شورى الخلافة بعد عمر
أعضاء الشورى بعد عمر | |
لاختيار الخليفة الثالث | |
الإمام علي (ع) |
شورى الخلافة بعد عمر هي تلك الشورى التي تكوّنت من ستة أشخاص، وتمّ تعيينهم من قِبَل عمر بن الخطاب حين كان على فراش الموت سنة (23 هـ /644 م)، ليختاروا من بينهم من يكون خليفة من بعده، كما ألزم عمر القبول بما يتمخض من هذه الشورى وأمر بضرب عنق كل من خالف رأي الأكثرية.
وقد أفضت هذه الشورى إلى اختيار عثمان بن عفان خليفة ثالثاً للمسلمين، كما أدرك علي بن أبي طالب (ع) ميول أعضاء الشورى واتجاهاتهم فتوقع سلفاً اختيار عثمان للخلافة.
بيان ما وقع
بناء على ما نقل، كان هناك شخصٌ يدعى فيروز أو أبو لؤلؤ وهو غلام للمغيرة بن شعبة طعن عمر بن الخطاب بخنجر سنة 23 هـ في شهر ذي الحجة. وقبض بعده إثر جراحه بثلاثة أو أربعة أيام في ظاهر الأمر أي في أواخر شهر ذي الحجة بثلاثة أيام.[١] كان عمر بن الخطاب وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، يفكّر في من يخلف بعده وكان يقول إذا كان معاذ بن جبل أو أبو عبيدة بن الجراح أو سالم مولى حذيفة أحياء لسلّمت الخلافة إليهم.[٢]ولأنّ هؤلاء قد ماتوا من قبل، ابتدع عمر طريقة لتعيين خَلَـف له.
تشكيل الشورى
فَيا للّهِ وَلِلشُّورى! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيبُ فِيَّ مَعَ الاَوَّلِ مِنْهُمْ حَتّى صِرْتُ اُقْرَنُ إلى هذِهِ النَّظائِرِ؟! لكنّي اَسْفَفْتُ اِذْ اَسَفُّوا، وَطِرْتُ اِذْ طارُوا. فَصَغى رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ، وَمالَ الاْخَرُ لِصِهْرِهِ، مَعَ هَن وَهَن.[٣]
بعد رحيل النبي (ص) كان اختيار الخليفة فيما مضى بالطريقة التالية؛ جماعة من الأصحاب اجتمعوا في السقيفة دون أن ياخذوا بنظر الإعتبار ما جرى يوم الغدير فاختاروا ابا بكر خليفة بعد النبي (ص). ثم بأساليب خاصّة، أخذوا البيعة من الناس. استدلّ هؤلاء على أنّ أمر الخلافة هو متروك لعامة الناس وهم من يدلي برأيه لتعيينه؛ لكنّ أبا بكر في أواخر حياته اتخذ إجراءاً مغايراً للطريقة المذكورة، فعيّن عمر بنفسه خلفاً له، دون أن يرجع إلى رأي الناس.
إنّ عمر بن الخطاب تحاشى الطريقتين الماضيتين واتخذ أسلوباً آخراً، وقد اعترف عمر أنّ تعيين أبا بكر كان بعيداً عن رأي عموم المسلمين ومن الآن فصاعداً يجب تعيين الخليفة بحسب رأيهم ومشورتهم،[٤] فاختار شورى من ستة نفرات حتى يعيّنوا من بينهم أحداً لتولي الخلافة على المسلمين. أعضاء الشورى الستة هم؛ علي بن أبي طالب (ع) وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف.[٥]
رأى عمر أنّ اختيار الخليفة من بين أعضاء الشورى يجب أن يكون على أساس الغالبية، لكن وبحسب رغبته حدّد طريقة التعيين.
يقال بأن الخليفة استعمل أبا طلحة زيد بن سهل الأنصاري، وقال له "إن رضي أربعة وخالف اثنان، فاضرب عنق الاثنين، وإن رضي ثلاثة وخالف ثلاثة، فاضرب أعناق الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن، وإن جازت الثلاثة الأيام ولم يتراضوا بأحد، فاضرب أعناقهم جميعاً".[٦].وجعل 50 نفراً من الأنصار حرّاساً عليهم ومشرفين على تنفيذ الوصية.[٧]
ميول أعضاء الشورى
يعتقد البعض أنّ تشكيلة أعضاء الشورى، كانت توحي إلى اختيار عثمان منذ البدء، وبحسب توقعات الإمام علي (ع) أنّ سعد بن أبي وقاص لم يكن يعارض رأي ابن عمه عبد الرحمن والأخير صهر عثمان (زوج أخته) ومن الطبيعي أنه لا يختار غير عثمان. وبهذه التشكلية حتى لو اتفق طلحة والزبير على الإمام علي (ع)، لا جدوى من اتفاقهما؛ لأن عبد الرحمن - الذي قد عيّن كفصل الخطاب من قبل - سيكون في الفريق المقابل.[٨]
خوّل سعد بن أبي وقاص رأيه منذ البداية إلى عبد الرحمن بن عوف. وسحب زبير نفسه من التّرشيح للخلافة لصالح الإمام علي (ع). وأعلن عبد الرحمن أنه ليس بصدد تولّي الخلافة. وسحب طلحة (ابن عم ابي بكر) نفسه من الترشيح لصالح عثمان وكان معارضاً للإمام علي (ع). انطلاقاً من هذا، ترشّح الإمام علي (ع) وعثمان للخلافة، [٩]وبالتالي كانت كلمة الفصل لـعبد الرحمن.
بادرة عبد الرحمن
بداية وقبل أن تجري محادثات مع عامة الناس وعلى رأسهم الأشراف والأمراء، اشترط عبد الرحمن بن عوف على الإمام علي (ع) أن يتعهد بالعمل بكتاب الله وسيرة النبي (ص) وسيرة أبي بكر وعمر إذا ما تعيّن للخلافة، فرّد عليه علي (ع) قائلاً: آمل أن أعمل بحسب علمي ومقدرتي واجتهادي بـكتاب الله وسنة نبيه (ص). ثم توجّه عبد الرحمن إلى عثمان وعرض شرطه عليه وقبل عثمان بذلك دون ما تأمل. فعاد إلى علي (ع)، فأعاد قوله، فعل ذلك عبد الرحمن ثلاثاً، فلما رأى أنّ علياً غير راجع عما قاله، وأن عثمان ينعم له بالإجابة صفق على يد عثمان وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. وهكذا تم اختيار عثمان بن عفان كخليفة بعد عمر بن الخطاب.[بحاجة لمصدر]
موقف علي
فيقال: إن عليا (ع) قال له: والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه، دق الله بينكما عطر منشم. ( والمصطلح (عطر منشم) تعبير آخر لانشغال الظالم بالظالم فيما بينهما؛ وقيل: ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبد الرحمن، فلم يكلم أحدهما صاحبه حتى مات عبد الرحمن)[١٠]
ذكرت بعض المصادر أنّ علياً (ع) علم أنّ شرط بن عوف وضع كمكيدة له فالتفت إليه قائلاً: أنّك اخترت عثمان ليعيد إليك الخلافة من بعده. هذه هي ليست المرة الأولى أن تعارضونا باجتماعكم علينا وسلبكم حقّنا. جلعتم معارضتنا سنة علينا.[١١]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 306؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 160.
- ↑ ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 28.
- ↑ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 184.
- ↑ ابن مطهر، البدء والتاريخ، ج 5، ص 192.
- ↑ السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 129.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 160.
- ↑ السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 129-137.
- ↑ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 188.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 296؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 188.
- ↑ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 187 - 188.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 162؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 296 و 302؛ ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 194؛ الجوهري، السقيفة وفدك، ص 85.
المصادر والمراجع
- ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن هبة الله، شرح نهج البلاغة، د.م، دار إحياء الكتب العربية، 1378 هـ/ 1959 م.
- ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، الإمامة والسياسة، تحقيق: طه محمد زيني، القاهرة - مصر، مؤسسة الحلبي، 1387 هـ/ 1967 م.
- الجوهري، أحمد بن عبد العزيز، السقيفة وفدك، بيروت - لبنان، شركة الكتبي، 1413 هـ.
- السيوطي، عبد الرحمن بن كمال الدين، تاريخ الخلافة، تحقيق: لجنة من الأدباء، بيروت - لبنان، مطابع معتوق أخوان، د.ت.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت - لبنان، دار التراث، ط 2، 1387 هـ/ 1967 م.
- المسعودي، علي بن الحسين، التنبيه والإشراف، تصحيح: عبد الله إسماعيل الصاوي، القاهرة - مصر، دار الصاوي، د.ت.
- المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجواهر، بيروت - لبنان، دار الفكر، ط 1، 1421 هـ/ 2000 م.
- المقدسي، مطهر بن طاهر، البدء والتاريخ، بورسعيد - مصر، مكتبة الثقافة الدينية، د.ت.
- اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي، تحقيق: عبد الأمير مهنّا، بيروت - لبنان، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1413 هـ/ 1993 م.