انتقل إلى المحتوى

توقيعات الإمام المهدي (ع)

من ويكي شيعة

توقيعات الإمام المهديعليه السلام هي رسائل ومكاتيب الإمام الثاني عشر للشيعة الإمامية، التي صدرت خلال فترة الغيبة الصغرى للإجابة عن أسئلة الشيعة.

ورد في المصادر الحديثية حوالي 100 توقيع للإمام المهديعليه السلام في موضوعات مختلفة، كالفقهية والاعتقادية و...، وكانت هذه التوقيعات بخط الإمام أو بإملائه على النواب الأربعة، وقد استند فقهاء الشيعة ببعض هذه التوقيعات لاستنباط الأحكام الشرعية.

وقد أفرد الشيخ الصدوق في كتابه كمال الدين، والشيخ الطوسي في كتابه الغيبة قسما مستقلا لهذه التوقيعات، كما هناك تأليفات مختصّة بموضوع توقيعات الإمام المهديعليه السلام.

المفاهيم

التوقيع الأخير إلى النائب الرابع

...إِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَاجْمَعْ أَمْرَكَ وَلَا تُوصِ إِلَى أَحَدٍ يَقُومُ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ الثَّانِيَةُ، فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْأَمَدِ وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَامْتِلَاءِ الْأَرْضِ جَوْراً، وَسَيَأْتِي شِ يعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ، أَلَا فَمَنِ ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 516.

المراد من التوقيع هو الرسائل والمكتوبات التي صدرت عن الأئمةعليها السلام، وبدأ استخدام هذا المصطلح بالتحديد في عصر الإمام الكاظمعليه السلام.[١] وفي عصر الغيبة الصغرى كانت الرسائل تتبادل بين الشيعة والإمام المهديعليه السلام عن طريق النواب الأربعة.[٢]

وكانت توقيعات الإمام المهديعليه السلام بخطه أو بإملائه على النواب الأربعة، وكان على بعضها ختم الإمامعليه السلام،[٣] كما قد صرّحعليه السلام في ذيل بعضها أنه كتبها بخطّه،[٤] وروي عن عبد الله بن جعفر الحميري:

لمّا مات أبو عمرو (النائب الأول للإمام المهدي) أتتنا الكتب بالخطّ الذي كنّا نكاتب به، بإقامة أبي جعفر (النائب الثاني للإمام المهدي) مقامه.[٥]

وهناك توقيع من الإمام المهديعليه السلام صدر بخطّ أحمد بن إبراهيم النوبختي أملاه عليه الحسين بن روح النوبختي (النائب الثالث للإمام المهدي).[٦]

استخدامات أخرى

ورد أيضاً استخدام كلمة التوقيع في الأحاديث غير المكتوبة عن الإمام الثاني عشرعليه السلام،[٧] كما أن الشيخ الصدوق قد ذكر بعض أحاديث الإمام المهدي في قسم التوقيعات.[٨]

كذلك ذكرت بعض كلمات النواب الأربعة ضمن التوقيعات،[٩] وقيل[١٠] إنّ السبب في ذلك هو كلام الحسين بن روح النوبختي يصف نفسه بأنّ ما يقوله هو «عن الأصل ومسموع عن الحجة».[١١]

عدد توقيعات الإمام المهديعليه السلام

ورد في المصادر الحديثية حوالي 100 توقيعا عن الإمام المهديعليه السلام،[١٢]تعود أكثرها إلى عصر الغيبة الصغرى، حيث ذكر الشيخ الصدوق 49 توقيعا ودعاء واحدا في كتاب كمال الدين، كما أنّ الشيخ الطوسي ذكر 43 توقيعا في كتاب الغيبة، 12 منها نقلا عن الصدوق في كمال الدين.[١٣]

كذلك ورد في كتاب الاحتجاج (من مصادر القرن السادس الهجري]) توقيعان عن الإمام المهديعليه السلام إلى الشيخ المفيد413 هـ) تعود إلى الغيبة الكبرى،[١٤] إلا أن السيد الخوئي من مراجع تقليد الشيعة لم يثق بهما، لأن من أوصلهما إلى الشيخ المفيد مجهول، وسند الطبرسي للتوقيعين مُرسَل، وأن الواسطة بين المفيد والطبرسي مجهول أيضا.[١٥] وفضلاً عن ذلك فإن هذين التوقيعين لم يردا في آثار الشيخ المفيد، کما لم يذكرهما الشيخ الطوسي (الذي هو من تلامذة المفيد) في كتاب الغيبة،[١٦] إلا أنّ البعض قالوا واستناداً على الفقرة الأخيرة من التوقيع (فأخفِهِ عن كلّ أحد) أنّه يحتمل أن يكون المفيد أخفى توقيع الإمام إليه، ولهذا لم يصل إلى الشيخ الطوسي.[١٧]

موضوعها

توقيع الإمام المهديعليه السلام في التحذير عن أدعياء النيابة

...أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفَ بِالشَّلْمَغَانِيِّ عَجَّلَ اللَّهُ لَهُ النِّقِمَةَ وَلَا أَمْهَلَهُ قَدِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ... وَإِنَّا بَرِئْنَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ مِنْهُ وَلَعَنَّاهُ عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللَّهِ... أَعْلِمْهُمْ أَنَّنَا فِي التَّوَقِّي وَالْمُحَاذَرَةِ مِنْهُ (الشلمغاني) عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ نُظَرَائِهِ مِنَ السَّرِيعِيِّ وَالنُّمَيْرِيِّ وَالْهِلَالِيِّ وَالْبِلَالِيِّ.

الطبرسي، الاحتجاج، ج 2، ص 290.

صدرت توقيعات الإمام المهديعليه السلام في مواضيع متعددة، منها الاعتقادية، والفقهية، وفي عزل الوكلاء وتنصيبهم، وتسلّم الوجوه الشرعية، وتكذيب من يدّعي النيابة، والإجابة عن أسئلة الشيعة.[١٨] وأوردت موسوعة الإمام المهديعليه السلام هذه التوقيعات ضمن أربعة أقسام رئيسية، وهي: المسائل الاعتقادية والسياسية، والأحكام الفقهية، والكرامات والأدعية، ومواضيع شتى.[١٩]

الاعتقادية

صدرت بعض توقيعات الإمام المهديعليه السلام في الإجابة عن الأسئلة الاعتقادية حول صفات الله، والنبوة، والإمامة. فقالعليه السلام في الإجابة عن الأسئلة حول الإمامة أنّ الأرض لا تخلو من الحجة أبداً، وهذه سنة إلهية تستمرّ حتى يوم القيامة، كما تطرّق إلى مهمّة كلّ إمام في تعيين من يتولى الإمامة بعده، وأكد على أنّ الإمام العسكريعليه السلام عيّنه (يعني الإمام المهدي) للإمامة بعده. وقد ركّزعليه السلام على أصل الإمامة، وكذلك إمامته في مقابل ادعاء جعفر الكذاب للإمامة، كما نهى شيعته عن التوقيت وتعيين وقت الظهور والبحث عن شخصه (يعني الإمام المهدي).[٢٠]

تكذيب أدعياء النيابة

صدرت عدة توقيعات عن الإمام المهديعليه السلام في تكذيب أو لعن أدعياء النيابة عنهعليه السلام، ومنها ما ورد في لعن أبو محمد الحسن الشريعي، الذي كان أول من ادّعى الارتباط بالإمام الغائب في عصر الغيبة الصغرى.[٢١]

الفقهية

اختص قسم من توقيعات الإمام المهديعليه السلام بالإجابة على الأسئلة الفقهية في الطهارة، والصلاة، والصوم،‌ والحج، والشهادة، والقضاء، والوقف، والمعاملات، والخمس، والصدقة، والنكاح،‌ وزيارة قبور الأئمةعليها السلام.[٢٢]

الكرامات والأدعية

تحمل بعض التوقيعات الصادرة‌ عن الإمام المهديعليه السلام طابع الكرامة، كاستجابة دعائه في بعض شيعته، وإخبارهعليه السلام عن بعض الأمور الخفية،[٢٣] وقد يُستدلّ بهذه التوقيعات على إثبات إمامتهعليه السلام.[٢٤]

اعتبارها

فقرة من توقيعهعليه السلام إلى إسحاق بن يعقوب

أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا، فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَأَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 484.

وقد استند فقهاء الشيعة على هذه التوقيعات لاستنباط بعض الأحكام الشرعية،[٢٥] فمثلا بالاستناد على توقيعهعليه السلام في الإجابة عن سؤال محمد بن عبد الله الحميري أفتوا بأنه يحرم أو يكره على المصلّي أن يتقدم قبور الأئمةعليها السلام أو يحازيها، بحيث يقع القبر خلفه أو عن يمينه وشماله.[٢٦] كما استدلّ الفقهاء في إثبات نظرية ولاية الفقيه بتوقيع من الإمام المهديعليه السلام أمر فيه شيعته بالرجوع إلى رواة الأحاديث في الحوادث الواقعة،[٢٧] فذهب الإمام الخميني بالاستناد علي هذا التوقيع إلى وجوب تفويض جميع أمور المجتمع إلى الفقهاء.[٢٨]

دراسة حول المصادر

بحسب ما ورد في موسوعة الإمام المهديعليه السلام إنّ أهم المصادر التي ذكرت توقيعات الإمام المهدي هي كمال الدين للشيخ الصدوق والغيبة للشيخ الطوسي،[٢٩] حيث أفرد في كل منهما قسم خاص بهذه التوقيعات.[٣٠]

وقد ذكرت مصادر أخرى كالكافي، والاحتجاج، ومعادن الحكمة، وبحار الأنوار، ومكاتيب الأئمة عدداً من التوقيعات، من دون اختصاص قسم خاص بها.[٣١] كما أنّ المصادر التي تتحدث عن الوكلاء والنواب الأربعة تطرقت إلى بعض هذه التوقيعات، ككتاب أخبار الوكلاء الأربعة لـأحمد بن محمد العياش401 هـ).[٣٢]

وهناك مصادر مختصة بتوقيعات الإمام المهدي (عج)، اهتمّت بجمع هذه التوقيعات، منها:

الهوامش

  1. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 115.
  2. الطوسي، الغيبة، ص 356.
  3. الكليني، الكافي، ج 7، ص 163.
  4. الكشي، رجال الكشي، ص 513 - 551.
  5. الطوسي، الغيبة، ص 362.
  6. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 508-509.
  7. الشبيري، «توقيع»، ص 577.
  8. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 505.
  9. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 502-504؛ الطوسي، الغيبة، ص 294، 298، 307،308،321.
  10. الشبيري، «توقيع»، ص 577.
  11. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 508-509.
  12. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 117.
  13. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 117، پانويس2.
  14. الطبرسي، الاحتجاج، ج 2، ص 497-500.
  15. الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 18، ص 220.
  16. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 445.
  17. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 445.
  18. الشبيري، «توقيع»، ص 582.
  19. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 117-120.
  20. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 130-165.
  21. الطوسي، الغيبة، ج 1، ص 397.
  22. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 180-239.
  23. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 322-425.
  24. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 119.
  25. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 255-320.
  26. العاملي، مفتاح الكرامة، ج 6، ص 212-214.
  27. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 484.
  28. الإمام الخميني، كتاب البيع، ج 2، ص 635؛ الإمام الخميني، ولاية الفقيه، ص 78-82.
  29. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 124.
  30. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 482 -532؛ طوسي، الغيبة، ص 281 وما بعدها.
  31. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 124.
  32. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 123.
  33. المحمدي الري شهري، دانشنامه امام مهدي، ج 4، ص 122-124.

المصادر والمراجع

  • الإمام الخميني، روح الله، كتاب البيع، قم، انتشارات اسماعيليان، 1363 هـ ش.
  • الإمام الخميني، روح الله، ولايت فقيه، تهران، مؤسسه تنظيم ونشر آثار امام خميني، 1373 هـ ش.
  • الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، قم، مركز نشر الثقاقة الإسلامية في العالم، 1372 هـ ش.
  • الشبيري، محمد جواد، «توقيع»، دانشنامه جهان اسلام (ج 8)، طهران، 1383 هـ ش.
  • الشيخ الصدوق، محمد بن علي، كمال‌الدين وتمام النعمة، تصحيح: علي‌ أكبر الغفاري، طهران، إسلامية، 1395 هـ.
  • الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج على أهل اللجاج، تصحيح: محمد باقر خرسان، مشهد، نشر مرتضى، 1403 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، كتاب الغيبة، قم، تصحيح: عباد الله طهراني وعلي أحمد ناصح، قم، دار المعارف الاسلامية، 1411 هـ.
  • العاملي، السيد جواد بن محمد، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة، تصحيح: محمد باقر الخالصي، قم، دفتر انتشارات اسلامي، 1419 هـ.
  • الكشي، محمد بن عمر، رجال‌الكشي (اختيار معرفة الرجال)، تصحيح: حسن المصطفوي، مشهد، مؤسسه نشر التابعة لجامعة مشهد، 1409 هـ.
  • المحمدي الري شهري، محمد، دانشنامه امام مهدي(عج)، قم، دار الحديث، 1393 هـ ش.