أصحاب الرأي

من ويكي شيعة
(بالتحويل من اصحاب الرأي)

أصحاب الرأي، عنوان الاتجاه المقابل لأصحاب الحديث، والمروّجين لأساليب اجتهاد الرأي في الاستنباط الفقهي عند أهل السنة الأوائل. وقد كان فقهاء بلاد العراق وبشكل خاص الفقيه الكوفي أبو حنيفة، يُعرفون برموز هذا الاتجاه.

وقبل ظهور المصطلح، كان المعروفون "بأصحاب أرأيتَ" في القرن الأول الهجري في افتراضهم مسائل مقدرة واستنباط إجاباتٍ عليها، إلى جنب اعتنائهم بآراء الصحابة والتابعين الأوائل، قد شكلوا النواة الأولى لمن حملوا عنوان أصحاب الرأي لاحقاً، حيث كانت النظريات القائمة على آراء الصحابة والتابعين في تلك الفترة قد استحالت من قالب الرأي إلى هيئة أقوال مأثورة بعد نقلها إلى الأجيال اللاحقة التي كانت تنظر إليها باحترام كبير، لتلي بذلك مرتبة الحديث النبوي في محافل التقليديين.

اختلف نطاق استعمال الرأي والأثر بين أصحاب الرأي وأصحاب الحديث حتى وردت أسماء أصحابها في كلتا المدرستين، غير أن اجتهاد الرأي (مقابل الاجتهاد عند الشيعة) ولاسيما استعمال القياس ظلّا مرفوضَين من قِبَل معاصريهم من أئمة أهل البيت (ع).

المفهوم

كان مصطلح أصحاب الرأي في القرون الأولى يلقى معناه الحقيقي دائماً في مواجهة مصطلح أصحاب الحديث. والتمييز بين هذين الاتجاهين عسير جداً في كثير من الحالات بسبب المفهوم النسبي للمصطلحين.

إن دراسة الأساليب الفقهية المتداولة في أوساط أصحاب الحديث المتقدمين ومقارنة أساليبهم في الاستدلال بأساليب أصحاب الرأي، تبين أن المذاهب المختلفة لأصحاب الرأي وأصحاب الحديث، شكلت أطياف متنوعة من مجموعة متلاصقة تتراوح تصنيفها بين خلافات نسبية في استخدام الرأي والحديث دون تحديد معين.

النطاق

إن أشد فقهاء أصحاب الحديث تعصباً لم ينكر على الإطلاق الاستخدام المحدود للرأي، كما أن أشد فقهاء أصحاب الرأي تطرفاً لم يسمح لنفسه إطلاقاً معارضة الأحاديث الثابتة والموثوقة؛ ولهذا فإن وضع حدود فاصلة بشكل دقيق بين هذين الفريقن سيكون أمراً مستحيلاً.

وإذا اعُتبر استخدام أي من الاتجاهين للرأي أو الحديث أساساً لتصنيفهم، فإنه ينبغي التسليم بأن أشهر فقهاء أصحاب الحديث مثل مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي سيكون لهم موضع بين هذين الفريقين. إن الالتفات إلى هذه الميزة هو الذي حدا بابن قتيبة عالم الحديث في القرن 3 هـ من خلال توسّعه في الاستنتاج من مفهوم أصحاب الرأي، إلى أن يضع هؤلاء الثلاثة إلى جانب أبي حنيفة وابن أبي ليلى، ويدعوهم جميعاً تحت العنوان العام المعروف بأصحاب الرأي.[١]

الجذور

عهد الصحابة

كخلفية تاريخية لمكانة الرأي في الفقه الإسلامي، وفي نظرة إلى أولى جذور الاختلاف في الآراء الفقهية، ينبغي القول إن اختلاف الرؤى الفقهية كان له أمثلة بين الصحابة في عهد النبي (ص)، وقد اتسع نطاقه بعد وفاته (ص). ويعود بعض هذا الاختلاف إلى:

  1. اختلاف الأحاديث التي كانت ترجع إليها الصحابة.
  2. طروء مسائل لم يكن قد ورد بشأنها حكم في الكتاب والسنة، أو كان يتصور أنه لم يرد حكم بشأنها، حيث شكّلت هي الأرضية الأهم لظهور الاختلاف الفقهي بين الصحابة.[٢]

عهد التابعين

إن الاعتناء بآراء الصحابة بوصفها مرجعاً يستند إليه في عصر التابعين الأوائل، واتباع أقوال التابعين الأوائل بوصفها مرجعاً للأجيال المتأخرة من التابعين، زاد من الدور المؤثر للرأي بهذا الشأن.

"عليك بآراء مَن سَلَف وإن رفضك الناس، وإيّاك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول."



الأوزاعي (157 هـ)

وفي تلك الفترة كانت النظريات القائمة على آراء الصحابة والتابعين الأوائل قد استحالت في الحقيقة من قالب الرأي إلى هيئة أقوال مأثورة بعد نقلها إلى الأجيال اللاحقة التي كانت تنظر إليها باحترام كبير وتوليها أهمية أكثر من رأيها هي، لتلي بذلك مرتبة الحديث النبوي في محافل التقليديين.

التعليم الديني

لدراسة خلفية استخدام الرأي بالمعنى الأخص (لا الرأي المستحيل إلى الأثر) في الفقه المبكّر، ربما كان الأفضل البحث عنها في الثقافة الدينية لبلاد العراق وبشكل خاص الكوفة في القرن 1 هـ.

كانت تعاليم ثلاثة من أصحاب النبي (ص) وهم الإمام علي (ع)، وابن مسعود بحضوره المباشر، والخليفة عمر عن طريق مروجي سُنّته، هي الخطوات الأولى في أولى محافل التعليم الديني في الكوفة خلال النصف الأول من القرن 1 هـ.[٣]

وخلال فترة الجيل الثاني للتابعين أدى انتقال تعاليم الصحابة المتأخرين _ وبشكل خاص ابن عباس وعبد الله بن عمر _ إلى بيئة الكوفة إلى قدر من التغيير مقارنة بما كان يلاحظ في عصر التابعين الأوائل.

العبادة والجهاد

كان حضور جمع غفير من الصحابة والتابعين الذين اتخذوا من الكوفة قاعدة للجهاد في العقود الأولى من القرن 1هـ، حوّل هذه البلاد إلى حاضرة لبيئة التعليم، لكن هيمنة الأجواء الجهادية على الكوفة وعدم الاهتمام بالمظاهر الدنيوية، كانت تؤدي إلى غلبة التعاليم القرآنية على غيرها؛ إذ كانت هي السنة القائمة منذ عهد النبي (ص)، بينما لم يكن في مثل تلك الأجواء رغبة لدى أحد فيما كان يُعد آنذاك بدعاً من العلم، أو أمراً دنيوياً خالياً من الأجر؛ لذلك لم تكن البحوث النظرية كالفقه والكلام أو حتى تبادل الحديث في الكوفة على عهد التابعين الأوائل وفي عامة الأوساط، هو الشغل الشاغل، بل القرآن والاجتهاد في العبادة.

الرأي والاجتهاد

في الكلام عن أولى حلقات التعليم الديني، تجدر الإشارة إلى القُرّاء العبّاد من الاتجاهين: أصحاب عمر وأصحاب ابن مسعود.

لقد كانت حلقة أتباع ابن مسعود تتمتع من بين الاتجاهين بالاعتدال النسبي. وهذه الحلقة التي كانت قد وجدت لنفسها بشكل ما سبيلاً للجمع بين العمل لـلآخرة والتعليم والتعلم والحياة الاعتيادية في هذا العالم،[٤] شكّلت النواة الأولى للرأي الفقهي، أو الفقه الدرائي بحسب التعبير المعاصر. وفي الحقيقة، فإن اشتهار العراقيين في استخدام الرأي يعود إلى هذا العصر. وتظهر التقارير المتناثرة هنا وهناك كيف أن الفقهاء العراقيين اتخذوا مواقف معينة في بعض مسائل الفقه الاجتهادية،[٥] وكيف كان الباقون من الصحابة في الحجاز ينبرون لنقد الفتيا العراقية.[٦]

الكوفة

كان أنصار العمل بالرأي من تابعي الكوفة ينسبون سنة العمل بالرأي الفقهي إلى الصحابة الثلاثة المذكورين، لكن بغضّ النظر عن هذه النسبة وفي دراسة ناقدة، يمكن اعتبار أن الرأي في فقه الكوفة في النصف الثاني من ذلك القرن على الأقل، كان قد حُدِّدت معالمه وترسخت مكانته نسبياً.

  • الروايات

تدلّ نماذج متوفرة على أنه قد طُرحت في النصف الثاني من القرن الأول نظريات ولو على نحو الاجمال في قالب روايات منقولة عن النبي (ص)، أو بعض الصحابة، في تعيين مكانة الرأي ومدى استخدامه في فقه الكوفة. جميع هذه الروايات التي نُقلت بألفاظ مختلفة وبأسانيد متنوعة بواسطة التابعين من أهل الكوفة مثل عمارة بن عمير عن ابن مسعود، وعامر الشعبي عن عمر ، وأبي عون الثقفي عن معاذ بن جبل، رغم اختلافها في التفاصيل، جعلت في مقام تحديد درجات الاستناد إلى الأدلة، العملَ بالرأي والاجتهاد بمرتبة تلي الرجوع إلى القرآن وسنة النبي (ص)، ومن ثم الأقوال.[٧]

الأوساط العراقية

رغم أنه لا يمكن إصدار حكم جزاف حول مدى رواج أحاديث الرأي والاجتهاد في القرن الأول الهجري حتى في الكوفة بالاعتماد على الأسانيد المتبقية في المصادر الروائية، إلا أنه يمكن التسليم حسب الروايات المتناثرة والمتوفرة بأن أسلوب التعامل مع الادلة النقلية والرأي بالشكل الذي تجلى في هذه الروايات كان في أواخر القرن الأول الهجري أسلوباً مقبولاً في عامة أوساط العراق من الكوفة والبصرة.

وكما يستشف من المصادر، فإن مشاهير التابعين في الكوفة خلال النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وكذلك البارزين من أهل البصرة، وبرغم تبنّيهم مواقف متشددة في تعاملهم مع بعض أشكال الرأي،[٨] كانوا جميعاً _ ضمن إطار محدود وبمستوى الاستجابة للوقائع _ قد قبلوا باستخدام الرأي.[٩]

البلدان الأخرى

رغم مرونة التعامل مع الرأي، فإن أغلب الفقهاء في شتى البلدان ومنها العراق وعلى النمط القديم، كانوا ما يزالون يصرون حتى نهاية القرن الأول على تجنب الإفتاء في المسائل المفترضة التي لم تقع بعد.[١٠] وبمجيء الجيل الثالث من التابعين وحده وتعاقب الأجيال، أدت الظروف الاجتماعية بمجموعها إلى إضعاف هذا الاتجاه.

أصحاب أرأيتَ

سأل رجل الإمام الصادق (ع) عن مسألة فأجبه فيها. فقال الرجل أرأيتَ إن كان كذا وكذا، ما يكون القول فيها؟ فقال له مَه! ما أجبتك فيه من شيئ فهو عن رسول اللَّه، لسنا من أَرَأَيتَ في شيئ.



الكليني، الكافي، ج 1، ص 76، ح 21.

كان فقهاء مجهولون خلال النصف الثاني من القرن الأول الهجري يقومون باستفسار مسائل فقهية مقدرة محاولين في توسيع نطاق الأحكام، وكان التيار السائد يلقّب هؤلاء بـ أصحاب أرأيتَ، أو "الأرائيين"، لأسئلتهم الافتراضية المطروحة بعبارة "أرأيت...؟" النمطية والمكررة.

وهؤلاء كانوا في البدء فريقاً مغلوباً على أمرهم وغير مرغوب بهم في أوساط التابعين، إلا أن مكانتهم بدأت تترسخ تدريجياً نظراً للظروف الاجتماعية على يد فقهاء من بلدان مختلفة عُرفوا بكثرة الفتاوى، بدافع من الرأي، بعد الكتاب والسنة وسيرة بعض الصحابة.

أصحاب الرأي

عصر حماد

الانبساط في الفقه

أدى تعاظم نفوذ أصحاب أرأيت في الجيل الثالث من التابعين، إلى التغلب تماماً على معارضي المسائل التقديرية، وكان أصحاب أرأيت في هذه الفترة هم الذين يديرون حلقات وأوساط الفقه وتدريسه، لاسيما الكوفة منها بشكل خاص.[١١] وكان القاسم بن عبد الرحمن وهو أحد فقهاء الكوفة من الجيل الثاني للتابعين الذي واجه عملياً _ ربما بسبب ممارسته القضاء _ مسائل دون أجوبة، كان يدعو تلميذه محارب بن دثار النازع إلى أرأيت، إلى الانبساط في الفقه.[١٢]

دور حماد

في النصف الأول من القرن الثاني الهجري، يُعد انتقال الفقه من مرحلته الأولى إلى مرحلة الفقه التقديري أو المنظم، تحولاً سريعاً رافق الاتجاه الواسع إلى الرأي والأساليب الاجتهادية التي لم تكن قد دونت بعد، وكان هذا الأمر قد أدى بدوره إلى اختلافات كبيرة في الفتاوى واضطراب في القضاء.[١٣] وفي هذه الفترة تنامى استخدام الرأي والأساليب الاجتهادية بشكل واضح، ويعدّ حماد بن أبي سليمان (120 هـ) من أوائل الشخصيات المؤثرة في تنظيم هذه الأساليب، وفي نقل فقه الكوفة الدرائي من فقه أرأيت إلى مدرسة أصحاب الرأي، وهو من أبرز الفقهاء الذين تربّوا في مدرسة ابن مسعود، والذي كان أكثر ما يراجعه العلماء من أجل الإطلاع على آرائه، وقلما كانوا يراجعونه لاستماع الآثار.[١٤] وحول هذا الموضوع، تجدر الإشارة إلى وكيع أحد فقهاء أصحاب الحديث من أهل الكوفة ورؤيته المدعاة للنظر، حيث كان يرى أن فقه الكوفة مدين لشخصية حماد.[١٥]

وفي سنة 96 هـ، وبوفاة إبراهيم النخعي أستاذ حماد، أصبح حماد موئلاً يقصده أتباع مدرسة ابن مسعود،[١٦] وهذا الأمر المتوقع يُظهر أن هيمنة اتجاه أصحاب أرأيت على فقه الكوفة لم تكن نتيجة سيطرة أقلية منبوذة، بل كانت نتيجة تحولات تدريجية وطبيعية طرأت على بُنى وقواعد الأفكار في الحلقات التقليدية لفقه الكوفة.

فقه الموالي

كحقيقة تاريخية ينبغي الإذعان بأن انتقال زعامة المسعوديين من إبراهيم إلى حماد، كان انتقال زعامة الكوفة الفقهية من عربي أصيل إلى عجمي من الموالي. ومن جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أن عامر الشعبي _ لدى حديثه عن حماد وأصحاب الرأي المهيمنين على الكوفة _ ذمّ فقههم على أنه فقه الموالي.[١٧] وفي مقام الاستنباط، ربما أمكن البحث عن علاقة بين التأثير الاجتماعي للموالي والاتجاه إلى التعامل الدرائي بالدراسة في المسائل الدينية ومنها الفقه.

وعلى أية حال، فإن جمع أقوال إبراهيم النخعي بشكل كتاب على يد حماد وكذلك معاصره الكوفي فضيل بن عمرو الفقيهي،[١٨] يُبيّن كيف أن حلقة إبراهيم النخعي بوصفه عالماً من معارضي أصحاب الحديث، ساهمت في بلورة مدرسة أصحاب الرأي طوال 3 أجيال متعاقبة، وأدت إلى ظهور خَلَف من الفقهاء الموالي مثل أبي حنيفة على الساحة.

كتابة التعاليم

بادر حماد والبعض الآخر من تلامذة إبراهيم وفي مواجهة تجنب الأخير غير المتشدد لكتابة العلم، عملياً إلى المصالحة بينه وبين الكتابة عن طريق تقييد تعاليمه. ورغم تهرب الأستاذ، كان تلامذة أذكياء مثل حماد على علم تام بكيفية إبداء التساؤلات التقديرية في مجلس إبراهيم لئلا يؤلمه شكل السؤال.[١٩]

التغيير السريع

مع جلوس حماد على كرسي إبراهيم، اتجهت الأجواء الفقهية للكوفة إلى التغير السريع كما يرغب أصحاب أرأيت، ويتجلى انعكاس هذا التغير في حكاية عن الشعبي، يرجع تاريخها إلى السنوات 96 - 103 هـ اشتكى فيها من هيمنة حماد وأصحاب أرأيت على جامع الكوفة، حتى فضّل العزلة.[٢٠] وفي نفس هذا المجال _ وخلال عقدين الأولين للقرن 2 هـ - كان الفقه التقديري والعمل بالرأي قد رسخ مكانته في بيئة الكوفة بشكل واسع حتى تضايق منه تقليديون مِن أمثال عبدة بن أبي لبابة.[٢١]

الانسجام بين الرأي والأثر

يجدر القول إن جيل حماد لا ينبغي أن يعدّ من أصحاب الرأي المنتصرين والمهيمنين على متّبعي الأثر، بل إن دور حماد ومن يشاركه الفكر يمكن أن يُلخّص في الانسجام بين الرأي والأثر. وخلال هذه الفكرة، شقت ظاهرة أرأيت، أو اتساع نطاق التقدير الفقهي، طريقها ليس في الكوفة فحسب، بل في بلاد أخرى أيضاً، وكانت الأرضية قد هُيّئت أيضاً إلى أن يتحول الفقه من العلم النقلي نسبياً والغير المدون إلى علم درائي ومنتظم ومتجه نحو الاتساع.

إن الاستحالة التدريجية لظاهرة أرأيت إلى ظاهرة عامة، وزوال الجدال في قبولها، أدّيا إلى انتساخ اتجاه أصحاب الأثر المناهض للتقدير بمفهومه القديم من جهة، وإلى نسيان لقب أصحاب أرأيت الذي كان قد فقد في الأجيال اللاحقة موضوعيته كفريق مميَّز من جهة أخرى.

الصراع بين أصحاب الرأي والحديث

تكون أصحاب الرأي

كان بإمكان الكوفة بقدر ما كانت بيئة مناسبة لتعاليم أصحاب أرأيت، وعلى أثر ظهور الأرضية التي كانت قد أُعدت بواسطة هذا الفريق، أن تكون أخصب الأجواء لتبلور فئة تحمل عنوان أصحاب الرأي. ورغم أن أفراد هذه الفئة يمكن أن يُعدوا تاريخياً خَلَفاً لأصحاب أرأيت، لكن ينبغي الانتباه إلى أن صراعاتهم مع معارضيهم في العصر الحديث لم تعد بحث التقدير المنسي القديم.

التدوين

إن تشكل طبقة أصحاب الرأي كان حصيلة بدء مرحلة أخرى من تكوين علم الفقه، وهي مرحلة التدوين. وفي تلك الفترة، أي العقود الوسطى من القرن 2 هـ، كان فقهاء أهل الرأي بحسب تعبير ذلك العصر، أو مؤيدو الفقه الدرائي بحسب التعبير المعاصر، بوصفهم طبقة من أهل العلم، قد تصدّوا لطبقة أخرى تعرف بأصحاب الحديث، وهي التي عَدّت الحديث أساس علم الدين، وهبّت لتعارض الرأي أو التعامل الدرائي مع السنن بشدة، وكان هذا الدافع هو الذي جرّها إلى مواجهة أصحاب الرأي.

علم الحديث

إن فقهاء أصحاب الرأي كانوا قد بدأوا حركة التدوين بشكل فاعل في زمن لم يدخل علم الحديث فيه مرحلة التدوين، ولم يكن قد تجاوز حتى في شكله المكتوب صورة كرّاسات فاقدة للترتيب.

أحاديث استخدام الرأي

إن النظريات التي كانت تدور حول مراتب الأدلة الفقهية والواردة في قوالب روايات منقولة عن الصحابة، والمُبَيِّنة للأسس الدينية في استخدام الرأي في فقه الكوفة، كانت قد بلغت ذروة رواجها في هذه الفترة كما يستفاد من سلسلة الأسانيد.[٢٢] ويتبيّن من وجود شخصيات مثل سفيان الثوري بين رواة هذه الأحاديث،[٢٣] أن هذا الاسلوب لم يكن مقتصراً على أصحاب الرأي، وأن أصحاب الحديث في الكوفة أيضاً كانوا قد قبلوا به. وخلال هذه الفترة كان استخدام الرأي _ بعد عدم العثور على الحكم في الأدلة النقلية _ أسلوباً عاماً لدى الكوفيين. وقد عكست هذه الحالة حتى الآثار الغير الفقهية والمحايدة كذلك.[٢٤]

فوارق المدرستين

إن علماء أصحاب الحديث من أهل الكوفة مثل الثوري في القرن 2 هـ، كانوا قد اقتربوا في أساليبهم من أصحاب الرأي إلى الحد الذي يصعب معه أحياناً الإصرار على وجود فرق آخر سوى الاختلاف النوعي. وحتى بعض الفروق العقائدية مثل مسألة الإيمان والقيام بالسيف التي وضعت بعض الشخصيات مثل سفيان وأبي حنيفة في مواجهة بعضهما، لن تجد لها موضوعية بشأن الشخصيات التي لا تشوب عقائدها شائبة من وجهة نظر أصحاب الحديث. لذلك فليس مستغرباً أن يعدّ الثوري فقهاء الكوفة من أهل الرأي مثل ابن أبي ليلى وابن شبرمة عالمَين من فئته ويعتزّ ويُباهي بهما.[٢٥]

مثلث أصحاب الرأي في الكوفة

لدى الحديث عن علماء أصحاب الرأي بالكوفة في المصادر المتقدمة، يُذكر على الدوام ثلاثة أشخاص أقدمهم ابن شبرمة، ومن بعده ابن أبي ليلى، ثم أبو حنيفة.

ابن شبرمة

لم يكتف ابن شبرمة (144 هـ) الذي تولى القضاء لفترة في الكوفة وبلاد أخرى، بأخذ العلم في الكوفة، فضلاً عن استفادته من الشعبي العالم الكوفي المعارض لأسلوب أرأيت؛ فقد تلقى العلم على شيخي البصرة الحسن وابن سيرين، وعلى بعض التابعين في المدينة مثل سالم بن عبد الله.[٢٦] ورغم أن ابن شبرمة كان قد درس الحديث، لكنه لم يُعرف خلال مرحلته الدراسية بكونه محدثاً، بل بوصفه فقيهاٌ منظِّراً.[٢٧]

الإمام الصادق (ع): "ضلّ علم ابن شبرمة عند الجامعة؛ إملاء رسول اللَّه وخطّ علي بيده، ... إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلا بعداً، إنّ دين اللَّه لا یُصاب بالقياس."



الكليني، الكافي، ج 1، ص 74، ح 14.

في ترجمة حياته، ظلت علاقة ابن شبرمة بحلقات درس حماد، وبأصحاب أرأيت في الكوفة أساساً، غامضة. لكن فيما يتعلق بأسلوبه الفقهي، فإن هناك ثمة أمورة واضحة:

ابن شبرمة:"ما ذكرت حديثاً سمعته عن جعفر بن محمد عليه السلام إلا كاد أن يتصدع قلبي، قال: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله (ص). قال ابن شبرمة: وأقسم بالله ما كذب أبوه على جده، ولا جده على رسول الله (ص). قال: قال رسول الله (ص): من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك."



الكليني، الكافي، ج 1، ص 43، ح 9.

  • كان يهتم عملياً باستخدام القياس، ويؤيد حجيته من الناحية النظرية أيضاً.[٢٨]
  • كان ارتباط أسلوبه الفقهي بالقياس قد بلغ حداً أن عُدّ من أصحاب القياس في حديث عن الإمام الصادق (ع).[٢٩]
  • لم يكن يبدي رغبة في الرد على أسئلة من دون سابق مثيل، وشأنه في ذلك شأن معارضي الأسئلة التقديرية المتقدمين.[٣٠]

ابن أبي ليلى

وبين طريقة ابن شبرمة وطريقة أبي حنيفة سواء من حيث الأسلوب، أو من حيث التقدم الزمني، ذُكرت طريقة ابن أبي ليلى (148 هـ) الذي تولى القضاء في الكوفة لسنوات.

أدرك ابن أبي ليلى خلال مرحلة دراسته حلقة الشعبي ووریثه الحَكَم بن عتيبة وكذلك القاسم بن عبد الرحمان من الفقهاء المعارضين للتقدير في الكوفة، واستفاد أيضاً من الفقيه المُرتئي بمكة عطاء بن أبي رباح.[٣١]

"إن أبي حنيفة وعبد الله بن أبي شبرمة وابن أبي ليلى دخلوا على جعفر بن محمد الصادق (ع) فقال لابن أبي ليلى: من هذا الذي معك؟ قال: رجل له بصر ونفاذ في الدين. قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه؟ قال: نعم... قال (ع) [لأبي حنيفة]: ما أراک تحسن شيئاً... اتق الله ولا تقس الدين برأيك."



أبو نعيم، حلیة الاولیاء، ج 3، ص 193.

وفي طريقة قريبة من طريقة أبي حنيفة، كان ابن أبي ليلى قد بنى فقهه بعد الكتاب والسنة على أساس اتفاق الصحابة، واعتبر نفسه مخيراً في حالة اختلاف هؤلاء في الاجتهاد.[٣٢] لكن يبدو أنه حيث كان يميل إلى الاحتياط في العمل برأيه وفي القضاء، ولم يكن يبدي رغبة في إصدار أحكام جازمة ولو غريبة، صار غرضاً لانتقاد أبي حنيفة.[٣٣] وقد أظهر يوزف شاخت من خلال مقارنة تحليلية بين آراء هذين الاثنين، أن فقه ابن أبي ليلى هو فقه عملي ناجم عن مقتضيات العمل بالقضاء، ولم يكن رأيه بشكل عام يتمتع بنظام رأي أبي حنيفة ونضجه.[٣٤]

وبتأليفه أثراً بعنوان المصنف[٣٥] وكذلك الفرائض،[٣٦] فإن ابن أبي ليلى هو في عداد أوائل الكُتّاب من أصحاب الرأي، وإن الإشارات المتناثرة مثل حكاية أبي داود السجستاني[٣٧] القائمة على إفتاء معبد بن راشد عالم الكوفة في القرن 3 هـ وفقاً لمذهب ابن أبي ليلى، وكذلك الإشارة إلى أتباع ابن أبي ليلى في عداد أهل السنة في كتاب الفرق للبغدادي،[٣٨] تدل على أن مذهبه كان له أتباع أيضاً.

أبو حنيفة

يشكل أبو حنيفة النعمان رأس مثلث أصحاب الرأي ورمزهم في تاريخ الفقه، وهو يتعلق بمدرسة أصحاب ابن مسعود، وقد تعلم الفقه على حماد بن أبي سليمان لمدة 18 سنة.[٣٩]

وفي نظرة تحليلية إلى الأسلوب الفقهي لأبي حنيفة بوصفه أول ممثل للفقه المنظم لأصحاب الرأي، يجدر القول إنه:

  • لدى تعامله مع أدلة السنن، لم يكن يعد الأخبار الضعيفة وغير الثابتة (بحسب تعبيره) موثوقة لإثبات السنة النبوية، وفي حالات تعارض الأخبار كان يضع جانباً السنة غير الثابتة في مقابل السنة الثابتة، وخلال تعامله مع آراء الصحابة كان يعد اتفاقهم حجة، وفي حالات الاختلاف يرى نفسه مخيراً في الاختيار بحسب الرأي.
  • رغم اشتهاره بالرأي، فإن تمسكه بأساليب الرأي والقياس في فقهه لم يكن مفتوحاً على مصراعيه. فـالأحكام التعبدية في نظامه الفقهي، تابعة للنصوص الشرعية، وأكثر المجالات لاستخدام الرأي في تلك المجموعة من أحكام الشريعة هي تلك التي تتعلق بموضوعات الحياة اليومية. وقد ذمّ المبالغة في استخدام القياس،[٤٠] ويبدو أحياناً أنه كان يعد استخدام القياس العام في بعض الحالات قبيحاً؛ حيث كان يخصص شمول مدلولات بعض الأقيسه بآثار ربما كانت تعد بحد ذاتها دليلاً ضعيفاً لديه، غير أن دوافع درائية كانت تدعوه إلى أخذها بنظر الاعتبار.[٤١]

اختلاط الوسطين

يجب الإشارة إلى أن الفقهاء أصحاب الميول إلى الرأي كان لهم تواجد كذلك في البلدان الأخرى في القرن 2 هـ. ومن بين هؤلاء، يمكن تسمية عبيد الله العنبري وعثمان البتّي في البصرة، وابن جريج في مكة، وربيعة الرأي ويحيى بن سعيد الأنصاري في المدينة.[٤٢]

لكن أوساط هذا الفريق من الفقهاء اختلطت بأوساط أصحاب الحديث إلى حد يصعب معه وضعهم إلى جانب فريق أصحاب الرأي بالمفهوم الكوفي وبشكل خاص الحنفية منهم.

مدرسة أبي حنيفة

كان أبو حنيفة يروّج لحرية التفكير في الفقه، ولم يكن يدعو أحداً على الإطلاق إلى تقليده تقليداً أعمى.[٤٣] وعملياً، فإن مقارنة آراء أبي حنيفة مع آراء تلامذته تظهر بوضوح أنهم لم يكونوا مقلدين لأبي حنيفة، وكانوا ينبرون كمجتهدين لاستنباط الأحكام من مصادرها بشكل مباشر، وفي بعض الحالات كانوا يبدون آراء معارضة لآراء الأساتذة. ونظراً لظروف تاريخية، وإن كانت أوساط أصحاب الرأي سرعان ما تأثرت بأبي حنيفة بشكل مباشر، وشكلت النواة للمذهب الفقهي الحنفي، إلا أن ذلك لا يعني أن مدرسة أصحاب الرأي في الكوفة قد قطعت نهائياً صلاتها بماضيها.

الاتجاه غير الحنفي

إن أبرز الأمثلة على الاتجاه غير الحنفي في فقه أصحاب الرأي خلال عصر تلامذة أبي حنيفة، بل وحتى أجيال عديدة أعقبتهم، هو الاهتمام الملحوظ بآراء ابن أبي ليلى. وبرغم أنه قلما يُلاحظ تركيز المصادر على علاقة الفقه الحنفي المتقدم، أو بتعبير أدق فقه أصحاب الرأي بعد أبي حنيفة، بابن أبي ليلى، لكن وبالبحث في الآثار المتبقية من أبي يوسف ومحمد بن الحسن وفقهاء الحنفية الأكثر تأخراً، يتضح أن آراء ابن أبي ليلى كانت لها أهمية كبيرة ومفعول ملاحَظ في النظام الفقهي لتلامذة أبي حنيفة والفقه الحنفي بشكل عام.[٤٤]

وفي نظرة إلى الهوية الفقهية لتلامذة أبي حنيفة، ينبغي القول إن بعض هؤلاء كانوا وإلى وقت طويل معروفين في المصادر الفقهية ليس بوصفهم فقهاء حنفية، بل كفقهاء من أصحاب الرأي مع استقلال في المذهب.

الرؤساء الثلاث

تجدر الإشارة أنه خلال قرون طويلة كان اثنان من خاصة تلامذة أبي حنيفة المبرزين يأتون في المرتبة الثانية والثالثة في الفقه الحنفي على الدوام ويشكلون مع أستاذهم أبي حنيفة، الأركان الثلاثة لهذا المذهب.

وفي المصادر الحنفية وغيرها، عادة ما يلاحظ في هذا المجال محمد بن الحسن الشيباني (179 هـ) إلى جانب أبي يوسف بوصفهما ركني المذهب.

لكن وبنظرة تاريخية يتضح أنه في عصر أبي حنيفة نفسه والفترة القريبة منه كان أبو يوسف، وزفر بن هذيل العنبري (158 هـ) هما اللذان عُرفا تلميذي أبي حنيفة البارزين وفي الطبقة الأولى.[٤٥]

يمكن القول إن شخصية أبي حنيفة واهتمام الحنفية به بوصفه أحد أركان المذهب في تاريخ الفقه، غطت على استقلالية أبي يوسف الفكرية في الفقه.

أبو يوسف

لفقه أبي يوسف مواصفات خاصة من حيث:

  • المصادر النقلية: فإن فقهه يتمتع من هذه الناحية مقارنة بفقه أبي حنيفة بتنوع محلي أكبر، وإن كثيراً من مواضع اختلافه مع أستاذه يرجع إلى هذا العامل.
  • الاستحسان: تجدر الإشارة من بين سمات فقه أبي يوسف من حيث استخدام الرأي إلى اتجاهه الخاص إلى الاستحسان؛ ففي كثير من حالات الاستحسان وترك القياس، يوجد على الجانب المعارض، أثر أو فتوى لفقيه متقدم،[٤٦] مما لا يمكن أن يكون بحد ذاته في أسلوبه الفقهي قاعدة قوية لحكم الفقيه، لكن للرأي _خلال ذلك _ دور لا يمكن تجاهله، حيث كان بإمكانه التعويض عن الضعف الحاصل في إسناد الأثر.
  • تبدّل الأحكام: إن واحدة من معطيات الفقه الاستحساني لأبي يوسف، هي قاعدة قبول الأحكام للتغيير، فإن التكاليف الشرعية استناداً إليها قابلة للتغيير بتغيّر الزمان والمكان والظروف. وفي استناد أبي يوسف إلى الأحكام الشرعية التي تدور مدار العُرف، يمكن للأحكام أن تتغير بتغيّر العرف، بل وحتى في حالات كهذه، عَدّ أبو يوسف صدور حكم مخالف لمنطوق النص أمراً جائزاً، مستنداً في ذلك إلى علة التشريع.[٤٧]

العصور اللاحقة

لم يُنسخ مصطلح أصحاب الرأي في العصور اللاحقة إطلاقاً، بل ظل مستخدماً في المصادر الفقهية وغير الفقهية دوماً. لكن في هذا الاستخدام، كان المصطلح تعبيراً آخر عن المذهب الحنفي. وفي الحقيقة، فإنه بعد تكوّن المذاهب الفقهية من القرن 4 هـ والاتجاه إلى تحديد المذاهب - باستثناء أعداد ضئيلة من الأتباع المحتمَلين لابن أبي ليلى - فإن مدرسة أصحاب الرأي كانت تتجلى في المذهب الحنفي. ولذالك فإن البحث في تاريخ المتأخرين من أصحاب الرأي ينبغي أن يتم عن طريق البحث في تاريخ الحنفية.

أبحاث ذات صلة

الهوامش

  1. انظر: ابن قتيبة، المعارف، ص 494، وما بعدها.
  2. انظر مثلاً: أبو داود، السنن، ج 2، ص 237 - 238؛ الترمذي، السنن، ج 3، ص 450؛ ابن قتيبة، تأويل ...، ص 20، وما بعدها.
  3. انظر: ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، مواضع مختلفة؛ أيضاً الخطيب، تاريخ ...، ج 13، ص 334.
  4. انظر: ابن سعد، ج 6، الطبقات الكبير، ص 47، 58، 64.
  5. انظر مثلاً: الصنعاني، المصنف، ج 2، ص 225؛ مالك، الموطأ، ص 19.
  6. انظر: الصنعاني، المصنف، ج 1، ص 575.
  7. للطلاع على الروايات، انظر: أبو داود، السنن، ج 3، ص 303؛ الترمذي، السنن، ج 3، ص 616؛ النسائي، السنن، ج 8، ص 230، 231.
  8. انظر: السطور التالية.
  9. انظر: النسائي، السنن، ج 5، ص 665، 668.
  10. انظر: الدارمي، السنن، ج 1، ص 52، 65 - 67.
  11. انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 5، ص 665 - 666.
  12. انظر: المرشد بالله، الأمالي، ج 1، ص 219.
  13. انظر: ابن المقفع، آثار ابن المقفع، ص 317، تلميحاً.
  14. للاطلاع على رأيه، انظر: ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، ص 232؛ أيضاً انظر : الذهبي، ميزان ...، ج 1، ص 569.
  15. انظر: الترمذي، السنن، ج 1، ص 401، ج 5، ص 741.
  16. انظر: ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، ص 232.
  17. انظر: الترمذي، ج 6، ص 175.
  18. انظر: الدارمي، السنن، ج 1، ص 120؛ ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، ص 189.
  19. انظر مثلاً: الدارمي، السنن، ج 1، ص 52.
  20. انظر: ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، ص 175.
  21. انظر: الدارمي، السنن، ج 1، ص 67.
  22. لمعرفة المصادر، انظر: السطور السابقة.
  23. انظر مثلاً: الدارمي، السنن، ج 1، ص59؛ النسائي، السنن، ج 8، ص 230 - 231.
  24. انظر مثلاً: الصفار، بصائر الدرجات، ص 321 - 322؛ أبو الحسن العامري، الإعلام بمناقب الإسلام، ص 119 - 120.
  25. انظر: الترمذي، السنن، ج 4، ص 214.
  26. انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 3، ص 355 - 356.
  27. ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، ص 244؛ عن نقاشاته الفقهية بينه وبين بقية الفقهاء من أصحاب الرأي، انظر: الدارمي، السنن، ج 1، ص 148 - 150؛ ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، ص 233، 244.
  28. انظر: البسوي، المعرفة ...، ج1، ص 612؛ الخطيب، الفقيه ...، ج 1، ص 204.
  29. انظر: الكليني، الكافي، ج 1، ص 57.
  30. انظر: الدارمي، السنن، ج1، ص 72؛ ابن بطة، الإبانة ...، ج 1، ص 406، 418.
  31. انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 2، ص 351.
  32. انظر: القاضي النعمان، دعام الإسلام، ج 1، ص 92 - 93؛ أيضاً الكليني، الكافي، ج 7، ص 408.
  33. انظر: ابن خلكان، وفيات، ج 4، ص 179 - 180.
  34. Schacht، ص 294 ff.
  35. ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 6، ص 283.
  36. ابن النديم، الفهرست، ص 256.
  37. مسائل ...، ص 295.
  38. البغدادي، الفرق ...، ص 277.
  39. انظر: الخطيب، تاريخ، ج 13، ص 333.
  40. انظر: ابن عدي، الكامل، ج 7، ص 2476.
  41. لمزيد من التفصيل، انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 4، ص 528 - 533.
  42. انظر مثلاً: ابن سعد، الطبقات الكبير، ج 7 (2)/ ص 21؛ الليث، ص 84.
  43. انظر: ابن عبد البر، الانتقاء، ص 145.
  44. انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 5، ص 516؛ أيضاً أبو يوسف، اختلاف ...، كافة أرجاء الكتاب؛ الطحاوي، اختلاف، كافة أرجاء الكتاب؛ فهارس ...، ص 572 - 573؛ فتاوى...، ص 115، 122.
  45. وفي الروايات الخاصة بتلك الفترة أشير إليهما كمتنافسين في حلقة درس أبي حنيفة. انظر مثلاً: الصيمري، أخبار، ص 95، 105 - 107. وقد كان هذا الأمر الدافع إلى تأليف أثر أيضاً بعنوان اختلاف زفر ويعقوب. انظر: السرخسي، المبسوط، ج 4، ص 106.
  46. انظر مثلاً: أبو يوسف، الخراج، ص 189.
  47. كمثال، انظر: أبو يوسف، الخراج، ص 85 - 86؛ أيضاً لتحليل أسلوبه الفقهي، انظر: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج5، ص 516 - 518؛ أيضاً عن دور أصحاب الرأي في تدوين علم الأصول، انظر: مقالة أصول الفقه.

المصادر والمراجع

  • ابن بطة العكبري، عبيد الله، الإبانة عن شريعة الفرق الناجية، تحقيق: رضا بن نعسان معطي، الرياض، 1409 هـ/ 1988 م.
  • ابن خلكان، وفيات الأعيان.
  • ابن سعد، محمد، كتاب الطبقات الكبير، تحقيق: زاخو وأخرون، ليدن، 1904 - 1915 م.
  • ابن عبد البر، يوسف، الانتقاء، بيروت، دار الكتب العلمية.
  • ابن عدي، عبد الله، الكامل، بيروت، 1985 م.
  • ابن قتيبة، عبد الله، تأويل مختلف الحديث، بيروت، دار الجيل.
  • ابن قتيبة، عبد الله، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة، القاهرة، 1960 هـ.
  • ابن المقفع، عبد الله، "رسالة في الصحابة"، آثار ابن المقفع، بيروت، 1409 هـ/ 1989 م.
  • ابن النديم، الفهرست.
  • أبو الحسن العامري، محمد، الإعلام بمناقب الإسلام، تحقيق: أحمد عبد الحميد غراب، القاهرة، 1967 م.
  • أبو داود السجستاني، سليمان، السنن، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة، دار إحياء السنة النبوية.
  • أبو الداود السجستاني، سليمان، مسائل الإمام أحمد، القاهرة، 1353 هـ/ 1934 م.
  • أبو نعيم الأصفهاني، أحمد، حلية الأولياء، القاهرة، 1351 هـ/ 1932 م.
  • أبو يوسف، يعقوب، "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى"، مع ج 7 لكتاب الأم للشافعي، بيروت، دار المعرفة.
  • أبو يوسف، يعقوب، الخراج، بيروت، 1399 هـ/ 1979 م.
  • البسوي، يعقوب، المعرفة والتاريخ، تحقيق: أكرم ضياء العمري، بغداد، 1396 هـ/ 1976 م.
  • البغدادي، عبد القاهر، الفرق بين الفرق، تحقيق: إبراهيم رمضان، بيروت، 1415 هـ/ 1994 م.
  • الترمذي، محمد، السنن، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، القاهرة، 1357 هـ/ 1938 م، وما بعدها.
  • الخطيب البغدادي، أحمد، تاريخ بغداد، القاهرة، 1349 هـ/ 1931 م.
  • الخطيب البغدادي، أحمد، الفقيه والمتفقه، تحقيق: إسماعيل الأنصاري، دمشق: 1395 هـ/ 1975 م.
  • الدارمي، عبد الله، سنن، دمشق، 1349 هـ.
  • الذهبي، محمد، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأنؤوط ومأمون الصاغرجي، بيروت، 1405 هـ/ 1985 م.
  • الذهبي، محمد، ميزان الإعتدال، تحقيق: علي محمد البجاوي، القاهرة، 1382 هـ/ 1963 م.
  • السرخسي، محمد، المبسوط، القاهرة/ بيروت، 1406 هـ/ 1986 م.
  • الصفار، محمد، بصائر الدرجات، طهران، 1404 هـ.
  • الصنعاني، عبد الرزاق، المصنف، تحقيق: حبيب الرحمان الأعظمي، بيروت، 1403 هـ/ 1983 م.
  • الصيمري، الحسين، أخبار أبي حنيفة وأصحابه، حيدر آباد الدكن، 1394 هـ/ 1974 م.
  • الطحاوي، أحمد، اختلاف الفقهاء، تحقيق: محمد صغير حسن المعصومي، إسلام آباد، 1391 هـ.
  • فتاوى النوازل، المنسوب لأبي الليث السمرندي، كويته (باكستان)، 1405 هـ/ 1985 م.
  • فهارس المبسوط، لمحمد السرخسي، تحقيق: خليل الميس، بيروت، 1400 هـ/ 1980 م.
  • القاضي النعمان، دعائم الإسلام، تحقيق: آصف فيضي، القاهرة، 1383 هـ/ 1963 م.
  • الكليني، محمد، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، طهران، 1391 هـ.
  • الليث بن سعد، "رسالة إلى مالك بن أنس"، مع ج 3 من أعلام الموقعين لابن القيم، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، القاهرة، 1968 م.
  • مالك بن أنس، الموطأ، مع حاشية الكاندلوهي، كراتشي، مكتبة آرام باغ.
  • المرشد بالله، يحيى، الأمالي، بيروت، 1403 هـ/ 1984 م.
  • النسائي، أحمد، السنن، القاهرة، 1348 هـ/ 1930 م.
  • Schacht، J.، The Origins of Muhammadan Jurisprudence، Oxford، 1953

المدخل مقتبس من مقالة مترجمة إلى العربية لدائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 8، تحت عنوان: أصحاب الرأي، ص 163 - 169، لأحمد باكتجي، مع تعديلات في الترجمة، وتخصيص عناوين مستقلة.