الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أبو هريرة»
imported>Odai78 |
imported>Odai78 طلا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{صندوق معلومات شخص | {{صندوق معلومات شخص | ||
|سابقة تشريفية = | |سابقة تشريفية = | ||
|الإسم = | |الإسم = عبد الله (أو عبد الرحمن) بن عامر (أو صخر) | ||
|لاحقة تشريفية = | |لاحقة تشريفية = | ||
|الإسم الأصلي = | |الإسم الأصلي = | ||
سطر ٨٠: | سطر ٨٠: | ||
''' | '''أبو هريرة''' هو عبد الله (أو عبد الرحمن) بن عامر (أو صخر) الدَّوسي. من أصحاب [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]]{{صل}}، وقد كانت شخصيته الروائية موضع نقاش دائماً دفاعاً أو رداً. فقد أثارت منذ العقود الأولى لظهور [[الإسلام]] كثرة [[الرواية|الروايات]] المروّية عنه مخالفة جملة من [[الصحابة]]، فعلى سبيل المثال: [[عمر بن الخطاب|الخليفة الثاني]] حذّره عن ذلك، كما أن [[الإمام علي عليه السلام]] وبعض الصحابة اعترضوا على تصرفاته. أمّا [[الشيعة]] الإمامية فتناولوا شخصيته بالنقد بناء على مبادئهم تجاه الصحابة. | ||
==السيرة== | ==السيرة== | ||
على الرغم من شهرة أبي هريرة الكبيرة بين [[الصحابة]]، إلاّ أنّ المعالم الأساسية لشخصيته وحياته تحيطها هالة من الغموض. والنموذج البارز لذلك أنّ الاختلاف في ضبط اسمه ونسبه بلغ بين المصادر درجة بحيث قيل: إنّ اختلافاً لم يحدث في ضبط اسم شخص طيلة [[التاريخ الإسلامي]] كما حدث في ضبط اسمه. | على الرغم من شهرة أبي هريرة الكبيرة بين [[الصحابة]]، إلاّ أنّ المعالم الأساسية لشخصيته وحياته تحيطها هالة من الغموض. والنموذج البارز لذلك أنّ الاختلاف في ضبط اسمه ونسبه بلغ بين المصادر درجة بحيث قيل: إنّ اختلافاً لم يحدث في ضبط اسم شخص طيلة [[التاريخ الإسلامي]] كما حدث في ضبط اسمه. | ||
<br />من بين أسمائه الأشهر في الجاهلية: عبد شمس وعبد غنم، وفي [[الإسلام]]: | <br />من بين أسمائه الأشهر في الجاهلية: عبد شمس وعبد غنم، وفي [[الإسلام]]: عبد الله، عبد الرحمن. | ||
<ref> | <ref>ابن إسحاق، السير والمغازي، ص286؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج19 ص206 وما بعدها؛ ابن حجر، الإصابة، ج4، ص204.</ref> | ||
<br />كنّاه [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]]{{صل}} أو الناس بأبي هريرة؛ إلاّ أنّ هذه الكنية مأخودة من مصغر "هر". ويروي ابن اسحاق<ref>ابن إسحاق، | <br />كنّاه [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]]{{صل}} أو الناس بأبي هريرة؛ إلاّ أنّ هذه الكنية مأخودة من مصغر "هر". ويروي ابن اسحاق<ref>ابن إسحاق، السير والمغازي، ص286.</ref> عن أبي هريرة نفسه أن اسمه كان في [[الجاهلية]] عبد شمس بن صخر، ثم تغير في الإسلام إلى عبد الرحمن، وقد دعاه النبي بأبي هريرة؛ لأنّه حينما كان يرعى غنمه، عثر ذات يوم على صغار هر، ووضعها في كمه، وعندما عاد بالغنم عشاء سمع النبي أصواتها فسأله عنها، فقال: صغار هر، فقال{{صل}}: أنت أبو هريرة، ولزمه الاسم.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص329؛ الترمذي، سنن الترمذي، ج5، ص686؛ الحاكم، المستدرك، ج3، ص506.</ref> | ||
<br />تنحدر أسرة أبي هريرة إلى [[قبيلة | <br />تنحدر أسرة أبي هريرة إلى [[قبيلة دوس|قبيلة "دوس"]] أحد أفخاذ [[قبيلة الأزد|قبيلة "الأزد"]] في اليمن.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص329؛ الترمذي، سنن الترمذي، ج5، ص686؛ الحاكم، المستدرك، ج3، ص506ـ؛ ابن قتيبة، المعارف، ص277.</ref> | ||
<br />ونظراً إلى وفاته سنة 78 هـ،<ref>ابن سعد، | <br />ونظراً إلى وفاته سنة 78 هـ،<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص340؛ ابن عبد البرّ، الاستيعاب، ج4، ص1772.</ref> فإنّ ولادتة من المفترض أن تكون حوالي 20 سنة قبل [[الهجرة]].<ref>ابن حجر، الإصابة، ج4، ص210.</ref> | ||
==إسلامه== | ==إسلامه== | ||
على ما يبدو أنّ أبا هريرة اعتنق [[الإسلام]] مع الوفد اليمني الذي جاء إلى النبي{{صل}} سنة7هـ/628م، إلاّ أنّ [[كتب الرجال]] [[كتب السير|والسير]] لم تذكر فيما إذا وفّق للقتال في [[معركة خبير]] مع النبي{{صل}}، أم لا. | على ما يبدو أنّ أبا هريرة اعتنق [[الإسلام]] مع الوفد اليمني الذي جاء إلى النبي{{صل}} سنة7هـ/628م، إلاّ أنّ [[كتب الرجال]] [[كتب السير|والسير]] لم تذكر فيما إذا وفّق للقتال في [[معركة خبير]] مع النبي{{صل}}، أم لا. | ||
<ref> | <ref>الواقدي، المغازي، ج2، ص636؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص325-328؛ البسوي، المعرفة والتاريخ، ج3، ص160-161؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1771.</ref> | ||
كان أبو هريرة عند إسلامه يكابد بشدة الفقر والفاقة، وكان عند دخوله المدينة من أكثر الصحابة فقراً، ممن كانوا | كان أبو هريرة عند إسلامه يكابد بشدة الفقر والفاقة، وكان عند دخوله المدينة من أكثر الصحابة فقراً، ممن كانوا يتضوّرون جوعاً في الغالب. | ||
<ref> | <ref>الصنعاني، المصنف، ج8، ص215؛ ابن سعد، الطبقات الكبري، 2/363، 4/324؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1771.</ref> | ||
عدت الكثير من المصادر أبا هريرة من جملة [[أصحاب الصفة|"أصحاب الصفة"]]، وقد أدى هذا شخصيته إلى | عدت الكثير من المصادر أبا هريرة من جملة [[أصحاب الصفة|"أصحاب الصفة"]]، وقد أدى هذا شخصيته إلى عدّه فيما بعد في عداد أولياء الصوفية. | ||
<ref> | <ref>أبو نعيم، حلية الأولياء، ج1، ص376ـ377؛ الهجويري، كشف المحجوب، ص99.</ref> | ||
رغم أن بقاء أولئك الأصحاب في الصفة حتى 7هـ تحيطه الكثير من الشكوك. | رغم أن بقاء أولئك الأصحاب في الصفة حتى 7هـ تحيطه الكثير من الشكوك. | ||
<ref>أحمد بن حنبل، العلل...، 3/460؛ البلاذري، أنساب...، 1/272؛ ابن عساكر، 19/218.</ref> | <ref>أحمد بن حنبل، العلل...، 3/460؛ البلاذري، أنساب...، 1/272؛ ابن عساكر، 19/218.</ref> | ||
سطر ١٠٥: | سطر ١٠٥: | ||
===ولاية البحرين=== | ===ولاية البحرين=== | ||
ويبدو من ربط مجموعة من الروايات المتفرقة حول حضور أبي هريرة في [[البحرين]] أنّه بعث في السنة الأخيرة من حياته{{صل}} إلى البحرين مع [[العلاء ابن الحضرمي]].<ref> | ويبدو من ربط مجموعة من الروايات المتفرقة حول حضور أبي هريرة في [[البحرين]] أنّه بعث في السنة الأخيرة من حياته{{صل}} إلى البحرين مع [[العلاء ابن الحضرمي]].<ref>ابن عساكر، 19/223.</ref> وأرسله [[أبو بكر]] بُعيد وفاة النبي{{صل}} إلى البحرين مع العلاء مرة أخرى خلال أحداث الردة.<ref>الطبري، 3/307.</ref> | ||
<br />ويبدو أنّ أبا هريرة بقي في ذلك البلد، وعينّه عمر في عهد خلافته حينما توفي العلاء (أو قبل ذلك بقليل) والياً على البحرين، أو على أمر القضاء (أو الأحداث) والصلات على قول.<ref>الصنعاني، 11/323؛ ابن سعد، 4/335؛ البلاذري، فتوح...، 99/1ـ100؛ اليعقوبي، 153/2،157.</ref> | <br />ويبدو أنّ أبا هريرة بقي في ذلك البلد، وعينّه عمر في عهد خلافته حينما توفي العلاء (أو قبل ذلك بقليل) والياً على البحرين، أو على أمر القضاء (أو الأحداث) والصلات على قول.<ref>الصنعاني، 11/323؛ ابن سعد، 4/335؛ البلاذري، فتوح...، 99/1ـ100؛ اليعقوبي، 153/2،157.</ref> | ||
<br />وقد ذكرت بعض المصادر أيضاً أنّه كان والياً على [[عمان]] [[اليمامة|واليمامة]] بالإضافة إلى البحرين.<ref>اليعقوبي، 2/161؛ الطبري، 4/112.</ref> | <br />وقد ذكرت بعض المصادر أيضاً أنّه كان والياً على [[عمان]] [[اليمامة|واليمامة]] بالإضافة إلى البحرين.<ref>اليعقوبي، 2/161؛ الطبري، 4/112.</ref> | ||
سطر ١١٥: | سطر ١١٥: | ||
===في معركة صفين=== | ===في معركة صفين=== | ||
ويرتبط خبر آخر فيما يتعلق بحضوره الأحداث التاريخية بدوره في [[معركة صفين]]، فقد قيل: إنّه هو و[[أبو الدرداء]] لاما [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] لما قام به من حرب على [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين عليه السلام]].<ref>البلاذري، انساب...، 2/425؛ الإمامة...، 1/112 وما بعدها؛ أيضاً | ويرتبط خبر آخر فيما يتعلق بحضوره الأحداث التاريخية بدوره في [[معركة صفين]]، فقد قيل: إنّه هو و[[أبو الدرداء]] لاما [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] لما قام به من حرب على [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين عليه السلام]].<ref>البلاذري، انساب...، 2/425؛ الإمامة...، 1/112 وما بعدها؛ أيضاً إبراهيم بن محمد، 2/445ـ446.</ref> | ||
ومع كل ذلك، فقد عُدّ من جملة من أعرضوا عن أمير المؤمنين عليه السلام بعد صفين.<ref> | ومع كل ذلك، فقد عُدّ من جملة من أعرضوا عن أمير المؤمنين عليه السلام بعد صفين.<ref>إبراهيم بن محمد، 2/569.</ref> | ||
<br />وقيل عندما قدم [[بسر بن ارطاة|بسر بن أبي أرطاة]] على [[المدينة المنورة|المدينة]] بأمر من معاوية، استخلف خلال ذهابه إلى [[مكة المكرمة|مكة]] أبا هريرة على المدينة،<ref> | <br />وقيل عندما قدم [[بسر بن ارطاة|بسر بن أبي أرطاة]] على [[المدينة المنورة|المدينة]] بأمر من معاوية، استخلف خلال ذهابه إلى [[مكة المكرمة|مكة]] أبا هريرة على المدينة،<ref>إبراهيم بن محمد، 2/607؛ قارن: البلاذري، أنساب...، 2/458؛ الطبري، 5/140.</ref> إلاّ أنّه هرب عندما كان يصلي مع أهل المدينة، خوفاً من جارية بن قدامة السعدي الذي كان منهمكاً بمطاردة بسر في الحجاز بأمر [[أمير المؤمنين]] علي عليه السلام ودخل المدينة بعد استشهاده عليه السلام بقليل.<ref>إبراهيم بن محمد، 2/639؛ البلاذري، أنساب...، 2/458؛ اليعقوبي، 2/199.</ref> | ||
<br />وعلى أية حال، فقد رجع أبو هريرة إلى المدينة بعد مبايعة الناس [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|للإمام الحسن عليه السلام]] على الخلافة، وعودة الهدوء.<ref>الطبري، 5/140.</ref> | <br />وعلى أية حال، فقد رجع أبو هريرة إلى المدينة بعد مبايعة الناس [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|للإمام الحسن عليه السلام]] على الخلافة، وعودة الهدوء.<ref>الطبري، 5/140.</ref> | ||
سطر ١٢٤: | سطر ١٢٤: | ||
*وعند وفاة [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]](ع) [[سنة 50 للهجرة|سنة 50هـ]]/670م كان [[أبو هريرة]] في عداد من دافعوا عن دفنه إلى جانبه مرقد [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]]{{صل}} استناداً إلى حديث عن الرسول(ص).<ref>البلاذري، الأنساب، 3/60،65؛ ابن عبد ربه، 4/246.</ref> | *وعند وفاة [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]](ع) [[سنة 50 للهجرة|سنة 50هـ]]/670م كان [[أبو هريرة]] في عداد من دافعوا عن دفنه إلى جانبه مرقد [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]]{{صل}} استناداً إلى حديث عن الرسول(ص).<ref>البلاذري، الأنساب، 3/60،65؛ ابن عبد ربه، 4/246.</ref> | ||
*وفي عهد خلافة معاوية، عندما كان [[مروان بن الحكم|مروان]] عاملاً له في [[المدينة المنورة|المدينة]] كان أبو هريرة من أصحابه المقرّبين، وقد استخلف لمرات عديدة من قبل [[مروان بن الحكم|مروان]] في [[موسم الحج]] وعند غيابه أيضاً.<ref>ابن سعد، 4/336؛ ابن قتيبة، المعارف، 278.</ref> | *وفي عهد خلافة معاوية، عندما كان [[مروان بن الحكم|مروان]] عاملاً له في [[المدينة المنورة|المدينة]] كان أبو هريرة من أصحابه المقرّبين، وقد استخلف لمرات عديدة من قبل [[مروان بن الحكم|مروان]] في [[موسم الحج]] وعند غيابه أيضاً.<ref>ابن سعد، 4/336؛ ابن قتيبة، المعارف، 278.</ref> | ||
*وذُكر أبو هريرة أيضاً أحياناً في عداد قضاة [[بني أمية]] في المدينة، ولم يتيسر لنا تعيين التاريخ الدقيق لذلك. وعلى أية حال، فقد تناقلت الألسن بعض القصص في هذا المجال.<ref> | *وذُكر أبو هريرة أيضاً أحياناً في عداد قضاة [[بني أمية]] في المدينة، ولم يتيسر لنا تعيين التاريخ الدقيق لذلك. وعلى أية حال، فقد تناقلت الألسن بعض القصص في هذا المجال.<ref>وكيع، 1/111 وما بعدها.</ref> | ||
*واستناداً إلى بعض المصادر، فقد صلى أبو هريرة في السنة الأخيرة من حياته على جثمان [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]]،<ref>ابن سعد، 4/340ـ 341؛ البلاذري، الأنساب، 1/420.</ref> إلاّ أنّ هناك معلومات تفيد بأنّه صلى على جثمان [[أم سلمة (زوجة النبي)|أم سلمة]]، ولكن هذا الخبر يكتنفه الكثير من الشك من الناحية التاريخية. <ref> | *واستناداً إلى بعض المصادر، فقد صلى أبو هريرة في السنة الأخيرة من حياته على جثمان [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]]،<ref>ابن سعد، 4/340ـ 341؛ البلاذري، الأنساب، 1/420.</ref> إلاّ أنّ هناك معلومات تفيد بأنّه صلى على جثمان [[أم سلمة (زوجة النبي)|أم سلمة]]، ولكن هذا الخبر يكتنفه الكثير من الشك من الناحية التاريخية. <ref>الذهبي، 1/210؛ ابن حجر، 4/210ـ 211.</ref> | ||
==وفاته== | ==وفاته== | ||
والقول المشهور حول وفاة أبي هريرة هو [[سنة 59 للهجرة|سنة 59 هـ]]، وقد صرّح ابن سعد<ref>ابن سعد، 4/340ـ 341.</ref> أنّ صلاته على جثمان [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] (رمضان 58) يؤيد بحدّ ذاته سنة وفاته هذه. | والقول المشهور حول وفاة أبي هريرة هو [[سنة 59 للهجرة|سنة 59 هـ]]، وقد صرّح ابن سعد<ref>ابن سعد، 4/340ـ 341.</ref> أنّ صلاته على جثمان [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] (رمضان 58) يؤيد بحدّ ذاته سنة وفاته هذه. | ||
<br />ومع كل ذلك، فقد ذكرت بعض المصادر أنّ سنة وفاته كانت 57، أو 58هـ.<ref> | <br />ومع كل ذلك، فقد ذكرت بعض المصادر أنّ سنة وفاته كانت 57، أو 58هـ.<ref>خليفة، 1/219؛ ابن قتيبة، المعارف، 278؛ ابن عبدالبر، 4/1772.</ref> | ||
<br />وبناء على ما نقله [[ناصر خسرو]] يقع قبر أبي هريرة في [[طبرية]] [[الشام|بالشام]].<ref>ناصر خسرو، 30.</ref> | <br />وبناء على ما نقله [[ناصر خسرو]] يقع قبر أبي هريرة في [[طبرية]] [[الشام|بالشام]].<ref>ناصر خسرو، 30.</ref> | ||
==أبو هريرة والحديث== | ==أبو هريرة والحديث== | ||
*إنّ غزارة الأحاديث التي رويت عنه كانت مثار تحفظات، ليست في القرون التالية فحسب، بل اعتباراً من العقود الإسلامية الأولى. وكشاهد على ذلك تجب الإشارة إلى أمر الخليفة [[عمر بن الخطاب|عمر]] الذي حذّر أبا هريرة من نقل الحديث بسبب كثرة الرواية عن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]](ص)،<ref>أبو زرعة، 1/544.</ref>كما اعترض في هذا المجال [[الإمام علي عليه السلام|الإمام علي(ع)]] وبعض الصحابة.<ref> | *إنّ غزارة الأحاديث التي رويت عنه كانت مثار تحفظات، ليست في القرون التالية فحسب، بل اعتباراً من العقود الإسلامية الأولى. وكشاهد على ذلك تجب الإشارة إلى أمر الخليفة [[عمر بن الخطاب|عمر]] الذي حذّر أبا هريرة من نقل الحديث بسبب كثرة الرواية عن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]](ص)،<ref>أبو زرعة، 1/544.</ref>كما اعترض في هذا المجال [[الإمام علي عليه السلام|الإمام علي(ع)]] وبعض الصحابة.<ref>ابن قتيبة، تأويل...،28؛ ابن سعد، 4/332؛ البسوي، 1/486.</ref> | ||
*وفيما عدا مسموعاته المباشرة من النبي(ص)، فقد نقل أبو هريرة الكثير من أحاديثه(ص) عن طريق الصحابة الآخرين مثل [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] وعمر [[أبيّ بن كعب|وأبيّ بن كعب]] [[عائشة بنت أبي بكر|وعائشة]] [[سهل بن سعد الساعدي|وسهل بن سعد الساعدي]]، بل وحتى عن صحابي شاب مثل [[الفضل بن عباس]].<ref> | *وفيما عدا مسموعاته المباشرة من النبي(ص)، فقد نقل أبو هريرة الكثير من أحاديثه(ص) عن طريق الصحابة الآخرين مثل [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] وعمر [[أبيّ بن كعب|وأبيّ بن كعب]] [[عائشة بنت أبي بكر|وعائشة]] [[سهل بن سعد الساعدي|وسهل بن سعد الساعدي]]، بل وحتى عن صحابي شاب مثل [[الفضل بن عباس]].<ref>ابن سعد، 4/340؛ أحمد بن حنبل، المسند، 5/114ـ115؛ الحاكم، 3/512؛ ابن منجوبة؛ 2/403.</ref> | ||
*واستناداً إلى الإحصائية التي قدمت عن أحاديث أبي هريرة فقد بلغ عدد أحاديثه المنفردة في [[صحيح البخاري]] 93، وفي [[صحيح مسلم]] 189، فيما بلغت أحاديثه المشتركة في [[الصحيحن]] 325، وأحاديثه في المعتبرة5،374 حديثاً،<ref>السيوطي، 2/191.</ref> فنقل مثل هذا الكمّ من الروايات يبدو غريباً بالأخص إذا أخذ بعين الاعتبار أن أبا هريرة أقصى ما عاصر النبي الأعظم السنوات الأربعة الأخيرة من عمره الشريف(ص) قياساً للروايات المنقولة عن الصحابة. واستناداً إلى قول [[الحاكم النيسابوري]] فإنّ 28 من الصحابة، وكذلك جملة من [[التابعين]] أيضاً رووا عنه. كما أنّ الإمام أحمد خصص 10% من مسنده بالأحاديث المنقولة عن أبي هريرة. | *واستناداً إلى الإحصائية التي قدمت عن أحاديث أبي هريرة فقد بلغ عدد أحاديثه المنفردة في [[صحيح البخاري]] 93، وفي [[صحيح مسلم]] 189، فيما بلغت أحاديثه المشتركة في [[الصحيحن]] 325، وأحاديثه في المعتبرة5،374 حديثاً،<ref>السيوطي، 2/191.</ref> فنقل مثل هذا الكمّ من الروايات يبدو غريباً بالأخص إذا أخذ بعين الاعتبار أن أبا هريرة أقصى ما عاصر النبي الأعظم السنوات الأربعة الأخيرة من عمره الشريف(ص) قياساً للروايات المنقولة عن الصحابة. واستناداً إلى قول [[الحاكم النيسابوري]] فإنّ 28 من الصحابة، وكذلك جملة من [[التابعين]] أيضاً رووا عنه. كما أنّ الإمام أحمد خصص 10% من مسنده بالأحاديث المنقولة عن أبي هريرة. | ||
*وقد كانت أحاديث أبي هريرة متنوعة للغاية من حيث الموضوع، فهي تشمل مسائل كثيرة اعتباراً من [[العقائد]] [[الفقه|والفقه]] وحتى السيرة والملاحم، بل وحتى الطب. كما أنّه يمكن الحصول على أحاديثه بشكل عام في قسم "مسند أبي هريرة" من المسانيد المتبقية مثل مسند [[أحمد بن حنبل]]<ref>أحمد بن حنبل، 2/228 وما بعدها.</ref>[[مسند أبي يعلي الموصلي|ومسند أبي يعلي الموصلي]] وغيرهما. | *وقد كانت أحاديث أبي هريرة متنوعة للغاية من حيث الموضوع، فهي تشمل مسائل كثيرة اعتباراً من [[العقائد]] [[الفقه|والفقه]] وحتى السيرة والملاحم، بل وحتى الطب. كما أنّه يمكن الحصول على أحاديثه بشكل عام في قسم "مسند أبي هريرة" من المسانيد المتبقية مثل مسند [[أحمد بن حنبل]]<ref>أحمد بن حنبل، 2/228 وما بعدها.</ref>[[مسند أبي يعلي الموصلي|ومسند أبي يعلي الموصلي]] وغيرهما. | ||
==النقد الرجالي== | ==النقد الرجالي== | ||
*أثارت الكثرة البعيدة عن الانتظار لروايات [[أبو هريرة|أبي هريرة]] عن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي(ص)]] اعتراضات من قبل بعض [[الصحابة]] بسبب قصر فترة صحبته، وقد اتسع نطاق هذه الاعتراضات إلى العهود التالية أيضاً. ومع الأخذ بعين الاعتبار هذا الأصل وهو أنّ أصحاب الحديث كانوا بشكل عام يعتقدون بعدالة أصحاب النبي(ص) ولم يكونوا يعمدون إلى نقد الصحابة،<ref> | *أثارت الكثرة البعيدة عن الانتظار لروايات [[أبو هريرة|أبي هريرة]] عن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي(ص)]] اعتراضات من قبل بعض [[الصحابة]] بسبب قصر فترة صحبته، وقد اتسع نطاق هذه الاعتراضات إلى العهود التالية أيضاً. ومع الأخذ بعين الاعتبار هذا الأصل وهو أنّ أصحاب الحديث كانوا بشكل عام يعتقدون بعدالة أصحاب النبي(ص) ولم يكونوا يعمدون إلى نقد الصحابة،<ref>ابن حجر، 1/9 وما بعدها.</ref> ومن البديهي أن شخصية أبي هريرة باعتباره صحابياً، كانت دوماً تحظى من قبلهم بتأييد واحترام وافرين. <ref>ابن قتيبة، تأويل، 16 وما بعدها؛ الحاكم، 3/512؛ البغدادي، 9/467.</ref> | ||
*وقد كان [[الشيعة]] الإمامية الذين كانوا يروون الطريق مفتوحاً أمامهم في نقد الصحابة في ذات الوقت الذي كانوا يجلونهم فيه، يتناولون بالنقد في آثارهم المختلفة شخصية أبي هريرة. <ref> | *وقد كان [[الشيعة]] الإمامية الذين كانوا يروون الطريق مفتوحاً أمامهم في نقد الصحابة في ذات الوقت الذي كانوا يجلونهم فيه، يتناولون بالنقد في آثارهم المختلفة شخصية أبي هريرة. <ref>الفضل بن شاذان، 496-497؛ ابن بابوية، 184-185؛ أيضاً التستري، 5/374 وما بعدها.</ref> | ||
*وقد اتهمه إبراهيم من المعتزلة بالكذب،<ref>ابن قتيبة، المصدر نفسه، 27-28؛ البغدادي، 89، 192.</ref>ووضع الحديث، كما نقل [[أبو جعفر الأسكافي]] أيضاً في نقضه العثمانية [[الجاحظ|للجاحظ]] حكايات في نقد أبي هريرة.<ref> | *وقد اتهمه إبراهيم من المعتزلة بالكذب،<ref>ابن قتيبة، المصدر نفسه، 27-28؛ البغدادي، 89، 192.</ref>ووضع الحديث، كما نقل [[أبو جعفر الأسكافي]] أيضاً في نقضه العثمانية [[الجاحظ|للجاحظ]] حكايات في نقد أبي هريرة.<ref>ابن أبي حديد، 4/68.</ref> ولم يتجنب أهل العدل [[الحنفيون]] في [[خراسان]] أيضاً النقد الشديد لأبي هريرة.<ref>الدارمي، 132 وما بعدها؛ الدميري، 1/399؛ أيضاً دائرة المعارف الإسلامية الكبري، 4/521.</ref> | ||
*وفي العقود الأخيرة أيضاً تمت من جديد إعادة النظر في شخصية أبي هريرة، فعمد بعض المؤلفين الشيعة وأهل الشيعة [[أهل السنة|وأهل السنة]] إلى تأليف آثار في نقده. ومن بين الشيعة الإمامية يمكن الإشارة إلى أن كتاب ''أبو هريرة''<ref>النجف، مكتبة الحيدرية.</ref>[[عبد الحسين شرف الدين|لعبد الحسين شرف الدين]]، ومن بين أهل السنة نقد بدقة محمود أبورية في كتاب ''شيخ المضيرة أبو هريرة''<ref>القاهرة، 1969م.</ref>حياة أبي هريرة والروايات المنقولة عنه. وأمّا محمد حبيب الرحمان الأعظمي فقد سعى في كتاب ''أبو هريرة في ضوء مروياته''<ref>القاهره وبيروت، 1399هـ/1979م.</ref> ليشير إلى منزلته المهمة من خلال إلقاء نظرة على الأحاديث المنقولة عنه في الصحاح وكتب الحديث. | *وفي العقود الأخيرة أيضاً تمت من جديد إعادة النظر في شخصية أبي هريرة، فعمد بعض المؤلفين الشيعة وأهل الشيعة [[أهل السنة|وأهل السنة]] إلى تأليف آثار في نقده. ومن بين الشيعة الإمامية يمكن الإشارة إلى أن كتاب ''أبو هريرة''<ref>النجف، مكتبة الحيدرية.</ref>[[عبد الحسين شرف الدين|لعبد الحسين شرف الدين]]، ومن بين أهل السنة نقد بدقة محمود أبورية في كتاب ''شيخ المضيرة أبو هريرة''<ref>القاهرة، 1969م.</ref>حياة أبي هريرة والروايات المنقولة عنه. وأمّا محمد حبيب الرحمان الأعظمي فقد سعى في كتاب ''أبو هريرة في ضوء مروياته''<ref>القاهره وبيروت، 1399هـ/1979م.</ref> ليشير إلى منزلته المهمة من خلال إلقاء نظرة على الأحاديث المنقولة عنه في الصحاح وكتب الحديث. | ||
سطر ١٩١: | سطر ١٩١: | ||
*الفضل بن شاذان، الإيضاح، تحقيق: جلال الدين محدث الأرموي، طهران، د.ن، 1350هـ. ش. | *الفضل بن شاذان، الإيضاح، تحقيق: جلال الدين محدث الأرموي، طهران، د.ن، 1350هـ. ش. | ||
*ناصر خسرو، سفر نامه، تحقيق: محمد دبير سياقي، طهران، د.ن، 1354هـ.ش. | *ناصر خسرو، سفر نامه، تحقيق: محمد دبير سياقي، طهران، د.ن، 1354هـ.ش. | ||
* | *الهجويري، علي، كشف المحجوب، تحقيق: جوكوفسكي، طهران، د.ن، 1979م. | ||
*الواقدي، محمد، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، لندن، د.ن، 1966م. | *الواقدي، محمد، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، لندن، د.ن، 1966م. | ||
*وكيع، محمد، أخبار القضاة، تحقيق: عبد العزيز مصطفى المراغي، القاهرة، د.ن، 1947م. | *وكيع، محمد، أخبار القضاة، تحقيق: عبد العزيز مصطفى المراغي، القاهرة، د.ن، 1947م. |
مراجعة ٢٠:٥٥، ١٩ أبريل ٢٠١٧
تاريخ ولادة | 20 قبل الهجرة |
---|---|
مكان ولادة | اليمن |
تاريخ وفاة | 59للهجرة |
دفن | طبرية الشام |
إقامة | المدينة المنورة |
أعمال بارزة | حضوره في معركة خيبر وحاكم اليمن والبحرين ومن مؤيدي عثمان |
أبو هريرة هو عبد الله (أو عبد الرحمن) بن عامر (أو صخر) الدَّوسي. من أصحاب النبي، وقد كانت شخصيته الروائية موضع نقاش دائماً دفاعاً أو رداً. فقد أثارت منذ العقود الأولى لظهور الإسلام كثرة الروايات المروّية عنه مخالفة جملة من الصحابة، فعلى سبيل المثال: الخليفة الثاني حذّره عن ذلك، كما أن الإمام علي عليه السلام وبعض الصحابة اعترضوا على تصرفاته. أمّا الشيعة الإمامية فتناولوا شخصيته بالنقد بناء على مبادئهم تجاه الصحابة.
السيرة
على الرغم من شهرة أبي هريرة الكبيرة بين الصحابة، إلاّ أنّ المعالم الأساسية لشخصيته وحياته تحيطها هالة من الغموض. والنموذج البارز لذلك أنّ الاختلاف في ضبط اسمه ونسبه بلغ بين المصادر درجة بحيث قيل: إنّ اختلافاً لم يحدث في ضبط اسم شخص طيلة التاريخ الإسلامي كما حدث في ضبط اسمه.
من بين أسمائه الأشهر في الجاهلية: عبد شمس وعبد غنم، وفي الإسلام: عبد الله، عبد الرحمن.
[١]
كنّاه النبي أو الناس بأبي هريرة؛ إلاّ أنّ هذه الكنية مأخودة من مصغر "هر". ويروي ابن اسحاق[٢] عن أبي هريرة نفسه أن اسمه كان في الجاهلية عبد شمس بن صخر، ثم تغير في الإسلام إلى عبد الرحمن، وقد دعاه النبي بأبي هريرة؛ لأنّه حينما كان يرعى غنمه، عثر ذات يوم على صغار هر، ووضعها في كمه، وعندما عاد بالغنم عشاء سمع النبي أصواتها فسأله عنها، فقال: صغار هر، فقال: أنت أبو هريرة، ولزمه الاسم.[٣]
تنحدر أسرة أبي هريرة إلى قبيلة "دوس" أحد أفخاذ قبيلة "الأزد" في اليمن.[٤]
ونظراً إلى وفاته سنة 78 هـ،[٥] فإنّ ولادتة من المفترض أن تكون حوالي 20 سنة قبل الهجرة.[٦]
إسلامه
على ما يبدو أنّ أبا هريرة اعتنق الإسلام مع الوفد اليمني الذي جاء إلى النبي سنة7هـ/628م، إلاّ أنّ كتب الرجال والسير لم تذكر فيما إذا وفّق للقتال في معركة خبير مع النبي، أم لا. [٧] كان أبو هريرة عند إسلامه يكابد بشدة الفقر والفاقة، وكان عند دخوله المدينة من أكثر الصحابة فقراً، ممن كانوا يتضوّرون جوعاً في الغالب. [٨] عدت الكثير من المصادر أبا هريرة من جملة "أصحاب الصفة"، وقد أدى هذا شخصيته إلى عدّه فيما بعد في عداد أولياء الصوفية. [٩] رغم أن بقاء أولئك الأصحاب في الصفة حتى 7هـ تحيطه الكثير من الشكوك. [١٠]
وقد دار الحديث عن شهود أبي هريرة غزوة مؤتة خلال الأحداث الحربية في عهد النبي، رغم أن اسمه ذكر في هذه الغزوة في عداد الفارين.[١١]
حياته السياسية
ولاية البحرين
ويبدو من ربط مجموعة من الروايات المتفرقة حول حضور أبي هريرة في البحرين أنّه بعث في السنة الأخيرة من حياته إلى البحرين مع العلاء ابن الحضرمي.[١٢] وأرسله أبو بكر بُعيد وفاة النبي إلى البحرين مع العلاء مرة أخرى خلال أحداث الردة.[١٣]
ويبدو أنّ أبا هريرة بقي في ذلك البلد، وعينّه عمر في عهد خلافته حينما توفي العلاء (أو قبل ذلك بقليل) والياً على البحرين، أو على أمر القضاء (أو الأحداث) والصلات على قول.[١٤]
وقد ذكرت بعض المصادر أيضاً أنّه كان والياً على عمان واليمامة بالإضافة إلى البحرين.[١٥]
وقد قيل فيما يتعلق بحضور أبي هريرة في البحرين: إنّ الخليفة عمر عاتبه، وأساء الظن به، وأحضره إلى المدينة لجمعه أموالاً كثيرة.[١٦]
تأييده للخليفة عثمان
من أهم أحداث حياته في عهد خلافة عثمان حادثة محاصرة بيت الخليفة، فاستناداً إلى المعلومات التي وصلتنا، كان أبو هريرة حاضراً في بيت الخليفة مع المؤيدين له،[١٧] وقد أدّت نظرته هذه إلى عثمان إلى أن يجلّه أبناء عثمان عند موته وذلك خلال تشييع جثمانه،و أن يقدم معاوية العون إلى ذويه. [١٨]
في معركة صفين
ويرتبط خبر آخر فيما يتعلق بحضوره الأحداث التاريخية بدوره في معركة صفين، فقد قيل: إنّه هو وأبو الدرداء لاما معاوية لما قام به من حرب على أمير المؤمنين عليه السلام.[١٩]
ومع كل ذلك، فقد عُدّ من جملة من أعرضوا عن أمير المؤمنين عليه السلام بعد صفين.[٢٠]
وقيل عندما قدم بسر بن أبي أرطاة على المدينة بأمر من معاوية، استخلف خلال ذهابه إلى مكة أبا هريرة على المدينة،[٢١] إلاّ أنّه هرب عندما كان يصلي مع أهل المدينة، خوفاً من جارية بن قدامة السعدي الذي كان منهمكاً بمطاردة بسر في الحجاز بأمر أمير المؤمنين علي عليه السلام ودخل المدينة بعد استشهاده عليه السلام بقليل.[٢٢]
وعلى أية حال، فقد رجع أبو هريرة إلى المدينة بعد مبايعة الناس للإمام الحسن عليه السلام على الخلافة، وعودة الهدوء.[٢٣]
في عهد معاوية
- وقد قيل إنّ أبا هريرة كان من جملة من التحقوا بمعاوية في الحجاز عندما قدم الكوفة لعقد الصلح.[٢٤]
- وعند وفاة الإمام الحسن(ع) سنة 50هـ/670م كان أبو هريرة في عداد من دافعوا عن دفنه إلى جانبه مرقد النبي استناداً إلى حديث عن الرسول(ص).[٢٥]
- وفي عهد خلافة معاوية، عندما كان مروان عاملاً له في المدينة كان أبو هريرة من أصحابه المقرّبين، وقد استخلف لمرات عديدة من قبل مروان في موسم الحج وعند غيابه أيضاً.[٢٦]
- وذُكر أبو هريرة أيضاً أحياناً في عداد قضاة بني أمية في المدينة، ولم يتيسر لنا تعيين التاريخ الدقيق لذلك. وعلى أية حال، فقد تناقلت الألسن بعض القصص في هذا المجال.[٢٧]
- واستناداً إلى بعض المصادر، فقد صلى أبو هريرة في السنة الأخيرة من حياته على جثمان عائشة،[٢٨] إلاّ أنّ هناك معلومات تفيد بأنّه صلى على جثمان أم سلمة، ولكن هذا الخبر يكتنفه الكثير من الشك من الناحية التاريخية. [٢٩]
وفاته
والقول المشهور حول وفاة أبي هريرة هو سنة 59 هـ، وقد صرّح ابن سعد[٣٠] أنّ صلاته على جثمان عائشة (رمضان 58) يؤيد بحدّ ذاته سنة وفاته هذه.
ومع كل ذلك، فقد ذكرت بعض المصادر أنّ سنة وفاته كانت 57، أو 58هـ.[٣١]
وبناء على ما نقله ناصر خسرو يقع قبر أبي هريرة في طبرية بالشام.[٣٢]
أبو هريرة والحديث
- إنّ غزارة الأحاديث التي رويت عنه كانت مثار تحفظات، ليست في القرون التالية فحسب، بل اعتباراً من العقود الإسلامية الأولى. وكشاهد على ذلك تجب الإشارة إلى أمر الخليفة عمر الذي حذّر أبا هريرة من نقل الحديث بسبب كثرة الرواية عن النبي(ص)،[٣٣]كما اعترض في هذا المجال الإمام علي(ع) وبعض الصحابة.[٣٤]
- وفيما عدا مسموعاته المباشرة من النبي(ص)، فقد نقل أبو هريرة الكثير من أحاديثه(ص) عن طريق الصحابة الآخرين مثل أبي بكر وعمر وأبيّ بن كعب وعائشة وسهل بن سعد الساعدي، بل وحتى عن صحابي شاب مثل الفضل بن عباس.[٣٥]
- واستناداً إلى الإحصائية التي قدمت عن أحاديث أبي هريرة فقد بلغ عدد أحاديثه المنفردة في صحيح البخاري 93، وفي صحيح مسلم 189، فيما بلغت أحاديثه المشتركة في الصحيحن 325، وأحاديثه في المعتبرة5،374 حديثاً،[٣٦] فنقل مثل هذا الكمّ من الروايات يبدو غريباً بالأخص إذا أخذ بعين الاعتبار أن أبا هريرة أقصى ما عاصر النبي الأعظم السنوات الأربعة الأخيرة من عمره الشريف(ص) قياساً للروايات المنقولة عن الصحابة. واستناداً إلى قول الحاكم النيسابوري فإنّ 28 من الصحابة، وكذلك جملة من التابعين أيضاً رووا عنه. كما أنّ الإمام أحمد خصص 10% من مسنده بالأحاديث المنقولة عن أبي هريرة.
- وقد كانت أحاديث أبي هريرة متنوعة للغاية من حيث الموضوع، فهي تشمل مسائل كثيرة اعتباراً من العقائد والفقه وحتى السيرة والملاحم، بل وحتى الطب. كما أنّه يمكن الحصول على أحاديثه بشكل عام في قسم "مسند أبي هريرة" من المسانيد المتبقية مثل مسند أحمد بن حنبل[٣٧]ومسند أبي يعلي الموصلي وغيرهما.
النقد الرجالي
- أثارت الكثرة البعيدة عن الانتظار لروايات أبي هريرة عن النبي(ص) اعتراضات من قبل بعض الصحابة بسبب قصر فترة صحبته، وقد اتسع نطاق هذه الاعتراضات إلى العهود التالية أيضاً. ومع الأخذ بعين الاعتبار هذا الأصل وهو أنّ أصحاب الحديث كانوا بشكل عام يعتقدون بعدالة أصحاب النبي(ص) ولم يكونوا يعمدون إلى نقد الصحابة،[٣٨] ومن البديهي أن شخصية أبي هريرة باعتباره صحابياً، كانت دوماً تحظى من قبلهم بتأييد واحترام وافرين. [٣٩]
- وقد كان الشيعة الإمامية الذين كانوا يروون الطريق مفتوحاً أمامهم في نقد الصحابة في ذات الوقت الذي كانوا يجلونهم فيه، يتناولون بالنقد في آثارهم المختلفة شخصية أبي هريرة. [٤٠]
- وقد اتهمه إبراهيم من المعتزلة بالكذب،[٤١]ووضع الحديث، كما نقل أبو جعفر الأسكافي أيضاً في نقضه العثمانية للجاحظ حكايات في نقد أبي هريرة.[٤٢] ولم يتجنب أهل العدل الحنفيون في خراسان أيضاً النقد الشديد لأبي هريرة.[٤٣]
- وفي العقود الأخيرة أيضاً تمت من جديد إعادة النظر في شخصية أبي هريرة، فعمد بعض المؤلفين الشيعة وأهل الشيعة وأهل السنة إلى تأليف آثار في نقده. ومن بين الشيعة الإمامية يمكن الإشارة إلى أن كتاب أبو هريرة[٤٤]لعبد الحسين شرف الدين، ومن بين أهل السنة نقد بدقة محمود أبورية في كتاب شيخ المضيرة أبو هريرة[٤٥]حياة أبي هريرة والروايات المنقولة عنه. وأمّا محمد حبيب الرحمان الأعظمي فقد سعى في كتاب أبو هريرة في ضوء مروياته[٤٦] ليشير إلى منزلته المهمة من خلال إلقاء نظرة على الأحاديث المنقولة عنه في الصحاح وكتب الحديث.
وصلات خارجية
الهوامش
- ↑ ابن إسحاق، السير والمغازي، ص286؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج19 ص206 وما بعدها؛ ابن حجر، الإصابة، ج4، ص204.
- ↑ ابن إسحاق، السير والمغازي، ص286.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص329؛ الترمذي، سنن الترمذي، ج5، ص686؛ الحاكم، المستدرك، ج3، ص506.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص329؛ الترمذي، سنن الترمذي، ج5، ص686؛ الحاكم، المستدرك، ج3، ص506ـ؛ ابن قتيبة، المعارف، ص277.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص340؛ ابن عبد البرّ، الاستيعاب، ج4، ص1772.
- ↑ ابن حجر، الإصابة، ج4، ص210.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج2، ص636؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج4، ص325-328؛ البسوي، المعرفة والتاريخ، ج3، ص160-161؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1771.
- ↑ الصنعاني، المصنف، ج8، ص215؛ ابن سعد، الطبقات الكبري، 2/363، 4/324؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1771.
- ↑ أبو نعيم، حلية الأولياء، ج1، ص376ـ377؛ الهجويري، كشف المحجوب، ص99.
- ↑ أحمد بن حنبل، العلل...، 3/460؛ البلاذري، أنساب...، 1/272؛ ابن عساكر، 19/218.
- ↑ الواقدي 2/760، 765.
- ↑ ابن عساكر، 19/223.
- ↑ الطبري، 3/307.
- ↑ الصنعاني، 11/323؛ ابن سعد، 4/335؛ البلاذري، فتوح...، 99/1ـ100؛ اليعقوبي، 153/2،157.
- ↑ اليعقوبي، 2/161؛ الطبري، 4/112.
- ↑ الصنعاني، 11/323؛ ابن سعد، 4/335؛ ابن عبد ربه، 4/1771.
- ↑ البلاذري، أنساب...، 5/73؛ الطبري، 4/3535،389؛ الحاكم، 4/423ـ424.
- ↑ ابن سعد، 4/340.
- ↑ البلاذري، انساب...، 2/425؛ الإمامة...، 1/112 وما بعدها؛ أيضاً إبراهيم بن محمد، 2/445ـ446.
- ↑ إبراهيم بن محمد، 2/569.
- ↑ إبراهيم بن محمد، 2/607؛ قارن: البلاذري، أنساب...، 2/458؛ الطبري، 5/140.
- ↑ إبراهيم بن محمد، 2/639؛ البلاذري، أنساب...، 2/458؛ اليعقوبي، 2/199.
- ↑ الطبري، 5/140.
- ↑ إبراهيم بن محمد، 2/656.
- ↑ البلاذري، الأنساب، 3/60،65؛ ابن عبد ربه، 4/246.
- ↑ ابن سعد، 4/336؛ ابن قتيبة، المعارف، 278.
- ↑ وكيع، 1/111 وما بعدها.
- ↑ ابن سعد، 4/340ـ 341؛ البلاذري، الأنساب، 1/420.
- ↑ الذهبي، 1/210؛ ابن حجر، 4/210ـ 211.
- ↑ ابن سعد، 4/340ـ 341.
- ↑ خليفة، 1/219؛ ابن قتيبة، المعارف، 278؛ ابن عبدالبر، 4/1772.
- ↑ ناصر خسرو، 30.
- ↑ أبو زرعة، 1/544.
- ↑ ابن قتيبة، تأويل...،28؛ ابن سعد، 4/332؛ البسوي، 1/486.
- ↑ ابن سعد، 4/340؛ أحمد بن حنبل، المسند، 5/114ـ115؛ الحاكم، 3/512؛ ابن منجوبة؛ 2/403.
- ↑ السيوطي، 2/191.
- ↑ أحمد بن حنبل، 2/228 وما بعدها.
- ↑ ابن حجر، 1/9 وما بعدها.
- ↑ ابن قتيبة، تأويل، 16 وما بعدها؛ الحاكم، 3/512؛ البغدادي، 9/467.
- ↑ الفضل بن شاذان، 496-497؛ ابن بابوية، 184-185؛ أيضاً التستري، 5/374 وما بعدها.
- ↑ ابن قتيبة، المصدر نفسه، 27-28؛ البغدادي، 89، 192.
- ↑ ابن أبي حديد، 4/68.
- ↑ الدارمي، 132 وما بعدها؛ الدميري، 1/399؛ أيضاً دائرة المعارف الإسلامية الكبري، 4/521.
- ↑ النجف، مكتبة الحيدرية.
- ↑ القاهرة، 1969م.
- ↑ القاهره وبيروت، 1399هـ/1979م.
المصادر
- الثقفي، إبراهيم بن محمد، الغارات، تحقيق: جلال الدين محدث الأرموي، طهران، د.ن، 1355هـ ش.
- ابن أبي الحديد، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، د.ن، 1959م.
- ابن إسحاق، محمد، السير والمغازي، تحقيق: سهيل زكار، دمشق، د.ن، 1978م.
- ابن بابويه، محمد، الخصال، طهران، د.ن، 1354هـ.ش.
- ابن حجر العسقلاني، أحمد، الإصابة، القاهرة، د.ن، 1328هـ.
- ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، بيروت، د.ن، 1984م.
- ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر، د.ت.
- ابن عبدالبر، يوسف، الاستيعاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، القاهرة، 1960م.
- ابن عساكر، علي، تاريخ مدينة دمشق، د.م، مخطوط مكتبة أحمد الثالث بإسطنبول، رقم2887.
- ابن عبد ربه، أحمد، عقد الفريد، تحقيق: أحمد أمين وآخرون، بيروت، د.ن، 1402م.
- ابن قتيبة الدينوري، عبدالله، تأويل مختلف الحديث، بيروت، د.ن، 1405هـ.
- ابن قتبة الدينوري، عبد الله، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة، القاهرة، د.ن، 1388هـ.
- ابن قتبة الدينوري، الإمامة والسياسة، القاهرة، د.ن، 1955م.
- ابن منجويه، أحمد، رجال صحيح مسلم، تحقيق: عبد الله الليثي، بيروت، د.ن، 1987م.
- ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وآخرون، القاهرة، د.ن، 1955م.
- أبو زرعة الدمشقي، عبد الرحمان، التاريخ، تحقيق: شكر الله القوجاني، دمشق، د.ن، 1980م.
- أبو نعيم الأصفهاني، أحمد، حلية الأولياء، القاهرة، د.ن، 1932م.
- أحمد بن حنبل، العلل ومعرفة الرجال، تحقيق: وصي الله بن محمد عباس، بيروت/الرياض، د.ن، 1988م.
- أحمد بن حنبل، المسند، القاهرة، د.ن، 1313هـ.
- البخاري، محمد، الصحيح، بيروت، د.ن، 1978م.
- البسوي، يعقوب، المعرفة والتاريخ، تحقيق: أكرم ضياء العمري، بغداد، د.ن، 1976م.
- البغدادي، عبدالقاهر، الفَرق بين الفِرق، تحقيق: محمد زاهد الكوثري، القاهرة، د.ن، 1948م.
- البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، تحقيق: محمد حميد الله، القاهرة، 1959م.
- الترمذي، محمد، سنن الترمذي (جامع الترمذي)، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، القاهرة، د.ن، 1381هـ.
- التستري، محمد تقي، قاموس الرجال، طهران، د.ن، 1379م.
- الحاكم النيسابوري، محمد، المستدرك، حيدر آباد، الدكن، 1324هـ.
- خليفة بن خياط، التاريخ، تحقيق: سهيل زكار، دمشق، د.ن، 1967م.
- الدارمي، عثمان، الرّد على بشر المريسي، تحقيق: محمد حامد الفقي، بيروت، دارالكتب العلمية، د.ت.
- الدميري، محمد، حياة الحيون الكبرى، القاهرة، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، د.ت.
- الذهبي، محمد، سِير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، بيروت، د.ن، 1985م.
- السيوطي، تدريب الراوي، تحقيق: أحمد عمر هاشم، بيروت، د.ن، 1989م.
- الصنعاني، عبد الرزاق، المصنف، تحقيق: حبيب الرحمان الأعظمي، بيروت، د.ن، 1983م.
- الفضل بن شاذان، الإيضاح، تحقيق: جلال الدين محدث الأرموي، طهران، د.ن، 1350هـ. ش.
- ناصر خسرو، سفر نامه، تحقيق: محمد دبير سياقي، طهران، د.ن، 1354هـ.ش.
- الهجويري، علي، كشف المحجوب، تحقيق: جوكوفسكي، طهران، د.ن، 1979م.
- الواقدي، محمد، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، لندن، د.ن، 1966م.
- وكيع، محمد، أخبار القضاة، تحقيق: عبد العزيز مصطفى المراغي، القاهرة، د.ن، 1947م.
- اليعقوبي، أحمد، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، د.ت.