ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن

من ويكي شيعة
ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن
التاريخ سنة 145 للهجرة
الموقع
النتيجة هزيمة الثورة على يد العباسيين
سبب المعركة نكث العهد من قبل بني العباس في تسليم الخلافة إلى محمد بن عبد الله بن الحسن
التغيرات الإقليمية المدينة المنورة
المتحاربون
المنصور العباسي محمد بن عبد الله بن الحسن
القادة
عيسى بن موسى (قائد الجيش العباسي)


ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن (الشهیر بـالنفس الزكية) أول ثورة للعلويين ضد الدولة العباسية. وخرج النفس الزكية (وهو من أحفاد الإمام الحسن المجتبى(ع) وبايعه الناس كالمهدي الموعود) على المنصور العباسي في سنة 145هـ في المدينة عندما نكث العباسيون العهود، حيث رفضوا تسليم الحكومة إلى النفس الزكية، فقتلوه مع العديد من أنصاره. وكان الإمام الصادق(ع) مخالفاً أن يبابع المسلمون النفس الزكية كالمهدي الموعود.

أجواء المجتمع

قد عاش محمد بن عبد الله بن الحسن في فترة شاعت فيها بين العلويين فكرة الزيدية ورؤية خروج الإمام بالسيف. وتكونت الفكرة الزيدية في تلك الفترة من ثلاثة أمور: الخروج على الظالم تحت أي ظروف، ونفي العصمة وعلم الغيب عن الإمام، واتخاذ موقف إيجابي تجاه الشيخين. وشكّلت كل منها جزءاً من فكرة زيد بن علي، حيث أدت كل واحدة منها إلى انضمام أنصار له مهدت الأرضية لقيام العلويين والزيديين ضد الحكم آنذاك.[بحاجة لمصدر]

مبايعة محمد بن عبد الله

أقبل العلويون وغيرهم -ممن لهم فكرة الخروج بالسيف بعد استشهاد يحيى بن زيد إثر خروجه على الدولة العباسية- علی محمد بن عبد الله (النفس الزكية) لنصرته ومبايعته كالمهدي المنتظر، وساهم والده عبد الله بن الحسن -المعروف بعبد الله المحض- في ذلك خلال دعوة أقربائه وأتباعه حوالي عام 126هـ في منطقة الأبواء القريبة من المدينة.[١]

ووفقاً لبعض المصادر بايعه الإخوة الثلاث من بني العباس إبراهيم والسفاح والمنصور،[٢] ولكن هناك أخبار أخرى تحكي أن الذي بايعه بين هؤلاء الثلاث هو المنصور العباسي فقط.[٣]

موقف الإمام الصادق(ع)

بحسب ما ورد في بعض المصادر التاريخية فقد أصبح الإمام الصادق(ع) ممن ينفرد بالمعارضة لمبايعة المسلمين مع النفس الزكية في قضية بيعة الأبواء؛ حيث كانت ردة فعل الإمام (ع) عندما أطلقوا لقب المهدي الموعود على النفس الزكية أنّه قال: الذي بشّر النبي(ص) بظهوره ليس هو هذا الشخص؛ إذ أنه لم يحن موعد ظهور المهدي بعد.[٤]

وقد تطرق بعض الباحثين إلى سبب آخر لاتخاذ هذا الموقف من الإمام (ع) وهو علمه بما في العباسيين من نكث العهود والتخلف عنها؛ حيث إنهم كانوا مترصدين الاستيلاء على السلطة خلال استغلالهم هذه الفرصة.[٥]

كما يرى بعض الباحثين أنه كان منهج الإمام الصادق (ع) مثل أبيه الإمام محمد الباقر (ع) في رفض أي نوع من الانتفاضة، وهذا ما يُعبّر عنه بمنهج التشيع الثقافي،[٦] خلافاً للزيديين وغيرهم من العلويين الذين تصرفوا وفق نظرة التشيع السياسي.[بحاجة لمصدر]

ووفقاً لبعض الأحاديث الواردة إنّ السبب الوحيد لمعارضة الإمام(ع) ما فعل أنصاره ومؤيدوه من اطلاق لقب المهدي الموعود عليه، إذن لم يكن الإمام من معارضي ثورة النفس الزكية كحركة ضد الظلم وعلى سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.[٧]

الخروج على المنصور العباسي

بالرغم من أنّ العباسيين بايعوا النفس الزكية في بداية الأمر بحيث التزموا بالاعتراف بحكومة بني هاشم عقب سقوط الدولة الأموية، ولكن عندما غلبوا على الأمويين رفضوا إمامة النفس الزكية فاستولوا على الحكم لأنفسهم.[٨] ولزم العلويون أثناء حكومة السفاح الصمت حتى توفرت لهم فرصة الخروج على العباسيين إثر انتقال الحكومة إلى المنصور العباسي في عام 136هـ وامتناعهم عن المبايعة مع العلويين.[٩]

فلمّا واجه المنصور العباسي ادعاء محمد بن عبد الله (النفس الزكية) بالمهدوية والإمامة، وإعلان ذلك فی مختلف البلدان، فضاق الخناق عليه وقام في الخطوة الأولى باعتقال عبد الله المحض (والد النفس الزكية) وثلاثة عشر من أنصاره من كبار العلويين، وحاول من خلال ذلك أن يعثر على مكان اختباء النفس الزكية لكن من دون جدوى.[١٠] حتى صار الأمر إلى وقوع ثورة النفس الزكية في سنة 145 للهجرة في المدينة.[١١] ورغم أنّ بعض الفقهاء والمحدثين في المدينة هم غير الشيعة إلا أنهم لم يجيزوا نكث المبايعة مع النفس الزكية وحكموا ببطلان أخذ بيعة المنصور لنفسه بالإكراه؛ إذ كانوا يرون النفس الزكية أفضل منه.[١٢]

وتشير بعض المصادر التاريخية إلى فتوى مالك بن أنس صاحب المذهب المالكي، وأبو حنيفة صاحب المذهب الحنفية، تأييداً لثورة محمد بن عبد الله (النفس الزكية).[١٣] وظلّت المدينة المنورة عبر هذه الثورة تحت سيطرة العلويين من دون إراقة الدماء، فتمكّن محمد بن عبد الله من الحكم فيها. وبايعه الكثير من الناس خلال هذا الوقت في مكة والبصرة والكوفة واليمن.[١٤]

مقتل محمد بن عبد الله

لم تستمر حكومة محمد بن عبد الله (النفس الزكية) أكثر من شهرين؛[١٥] حيث إنه مع هجوم الدولة العباسية على المدينة المنورة والتي أدت إلى حصارها، تفرق الناس عنه بسبب الخوف من استمرار الحصار والمجاعة.[١٦]

کما أنّ لتهديدات وإغراءات عيسى بن موسى وهو قائد الجيش العباسي، دوراً مهماً في انفصال أهل المدينة عن جيش محمد بن عبد الله؛[١٧] ولذلك لم يصمد أمام العباسيين سوى 316 شخصًا.[١٨]

وأخیراً عندما دخل العباسيون المدينة، اندلع القتال بالأيدي وقُتل محمد بن عبد الله (النفس الزكية) على يد حامد بن قحطبة في منطقة "أحجار الزيت" بالمدينة المنورة.[١٩] فقُطع رأسه عن جسده، وطافوا برأسه في مدن مختلفة، ودفن جثمانه في البقيع.[٢٠]

نشوء الفرقة المحمدية

أورد بعض مؤلفي الملل والنحل إنه زعم المغيرة بن سعيد العجلي (مؤسس المذهب المغيرية) وأتباعه أن النفس الزكية لم يمت، بل هو تغيّب في جبل حاجر بمنطقة نجد وسوف يظهر. وكانت هذه الجماعة تعرف بالمحمدية، وكانوا يعتقدون أن النفس الزكية هو المهدي الموعود.[٢١]

وجهة نظر علماء الشيعة عن هذه الثورة

تطرق السيد بن طاووس -والذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن(ع) من جهة الأمّ- إلى الدفاع عن عبد الله المحض وثورة ولده؛ حيث ذهب إلى أنّ بني الحسن (ع) لم يعتقدوا فيمن خرج منهم أنه المهدي الموعود(ع)، ولمّا كانت طريقتهم في مواجهة من قام بالخروج أولاً، أن يطلقوا لقب المهدي الموعود عليه فقاموا بتسمية النفس الزكية بذلك.[٢٢]

وقد عدّ السيد بن طاووس الأحاديث التي ترفض ثورة محمد بن عبد الله، أنها صدرت من باب التقية، ولم يكن أنصاره من معارضي الإمام الصادق(ع)، بل كانوا يعرفون بالحق، كما يستفاد من بعض الأحاديث ما صدر عن الإمام في الثناء عليهم.[٢٣]

ولكن اتخذ الشيخ المفيد موقفاً سليباً تجاه عبد الله المحض وولده المعروف بالنفس الزكية.[٢٤] وذكر الكليني أيضا عدة أحاديث في رفض ثورة محمد بن عبد الله.[٢٥] ولم يوثّقه السيد أبو القاسم الخوئي في كتابه الرجالي معجم رجال الحديث.[٢٦] واختلف آراء الفقهاء والمؤرخين والمحدثين حول النفس الزكية فهل هو لقّب نفسه بالمهدي الموعود؟ أو أنه افتراء صدر عن معانديه تشويهاً لشخصية محمد بن عبد الله المحض.[٢٧]

عناوين ذات صلة


الهوامش

  1. فرمانیان، موسوی نژاد، زیدیه؛ تاریخ و عقاید، 1389ش، ص35.
  2. أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين،‌ دار المعرفة، ص256.
  3. ابن طباطبا، الفخری فی الآداب السلطانية، 1418ه‍، ص119؛ جعفری، تشیع در مسیر تاریخ، 1359ش، ص313.
  4. أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين،‌ دار المعرفة، ص233 و 254-257؛ جعفریان، تاریخ تشیع در ایران از آغاز تا قرن هفتم هجری، 1369ش، ص37.
  5. مطهری، سیری در سیره ائمه اطهار، 1391ش، ص131-132.
  6. فرمانیان، موسوی نژاد، زیدیه؛ تاریخ و عقاید، 1389ش، ص36.
  7. المجلسي، بحار الأنوار، 1403هـ، ج47، ص278
  8. فرمانیان، موسوی‌نژاد، زیدیه تاریخ و عقاید، ص37؛ ابراهیم حسن، تاریخ سیاسی اسلام، ترجمه ابوالقاسم پاینده، ص127.
  9. مهدوی عباس آباد، قیام محمد بن عبدالله (نفس زکیه) نخستین قیام علویان علیه عباسیان، نشریه دانشکده علوم اجتماعی و انسانی دانشکده تبریز، ش16، ص134.
  10. ابن قتیبه، المعارف، تحقیق ثروت عکاشه، ص231.
  11. ابن قتيبه، المعارف، ص378.
  12. أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص238، 239 و 251.
  13. جعفریان، تاریخ تشیع در ایران، ص78.
  14. المسعودي، مروج الذهب، المترجم: پاینده، ج3، ص294؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص216.
  15. فرمانیان، موسوی‌نژاد، تاریخ و عقاید زیدیه، ص38.
  16. فرمانیان، موسوی‌نژاد، تاریخ و عقاید زیدیه، ص38.
  17. ابراهیم حسن، تاریخ سیاسی اسلام، ترجمه ابوالقاسم پاینده، ص134.
  18. فرمانیان، موسوی‌نژاد، تاریخ و عقاید زیدیه، ص38.
  19. الطبري، تاريخ الطبري، ج7، ص589 و 590؛ الذهبي، تاريخ الإسلام، ج9، ص28-31؛ المقريزي، إمتاع الأسماع، ج12، ص377.
  20. فرمانیان، موسوی‌نژاد، تاریخ و عقاید زیدیه، 1389ش، ص38.
  21. البغدادي، الفرق بين الفرق، 1977م، ص42.
  22. السيد بن طاووس، إقبال الأعمال، دار الكتب الإسلامية، ج2، ص582، 583.
  23. السيد بن طاووس، إقبال الأعمال، دار الكتب الإسلامية، ج2، ص581.
  24. الشيخ المفيد، الإرشاد، ذیل بحث امام صادق(علیه‌السلام).
  25. الكليني، أصول الكافي، ج1، باب ما يفصل بين دعوی المحق والمبطل، الحديث17، ص358 364.
  26. الخوئي، معجم رجال الحديث، ج10، ص164، الرقم 6794؛ ج16، ص236، الرقم 11083.
  27. رجوع کنید به: کاظمی پوران، قیام‎های شیعه در عصر عباسی، ص101-112.

المصادر والمراجع

  • علي بن موسى،‏ ابن طاووس، إقبال الأعمال، المحقق: محمد الآخوندي، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1367ش‏
  • ابن طباطبا، المعروف بـ"ابن‎طقطقی"، محمد بن علي، الفخری في الآداب السلطانية، بيروت،‌ دار القلم العربي، 1418هـ.
  • أبو الفرج الإصفهاني، علي بن حسين، مقاتل الطالبيين، بيروت،‌ دار المعرفة، د. ت.
  • جعفری، حسین‌محمد، تشیع در مسیر تاریخ، ترجمه سید محمد تقی آیت اللهی (شیرازی)، تهران، دفتر نشر فرهنگ اسلامی، 1359ش.
  • جعفریان، رسول، تاریخ تشیع در ایران از آغاز تا قرن هفتم هجری، تهران، مرکز چاپ و نشر سازمان تبلیغات اسلامی، چاپ دوم 1369ش.
  • مرتضی مطهری، سیری در سیره ائمه اطهار علیهم‌السلام، انتشارات صدرا، 1391ش.
  • فرمانیان، مهدی/موسوی‌نژاد، سید علی، زیدیه؛ تاریخ و عقاید، قم، نشر ادیان، 1389ش.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، المحقق: محمد باقر محمودی، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403هـ.
  • حسن ابراهیم حسن، تاریخ سیاسی اسلام، ترجمه ابوالقاسم پاینده، تهران، سازمان انتشارات جاویدان، چاپ نهم.
  • مهدوی عباس آباد، محمدرضا، قیام محمد بن عبدالله (نفس زکیه) نخستین قیام علویان علیه عباسیان، تبریز، فصلنامه دانشکده علوم اجتماعی و انسانی دانشکده تبریز، ش16، 1383ش.
  • ابن قتيبه، عبدالله بن مسلم، المعارف، المحقق: ثروت عکاشه، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة السادسة، 1992م.
  • المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر، بيروت، دار الأندلس، د. ت.
  • الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، تاريخ الطبري، بيروت، مكتبة الخياط، د. ت.
  • کاظمی پوران، محمد، قیام‎های شیعه در عصر عباسی، تهران، سازمان چاپ و انتشارات وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامی، 1380ش.
  • الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، مؤسسة الخوئي الإسلامية.
  • البغدادي، عبد القاهر بن محمد بن عبد الله، الفرق بين الفرق، بيروت،‌ دار الآفاق الجديدة، 1977م.