انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإحباط»

لا يوجد ملخص تحرير
(تصحيح المقدمة)
لا ملخص تعديل
سطر ٨: سطر ٨:


==مفهوم الإحباط ومكانة البحث==
==مفهوم الإحباط ومكانة البحث==
الإحباط مصطلح [[القرآن الكريم|قرآني]]<ref>مصباح يزدي، آموزش عقايد، 1384ش، ص467.</ref> ومصطلح في [[علم الكلام]]،<ref>شجاعي، «احباط و تكفير»، ص179.</ref> ويعني إبطال وإتلاف [[العمل الصالح|الحسنات]] وثوابها بـ<nowiki/>[[الذنوب]]<ref>حلي، كشف المراد، 1382ش، ص272؛ حِمَّصيّ رازي، المُنْقِذُ مِن التقليد، 1412ق، ج2، ص42.</ref> ويرى [[أبو الحسن الشعراني]]، أحد مفسري [[الشيعة]]، أن الحبط القرآني يتعلّق بالأفعال التي قام بها [[الكافر]] و<nowiki/>[[قصد القربة|لم يقصد القربة]] في فعله، ولكن الحبط بمعناه [[الكلام الإسلامي|الكلامي]] يشير إلى الأعمال التي قام بها [[المؤمن]] بشكل صحيح مع قصد القربة، ولكن تفسد تلك الأعمال بسبب ارتكاب [[المعصية]].<ref>شعراني، نثر طوبي، 1380ش، ج1، ص152.</ref> وردت كلمة الحبط ومشتقاتها في [[القرآن]] ستة عشر مرة.<ref>عبدالباقي، المعجم المفهرس، 1407ق، ص193.</ref> ويأتي إحباط الأعمال في مقابل [[تكفير الذنوب]]، وهو محو [[الذنوب]] بسبب أداء الحسنات.<ref>حلي، كشف المراد، 1382ش، ص272؛ حِمَّصيّ رازي، المُنْقِذُ مِن التقليد، 1412ق، ج2، ص42.</ref>  
الإحباط مصطلح [[القرآن الكريم|قرآني]]<ref>مصباح اليزدي، آموزش عقايد، ص467.</ref> ومصطلح في [[علم الكلام]]،<ref>شجاعي، «إحباط و تكفير»، ص179.</ref> ويعني إبطال وإتلاف [[العمل الصالح|الحسنات]] وثوابها بـ<nowiki/>[[الذنوب]]<ref>الحلي، كشف المراد، ص272؛ الحِمَّصيّ الرازي، المُنْقِذُ مِن التقليد، ج2، ص42.</ref> ويرى [[أبو الحسن الشعراني]]، أحد مفسري [[الشيعة]]، أن الحبط القرآني يتعلّق بالأفعال التي قام بها [[الكافر]] و<nowiki/>[[قصد القربة|لم يقصد القربة]] في فعله، ولكن الحبط بمعناه [[الكلام الإسلامي|الكلامي]] يشير إلى الأعمال التي قام بها [[المؤمن]] بشكل صحيح مع قصد القربة، ولكن تفسد تلك الأعمال بسبب ارتكاب [[المعصية]].<ref>الشعراني، نثر طوبى، ج1، ص152.</ref> وردت كلمة الحبط ومشتقاتها في [[القرآن]] ستة عشر مرة.<ref>عبد الباقي، المعجم المفهرس، ص193.</ref> ويأتي إحباط الأعمال في مقابل [[تكفير الذنوب]]، وهو محو [[الذنوب]] بسبب أداء الحسنات.<ref>الحلي، كشف المراد، ص272؛ الحِمَّصيّ الرازي، المُنْقِذُ مِن التقليد، ج2، ص42.</ref>  


وفي [[علم الكلام]]، تمت مناقشة مسألة الإحباط على نطاق واسع، واختلفت الآراء حولها.<ref>شجاعي، «احباط و تكفير»، ص179.</ref> وبحسب المتكلمين فإن مسألة الإحباط تثار في المؤمنين الذين يعملون الصالحات، وأحياناً يرتكبون المعاصي، وهم يشكلون أغلبية المجتمع الإيماني؛ أما [[الكفار]] الذين لا [[الإيمان|يؤمنون]] حتى الموت، وكذلك المؤمنون الذين لا يرتكبون ذنبًا قطّ، فلا علاقة لهم بمسألة الإحباط.<ref>تفتازاني، شرح المقاصد، 1409ق، ج5، ص142؛ گروهي از نويسندگان، «احباط و تكفير»، ص60.</ref> وقد نوقشت هذه المسألة في علم الكلام، ضمن مسائل كـ<nowiki/>[[المعاد]]، و<nowiki/>[[الثواب]] و<nowiki/>[[العقاب]]، أو الوعد والوعد.<ref>شجاعي، «احباط و تكفير»، ص179.</ref>
وفي [[علم الكلام]]، تمت مناقشة مسألة الإحباط على نطاق واسع، واختلفت الآراء حولها.<ref>شجاعي، «إحباط و تكفير»، ص179.</ref> وبحسب المتكلمين فإن مسألة الإحباط تثار في المؤمنين الذين يعملون الصالحات، وأحياناً يرتكبون المعاصي، وهم يشكلون أغلبية المجتمع الإيماني؛ أما [[الكفار]] الذين لا [[الإيمان|يؤمنون]] حتى الموت، وكذلك المؤمنون الذين لا يرتكبون ذنبًا قطّ، فلا علاقة لهم بمسألة الإحباط.<ref>التفتازاني، شرح المقاصد، ج5، ص142؛ جمع من الباحثين، «إحباط و تكفير»، ص60.</ref> وقد نوقشت هذه المسألة في علم الكلام، ضمن مسائل كـ<nowiki/>[[المعاد]]، و<nowiki/>[[الثواب]] و<nowiki/>[[العقاب]]، أو الوعد والوعد.<ref>شجاعي، «إحباط و تكفير»، ص179.</ref>


وتعود أهمية الإحباط إلى أنها تؤثر على مصير الإنسان، وعلى [[العمل الصالح|حسناته]] و<nowiki/>[[الذنوب|سيئاته]] في الدنيا و<nowiki/>[[الآخرة]]،<ref>گروهي از نويسندگان،‌ «احباط و تكفير»، ص58.</ref> فالاهتمام بالإحباط يحذّر المؤمنين بأنّ الإنسان يمكن أن تفسد أعماله الصالحة بإرادته واختياره.<ref>كوشا،‌ «احباط و تكفير»، ص158.</ref> وبحسب الباحثين، فإنّ الفهم الخاطئ للإحباط أو [[تكفير الذنوب|التكفير]] تسبب خيبة الأمل والغرور، وتخرج الإنسان من حالة [[الخوف والرجاء]]؛ لأنه قد يترك العمل الصالح بسبب زعمه أن جميع أعماله قد حبطت، أو يظن أن جميع ذنوبه قد غُفرت لها، فيغترّ بنفسه ويتجرأ على فعل [[المعصية]].<ref>رستگار مقدم گوهري، «مفهوم‌شناسي احتباط از منظر قرآن»، ص315.</ref> وبحسب ما روي عن [[الإمام علي (ع)]] في [[الخطبة القاصعة]] تمّ إحباط عبادات [[إبليس]] التي دامت لستة آلاف سنة بسبب تكبره.<ref>نهج البلاغه، تصحيح صبحي صالح، خطبه 192، ص287.</ref> وبحسب [[الآية 65 من سورة الزمر]] فإن مسألة إحباط الأعمال موجودة أيضا في ديانات ما قبل [[الإسلام]].
وتعود أهمية الإحباط إلى أنها تؤثر على مصير الإنسان، وعلى [[العمل الصالح|حسناته]] و<nowiki/>[[الذنوب|سيئاته]] في الدنيا و<nowiki/>[[الآخرة]]،<ref>جمع من الباحثين،‌ «إحباط و تكفير»، ص58.</ref> فالاهتمام بالإحباط يحذّر المؤمنين بأنّ الإنسان يمكن أن تفسد أعماله الصالحة بإرادته واختياره.<ref>كوشا،‌ «إحباط و تكفير»، ص158.</ref> وبحسب الباحثين، فإنّ الفهم الخاطئ للإحباط أو [[تكفير الذنوب|التكفير]] تسبب خيبة الأمل والغرور، وتخرج الإنسان من حالة [[الخوف والرجاء]]؛ لأنه قد يترك العمل الصالح بسبب زعمه أن جميع أعماله قد حبطت، أو يظن أن جميع ذنوبه قد غُفرت لها، فيغترّ بنفسه ويتجرأ على فعل [[المعصية]].<ref>رستکار مقدم جوهري، «مفهوم شناسي إحباط از منظر قرآن»، ص315.</ref> وبحسب ما روي عن [[الإمام علي (ع)]] في [[الخطبة القاصعة]] تمّ إحباط عبادات [[إبليس]] التي دامت لستة آلاف سنة بسبب تكبره.<ref>نهج البلاغة، الخطبة 192، ص287.</ref> وبحسب [[الآية 65 من سورة الزمر]] فإن مسألة إحباط الأعمال موجودة أيضا في ديانات ما قبل [[الإسلام]].


==وجهة نظر الشيعة==
==وجهة نظر الشيعة==
ترى الشيعة كسائر المذاهب الإسلامية أنّ ارتكاب بعض الذنوب يؤدي إلى إضاعة الحسنات،<ref>سبحاني، فرهنگ عقايد و مذاهب اسلامي، 1378ش، ج4، ص195.</ref> فمثلاً، حسب اعتقاد جميع علماء المسلمين، يفسد جميع حسنات المؤمنين بسبب ارتداده وعدم التوبة بعد ذلك.<ref>مجلسي،‌ بحار الانوار، 1403ق، ج5، ص334.</ref> وقد قسّم عبد الله جوادي آملي، صاحب تفسير التسنيم، حبط الأفعال إلى الحبط المحض والحبط غير المحض، ويرى أن بعض الأفعال كالردة تهدم جميع الأعمال، وهو الحبط المحض. أما بعض الذنوب كالعُجب هو يعدّ من الحبط غير المحض، حيث لا يؤدي إلا إلى تدمير الفعل الذي وقع فيه العجب.<ref>جوادي آملي، تسنيم، 1387ش، ج10، ص584-586.</ref> ويعتقد العلامة المجلسي وهو مؤلف كتاب بحار الأنوار أنّه لا يؤدي كلّ ذنب إلى إضاعة الحسنات، فينبغي في هذه المسألة الاكتفاء بما ذُكر في الآيات والأحاديث<ref>مجلسي،‌ بحار الانوار، 1403ق، ج5، ص334.</ref> كما يرى بعض علماء الشيعة أن عدم فعالية الأعمال الصالحة يقتصر على الكفر والنفاق والردة.<ref>يزدي، و زينب عباسي آغوي، «احباط و تكفير عمل»، ص86.</ref>
ترى الشيعة كسائر المذاهب الإسلامية أنّ ارتكاب بعض الذنوب يؤدي إلى إضاعة الحسنات،<ref>سبحاني، فرهنگ عقايد و مذاهب اسلامي، ج4، ص195.</ref> فمثلاً، حسب اعتقاد جميع علماء المسلمين، يفسد جميع حسنات المؤمنين بسبب ارتداده وعدم التوبة بعد ذلك.<ref>المجلسي،‌ بحار الأنوار، ج5، ص334.</ref> وقد قسّم عبد الله جوادي آملي، صاحب تفسير التسنيم، حبط الأفعال إلى الحبط المحض والحبط غير المحض، ويرى أن بعض الأفعال كالردة تهدم جميع الأعمال، وهو الحبط المحض. أما بعض الذنوب كالعُجب هو يعدّ من الحبط غير المحض، حيث لا يؤدي إلا إلى تدمير الفعل الذي وقع فيه العجب.<ref>جوادي الآملي، تسنيم، ج10، ص584-586.</ref> ويعتقد العلامة المجلسي وهو مؤلف كتاب بحار الأنوار أنّه لا يؤدي كلّ ذنب إلى إضاعة الحسنات، فينبغي في هذه المسألة الاكتفاء بما ذُكر في الآيات والأحاديث<ref>المجلسي،‌ بحار الأنوار، ج5، ص334.</ref> كما يرى بعض علماء الشيعة أن عدم فعالية الأعمال الصالحة يقتصر على الكفر والنفاق والردة.<ref>يزدي، و زينب عباسي آغوي، «إحباط و تكفير عمل»، ص86.</ref>


ومع ذلك، هناك رؤيتان لدى علماء الشيعة فيما يتعلق بتحليل كيفية ذهاب فعالية الأعمال الصالحة بارتكاب الخطيئة:
ومع ذلك، هناك رؤيتان لدى علماء الشيعة فيما يتعلق بتحليل كيفية ذهاب فعالية الأعمال الصالحة بارتكاب الخطيئة:


===إنكار الحبط أساساً===
===إنكار الحبط أساساً===
وبحسب الشيخ الطوسي، وهو من متكلمي الشيعة في القرن الرابع، فإن ظاهر الآيات التي تشير إلى الإحباط غير مقبول؛ لأن أساس العقائد مبني على العقل، ويجب تفسير الآيات بما يتوافق مع العقل.<ref>شيخ طوسي، الاقتصاد، 1406ق، ص200.</ref> ولإيجاد هذا التوافق، قال البعض إنّ ما ورد في الأحاديث حول الحبط لم يستخدم بمعناه الحقيقي؛ بل يعني أن شرط قبول بعض الأعمال الصالحة هو عدم ارتكاب بعض الذنوب في المستقبل، وبارتكاب الذنوب يتبين أن الإنشان لم يفعل العمل الصالح بجميع شروطه من أوله، و وهو في الأصل لم يستحق الثواب.<ref>نگاه كنيد به: مجلسي،‌ بحار الانوار، 1403ق، ج5، ص332-334.</ref> واعتبر العلامة المجلسي هذا الرأي هو الرأي المشهور عند الشيعة.<ref>مجلسي،‌ بحار الانوار، 1403ق، ج5، ص332.</ref> وقد استدلّ بعض العلماء بالأدلّة العقلية والقرآنية على بطلان الإحباط:<ref>سبحاني، منشور جاويد، 1390ش، ج8، ص509.</ref>
وبحسب الشيخ الطوسي، وهو من متكلمي الشيعة في القرن الرابع، فإن ظاهر الآيات التي تشير إلى الإحباط غير مقبول؛ لأن أساس العقائد مبني على العقل، ويجب تفسير الآيات بما يتوافق مع العقل.<ref>الشيخ طوسي، الاقتصاد، ص200.</ref> ولإيجاد هذا التوافق، قال البعض إنّ ما ورد في الأحاديث حول الحبط لم يستخدم بمعناه الحقيقي؛ بل يعني أن شرط قبول بعض الأعمال الصالحة هو عدم ارتكاب بعض الذنوب في المستقبل، وبارتكاب الذنوب يتبين أن الإنشان لم يفعل العمل الصالح بجميع شروطه من أوله، و وهو في الأصل لم يستحق الثواب.<ref>راجع: المجلسي،‌ بحار الأنوار، ج5، ص332-334.</ref> واعتبر العلامة المجلسي هذا الرأي هو الرأي المشهور عند الشيعة.<ref>المجلسي،‌ بحار الأنوار، ج5، ص332.</ref> وقد استدلّ بعض العلماء بالأدلّة العقلية والقرآنية على بطلان الإحباط:<ref>سبحاني، منشور جاويد، ج8، ص509.</ref>


#الدليل العقلي: ضياع العمل الصالح بالذنب هو نوع من نقض الوعد والظلم، وبما أن الله لا يظلم، فإنه لا يضيع العمل الصالح بارتكاب المعاصي،<ref>سبحاني، منشور جاويد، 1390ش، ج8، ص509.</ref> لكن لو اشترط من البداية أنّ شرط قبول العمل الصالح هو عدم ارتكاب بعض الذنوب، ففي هذه الحالة، لا يستحق الإنسان ثواباً بارتكاب الذنوب، لأنه أدى العمل الصالح من دون أن يفي بالشرط.<ref>سبحاني، منشور جاويد، 1390ش، ج8، ص510.</ref>
#الدليل العقلي: ضياع العمل الصالح بالذنب هو نوع من نقض الوعد والظلم، وبما أن الله لا يظلم، فإنه لا يضيع العمل الصالح بارتكاب المعاصي،<ref>سبحاني، منشور جاويد، ج8، ص509.</ref> لكن لو اشترط من البداية أنّ شرط قبول العمل الصالح هو عدم ارتكاب بعض الذنوب، ففي هذه الحالة، لا يستحق الإنسان ثواباً بارتكاب الذنوب، لأنه أدى العمل الصالح من دون أن يفي بالشرط.<ref>سبحاني، منشور جاويد، ج8، ص510.</ref>
#الدليل القرآني: وفقًا لآيات من القرآن (مثل الآية 7 من سورة الزلزلة والآية 40 من سورة النجم)، فإن الناس سيرون نتائج جميع أعمالهم يوم القيامة.<ref>سبحاني، منشور جاويد، 1390ش، ج8، ص510.</ref>
#الدليل القرآني: وفقًا لآيات من القرآن (مثل الآية 7 من سورة الزلزلة والآية 40 من سورة النجم)، فإن الناس سيرون نتائج جميع أعمالهم يوم القيامة.<ref>سبحاني، منشور جاويد، ج8، ص510.</ref>


===إثبات الحبط بشكل جزئي===
===إثبات الحبط بشكل جزئي===
ويرى بعض علماء الشيعة أن الإحباط ممكن جزئياً، وليس هناك دليل عقلي أو روائي على بطلان الحبط.<ref>مكارم شيرازي، تفسير نمونه، 1374ش، ج3، ص115.</ref> ويرى ناصر مكارم الشيرازي، صاحب تفسير الأمثل، وبتشبيه الحبط بالأمور الدنيوية أنه كما يمكن أن تهلك رؤوس أموال الإنسان - التي اكتسبها طوال عمره - بخطأ واحد، فمن الممكن أن تفسد حسناته بذنب واحد أيضاً. ويعتبر الشيرازي الخلاف في هذه المسألة نزاعًا لفظيًا.<ref>مكارم شيرازي، تفسير نمونه، 1374ش، ج3، ص115.</ref>
ويرى بعض علماء الشيعة أن الإحباط ممكن جزئياً، وليس هناك دليل عقلي أو روائي على بطلان الحبط.<ref>مكارم الشيرازي،؟؟؟؟ تفسير نمونه، 1374ش، ج3، ص115.</ref> ويرى ناصر مكارم الشيرازي، صاحب تفسير الأمثل، وبتشبيه الحبط بالأمور الدنيوية أنه كما يمكن أن تهلك رؤوس أموال الإنسان - التي اكتسبها طوال عمره - بخطأ واحد، فمن الممكن أن تفسد حسناته بذنب واحد أيضاً. ويعتبر الشيرازي الخلاف في هذه المسألة نزاعًا لفظيًا.<ref>مكارم الشيرازي،؟؟ تفسير نمونه، 1374ش، ج3، ص115.</ref>


==وجهة نظر الأشاعرة والمعتزلة==
==وجهة نظر الأشاعرة والمعتزلة==
إنّ الأشاعرة، مثل الرأي المشهور عند الشيعة، يعتبرون الإحباط باطلاً،<ref>تفتازاني، شرح المقاصد، 1409ق، ج5، ص140.</ref> لكن المعتزلة يعتبرونه صحيحاً.<ref>قاضي عبدالجبار، شرح الاصول الخمسه، 1422ق، ص422.</ref> وبحسب جعفر السبحاني، أحد متكلّمي الشيعة في القرن الخامس عشر فإنّ رأي المعتزلة يعود إلى عقيدتهم في الكبائر، حيث يعتقدون أن المؤمن إذا ارتكب كبيرة من الكبائر، ومات دون توبة، يدخل النار يوم القيامة، ويلقى العذاب الإلهي إلى الأبد.<ref>سبحاني، منشور جاويد، 1390ش، ج8، ص510.</ref>  
إنّ الأشاعرة، مثل الرأي المشهور عند الشيعة، يعتبرون الإحباط باطلاً،<ref>التفتازاني، شرح المقاصد، ج5، ص140.</ref> لكن المعتزلة يعتبرونه صحيحاً.<ref>القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، ص422.</ref> وبحسب جعفر السبحاني، أحد متكلّمي الشيعة في القرن الخامس عشر فإنّ رأي المعتزلة يعود إلى عقيدتهم في الكبائر، حيث يعتقدون أن المؤمن إذا ارتكب كبيرة من الكبائر، ومات دون توبة، يدخل النار يوم القيامة، ويلقى العذاب الإلهي إلى الأبد.<ref>سبحاني، منشور جاويد، ج8، ص510.</ref>  


وعقيدة المعتزلة في هذه المسألة ليست واحدة، وقد عبروا فيها عن ثلاث نظريات:  
وعقيدة المعتزلة في هذه المسألة ليست واحدة، وقد عبروا فيها عن ثلاث نظريات:  


*مقارنة مجموع الحسنات بمجموع الذنوب، وتقديم الأكثر منها على الأقلّ، من غير أن ينقص من مقاديرها؛<ref>قاضي عبدالجبار، شرح الاصول الخمسه، 1422ق، ص425-426.</ref>
*مقارنة مجموع الحسنات بمجموع الذنوب، وتقديم الأكثر منها على الأقلّ، من غير أن ينقص من مقاديرها؛<ref>القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، ص425-426.</ref>
*الموازنة بين الحسنات ومجموع الذنوب؛ فالحسنات تقاس بالذنوب، فإذا كانت كمية الذنوب أقل من الحسنات ضاع بقدرها من الأعمال الصالحة، وبقي المتبقّى منها.<ref>قاضي عبدالجبار، شرح الاصول الخمسه، 1422ق، ص425-426.</ref> واعتقد المقدس الأردبيلي من علماء الشيعة في القرن العاشر الهجري أنّ هذا القول لا يستبعد، وليس هناك دليل عقلي أو نقلي على خلافه.<ref>مقدس اردبيلي، الحاشية علي الهيات الشرح الجديد للتجريد، 1419ق، ص470.</ref>
*الموازنة بين الحسنات ومجموع الذنوب؛ فالحسنات تقاس بالذنوب، فإذا كانت كمية الذنوب أقل من الحسنات ضاع بقدرها من الأعمال الصالحة، وبقي المتبقّى منها.<ref>القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، ص425-426.</ref> واعتقد المقدس الأردبيلي من علماء الشيعة في القرن العاشر الهجري أنّ هذا القول لا يستبعد، وليس هناك دليل عقلي أو نقلي على خلافه.<ref>المقدس الأردبيلي، الحاشية على إلهيات الشرح الجديد للتجريد، ص470.</ref>
*إنّ المعيار هو الفعل الأخير للإنسان؛ فإذا كان آخر عمل يعمله الإنسان معصية، ضاعت حسناته كلها.<ref>ايجي، المواقف في علم الكلام، عالم الكتب، ص379.</ref>
*إنّ المعيار هو الفعل الأخير للإنسان؛ فإذا كان آخر عمل يعمله الإنسان معصية، ضاعت حسناته كلها.<ref>الإيجي، المواقف في علم الكلام، ص379.</ref>
وقد اعتمدت المعتزلة في إثبات ادعائهم على الأدلّة العقلية،<ref>قاضي عبدالجبار، شرح الاصول الخمسه، 1422ق، ص423-426.</ref> وردّ عليها علماء الشيعة والأشاعرة.<ref>نگاه كنيد به: حلي، كشف المراد، 1382ش، ص272-273؛ حِمَّصيّ رازي، المُنْقِذُ مِن التقليد، 1412ق، ج2، ص42-44؛ ايجي، المواقف في علم الكلام، عالم الكتب، ص379.</ref>
وقد اعتمدت المعتزلة في إثبات ادعائهم على الأدلّة العقلية،<ref>القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة، ص423-426.</ref> وردّ عليها علماء الشيعة والأشاعرة.<ref>راجع: الحلي، كشف المراد، ص272-273؛ الحِمَّصيّ الرازي، المُنْقِذُ مِن التقليد، ج2، ص42-44؛ الإيجي، المواقف في علم الكلام، ص379.</ref>


==عوامل الإحباط==
==عوامل الإحباط==
وبإجماع المسلمين كافة، إذا ارتدّ المؤمن فإن كفره يحبط جميع أعماله الماضية<ref>براي نمونه نگاه كنيد به: تفتازاني، شرح المقاصد، 1412ق، ج5، ص142؛ جوادي آملي، تسنيم، 1387ش، ج10، ص603.</ref> وبحسب آيات القرآن فإنّ الردة بعد الإيمان،<ref>سوره بقره، آيه 217.</ref> وقتل الآمر بلامعروف،<ref>سوره آل‌عمران، آيات 21-22.</ref> وإنكار المعاد والآيات الإلهية،<ref>سوره اعراف، آيه 147.</ref> والنفاق، والرياء،<ref>سوره احزاب، آيه 19.</ref> تعتبر من أسباب إحباط الأعمال.<ref>سبحاني، منشور جاويد، 1390ش، ج8، ص519-532.</ref> وقد ذكر في أحاديث الشيعة بعض الذنوب باعتبارها من أسباب حبط الأعمال، منها: إنكار ولاية الإمام علي (ع)،<ref>صفار، بصائر الدرجات، 1404ق، ص77.</ref> وعدم الصبر عند البلاء،<ref>كليني، الكافي، 1407ق، ج3، ص224.</ref> واتهام المتزوّج أو المتزوّجة بالزنا،<ref>شيخ صدوق، ثواب الأعمال و عِقاب الأعمال، 1406ق، ص285.</ref> وسوء الظن،<ref>ابن‌حيون، دعائم الاسلام، 1385ق، ج2، ص352.</ref> والرياء، <ref>شيخ صدوق، الأمالي، 1376ش، ص582.</ref> والجدال.<ref>ابن‌شعبه حرّاني، تحف العقول، 1404ق، ص309.</ref>  
وبإجماع المسلمين كافة، إذا ارتدّ المؤمن فإن كفره يحبط جميع أعماله الماضية<ref>راجع: التفتازاني، شرح المقاصد، ج5، ص142؛ جوادي الآملي، تسنيم، ج10، ص603.</ref> وبحسب آيات القرآن فإنّ الردة بعد الإيمان،<ref>سورة البقرة، الآية 217.</ref> وقتل الآمر بلامعروف،<ref>سورة آل عمران، آيات 21-22.</ref> وإنكار المعاد والآيات الإلهية،<ref>سورة الأعراف، الآية 147.</ref> والنفاق، والرياء،<ref>سورة الأحزاب، الآية 19.</ref> تعتبر من أسباب إحباط الأعمال.<ref>سبحاني، منشور جاويد، ج8، ص519-532.</ref> وقد ذكر في أحاديث الشيعة بعض الذنوب باعتبارها من أسباب حبط الأعمال، منها: إنكار ولاية الإمام علي (ع)،<ref>الصفار، بصائر الدرجات، ص77.</ref> وعدم الصبر عند البلاء،<ref>الكليني، الكافي، ج3، ص224.</ref> واتهام المتزوّج أو المتزوّجة بالزنا،<ref>الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال و عِقاب الأعمال، ص285.</ref> وسوء الظن،<ref>ابن حيون، دعائم الإسلام، ج2، ص352.</ref> والرياء، <ref>الشيخ الصدوق، الأمالي، ص582.</ref> والجدال.<ref>ابن شعبة الحرّاني، تحف العقول، ص309.</ref>  


===رفع الصوت عند النبي===
===رفع الصوت عند النبي===
وفي الآية 2 من سورة الحجرات نُهى المؤمنون عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي (ص)، وعن الجهر بالقول بين يديه، حتى لا تحبط أعمالهم. وقد اختلف مفسرو الشيعة في تفسير هذه الآية، إذ كيف يمكن أن يؤدي عمل غير الكفر والشرك إلى حبط الأعمال، فقدّموا إجابات على هذا السؤال، منها:<ref>جعفري، «آشنايي با چند اصطلاح قرآني (4) احباط و تكفير»، ص45.</ref>
وفي الآية 2 من سورة الحجرات نُهى المؤمنون عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي (ص)، وعن الجهر بالقول بين يديه، حتى لا تحبط أعمالهم. وقد اختلف مفسرو الشيعة في تفسير هذه الآية، إذ كيف يمكن أن يؤدي عمل غير الكفر والشرك إلى حبط الأعمال، فقدّموا إجابات على هذا السؤال، منها:<ref>جعفري، «آشنايي با چند اصطلاح قرآني (4) إحباط و تكفير»، ص45.</ref>


*رفع الصوت على صوت النبي أو الجهر بالقول أمامه إذا كان بقصد إهانة النبي يعدّ من الكفر، ويتفق المسلمون أنّ جميع أفعال الإنسان ستحبط بالكفر.<ref>مكارم شيرازي، تفسير نمونه، 1374ش، ج22، ص138.</ref>
*رفع الصوت على صوت النبي أو الجهر بالقول أمامه إذا كان بقصد إهانة النبي يعدّ من الكفر، ويتفق المسلمون أنّ جميع أفعال الإنسان ستحبط بالكفر.<ref>مكارم الشيرازي، ؟؟تفسير نمونه، 1374ش، ج22، ص138.</ref>
*إنّ الحضور عند النبي عمل له ثواب، لكن إذا جهر المؤمنون بالقول عند النبي بقصد إهانته، تزول ثواب الحضور عند النبي.<ref>شيخ طوسي، التبيان، دار احياء التراث العربي، ج9، ص341؛ طبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج9، ص196.</ref>
*إنّ الحضور عند النبي عمل له ثواب، لكن إذا جهر المؤمنون بالقول عند النبي بقصد إهانته، تزول ثواب الحضور عند النبي.<ref>الشيخ الطوسي، التبيان، ج9، ص341؛ طبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج9، ص196.</ref>
*إنّ حبط جميع أعمال المؤمن الصالحة بسبب إهانة النبي أمر ممكن، وليس هناك دليل عقلي يخالف ذلك.<ref>مكارم شيرازي، تفسير نمونه، 1374ش، ج2، ص115؛ سبحاني، منشور جاويد، 1390ش، ج8، ص522.</ref>
*إنّ حبط جميع أعمال المؤمن الصالحة بسبب إهانة النبي أمر ممكن، وليس هناك دليل عقلي يخالف ذلك.<ref>مكارم الشيرازي، ؟؟تفسير نمونه، 1374ش، ج2، ص115؛ سبحاني، منشور جاويد، ج8، ص522.</ref>




سطر ٦٢: سطر ٦٢:
*ايجي، عبدالرحمن بن احمد، المواقف في علم الكلام، بيروت، عالم الكتب، بي‌تا.
*ايجي، عبدالرحمن بن احمد، المواقف في علم الكلام، بيروت، عالم الكتب، بي‌تا.
*تفتازاني، مسعود بن عمر، شرح المقاصد، قم، الشريف الرضي، 1412ق.
*تفتازاني، مسعود بن عمر، شرح المقاصد، قم، الشريف الرضي، 1412ق.
*جعفري، يعقوب، [https://www.noormags.ir/view/fa/articlepage/46386 «آشنايي با چند اصطلاح قرآني (4) احباط و تكفير»]، در مجله درس‌هايي از مكتب اسلام، شماره 10، دي ماه 1372ش.
*جعفري، يعقوب، [https://www.noormags.ir/view/fa/articlepage/46386 «آشنايي با چند اصطلاح قرآني (4) إحباط و تكفير»]، در مجله درس‌هايي از مكتب اسلام، شماره 10، دي ماه 1372ش.
*جوادي آملي، عبدالله، تسنيم، قم، اسراء، 1387ش.
*جوادي آملي، عبدالله، تسنيم، قم، اسراء، 1387ش.
*حلي، حسن بن يوسف، كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد، قم، مؤسسه امام صادق(ع)، 1382ش.
*حلي، حسن بن يوسف، كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد، قم، مؤسسه امام صادق(ع)، 1382ش.
سطر ٧٠: سطر ٧٠:
*سبحاني، جعفر، منشور جاويد، قم، مؤسسه امام صادق(ع)، 1390ش.
*سبحاني، جعفر، منشور جاويد، قم، مؤسسه امام صادق(ع)، 1390ش.
*سيدرضي، محمد بن حسين، نهج البلاغه، تصحيح صبحي صالح، قم، هجرت، 1414ق.
*سيدرضي، محمد بن حسين، نهج البلاغه، تصحيح صبحي صالح، قم، هجرت، 1414ق.
*شجاعي، احمد، «احباط و تكفير»، در جلد 1 دانشنامه كلام اسلامي، قم، مؤسسه امام صادق(ع)، 1387ش.
*شجاعي، احمد، «إحباط و تكفير»، در جلد 1 دانشنامه كلام اسلامي، قم، مؤسسه امام صادق(ع)، 1387ش.
*شعراني، ابوالحسن، نثر طوبي، تهران، انتشارات اسلاميه، 1380ش.
*شعراني، ابوالحسن، نثر طوبي، تهران، انتشارات اسلاميه، 1380ش.
*شيخ صدوق، محمد بن علي، الأمالي، تهران، كتابچي، 1376ش.
*شيخ صدوق، محمد بن علي، الأمالي، تهران، كتابچي، 1376ش.
سطر ٨١: سطر ٨١:
*قاضي عبدالجبار، ابن احمد، شرح الاصول الخمسه، بيروت، دار احياء التراث العربي، 1422ق.
*قاضي عبدالجبار، ابن احمد، شرح الاصول الخمسه، بيروت، دار احياء التراث العربي، 1422ق.
*كليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تهران، دار الكتب الإسلاميّه، 1407ق.
*كليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تهران، دار الكتب الإسلاميّه، 1407ق.
*كوشا،‌ محمدعلي، «احباط و تكفير»، در دانشنامه معاصر قرآن كريم، قم، سلمان آزاده، 1397ش.
*كوشا،‌ محمدعلي، «إحباط و تكفير»، در دانشنامه معاصر قرآن كريم، قم، سلمان آزاده، 1397ش.
*گروهي از نويسندگان،‌ [https://www.noormags.ir/view/fa/articlepage/23975 «احباط و تكفير»]، در مجله كلام اسلامي، شماره 39، پاييز 1380ش.
*جمع من الباحثين،‌ [https://www.noormags.ir/view/fa/articlepage/23975 «إحباط و تكفير»]، در مجله كلام اسلامي، شماره 39، پاييز 1380ش.
*مجلسي،‌ محمدباقر بن محمدتقي، بِحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار(ع)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403ق.
*مجلسي،‌ محمدباقر بن محمدتقي، بِحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار(ع)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403ق.
*مصباح يزدي، محمدتقي، آموزش عقايد، قم، شركت چاپ و نشر بين‌الملل سازمان تبليغات اسلامي، 1384ش.
*مصباح يزدي، محمدتقي، آموزش عقايد، قم، شركت چاپ و نشر بين‌الملل سازمان تبليغات اسلامي، 1384ش.
*مقدس اردبيلي، احمد بن محمد، الحاشية علي الهيات الشرح الجديد للتجريد، قم، مركز انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، 1419ق.
*مقدس اردبيلي، احمد بن محمد، الحاشية علي الهيات الشرح الجديد للتجريد، قم، مركز انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، 1419ق.
*مكارم شيرازي، ناصر، تفسير نمونه، تهران، دار الكتب الإسلاميّه، 1374ش.
*مكارم شيرازي، ناصر، تفسير نمونه، تهران، دار الكتب الإسلاميّه، 1374ش.
*يزدي، اقدس، و زينب عباسي آغوي، [https://www.noormags.ir/view/fa/articlepage/1196562 «احباط و تكفير عمل»]، در مجله تحقيقات كلامي، شماره 14، پاييز 1395ش.
*يزدي، اقدس، و زينب عباسي آغوي، [https://www.noormags.ir/view/fa/articlepage/1196562 «إحباط و تكفير عمل»]، در مجله تحقيقات كلامي، شماره 14، پاييز 1395ش.


{{نهاية}}
{{نهاية}}
{{القيامة}}
{{القيامة}}
١١٬٧٣٢

تعديل