق، والشيخ المفيد، والعلامة الحلي، والإمام الخميني إنَّ العقوبة على نحو التخيير، والقاضي له الحق أن يختار واحدة من العقوبات الأربع.

في المقابل يرى الشيخ الطوسي، ومحمد حسن النجفي، وصاحب الرياض، والسيد أبو القاسم الخوئي، إنَّ عقوبة المحارب على نحو الترتيب ومتناسبة مع الجريمة التي ارتكبها.