الدفاع عن المظلوم

الدفاع عن المظلوم من الأمور التي أكدت عليها الأحاديث الإسلامية وأوجبها الفقهاء. وقد روي عن رسول الله، أنّه من سمع استغاثة مظلوم، فلم يستجب له، فليس بمسلم. وذكر بعض الفقهاء أن روايات الدفاع عن المظلومين وصلت إلى حد التواتر.

ولا يرى الفقهاء أن الدفاع عن المظلوم يقتصر على دين أو حدود جغرافية معينة، وأفتى بعضهم بوجوب الدفاع عن الشعب الفلسطيني. ويؤكد المبدأ الثالث من دستور جمهورية إيران الإسلامية على دعم المستضعفين في العالم دون تردد.

ويرى مرتضى مطهري والسيد محمد البهشتي، من علماء الشيعة، إن التسامح وقبول الظلم في الإسلام أمر سيء مثل الظلم. ونقل عن الإمام علي في نهج البلاغة قوله: إنّ الضعيف والذليل لا يرفع الظلم عن نفسه، ولا ينال الحق إلا بالسعي.

المكانة

السيد علي الخامنئي:

الدفاع عن المظلوم نقطة مضيئة في الحياة البشرية، وكذلك مقارعة الظالم ورفض الرشوة من القوي، والثبات على الحقيقة، كلّها قيم إنسانية ثابتة لا يعتريها القدم والتجدد، ولا تغيّرها الظروف والأحوال.

أكد علماء المسلمين كثيرًا على الدفاع عن المظلومين، ويعتقدون أنه واجب عقلي وفطري، وقد أمرت به الكثير من الأحاديث والقرآن، بل يصل إلى حد الوجوب. وقد ذكر السيد عبد الأعلى السبزواري أن الروايات التي وردت في الدفاع عن المظلوم تصل إلى حد التواتر. استدل مكارم الشيرازي مفسر القرآن بالآية 75 من سورة النساء وذكر أن الدفاع عن المظلوم من مصاديق الجهاد الدفاعي.

وفي الروايات الإسلامية ثواب الدفاع عن المظلوم، الصحبة مع النبي، وكفارة الذنوب الكبيرة. عن الإمام الصادق عن رسول الله من سمع رجلا يُنادي يا للمسلمين فلم يجبهُ فليسَ بِمُسلِم. وقد شارك رسول الله قبل البعثة ممثلاً عن بني هاشم في حلف الفضول الذي كان من أجل الدفاع عن المظلوم في قبال الظالم.

ويرى مرتضى المطهري أن الله تعالى حرّم القذف والتشهير بالآخرين إلا من قبل المظلوم، ويرى أنه بحسب آيات القرآن، فإن الله سمح للمظلوم أن يرفع صوته ويقول السوء ويرفع الشعار ضد المظلوم، والسبب في ذلك أن هذا هو الطريق من أجل إحقاق الحق.

الوجوب الشرعي للدفاع عن المظلومين

وقد اعتبر صاحب الجواهر وكاشف الغطاء من فقهاء الشيعة، أن الدفاع عن المظلوم واجب كفائي في حال بقائهم سالمين وقادرين على المساعدة. ويرى جواد التبريزي (وفاة: 1427هـ) أحد مراجع التقليد عند الشيعة، وجوب الدفاع عن المظلوم.

الدفاع عن الأمم المظلومة

وبحسب فتاوى الفقهاء فإن الدفاع عن المظلوم لا يقتصر على أي حدود جغرافية. وقد أصدر فقهاء مثل محمد حسين كاشف الغطاء، وآية الله البروجردي، والإمام الخميني، فتاوى حول وجوب الدفاع عن الشعب الفلسطيني. وقد ورد في المبدأ الثالث من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التأكيد على دعم المستضعفين في العالم دون تردد.

ذم المظلوم الذي لا يدافع عن نفسه

ويرى المطهري، وهو رجل دين وفيلسوف شيعي، أن الإسلام حارب الضعف والعجز، ومن وجهة نظره فإن الإسلام عدو لمن يخضع للظالم وهو يمتلك القوة، بقدر ما هو عدو للظالم. وورد عن الإمام علي أن الضعيف والذليل لا يرفع الظلم عن نفسه، ولا ينال الحق إلا بالسعي.

كما قال محمد البهشتي، وهو مجتهد وسياسي شيعي، إن قبول الظلم في الإسلام ذنب مثل الظلم، وإذا قبل الشخص الظلم، فعليه أن يلوم نفسه أولاً. ويستدل بالآية 38 من سورة الأعراف أن بعض الناس في الجحيم يسألون الله تعالى العذاب المضاعف للآخرين؛ لأنهم هم الذين أضلّوهم. ويأتي الجواب على ذلك في القرآن، أن ذنب الجميع واحد، وأن العقوبة مضاعفة لكلا الفريقين.