دابة الأرض
دابة الأرض وهو مخلوق غير معروف يخرج من الأرض، ووظيفته تمييز المؤمن عن الكافر، وهذا الموجود غير المعروف من أحد علامات آخر الزمان أو من علامات يوم القيامة، ويحتمل أنَّ تكون دابة الأرض مما تخرج من أراضي النجف أو المدينة المنورة أو مكة بين الصفا والمروة، وعندما تخرج من الأرض تذهب الدابة إلى جهة اليمن والشام وقد أشار القرآن في الآية 82 من سورة النمل بقصة دابة الأرض.
وقد طبّق بعض علماء الشيعة دابة الأرض على الإمام علي أو الإمام المهدي، وربط فريق من العلماء موضوع دابة الأرض بالرجعة. وفي قبال ذكر أهل السنة أنَّ دابة الأرض موجود غير عادي، وكبير جدًّا، وتكون كثيفة الشعر. يرى العلامة الطباطبائي أنَّ دابة الأرض هو كائن من الكائنات الحيَّة، وهو من أسرار القرآن الكريم.
التعريف
دابة الأرض وتعني مخلوق يخرج من الأرض وهو من علامات آخر الزمان أو يوم القيامة،[١] وقد أشار القرآن الكريم لهذه القصة في الآية 82 من سورة النمل[ملاحظة ١]، وبحسب هذه الآية أنَّه عندما يحين وقت يوم القيامة تخرج الدابة من الأرض وتكلِّم الناس،[٢] وقد بيَّن المفسرون من الشيعة والسنة في ذيل هذه الآية المقصود من دابة الأرض،[٣] وبحسب تقرير بعض المفسرين أنَّ دابَّة الأرض عندما تخرج سوف يكون عندها عصا نبي الله موسى (ع)، وخاتم نبي الله سليمان (ع)،[٤] وسوف تميّز بين الكافر والمؤمن، وسوف تعتبر من علامات الكفر والإيمان.[٥]
بعض المفسّرين يرى أنَّ دابَّة الأرض سوف تخرج في الرَّجعَة.[٦] وبعضهم تلقَّى هذه القصة بالقبول وسميت بقصة الجسَّاسة، وهي منقولة عن تميم الداري، وهو من الأشخاص الذين أدخلوا الإسرائيليات إلى التراث الإسلامي.[٧][ملاحظة ٢]
من هي دابة الأرض؟
بحسب عقيدة بعض علماء الشيعة، وبالنظر للروايات يرون أنَّ دابة الأرض هي نفسها الإمام علي، أو الإمام المهدي[٨]، لكن هناك من العلماء مثل الشيخ الطوسي، والشيخ الطبرسي ومثل العلامة الطباطبائي سكتوا عن هذه الروايات ولم يعتمدوا عليها.[٩] ويذكر العلامة الطباطبائي أنَّ دابة الأرض من الممكن أن تكون إنساناً ومن الممكن ألا تكون إنسانًا، وعلى فرض كونها حيوان، فإنَّ كلامها مع النَّاس لن يكون أمرًا عاديًّا،[١٠] ويرى العلامة الطباطبائي أنَّ موضوع دابَّة الأرض من الأسرار القرآنيَّة، والله (عزّ وجل) تعمّد أن يبقي المسأل في القرآن مبهمة.[١١]
وبحسب عقيدة أهل السنة فإنَّ دابة الأرض موجود غير عاديٍّ، كبير جدًّا، مملوء بالشَّعر ولديه أربعة أرجلٍ،[١٢] نعم يذهب الآلوسي وسيد قطب (من علماء أهل السنة) إلى عدم قبول كون دابة الأرض موجود كبير وغير عاديٍّ، وخالفوا أيضًا بشكل شديد تطبيق الروايات على الإمام علي (ع).[١٣]
مكان ووقت خروجها
يعتقد الطبري في تفسيره أنَّ دابَّة الأرض تخرج من أرض مكة عندما يترك الناس فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، [١٤] ومحل خروجها أيضًا قد يكون من اليمن أو الحجاز أو النجف أو المدينة أو المسجد الحرام بين الصفا والمروة أو أجياد وتهامة.[١٥]
وبحسب قول بعض المفسِّرين أنَّ دابة الأرض سوف تخرج ثلاث مرات في أزمنة وأمكنة مختلفة، وعندما تخرج لن يكون هناك فرصة أخرى للتوبة،[١٦] وعندما يخرج سوف يصيح صيحةً يسمعها أهل الأرض من المشرق إلى المغرب، وبعد ذلك سوف تتحرَّك باتجاه الشام واليمن.[١٧]
وأشار بعض الباحثين إلى أنَّ زمان خروج دابة الأرض سوف يكون إما قبل أن تطلع الشمس من المغرب، أو بعد طلوعها من جهة المغرب أو في الليل أو عند الظهر.[١٨]
الهوامش
- ↑ الشيخ الصدوق، کمالالدین و تمام النعمة، ج2، ص527؛ الحسيني الطهراني، معرفة المعاد، ج4، ص63؛ أبو معاش، المهدي(ع) في القرآن والسنة، ج2، ص134.
- ↑ سورة النمل: الآية 82.
- ↑ العلامة الطباطبائي، المیزان في تفسير القرآن، ج15، ص396؛ الثعلبي، الکشف والبیان، ج7، ص224؛ الطبري، تفسیر الطبري، ج20، ص10.
- ↑ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج15، ص75؛ اللاهيجي، تفسیر اللاهيجي، ج3، ص442؛ العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج39، ص345.
- ↑ العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج6، ص300.
- ↑ تفسير الأمثل، ج15، ص554.
- ↑ أحمدي ميانجي، مکاتیب الرسول، ج1، ص659؛ العاملي، الصحیح من سیرة النبي الأعظم، ج1، ص124؛ ر. ك. الحر العاملي، وسائل الشیعة، المقدمة، ص27.
- ↑ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج15، ص75؛ اللاهيجي، تفسير اللاهيجي، ج3، ص442.
- ↑ الشيخ الطوسي، التبیان، ج8، ص120؛ الشيخ الطبرسي، مجمع البیان، ج5، ص365؛ العلامة الطباطبائي، المیزان في تفسير القرآن، ج15، ص396.
- ↑ العلامة الطباطبائي، المیزان في تفسير القرآن، ج15، ص390.
- ↑ العلامة الطباطبائي، المیزان في تفسير القرآن، ج15، ص396.
- ↑ السيوطي، الدر المنثور، ج5، ص116؛ الثعلبي، الکشف والبیان، ج8، ص224؛ الذهبي، میزان الاعتدال، ج5، ص106.
- ↑ الآلوسي، روح البیان، ج2، ص21؛ سید قطب، في ظلال القرآن، ج5، ص267.
- ↑ الطبري، تفسير الطبري، ج20، ص10.
- ↑ الشيخ الطبرسي، مجمع البیان، ج5، ص365: طیب، أطیب البیان، ج19، ص189؛ الهیارینژاد، «بررسی و نقد روایات اهل سنت درباره دابةالارض»، ص70-77.
- ↑ الشيخ الطبرسي، مجمع البیان، ج5، ص365؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج15، ص547.
- ↑ ابن أبي حاتم، تفسیر القرآن العظیم، ج9، ص25-29.
- ↑ الهیارینژاد، «بررسی و نقد روایات اهل سنت درباره دابةالارض»، ص78-80.
الملاحظات
- ↑ وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَیهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُکَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ کانُوا بِآیاتِنا لا یوقِنُونَ
- ↑ بعض أهل السنة والجماعة يرون عدم واقعية القصة، وهي بشكل إجمالي تعرف بقصّة الجسَّاسة، فأحد أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) وهو تميم الدَّاري ركب في سفينةٍ بحريَّة مع مجموعةٍ من الرجال، وفي الطريق واجهوا صعوبة الأمواج في البحر، حتى وصلوا عند جزيرةٍ، فدخلوا الجزيرة، فالتقوا بكائنٍ حيٍّ، فسألوه، فعرَّف عن نفسه وأنّ اسمه الجسَّاسَة، وبعد ذلك أرادت الجسَّاسة أن يذهب هؤلاء الرجال إلى مكانٍ بالجزيرة، وفي هذا المكان سوف يلتقون بالدجَّال، وهو مشتاق لأن يسمع الأخبار منهم، وبعد أن التقوا بالدجال سألهم بعض الأسئلة، وفي آخر الأسئلة ذكر لهم أنّ موعد خروجه قد اقترب، وعندما يخرج سوف يسيطر على كلِّ مكانٍ عدا مكَّةَ والمدينة المنورة، فهما محرّمة عليه أن يدخلهما. مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، ج8، ص203-205؛ العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج51، ص98؛ الهیارینژاد، «بررسی و نقد روایات اهل سنت درباره دابةالارض»، ص94.
المصادر والمراجع
- الآلوسي، شهاب الدین السيد محمود، روح المعاني في تفسیر القرآن، بیروت، دار إحياء التراث العربي، 1415ق.
- أبو الفتوح الرازي، حسین بن علي، روض الجنان و روح الجنان، مشهد، آستان قدس رضوی، الطبعة الأولى، 1408ق.
- أبو معاش، سعید، المهدي في القرآن والسنة. د. م، د. م.
- ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمد، تفسیر القرآن العظیم، السعودية، نزار مصطفی الباز، 1419ق.
- الهیارینژاد، مریم، زاهدیفر، رضایی کنمویی، «بررسی و نقد روایات اهل سنت درباره دابةالارض»، في مجلة مشرق موعود، قم، موسسه آینده روشن، ربيع 1394ش.
- الثعلبي، أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم، بیروت، دار إحياء التراث العربي، 1422ق.
- الحسيني الطهراني، السيد محمد حسین، معرفة المعاد، بیروت، دارالمحجة البیضاء، 1416ق.
- الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد، میزان الاعتدال في نقد الرجال، بیروت، دار إحياء الكتب العلمية، 1416ق.
- السيد قطب، قطب بن إبراهيم، في ظلال القرآن، القاهرة، دار الشروق، 1412ق.
- السيوطي، جلال الدین، الدر المنثور، قم، مكتبة المرعشي النجفي، 1404.
- الشيخ الصدوق، محمد بن علي، کمال الدین و تمام النعمة، قم، طبعة غفاري، 1363ش.
- الشيخ الطوسي، محمد بن حسن، التبیان في تفسیر القرآن، بیروت، دار إحياء التراث العربي، د. ت.
- العلامة الطباطبائي، السيد محمد حسین، المیزان في تفسير القرآن، لبنان، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الثانية، 1390ش.
- الشيخ الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البیان في تفسیر القرآن، طهران، ناصر خسرو، الطبعة الثالثة، 1372ش.
- الطبري، محمد بن جریر، تفسير الطبري (جامع البیان)، بیروت، دار المعرفة، 1412ق.
- طیب، عبدالحسین، أطیب البیان في تفسیرالقرآن، طهران، اسلام، 1378ش.
- اللاهيجي، قطب الدین، تفسیر شریف لاهيجي، تصحیح: جلال الدین محدث، طهران، نشر داد، 1373ش.
- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، بیروت، التحقیق: سید ابراهیم ميانجي، محمد باقر البهبودي، الطبعة الثالثة، 1403ق.
- العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بیروت، دار إحياء التراث العربي، 1416ق.
- أحمدي ميانجي، علي، مکاتیب الرسول صلی الله علیه و آله و سلم، قم، دار الحدیث، 1419ق.
- الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، تصحیح: مؤسسة آل البیت علیهم السلام، قم، مؤسسة آل البیت علیهم السلام، 1409ق.
- العاملي، السيد جعفر مرتضی، الصحیح من سیرة النبي الأعظم، قم، دار الحديث، 1426ق.
- مسلم بن الحجاج، صحیح مسلم، طبعة محمد فؤاد عبد الباقي، بیروت.