مقبولة عمر بن حنظلة

من ويكي شيعة
مقبولة عمر بن حنظلة
عنوان الحديثمقبولة عمر بن حنظلة
الموضوعالفقه، أصول الفقه
القائلالإمام الصادقعليه السلام
رواة الحديثعمر بن حنظلة، صفوان بن يحيى
اعتبار الحديثمقبول
مصادر الشيعةالكتب الأربعة
أحاديث مشهورة
حديث الثقلين . حديث الكساء . حديث المنزلة . حديث سلسلة الذهب . حديث الولاية . حديث الاثني عشر خليفة . حديث مدينة العلم


مقبولة عمر بن حنظلة حديث مشهور منقول عن الإمام الصادق عليه السلام واستُعمل في مباحث أصولية وفقهية هامّة، كبحث تعارض الأدلة، وبحث ولاية الفقيه. راوي الحديث هو عمر بن حنظلة وفيه يسأل عمر الإمام الصادق عن وظيفة الشيعة في أمر القضاء، وعن كيفية ترجيح الأخبار المتعارضة. لم يرد في كتب الرجال المتقدّمة مدح أو ذم في عمر بن حنظلة، غير أنّ فقهاء الشيعة قبلوا هذه الرواية، لمحتواها ولوجود أصحاب الإجماع في سندها، وأفتوا على أساسها؛ ولهذا اشتُهرت باسم (المقبولة). وقد نقلها كلّ من الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي في الكتب الأربعة.

اعتبار الرواية

مقبولة عمر بن حنظلة هي حديث معروف ومشهور عن الإمام الصادق عليه السلام ، ونقله كل من الشيخ الكليني[١] والصدوق[٢] والطوسي[٣] في الكتب الأربعة، وكلّ منهم بإسناده عن عمر بن حنظلة عن الإمام الصادق.[٤] ووقع الكلام في شخصية راوي الحديث عمر بن حنظلة نفسه، حيث لم يرد له ذكر في أيّ من المصادر الرجالية المتقدمة في القرون الأولى، غير أنّ العديد من العلماء علاوة على إثبات وثاقة ابن حنظلة بأدلة متعددة؛ اعتبروا هذه الرواية صحيحة ولم يترددوا بالعمل على أساسها.[٥] يروي محمد تقي المجلسي بأنّ هذه الرواية نُقلت بطرق مختلفة عن داوود بن الحصين الواقفي، غير أنّه من الموثّقين. لم يرد أي مدح أو ذمّ في حق عمر بن حنظلة، إلا أنّ الشهيد الثاني وثّقه. وقبِل الفقهاء هذه الرواية لصحة مضمونها مقايسة بروايات أخرى، ويقال بأنهم اعتبروا محتواها متواتراً معنوياً. ومضافاً إلى ذلك فقد رويت هذه الرواية بثلاثة طرق عن صفوان بن يحيى أحد أصحاب الإجماع، وقد أجمع فقهاء الشيعة على صحة مرويات أصحاب الإجماع.[٦] وسمّيت هذه الرواية بالمقبولة لقبول العلماء بها والإفتاء على أساسها.[٧]

المحتوى

وقع الحديث محل استدلال في مباحث كلّ من علمي الأصول والفقه، كبحث ولاية الفقيه، وبحث تعارض الأدلة.[٨] ويحتوي الحديث على قسمين:

  1. سؤال عمر بن حنظلة للإمام الصادق عليه السلام عن الشيعة؛ إلى من يرجعون في أمر القضاء. واستفاد العلماء من هذا القسم في إثبات ولاية الفقيه.
  2. حول كيفية الترجيح فيما بين الأخبار أو الروايات المتعارضة إن وُجدت.[٩] ويُستخدم هذا القسم في بحث تعارض الأدلة في علم الأصول.[١٠]

استخدامه في بحث ولاية الفقيه

ورد القسم الأول من الحديث بهذا النص:

عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَإِلَى الْقُضَاةِ؛ أَيَحِلُّ ذَلِكَ؟ قَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ، وَمَا يَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَإِنْ كَانَ حَقّاً ثَابِتاً، لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ "يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ‌ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ‌" قُلْتُ: فَكَيْفَ يَصْنَعَانِ؟ قَالَ يَنْظُرَانِ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَنَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَحَرَامِنَا وَعَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً، فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا اسْتَخَفَّ بِحُكْمِ اللَّهِ وَعَلَيْنَا رَدَّ وَالرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ



الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، 1407هـ، ج1، ص67.

طرح العديد من فقهاء الشيعة هذه الرواية في بحث ولاية الفقيه، واعتمدوا على قسمها الأول في إثبات مدّعاهم، واتّخذوا من كلام الإمام الصادق عليه السلام في الفقيه (فإني قد جعلته عليكم حاكماً) دليلاً على تعيين الفقيه في منصب الحكومة.[١١]

استخدامه في بحث تعارض الأدلة

القسم الثاني من الحديث:

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ كُلُّ رَجُلٍ اخْتَارَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا فَرَضِيَا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي حَقِّهِمَا وَاخْتَلَفَا فِيمَا حَكَمَا وَكِلَاهُمَا اخْتَلَفَا فِي حَدِيثِكُمْ، قَالَ: الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَأَفْقَهُهُمَا وَأَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَأَوْرَعُهُمَا، وَلَا يَلْتَفِتْ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْآخَرُ، قَالَ قُلْتُ: فَإِنَّهُمَا عَدْلَانِ مَرْضِيَّانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، قَالَ فَقَالَ: يُنْظَرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا فِي ذَلِكَ الَّذِي حَكَمَا بِهِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَيُؤْخَذُ بِهِ مِنْ حُكْمِنَا وَيُتْرَكُ الشَّاذُّ الَّذِي لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عِنْدَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْأُمُورُ ثَلَاثَةٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَيُتَّبَعُ وَأَمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَيُجْتَنَبُ وَأَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله عليه وآله وسلم حَلَالٌ بَيِّنٌ وَحَرَامٌ بَيِّنٌ وَشُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ نَجَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَمَنْ أَخَذَ بِالشُّبُهَاتِ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَهَلَكَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الْخَبَرَانِ عَنْكُمَا مَشْهُورَيْنِ قَدْ رَوَاهُمَا الثِّقَاتُ عَنْكُمْ، قَالَ يُنْظَرُ فَمَا وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَافَقَ الْعَامَّةَ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَوَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقاً لِلْعَامَّةِ وَالْآخَرَ مُخَالِفاً لَهُمْ بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ؟ قَالَ: مَا خَالَفَ الْعَامَّةَ فَفِيهِ الرَّشَادُ، فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ وَافَقَهُمَا الْخَبَرَانِ جَمِيعاً؟ قَالَ يُنْظَرُ إِلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ أَمْيَلُ حُكَّامُهُمْ وَقُضَاتُهُمْ فَيُتْرَكُ‌ وَيُؤْخَذُ بِالْآخَرِ، قُلْتُ فَإِنْ وَافَقَ حُكَّامُهُمُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعاً؟ قَالَ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَرْجِهِ‌ حَتَّى تَلْقَى إِمَامَكَ، فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَاتِ.



الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، 1407هـ، ج1، ص67،68.

في القسم الثاني يطرح عمر بن حنظلة أسئلة متعددة حول التعارض بين الروايات، وقام الإمام عليه السلام في جوابه ببيان أسس وقواعد للترجيح، والتي استفاد الفقهاء فيما بعد في مبحث التعادل والتراجيح في أصول الفقه.[١٢] وتجدر الإشارة إلى أن الأخباريين استفادوا من مقبولة عمر بن حنظلة في الاستدلال على وجوب الاحتياط.

الهوامش

  1. الكليني، الكافي، 1407هـ، ج1، ص67-68.
  2. الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، 1363ش، ج3، ص8-9.
  3. الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، 1364ش، ج6، ص218.
  4. الحسيني الطهراني، ولايت فقیه در حکومت اسلام، 1421هـ، ج1، ص200.
  5. العاملي، مفتاح الکرامة، دار إحياء التراث العربي، ج10، ص4؛ المجلسي، مرآة العقول، 1363ش، ج1، ص221؛ الإمام الخميني، ولاية الفقيه، 1377ش، ص77-84.
  6. المجلسي، روضة المتقين، مؤسسة فرهنگی اسلامی کوشانپور، ج6، ص27
  7. مکارم الشيرازي، أنوار الأصول، 1428هـ، ج3، 547.
  8. راجع من باب المثال: المظفر، أصول الفقه، 1415هـ، ج2، ص224-226؛ مکارم الشيرازي، أنوار الأصول، 1428هـ، ج3، ص544 - 549.
  9. راجع: الكليني، الکافي، 1407هـ ج1، ص67 و 68.
  10. راجع من باب المثال: المظفر، أصول الفقه، 1415هـ، ج2، ص224-226؛ مکارم الشيرازي، أنوار الأصول، 1428هـ، ج3، ص544 - 549.
  11. الإمام الخميني، کتاب البيع، 1421هـ، ج2، ص638-642.
  12. الشيخ الأنصاري، فرائد الأصول، 1419هـ، ج4، ص59-61.

المصادر والمراجع

  • الإمام الخميني، السيد روح الله، کتاب البيع، قم، نشر اسماعيليان، 1363ش.
  • الإمام الخميني، السيد روح الله، ولاية الفقيه، طهران، مؤسسة تنظيم و نشر آثار الإمام، 1377ش.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة،‌ بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • الحسيني الطهراني، محمد حسين، ولایت فقیه در حکومت اسلام، مشهد، نشر علامه طباطبایی، 1421هـ.
  • الشیخ الأنصاري، مرتضی بن محمد الأمين، فرائد الأصول، قم، مجمع الفکر الإسلامي، 1419هـ.
  • الشيخ الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، قم، انتشارات جامعة المدرسين في الحوزة العلمية قم، 1363ش.
  • الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحکام، طهران،‌ دار الکتب الإسلامية، 1364ش.
  • العاملي، السيد جواد، مفتاح الکرامة، بيروت،‌ دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق علي أکبر غفاري و محمد آخوندي، طهران،‌ دار الکتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، 1407هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، طهران، دار الکتب الإسلامية، 1363ش.
  • المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين، قم، مؤسسة فرهنگی اسلامی کوشانپور، د.ت.
  • ‌المظفر، محمد رضا، أصول الفقه، قم، مکتبة الإعلام الإسلامي، الطبعة الثانية، 1415هـ.
  • ‌مکارم الشيرازي، ناصر، أنوار الأصول تقريراً لأبحاث ناصر مکارم الشيرازي، تدوين أحمد قدسي، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب(ع)، الطبعة الثانية، 1428هـ.