الدولة الصليحية

الدولة الصليحية

التأسيس
أسماء أخرى	بنو صليح
مؤسس الدولة	علي بن محمد الصليحي
سنة التأسيس	439هـ
الامتداد الجغرافي	اليمن وقسم من جزيرة العرب
الإنهيار	532هـ
الشخصيات
أشهر الحكام	الملكة أروى
جغرافيا
العاصمة	صنعاء
عواصم أخرى	ذي جبلة
الدين والمذهب
الإسماعيلية
معلومات أخرى
تبعيتهم للدولة الفاطمية في مصر - اتخاذ سياسة التسامح الديني

الدولة الصُلَيْحية (439-532هـ)، هي أوّل حكومة إسماعيلية في اليمن، تأسّست سنة 439هـ على يد علي بن محمد الصُلَيْحي، واستمرّت قرابة قرن من الزمن، وتُعَدُّ من أكثر الحكومات تأثيراً في تاريخ اليمن، وبسبب اهتمام حكّامها بالعمران والنهضة، وُصِفت بأنّها حقبة زاهرة في تاريخ البلاد، وكان إيجاد أجواء من التسامح المذهبي من أبرز سماتها.

حكم الصُلَيْحيون اليمن بوصفهم ممثّلين للفاطميين في مصر، وحملوا ألقاباً مثل الداعي والحجة (وهي من المناصب المهمّة في المذهب الإسماعيلي). وكانوا مكلّفين بنشر التشيّع الإسماعيلي في شبه الجزيرة العربية وشبه القارة الهندية، وكانوا بحاجة إلى تأييد الفاطميين للحفاظ على سلطتهم.

تعدّ الملكة أَرْوَى، الملقّبة بالسيدة الحُرّة وبلقيس الثانية، أوّل حاكمة شيعية، حكمت اليمن أكثر من أربعين سنة. ومع وفاتها -التي تُعَدّ النهاية الفعلية للدولة الصُلَيْحية- وقعت اليمن تحت سلطة السلالات المحلّية، ثم سقطت جميعها سنة 569هـ بيد الأيوبيين الذين حكموا مصر والشام واليمن. وظلّ بعض أمراء الدولة الصليحية يسيطرون على بعض الحصون في اليمن حتى أواخر القرن السادس.

التعريف والمكانة

الصُلَيْحيون (439–532هـ) هم أوّل حكومة إسماعيلية ومن السلالات المهمّة في اليمن. وقد حكموا اليمن بوصفهم مناصرين للفاطميين طوال قرن كامل تقريباً، وتولّوا رئاسة الدعوة (الهيئة والمنصب المسؤول عن نشر وتعميق العقيدة الإسماعيلية) في اليمن من قِبل الفاطميين.

ويُقال إنّ الصُلَيْحيين كانوا من أكثر الحكومات الإسلامية تأثيراً في اليمن، وأنّ عهدهم كان من أزهى الفترات في تاريخه. وكان لهم اهتمام بالغ بتحسين الأوضاع الاقتصادية والثقافية في اليمن، وانتهجوا سياسة التسامح الديني، وتعاملوا مع الناس بالحسنى، وأجازوا لأهل السنة إظهار مذهبهم. وكان التواصل مع مختلف طبقات المجتمع والأعمال الخيرية من أبرز سمات هذه الدولة. وازدهرت العلوم الإسلامية في عهدهم، وكان أغلب الملوك والأمراء الصُلَيْحيين من الشعراء والأدباء.

وكان للصُلَيْحيين الحظ الوافر في إعمار اليمن، وكان حكّامهم من أوائل من أسّس المدارس للعلوم الدينية. ومن أهم إنجازات أمراء الدعوة الصُلَيْحيين بناء أماكن العبادة والمساجد الجميلة أو ترميم وإصلاح المساجد القديمة، وكانت هذه المشاريع على رأس برامجهم الإصلاحية والدعوية؛ ولهذا تميّز هذا العصر بكثرة المساجد والأبنية الدينية الجميلة والآثار المعمارية الكبيرة، وما نُسب إلى العمارة الصُلَيْحية يتمثّل أساساً في عمارة المساجد في اليمن.

مؤسّس الدولة

المقالة الرئيسة: علي بن محمد الصليحي

أسّس الدولة الصُلَيْحية علي بن محمد الصُلَيْحي، وكان قد اعتنق المذهب الإسماعيلي على يد سليمان بن عبد الله الزواحي، الداعي الفاطمي في اليمن، وأصبح لاحقاً معاونَه ومساعدَه. وكان والده، القاضي محمد، من أتباع المذهب الشافعي من مذاهب أهل السنة.

من التأسيس إلى الانهيار

أسّس علي بن محمد الصُلَيْحي سنة 439هـ دولة الصُلَيْحية الإسماعيلية في اليمن. بدأ أوّل الأمر بالدعوة السلمية الهادئة، وجمع أعواناً وجنوداً، ثم قرّر القيام بثورة علنية مسلّحة، حيث شيّد الحصون في منطقة حَرَاز، وهي منطقة جبلية في اليمن غرب صنعاء. وكانت هذه بداية تأسيس الدولة الصُلَيْحية التي استمرّت قرابة قرن، حتى سنة 532هـ.

ازدادت مكانة علي بن محمد الصُلَيْحي بعد أن أيّده المستنصر بالله، الخليفة الفاطمي، فواصل فتوحاته حتى أخضع اليمن كلّه سنة 455هـ.

وبصفته داعيَ الدُّعاة في اليمن، أعلن الصُلَيْحي صنعاء عاصمة لدولته. ولم يقتصر اهتمامه على اليمن، بل شمل الحجاز وبيت المقدس، فغزا مكة سنة 454 أو 455هـ وفتحها، غير أنّه قُتل سنة 459هـ أو 473هـ في أثناء رحلة الحج في هجوم مفاجئ.

بعده تولّى ابنه أحمد المُكَرَّم (وفاة: 477هـ) السلطة، ولقّبه الخليفة الفاطمي بأمير الأمراء. وفي عهده بلغت دولة الصُلَيْحيين أوج اتساعها، وصارت دعوة الإسماعيلية تمتد خارج اليمن إلى عمان والبحرين والهند تحت النفوذ الروحي للصُلَيْحيين. وفي أواخر حياته أُصيب أحمد المُكَرَّم بالشلل، ففوّض الأمر إلى زوجته الملكة أروى.

وبعد وفاته سنة 477هـ، تولّت الملكة أروى الحكم، وأوكل إليها المستنصر بالله سنة 481هـ إدارة شؤون الحكم والدعوة في اليمن والهند وعمان. نقلت أروى العاصمة من صنعاء إلى ذي جبلة، وبعد حكم دام 55 عاماً، توفيت، وبدأت الدولة بالانحطاط. ولم تؤخّر فترات الحكم القصيرة لبعض الصُلَيْحيين هذا الانهيار، إذ لم يبق من نفوذهم بعد سنة 560هـ إلا في مناطق محدودة من اليمن.

ومع وفاة الملكة أروى، التي تُعَدّ النهاية الحقيقية للدولة الصُلَيْحية، وقعت اليمن تحت سلطة السلالات المحلية، ثم سقطت جميعها سنة 569هـ بيد الأيوبيين، الذين حكموا مصر والشام واليمن. وبقي بعض أمراء الصُلَيْحيين يسيطرون على حصون في اليمن حتى أواخر القرن السادس.

غلاف كتاب أروي بنت اليمن

الملكة أروى؛ أوّل حاكمة مسلمة شيعية

الملكة أروى من أبرز وأهم حكّام الدولة الصُلَيْحية، ولُقّبت بالسيدة الحُرّة وبلقيس الثانية، وهي أوّل امرأة مسلمة شيعية تتولّى حكم اليمن أكثر من أربعين عاماً. وقد امتدحها المؤرخون في أخلاقها وذكائها وحسن تدبيرها، وعدتّ حاكمة ناجحة في شؤون العمران والسياسة والحكم، وقيل إنّها منحت الناس حرية العقيدة في كل مدن اليمن، وحافظت على المساواة بينهم جميعاً، حتى بلغ اليمن في عهدها أوج ازدهاره.

إنّ قدرة أروى وكفاءتها في التدبير جعلت الفاطميين يولّونها منصب داعي الدعاة والحجة في اليمن، فشهد عهدها ذروة العلاقات السياسية والمذهبية بين بلاط الصُلَيْحيين والفاطميين. وتشهد الرسائل المتبادلة بينها وبين الخلفاء الفاطميين على مكانتها الفريدة.

التبعية السياسية والدينية للفاطميين

عدّ الصليحيون أنفسهم منذ البداية تابعين للخلافة الفاطمية واتّبعوا مذهبهم، وقد تولّوا مهمة الدعوة للفاطميين في جزيرة العرب وشبه القارة الهندية، وأرسلوا دعاة لنشر الدعوة في تلك المناطق. تأثرت الحضارة والثقافة في العصر الصليحي بشكل واضح بحضارة وثقافة مصر في العهد الفاطمي. وقام الصليحيون بتأسيس حكمهم على علاقات ودّية ووثيقة مع الدولة الفاطمية في مصر؛ وتشهد على ذلك الرسائل العديدة المتبادلة بين الصليحيين والفاطميين. ويُعدّ دعم الخلفاء الفاطميين للصليحيين من عوامل نجاحهم.

كان دعاة الصليحيين في اليمن مكلفين من قبل الفاطميين بنشر المذهب الإسماعيلي والدعوة للإمام الفاطمي في جميع المناطق الخاضعة لنفوذهم، مثل مكة والمدينة وعمان والبحرين والهند، بالإضافة إلى إضعاف قاعدة الخلافة العباسية في بغداد كمنافسين رئيسيين للخلفاء الفاطميين، وإزالة اسم الخليفة العباسي من الخطبة. وفي مقابل أداء هذه المهام المهمة، كان الخلفاء الفاطميون يؤيّدون حكمهم، ويقدّمون لهم الدعم المعنوي، ويضفون الشرعية الدينية والسياسية عليهم. استخدم الصليحيون هذه العلاقة المتبادلة لتعزيز أركان سلطتهم السياسية بالاعتماد على الفاطميين.

نشر المذهب الإسماعيلي

غلاف كتاب الصليحيون والحركة الفاطمية

كان انتشار المذهب الإسماعيلي وإيجاد قواعد للدعوة في اليمن وشبه الجزيرة العربية وغرب شبه القارة الهندية نتيجة لنشاط الحكام الصليحيين طوال قرن. فبفضل جهود الصليحيين، انتشر المذهب الإسماعيلي على نطاق واسع في اليمن والمناطق المحيطة بها، وأصبح اليمن أحد أهم مراكز الدعوة الإسماعيلية.

لعب السلاطين الصليحيين كدعاة بارزين للفاطميين دورًا مهمًا في نشر المذهب الإسماعيلي في جنوب شبه الجزيرة العربية. وكانت أهمّ مهمّة لأمير الدعاة الصليحيين، بالإضافة إلى الدعوة للإمام الفاطمي، هي الحفاظ على القواعد السياسية للفاطميين في اليمن ومكة والمدينة، وكان الدعاة الحاكمون يسعون دائمًا إلى تحقيق الأهداف العليا للحركة الإسماعيلية في اليمن بوصفهم داعي الدعاة أو الحجة.

الدعوة في شبه القارة الهندية

كان للدعاة الصليحيين باعتبارهم حجة في اليمن دور فعال أيضًا في نشر الدعوة الإسماعيلية في شبه القارة الهندية. ونتيجة لنشاط الدعاة الذين كانوا ينتقلون باستمرار من اليمن إلى الهند، ظهرت جماعة إسماعيلية جديدة في غوجارات (كجرات) الهند ومناطق جنوب وجنوب غرب الهند. حافظ الدعاة الهنود على اتصال مستمر مع داعي الدعاة في اليمن، وكانوا يتأثرون بمواقف الدعاة اليمنيين في توجهاتهم المذهبية.

دراسات مستقلة

هناك كتب ألفت هذه الدولة وحكامها وهي دراسات في هذه الخصوص، فهي على ما يلي:

• كتاب «الصليحيون والحركة الفاطمية في اليمن»، من تأليف حسين بن فيض الله الهمداني، يتناول تاريخ الصليحيين في اليمن.

• كتاب «أروى بنت اليمن»، من تأليف عارف تامر، صدر عام 1970 عن دار المعارف بمصر، ويتناول تاريخ حكم الصليحيين.