انتقل إلى المحتوى

آية الطلاق

من ويكي شيعة
آية الطلاق
عنوان الآيةآية الطلاق
رقم الآية229
في سورةالبقرة
في جزءالثاني
شأن النزولطلاق الخلع - الطلاق الرجعي
مكان النزولالمدينة المنورة
الموضوعفقهي
معلومات أخرىبيان أحكام وشروط الطلاق


آية الطلاق هي الآية المئتان والتاسعة والعشرون من سورة البقرة، وهي تتحدث عن انفصال الزوجين على وجه الرجعي وأحكام هذا الانفصال. وأشير فيها أيضا إلى طلاق الخلع. وبناء على هذه الآية، للرجل في الطلاق الرجعي حق الرجوع إلى زوجته مرّتين. وقد أكد الله في هذه الآية على أداء الحقوق والمهر للمرأة عند الطلاق، وأن يكون الرجوع والمعاشرة بالمعروف، وأن لا يُلحق الضرر بالنساء.

وعدّ فقهاء الشيعة واستناداً إلى عبارة ﴿الطَّلاقُ مَرَّتانِ في آية الطلاق، أنّ وقوع الطلاق في مجالس متعددة صحيحٌ، ورأوا أن الطلاق الثلاثي في مجلس واحد باطل.

نص الآية

﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

المحتوى والأحكام

يعتقد بعض المفسرين أنّ الآية 229 من سورة البقرة قد اشتهرت باسم «آية الطلاق».[١] وقد بيّنت هذه الآية أحكام وشروط الطلاق الرجعي وطلاق الخلع.[٢] وبحسب رأي فقهاء الشيعة، فإنّ الرجل في الطلاق الرجعي بعد أن يطلّق زوجته، يملك خلال فترة العدة إمكانية الرجوع إليها.[٣] وطبقاً لآية الطلاق فإنّ للرجل حق الرجوع إلى زوجته مرّتين، وفي الطلقة الثالثة لا يكون له حق الرجوع إليها.[٤]

وبحسب آية الطلاق، لا يجوز للرجل عند الانفصال أن يسترجع المهر الذي دفعه للمرأة، ويرى بعض المفسرين أنّه لا يجوز للرجل أن يستردّ أي شيء آخر غير المهر مما كان قد أعطاه لزوجته.[٥]

وقد بيّنت آية الطلاق بعض الشروط للرجل عند رجوعه إلى زوجته أو عند تركها، ومنها:

  1. يجب أن يكون الرجوع إلى المرأة بالمعروف، وبحسن المعاشرة، وبنيّة إصلاح العلاقة بينهما.[٦]
  2. في حال لم يرجع الرجل وترك زوجته، ينبغي أن يكون هذا الترك بإحسان، فلا يلحق الضرر بالمرأة بعد الطلاق، وأن يُؤدى لها جميع حقوقها.[٧] وبحسب ما ورد عن العلامة الطباطبائي، فإنّ الله منع بهذا الشرط من الإضرار بالنساء.[٨] وقد نقل الطبرسي عن الإمام الباقرعليه السلام والإمام الصادقعليه السلام أنّ المرأة التي طُلّقت للمرّة الثالثة يحصل انفصالها بعد انقضاء العدة.[٩]

وفي هذه الآية، بالإضافة إلى الطلاق الرجعي الذي يكون من جانب الرجل، أُشير كذلك إلى طلاق الخلع الذي يكون باقتراح الطلاق من جانب المرأة.[١٠] وبناء على نص آية الطلاق وآراء المفسرين، فإنّ طلاق الخلع شُرّع لمنع النساء من ارتكاب الذنوب؛ إذ إنّ من شروط الزواج حسن المعاشرة والإحسان والوفاء، والمرأة إذا لم تكن لها رغبة في زوجها ربّما لا تلتزم بهذه الشروط.[١١]

شأن النزول

هناك قولان في شأن نزول هذه الآية: أحدهما في خصوص الطلاق الرجعي والآخر في طلاق الخلع.[١٢]

  • يعتقد بعض المفسرين أنّ هذه الآية نزلت في مواجهة عادة خاطئة في عصر الجاهلية.[١٣] ففي الجاهلية كان الطلاق الرجعي بلا قيدٍ ولا حدّ، فيطلّق الرجل زوجته مراراً، ثم يُراجعها متى شاء، كما كان بعضهم يتعمّدون تطليق نسائهم للإضرار بهنّ وإيقاعهنّ تحت الضغوط، ثم يعاودون الرجوع إليهنّ قبل انقضاء العِدّة.[١٤] ومع نزول آية الطلاق أُبطل هذا العرف الجاهلي، وحُصر الطلاقُ في ثلاث مرّات، والرجوعُ إلى الزوجة في مرّتين.[١٥]
  • وبحسب الطبرسي المفسر الشيعي، فإنّ شأن نزول عبارة «إِلاَّ أَنْ يخافا» يتعلق بطلاق الخلع.[١٦] وطبقاً لرواية وردت في مجمع البيان، فإنّ جميلة زوجة ثابت بن قيس لم يكن لها رغبة في العيش معه، بخلاف ثابت، وأرادت الانفصال عنه. وأخيراً، وبأمر النبي(ص)، وبعد أن ردّت مهرها، انفصلت عنه.[١٧]

التطبيق الفقهي

استدل فقهاء الشيعة، ومنهم السيد أحمد الخوانساري، بآية الطلاق في مباحث الطلاق.[١٨] كما أنّهم، استناداً إلى الآية، بيّنوا بعض الأحكام الشرعية المتعلّقة بالطلاق.[١٩] ويرى فقهاء الشيعة أن عبارة «الطَّلاقُ مَرَّتانِ» تدلّ على أنّ الطلاق ينبغي أن يقع في مجلسين منفصلين، وأنّ إجراء الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد غير صحيح.[٢٠]

العلاقة بين الأخلاق والفقه

من وجهة نظر العلامة الطباطبائي، فإنّ آية الطلاق تشير إلى العلاقة بين الأحكام الفقهية والأصول الأخلاقية، وعدم جواز الفصل بينهما.[٢١] وبحسب رأيه، فإنّ الاقتصار على ظاهر الأحكام الفقهية والجمود عليها غير كافٍ؛ لأنّه يبطل مصالح التشريع، ويُفقد الدينَ غايتَه؛ إذ إنّ الإسلام دين عمل وجدّ، وليس دين أقوال. كما اعتبر أنّ الانحطاط الأخلاقي لدى المسلمين إنّما هو نتيجة اكتفائهم بظواهر الأحكام وانصرافهم عن روح الدين وباطنه.[٢٢][ملاحظة ١] وقد صرّح بأنّ الإعراض عن روح الأحكام الدينية في جميع الشؤون والمجالات هو في الحقيقة استهزاء بآيات الله وظلم للنفس؛ لأنّه انحراف عن الفطرة الإنسانية، ونتيجته الحرمان من السعادة الحقيقية وفساد المجتمع وانحطاطه.[٢٣]

الهوامش

  1. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج6، ص108.
  2. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج2، ص233-236؛ فخر الرازي، التفسير الكبير، 1420هـ، ج6، ص442 وص443؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ط2، ص166؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج3، ص272.
  3. مؤسسة دائرة المعارف الفقه الإسلامي، فرهنگ فقه، 1392ش، ج5، ص205.
  4. فخر الرازي، التفسير الكبير، 1420هـ، ج6، ص442 وص443؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ج2، ص166؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، 1408هـ، ج3، ص272.
  5. فخر الرازي، التفسير الكبير، 1420هـ، ج6، ص442 وص443.
  6. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج2، ص234؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1419هـ، ج1، ص461؛ البيضاوي، تفسير البيضاوي، 1418هـ، ج1، ص142.
  7. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج2، ص235؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير، 1419هـ، ج1، ص461؛ البيضاوي، تفسير البيضاوي، 1418هـ، ج1، ص142.
  8. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج2، ص234.
  9. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج2، ص578.
  10. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج2، ص578؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ط2، ص169.
  11. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج2، ص578؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ط2، ص169.
  12. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج2، ص577.
  13. فخر الرازي، التفسير الكبير، 1420هـ، ج6، ص442 وص443؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ج2، ص166؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، 1408هـ، ج3، ص272.
  14. مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ج2، ص166.
  15. فخر الرازي، التفسير الكبير، 1420هـ، ج6، ص442 وص443؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ج2، ص166؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، 1408هـ، ج3، ص272.
  16. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج2، ص578.
  17. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج2، ص578.
  18. الخوانساري، جامع المدارك، 1364ش، ج4، ص250؛ مرواريد، سلسلة الينابيع الفقهية، 1410هـ، ج20، ص217؛ القمي، جامع الخلاف والوفاق، 1379ش، ص482.
  19. مرواريد، سلسلة الينابيع الفقهية، 1410هـ، ج20، ص217؛ القمي، جامع الخلاف والوفاق، 1379ش، ص482.
  20. الخوانساري، جامع المدارك، 1364ش، ج4، ص250؛ مرواريد، سلسلة الينابيع الفقهية، 1410هـ، ج20، ص217؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ج2، ص170.
  21. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج2، ص235.
  22. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج2، ص235.
  23. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج2، ص236-237.

الملاحظات

  1. وربما استشعر من الآية عدم جواز التفرقة بين الأحكام الفقهية والاصول الأخلاقية، والاقتصار في العمل بمجرد الأحكام الفقهية والجمود على الظواهر والتقشّف فيها، فإنّ في ذلك إبطالا لمصالح التشريع وإماتة لغرض الدين وسعادة الحياة الانسانية

المصادر والمراجع

  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير ابن كثير، بيروت، دار الكتب الإسلامية، 1371ش.
  • أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، مشهد، العتبة الرضوية، 1408هـ.
  • البيضاوي، عبد الله بن عمر، تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 1418هـ.
  • فخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير (مفاتيح الغيب)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثالثة، 1420هـ.
  • الخوانساري، السيد أحمد، جامع المدارك في شرح المختصر النافع، طهران، مكتبة الصدوق، 1364ش.
  • القمي، علي بن محمد، جامع الخلاف والوفاق بين الإمامية وبين أئمة الحجاز والعراق، قم، دار «زمينه سازان ظهور» للنشر، 1379ش.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1390هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، دار «ناصر خسرو» للنشر، 1372ش.
  • مرواريد، علي أصغر، سلسلة الينابيع الفقهية، بيروت، الدار الإسلامية، 1410هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير نمونه، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1371ش.
  • مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، موسوعة الفقه الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت(ع)، قم، مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، الطبعة الأولى، 1392ش.