ابن ثوابة
ابن ثوابة عنوان يطلق على عدد من أبناء ثوابة بن يونس، وقد كانوا شيعة ومن أهل العلم والأدب. ومن كتّاب الخلافة العباسية في القرنين 3و4 هـ بالعراق.
الأصل والمذهب
جدّهم الأول هو يونس كان حجّاما نصرانيا ويلقب بلبابة[١] سائر أعضاء هذه الأسرة من الشيعة استنادا إلى تشيع محمد بن أحم ابن ثوابة. و أوردوا ترجمة حياتهم في كتب تراجم الشيعة وربما كانت معاملة أبي الصقر الوزير الحسنة لأبي العباس دليلا آخر على تشيعه وتشيّع أسرته.
أعلام هذه الأسرة
وقد اشتهر بعض الشخصيات من هذه الأسرة، منهم:
أبو العباس أحمد بن محمد
ولد سنة 277هـ، أديب وشاعر ومن كبار كتّاب العباسيين، وكان من زملاء وزير المتهدي (خلافته 255ـ256هـ) سليمان بن وهب (تـ 272هـ) المقرّبين.
المكانة عند الخليفة
وقد حضر في هذه الفترة مرة بين يدي الخليفة مع سليمان وعدد آخر من الكتّاب، وقد أمر الخليفة الوزير أن يكتب له عشر رسائل إلى العمال في الولايات، فكتب سليمان خمسا منها وأسند كتابة الخمس الأخرى إلى ابن ثوابة. وقد أثارت مهارته في هذا العمل استحسان الوزير، كما أن أبا العباس أقنع الخليفة في لقاء آخر معه وهو يناقشه حول مصادرة بعض الأموال بحيث أن سليمان أبدى تعجّبه بقبول الخليفة رأيه،[٢]
المناصب
كان يحضر مجلس صاعد بن مخلد (تـ 276هـ) وكان يحضر هذا المجلس أيضا أبو الصقر إسماعيل بن بلبل (تـ 278هـ) قبل أن يصل إلى الوزارة. وقلّده أبو الصقر طساسيج مناطق بابل وسورا وبربسما (غرب بغداد).[٣] وفي 277 هـ وهي السنة التي توفّي فيها ابن ثوابة، أصبح عبيد الله بن سليمان بن وهب وزيرا للمعتمد فبادر إلى نزع الطساسيج منه وأودعها غيره. ولم تجد الرسالة التي بعث بها ابن ثوابة إلى عبيد الله نفعا.[٤]
علاقته بالأدباء
وندرك من الإشارات التي أوردها ياقوت[٥] أنه كان يعقد مجلسا في أيام معينة، يحضره الأدباء ومنهم المبرّد (تـ 286هـ)، وفي أحد هذه المجالس قدم له أحد الغلمان مقطوعة مدح من البحتري تتضمن بعض مطالب الشاعر، وقد سُرّ ابن ثوابة إلى حد أنه لبّي له طلبه على الفور.[٦] وكانت علاقته بالبحتري قد بدأت قبل ذلك. ولكن لا ندري لماذا هجا البحتري ابن ثوابة في إحدي قصائده،[٧] مع ذلك فقد بعث ابن ثوابة للبحتري ألف درهم وثيابا ودابّة بسرجها ولجامها ليرضيه، ثم لم يزل يصله بالأموال.[٨] وكانت نتيجة هذه الصلات ثلاث مدائح وردت في ديوان البحتري.[٩] كان ابن ثوابة يسعى لعقد صداقة مع ابن الرومي، ولذلك دعاه مرة للتجول معه على دجلة[١٠] يبدو أن ابن الرومي مدحه أيضا.[١١] ولكن ما ورد في ديوانه[١٢] قصيدة في عتاب ابن ثوابة.
آثاره
لا يتوفّر من آثار ابن ثوابة شيء مهم. وكل ما عثر عليه هو:
الرسائل
رسالة لأبي الصقر، ورسالتان لعبيد الله بن سليمان، ورسالتان أخريان في عزاء الأصدقاء وجواب الرسالة، ورسالة مفصلة من الموفق إلى أحد الولاة يغلب عليها طابع الموعظة،[١٣] والأهم من كل ذلك والأكثر فائدة رسالة من الخليفة إلى أحد الولاة طلب فيها الاهتمام بالمساجين من الرجال والنساء ووضع طعامهم ولباسهم.[١٤]
شعره
لم يصلنا من شعره سوى 7 أبيات: بيتين قرأهما لأبي عبد الله البزوري في السجن كما أسلفنا، و5 أبيات أخرى رواها الصفدي.[١٥] أما الصولي الذي لم يكن ـ فيما يظهرـ يحسن الظن فيه، فقد وصف شعره بالركاكة والخطأ. لا أثر لكتابيه الرسائل المجموعة ورسالة في الخط والكتابة اللذين ذكرهما ابن النديم[١٦] والصفدي.[١٧] لكن ابن النديم[١٨] وأبا الفرج[١٩] قد اطّلعا على كتابيه.
أبو عبدالله محمد
الولادة ونسبه
ولد سنة 279هـ وكان هذا ابناً لأبي العباس أحمد.
في البلاط
نراه لأول مرة في خدمة بايكباك (مقـ 256هـ) أحد القادة الأتراك في دار الخلافة[٢٠] وكان لبايكباك قائد الجيش يد في إثارة فتنة مقتل المعتز ولم يكن موضع اطمئنان، ومع ذلك فقد كان الخليفة مضطرا لقبول العمال الذين كانوا يفرضون عليه.
اتهامه بأنه رافضي
دخل ابن ثوابة بلاط الخليفة بمعية بايكباك. ويبدو أن الخليفة اتهمه بعد أشهر من دخوله إلى البلاط بانه رافضي، وامر بالقبض عليه، فتوارى ابن ثوابة،[٢١] غير أن بايكباك لم يتخل عن كاتبه وطلب من الخليفة الصفح عنه بمختلف الوسائل، حتى عفا عنه وخلع عليه. ولا تتوفّر بعد ذلك أية معلومات عنه، غير أن البغدادي[٢٢] ذكر أنه كان كاتب المعتضد ونسب إليه بعض الرسائل أيضا.
أبو الحسين جعفر بن محمد
ولد سنة 284هـ، كان شقيق أبي العباس. كتب جعفر رسالة مفصلة إلى عبيدالله بن سليمان بعد أن خلع أبا جعفر في أواخر حياته من ولاية الطساسيج ببغداد. وطلب منه أن يستخدمه،[٢٣] فأمر عبيدالله ابنه الحسن أن يستخلفه على ديوان الرسائل والمعاون، ولما توفي الحسن ترأس جعفر ديوان الرسائل، وظل هذا العمل في يد جيلين من أبناء هذه الأسرة.[٢٤]
مكانته لدى الأعيان
ويبدو أن جعفرا كان موضع احترام كبير لدى الأعيان، وتدل الأبيات الرائعة التي نظمها ابن المعتز (تـ 296هـ/ 909م) في رثائه[٢٥] على حزن الشاعر العميق لوفاة صديق عزيز.
قول الشعر
وكان جعفر يقرض الشعر أيضا، بحيث كان يريد مماثلة ابن الرومي في أشعاره التي كان يمدح بها أخاه أبا العباس ابن ثوابة،[٢٦] ولكن لم يبق من آثاره سوى عدد من الأبيات أوردها الصفدي.[٢٧]
الوفاة
توفّي في الري ودفن فيها.[٢٨]
أبو الحسن محمد بن جعفر
الولادة
ولد في سنة 312هـ
المناصب
ولي كأبيه جعفر ديوان الرسائل وديوان المعاون في عهد المقتدر (تـ 320هـ/ 932م) ووزارة على بن عيسى بن الجراح (تـ 334هـ/ 945م). وحينما استلم ابن الفرات الوزارة في 304هـ / 916م أقرّه في منصبه، وربما كان هذا سبب كتابته رسالتة بديعة عن المقتدر إلى البلدان، طافحة بالثناء عليه حينما استلم ابن الفرات الوزارة للمرة الثانية.[٢٩]
آثاره
هناك أجزاء من بعض رسائله، منها إعلان وزارة حامد بن العباس من قبل المقتدر[٣٠] ورسالة في رفع المواريث في 311هـ من قبل ابن الفرات.[٣١] كذلك عدد من الأبيات التي رواها الصفدي[٣٢] وذكر في نفس الموضع تاريخ وفاته سنة 316هـ، ولكنه أصلح كلامه في موضع آخر.[٣٣]
أبو عبدالله أحمد
الولادة
ولد سنة 349هـ/ 960م
المناصب
ولي ديوان الرسائل بعد وفاة والده في 312هـ/ 924م[٣٤] ولم يزل عليه إلى آخر حياته.
آثاره
و لم يبق من آثاره شيء، ولكن أشار بعض الكتّاب من خلال الثناء عليه إلى عدد من رسائله المعروفة: رسالة في خلع القاهر (321هـ) مع رسالة من الراضي (337هـ) إلى ملك الروم، رسالة من المتقي في تلقيب علي بن حمدون بن سيف الدولة عام 330هـ، رسالة من المطيع إلى عماد الدولة الديلمي في 335هـ.[٣٥]
الهوامش
- ↑ و ربّما اسم جدّتهم لبابة: ابن النديم، ص 143؛ وأيضا قا: الأبيات التي نظمها المادارئي في هجاء أبي العباس ابن ثوابة والتعريض بلبابة : ياقوت، ج4، ص 448
- ↑ أبو الفرج، ج20، ص 69
- ↑ ياقوت، ج4، ص 448؛ ابن الأبّرا، ص 167؛ الحصري، ص 808
- ↑ ياقوت، ج4، ص 147
- ↑ ج4، ص 152
- ↑ الصولي، ص 168
- ↑ ياقوت، ج4، ص 156، البحتري، ج1، ص 143/ ج2، ص 1191
- ↑ ياقوت، ج4، ص 157، نقلا عن أبي الفرج الأصفهاني
- ↑ ج2، ص 746، ج4، ص 2062، 2422
- ↑ الحصري، ص 500
- ↑ الحصري، ص 398؛ قا: ابن الرومي، ص 576
- ↑ ص 564
- ↑ صفوت، ص 281، 288ـ292
- ↑ الثعالبي، ص 151
- ↑ الوافي، ج7، ص 370
- ↑ ص144
- ↑ الوافي، ج7، ص 369
- ↑ ص10
- ↑ ج19، ص 252
- ↑ ياقوت، ج4، ص 147
- ↑ ياقوت، ج4، ص 148
- ↑ ج1، ص22
- ↑ ياقوت، ج7، ص 188ـ190
- ↑ ياقوت، ج8، ص 188
- ↑ 9 أبيات: الحصري، ج3، ص 687ـ688
- ↑ ابن الرومي، ص 576
- ↑ الواقي، ج11، ص 137
- ↑ الواقي، ج11، ص 137
- ↑ ياقوت، ج18، ص 97؛ وأيضا قا: دهستاني، ج12، ص 327، متن الترجمة الفارسية لقسم من تلك الرسالة
- ↑ الهمداني، ج1، ص 20
- ↑ الصابي، ص 268
- ↑ الوافي، ج2، ص 300
- ↑ الوافي، ج7، ص 370
- ↑ ياقوت، ج4، ص 243؛ الصفدي، الوافي، ج7، ص 369
- ↑ الهمداني، ج1، ص 83، 111، 129، 158
المصادر
- ابن الأبّار، محمد، إعتاب الكتاب، تقـ: صالح الأشتر، دمشق، 1380هـ
- ابن الأثير، الكامل
- ابن خلّكان، وفيات
- ابن رومي، علي، ديوان، تقـ: حسين نصار، القاهرة، 1393هـ
- ابن عبد ربه، أحمد، العقد الفريد، تقـ: أحمد أمين وغيره، القاهرة، 1962م
- ابن النديم، الفهرست،
- ابو حيان التوحيدي، علي، مثالب الوزيرين، تقـ: محمد بن تاريت، الرباط، 1965م
- أبو الفرج أصفهاني، علي، الأغاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي
- الأمين، محسن، أعيان الشعية، بيروت، 1403هـ
- البحتري، الوليد، الديوان، تقـ: حسن كامل الصيرفي، القاهرة، 1963م
- البغدادي، هدية
- الثعالبي، عبد الملك، تحفة الوزراء، تقـ: حبيب علي الراوي وابتسام مرهون الصفار، بغداد، دار إحياء التراث الإسلامي
- الحصري، إبراهيم، زهر الآداب، تقـ: محمد محيي الدين عبدالحميد، القاهرة، 1373هـ
- دهستاني، حسين، فرج بعد از شدت، تقـ: إسماعيل حاكمي، طهران، 1363ش
- الشابشتي، علي، الدربارات، تقـ: كوركيس عواد، بغداد، 1386هـ
- الصابي، هلال، الوزراء، تقـ: عبد الستار أحمد فراج، القاهرة، 1958م
- الصفدي، خليل، الوافي بالوفيات، ثيسبادن، 1389هـ/1969م
- الصفدي، خليل، نكت الهيمان، تقـ: أحمد زكي بك، القاهرة، 1329هـ/ 1911م
- صفوت، زكي أحمد، جمهرة رسائل العرب، القاهرة، 1391هـ
- الصولي، محمد، أخبار البحتري، تقـ: صالح الأشتر، دمشق، 1378هـ/ 1958م
- الطبري، تاريخ
- مدرس، محمد علي، ريحانة الأدب، تبريز، 1346ش
- المرزباني، محمد، الموشحن تقـ: محب الدين الخطيب، القاهرة، 1385هـ
- الهمداني، محمد، تكملة تاريخ الطبري، تقـ: آلبرت يوسف كنعان، بيروت، 1961
- ياقوت، الأدباء
الوصلات الخارجية
- مصدر المقال: دائرة المعارف الإسلامية الكبرى