قاعدة لا تعاد

من ويكي شيعة

قاعدة لا تعاد قاعدة فقهية تتعلق بالصلاة، مفادها أن أي زيادة أو نقيصة تقع في بعض أجزاء أو شروط الصلاة لا يؤدي إلى بطلانها؛ إلا في خمسة موارد: الطهارة، ووقت الصلاة، والقبلة، والركوع، والسجود.

وبناء على هذه القاعدة فإن أي خلل يقع في الموارد الخمسة المذكورة، سواء كان بسبب السهو أو النسيان أو العمد، أو الجهل، أو العلم يؤدي إلى بطلان الصلاة، أما إذا وقع خلل في غير أركان الصلاة سهواً أو نسياناً، كنسيان ذكر الركوع والسجود، فلا تبطل الصلاة ولا حاجة إلى إعادتها أو قضائها. ذكر مشهور الفقهاء أن هذه القاعدة لا تجري على الجاهل، يعني أن الجاهل إذا كان لديه خلل أو نقص في الأجزاء أو الشروط غير الركنية للصلاة، كقراءة السورة، فإن صلاته باطلة ويجب عليه إعادتها.

يعدّ حديث لا تعاد هو مدرك وسند هذه القاعدة، رواه زرارة بن أعين عن الإمام الباقر، والإمام الصادقعليهما السلام، وقد اعتبر الفقهاء سند الحديث صحيحًا من حيث المتن والدلالة، ولا إشكال فيه.

وقد استدل بحديث وقاعدة لا تعاد على ركنية الموارد الخمسة، وذكر أن هذه القاعدة تشمل أركان الصلاة الأخرى كالنية وتكبيرة الإحرام.

مكانة وتعريف القاعدة

قاعدة لا تعاد هي من القواعد الفقهية المتعلقة بالصلاة.[١] وذكر أن هذه القاعدة تُعتبر من القواعد الفقهية؛ لأنها تصح في جميع أجزاء الصلاة وشروطها وموانعها.[٢] وأسمها أخذ من نفس الحديث الذي وردت فيه.[٣] وتجري هذه القاعدة في الصلاة الواجبة والمستحبة.[٤]

والمقصود من قاعدة لا تعاد، أن أي خلل يقع في بعض أجزاء أو شروط الصلاة، لا يؤدي إلى بطلانها؛ إلا في خمسة موارد: الطهارة، ووقت الصلاة، والقبلة، والركوع، والسجود. فالإخلال في أحد هذه الموارد الخمسة، ولو كان بسبب السهو أو الجهل يؤدي إلى بطلان الصلاة فيجب إعادتها أو قضاؤها.[٥]

ومن خلال مدرك هذه القاعدة (أي حديث لا تعاد)، فقد اعتبر الفقهاء أن هذه القاعدة تتكون من جزئيين[٦] أو قاعدتين،[٧] الجزء أو القاعدة الأولى هي نفس قاعدة لا تعاد (أي لا تعاد الصلاة)، والجزء أو القاعدة الثانية تسمى قاعدة تعاد (إي إعادة الصلاة) والتي وردت في حديث لا تعاد بعد كلمة الاستثناء (إلا).[٨]

تطبيقاتها وأحكامها

وبحسب القاعدة وحديث لا تعاد، فإن أي إخلال في طهارة الصلاة، ووقت الصلاة، والقبلة، والركوع، وسجدتي الصلاة، يؤدي إلى بطلانها،[٩] سواء كان بسبب السهو أو النسيان أو العمد، أو كان بسبب الجهل أو العلم والوعي.[١٠] وبحسب مشهور الفقهاء،[١١] إذا حصل خلل في الصلاة عن علم وعمد في غير هذه الموارد الخمسة، فأن الصلاة تبطل أيضًا، أما إذا كان سهوا أو نسيانا فلا تبطل ولا إعادة فيها ولا قضاء.[١٢] وبشكل عام، وفق هذه القاعدة، إذا حصل خلل بسبب السهو في غير أركان الصلاة، كنسيان ذكر الركوع والسجود، فلا تبطل الصلاة.[١٣] وبوجهة نظر مشهور الفقهاء أن قاعدة لا تعاد لا تجري على الجاهل، يعني أن الجاهل إذا كان لديه خلل أو نقص في الأجزاء أو الشروط غير الركنية للصلاة، كقراءة السورة، فإن صلاته باطلة ويجب عليه إعادتها.[١٤]

وقد استدل بحديث وقاعدة لا تعاد على ركنية الركوع،[١٥] والسجدتين معًا،[١٦] وثلاثة موارد أخرى (الطهارة، والوقت، والقبلة).[١٧] وكذلك تم الاستناد على بطلان الصلاة في حالة الخلل في أركان الصلاة بحديث لا تعاد.[١٨] وذكر جعفر السبحاني، إن النية وتكبيرة الإحرام التي هي من أركان الصلاة، لم تُذكر في هذه القاعدة؛ لأنها واضحة ومقبولة لدى الجميع.[١٩] وبحسب علي المشكيني، فإن ركنية أركان الصلاة الأخرى، كالنية وتكبيرة الإحرام، يحصل عليها من أدلة أخرى، وقاعدة لا تعاد تدل على ركنية هذه الموارد، فإي خلل في هذه الأركان تبطل الصلاة ويجب إعادتها.[٢٠] كما يرى البعض أن قاعدة لا تعاد تشمل جميع أركان الصلاة.[ملاحظة ١] [٢١]

وقد ذكر إن المقصود بالطهارة في قاعدة وحديث لا تعاد هي الطهارة من الحديث،[ملاحظة ٢] ولا تشمل الطهارة من الخبث.[٢٢] والخلل في القبلة هو وقوع الصلاة على نحو الاستدبار أو ما بينه وبين اليمين واليسار، والخلل في وقت الصلاة هو وقوع الصلاة قبل حلول وقتها.[٢٣] والخلل من ناحية الركوع والسجود هو نسيانهما،[٢٤] أو الزيادة أو النقصان في سجدتي الصلاة.[٢٥]

ومعنى إعادة الصلاة في القاعدة هو إعادة الصلاة بكامل أجزائها وشروطها.[٢٦]

مدرك القاعدة

يعتبر حديث لا تعاد هو مدرك وسند هذه القاعدة.[٢٧] وحديث لا تعاد رواه زرارة بن أعين عن الإمام الباقر،[٢٨] والإمام الصادقعليهما السلام.[٢٩] وعبارة الحديث كما يلي: «لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إِلَّا مِنْ خَمْسَةٍ، الطَّهُور،ِ وَالْوَقْتِ، وَالْقِبْلَةِ، وَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ».[٣٠]

وقد اعتبر سند هذا الحديث صحيح.[٣١] وقد ذكر جعفر السبحاني فقيه شيعي، إن سند الرواية المنقول عن الإمام الصادقعليه السلام في كتاب الخصال صحيح مئة بالمئة، وسند الشيخ الطوسي في كتاب تهذيب الأحكام أيضًا صحيحًا، ودون إشكال.[٣٢] بالإضافة إلى صحة الحديث، فقد عمل به الفقهاء أيضًا.[٣٣] وكذلك لا يوجد أي إشكال على حديث لا تعاد من حيث الدلالة.[٣٤]

وقد اعتبر بعض الفقهاء أن حديث لا تعاد هو المدرك الوحيد لقاعدة لا تعاد؛[٣٥] إلا أنه قد وردت روايات أخرى أيضًا كدليل ومدرك على هذه القاعدة،[٣٦] من جملتها: رواية منصور بن حازم المروية في أبواب القراءة «قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقراء في صلواتي كلها؟ فقال أ ليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قلت: بلى، قال تمت صلوتك إذا كان نسيانا.»[٣٧] وبناء على هذا الحديث أن من أتم ركوعه وسجوده تمت صلوته، ولا يضره الإخلال بغيرهما من الاجزاء الأخر.[٣٨]

الدراسات

وقد تم الحديث عن قاعدة لا تعاد في كتب القواعد الفقهية،[٣٩] وكذلك تمت كتابة الكتب المستقلة عنها، منها:

  • نظرة مستوعبة في حديث لا تعاد: بحث فقهي معمق عن حديث «لا تعاد الصلاة إلا من خمس...»، بقلم محمد هادي معرفة. وقط طبع هذا الكتاب في النجف الأشرف سنة 1391هـ، يتناول فيه مستند قاعدة لا تعاد والخلل الذي يقع في الصلاة
  • قاعدة لا تعاد، لمحمد حسن گلي شيردار، انتشارات جامعة عدالت، الطبعة الأولى، 1396 ش.

الهوامش

  1. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص79؛ المشكيني، مصطلحات الفقه، ص449.
  2. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص509.
  3. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص512.
  4. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص449.
  5. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص449.
  6. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص89.
  7. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص449.
  8. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص449.
  9. الشهيد الأول، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج3، ص385؛ الموسوي العاملي، مدارك الأحكام، ج3، ص401.
  10. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص449.
  11. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص83.
  12. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص83 ـ 84.
  13. الشهيد الأول، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج3، ص385 ـ 386؛ الموسوي العاملي، مدارك الأحكام، ج4، ص109.
  14. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص87.
  15. الشهيد الأول، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج3، ص364.
  16. الموسوي العاملي، مدارك الأحكام، ج3، ص401.
  17. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص450.
  18. الموسوي العاملي، مدارك الأحكام، ج4، ص219.
  19. «قاعده لاتعاد الا من خمسة»، درس خارج آیت‌الله سبحانی (1393/6/26 ش)، مدرسه فقاهت.
  20. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص450.
  21. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص104.
  22. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص95؛ المشكيني، مصطلحات الفقه، ص450.
  23. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص450.
  24. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص100.
  25. المشكيني، مصطلحات الفقه، ص450.
  26. «قاعده لاتعاد الا من خمسة»، درس خارج آیت‌الله سبحانی (1393/6/26 ش)، مدرسه فقاهت.
  27. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص79؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص513.
  28. الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص279، الحديث 857 وص339، الحديث 992؛ الطوسي، التهذيب، ج2، ص152، الحديث 55.
  29. الصدوق، الخصال، ج1، ص284 ـ 285.
  30. الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص279، الحديث 857 وص339، الحديث 992؛ الطوسي، التهذيب، ج2، ص152، الحديث 55.
  31. المجلسي، روضة المتقين، ج2، ص399؛ المشكيني، مصطلحات الفقه، ص449؛ الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص79.
  32. «قاعده لاتعاد الا من خمسة»، درس خارج آیت‌الله سبحانی (1393/6/26 ش)، مدرسه فقاهت.
  33. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص79.
  34. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص513 ـ 514.
  35. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص513.
  36. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص520 ـ 522.
  37. الكليني، الكافي، ج3، ص348، الحديث 3.
  38. مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص520.
  39. الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص79 ـ 127؛ مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية، ج1، ص507 ـ 536.

الملاحظات

  1. وبوجهة نظر السيد محمد الموسوي البجنوردي، أركان الصلاة تسعة: الخمسة المذكورة في قاعدة لا تعاد مع النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام حال التكبيرة، والقيام المتصل بالركوع (الموسوي البجنوردي، القواعد الفقهية، ج1، ص104)
  2. الحديث هو ما يؤدي إلى زوال الطهارة ويوجب الوضوء، كالبول والغائط، وخروج الريح، أو ما يُسبب الغسل كالجنابة والحيض، (مؤسسه دائرة المعارف فقه اسلامی، فرهنگ فقه، ج3، ص246 ـ 249.)

المصادر والمراجع

  • الشهيد الأول، محمد بن مكي العاملي، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة‌، قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، ط1، 1419 هـ.
  • الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، الخصال، تحقيق: علي أكبر غفاري، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط5، 1416 هـ.
  • الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، من لا يحضره الفقيه، تحقيق: علي أكبر غفاري، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط2، 1413هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، تحقيق: السيد حسن الموسوي الخرسان، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط4، 1407 هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر الغفاري ومحمد الآخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط4، 1407 هـ.
  • المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين‌ في شرح من لا يحضره الفقيه، قم، مؤسسه فرهنگى اسلامي، ط2، 1406 هـ.
  • المشكيني، علي، مصطلحات الفقه، قم، مطبعة الهادي، ط1، 1419 هـ.
  • الموسوي البجنوردي، حسن، القواعد الفقهية، قم، نشر الهادی، ط1، 1377 ش.
  • الموسوي العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحكام، قم، مؤسسة آل البيتعليهم السلام لإحياء التراث، 1410هـ.
  • «قاعدة لا تعاد إلا من خمسة»، درس خارج آیت‌الله سبحانی (1393/6/26 ش)، مدرسه فقاهت، تاريخ المشاهدة: 1403/04/10 ش.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، القواعد الفقهية، قم، مدرسة علي بن أبي طالب(ع)، ط3، 1416 هـ.