انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «منع تدوين الحديث»

من ويكي شيعة
imported>Bassam
imported>Bassam
سطر ٥٨: سطر ٥٨:
لقد ضاعت الكثير من الأحاديث بسبب هذا المنع، فقد ذكرت [[الروايات]] أنَّ [[أبو بكر بن ابي قحافة|أبا بكر]] أحرق صحيفة جمعها بنفسه فيها (500) حديث، وما وصل إلى [[المسلمين]] من الأحاديث التي رواها أبو بكر (142) حديث فقط موجودة في المجاميع الروائية،<ref>الظاهري، أسماء الصحابة الرواة، ص 57.</ref> وكذلك الحال مع بقية [[الصحابة]] فقد روي عن [[أم سلمة]] أنَّ النبي{{صل}} دعا بأديم و[[علي(ع)|علي]]{{ع}} عنده، فلم يزل يملي عليه فيكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه،<ref>السمعاني، أدب الإملاء والاستملاء، ص 83.؛ الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، ج 1، ص 127.</ref> وقد قال النبي{{صل}}: ما علمت شيئا إلاّ علّمته عليا، فهو باب مدينة علمي،<ref>التستري، إحقاق الحق، ج 4، ص 258.</ref> ولم يصل عن طريق الإمام علي{{ع}} من أحاديث النبي{{صل}} إلا خمسمائة وستة وثلاثون حديثا.<ref>الظاهري، أسماء الصحابة الرواة، ص 44.</ref>
لقد ضاعت الكثير من الأحاديث بسبب هذا المنع، فقد ذكرت [[الروايات]] أنَّ [[أبو بكر بن ابي قحافة|أبا بكر]] أحرق صحيفة جمعها بنفسه فيها (500) حديث، وما وصل إلى [[المسلمين]] من الأحاديث التي رواها أبو بكر (142) حديث فقط موجودة في المجاميع الروائية،<ref>الظاهري، أسماء الصحابة الرواة، ص 57.</ref> وكذلك الحال مع بقية [[الصحابة]] فقد روي عن [[أم سلمة]] أنَّ النبي{{صل}} دعا بأديم و[[علي(ع)|علي]]{{ع}} عنده، فلم يزل يملي عليه فيكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه،<ref>السمعاني، أدب الإملاء والاستملاء، ص 83.؛ الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، ج 1، ص 127.</ref> وقد قال النبي{{صل}}: ما علمت شيئا إلاّ علّمته عليا، فهو باب مدينة علمي،<ref>التستري، إحقاق الحق، ج 4، ص 258.</ref> ولم يصل عن طريق الإمام علي{{ع}} من أحاديث النبي{{صل}} إلا خمسمائة وستة وثلاثون حديثا.<ref>الظاهري، أسماء الصحابة الرواة، ص 44.</ref>
*'''كثرة الأحاديث الموضوعة'''
*'''كثرة الأحاديث الموضوعة'''
قال الشيخ محمود أبو رية: كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتابة إلى ما بعد المئة الأولى من [[الهجرة النبوية|الهجرة]]، وصدر كبير من المئة الثانية أن اتسعت أبواب الرواية، وفاضت أنهار الوضع بغير ضابط ولا قيد، حتى قد بلغ ما روي من [[الحديث الموضوع|الأحاديث الموضوعة]] عشرات الألوف، لا يزال أكثرها منبّثا بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين [[المسلمين]] في مشارق الأرض ومغاربها،<ref>أبو رية، أضواء على السنة المحمدية، ص 118.</ref> وأوعز بعضهم كثرة الأحاديث الموضوعة بسبب المنع إلى مكيدة أعداء [[الإسلام]] الذين استفادوا من المنع فأخذوا يضعون [[الأحاديث]] كيدا للإسلام.<ref>بحر العلوم، دليل القضاء الشرعي، ج 3، ص 31.</ref>
قال الشيخ محمود أبو رية: كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتابة إلى ما بعد المائة الأولى من [[الهجرة النبوية|الهجرة]]، وصدر كبير من المئة الثانية أن اتسعت أبواب الرواية، وفاضت أنهار الوضع بغير ضابط ولا قيد، حتى قد بلغ ما روي من [[الحديث الموضوع|الأحاديث الموضوعة]] عشرات الألوف، لا يزال أكثرها منبّثا بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين [[المسلمين]] في مشارق الأرض ومغاربها،<ref>أبو رية، أضواء على السنة المحمدية، ص 118.</ref> وأوعز بعضهم كثرة الأحاديث الموضوعة بسبب المنع إلى مكيدة أعداء [[الإسلام]] الذين استفادوا من المنع فأخذوا يضعون [[الأحاديث]] كيدا للإسلام.<ref>بحر العلوم، دليل القضاء الشرعي، ج 3، ص 31.</ref>
*'''انتشار الإسرائيليّات'''
*'''انتشار الإسرائيليّات'''
عندما قام الحُكّام بعد رحيل [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} بمنع تدوين الحديث قاموا بالمقابل بفتح باب [[الاسرائيليات|الأحاديث الإسرائيليّة]]{{ملاحظة|الإسرائيليّات اصطلاح أطلقه المدققون من علماء [[الإسلام]] على القصص والأخبار اليهوديّة، والنصرانيّة التي تسرّبت إلى المجتمع الإسلامي بعد دخول جمع من [[اليهود]] و[[النصارى]] إلى [[الإسلام]] أو تظاهرهم بالدخول فيه. عبد الحميد، الآلوسي مفسّرا، ص 282. وإنَّ لفظ الإسرائيليّات، جمع مفرده اسرائيليّة، وهي قصّة أو حادثة تروى عن مصدر إسرائيليّ، والنسبة فيها إلى إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم أبو الأسباط الاثني عشر. الذهبي، الإسرائيليّات في التفسير والحديث، ص 19.}}على مصراعيه، وذلك بالسماح لأمثال [[تميم الداري]] الراهب [[النصارى|النصراني]]، و[[كعب الأحبار]] [[اليهود|اليهودي]]، وكانا قد أظهرا [[الإسلام]] بعد انتشاره، تقربا إلى الحكام بعد [[الرسول (ص)|الرسول]] ففسحوا لهما، وأمثالهما المجال أن يبثّوا الأحاديث الإسرائيليّة بين [[المسلمين]] كما يشاؤون، وقد خصّص [[عمر بن الخطاب|عمر بن الخطاب]] للأول ساعة في كل أسبوع يتحدث منها قبل [[صلاة الجمعة]] ب[[مسجد الرسول]]، وجعلها [[عثمان بن عفان|عثمان بن عفان]] على عهده ساعتين في يومين، أما [[كعب الأحبار|كعب أحبار]] اليهود، فكان كل من عمر وعثمان و[[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] يسألونه عن مبدأ الخلق، وقضايا [[المعاد]]، و[[تفسير القرآن]] إلى غير ذلك.<ref>العسكري، معالم المدرستين، ج 2، ص 46-48.</ref>
عندما قام الحُكّام بعد رحيل [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} بمنع تدوين الحديث قاموا بالمقابل بفتح باب [[الاسرائيليات|الأحاديث الإسرائيليّة]]{{ملاحظة|الإسرائيليّات اصطلاح أطلقه المدققون من علماء [[الإسلام]] على القصص والأخبار اليهوديّة، والنصرانيّة التي تسرّبت إلى المجتمع الإسلامي بعد دخول جمع من [[اليهود]] و[[النصارى]] إلى [[الإسلام]] أو تظاهرهم بالدخول فيه. عبد الحميد، الآلوسي مفسّرا، ص 282. وإنَّ لفظ الإسرائيليّات، جمع مفرده اسرائيليّة، وهي قصّة أو حادثة تروى عن مصدر إسرائيليّ، والنسبة فيها إلى إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم أبو الأسباط الاثني عشر. الذهبي، الإسرائيليّات في التفسير والحديث، ص 19.}}على مصراعيه، وذلك بالسماح لأمثال [[تميم الداري]] الراهب [[النصارى|النصراني]]، و[[كعب الأحبار]] [[اليهود|اليهودي]]، وكانا قد أظهرا [[الإسلام]] بعد انتشاره، تقربا إلى الحكام بعد [[الرسول (ص)|الرسول]] ففسحوا لهما، وأمثالهما المجال أن يبثّوا الأحاديث الإسرائيليّة بين [[المسلمين]] كما يشاؤون، وقد خصّص [[عمر بن الخطاب|عمر بن الخطاب]] للأول ساعة في كل أسبوع يتحدث منها قبل [[صلاة الجمعة]] ب[[مسجد الرسول]]، وجعلها [[عثمان بن عفان|عثمان بن عفان]] على عهده ساعتين في يومين، أما [[كعب الأحبار|كعب أحبار]] اليهود، فكان كل من عمر وعثمان و[[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] يسألونه عن مبدأ الخلق، وقضايا [[المعاد]]، و[[تفسير القرآن]] إلى غير ذلك.<ref>العسكري، معالم المدرستين، ج 2، ص 46-48.</ref>

مراجعة ١٠:٣٠، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٨

كتاب منع تدوين الحديث

منع الحدیث أو منع کتابة الحدیث أو منع تدوین الحدیث، هو المنع والنهي عن كتابة أحاديث وسنة النبيصلی الله عليه وآله وسلم.

ذكرت المصادر أنَّ التاريخ الرسمي لمنع الحديث بدأ من أيام حكم أبي بكر، ثم أيام حكم عمر، ثم أيام حكم عثمان، فقد بدأ هؤلاء بتأسيس منع الحديث وقد قاموا بإحراق الكتب التي حوت أحاديث رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم، وقد قال عمر بن الخطاب بعد هذا المنع: (حَسْبُنا کتابَ الله)، ونقلت بعض الروايات عن أهل السنة أنَّ منع كتابة الحديث بدأ في حياة رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم.

في بداية القرن الثاني الهجري قام عمر بن عبد العزيز بعد توليه للحكم برفع الحظر عن تدوين الحديث، وقد تسبب هذا المنع بدخول الكثير من الاسرائيليات، والأحاديث الموضوعة، في الأحاديث النبوية في مختلف المجالات الفقهية والعقدية، وغيرها.

تعريف التدوين والحديث

التدوين: عُرِّف في اللغة بجمع الصحف والكتب، ومنها الديوان وهو مجمع الصحف والكتب،[١] وفي الاصطلاح: بأنه الجمع في كتاب كما جمعوا القرآن.[٢]

الحديث: مأخوذ من الحدث وعُرِّف الحدث في اللغة بأنَّه أصل واحد وهو كون الشيء لم يكن، يُقال: حدث أمر بعد أن لم يكن،[٣] وأما تعريفه اصطلاحا: فقد اختلف بين الشيعة وأهل السنة:

  1. الشيعة: هو ما جاء عن المعصومعليه السلام من النبيصلی الله عليه وآله وسلم والإمامعليه السلام والخبر ما جاء عن غيره.[٤]
  2. أهل السنة: هو اسم من التحديث، وهو الإخبار، ثم سُمي به قولٌ أو فعل أو تقرير نُسب إلى النبيصلی الله عليه وآله وسلم.[٥]

تاريخه

يوجد الكثير من النظريات حول موضوع جواز أو منع كتابة الحديث في القرن الأول الهجري، فقد ذهب بعض علماء أهل السنة إلى أنه لم يُكتب أي حديث في القرن الأول الهجري حتى نصف القرن الثاني، ولم يُكتب أي كتاب في الحديث،[٦] وقد ذهب بعض المحققين من خلال ملاحظة كُتّاب الحديث من الصحابة والتابعين إلى أنَّ أصول تدوين الحديث بدأت منذ بداية القرن الأول الهجري حتى في حياة النبيصلی الله عليه وآله وسلم.[٧]

يعتقد علماء الشيعة أنَّ كتابة الأحاديث كانت شائعة بين المسلمين في زمن النبيصلی الله عليه وآله وسلم، وقد شجعصلی الله عليه وآله وسلم الصحابة على كتابة وحفظ ونشر أحاديثه.[٨]

ويعتقد بعض العلماء أن بعض الصحابة والتابعين مثل: عبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عباس، ذهبوا إلى كراهة كتابة الحديث، وقد ذهبت مجموعة أخرى من الصحابة والتابعين مثل: الإمام عليعليه السلام ، الإمام الحسنعليه السلام ، عبد الله بن عمر، أنس بن مالك، عطاء بن يسار، وسعيد بن جبير إلى جواز كتابته.[٩]

ذكرت بعض الروايات التاريخية أنَّ قريشا نهت عبد الله بن عمر عن كتابة أحاديث رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم، فلما علم النبيصلی الله عليه وآله وسلم بذلك غضب وأمر عبد الله بن عمر بكتابة كل ما يقولهصلی الله عليه وآله وسلم.[١٠]

منع الكتابة

بعد رحيل النبيصلی الله عليه وآله وسلم قام أبو بكر ومن جاء بعده بمنع كتابة الحديث، وقد علل أبو بكر ذلك بأنَّ الرواة بعد رحيل النبيصلی الله عليه وآله وسلم تحدثوا بأحاديث اختلفوا فيها، والناس بعدهم أشد اختلافا، فنهاهم عن الحديث وأوصاهم بأنَّ من يسألهم أن يقولوا لهم بيننا وبينكم القرآن، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه.[١١]

ذكرت مصادر أهل السنة أنَّ عمر بن الخطاب عزم على جمع أحاديث رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم بعد أن استشار مجموعة من الصحابة، ولكن بعد مدة أعرض عن ذلك معللا سبب إعراضه بأنه خاف أن يختلط القرآن بالروايات وأن يترك المسلمون القرآن لانشغالهم بالأحاديث؛[١٢] لذلك نقلت المصادر التاريخية أنَّ عمر أمر ولاته بالاكتفاء بالقرآن ونهاهم عن نقل الروايات والعمل بها والترويج لها.[١٣]

إحراق الأحاديث

لم يُقتَصَر على منع كتابة الحديث فقط، بل قاموا بإحراق الكتب التي دونت فيها أحاديث رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم، فقد روي عن عائشة أنَّ أباها أحرق (500) حديث من أحاديث النبيصلی الله عليه وآله وسلم،[١٤] وكذلك روي أنَّ عمر بن الخطاب بلغه أنه ظهر في أيدي الناس كتب فيها أحاديث النبيصلی الله عليه وآله وسلم فاستنكرها وكرهها، فأمر الناس بإحضار كتبهم فأحضروها وهم يظنون أنه يريد النظر فيها، فاحرقها بالنار، ثم قال: أُمنية كأُمنية أهل الكتاب.[١٥]

منع نقل الحديث

على الرغم من المنع الرسمي الذي صدر من أبي بكر ومن تبعه من الحُكّام من كتابة ونشر الحديث، ولكن العديد من الناس في المدينة وخارجها كان ينقل أحاديث النبيصلی الله عليه وآله وسلم، وبعد أن علم عمر بن الخطاب بهذا منع الصحابة من الخروج من المدينة بدون أن يأذن لهم،[١٦] وأعلن أنَّه يمنعهم من نقل الحديث للناس، ومع كل هذه الإجراءات المشددة بقي بعض الأفراد ينقلون الأحاديث النبوية مثل: عبد الله بن مسعود، وأبو مسعود الأنصاري، وأبو الدرداء، وقد قام عمر بسجنهم بسبب كثرة روايتهم عن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم،[١٧] وقد ذكر البعض بدل أبي مسعود الأنصاري أبي ذر الغفاري.[١٨]

أسباب منع تدوين الحديث

ذكر كل من المؤيدين والمعارضين لكتابة الحديث أدلة خاصة بهم، فأبي بكر وعمر ومن تبعهم من علماء أهل السنة استدلوا بروايات رووها عن النبيصلی الله عليه وآله وسلم، فقد رووا أنَّ النبيصلی الله عليه وآله وسلم قال: لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ومن كتب شيئا فليمحه.[١٩]

وقد ذكر العلماء عدة نظريات - غير الروايات - لمنع كتابة الحديث، ومنها:

  1. إنَّ النهي عن التدوين جاء لجهل الصحابة بالكتابة.[٢٠]
  2. إنَّ النبيصلی الله عليه وآله وسلم نهى المسلمين عن كتابة الحديث للمحافظة على ملكة الحفظ عندهم.[٢١]
  3. إنَّ إنكار عمر بن الخطاب على الصحابة روايتهم عن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم؛ لأنَّه خاف أن ينكلوا عن الأعمال، ويتّكلوا على ظاهر الأخبار، فخشي عمر أن يُحمل حديث على غير وجهه أو يؤخذ بظاهر لفظه، والحُكم خلاف.[٢٢]
  4. إنَّ عمر منع المسلمين من كتابة الحديث لأنه أردا الحفاظ على شجاعتهم، لأنَّ الكتابة واتّساع المعرفة لا تتناسب مع الهدف الذي سعى من أجله وهو الحفاظ على شجاعتهم.[٢٣]
  5. ذهب غالب كُتّاب الشيعة إنَّ النهي عن منع كتابة الحديث كان للحد من نشر فضائل أهل البيتعليها السلام، وتخوّفاً من اشتهار أحاديث الرسولصلی الله عليه وآله وسلم في فضل علي وأبنائه عليها السلام،[٢٤] وما دلّ على إمامتهم.[٢٥]

أما المخالفون لمنع كتابة الحديث استدلوا على ما ذهبوا إليه بروايات كرواية عبد الله بن عمر عندما أوصاه النبيصلی الله عليه وآله وسلم بكتابة الحديث،[٢٦] وكذلك الروايات المروية عن النبيصلی الله عليه وآله وسلم المؤكدة على ثواب من نقل الأحاديث النبوية،[٢٧] وقد ذكرت بعض الروايات أنَّ النبيصلی الله عليه وآله وسلم أجاز لبعضهم في كتابة الحديث.[٢٨]

نظریة جلدزیهر

يعتقد المستشرق اليهودي جلدزیهر أنَّ الأحاديث النبوية وضعت في القرن الثاني الهجري، ويعتقد أن كل من روايات النهي والإذن بكتابة أحاديث النبيصلی الله عليه وآله وسلم مجعولة بسبب الخلافات التي وقعت في صدر الإسلام، ولهذا عارض أصحاب الرأي تدوين الحديث، ورووا أحاديث المنع عن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم، وفي مقابلهم نقل الموافقون للكتابة والتدوين أحاديث رووها عن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم أيضا.[٢٩]

نتائج منع الحديث

ذكر المحققون أنه ترتب على منع تدوين الحديث عدة آثار سلبيّة، ومنها:

  • ضياع الكثير من الأحاديث

لقد ضاعت الكثير من الأحاديث بسبب هذا المنع، فقد ذكرت الروايات أنَّ أبا بكر أحرق صحيفة جمعها بنفسه فيها (500) حديث، وما وصل إلى المسلمين من الأحاديث التي رواها أبو بكر (142) حديث فقط موجودة في المجاميع الروائية،[٣٠] وكذلك الحال مع بقية الصحابة فقد روي عن أم سلمة أنَّ النبيصلی الله عليه وآله وسلم دعا بأديم وعليعليه السلام عنده، فلم يزل يملي عليه فيكتب حتى ملأ بطن الأديم وظهره وأكارعه،[٣١] وقد قال النبيصلی الله عليه وآله وسلم: ما علمت شيئا إلاّ علّمته عليا، فهو باب مدينة علمي،[٣٢] ولم يصل عن طريق الإمام عليعليه السلام من أحاديث النبيصلی الله عليه وآله وسلم إلا خمسمائة وستة وثلاثون حديثا.[٣٣]

  • كثرة الأحاديث الموضوعة

قال الشيخ محمود أبو رية: كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتابة إلى ما بعد المائة الأولى من الهجرة، وصدر كبير من المئة الثانية أن اتسعت أبواب الرواية، وفاضت أنهار الوضع بغير ضابط ولا قيد، حتى قد بلغ ما روي من الأحاديث الموضوعة عشرات الألوف، لا يزال أكثرها منبّثا بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها،[٣٤] وأوعز بعضهم كثرة الأحاديث الموضوعة بسبب المنع إلى مكيدة أعداء الإسلام الذين استفادوا من المنع فأخذوا يضعون الأحاديث كيدا للإسلام.[٣٥]

  • انتشار الإسرائيليّات

عندما قام الحُكّام بعد رحيل النبيصلی الله عليه وآله وسلم بمنع تدوين الحديث قاموا بالمقابل بفتح باب الأحاديث الإسرائيليّة[ملاحظة ١]على مصراعيه، وذلك بالسماح لأمثال تميم الداري الراهب النصراني، وكعب الأحبار اليهودي، وكانا قد أظهرا الإسلام بعد انتشاره، تقربا إلى الحكام بعد الرسول ففسحوا لهما، وأمثالهما المجال أن يبثّوا الأحاديث الإسرائيليّة بين المسلمين كما يشاؤون، وقد خصّص عمر بن الخطاب للأول ساعة في كل أسبوع يتحدث منها قبل صلاة الجمعة بمسجد الرسول، وجعلها عثمان بن عفان على عهده ساعتين في يومين، أما كعب أحبار اليهود، فكان كل من عمر وعثمان ومعاوية يسألونه عن مبدأ الخلق، وقضايا المعاد، وتفسير القرآن إلى غير ذلك.[٣٦]

  • تحريف الدين

بعدما مُنع نشر الحديث، فقد حصل تحريف في الدين وثقافة المسلمين الإسلامية حتى روي عن الحسن البصري انه قال: لو خرج عليكم أصحاب الرسول ما عرفوا منكم إلاّ قبلتكم،[٣٧] وحينما صلّى عمران بن الحصين خلف عليّ عليه السلام أخذ بيد مطرف بن عبد اللّه وقال: لقد صلّى صلاة محمد، ولقد ذكرني صلاة محمد صلی الله عليه وآله وسلم.[٣٨]

  • جهل الأمة لدينها

نتج عن سياسة المنع عن الحديث، وعن كتابته أن لم يبق من الدين إلاّ اسمه ومن القرآن إلاّ رسمه، فقد روي عن الإمام مالك، عن محمد بن سهل بن مالك عن أبيه: أنّه قال: ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة.[٣٩]

رفع الحظر عن منع كتابة الحديث

استمر منع كتابة الحديث قرن كامل من بعد رحيل النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم إلى عصر عمر بن عبد العزيز، فقد أصدر عمر بن عبد العزيز قرارا برفع المنع عن كتابة الحديث، وأصدر أمرا بكتابة أحاديث النبيصلی الله عليه وآله وسلم، ونُقل عن عبد الله بن دينار أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن حزم قائلا: أن أكتب إليَّ بما ثبت عندك من الحديث عن رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم، فإني قد خشيت درس العلم وذهابه.[٤٠]

بداية التدوين عند الشيعة

لقد مضى الإمام علي عليه السلام على سيرة رسول اللّه صلی الله عليه وآله وسلم في تدوين الحديث والتأكيد على ذلك، وكتابة آثار الرسولصلی الله عليه وآله وسلم ونشر العلوم المحمّديّة، والمآثر النبويّة، وكذلك فعل شيعته، ومحبوه حيث عرفوا كما عرف آل علي عليها السلام في ذلك الوقت بأنهم علماء بالسنة وعاملون بها.[٤١]

قال السيد شرف الدين العاملي: إنَّ الباحثين ليعلمون بالبداهة تقدّم الشيعة في تدوين العلوم على من سواهم، إذ لم يتصد لذلك في العصر الأول غير علي وأولي العلم من شيعته، ولعل السر في ذلك اختلاف الصحابة في إباحة كتابة العلم وعدمها، فكرهه كما عن العسقلاني في مقدمة فتح الباري وغيره عمر بن الخطاب وجماعة آخرون خشية أن يختلط الحديث في الكتاب، وإباحة علي وخلفه الحسن السبط المجتبى لها.[٤٢]

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. الكفومي، كتاب الكليات، ص 474.
  2. المعلمي، الأنوار الكاشفة، ص 44.
  3. ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج 2، ص36.
  4. جديدي، معجم مصطلحات الرجال والدراية، ص 54.
  5. الصالح، علوم الحديث ومصطلحه عرض ودراسة، ص 3.
  6. العسقلاني، فتح الباري، ج 1، ص 6.
  7. الأعظمي، دراسات في الحدیث النبوي وتاریخ تدوینه، ج 1، صص 84 - 85.
  8. الموسوي، النص والاجتهاد، صص 138 - 147.
  9. المامقاني، مقباس‌الهدایة فی علم الدرایة، ج 3، صص 189 - 194.
  10. السجستاني،‌ سنن أبي داود، ج 3، ص 318.
  11. عبد الغني، حجيّة السنة، ص 394.
  12. البيهقي، المدخل إلى السنن الكبرى، ج 1، ص 407.
  13. المتقي الهندي، كنز العمال، ج 10، ص 292.
  14. الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج 1، ص 5.
  15. عبد الخالق، حجّيّة السنّة، ص 395.
  16. العاملي،‌ الصحیح من سیرة النبي الأعظم،‌ ج 1، ص77.
  17. الذهبي، تذکرة الحفاظ، ج 1، صص 11 - 12.
  18. الحاکم النيسابوري، المستدرك علی الصحیحین، ج 1، ص 193.
  19. ابن حبان، صحیح ابن حبان، ج 1، ص 265.
  20. ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث، ص 287.؛ ابن حجر العسقلاني، هدي الساري، ص 4.؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 18، ص 541.
  21. أبو زهو، الحديث والمحدّثون، ص123.؛ عبد الغني، حجّيّة السنّة، ص428.
  22. الخطيب البغدادي، شرف أصحاب الحديث، ص 97 - 98 .
  23. الجلالي، تدوين السنّة الشريفة، ص 530.
  24. الأعظمي، دراسات في الحديث، ص 22.؛ الحسني، تاريخ الفقه الجعفريّ، ص 134.
  25. الجلالي، تدوين السنّة الشريفة، صص 415 - 421.
  26. السجستاني،‌ سنن أبي داود، ج 3، ص 318.
  27. السیوطي، تاریخ الخلفاء، ج 1، ص 77.
  28. ابن حبان، صحیح ابن حبان، ج 1، ص 265.
  29. الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، ج 1، ص 82.
  30. الظاهري، أسماء الصحابة الرواة، ص 57.
  31. السمعاني، أدب الإملاء والاستملاء، ص 83.؛ الأعظمي، دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، ج 1، ص 127.
  32. التستري، إحقاق الحق، ج 4، ص 258.
  33. الظاهري، أسماء الصحابة الرواة، ص 44.
  34. أبو رية، أضواء على السنة المحمدية، ص 118.
  35. بحر العلوم، دليل القضاء الشرعي، ج 3، ص 31.
  36. العسكري، معالم المدرستين، ج 2، ص 46-48.
  37. العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم، ج 1، ص 28.
  38. البيهقي، سنن البيهقي، ج 2، ص 68.
  39. أنس، الموطأ، ج 1، ص 93.
  40. الدارمي، سنن الدارمي، ج 1، ص 137.
  41. الموسوي، النص والاجتهاد، ص 138 - 147.
  42. الموسوي، المراجعات، ص 410.

الملاحظات

  1. الإسرائيليّات اصطلاح أطلقه المدققون من علماء الإسلام على القصص والأخبار اليهوديّة، والنصرانيّة التي تسرّبت إلى المجتمع الإسلامي بعد دخول جمع من اليهود والنصارى إلى الإسلام أو تظاهرهم بالدخول فيه. عبد الحميد، الآلوسي مفسّرا، ص 282. وإنَّ لفظ الإسرائيليّات، جمع مفرده اسرائيليّة، وهي قصّة أو حادثة تروى عن مصدر إسرائيليّ، والنسبة فيها إلى إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم أبو الأسباط الاثني عشر. الذهبي، الإسرائيليّات في التفسير والحديث، ص 19.

المصادر والمراجع

  • ‌ابن حبان، محمد بن حبان، صحیح ابن حبان، تحقيق: شعیب الأرنؤوط، بیروت - لبنان، الناسرك مؤسسة الرسالة، ط 2، 1414 هـ.
  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، هدي الساري، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، مصر، نشر: شركة الحلبي، 1383 هـ.
  • ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون، قم - إيران، مكتب الأعلام الإسلامي، 1404 هـ.
  • ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، تأويل مختلف الحديث، بيروت - لبنان، نشر: دار الجيل، تحقيق: محمد زهري النجار، 1393 هـ.
  • أبو زهو، محمد محمد، الحديث والمحدّثون أو عناية الأُمّة الإسلامية بالسنّة النبوية، بيروت - لبنان، دار الكتاب العربي، 1404 هـ.
  • أبوريّه، محمود، أضواء على السنّة المحمدية أو دفاع عن الحديث، د.م، دار الكتاب الإسلامي، د.ت.
  • الأعظمي، محمد مصطفى، دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، بيروت - لبنان، الناشر: المكتب الإسلامي، 1405 هـ.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، المدخل إلى السنن الكبرى، تحقيق: الدكتور محمد ضياء الرحمن الأعظمي، الكويت، نشر دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، د.ت.
  • البيهقي،أحمد بن الحسين، السنن الكبرى، تحقيق: عبد القادر عطا، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، 1414 هـ.
  • التستري، نور الله، إحقاق الحق وازهاق الباطل، قم - إيران، مع تعليقات نفيسه هامة، للعلاّمة الحجة آية الله العظمى السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي، مكتبة آية الله الحسيني المرعشي، د.ت.
  • الجلالي، محمد رضا، تدوين السنّة الشريفة، قم - إيران، نشر مكتب الإعلام الإسلامي، ط 1، 1413 هـ.
  • الحاکم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك علی الصحیحین، بیروت - لبنان، الناشر: دارالکتب العلمیة، 1411 هـ.
  • الحسني، هاشم معروف، تاريخ الفقه الإسلامي، بيروت - لبنان، دار الكتاب اللبناني، ط 2، 1973 م.
  • الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، شرف أصحاب الحديث، تحقيق: الدكتور محمد سعيد خطيب أوغلي، طبع في جامعة أنقرة، 1971 م.
  • الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن، سنن الدارمي، تحقيق : فواز أحمد زمرلي - خالد السبع العلمي، بيروت - لبنان، الناشر : دار الكتاب العربي، ط 1، 1407 هـ.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، تذكرة الحفاظ، بيروت - لبنان، دار احياء التراث العربي، د.ت.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، بيروت – لبنان، مؤسسة الرسالة، ط 4، 1406 هـ .
  • الذهبي، محمد حسين، الإسرائيليّات في التفسير والحديث، دمشق- سوريا، دار الإيمان، ط 2، 1405 هـ .
  • السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد، صيدا - لبنان، الناشر: المكتبة العصرية، د.ت.
  • السمعاني، عبد الكريم بن محمد، أدب الأملاء والأستملاء، بيروت- لبنان، دار الكتب العلمية، 1401 هـ.
  • السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن، الأشباه والنظائر، تحقيق: عبد العال سالم مكرم، د.م، نشر مؤسسة الرسالة، ط 1، 1406 هـ.
  • الشهرستاني، علي، منع تدوين الحديث، د.م، دار الغدير، ط 1، 1425 هـ - 2005 م.
  • الصالح، صبحي، علوم الحديث ومصطلحه عرض ودراسة، بيروت - لبنان، دار العلم للملايين، ط 15، 1984 م.
  • الظاهري، علي بن أحمد، أسماء الصحابة الرواة وما لكلّ واحد من العدد، تحقيق: سيد كسروي حسن، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 1، 1412 هـ.
  • العاملي، جعفر مرتضی،‌ الصحیح من سیرة النبي الأعظم،‌ قم - إيران، الناشر: دارالحدیث، 1385 ش.
  • العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت - لبنان، الناشر: دار المعرفة، 1379 هـ.
  • العسكري، مرتضى، معالم المدرستين، طهران - إيران، مؤسسة البعثة، ط 4، 1412 هـ.
  • الكفومي، أيوب بن موسى، كتاب الكليات، بيروت - لبنان، مؤسسة الرسالة، 1419 هـ - 1998 م.
  • المامقاني، عبد الله، مقباس ‌الهدایة فی علم الدرایة، قم - إيران، الناشر: مؤسسة آل‌البیت لاحیا‌ء التراث، 1411 هـ.
  • المتقي الهندي، علي بن حسام الدين، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ضبطه وفسّر غريبه الشيخ بكري حيّاني، بيروت - لبنان، مؤسسة الرسالة، 1399 هـ.
  • المعلمي، عبد الرحمن بن يحيى، الأنوار الكاشفة، بيروت - لبنان، عالم الكتب، 1402 هـ - 1982 م.
  • الموسوي، عبد الحسين شرف الدين، المراجعات، تحقيق: حسين الراضي، د.م، د.ن، د.ت.
  • الموسوي، عبد الحسين شرف الدين، النص والاجتهاد، تحقيق: أبو مجتبى، قم - إيران، ط 1، 1404 هـ.
  • أنس، مالك بن أنس، الموطأ، تصحيح وترقيم وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت - لبنان، دار احياء التراث العربي، 1406 هـ .
  • بحر العلوم، محمد صادق، دليل القضاء الشرعي أصوله وفروعه، النجف الأشرف – العراق، مطبعة النجف، ط 1، 1378 هـ .
  • جديدي، محمد رضا، معجم مصطلحات الرجال والدراية، قم - إيران، مركز بحوث دار الحديث العلميّة الثقافيّة، ط 2، 1424 هـ - 1383 ش.
  • عبد الحميد، محسن، الآلوسي مفسّرا، بغداد - العراق، جامعة بغداد، ط 1، 1388 هـ.
  • عبد الغني، عبد الخالق، حجّية السنّة، بيروت - لبنان، نشر: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، دار الفكر، 1407 هـ .